29/8/2015
برنامج الاحتفالية الـ (28) للفنان ناجي العلي
عمّان – الأردن
– نشيد موطني
– كلمة عريف الحفل: الأستاذة هناء الأعرج
– كلمة أمين سر المنتدى الأستاذ عبدالله حموده
– الشاعر حسن ناجي رئيس رابطة الكتاب الأردنيين في اربد
شاعر وكاتب ومسرحي يهتم بمسرح الطفل.
– الكاتب والصحفي عوني صادق
كتب في عدة صحف والخليج ولبنان والأردن
وعمل مع ناجي العلي في مجلة الطليعة من عام (1967 – 1973) في الكويت
– الفنان الملتزم كمال خليل
رئيس فرقة بلدنا
له أكثر من (170) أغنية وطنية
■ ■ ■
فقرات عريف الأمسية
مساء الخير … مساء الحب لناجي العلي … مساء الحرية .مساء النضال و الصمود.مساء فلسطين كل فلسطين.
إنه أحد أيام الأسبوع .. انه يوم مشؤوم .. انه يوم الأربعاء الواقع في 22 تموزعام 1987 وأمام منزله في أحد أحياء لندن قامت يد الغدر الجبانة باطلاق النار على ناجي العلي فأصابته إصابة مباشرة في وجهه، نقل على أثرها إلى المستشفى وبقي في حالة غيبوبة إلى أن وافته المنية يوم 29 آب من نفس العام.
إنه التاريخ الذي طبع في قلب كل إنسان عربي، وأصبح ذكرى سنوية لفنان فلسطيني عربي هو: ناجي العلي..الفنان الذي تمسك بإبداعاته وإنجازاته..وأصبح علماً يرفرف في السماء من وراء هذه الإنجازات التي أكسبته شهرةً وصيتاً لامعاً..الفنان الانسان الذي تحدث وما يزال يتحدث عنه الصغير قبل الكبير..كيف لا وذكراه ما زالت عالقة في القلوب والعقول..!
ولد الشهيد عام 1937 في قرية الشجرة الفلسطينية قرب طبريا التي احتلت بعد معارك عنيفة ودامية سقط فيها اكثر من ألف شهيد معظمهم من جيش الإنقاذ وكان معهم أيضا الشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم محمود صاحب الأبيات الشهيرة: سأحمل روحي على راحتي **وألقي بها في مهاوي الردى.. فإما حياة تسر الصديق ** واما ممات يغيظ العدى..!
على نهج هذه الأبيات ووهجها الحار والمضيء عاش ناجي حياته واختار رسالته وعنوانها الواضح، بعدما نزح مع عائلته إلى لبنان حيث عاش طفولته في مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا الساحلية في جنوب لبنان، وعمل في مهن عدة قبل ان يصبح بعد فترة وجيزة أحد أهم الأعمدة الأساسية للصحافة الحرة والمستقلة في الوطن العربي الكبير.
ناجي العلي الفنان الاسطورة الذى حول فرشاة رسمه إلى مدفع رشاش، وقطرات الوانه الذي كان يستعملها إلى رصاصات لم تعرفها الحضارة من قبل.. الفنان الذى رسم انكساراتنا وإن كثرت وانتصاراتنا وإن قلّت.
في ذكرى استشهاد ناجي العلي وصمود”حنظلة”..! قال الشاعر احمد مطر “ناجي العلي لقد نجوت بقدرة / مـــن عـارنـا، وعـلـوت لـلعـلياء/ إصـعد؛ فــمـوطنـك السماء؛ وخلنا/ فــي الأرض إن الأرض لـلــجـبناء”!”
¹¹¹
ناجي العلي استطاع أن يجد لحنظلة ما يميزه كشخصية فنية لكي تتجاوز تلك الشخصية حدود الطفل الفلسطيني وحده وتصبح رمزاً عالميا للطفولة التي تتشرد في الدنيا..خلق ناجي العلي شخصية حنظلة دون وجه ، ظهْره للعالم.. نحن لا نرى وجهه، ولا دموعه، ولا غضبه، لكننا نحبه. وإنه تخيل مفتوح بلا نهاية..! ووجه لا تشاهده – وتعلم أن صاحبه معذب – أقوى تأثيرا من أية دموع حقيقية تراها أمامك..هكذا أيضا خلق ناجي العلي شخصية حنظلة الصغير: متبرما، لا يثق في أحد ، ويعلم أن الدنيا كلها ظلمته ، ولا يحول قلبه عن فلسطين..
