العثمانيّون الجدد وأبناء آل سعود

ثريا عاصي

أكتب هذا النص بمناسبة صدور بيان عن آل سعود يعلنون فيه أنهم شكّلوا تحالفاً عسكرياً جديداً عالمياً، ضدّ الإرهاب! لم أعثر في البيان المذكور على إشارة إلى التحالف الذي يقوده السعوديون ضدّ الإرهاب في اليمن، ولا إلى تحالف آخر ضدّ الإرهاب في سوريا والعراق، ممثّلاً بـ «داعش»، يشارك فيه السعوديون خلف الولايات المتحدة الأميركية وأعوانها الأوروبيين. ينبني عليه أنّنا في المنطقة العربية، حيال ثلاثة أحلاف ضدّ الإرهاب، اثنان منها يتزعّمهما السعوديون.
يضمّ التحالف السعودي الجديد خمساً وثلاثين دولة. عشر دول إسلامية لم تتّخذ بعد قراراً بالالتحاق أو لا بهذا التحالف. أربع دول، لم تُدعَ أو أنّها رفضت أن تكون في عِداد هذا التجمّع السعودي، هم العراق، سوريا، إيران، وعمان. يحسن التذكير هنا بأنّ سبعاً وخمسين دولة يشاركون في المؤتمر الإسلامي .
مُجمل القول إنّ آل سعود يواصلون سياستهم الهجومية على أكثر من جبهة؛ فهم أعلنوا حرباً على الإيرانيين ولكن في اليمن، وحرباً ثانية على العروبة في سوريا. الآن هم يعلنون حرباً «إسلامية» على الإرهاب! هذا يعني ضمنياً أنّ آل سعود هم «أولياء أمر المسلمين». ينجم عنه أنّ لهم الأحقية في تمثيل المسلمين وقيادتهم، وبالتالي فمن افترق عن شرح وفهم الإسلام بحسب الوهابية ـ الحنبلية التي يتبعها آل سعود، هو مرتدّ في نظرهم. أغلب الظنّ أنهم يدبّرون لإحداث شرخ في المنطقة العربية، على أساس ديني.
هذه في الحقيقة مسألة فقهية دينية، لا تهمّني كثيراً، ولست من هواة السِّجال فيها. فما أودّ قوله بصدد الإعلان عن التحالف العسكري السعودي الثالث ضدّ الإرهاب، هو أنّ هذا الأخير جـُمِع على الأرجح على عجل. 72 ساعة كانت كافية لكي تتّفق 35 دولة على أن تشكّل حلفاً عسكرياً إسلامياً بينها بقصد محاربة الإرهاب. يحق لنا أن نفترض أنّ الحاجة إلى مثل هذا الحلف طارئة جداً، وأنّ أمام هذا الحلف العسكري الإسلامي مهمّات عاجلة في ميدان الحرب ضدّ الإرهاب، ولكن أين يقع هذا الميدان؟
ليس مستبعداً، بحســب رأيي، أن يكون هذا التحالف مُقتصِراً في الواقع على دول الخليج وتركيا، وأن يكون البيان الذي أعلنه ولدُ ملك آل سعود، لا يعدو خداع ألفاظ . فمـن المحتمل أنّ دولة بنين الأفريقية، لا تعلم عن حلف آل سعود العسكري الثالت أكثر من علمي عنه! أمّا عن الميدان، فمن البديهي أنّه نفس الميدان الذي تحتلّه «داعش»، التي قال نائب الرئيس الأميركي إنّها ولدت من رحم التزاوج التركي – الخليجي .
بكلامٍ صريح وواضح، أعتقد أنّ الحلف السعودي الجديد هو تغطية، أو تمويه، إسلامي، لعمليات عسكرية وشيكة، خليجية تركية لاحتلال المناطق التي كانت تقع تحت سيطرة «داعش» في العراق، وفي منطقة الجزيرة السورية.
خلاصة القول، إنّ استعدادات عسكرية خليجية ـ تركية تجري لتسلم مناطق «داعش»، ربما يكون تدوير «قوات» داعش قد أُنجز، وبالتالي ستبقى هذه القوات حيث هي، ولكن بعد اسبتدال راية «داعش» السوداء براية آل سعود الخضراء اللون!
من المعلوم أنّ هذه الاستعدادات تجري بالتلازم مع مباحثات تدور في موسكو بين وزيري خارجية الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي، هذا من جهة، أما من جهة ثانية، فإنّ القوات التركية كما هو معروف، تُرابط منذ أسبوع في الأراضي العراقية، بالإضافة إلى محاولاتها المتكررة إعاقة حركة القوات الروسية بين البحر الأسود والبحر المتوسط .
من الطبيعي أن لا يقبل آل سعود أن يشارك الجيش العربي السـوري في استعادة منطقة الجزيرة السورية، لأنّ هذا الجيش هو عربي وسوري، ولكن السؤال الحقيقي هو هل يقبل الجيش العربي السوري بأن تطأ جيوش أردوغان وآل سعود وآل ثاني أرض سورية!

:::::

“الديار”، بيروت

http://www.addiyar.com/