السجن صنعته الدولة وورثته الصهيونية والإمبريالية لسجن الشعوب

د. عادل سمارة

فلسطين المحتلة

كلمة مقدمة إلى :
اللقاء الدولي للدفاع عن المعتقليين الثوريين. وهو منظم من طرف التجمع الأحمر الدولي للدفاع عن المعتقليين الثوريين، في باريس 28 حزيران 2015.

بداية أحيي جهدكم الأممي في عصر جرى فيه إخضاع العلم والتكنولوجيا  من قبل الثورة المضادة لإبادة الأمم.

وأشكركم/ن على دعوتي مع الاعتذار عن عدم تمكني من الخروج،

 السجن إحدى أقبح أدوات السلطات السياسية في التاريخ البشري. السجن مؤسسة حكومية ضد الشعب، بحجة تطبيق القانون الذي يصوغه المثقفون العضويون للطبقة الحاكمة، فهو  مؤسسة طبقية ضد الطبقات الشعبية وخاصة المعارضة. السجن إحدى دعائم بقاء السلطة السياسية التي هي إما ديكتاتورية البرجوازية  أو ديكتاتورية الأكثرية الشعبية. في الحالتين هو اداة للسلطة.

ترافق وجود السجن بوجود الدولة وترافق تبلور الدولة مع الانتقال إلى الملكية الخاصة، والتي في حقبة الراسمالية المعولمة الحالية بلغت أقصى درجات التوحش. ولن ينتهي السجن ما لم تنتهي الملكية الخاصة والدولة والعملة.

في عصر تغوُّل رأس المال المعولم  في المركز، ودعمه لقواعده الحكوماتية في المحيط، تُصبح لجان الدفاع عن السجناء السياسيين مسألة إنسانية غاية في الأهمية. إنه الحد الأدنى لإنقاذ الإنسانية من مختلف انواع وطبعات الديكتاتوريات في المركز والمحيط على السواء.

لعل أشرف المواقف هو الدفاع ضد الغُزاة وخاصة النمط الاستعماري الاستيطاني الراسمالي الأبيض وبتحديد أكثر الكيان الصهيوني الإشكنازيThe Zionist Ashkinazi Regime. الدفاع بما هو، اي الدفاع، قيام الشعوب وخاصة الطبقات الشعبية والشغيلة بتحرير طاقتها الكامنة لأجل المقاومة. وخلال هذا الدفاع يكون استشهاد سواء النساء أو الأطفال أو الشيوخ. بل حتى الشباب والجنود الذين يستشهدون وهم مقاومين ولذا من العجب أن لا يتم ذكر الشباب أو الجنود بين الضحايا وكأن قتلهم مُباحاً. وعبر هذه المقاومة يكون الاعتقال.

والسجن ليس في حالات الاستعمار والغزو وحدهما، بل هو محلي اساساً و أيضا، بمعنى أن القمع السطوي في البلد الواحد  موجود بالطبع، وغالباً جميع الأنظمة قمعية وأخطرها أنظمة “اللبراليات الراسمالية الغربية” المغطاة بالمال والحرير. ومن هنا نشأ الدفاع عن حرية السجناء كأهل رأي وموقف.

على أن هناك ظاهرة السجون المعولمة. فقبل عشر سنوات قامت سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية (سلطة أوسلو-ستان) باعتقال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق احمد سعدات، ومناضلين فلسطينيين آخرين في مدينة أريحا بالضفة الغربية المحتلة، واتفق مع سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية (سلطة أوسلو-ستان) على أن يوضعوا تحت حراسة أمريكية بريطانية. ومن هنا كانت هذه أول حالة علنية لسجن معولم. وبالمناسبة ذلك السجن بنته حكومة هولندا التي في تقسيم العمل الإمبريالي كان دورها إهداء سلطة اوسلو-ستان مباني سجون! ومع ذلك اقتحمت قوات الكيان الصهيوني السجن المعولم  واعتقلت الرفاق الفلسطينيين إلى سجونها، ولم تعترض أن تثور كرامة لا الإمبريالية العجوز ولا الإمبريالية الذاهبة للانهيار اي الولايات المتحدة.

لكن بعد ذلك انكشفت حقائق عن سجون بل شبكة سجون معولمة تديرها مخابرات الدولة العدو الأضخم ضد البشرية اي الولايات المتحدة، وهي شبكة موزعة على أكثر من عشرين دولة معظمها دولا عربية  أو من شرقي أوروبا. ولا أعتقد ان أحدا يعرف عدد واسماء من فيها.