وعن حنظلة يقول ناجي العلي: قدمته للقراء وأسميته حنظلة كرمز للمرارة في البداية.. قدمته كطفل فلسطيني لكنه مع تطور وعيه اصبح له أفق قومي ثم أفق كونيّ وإنساني..
وعندما سُئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب: عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته.
ناجي العلي..حالة جسدت وجمعت مآسي المواطن العربي كلها.. القهر، الذل، الهزيمة، التحدي، الانتصار، والاستمرار، الحزن، الفرح…ناجي العلي.. حمل هموم المواطن العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً، هو معركة بحد ذاتها خاضها وحنظلة في وجه كل مستبد وهي المعركة التي استشهد وضحى بروحه فيها.. ناجي العلي.. يبقى المعجزة التي حركت الشعور والذات العربي حيث لا يجد مفراً من الانتفاض ورفض الظلم والقهر.. هو الصامت الذي بلغ صمته من خلال رسوماته بلاغة زلزلت الكيان الصهيوني وهز المجتمع العربي والفلسطيني, لذلك كانت ريشته المتحدثة دوماً مستهدفة كما استهدف هو، لهذا لا يوجد فنان يستطيع ان يحل محله..أو يأخذ مكانه ومقعده لأنه هو من فصّل هذا المقعد وأخذه معه .. لأنه من خلال رسوماته وأفكاره وصل الى بقاع العالم وبقي حياً الى يومنا هذا.
¹¹¹
وصدقت يا شهيدنا ناجي بقولك: “اللي بدّو يكتب عن فلسطين، وإللي بدّو يرسم لفلسطين، بدّو يعرف حاله ميت، أنا مش ممكن أتخلى عن مبادئي ولو على قطع رقبتي”..! وأخيراً, يبقى ناجي العلي الفنان الاسطورة والعبقري لأن رسومه كانت بسيطة غير معقدة ومفهومة من قبل الجميع، لأنه رسم للناس البسطاء والفقراء لذلك استطاع أن يصل الى قلوب الناس وكثير من الفنانين أعجِبوا بأعماله وتأثروا بها، وفي كل يوم يكتشفون في رسومه شيئاً جديداً .. ناجي العلي كالشمس التي تشرق كل يوم..شمس الابداع ..شمس الحقيقة..شمس الفن المتألق..!
عذرا على الاطالة ولكنه ناجي العلي ضمير أحرار العالم …
الشكر الموصول لمنتدى الفكر الديمقراطي احتفالية هذا العام بالذكرى الثامنة والعشرين لاستشهاد ناجي العلي. هذا المنتدى الذي دأب على القيام بمثل هذه الاحتفاليات السنوات الماضية، والذي يعتبرها واجب وطني كغيرها من إحياء ذكرى الشهداء والرموز العربية والفلسطينية وأحرار العالم.
¹¹¹
احذروا ناجي، فإن الكرة الأرضية عنده صليب دائري الشكل، والكون عنده أصغر من فلسطين، وفلسطين عنده المخيم، إنه لا يأخذ المخيم إلى العالم، ولكنه يأسر العالم في مخيم فلسطيني ليضيق الاثنان معا، فهل يتحرر الأسير بأسره؟ ناجي لا يقول ذلك. ناجي يقطر، يدمر، ويفجر، لا ينتقم بقدر ما يشك، ودائما يتصبب أعداء”.
الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش. “انه الظاهرة الأكثر سخونة وإرباكا في فن الكاريكاتير العربي على امتداد العقود الخمسة الأخيرة، وانه خرج من دائرة الانتماء الوطني إلى دائرة الانتماء القومي، فالإنساني الكوني”..
الشاعر الفلسطيني البارز سميح القاسم. غاب عنا ناجي العلي، لكن ريشته لم تسقط وبقي حنظلة المقهور يصرخ ويصرخ واقفاً عاقداً يديه خلف ظهره شاهداً منتظراً، مواجهاً الهزيمة..لن نبكي موت ناجي لأن الرصاص لن يكسر القلم النقي الطاهر..وكالعادة وكما قال الراحل نزار قباني:”يا وطني,كل العصافير لها منازل, الا العصافير التي تحترف الحرية,فانها تموت خارج اوطانها”..
¹¹¹
يقف بين الحلم والحقيقة، ليقول الحقيقة بصوتها..
