هل يحرّر الجيش السوري مدينة الرقة؟

ثريا عاصي

تخلّل نبأ تحرير مدينة سنجار الأيزيدية في العراق أخبار التفجيرات الإرهابية في باريس ومصر وبيروت، بالتلازم مع تكثيف الغارات الروسية والفرنسية على مواقع «داعش» في مدينة الرقة السورية. كأن مدينة سنجار مفترق طرق نحو اتجاهات ثلاثة على الأقل. اتجاه أدّى إلى صعود «داعش»، التي استطاعت دون أن تعترضها عوائق جديّة، إقصاء سكان سنجار عن مدينتهم مستخدمة أساليب الاستعمار الاستيطاني المعروفة جيداً، ومن إحكام قبضتها على مدينة الموصل. كادت «داعش» أن تسيطر أيضاً على مدينة أربيل، عاصمة الزعيم الكردي مسعود البرزاني، لولا مساعدات تلقّتها قوات هذا الأخير من جهات خارجية من ضمنها إيران، كما أُشير إلى ذلك في حينه في تسريبات إعلامية أو دعائية.
أمّا الاتجاه الثاني فإنّي أعتقد أنه سيوصل «داعش» إلى سجن كمثل السجون السرية والعلنية التي أنشأها الأميركيون وأعوانهم في أوروبا، نقضاً للمقولة «افتح مدرسة تغلق سجناً». سجن برجام في أفغانستان، أبو غريب في العراق، غوانتنامو! هذا في العلن، أمّا في السر فلقد تناهى إلى العلم أيضاً عن وجود معتقلات عائمة في البحر، وعن أخرى متنقّلة جواً بين المطارات! يحسن التذكير هنا بأن ّدولاً عربية منها مصر وسوريا والأردن توكّلت من جانب الولايات المتحدة الأميركية، ببعض السجناء استجواباً وتعذيباً! ألم يكن الشعار آنذاك «نحن أميركيون». يبدو أنّ «داعش» بدأت تنحو نحو نهايتها. إنّه سلوك غريزي، حتمي، مقدّر ! أو قل إنّ «داعش» كمثل القاعدة، متأتية من داخل المجتمع الذي تظهر فيه، بما هي دليل على الانحلال والتفكك.
الاتجاه الثالث! بعد «داعش» الطوفان، الدمار والفرقة! إذا نظرنا إلى خريطة المناطق العراقية – السورية الممتدة من أربيل شرقاً إلى الرقة غرباً، نلاحظ أنّ المسافة بين مدينة سنجار العراقية وبين الحدود السورية هي أقل من المسافة بين مدينة أربيل وبين سنجار، هذا من ناحية، أما من ناحية ثانية فإنّ مدينة الموصل، عاصمة أبو بكر البغدادي هي أقرب إلى أربيل، عاصمة البرزاني، من سنجار!
بناءً عليه، أي على ظاهر الأمور، أتساءل بسذاجة، من أين جاءت القوات التي طردت «داعش» من سنجار وإلى أين لجأ المطرودون؟ لماذا قصدت هذه القوات مدينة سنجار مباشرة، فتجنّبت مدينة الموصل الأقرب، التي تقع في منتصف الطريق إلى سنجار؟ ولماذا سمحت «داعش» التي تسيطر على الموصل، بمرور قوات ذاهبة لمقاتلتها في سنجار؟
من البديهي أنّ الباحث عن إجابات على أسئلة ساذجة هو كطالب بيض الأنوق . ما يزيد في عبثية المشهد هو أنّ القوات الكردية البرزانية، بحسب وسائل الإعلام الغربية، تضمّ في صفوفها خبراء عسكريين أوروبيين، يقومون بالتدريب والتجهيز والتوجيه والقيادة، بالإضافة إلى أنّ تحرير سنجار تمّ تحت تغطية جوية من طيران التحالف ضدّ «داعش» الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية ويشارك فيه بعض العرب!
أوصلتني مداورة هذه الأمور جميعاً في الذهن إلى فرضية مفادها باختصار وصراحة، أنّ سنجار تحرّرت عندما انتهى الأميركيون والأوربيون من إعداد قوات كردية لهذه الغاية، وأنّ الموصل تنتظر في أغلب الظنّ أن يفرغ الأميركيون والأوروبيون أنفسهم، من تجنيد أو «تدوير» قوات ملائمة لتحرير الموصل.
أخيراً أسأل، لماذا لا يدخل الجيش السوري إلى الرقة وإلى مدن سورية أخرى رغم أنّ «الغارات الجوية» أضعفت قدرات الإرهابيين العسكرية؟

:::::

“الديار”، بيروت

http://www.addiyar.com/