في رحيل الشهيد ناجي العلي

الخالد أبداً ، الشهيد ناجي العلي

 

الولادة : بلدة الشجرة / فلسطين 1937

الاستشهاد : لندن 29 / 8 / 1987

محمد العبد الله

اليوم، يكون قد مضى على رحيل الجسد 28 عاماً ، لكن الأفكار التي رسم من أجلها، وقاتل في سبيل انتشارها وتحققها، كل الأنظمة والمنظمات والزعامات والأبوات، التي كان تعتقد _ على صواب_أن ريشته وتعليقاته، وحنظلة، هم الضمير الوطني والقومي والأممي، الذي يعري بطشهم وكذبهم وتضليلهم.

يوم 22 / 7 / 1987 أطلق قاتل مجرم عدة رصاصات على رأس وجسد الرسام والكاتب ناجي سليم حسن العلي في مدينة لندن بعد خروجه من مبنى جريدة القبس التي يعمل بها. دخل ناجي في غيبوبة وموت سريري حتى فارق الحياة في مثل هذا اليوم.

لماذا قتلوا ناجي ؟ لأنه رفض كل أشكال وتسميات التنازل عن فلسطين، كل فلسطين. كان لآخر نبض في قلبه، عصي على الشراء والترويض، لم تنجح معه كل محاولات “الاستيعاب” والثرثرات عن ” انتزاع مايمكن انتزاعه …عبر المفاوضات” وبأن “السياسة هي فن الممكن” فهم الشهيد / الحي، كل ذلك على أنه تفريط بالوطن وتنازل عن الثوابت. الممكن الوحيد، عنده، كان العمل الجاد والمثابر من أجل تحرير فلسطين والوطن العربي ووحدة أبناء الأمة.

قتلوا ناجي، لأنه حارس للثوابت الوطنية والقومية، ولثقافة المواجهة، ولحقوق الفقراء، بل لكونه رأس الرمح في المعركة ضد الفساد والاستزلام وشراء النفوس.

قتلوا ناجي، لأنه أكثر تأثيراً وقدرة من أي ” قائد ” في زمن الغفلة الشعبية الفلسطينية. كان ناجي سرية من الاقتحاميين البواسل، وكان بريشته وتعليقه، أهم مما يكتبه مئات الكتاب والصحفيين. كان في كل يوم يصنع رأياً عاماً، ثورياً بامتياز، تجاه القضايا الوطنية والقومية.

قتلوا ناجي، لكنهم فشلوا في قتل حنظلة الذي يقول عنه مُبْدِعه” إن شخصيته كانت بمثابة أيقونة روحي من السقوط كلما شعرت بشيء من التكاسل…إنه كالبوصلة لي، وهذه البوصلة تشير دائماً إلى فلسطين” مؤكداً في استشراف للمستقبل ” هذا المخلوق الصغير الذي ابتدعته لن ينتهي من بعدي، بالتأكيد وربما لاأبالغ إن قلت أنني سأستمر به بعد موتي”.

ظن القتلة، مهما اختلفت تسمياتهم وارتباطاتهم وأجهزتهم السوداء، أن القاتل قد أفرغ رصاصات حقدهم في رأسه، لكنهم اكتشفوا بعد يوم وسنة وعدة عقود، أن تلك الطلقات قد أصابت الظل، لأن ناجي لم يمت فهو حي في عقل ووجدان كل مواطن . جدران المخيمات والمدن شاهد على وجوده بيننا. جدران الكراهية والفصل والضم الاستعمارية، حولها شباب وصبايا فلسطين والأمة إلى لوحات عليها حنظلة وكلمات ناجي.

أختتم بماكتبه الصديق الكاتب “عوني صادق” بعد اطلاق الرصاص على ناجي ببضعة أيام في مقال في جريدة الوطن الكويتية ” ماقتلوه وماصلبوه ولكن شبه لهم “.

خالد في حياتنا وثقافتنا ووعينا… ستبقى أفكارك وحنظلة، بوصلتنا من أجل تحرير فلسطين.