كمال خليل المحلق في بهاء بهاء الاغنية المعتقة بجرار الحقول ومعاني الحياة وألق الضوء
يرسم بصوته العذب، صوت النضال و الثورة و صوت الحرية، ويشدو لنحتمي بشدوه في اطلاق عصافير الضوء الى جبال فلسطين .. جبال المدافعين عن الحق، المقاومين هناك، وهم يخرجون من باطن الارض ليصنعوا لنا تاريخا جديدا.
انهم يستحقون الاغاني والاشعار والحياة
لانهم يعلمونننا كيف نغني وكيف نمشي الى ما نريد
■ ■ ■
كلمة عبدالله حموده في ذكرى الفنان ناجي العلي
عبدالله حموده
أمين سر منتدى الفكر الديمقراطي
عمّان – في 29/8/2015
رغم أننا نعيش منذ زمن طويل بالخريف ورغم الظلام فالأخضر قادم. ونتحرك بالأمل والإبداع وبطاقة جديدة رغم أقوالنا المقموعة وأحلامنا الممنوعة.
إن رسومات ناجي على غصن أخضر نضير يدفعنا إلى حب الحياة وحب المقاومة، ويعلمنا أن الحياة مقاومة وليست مفاوضات وليست مساومات على الوطن.
هكذا هو دور الفنان الملتزم في كل مكان وزمان، ذلك أن الفنانين لا يتعمقوا كثيراً في البحث أو التنظير لعملهم الإبداعي لأنهم منشغلون بصناعة الإبداع نفسه أكثر من التفكير فيه أو حوله.
ورغم ما يتعرض له الفنان الملتزم من اضطهاد ومحاكمات وسجن وقتل إلا أنه يبقى رمزاً للجماهير التي أحبّته مكافأة له على عطائه.
هكذا خرج سيد درويش من عباءة سلامة حجازي فنان الشعب وثورة المصريين في عام 1919 الذي غنى لبسطاء الناس في الأزقة والحواري والذي رفضه الأزهر لأنه يغني في الأفراح وبقي يحمل لقب الشيخ رغم أنه خلع الجبة والعمامة وارتدى البدلة وبقي الأثر الذي تركه سيد درويش في الموسيقى المصرية والعربية خالداً إلى اليوم شاهداً على عبقريته ورغبته الدائمة في التجديد والابتكار وبفنه صاغ وجدان الجماهير وشاركها أفراحها وأحزانها.
إن الفن ينفذ إلى كل حواسنا. وبنفس الطريقة تعرض الشاعر الموهوب أبو القاسم الشابي واتُهم بالردة وحوكم على قصيدته (إذا الشعب يوماً أراد الحياة). ولكن بقي أبو القاسم شامخاً … والقائمة تطول للفنانين الملتزمين والثوريين بالمحاكمة والطرد والقتل.
قتلوا عز الدين القسام وعبدالقادر الحسيني لكنهما بقيا رمزيْن للعمل الوطني والثوري … قتلوا جيفارا فأصبح رمزاً للثورة في كل مكان … وقتلوا ناجي العلي فأصبح حياً لا يموت.
يعلّمنا التاريخ إذا قص الرقيب لسان الفنان الحقيقي يخرج بدلاً منه ألف لسان. وإذا قص النظام ذراع الفنان سينبت بدلاً منه ألف ذراع.
عندما علم ناجي أن القتلة يخططون لإذابة أصابعه بالأسيد قال: “سأرسم بأصابع رجليّ ولن أتراجع”.
هكذا، ذهب القتلة إلى مزبلة التاريخ وبقي ناجي حياً … فعشرات المواقع الإلكترونية تنشر رسومات ناجي العلي والفضائيات الجدية تهتم برسوماته.
كان اغتيال ناجي العلي يوم 22/7/1987 – وهو نفس اليوم الذي نسف فيه الصهاينة فندق الملك داود بالقدس في الأربعينييات – وبقي ناجي في غيبوبة حتى استشهد في 29/8/1987 في مثل هذا اليوم.
ويذكّرنا هذا التاريخ بانعقاد المؤتمر الصهيوني العالمي الأول في بال بسويسرا عام 1897 حين اتخذ الصهاينة قراراً بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. هي مصادفة التواريخ لكنها سخرية من القتلة.
