عادل سمارة
في كل صباح وعلى حافة كل نوم علينا أن نتذكر أن المعارضة العراقية عادت على دبابات العدو وتسلمت السلطة وفتكت بالبلد اكثر من العدو ولا تزال ترتبط به بحبل سُري. وأخطر منها من رقصوا لاحتلال العراق في كل الوطن العربي فقط ليثبتوا للعدو أي الولايات المتحدة أنهم موالين له.
خليط المعارضة السورية يكاد يخلو من وطني واحد. كل معارض مرتبط ومرهون بدولة عربية تابعة أو دولة ذات مصالح ومعادية. تكاد هذه المعارضة تكون إبنة سوق يمر بها من يرغب.
وتكاد تقول جميعها كل يوم:لا يهمني الوطن، هدفي أن أحكم وتحت سيطرة من يوصلني للحكم.
وإذا كان بلاء العراق في ارتباط معارضته بأنظمة ومخابرات ربما لا تكاد تزيد عن قبضة يد، فالمعارضة السورية بعديد انظمة العالم وحتى أحزابه ومخابراته بالطبع.
وإذا كان حكم المعارضة العراقية قد حول خصومها من النظام السابق إلى متسابقين معها على الولاء للأمريكي وحتى لأنظمة الريع النفطي، في أحط اشكال ردة الفعل الطائفي الذي ليس عسف الحكام سوى السبب الأخير ورائه، فإن حكم المعارضة السورية قد يعلن تل ابيب عاصمة سوريا بل الوطن العربي. لقد علمتنا تجربة لبنان ثم العراق بأن العقل الطائفي هو الأخطر. بل إن اي عقل غير طبقي هو انتحاري في النهاية. والعقل الطائفي منقسم إلى فئتين:
· الفئة العليا طبقية تستخدم الطائفية لامتطاء
· الفئة الدنيا التي هي بين السذاجة والقطيعية.
تماماً كما هو العقل البرجوازي في عالم راس المال حيث الفئة العليا طبقية بامتياز، ولكنها تبيع الطبقات الشعبية الشحن القومي والوطني.
هذا السؤال لا يهدف مسحا تاريخيا لوقائع واقعات ووقعات المعارضة السورية، بل اكتفي ببعض ما يبرهن ويوثق صحة تشاؤمي هذا.
واحد: في خبر على شاشة الميادين سمعت سيد اللعثمة في الموقف والوطنية وحتى النطق حسن عبد العظيم يقول، سنذهب إلى مؤتمر المعارضة في المملكة العربية السعودية أو القاهرة أو موسكو أو أي مكان. أي مكان يبقى؟ هل هو تل ابيب مثلا، لا تاكيدا طبعاُ لذا اسمحوا لي أن اسميه:مجرد مثال.
والسيد هذا يعلم، بل كل العالم يعلم أن معظم الرصاص الذي قتل أعدادا لا تحصى من الشعب العربي السوري هو بفلوس السعودية. يكفي ما قاله السيد ريتشارد بلاك في نفس اليوم (أمس 17 تشرين ثاني 2015) بأن امريكا وفرنسا سطتا على مخازن الأسلحة في ليبيا بتمويل سعودي وقطري وباستقبال تركي ومن ثم إدخالها إلى سوريا. وبالطبع كانت تركيا تنقل السلاح على ظهور الجمال والنياق السعودية والقطرية الطائرة بينما عمرو موسى يدعو الغرب للإييغال في الدم الليبي وكثير من قوى المقاومة تعزف لجريمة تدمير ليبيا لحن “نهش القذافي”. اين نحن من متطلبات المرحلة.
وحديث “االناصري” عبد العظيم يعني أن السعودية تقود:
· المعارضة السياسية السورية في دمشق ومختلف عواصم الأعداء والمتواطئين
· والمعارضة المسلحة الإرهابية في الأرض السورية.
وهذا ينفي زعم هذا وأمثاله بأنهم ضد استدعاء التدخل العسكري الأجنبي في سوريا! وإذا لم تكن السعودية في حرب هائلة ضد سوريا، فهل هي الصومال التي تقاتل سوريا! بل إن هذه المعارضة على تتنسيق تام، مما يكشف خبث ما تسمى هيئات التنسيق. لا شك أن هذا وصل السعودية كثيرا، لكن الوصول القادم ننصحه أن يسأل أين هو متحف وارشيف مؤامرات السعودية لقتل عبد الناصر وتصفية مصر ليتعرى هناك من مزاعمه الناصرية. وطبعا لا حاجة للتذكير بالنشوة التي اعترت وجه هيثم مناع على شاشة المنار وهو يؤكد بانهم ، اي المعارضة السورية، تم استدعائهم من عزمي بشارة إلى الدوحة. وما أكثر من يستدعيهم عزمي بشارة اليوم.
