النووي … الولوة والمشروع العروبي

عادل سمارة

بمعزل عن نسبة الربح المتقاسم بين إيران والغرب، كان أول ما خطر لي قولين لشاعرين .

كتب عمر ابوريشة:

(أُمتي هل لك بين الأممِ…….منبر للسيف أو للقلمِ)

وكتب الأخطل الصغير:

(فلا تهزج لمن سادوا….ولا تشمت بمن دانا

بل اركع صامتاً مثلي…بقلب خاشع دامٍ

لنبكي حظ موتانا)

سيُكتب الكثير عن ما كسبته إيران وما دفعته إيران.

ولكن مما يمكن قوله الآن وبلا تردد أن إيران خاضت حرب مقاومة ضد أعدائها وأعداء التاريخ. وهي حرب تؤكد أن المفاوضات مقاومة وحرب، بعكس “الحياة مفاوضات”.

الغرب الراسمالي دوره ومصلحته في قاعدتين اساسيتين  هما:

الاستقطاب واحتجاز التطور. أي حصر التطور في القطب الراسمالي المتقدم على حساب بقية العالم ومن ثم حصر أو تدمير تطور محيط النظام العالمي. احتجاز كل أنواع التطور ومستوياته، اي ليس النووي فقط بل التكنولوجي.

هذا مع أنه من حق إيران الوصول للنووي الفعلي.

وهذا يفتح على أكثر من مسألة ومنها الارتعاب الكاذب والخبيث من الحكام العرب والذي جر معه كثيرا من الشارع العربي، ولا سيما الذي رنخ في الطائفية والعجز وعدم العمل وشراء كل شيء وإعفاء الذات من إنتاج اي شيء، بما فيه إنتاج الدفاع عن الوطن.

فالذين يزعمون بان إيران بالنووي سوف تعتدي على بلدان عربية، يعرف بأن الاعتداء العسكري ليس نُزهة فقد أدَّب الوحش الأمريكي، فهل يمكن ان تفعله إيران؟ كما أن المقاومة قد ادبت الكيان الصهيوني فهل تفعله إيران؟ هذا دون أن ننسى أن إيران لا تبني موقفها في المنطقة على العدوان. فلماذا توجيه تهم كهذه لها سلفاً.

  ولكن لو افترضنا أن إيران ستفعل ذلك، فلماذا عجز كل حكام العرب عن بناء قوة؟ وهل على إيران خصي تطورها حتى يلحق بها الحكام العرب، ولن يفعلوا؟

لماذا لا يقول العرب الذين يصدقون الحكام بان سر إيران هو قبل العلم وقبل التقنية وقبل المال هو في وجود قرار سياسي وطني غير خائن، غير عدو لشعبه. هذا ما يفتقر له الحكام العرب. لنقل نظام البرجوازية القومية تنموية الاتجاه.

 وإذا صح تقديرنا أن إيران لن تعتدي على العرب، وأنها سوف تعمل على خلق تيارات داخل هذا القطر العربي أو ذاك مؤيدة لها، وهذا طبيعي في العلاقات الدولية. ولكن ألا نعرف جميعا بان الوضع الطبيعي ان يشعر المواطن بالمواطنة فلا يتحولا ولائه إلى ولاء متخارج.!

ولنذهب مع فرضية عدوان إيران ضد العرب، فما الذي يوجبه هذا؟ ألا يوجب مواجهة الأنظمة التي جعلت الوضع العربي مطية وألعوبة بيد العالم؟ وهذا وحده ما يصد إيران وغيرها.

لا داع للقول أن إمكانات العرب أضعاف إمكانات إيران في كل مستوى، فلماذا تحولت إيران إلى نموذج؟ أليس لأنها مدرسة في التنمية والمقاومة؟

لذا، وبسبب وصول الحكام العرب إلى العدوان على الشعب العربي، فإن المواطن وصل إما إلى عدم المبالاة أو إلى تأييد إيران.