وهكذا، تحمل الجماهير الغلابى في كل مكان رسومات ناجي وأيقونته “حنظلة” التي خلقها لتبقى من بعده. فهو يرى أن النظام العربي والفلسطيني لا يعملان أبداً لتحرير فلسطين. فحنظلة يدير الظهر لهم وسيبقى صغيراً إلى أن تصلنا الهدية وهي تحرير فلسطين.
هذا هو ناجي الذي نحتفل في ذكراه اليوم.
■ ■ ■
عن ناجي العلي في ذكراه الثامنة والعشرين
( ذكريات ومشاهدات )
عوني صادق
أيتها الأخوات، أيها الإخوة،
مساء الخير وأسعد الله أوقاتكم
إنه يشرفني أن أكون بينكم في هذه الليلة، ليس فقط لإحياء ذكرى فنان شعبنا المبدع، المناضل الشهيد، رسام الكاريكاتير الأشهر ناجي العلي لأنه حي رغم غيابه الجسدي منذ ثمان وعشرين سنة، بل لإحياء ما قد يكون مات من ذاكراتنا نحن. فأمثال ناجي لا يموتون، تحتفظ بهم شعوبهم قيما عليا ورموزا غالية تستمد منهم الهمة والعزيمة وروح الكفاح من أجل الحرية والتقدم. لكني إن أردتم الحقيقة، أشعر أني في ورطة! لماذا في ورطة؟ … لسببين: الأول هو أنه لم تعد مجهولة أية معلومة خاصة أو عامة تتعلق بناجي العلي، بدءا من مولده في قرية الشجرة، إلى مخيم عين الحلوة، وانتهاء بلندن! والثاني أنه مطلوب أن يكون حديثي في الجانب الإنساني، واستنادا إلى ما افترضه الأخ الصديق ابو الرائد من “علاقة شخصية” كانت تربطني بناجي العلي أتاحت لي، كما يعتقد، معرفة ما لا يعرفه غيري! وعندما اتصل بي لأتحدث في هذه المناسبة، التي درج على إقامتها مشكورا منذ سنوات، حاولت بكل الطرق أن أقنعه أن الأمر ليس كما يتصور، لكنه أغلق في وجهي كل الأبواب، بل وأشعرني أنني أتهرب من واجب! وللحقيقة أقول: نعم لقد رافقت ناجي العلي في مواقع العمل لفترة قصيرة، وجمعتنا خارج العمل صداقة قامت أساسا على القناعات المشتركة والموقف السياسي الواحد، لكنني لم أكن ضمن ما يمكن تسميته “الحلقة الضيقة” لناجي العلي، إن كانت له مثل هذه الحلقة، والتي إن وجدت لم تكن لتتجاوز في رأيي الشخصي، تلك المجموعة الصغيرة التي جاءت معه أو لحقت به إلى الكويت، والتي عرفها في مخيم عين الحلوة وصيدا وصور وجوارهما اللبناني قبل وصوله إلى الكويت. وكل أو معظم من عداهم ممن كانت لهم علاقة بناجي، كانوا إما زملاء عمل، أو أصدقاء بالمعنى العام للكلمة. لذلك فإنني أشدد على أن ما ستسمعونه مني ليس “معلومات خاصة” بقدر ما هي ملاحظات ومشاهدات ومعها رأيي وانطباعاتي، والقليل منها فقط يستحق صفة “الخصوصية”. وقد وجب التوضيح حتى لا يحمل صاحب الذكرى وزر خطأ وقعت فيه أنا من هنا، أو مسؤولية عن تقدير خاطيء لي من هناك.
هل يعني ذلك أن نتوقف عن إحياء هذه المناسبة؟ بالطبع لا، ليس هذا هو المقصود، بل العكس تماما. فناجي العلي يستحق على المستوى الفلسطيني أن ينال من صور وأفعال التكريم والتعظيم والتخليد، مثل ما نال الشاعر الكبير محمود درويش، على الأقل، ودونما دخول في المفاضلة بينهما. فكلاهما ارتقى القمة في مجاله. لكني قصدت أن علينا أن نحيي هذه المناسبة بطريقة أخرى محتلفة عما جرى حتى الآن، دون أي تقليل من الجهد الفردي الكبير والمشكور الذي يبذله الأخ عبد الله حمودة في هذا المجال. وسأتي على ذكرما أراه في آخر حديثي الذي لن يطول.
