تحالف إسلامي أم تطبيع وعولمة الريع والإرهاب؟

عادل سمارة

تنتقل عائلة آل سعود من شراء إرهابيين إلى شراء حكامً ولو ان الكلفة أعلى. حينما كتبت الصحيفة البريطانية فايننشال تايمز بأن كلفة كل إرهابي ضد سوريا 50 ألف دولار، بدا الخبر خيالياً، لكنه حقيقي. وقد لا يتخيل البعض أن هذه الفلوس تصب في النهاية في جيوب حكام الدول التي تصدر للإرهاب كل شيء بما في ذلك أجساد الإرهابيين لأنها ايضا تزج بمن فيها من إرهابيين إلى سوريا والعراق.

هذا المشروع الاقتصادي للإرهاب يذكرنا بكتاب “اعترافات قاتل اقتصادي” لعميل الشركات الأمريكية جون بيركنز حينما قرر بعض التوبة، حيث شرح كيف قامت الولايات المتحدة باستعادة ما تراكم لدى السعودية من ريع النفط إثر ارتفاع سعره عام 1973 بإيداع الأموال في الولايات المتحدة لتقوم شركاتها بمشاريع عمرانية في السعودية وهذا ما حصل، وحينما تدهورت اسعار النفط مع بداية التسعينات عجز الاقتصاد السعودي ليعود وينتفخ بعدها.

بكلام آخر، الاقتصاد السعودي أشبه بحالة كلب يُتخمه صاحبه أحيانا حينما تموت لديه بعض النعاج فينتفخ وينبح، ويجوعه حينا آخر في متوالية لا تتوقف.

أما موقع الولايات المتحدة في هذا المشروع الدموي، فهو قيامها بنقل مشروع النهب بالعمران إلى مشروع النهب بالإرهاب وهذه المرة باسم الإسلام.وحيث عجزت عن استسلام اليمن، وتحقيق اليمنيين اختراقات في اراضيها المحتلة من السعودية (نجران وجيزان وعسير) فهي تحاول تشغيل فوائض السعودية في أمرين:

· رشوة حكام شخصيا، ومساعدة الأنظمة المشاركة في التحالف الإسلامي لإدارة عجوزاتها الاقتصادية عبر تمويلها للمشاركة في حرب على سوريا، قد لا تحصل بالضرورة، وبالتالي تساهم في تثبيت هذه الكوابيس على الشعوب تماما كما فعلت اثناء الطفرة النفطية حيث مولت دول الفائض النفطي دول العجز كي لا تسقط. وربما هذا مهم الآن على ضوء الأزمة المالية الاقتصادية العالمية . فلماذا لا تقوم الولايات المتحدة والغرب بتمويل عجز توابعها على حساب النفط العربي؟

· تشكيل جيش إرهاب معولم ضد حركات التحرر الوطني والمقاومة في أي مكان في العالم لتحل محل الجيش الأمريكي الذي انكمش ليبقى ضمن أرض بلاده.

وبما أن أكثر من يستخدم مصطلح الإرهاب هو الكيان الصهيوني في وصف المقاومة، فمن الطبيعي تمرير هذا التحالف للتطبيع مع الكيان الصهيوني بضمه العلني إلى هذا التحالف. وبما هو تحالف إسلامي ولو إسماً، فربما تتم صياغة فتوى تآخي الأديان ضد الإرهاب، فيكون الدين الأقدم هو القيادي في ذلك التحالف!

لعل الخطر الأشد من هذا التحالف هو في قدراته الحقيقية على تقويض الإسلام. فهو طائفي بوضوح من جهة، وصياغة امريكية  بل إمبريالية من جهة أخرى على طريقة الأحلاف القديمة حلف بغداد بقيادة بريطانيا  مثلاً في خمسينات القرن الماضي، وبالتالي هو تحالف طائفي إمبريالي ضد عرب ومسلمين وضد شعوب أخرى في العالم مما يزيد من قناعات الكثيرين في العالم بأن الإسلام هو إرهاب بلا مواربة، وبانه راس حربة الثورة المضادة.

وهنا بوسعنا القول بأن هذا التحالف هو أحد تطبيقات الاستشراق الإرهابي بما هو احدث صناعات الثورة المضادة. أي بكلام آخر، يصبح الإسلام هو عقيدة وجيش أرضي للثورة المضادة، وتبقى الولايات المتحدة العقل والقيادة الجوية والبحرية لهذا الجيش، ويكون على “إسرائيل” السلام وفي “المستوطنين المسرَّة” لأن العرب والمسلمين مرتاحون لوجودها ودورها، متحاربين ضد بعضهم البعض ويحاربون كافة الأمم الفقيرة باسم الإرهاب.

لذا توقعوا مثلا أن يتم العدوان على بلد فيه نقابة عمال تطالب بتحسين الأجور.

أما المضحك: فهل يمكن للمشاركين في هذا التحالف سواء الحكام أم مفكريهم من الطابور السادس الثقافي  أن يحلوا لنا اللغز التالي: السعودية تدعو لنظام علماني في سوريا. كيف يستقيم هذا مع تحالف إسلامي وهابي تقوده السعودية وهي تعتبر العلمانية كفراً؟