عادل سمارة
من اغتيال الضاحية الجنوبية إلى اغتيال الشهيد الشلالدة في مستشفى الخليل إلى اغتيال الرعايا الروس، إلى إصرار الإرهابيين على حرق سوريا والعراق، إلى حريق اليمن على كامل مساحته، إلى مسح الدولة في ليبيا وتبني الإمارات لهذا حتى اليوم (تصوروا تقسيم العمل بين الأدوات) ، إلى فتح تركيا أهراء القنابل والغاز للإرهاب إلى مؤتمر امتطاء الانتفاضة في الدوحة إلى إلى، كلهم على قلب دولار واحد على راس المال وفي خدمة رأس المال من واشنطن إلى تل أبيب. ليس من حق أحد شريف ان يتضايق من استخدام هذا الخطاب أي راس المال لأنه إلههم الحقيقي.
مخطىء وبسيط من يعتقد أن امريكا تتراجع طوعا دون إحداث تفجيرات هائلة، ومخطىء من لا يرى أن زيارة نتنياهو لواشنطن تطالب بفواتير امريكية عن النووي الإيراني ليس ذبح الضاحية والانتفاضة سوى جزءا من الفواتير.
ليس العدو غبياً. صحيح أنه موبوء بجنون المصلحة، ولكنه يفهم جيدا ما يدور. فانقلاب الموازين وإن ببطء في الشام والعراق، وانتفاضة فلسطين واحتجاب مصر عن المشاركة ضد سوريا، هذه لا يمكن للثورة المضادة أن تسمح بها بسهولة. لذا كانت الطائرة الروسية وكان تفجير الضاحية ردا على موقف سيد المقاومة في يوم الشهداء بإضافة المزيد من الشهداء في اللاذقية ولبنان وفلسطين.
وحين يكون حجيج مثقفي الطابور السادس من أصول قومية وماركسية إلى الدوحة للإصغاء إلى تعاليم ظاهرها :”الانتفاضة ودعمها” ولكن نقطة البدء فيها:
“كل نقاش لا يبدأ بعد هزيمةحزيران، لا مكان له”.
إنتبهوا إلى الكلمات إنتبهوا إلى الخطاب وخاصة الأكثر سخونة والأشد بلاغة ستجدون أن: “وجود إسرائيل لا نقاش فيه، ولنتحدث في كل أمر بعد ذلك”!!! وسوف تجدون هذا منطلق كل الصهاينة المابعديين: تشومسك، وإيلان ببيه، وجوديث بتلر، وميشيل فارشافسكي، وجيف هلبر، وشلومو ساند وموشيه ماخوفر، وبالطبع تلامذتهم العرب من إميل حبيبي “أستاذ” عزمي بشارة إلى جلبير اشقر إلى سلامة كيلة، إلى محمد جعفر، إلى علي سالم إلى أوغاد من الطابور السادس الثقافي متخفين تحت جلد الوطن العربي من فلسطين إلى بغداد.
كل هؤلاء الحجيج طوى ما كتب وقال لعقود، وتوجه إلى الدوحة يزحف على مؤخرته التي يملأها الرمل.
كتبت عن مؤتمر هؤلاء في نهاية 2013 وذكرت اسم احدهم فكاد ينفجر كأنه محشو بنفس متفجرات الضاحية! غريبون هؤلاء، يمارسون الردة والصهينة والأمركة ويريدون صمتنا.
هؤلاء كطابور سادس مضافا إليهم الجناح السري في هذا الطابور، ليتهم يعلمون، أن شخوصهم لا تستحق أن تكون هدفا لنا، وحين نذكرهم إندما نهدف أن يعرفهم البسطاء وجيل الانتفاضة والجيل العربي عموماً. لو كانت شخوصهم تستحق لما انحرفت أصلا، بل هي عادت لجوهرها.
لا استطيع منع قلمي عن الصورة التالية: المفكر من سوريا “الطيب تيزيني” الذي كتب في الثورة واليسار والفكر العروبي، يضع نفسه في مشهد كرتوني غريب:
· في مؤتمر يبكي على سوريا فيبدو مثل كتكوت ابتل في طشت ماء
· وفي مقال له يصف العدوان على اليمن بمشروع عربي جديد!
يبكي على بلد ويتغنب بذبح بلد. هل هو المال؟ وكم ستعيش كي “تتمتع” به إن كان المال متعة؟ أم هو عشق الذل واستدخال الهزيمة!
هو مؤتمر : اعتراف “ما بعد الاعتراف” فبعد اعتراف الحكام يكون اعتراف المثقفين وصولا إلى اعتراف الطبقات الشعبية. مؤتمر اعتراف ما بعد الاعتراف يكون هدفه إيران وباسلحة طائفية يدوس كل مشارك في هذا على قوميته وماركسينه وإسلامه ومسيحيته ليهاجم إيران وسوريا وحتى النظام المصري على تواضعه.
كانت مجزرة الضاحية هي فاتحة مؤتمر الفتنة الطائفية ضد الشيعة، ولكن هل الذين يذبحون الانتفاضة “شيعة عبريين؟” هل الذين اغتالوا الشهيد في المستشفى يحملون فتوى الحاخام أم إمامة الفقيه؟
ستقوم الثورة المضادة بمجازر أكثر وهي تتراجع. من لم يفهم فليستمع لأقوال السعودي الوليد بن طلال الذي أعلن الحرب على الانتفاضة. ولأقوال الصهيوني السلفي نوعام تشومسكي: ” إذا هُزمت اسرائيل سوف تضرب النووي”.وليتذكر كل منا أن الحكام العرب منذ 2002 قد أعلنوا أن “السلام خيار استراتيجي” بينما مارس العدو أن الرصاص والتفجيرات خيار ابدي.
لكن ما قد يشرح الدرس أفضل هو التالي: إذا كان الكيان سيلجأ للنووي إذا هُزم، وهذا بالطبع يفسر جنون الكيان من إيران ولو على حافة النوي، فإن الولايات المتحدة مُرضعة مختلف عرب الردة والثورة المضادة قد لجأت للسلاح النووي حتى وعدوها مستسلماً!
في سياق تنظيف صفوفنا، حين يعود حيجيج الدوحة لا بد من فرزهم جانبا على الأقل.و حين يكون بين من يحضرون مؤتمرا قوميا من يقول بأن : “هناك علاقات سرية بين إيران والكيان الصهيوني”، فهذا يعني وجوب تنظيف صفوفنا أو حتى السؤال إن كان مؤتمرا كهذا في صف العروبة أم في صف الثرثرة عن العروبة.
في سياق تنظيف صفوفنا، علينا أن نسأل: كيف يمكن لمن يحج إلى بلاطات النفط أن يكون قائد فصيل فلسطيني؟
في سياق تنظيف وطننا، كيف يمكن أن يكون في لبنان مثلا من تأتيه تعليمات يومية من الرياض؟
والمهم من كل هذا والأكثر استراتيجية وبلا كلفة: في سياق تنظيف صفوفنا لا بد أن لا ناكل سموم منتجات الثورة المضادة، من منتجات الكيان وحتى تركيا وأمريكا. هم طالموا نلتهم بضائعهم الغذائية والفكرية…لن يقلقوا.
إن قوتهم في تهاوننا.