سيناستان

د. موفق محادين

ما يجري في صحراء سيناء ليس جديدا ولا يتعلق بالصراع مع سلطة أو حكومة مصرية بعينها، ولا يتعلق بأية استحقاقات سياسية عابرة، بل يعود الى المناخات الاقليمية والدولية التي بدأت تتشكل مع الالفية الجديدة والأجندة الصهوينية والامريكية المرسومة لها.

فمع تراجع الحقبة النفطية وما رافقها من دول كيانية حسب الاتفاقية البريطانية الفرنسية لتقسيم المنطقة ابتداء من العقد الثاني للقرن الماضي (سايكس – بيكو) لصالح حقبة الغاز واستبدال دولة الحرس البيروقراطي القديم بحرس من الامارات والكانتونات الطائفية، وضعت مصر ومعها سيناء على لائحة البلدان المستهدفة بالتخريب وتشغيل الجماعات الارهابية التكفيرية.
وما من سيناريو امريكي او صهيوني لتمزيق المنطقة استثنى مصر او سيناء من استهدافاته من مشروع عوديد اونيون 1980 إلى مشروع رالف بيترز، الى مشروع جيفري غولدبرغ عام 2008.
وحسب مجلة (المجلة) اللندنية الصادرة بتاريخ 1/3/2008 فإن سيناستان كانت على لائحة الخارطة الطائفية الجديدة للمنطقة والتي تضمنت ايضا تقسيم العراق وسوريا والسودان والصومال والسعودية وليبيا واليمن ودول الخليج وغرب اسيا الى كيانات طائفية او جهوية بعد تحويلها الى (دول فاشلة) واستنزاف الجيوش فيها واضعافها لصالح الميليشيات والجماعات الارهابية التكفيرية.
ويشار هنا ايضا الى ان احدى ميكانيزمات واليات الفوضى الطائفية الهدامة لتحطيم اية دولة عربية هو ربط ذلك بالاستراتيجية التي قامت عليها ( اسرائيل نفسها)، وهي استراتيجية البافر ستيت او البافر زون او المناطق العازلة، وهو ما يفسر التسهيلات الكبيرة والواضحة العلنية التي تقدمها تل ابيب للجماعات الاهابية التكفيرية في سيناء وشبعا اللبنانية والجولان السوري.
بهذا المعنى وفي ضوء ما سبق فإن نشاط هذه الجماعات في سيناء واستهدافها الجيش المصري اكبر واعقد واوسع من مجرد (ضغوط عسكرية) على القاهرة او ادارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بل يتصل بتكريس بافر ستيت دموي طائفي برسم التحول الى ( كرة ثلج) ساخنة لتمزيق مصر نفسها وتحويلها الى (دولة فاشلة) برسم الوصاية الدولية كما كانت في عهد الاستعمارين، البريطاني والفرنسي.

د. موفق محادين * كاتب أردني