على كل حال، بدأت معرفتي بالشهيد ناجي العلي أثناء حرب حزيران 1967. كنت قد وصلت الكويت قبل ذلك بثلاث سنوات، وعملت موظفا في شركة نفط الكويت، خارجا من تجربة صحفية قصيرة في عمان، ولم أكن راغبا ولم أعد بالفعل للكتابة والعمل الصحفي حتى وقعت الحرب. في تلك الأيام، التحقت كاتبا متطوعا في مجلة (الطليعة) الكويتية، وكانت لسان حال القوميين العرب في الكويت. دخلت المجلة ووجدت فيها ناجي، وكانت المرة الأولى التي ألتقيه فيها على مستوى شخصي. كانت زياراتي للمجلة في تلك الفترة مرة واحدة في الأسبوع أسلم فيها ما كتبت، واتنقل بين مكاتب المجلة أجالس هذا وأحادث ذاك، ومن ضمنهم بطبيعة الحال ناجي. وقد كان عمل ناجي في مجلة (الطليعة) في ذلك الوقت على النحو التالي:
– تصميم (ماكيت) المجلة
– رسم الغلافين، الأول والأخير للمجلة
– رسم صفحتين داخليتين في المجلة
– ثم إخراج المجلة
– وأخيرا وليس آخرا كان يشارك في التحرير أحيانا.
إلى جانب ذلك، كان ناجي يعمل أي شيء يمكن أن يخطر على البال بل وما لا يخطر على بال أحد، وبدون تكليف. وبما أن الصفات الشخصية هي المطلوبة في هذا الحديث، لا تستغربوا إن قلت لكم أنني رأيته أكثر من مرة يعمل القهوة لضيوف المجلة. كل ذلك مقابل أجر يمكن أن يعتبر رمزيا. وهنا لا بد أن أشير إلى أن كل كادر المجلة، والفلسطينيين منهم بخاصة، كانوا آتين من حركة القوميين العرب. ولعلني كنت الوحيد بينهم الذي شذ عن القاعدة، لكني كنت قريبا من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ومن هنا كان ناجي يتصرف داخل المجلة كعضو في تنظيم، وليس كموظف أو رسام في مجلة، وبسبب ما جبل عليه من تواضع وتفان في العمل، كان يبذل مجهودا أكبر كثيرا من المطلوب منه. صحيح أنه كان “من أهل البيت”، لكنه قياسا بجهده المبذول، كان يختصر عمل أكثر من نصف أهل هذا البيت !! وما لفت نظري في حينه، تلك الغزارة في الأفكار عنده عندما يجلس ليرسم. كان يرى الفكرة نفسها من عدة زوايا، فكان يجسدها فنيا في أكثر من رسم، وأحيانا كان رسم ما يبدو جميلا ومعيرا عن الفكرة في نظر هيئة التحرير، لكنه كان إن لم يرضه يرميه ويرسم غيره. وفي النهاية تتجمع لديه مجموعة من الرسوم أكثر من العدد المطلوب، فيتم اختيار المطلوب من بينها !
ما بين 1968و 1979، وهذه هي السنة التي غادرت فيها الكويت إلى غير رجعة، تنقل ناجي بين الكويت وبيروت، وبين جريدة (السياسة) الكويتية، وجريدة (السفير) اللبنانية، أكثر من مرة. لكنني في ما أذكر أنه ظل عندما يكون في الكويت يرسم ل(لطليعة) الغلافين والصفحتين الداخليتين، وبلا مقابل هذه المرة، حتى أغلقتها الحكومة الكويتية في العام 1976.
في جريدة (السياسة) الكويتية، التي تعود في ملكيتها ورئاسة تحريرها لأحمد الجار الله، المعروف برجعيته وولاءاته المشبوهة، كان ناجي يعاني من مضايقات كثيرة، ولم يكن سفف تلك الجريدة يتحمل جرآة مواقف ناجي السياسية، فضلا عن سياستها العامة التي كانت نقيضا لكل ما كان ناجي يؤمن به، لكنه ربما من حسن حظ ناجي وحظنا، أن الجار الله كان من “مدرسة الإثارة” في الصحافة، مدرسة الإنسان الذي عض كلبا! وفي الوقت نفسه كان يريد أن يرفع من مبيعات جريدته، وهذا في اعتقادي ما جعله يتعامل مع ناجي ويتحمله، ولكن مع المضايقات.
