ثريا عاصي
رئيس وزراء المستعمرين الإسرائيليّين، بنيامين نتنياهو، يصل إلى العاصمة الروسية على رأس وفد عسكري، بعد أيام قليلة من إعلان الروس عن قرار بزيادة الدعم للحكومة السورية، حتى لا تنتصر «القاعدة» و«داعش». وفي الإعلان نفسه تلميح ضمني إلى أنّ التحالف ضدّ الإرهاب، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، غير جدّي في محاربة هذين التنظيمين، يستتبع ذلك أنّ وجودهما مفيد للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها وأتباعها !
تعالوا نفكر في هذه المسألة. كتبت في مقال سابق تحت عنوان «القوقاز»، أني أعلّل ردّ الفعل الروسي على تمادي الإمبريالية الأميركية – الأوروبية في انتهاك سيادة الدولة السورية، الذي تصاعد درجة إضافية بالتلازم مع ظهور أفواج جديدة من النازحين وتسليط الأضواء عليهم، إنّي أعلّل ردّ الفعل الروسي بكون الحرب على سوريا كمثل حربَي أفغانستان والشيشان، يصبّ فيها رافدان، أموال آل سعود ومقاتلون أصلهم من القوقاز. ما يعني أنّه ستنجم عنها ارتدادات في بلاد هؤلاء المقاتلين. بالتالي فإنّ سوريا تقع، في نظر الروس، في مجال الأمن القومي الروسي.
تأسيساً عليه، آن الأوان، ربما فات الآوان، للخروج من دائرة التفاهة الوهابية التي حُشر الناس فيها ليتوحّشوا ويقتتلوا قبائل وطوائف ومذاهب ! فنحن وسط حرب أميركية ـ أوروبية الغاية منها إخضاع الروس والصينيين !
من البديهي في السياق نفسه أنّ ذهاب الوفد العسكري الإسرائيلي إلى موسكو، على جناح السرعة، دليل على أنّ المستعمرين الإسرائيليين يعتبرون سوريا جزءاً من مجال أمنهم القومي. من المرجّح إذن أن يُجري القادة العسكريون الإسرائيليون والروس مباحثات، يكون الهدف منها تحديد خطوط التماس بين الجانبين على الساحة السورية!
في الواقع يصعب عليّ التفريق بين تحليق طائرة أميركية وأخرى إسرائيلية في سماء سوريا. ربما يكون الفرق بينهما في لون الصباغة، أما المهمّات، فأنا على يقين من أنها متكاملة. لا شك في أنّ الإسرائيليين دخلوا إلى العراق مع القوات الأميركية، ومع العملاء العراقيين طبعاً!
ولكن لا مفرّ من السؤال هنا عن «مجال الأمن القومي المصري»؟ لم نسمع أنّ وفداً عسكرياً مصرياً زار العاصمة الروسية ليستفسر عن الإجراءات الجديدة التي اتّخذتها القيادة العسكرية الروسية في ما يتعلّق بالمسألة السورية. التسليم بأنّ العلاقات الأمنية لم تنقطع بين المصريين والسوريين، كما يقول الأخيرون، لا يمنع المراقب من المقارنة بين دور كل من مصر وإسرائيل في الحرب على سوريا. فبينما نلاحظ على إسرائيل أنها أقامت علاقات سياسية مع جهات في المعارضة، إلى جانب دعمها ميدانياً، عسكرياً، جبهة النصرة (القاعدة في سوريا). لا نعلم شيئاً عن دور مصري مساعد لهذا الطرف أو ذاك، اللهم إلا احتضان إحدى المعارَضات، التي تُسمّى هيئة التنسيق. قطع الرئيس المصري السابق (الأخواني) محمد مرسي العلاقات الديبلوماسية مع سوريا في احتفالية أخوانية إسلامية، في حين لم نسمع عن احتفالية أو خطاباً متواضعاً يتضمّن إعلان إعادة هذه العلاقات وإلغاء المقاطعة! بكلام أكثر وضوحاً وصراحة، يحار المرء في أمر الصوت المصري اللامسموع، إلا في موضوع دول الخليج التي تعتبرها القيادة المصرية جزءاً من « مجال الأمن القومي «، في مقابل الموقف الإسرائيلي المعروف والعلني والمتناسق مع نظيره الأميركي ـ الأوروبي، في سوريا والعراق واليمن وليبيا، وربما إلى أبعد من هذه البلدان !
في الختام، لا منأى عن التساؤل، أين الدور المصري ؟ الإسرائيليون ذهبوا إلى موسكو ودورهم في الحرب على سوريا ليس خافياً. الإيرانيون بعثوا رسلهم إلى موسكو، وهم يقفون جهاراً نهاراً، إلى جانب الجيش العربي السوري في تصدّيه للمعتدين، الذي يبدو أنّه اتفق مع القيادة العسكرية الروسية على خطة مواجهة استعدادات الإمبريالية الأميركية ـ الأوروبية مؤخراً لتصعيد العدوان على سوريا.
:::::
“الديار”، بيروت