نورالدين عواد
هافانا ـ كوبا
ملاحظة:
فيما يلي موجز لمقابلة أذاعية أجرتها يوم 13 آب 2015 محطة الاذاعة الفنزويلية مع الرفيق د. نور الدين عوّاد (هيئة تحرير “كنعان”) حول جريمة حرق الطفل العربي الفلسطيني علي الدوابشة.
■ ■ ■
جريمة حرق الطفل العربي الفلسطيني علي الدوابشة وعائلته في دوما على يد مستوطنين صهيانة في الضفة الغربية المحتلة، يرقى الى مستوى جريمة بحق البشرية. لا توجد ديانة حقيقية تبيح اقتراف مثل هذه الافعال البغيضة. هذه الجريمة ليست عملا فرديا ولا صدفة ولا طارئا على تاريخ الصهيونية القديمة ولا الصهيونية المعاصرة. وصادفت عمليا الذكرى الاولى لاحراق الطفل محمد ابو خضير.
تندرج هذه الجريمة في سجلّ الجرائم التي ما فتئت ترتكبها الصهيونية ودولتها الاسرائيلية بحق الفلسطينيين والعرب والبشرية، تعكس فاشية عنصرية استعلائية ممتدة في تاريخها ومشتدة في وحشيتها، وفي رأيي تستمد اسبابها ومبراراتها الواهية من خمسة ابعاد اساسية، تحكم الفكر والسلوك الصهيوني رسميا وشعبيا جماعيا وفرديا:
البعد الثيولوجي ـ الاسطوري: الذي يكرس الاستثنائية اليهودية المزعومة، وشعب الله المختار والغوئيم وتعاليم الديانة اليهودية المحرفة المكرسة في التلمود والتفسيرات المتعددة للتوراة (العهد القديم).
البعد التاريخي للابادة والاستيطان الابيض الانغلوساكسوني: ربما نجد المثال الاكثر بلاغة في عملية استيطان امريكا الشمالية وانشاء امريكا الجديدة (الولايات المتحدة الامريكية) على انها اسرائيل الكبرى في الارض الموعودة، بكل ما ترتب على ذلك من عواقب فظيعة تمثلت في ابادة السكان الاصلانيين الذين اطلقول عليهم اسم “الهنود الحمر”. ومن بين ممارسات المستوطنين البيض وباسم البيوريتانز (الطهوريون) نجد احراق اشخاص ومجموعات بشرية كاملة وهم احياء. يتراوح عدد ضحايا تلك الجرائم الابادية بين ( 108 ـ 112) مليون مواطن امريكي أصلي (الهنود الحمر) ينتمون لأكثر من 380 أمة وشعب وعرق سكنوا امريكا الشمالية لأكثر من 9500عام على الأقل). مثال آخر نجده في الممارسات الابادية التي ارتكبها الاستعمار الاسباني باسم المسيحية الاوروبية، في امريكا اللاتينية (حرق الثائر الهائيتي ـ الكوبي أتويـــــه في كوبا، وتمزيق جسد القائد الثائر توباك كاتاري في بوليفيا).
البعد السياسي المعاصر والراهن: يمكن تلمس هذا البعد بوضوح في عملية غزو واستيطان فلسطين التاريخية ومحاولة ابادة شعبها الاصلاني وتدمير حضارتها التاريخية وطمس تراثها المادي والمعنوي (انسان وذاكرة وروح).
البعد الاقتصادي المادي: عمليات الاستعمار والاستيطان الاجنبي تهدف دائما الى الاستيلاء على خيرات البلدان والامم المُستعمَرة ونهبها واستهلاكها. والاستيطان الصهيوني ليس استثناء بل العكس. فالاساس الديني الاسطوري لتلك الظاهرة نجده في سفر إشعيا تقرأ:”ليمت جميع الناس ويحيي إسرائيل وحده”، … و “يقف الأجانب يرعون أغنامكم،أما أنتم – بني إسرائيل- فتدعون كهنة الرب تأكلون ثروة الأمم،وعلى مجدهم تتآمرون”.
البعد السلوكي لقوى سياسية دينية مسيحية واسلامية مزعومة، تتماهى موضوعيا مع سلوك قوى سياسية يهودية الديانة: اعني بذلك الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش؛ الاستعمار الاوروبي في العالم الثالث ، الممارسات النازية والفاشية الاوروبية والامريكية في الحرب الامبريالية الثانية: المحرقة في اوروبا ومحرقتي هيروشيما وناغازاكي (6 و9 اغسطس 1945)؛ والمحارق الامبريالية الصهيونية التي فرضت على فيتنام؛ و العراق 1991 2003 (ملجا العامرية) وليبيا وسوريا واليمن ولبنان و فلسطين التاريخية.