كنت أزور ناجي في مكتبه بين وقت وآخر، وقد سمعته أكثر من مرة يشكو ما يتعرض له، وأذكر أنني في كل مرة كنت أزوره فيها، وعادة كانت زيارتي تتم في حدود الساعة العاشرة ليلا، أي في الساعتين الأخيرتين قبل إغلاق عدد الجريدة لليوم التالي، كنت أرى على الطاولة التي يرسم عليها ليس أقل من خمسة أو ستة رسومات، وفي واحدة من الليالي عددتها وكانت أحد عشر رسما، بعضها على الطاولة وبعضها في سلة المهملات. كان ناجي يرسم ويبعث بالرسم إلى الجار الله، أو لمدير تحريره، فيرفض هذا الرسم، فيرسم ناجي غيره، وهكذا إلى أن تتم الموافقة على واحد من الرسومات. وربما كان يحدث شيء من ذلك أيضا بعد أن استقر في جريدة (القبس) ابتداء من 1983، رغم أن أصحابها لم يكونوا مثل أحمد الجار الله بل كانوا عروبيين من حيث الميول والتوجهات. لذلك لم يدهشني ما كتبه سليمان الشيخ، وهو أحد أصدقاء ناجي من مجموعة لبنان، وكان من زملائنا في (الطليعة)، عندما قال إن مجموع ما رسمه ناجي وصل إلى (40 ألف رسم)، كثير منها لم ينشر، ولم يشاهده قاريء الصحف التي عمل فيها ناجي، ولا توجد في الألبومات التي صدرت حتى اليوم !
على كل حال، لم تتوقف المضايقات التي واجهها ناجي عند مضايقات إدارات الصحف. ففي مطالع السبعينات بدأت تتسرب أنباء عن اتصالات سرية تتم بين قيادات في منظمة التحرير الفلسطينية، وفي حركة (فتح)، وبين شخصيات يهودية وصهيونية على صلات وثيقة مع سلطات تل أبيب. وقد أصبح معروفا الآن أنها بدأت مع عصام السرطاوي وانتهت مع محمود عباس. وفي الوقت نفسه كانت تتسرب “مواقف” وتظهر كتابات لقيادات من منظمتي (فتح) والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” حول “دولة فلسطينية في الضفة والقطاع”. كل تلك التسريبات والكتابات والمواقف بدأت تتضح وتقوى بعد وقف إطلاق النار مع “إسرائيل” وانتهاء حرب تشرين “التحريكية” كما وصفت في حينه في العام 1973، واكتملت وأصبحت علنية في العام 1974 مع ما سمي “برنامج النقاط العشر” الذي أصبح يسمى “البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير الفلسطينية”. في تلك السنوات، كان للمثقفين الفلسطينيين والفلسطينيين عموما في الكويت، كما في خارجها، خطان سياسيان: خط مع التسوية والمفاوضات، وخط ضد التسوية ومع المقاومة والكفاح المسلح والتحرير الكامل. ويحتفظ أرشيف الصحافة الكويتية بالكثير من السجالات والمعارك التي نشبت بين أنصار الخطين السياسيين في تلك الفترة. وكان ناجي العلي في طليعة الخط الثاني، فازدادت رسوماته خطرا وخطورة، ويدأ يتعرض لضغوطات أوسع وأكبر.
كان العام 1979 هو عام التوقيع على “اتفاقية كامب ديفيد” وما حملته من دلالات وما تركته من آثارعلى الوضع العربي كله، وكان لناجي في فضح المسارات السياسية التآمرية على القضايا العربية عموما والقضية الفلسطينية خصوصا، ما جلب عليه عداوة الأنظمة والحكام وكل القوى والأطراف صاحبة المصلحة من تلك المسارات السياسية. وفي يداية 1985 عاد ناجي إلى الكويت والتحق بجريدة (القبس)، وتحت الضغوط التي مورست على الحكومة الكويتية من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تم نقله العام 1987 إلى النسخة الدولية من (القبس) التي كانت تصدر في لندن، وكان ذلك تمهيدا لتصفيته، وقد كان !
والأن أعود إلى ما طرحته في بداية هذا الحديث عن كيفية إحياء هذه المناسبة.