وهذا يدفعنا إلى استنتاج أخطر: لماذا لا نقرأ ولولوة  ونحيب الحكام العرب من النووي الإيراني على أرضية الخيانة الكبرى، اي:

·         المبالغة في خطر إيران

·        البكاء على تخلي امريكي نسبي عن أيتامها العرب

·        وبالتالي التصالح مع الكيان الصهيوني لحماية هذه الأنظمة

فالكيان يملك النووي منذ 1954، لماذا لم تثر ثائرة هؤلاء الحكام؟ لماذا لم يقاطعوا الدول التي سلحت الكيان بالنوي وواصلت دعمها للكيان؟

 هذه الولولة هي غلاف لخيانة حق الشعب الفلسطيني في العودة. موقف يتقاطع تماما  مع السياسة الأمريكية في المنطقة، أي شطب القضية الفلسطينية وإدخال العرب في حرب طائفية لا تتوقف.

وبعيدا عن العرب، فإن توقيع الاتفاق يحمل أمورا عديدة أخرى منها:

السعي الأمريكي لاعتبار بل الاعتراف بأن إيران القوة القطبية الإقليمية الأولى في المنطقة والسعي لترتيب المنطقة معها. وهذا حق لإيران، وعلى الضعفاء والتابعين أن يلوموا أنفسهم.

والسؤال: هل ستساوم إيران امريكا والكيان على سوريا والعراق ولبنان؟ هذا أمر مستبعد، ولا يحسمه توقع هذا أو ذاك بل أمرين:

·         الأول صمود سوريا والعراق

·        والثاني قادم الأيام

ومن تداعيات الاتفاق كذلك إضافة إلى كونه كشف هشاشة الوضع العربي بل كذلك كشف حدود الضغط الصهيوني على امريكا، بمعنى انه خطوة باتجاه تقليص النفوذ الصهيوني الذي دائما يبدو للجميع بانه مطلق. فكما لجمت المقاومة توسع الكيان، وذهابه إلى حروب سهلة، فهذا الاتفاق الذي عارضه الكيان يؤكد أن تلبية كل ما يطلبه الكيان قد واجه وضع حد ولو نسبي له.

قد يقول البعض بان الكيان سيأخذ تعويضات مقابل ذلك وتعهدات أمنية واسلحة. وهذا ممكن، ولكنه لا ينفي حقيقة أن الكيان ليست كل مطالبه من أمريكا أوامراً. فكثيرا ما يكون الكيان في موقع المأمور امريكياً. وكي لا يُساء الفهم، فأمريكا لا تأمر الكيان من أجل عين العرب بل من أجل مصالح امريكا ورؤيتها للعالم عبر مصالحها.

كما أن للاتفاق علاقة بمكاسب وأهداف للثورة المضادة. فليس الاتفاق مجرد إعلان “العفو” عن إيران. بل هناك أهداف احتواء إيران برأس المال عبر الشركات الغربية التي بدأت تدخل سوق إيران. وكذلك عبر تنشيط علاقة الغرب بالتيار اللبرالي في إيران وهو مضاد للنظام الإيراني وللمقاومة وفلسطين…الخ،   وربما ترى الإمبريالية أن هذا حصان يستحق الشغل عليه ولصالحه.

وبالطبع ستكون هناك منافسات بين الشركات الغربية، لذا، ليس من عبث أن يسارع وزير خارجية ألمانيا لزيارة إيران فور توقيع الاتفاق.

ولكن بيت القصيد هو نفسه لا تغير: إن بيت القصيد هو أن نسأل انفسنا لماذا يقودنا هذا أو ذاك؟ ولماذا يرنخ في الوعي الجمعي الشعبي توقع أن يقاتل نيابة عنا اصدقائنا؟؟؟

غدا سوف تفيض وسائل إعلام التوابع العرب بالبكائيات على أكتاف امريكا وحتى اكتاف الكيان، اي أكتاف الأعداء. وسيدبج الطابور السادس الثقافي الكثير من الكلام.

ولكن، ايها الناس، حين يولول الحكام والمثقفين التابعين من الطابور السادس الثقافي وجناحه السري فعلى الشعب أن لا يولول، بل أن ينتفض على أوغاد المرحلة. وأن يعود إلى المشروع العروبي بلا مواربة. هذا هو المعيار.