واشنطن: إما أن تهيمن أو تحرق العالم…ترى ألهذا يخنع عرب!

عادل سمارة

لا جدال في أن الاستعمار الراسمالي هو اسوأ ما مرت به البشرية، ذلك لأن نمط الإنتاج الراسمالي هو الأكثر استغلالا وتوحشا مغلَّفا بالياقات البيضاء وديباجات حقوق الإنسان ومحتلة للمجتمع المدني ليتصرف كمجتمع جشع وقاتل. أما الولايات المتحدة فتشكل خلاصة هذا التوحش على مدار سيطرتها على العالم في حقبتي الإمبريالية والعولمة.

ما يلي نص عن استراتيجيتها في كل من الحقبتين.

ورد ما يلي في وثيقة من الإدارة الأمريكية  عام 1943 أي خلال الحرب العالمية الثانية، عن متخصص في الشأن الإفريقي وذي منصب رفيع في تلك الإدارة:

“ستصبح التجارة الخارجية اكثر اهمية  من ذي قبل لهذه الأمة،  من اجل الحفاظ على مستوى معيشتنا… ولن تتمكن بلادنا من الحفاظ على مستوى معيشتنا او زيادته  ما لم  ننتج اكثر ونصدر اكثر  وان نساعد بتجارتنا جميع الأراضي في ما وراء البحار لرفع مستوى معيشة  الشعوب المتخلفة، فربما  يستهلكون بذلك اكثر واكثر من منتجات امريكا الزراعية والصناعية… وبناء عليه، تكمن  في تلك المسألة مصلحتنا  القومية الأكثر حيوية. وبرأيي،  ليس مُرضيا أن يكون هناك شرطاً لوجود قيادة مشتركة اميركية بريطانية للعالم  … ]يجب ان لا تسمح الولايات المتحدة[ بأية اتفاقات من شأنها أن تقلص النفوذ الأمريكي في أية منطقة… إلى موضع ثانوي”[1]

إن أية قراءة للسياسة الأمريكية منذ تلك الفترة حتى اليوم، مرورا بوجود القطب السوفييتي او بعده عبورا إلى حقبة العولمة ، تبين بأن هذا التوجه الأمريكي بقي على حاله وزاد تكريسه.

فالولايات المتحدة ترفض وجود شريك او وجود نظير مواز لها في الكوكب باسره.

هذا موقف امريكا من حليفتها بريطانيا عام 1943 هذا، وهما تقاتلان معا لاقتسام العالم، وإن بدا ذلك ضد النازية. ولعل ما يؤكد هذه الاستراتيجية هو كيف حافظت الولايات المتحدة على بريطانيا كحليف تابع يعاني منذ ذلك الحين مشكلة فقدان الدور القيادي عالميا، والفصام في المصلحة والانتماء بين اوروبا وأمريكا.

أما عن موقفها من الصين اليوم كمنافس لها على الصعيد العالمي  فتفيد به المقتطفات التالية من استراتيجية امريكية كبرى جديدة تجاه الصين يقترحها مجلس العلاقات الخارجية في الولايات المتحدة معنونة ب : “ظروف خطرة”.(وردت في مقال ل لورنس، هـ. شووب، في مونثلي ريفيو عدد أيلول 2015 .

“… فقد انجز تقرير اللجة المذكورة في آذار 2015، وقد وصف التقرير التوترات المتصاعدة بين أقوى أمتين في العالم ب “الظروف الخطرة”.

يقول التقرير بان الصين تريد اليوم: ” ان تكون صانعة قرار لا متلقية قرار”. وبأنها تتحرك لإقامة قواعد رقابة في بحار جنوب وشرق الصين.، مستخدمة عملتها في الأعمال الدولية وقوتها الآقتصادية للتاثير في الأمم الأخرى، وبذا تمثل تهديدا وجوديا للهيمنة الأمريكية ” ويضيف الكاتب: “…طالما الأمر على هذا النحو، فهم يعتقدون بوجوب مجابهتها مباشرة على الرغم من الظروف الخطرة التي يشتمل عليه ذلك”.

أما التقرير نفسه فيضيف:

“…لنضع الأمر بوضوح، فإن مجلس العلاقات الخارجية يعتقد بان على الولايات المتحدة أن تحافظ على هيمنتها في آسيا وكذلك في بقية العالم وأنه يجب منع الصين من ممارسة القوة ولو على صعيد إقليمي، في بيئتها المحيطة”.

وعليه، إذا كانت سياسة الولايات المتحدة قائمة على منع أية دولة من مجرد التأثير حتى في محيطها الإقليمي سواء كانت صديقة لها أو خصما، بعيدة أو قريبة، قوية أو ضعيفة، فهذا أمر يطرح السؤال على توابعها العرب بمعنى:

هل هذا الخنوع هو إيمان بقدرة لا محدودة للولايات المتحدة؟ وبأن هؤلاء لا يرون القوة في الشعوب بل في الإمبريالية.

ولكن إذا كان هذا موقف الحكام والطبقات الحاكمة ومصالحهم، فماذا عن مثقفي الطابور السادس بتعددهم: اكاديميين، لبراليين ما بعد حداثيين، فرق أنجزة، رجال دين…الخ؟ أم ان هؤلاء يُلصقون مصالحهم بالإمبريالية وتوابعها فيصبحون مثابة المثقفين العضويين للطبقة الراسمالية الأمريكية المتوحشة؟


[1]  P.N. Jester quoted in David N.  Gibbs, “Political Parties and International Relations: The United States and the Decolonization of Subsaharan Africa” International History Review 17, 1995, 301-11. Auoted in Barbra Epstein, Anarchism & Anti-Globalization, Monthly Review, Sep 2001 p.p. 18-19.