لنسأل أنفسنا أولا: لماذا نتذكر ناجي العلي؟ بل لماذا يتوجب علينا أن نتذكره؟ ناجي العلي منزوعا من قضيته الوطنية التي وهبها فنه وعمره وحياته شخص عادي وبسيط جدا، لم تكن الجوائز تهمه، ولا كانت ولائم التكريم تغريه، وكان يستحقها عن جدارة. لكن ما جعل ناجي العلي هذا الرمز الوطني الكبير الذي نعرفه ونفتخر به هي مواقفه، انتصاره لشعبه وأمته والفقراء فيهما والدفاع عن حقهما في الحرية والحياة الكريمة. إن هذا في ظني يوضح لنا طريق وكيفية إحياء هذه المناسبة، أي من خلال إبراز والتأكيد على تلك المباديء التي آمن بها ناجي العلي والتي وضع عبقريته في خدمتها، ثم ضحى بحياته في نهاية المطاف في سبيلها. ولست أرى أن الاكتفاء بجعل هذه المناسبة فرصة لتكرار ما أصبح يعرفه الجميع، أو للاستماع إلى بضع قطع من الإنشاء، يليق بهذه الذكرى أو بصاحبها، فضلا عن أنه لا يحيي أحدا ولا يحفظ شيئا، إن لم يزدهما موتا واندثارا !!
إننا بقليل من التفكير يمكن لنا أن نجد بين أيدينا أفكارا عدة مفيدة عند كثيرين، تساعد في تحقيق الهدف الذي أتحدث عنه. وعلى سبيل المثال، أقترح أن يخصص يوم اسمه (يوم ناجي العلي)، يكون عبارة عن ورشة عمل، يكلف فيها مسبقا عدد محدود من المفكرين أو الباحثين، يعد كل منهم بشكل مسبق ورقة تعالج جانبا عالقا من جوانب القضية الفلسطينية، وتكون الدعوة عامة لقراءة ومناقشة تلك الأوراق. هذا واحد من الاقتراحات التي يمكن أن تخطر على البال، وغني عن القول إنه إن لاقت الفكرة قبولا لدى المهتمين، فسيكون الباب مفتوحا لكل الاقتراحات المفيدة …
هكذا نرد جزءا بسيطا من حق ناجي العلي علينا، وفي الوقت نفسه نخدم قضية شعبنا وأنفسنا … فلماذا لا نفكر في هذا الموضوع؟!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته …
■ ■ ■
ناجــي العلـــي
صفحه من أوراق حنظلة
—————————-
شجرة كان لكنه يمشي فوق التراب ، يرتدي أوراق زيتونه ، يضيء من غير أن تمسسه نار ، بلحي اللون ، برتقالي العطر ، كنعاني الصفات ، الطول سنبلة ، العمر ضوء ، ظله حنظلة ، وصوته جلجلة ، وعيونه بوصلة ، الأنف عز ، والرأس نجم ، والضحكة وطن ، وفي صدره تسكن ياسمينة البيت ، تنبض عطراً لكل المحبين ، طفلاً كان حين يلهو مع الفراشات والسنابل ، وضيفاً ثقيلاً على الساسة والزعماء ، أحب البحر فصار شاطئه ، أحب التراب فصار عشبه ، أحب فلسطين فصارها
صفحه من عين الحلوي
————————-
صبي زهقان
بيخرتش ع ورقا
سهول خضرا
وبحور زرقا
وجبال
وتلال
وجبين عالي ما بينطال
وعي ع سكوتو
ع صوت حرتقا
كان موج رصاص
ضيف تقيل ع أهل بيتو
حاص الصبي … حاص
وقال : وين يللي رسمتو
كل شي انمحا بالحال
ما بقي غير
جبين عالي ما بينطال
صفحه من بلدة الشجرة
———————–
منذ صرخته الأولى على أرض بلدته الشجرة اصطاده الوجع ، وجع الرحيل عن الوطن ، ووجع الإقامة في المخيم ، لكنه ما انحنى لهذا الوجع ، شاركه سكان المخيم وجعه ، ثم بيروت ، وكل العواصم العربية وكثير من عواصم الغرب ، كان متسامحاً حتى السذاجة إلا في قضيته الأولى فلسطين
صفحة من بيروت
——————
ناجي .. نقطه فوق الحرف
تفضح لحكايه
قدامو وقفو صف
شرطي ومحايه
والعمر نتفي
