القنطار شهيدا عروبيا بجدارة

د. ديمة امين

سمير القنطار مقاوما اسيرا محررا و شهيدا

من الابطال الكبار الذين لا يدخلون التاريخ و لا يخرجون من الجغرافيا اللا كبارا

هكذا وصفه انصار المقاومة في كل مكان

اصاب استشهاده صميم القلب

لبناني المولد و فدائي و اسير في فلسطين و شهيد في سوريا

تجاوز هويته الطائفية التي لعب عليها العدو و اعوانه ليخرجها من معادلة الوطن

فلسطين نعته كمقاوم و اسير في سبيلها

ولبنان عرفته مشرفا لجبل العرب حيث احيا سلطان باشا الاطرش حربا ضد المستعمر الفرنسي بايوائه بطل مقاومة جبل عامل ادهم خنجر

هذا الجبل الممتد جغرافيا ووطنيا على سوريا و لبنان و فلسطين

كان مشروع شهادة منذ نعومة اظفاره

حمل السلاح و هو في الخامسة عشر بالتحاقه بالمقاومة الفلسطينية ليشارك وهو في السابعة عشر بعملية فدائية مع رفاق له استشهد البعض و اسر الباقي فكان من بين من اسروا جريحا

حكم باكثر من خمسمئة عام قضى منها سبع و عشرين عاما قضاها شامخا عنيدا امام عنجهية سجاني العدو والذي كان قد تحدى سمير باانه لم يخلق الله رجلا يطلقه من سجونهم اللا ان السيد حسن نصرالله اثبت لهم العكس و اطلقه ممرغا انوفهم بالارض

خرج القنطار ليجدد عهده للمقاومه و التحق في صفوف حزب الله ليبدأ في وضع احجار الاساس للمقاومه الشعبية في الجولان المحتل

مع رفاق له تعرض بعضهم للاغتيال

انطلق العمل المقاوم من بلدة الحضر و شمال القنيطرة لتصنع معالما لها باطلاق الصواريخ

و زرع العبوات الناسفه مما بدأ بتحويل الجولان المحتل الى جبهة استنزاف للعدو و عائقا امام الجماعات الارهابيه المسلحة للسيطرة على هذه المنطقه الحدودية مما افشل المخطط المرسوم من قبل العدو للشريط الحدودي بتحويله الى منطقة آمنة

وصف القنطار الجولان المحتل بتربة خصبة للمقاومة لكن صعبة جغرافيا و فيما بدأت بصماته و رفاقه تظهر على الساحة كان العدو قد اتخذ قراره بتصفية المقاومة في نهاية ٢٠١٤

تتالت الاغتيالات تباعا منذ ذلك الحين بحيث اعتمد العدو فيها على اختراقه للحالة المدنية في المنطقة بفعل الكثير من الخلايا النائمه التابعه للجماعات المسلحة العميله

ابتداءا باغتيال مساعد القنطار ابو عياد في ١٧/٦/٢٠١٤ اثناء نقله صواريخ كاتيوشا على طريق القنيطره مرورا باغتيال عدد من ضباط المقاومه بقصف موكب لهم بينهم جهاد مغنية و قائد ميداني ايراني

لحق ذلك قصف مجموعة مقاومين اثناء محاولة زرع عبوات ناسفه في الجولان المحتل ثم استهداف سيارة تقل مقاومين في تموز ٢٠١٥

وانتهاءا باغتيال القنطار و مساعده ابو شهاب قائد الدفاع الوطني في الجولان

اغتيال القنطار جاء باطلاق صواريج جو ارض طويلة المدى من مروحيات صهيونية اثناء تحليقها فوق منطقة طبريا حيث اصابت بناية من خمس طوابق ادت الى انهيار الجهة الجنوبية بالكامل حيث يسكن ابو شهاب و كان معه مرافقه و سمير القنطار

القنطار لم يكن في جرمانا طوال الشهرين الماضيين و دخل سوريا من لبنان يوم الجمعه ليتم استهدافه ليلة التاسع عشر من كانون الاول

اعتبرت منطقة جرمانا في ضواحي دمشق الساحة الخلفية للعمل المقاوم في الجولان المحتل للقنطار و رفاقه اللا انها مزدحكة السكان و مخترقه اجتماعيا بسبب عمل المجموعات المسلحة في المنطقة

