إف.بي.آي تتجسس على غابرييل غارسيا ماركيز لمدة ربع قرن لصداقته من كاسترو

 

سعيد عريقات

واشنطن

كشفت  صحيفة “واشنطن بوست ” الأميركية في تقرير نشرته الأحد 6 أيلول أن “مكتب التحقيقات الفدرالي-إف.بي.آي” تجسس لنحو ربع قرن على الكاتب الكولومبي الشهير عالميا غابرييل غارسيا ماركيز، الذي حصل عام 1982 على جائزة نوبل للأدب على روايته الرائعة “مئة عام من العزلة”.

وكشفت الصحيفة في مقال بعنوان “الحب في زمن المراقبة: عملاء إف.بي.آي لاحقوا غابرييل غارسيا ماركيز” تحويراً لروايته الشهيرة “الحب في زمن الكوليرا”  أنها حصلت بشكل حصري على 137 صفحة، رُفعت السرية عنها،  من جهاز الأمن الأميركي الذي يفترض به مراقبة الشؤون الأمنية الداخلية في الولايات المتحدة ( (FBI تشير إلى مدى النشاطات التجسسية التي استهدفت الروائي العالمي الأشهر خلال الأربعين عاماً الماضية بسبب صداقته من الزعيم الكوبي فيديل كاسترو.

وكان ماركيز قد توفي يوم 17 نيسان 2014 في مكسيكو سيتي في المكسيك عن عمر يناهز 87 عاماً.

يشار إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قال عند سماعه عن موت ماركيز “ألعالم فقد واحداً من أهم الكتاب من ذوي الرؤية وأحب الكتاب علي منذ صغري؛ لقد كون صوتاً مبدعاً للقارات الأميركية”.

وتكشف هذه الفضيحة الجديدة المدى الذي وصلت إليه أنشطة التجسس الأميركي في العالم على الحلفاء والخصوم، على حد سوا خاصة وأن إف.بي.آي هذه المرة لم يعترف بالتجسس ضد دولة خطرة أو خصم سياسي أو أيديولوجي،، بل أقرت أجهزة التجسس الأميركية أن مكتب التحقيقات الفدرالي انشغل لسنوات طويلة بتتبع ورصد كاتب مبدع كبير، خط بقلمه روايات حازت على شهرة واسعة، وترجمت إلى معظم لغات العالم.

وأشارت الصحيفة إلى أن القسم المتبقي من ملف التجسس على صاحب رواية “مئة عام من العزلة” “الحب في زمن الكوليرا” و “لا أحد يراسل الكولينيل”  الذي يضم 133 صفحة لا يزال تحت تصنيف “سري للغاية”، مدعية أن دوافع مكتب التحقيقات الفدرالية في ملاحقة ماركيز مبهمة تمام، إلا أن ملاحظات عملاء إف.بي.آي تشير إلى “صداقته المتينة مع كاسترو”.

وتفيد وثائق مكتب التحقيقات الفدرالي (الذي يتولى مكافحة التجسس) ملاحقة ماركيز بدأت عام 1961 عندما كان ماركيز في ال33 من عمره ة عندما حط مع زوجته وطفله الرضيع آنذاك في مدينة نيويورك الأميركية  للعمل كمراسل وكالة الأنباء الكوبية “برينسا لاتينا” وليفرغ نفسه للكتابة.

ومن الواضح أن عمل ماركيز لصالح مؤسسة كوبية كان كفيلا بوضعه تحت مراقبة تواصلت 24 عاما، حيث تواصلت كتابة التقارير عنه حتى بعد أن حاز على جائزة نوبل للأدب عام 1982.

ولم تكشف الصحيفة عن أي معلومات سرية ذات أهمية عن ماركيز، واكتفت بالحديث بصفة عامة عن عملية التجسس، مرجحة أن من أعطى أمرا بتعقبه هو جي إدغار هوفر، أول مدير لمكتب التحقيقات الفدرالي ورئيسه على مدى ما يقارب نصف قرن، والذي كان مهووساً في محاربة اليساريين من كل حدب وصوب، وكان قد اتهم رسميا لاحقا بعد وفاته عام 1972 بإساءة استخدام السلطة، واستخدام أساليب غير قانونية في جمع المعلومات، وباستغلال إمكانات مكتب التحقيقات الفدرالي  للتشهير بالمعارضين السياسيين خاصة في فترة المكارثية وخمسينات وستينات القرن الماضي.

وكثيراً ما أجهر ماركيز بمواقفه المنددة بالسياسات الأميركية والمعادية ـ”للإمبريالية الأميركية”.

إلا أن صداقته المتينة مع الزعيم الكوبي فيديل كاسترو دفع واشنطن لاعتبار ماركيز “شخصا مخربا”، ورفضت منحه تأشيرة دخول إلى الأراضي الأميركية، إلى أن تدخل الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون ورفع عنه حظر السفر، كاشفاً أن “مئة عام من العزلة” هي روايته المفضلة.

يشار إلى أن فضيحة التجسس على ماركيز هي الحلقة الجديدة من فضائح التجسس التي كشفت حديثاً حيث أظهرت وثائق مسربة نشرها عميل الاستخبارات المركزية الأمريكية السابق “إدوارد سنودن” وموقع “ويكيليكس” أن وكالة الأمن القومي الأمريكية تنصتت على هاتف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الخاص، كما تنصتت على الرئيس الفرنسي الحالي فرنسوا هولاند وسلفيه ساركوزي وشيراك وعلى وزراء فرنسيين، بالإضافة إلى التجسس على اتصالات رئيسة البرازيل ديلما روسيف و28 شخصية أخرى بارزة في هذا البلد، وعلى شخصيات بارزة ومؤسسات في اليابان والصين وطال تجسسها منظمة الأمم المتحدة.

:::::

“القدس”، فلسطين المحتلة