لا بل إن دور الولايات المتحدة في قمع الحريات هو معولم منذ عقود. حينما كنا في معتقلات السلطة الأردنية مثلا عام 1965، أخبرنا مدير السجن أن الولايات المتحدة تدفع يومياً  5 دولارات للسلطة الأردنية مقابل إبقاء كل معتقل من الحركة الوطنية في السجن. طبعاً كانوا لا ينفقوا حتى ذلك المبلغ، وكنا نتلقى نفقات من أسرنا! فأي استغلال!

ولكن اسمحوا لي بتخصيص خاص بالحالة الفلسطينية. فلسطين تحت الاغتصاب الإرهابي للكيان الصهيووني الإشكنازي هي نفسها سجن لجميع الفلسطينيين. كل إثنين من المستوطنين الصهاينة يمارسون عملا يوميا في تعذيب فلسطيني بمختلف أنواع التعذيب نفسيا، ثقافيا، سياسياً اقتصاديا، مخابراتيا، جسديا قتلا…الخ (أنظر الفيديو لترى أن نهج داعش وهو مستقى من الصهيونية وهوليوود والمخابرات الأمريكية

https://www.facebook.com/alroussa.masry/videos/760984284012569/?__mref=message_bubble

 إلى أن يموت أو يرحل. هذه هي المعادلة بوضوح. فليس الأمر في عدد من أُعتقلوا  ومن ثم خرجوا من السجن الصغير الى الوطن/ السجن، ولا عدد الذين في المعتقلات الصهيونية الآن، ولا عدد الشهداء ولا عدد المجازر ولا عدد من لا نعرف أين هم منذ 1948 وحتى اليوم، بل حتى غدٍ.

الأمر أن هذا الشعب بين مشرد منذ عام 1948 وبين من بقي وهو في معتقل حيث الأرض تُصادر، والزراعة تُخنق، والصناعة تكسد، ولا حقوق شخصية ولا حريات سياسية  ولا حق الاستيراد ولا التصدير (على الأقل بمفهوم اللبرالية الغربية المزعومة، الحق في النشاط الاقتصادي). بل وبابسط من ذلك بكثير، لا يمكن لأي شخص أن يخطط ما سيفعل في الصباح، لأن احتمال وجود دورية صهيونية وقد أغلقت القرية او المدينة أو المخيم فيبقى في منزله. أليس هذا اسيراً وعلى نفقة نفسه.

بلغ العدد الكلي للأسرى حتى شهر أيار من هذا العام  5750 موزعين على النحو التالي 401 أداري بينهم 6 نواب 125 إمرأة 164 طفل عدد النواب المعتقلين 12 عدد المؤيدات 496 المحكومين أكثر من 20 سنة 458هنالك 30 معتقل قبل أوسلو من القدس 471

لقد خاض الأسرى الفلسطينيون سلسة مواجهات مع العدو في المعتقلات عبر إضرابات متواصلة جماعية وفردية. مدافعين عن الجسد والحرية. وهنا أود ذكر الإضراب الثاني للشيخ خضر عدنان الذي في إضرابه الحالي عن الطعام والتغذية بالقوة والعلاج حيث  وصل اليوم 55 يوماً لأنه يُصر على الاستشهاد أو الحرية كمعتقل إداري بلا تهمة.

هذه هي الصهيونية.

ملاحظة 1: كان أول إضراب في معتقلات الكيان بعد عدوان 1967 ما قمت به في تموز عام 1968 في سجن بيت ليد-كفار يونا. فبعد مطالبات عديدة من إدارة سجن (بيت ليد-كفار يونا) للسماح لأُسَرِنا بإدخال الكتب ولكن دون جدوى، أضربت لوحدي عن الطعام ورفضت التغذية القسرية بالبربيش، وفي اليوم الثاني رفضت الماء، فنُقلت في اليوم الرابع إلى مستشفى سجن الرملة، وفي اليوم السابع سلمتني إدارة مستشفى السجن أول كتاب وكان The Political Parties by Murice Devergei

كنا ندرسه في الجامعة اللبنانية للسنة الثانية. وقد وثق ذلك د. اسعد عبد الرحمن في كتابه: أوراق سجين.

ملاحظة2: لمن يرغب في معرفة توليد الولايات المتحدة لداعش يمكنه الاطلاع على الورقة التالية:

Terrorist Orientalism in a State Form Using Marxism, Christianity and Islam to Dismantle Arab Homeland

Adel Samara

Kana’an Website

https://kanaanonline.org/ebulletin-en/?p=775