وللعاشق بلادو شو بتصغر النتفي
و ضل واقف وبإيدو فرشايي
متل الرايي
وقلبو لبلادو مرايي
ولما غص كتير بهالألوان
وشاف بلادو عم بتضيع
قالت ألوانو
كل اللي خانو وهانو
ما عرفو إنو عمرن بيفل
والوطن الغالي بيضل
ما عرفو إنو عمرن مها طال بيخلص
والوطن الغالي مش ممكن أبداً ينقص
صفحه من الكويت
——————-
كم كان وجع الغربة يا ناجي ، وكم كانت خيانات الزعماء أكثر وجعاً ، كم تحمّل قلبُـك الصغير كلَّ هذا الوجع المر ؟ ليس ترفاً ما رسمت ، فكل الذي رسمته لنا ما زال بيننا ، صليبٌ ينبت بين مقابر الشهداء ، وهلالٌ يدق الأجراس ، وثوبٌ فلسطيني تلبسُه كل نساء العرب
هالدني كمشة تراب .. وعليه بنمشي .. لو طوّبولي قصور وعتاب .. بتضل فلسطين عرشي .. وبلادي جوّا المعموره .. زغيورا كتير زغيورا .. لكنها أكبر .. أكبر بنسورا .. يا راسم فوق ترابي حد .. بلادي ما بتنحد ، بلادي لو جد الجد ، أكبر من جنه لو تنمد
صفحه من دفتر حنظلة
————————-
لوناً كان .. ترابي أسمر أو سماوي أزرق ، رايته أشجار ، وحصانه بستان ، ورفيقه في السفر داخل اللوحات حنظلة الذي يوماً ما خان ، حاوره يوماً
ناجي : أدرت ظهرك للعالم ، وكان عليك أن تواجههم
حنظلة : أعطيتهم ما يستحقون
ناجي : شبكت يديك خلف ظهرك ، ولو رفعتهما لتعلمت الصفع
حنظلة : كنت أحرص على أن تبقى نظيفة وطاهرة
صفحه من عمان
—————–
الله من بدء التكوين
رسم وطاني وحدودي
الأردن ويّا فلسطين
كتف مساند بارودي
ثلاث صفحات من دفتر ناجي العلي عن حنظله
—————————————-
جبينو عالي
بيضلّو
خلقان من قبل الدني
حتى السما توصلّو
قديش
بدّو ينحني
حالف هالصبي
بدم بييّو
وما أغلى يمينو
حالف .. ليضل سقف السما
أوطا
من جبينو
بإيدو حجر
بيكتب زمن مجدو
وهالحجر ياما مرقت عليه ودعوستو
كرمال الطفل حقّو أنا بردّو
عن قصد جيت
وهالجحر…. بوستو
من ناجي لعرفات
—————–
اوعا تقّلي
هتللي دليل
ومفكّر حالك طرزان
عم بتفاوض إسرائيل
وناسي الطابو
والقوشان
صفحه مني لناجي العلي
————————-
ناجي
يبست شفاف المي
ع صدر عشبي
والشمس بتنقّــط فــيّ
والدني كزبي
يا ناجي اللي ما لو زي
وساكن بقلبي
طاوي هالعمر طي
بهموم منكتبي
رد علـيّ خطي
الموت منو لعبي
باقي من عمري شوي
بصمدهن بعلبي
بهديهن لأحلى خي
تعينو بالغربي
بكره بيطلع ضي
ويمحا هالنكبي
صرخة ناجي
——————-
حطو صاع
وشيلو صاع
ارض بلادي ما بتنباع
ارض بلادي عرض وطول
أكثر من أربع ترباع
لا تقسّم شقفه ،شقفه
ولا تكيّل ثمينة وصاع
حقي بالميه…….ميه.
لو مش كامل
عدّو ضاع
لا تقولو كلماتي قلال
كلمة زغيري
ترّبي صراع
وين إل كانو بأرضي شهدا
وين إل مدو الإيد
شراع
وين الدمع إل فاض بحور
وين الدم إل ظّوى بقاع
وين الصرخة إل قالت لا
وين الصوت إل ملاّ سماع
إحنا هون…..
مهما يكون
ما غيّرنا يوم طباع
إحنا مبارح……….إحنا بكرة
مهما بدّلتو……..الأوضاع
يا ناكر حق بلادي
اقرا تاريخ … المقلاع
اقرا سورة فارقنا
شعبي صاحي يا خداع
شعبي قبلك
قبل الطور
باني مجدو قلاع قلاع
مهما تقتل ، وتّدمر
شعبي باقي مهما جاع
شعبي باقي
مهما جاع
آخر صفحه
—————-
متلك أنا محتار
مدري رايح ، مدري جاي
عم بسأل وبقول
ليش دخلك ليش
بقلب الزلغوطا فيه ناااااااي