عادل سمارة
هناك توقعات كثيرة لأشكال الرد الروسي على تركيا. وفي معظمها صحيحة وفي بعضها تسيطر الحماسة. لكن اسوأها هي التوقعات التي تفتخر بدور روسيا دون أن تنقد التفكك والخراب والاحتراب والتبعية العربية. ذلك لأن ما نريده أن نكون فاعلين لا أن نكون باحثين عن حماية. هنا اقصد الوطن العربي وليس سوريا. بل وأقصد الحكام وجنودهم الذين يحاربون الأمة العربية لصالح الامبريالية ولصالح تركيا كذلك وخاصة الدويلات التي لا جند لها فتشتري مرتزقة الجريمة من أربعة أرجاء الأرض لقتال الشعب العربي في سوريا واليمن والعراق.
هناك جانب قد يكون أثره أطول من المدى اللحظي وأقصر أو اسرع من المدى المتوسط وهو أن جزءا كبيرا من صادرات تركيا إلى روسيا هي إنتاج مصانع راسمال بشكل خاص من أوروبا الغربية حيث الأجور في تركيا وشروط العمل أقل مقدارا وكلفة من الأجور في أوروبا نفسها. وعليه، فإن التحول السوقي الروسي إلى إيران أو اي بلد آخر هو ضغط او ضربة اقتصادية ليس لتركيا وحدها بل للأوروبيين الذين يعانون اساساً من الخضوع للضغط الأمريكي لكي يعاندوا او يقاطعوا روسيا في مشروع الحصار ما بعد أوكرانيا.
لماذا اسمي ذلك مؤخرة تركيا؟ لأن تركيا أدارت وجهها للغرب فرفضها ثقافيا وحضاريا وألقمها استثمارات ، فأدارت وجهها القبيح إلى الوطن العربي.
وطبعا في الاقتصاد لا تصلح التمنيات بل الحسابات، ولكن لو كان الشارع العربي على وعي وشعور وذاكرة سليمة غير مشوهة بالاستعمار التركي ومن ثم توقف عن استهلاك بضائع تركيا كعدو، حينها نكون قد ارتقينا إلى حليف لروسيا يحترم نفسه، وليس إلى منبطح ينتظر من يرفعه عن الأرض.
ماذا يتطلب هذا؟ مقاطعة منتجات العدو هي ربح صاف، فهي تكلفه هو ولا تكلف المشتري. أو كما كتبت روزا لكسمبورغ ذات يوم عن المستعمِر: بوسعك أن تجبرني على العمل في المنجم ولكن ليس بوسعك إرغامي على شراء منتجاتك.