سكرتير م.ت.ف، السادات، إدوارد سعيد وكنفاني

عادل سمارة

من الصعب الكتابة عن هؤلاء معاً من حيث المساحة والتناقض. لكن المهم أن السكرتير شخص حظي بإجماع الفلسطينيين الثوريين والمساومين على رفضه. فلا أقل من أنه حمل “وثيقة جنيف” كشهادة موت القضية، وإن كان معه فيها أضواء خضراء من القيادة، لكنه حملها. لا اود ذكر الآية الكريمة في حمل الأمانة!!! ويكفي انه التقى 150 ليكودياً في مكتب المنظمة برام الله. هكذا علانية وبوضوح وكأن : “أباه من قريش- كما قيل عن زياد بن أبيه”. “لو كان أبا هذا الرجل من قريش لساق الناس بعصا”.

ولأن اباه ليس من قريش، فقد صار شغل كثير من كثيرين لاقتلاعه والكثير منهم ليس رفضا لمواقفه، وإن كانوا بمرونات اقل، ولكن لأنه ليس من قريش! وأعتقد أن أمثاله سيلقوا المصير نفسه.

لكن الأهم، أن هذا مشكلة هذا الرجل أكثر تعقيدا من منصبه. المهم في ماضيه وتحولاته. فهو الذي انشق عن نايف حواتمة بدعوى أن الجبهة الديمقراطية بقيادة حواتمة منحرفة عن الماركسية  وبأنه سيؤسس للخط الصحيح وكانت إثر ذلك منظمة “فدا” التي أعتقد أن اهلها يؤكدون اليوم بوضوح بأنها ليست ماركسية ولا اشتراكية.

تبعت ذلك نقلة أخطر. فبوسعك ان تكون يمينيا، إسلاميا، قوميا، ماركسيا، وتبقى ذا ثوابت وطنية.

يبدو ان الفترة التي قام فيها عرفات بمنح الراحل إدوارد سعيد عضوية المجلس الوطني، تعرف إدوارد على السكرتير. طبعا حتى الآن لا أجد مبررا لمفكر من وزن سعيد أن يقبل بان يكون عضو برلمان غير منتخب. لكن لسعيد أجندته الخاصة ايضا التي دفعته لقبول التعيين في موقع يجب ان يكون بالانتخاب. فهو الذي كتب كثيرا بأنه ضد الكفاح المسلح وضد القومية العربية وخاصة تأييده لاحتلال امريكا للعراق، وهو الذي حمل رسائل من البيت الأبيض إلى م.ت.ف باكرا (انظر كتابه غزة أريحا بالإنجليزية) وهو الذي مع الاعتراف بالكيان والتفاوض مع المثقفين الصهاينة…الخ. وهو الذي خطب في الناصرة داعيا الناس لانتخاب عزمي بشارة في الكنيست. أما تصويره بأنه ضد اوسلو، فهو تلاعباً. هو ضد عرفات واسلوب عرفات لأنه يعتقد بان فريق اللبراليين كان يمكن أن يأخذوا أكثر من الكيان. ولكن الأكثر لا يتعدى الضفة والقطاع.

المهم ان سعيد أخذ السكرتير إلى امريكا، وهناك وصل لحظة الكشف! فآمن بما آمن به السادات بأن كل الأوراق بيد امريكا. وهذا رصيده الذي أبقاه دهرا في منصبه.

 قد يسأل البعض وما شأن غسان كنفاني في هذا!

قبل استشهاده كتب غسان: “إذا فشلنا في الدفاع عن القضية، فعلينا تغيير المدافعين وليس القضية”. وبالطبع ما أكثر من يجب تغييرهم/ن.

الفارق بين غسان وسعيد، أن سعيد انتهى إلى القول:”على الفلسطينيين أن يتبنوا في القضية تفكيرا جديدا”!

أي ان سعيد يريد تغيير القضية، بمعنى ان حق العودة والتحرير هو تفكير قديم!

أما تغيير السكرتير، فليس ذي علاقة بتغيير المدافعين، لأن القضية تغيرت لدى كثيرين، فصار لا بد من تبديل جنود الخفر، نعم، هو “خفر تبديل”.