والانكى قيام قوى سياسية تزعم تمثيل الديانات المسيحية واليهوديةوالاسلامية، باختلاق ما يسمى بداعش “الدولة الاسلامية“، التي تتبارى وتتماثل ايديولوجيتها وسلوكها السياسي والعسكري مع اعلى درجات الفاشية والعنصرية والدموية. وتمثل داعش شكلا مُركَّزا لاسوأ ما انتجته البشرية على امتداد تاريخها منذ هابيل وقابيل مرورا بالتتر والمغول والصليبيين وصولا الى “الدولة اليهودية” الصهيونية الاسرائيلية.
ولنتذكر انه يوجد رسميا منذ عام 2003ما يسمى بمشروع الشرق الاوسط الكبير وهو جوهريا مشروع امريكي – صهيوني للسيطرة على المنطقة العربية بالتحديد ويهدف في هذه المرحلة الى تقسيم الوطن العربي وتذريره خدمة للمشروع الصهيوني الساعي لأقامة دولة أسرائيل اليهودية القادرة مستقبلا على التحكم وادارة مجموعة من الكانتونات الطائفية والعرقية والمذهبية، مستفيدآ من الفوضى الدموية المدمرة التي تجتاح المنطقة.
ردود افعـــــــــــــــــــــــال على الجريمة
1. سرعة الإدانة ومضمونها التي أعلنتها حكومة وقادة العدو: رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو شجب الجريمة ووصفها بعمل ارهابي. وقال “في صباح هذا اليوم ارتكيت عملية اغتيال فظيعة تشكل عملا ارهابيا. اسرائيل تشجب ذلك بالفم الملآن”.
2. واشنطن علقت على جريمة نابلس: وصفتها بعمل ارهابي وحشي” وفي رايي لا يقل وحشية عن احراق اكواخ الهنود الحمر وطائفة الداووديين عام 1993 في واكو الامريكية. هذه هي الصفاقة الامبريالية الصهيونية المعهودة: من قتلة اباديين يريدون الانتقال الى انسانيين!! في هذه الحالة يصدق بحقهم قول المثل الشعبي العربي “يقتلون المء ويمشون في جنازته”.
3. سلطة اوسلوستان الفلسطينية في رام الله المحتلة: شجبت خطورة الجريمة وحملت المسؤولية عنها للحكومة الاسرائيلية التي تحمي المستوطنين ووعدت تقديم شكواها الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. في الواقع، لايمكن الرهان على أي رد حاسم وحازم من سلطة محكومة _ بكامل رضاها_بالحرص على التنسيق الأمني الكارثي مع العدو الصهيوني(اي العمالة الامنية للعدو التي تترجم الى الخيانة للقضية والشعب والامة).
4. عـــــادل سمــــــارة، مثقف عضوي ثوري مدير مجلة كنعان مركز الشرق العامل في فلسطين المحتلة: نحن أمام عدو ممتد تجليه الأساس في داعش اليهودي وداعش العربي والإسلامي وخالقهم الغرب الراسمالي وخاصة واشنطن.
5. محمد سيف الدولة( مثقف وطني وقومي عربي مناهض للامبريالية الصهيونية: ((ان جريمة حرق الرضيع الفلسطينى على دوابشة، ليست عملا فرديا، بل هى عقيدة صهيونية وسياسة منهجية. وهى أيضا جريمة جماعية شارك فيها الصهاينة بكل أنواعهم، من يهود وعرب و أمريكان))
6. قوى المقاومة الفلسطينية: دعوة الى الانتفاضة الشعبية والحرب على المستوطنين والانتقام والكفاح المسلح.
7. حــــــــــزب الـــــلــــــــــه (حزب المقاومة الاسلامية اللبنانية): جريمة حرق الطفل دوابشة تجسيد للإرهاب الحاقد لدى المستوطنين الصهاينة.
شخصيا اومن ايمانا راسخا بأن “الرد الوطني والقومي والثوري يجب أن يكون بمستوى الجريمة الخطيئة الاصلية التي قد تم ارتكابها منذ تأسيس كيان العدو قسريا وشرعنته بالباطل. .. لا بد من نشر الوعي بخطورة وجود هذه السرطان الفتاك في جسد الأمة العربية وأرضها، والعمل على مواجهته بالسلاح وبكل أشكال المقاومة، من خلال أطر شعبية وكفاحية تعمل على إدامة الاشتباك مع جبهة الأعداء، ودون الاستسلام ابدا.
يستلزم هذا الامر موضوعيا انجاز انتصار محور المقاومة العربية الاقليمية في سوريا ولبنان وايران والعراق واليمن وفلسطين المحتلة، المدعوم من حلفائه الدوليين والامميين. ولا غنى عن كبح جماح الهجمة الامبريالية الصهيونية الرجعية على عموم الامة العربية ووطنها الكبير وثرواته الطبيعية والبشرية.
ففي التحليل الاخير،يتعلق الامر بحرب تفرضها الثورة المضادة المعولمة ضد الثورة والتقدم والسلام على نطاق كوني.