شكل القنطار نموذج مقاومة استثنائي و علامة فارقة في في النضال ضد الكيان الصهيوني

اما اغتياله فليس سوى استكمالا لنهج هذا الكيان القائم على التصفيات الجسدية

اللا انه لم يغلق الحساب كما اعلن العدو وانما فتحه مجددا لسبب وجيه وهو ان  اغتياله له رمزية مختلفه عن اي مقاوم آخر والرد على ذلك يحمل دلالات خاصة

فالقنطار عمل على انشاء بنى تحتية و خلايا مقاومة ضد العدو على امتداد جبهات المواجهة لذلك كان اغتيال القنطار حاجة اسرائيلية حتى لو لم يكن منخرط باي نشاط ميداني

من هنا رد المقاومة هو رفض للتفاهم على قواعد الاشتباك و انما فرض هذه القواعد على العدو تبعا لما تمليه دروس تاريخ الصراع

و في سياق تحليل رد حزب الله على اغتيال القنطار فلا بد هنا من التنويه بان معادلة المواجهة مع حزب الله من قبل العدو انقلبت

فقبل الحرب السورية كان ينظر الى المواجهة في لبنان لتمتد الى سوريا اما الان فان المواجهة في سوريا قد تمتد الى مواجهة مع حزب الله

لذلك يعلم كل من الطرفين ان اغتيال القنطار لن يشعل حربا و لكنه جزء من سلسلة احداث متدحرجة لتصل الى مواجهة واسعه فيما بعد

فاغتيال القنطار ليس سوى جزء من الاحداث المشكلة للمواجهة بين محور المقاومة و العدو الصهيوني ابتداءا من القنيطرة الى ريف حلب   الى العراق مما يؤكد ان معطيات عسكرية ميدانية بطيئة تنجزها المقاومة هي التي تحدد ميزان القوى الحقيقي في الصراع العربي الصهيوني

خلاصة الحديث ان مسار مشروع المقاومة واضح بالنسبة للمواجهة الحقيقية و النهائية مع العدو من هنا فان اغتيال القنطار فتح حساب و ليس اغلاق له

شكل الاغتيال فرصة للمشككين في الدور الروسي في سوريا ليبثوا مواقفهم و المبالغه فيما هو مطلوب من الروس عسكريا مع العلم ان الاغتيال جاء بدون اختراق للاجواء السورية كم  ان عشرات السنين من التطوير العسكري الصهيوني لم تحمي الكيان من اختراق طائرات حزب الله بدون طيار  المجال الجوي لفلسطين المحتلة

و بالتحليل من جانب العدو فان اغتيال القنطار هو فرصة لن يبددها العدو وان تطلب ذلك المواجهة المحتملة والتي قد يشكل الزحف البطئ لها   مطلبا صهيونيا بعد الاتفاق النووي الايراني لما سببه ذلك من فرض للتسويات في المنطقه و فرض دفع الثمن لمن لا يدخلها او لا يجد مكانا له بها

فاسرائيل تحتاج الى المواجهة لتحصل على مكان ما في التسوية من خلال صنع تطور دراماتيكي يضمن لها هذا

من جهة اخرى فان المواجهة تبدو الخيار الوحيد للعدو بعد ان خسر حلفائه الاقليميين

فالحليف السعودي هزم و على وشك الدخول في تسوية حول اليمن ، و خسارته في سوريا بوضع النصرة على قائمة الارهاب و فشل مشروع الحزام الامني في جنوب سوريا و فشلها في الدخول كطرف تسوية سياسي سوري و الحليف التركي يخسر اوراقه في سوريا و العراق بسبب الوجود الروسي مع العلم ان عقود الغاز و النفط بين البلدين مشروطة بقدرة كل منهما على ابقاء حزب الله بعيدا عن الطرق البحريه اللبنانيه المتعلقه بهذه الاتفاقيات

واخيرا فان اسرائيل جزء من تبلور موقف امريكي سعودي لتبني موقف عدائي من حزب الله لاضعافه و تحجيمه في حال فشل القضاء عليه في سبيل تحسين شروط التسوية والجدير بالذكر هنا ان العدو يدرك ان تفاهما امريكيا روسيا حول تسوية سياسية في سوريا يضعه امام حلف سوري ايراني لبناني في مواجهة عسكرية حتميه مما يضع خيارا للعدو باصطناع حرب استباقية و تحمل تبعاتها للحصول على قرار اممي لصالحه اقليميا.