إثنين: رغم احترامنا وتقديرنا للدور الروسي في سوريا ممثلا في السوخوي، إلا أننا نختلف عن موقف وظرف القيادة السورية من هذا الدور. فما تتعرض له سوريا من عدوان عشرات الأنظمة بجيوش مزدوجة، نظامية وغوارية، تجبر سوريا على مرونات ما وعلى ابتلاع سموم ما. ولكننا نرى أن الاتحاد الروسي قد أسس لإدخال معارضين سوريين تحت مظلة الوطن وهم ليسوا كذلك ابداً. ولا شك ان هذا هو توسيع لحصة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في اية حكومة سورية مقبلة عبر السعودية. وعليه، فإن الاتحاد الروسي لم يرتفع في تحالفه مع سوريا إلى درجة تحالف الولايات المتحدة كعدوة للشعوب مع المعارضات السورية والكيان الصهيوني طبعا. فالعداء من الولايات المتحدة مخيف لأنه منهجي. وإذا كان عزمي بشارة في مؤتمر رعاياه الأخير قد غمز من قامة الاتحاد السوفييتي بقوله “روسيا ليست كالاتحاد السوفييتي صديق الشعوب”، فإننا نؤكد أن روسيا اليوم تحمل نفس جينات التردد السوفييتي في اتخاذ موقف حاد من أعداء الشعوب. وإذا كانت الأنظمة حذرة في نقد الحليف، فإن المواطن حر في التفكير والقول والتحذير من القوى العظمى.
ثلاثة: في الإعلام والخطاب: بنفس حماسته في كل كلمته قال السيد بن جدو بان قناة الميادين قناة لبرالية. هو حر وطليق في هذا. ولكن ما يحتاجه الوطن العربي ليس لبراليا على الإطلاق. بل يحتاج قنوات مقاوِمة وعروبية بمفهوم الوحدة والتحرر والاشتراكية وليس الرأسمالية. واللبرالية عدوة كل هذا. واللبرالية غير الديمقراطية بالطبع. اللبرالية موقف فكري سياسي عقائدي طبقي اساسه ومرده ووفاته في الغرب الراسمالي. اما الديمقراطية فهي موقف يكون لبراليا هنا ويكون اشتراكيا هناك. اللبرالية لا تكون إلا عدوة للشعوب ولبراليوا المحيط وخاصة العرب والفلسطينيين عملاء للمركز.
شاهد إيراد هذه الملاحظة، ما ورد في برنامج السيد كليب لعبة الأمم، عن تعريف وتاريخ الإرهاب حيث اصر بعضهم على نسب الإرهاب لما اسموه أنظمة الاستبداد وخاصة السيد سام… الذي أتحفنا بان سوريا ليست ذات أهمية للولايات المتحدة! لا يقول هذا سوى لبرالي. وسيدة معارضة منى… التي تلقفت نسب سام الإرهاب لأنظمة الاستبداد. وبالطبع في الوطن العربي، الاستبداد في الأنظمة الجمهورية فيكون نظير ذلك أنظمة الديمقراطية في الدوحة والرياض والكويت وكل خليج النفط. لعل أخطر خطاب هو نقد الاستبداد دون الإرهاب وخاصة اساسه وإدارته الغربية الراسمالية. وبهذا يبدو الصراع في سوريا داخلي طائفي وأن مؤسس ومؤسسة الإرهاب الأمريكو-اوروبية هي البراءة بعينها.
الخطاب اللبرالي شديد الحرص على تعويم جذور الإرهاب اي منبته في الغرب الرأسمالي. لذا حُصر في تلك الحلقة الإرهاب إما في انظمة ما اسموه الاستبداد ولم يتعدى الكيان الصهيوني كما قال السيد وسيم بزي، واستغرب لماذا لم يُكمل إلى الغرب، فربما ضغط الوقت وغضبه من الرسالة التي قدمها السيد سام حيث بدا مبرمجا تماما. فقط قناة لبرالية تسمح بمرور تعريف الاستبداد دون رده إلى اساسه الراسمالي الغربي بمراحل رأس المال هذا (الاستعمار فالإمبريالية فالعولمة). وبوضوح، ليس الأمر أن يحتل لبرالي بعض وقت مؤسسة إعلامية، بل الأمر أن لا يتم الرد على جوهر مهمته الخطرة.
خلاصة القول بأن المعارضة السورية ذاهبة إلى جلب الاحتلال الوهابي لسوريا. وإذا كان الغرب الراسمالي سيطر على العالم بتفوقه الصناعي المدني وتصديره بالقوة العسكرية خاصة وهو ما بزل له الثروة بالطبع واستغل العمال اليدويين والذهنيين فكان لها ما كان. فإن مصالح الإمبريالية، والانحطاط الرسمي المعولم، والطابور السادس الثقافي من العرب وغير العرب يسمح لحكام النفط أن يحتلوا سوريا بالمال واستعباد التربة والمرأة معاً.