هل هذه حقيقة ربيع ليبيا

محمود فنون

 وثائق أمريكية رُفعت عنها السرية … تكشف السبب الحقيقي لتخلص الناتو من القذافي

تعاني ليبيا حاليا من حالة تقسيم واقعي لأراضيها من قبل تكوينات سياسية متصارعة نشأت وصيغت في ظل تدخل الناتو عسكريا بالحرب على ليبيا. فما أن انطلق الحراك الشعبي المتذمر حتى سارعت القوى الإستعمارية لتنظيم الثورة المضادة وتسليحها متماهية في البداية مع الجماهير .

ولكن دول التدخل شكلت للحراك قيادة على المقاس باسم المجلس الوطني الليبي لتستولي الثورة المضادة على الحراك وتسير به مسارا آخر .وبالتالي تم القضاء على امكانيات حراك يستهدف تحسين وضع ليبيا.وهذا خشية من تقدم الثورة أولا ومن أجل تحقيق الأهداف الإستعمارية ثانيا .

فدول التدخل ومن خلال قطر وتركيا نظمت وسلحت جيش الثورة المضادة الذي انطلق من بني غازي ليسيطر على الأرض بعد قيام قوات الناتو بقصف ليبيا قصفا تدميريا زعزع الجيش ونسف وخرب البنية التحتية الليبية كما فتت الحالة المجتمعية وأشاع الخراب .

إن الخسائر البشرية في حينه فاقت خمسة وخمسون الف إنسان . كما تقتضي حماية المدنيين وفق السياسة الإستعمارية التي نفذها الناتو  من الجو وعملاؤه على الأرض .

وكانت كل من قطر وتركيا فرحتان بالنتيجة حيث قتل القذافي وانحل الجيش الليبي وتمزقت الدولة الليبية وتبعثرت الثروة النفطية هنا وهناك وتشكلت الإمارات الإسلامية التي تستهدف نشر الإسلام في ليبيا .

كان التعبير الإسلام السياسي الأبرز على لسان شيخ النفط القرضاوي الذي يحمل هوية رئيس العلماء المسلمين  وناطقا مؤيدا لجماعة الإخوان المسلمين حيث أعلن مرارا وتكرارا تأييده لتدخل الناتو في ليبيا وشكر أمريكا لتدخلها في سوريا وطالبها بالمزيد  .

آلية التدخل والقصف كانت كما يلي : بعد انطلاقة الحراك الشعبي في بني غازي في ليبيا ، تم تشكيل المجلس الوطني الليبي من الشخصيات التقليدية المرتبطة بالأجنبي وبدعم قطري تركي ، وقام المجلس على الفور بطلب التدخل الأجنبي ، وقامت الجامعة العربية بتأييد الطلب واستجابت أمريكا والناتو وهكذا بدأ قصف الناتو من الجو وتنظيم  وتسليح  العصابات ودعم قطري تركي باشراف امريكي على الأرض .

كانت هذه الحرب على ليبيا من أجل حماية المدنيين كما زعم الناتو وأعوانه .

ولكن مصالح الغرب الإستعماري هي التي كانت الدافع  لهذه الحرب .

“أمد واشنطن :تم رفع السرية -بموجب القانون- عن عدد كبير من الوثائق التي كانت مدرجة تحت تصنيف “سري” من بينها حوالي 3000 إيميل من مراسلات وزيرة الخارجية السابقة “هيلاري كلينتون” (مصدر)

يقول الإيميل الذي رفعت عنه السرية مؤخراً :

” ليبيا كانت قد جمعت كميات هائلة من الذهب و كانت تعدها لإنشاء عملة أفريقية مبنية على الدينار الليبي الذهبي و ذلك قبل اندلاع الثورة الليبية المسلحة , و كانت تلك العملة ستحل محل الفرنك الفرنسي في أفريقيا , و هو ما عجّل بموافقة “ساركوزي” الرئيس الفرنسي أنذاك على تدخل الجيش الفرنسي في ليبيا و فرض الحظر الجوي

 و تشير الإيميلات إلى أن السبب الثاني لحملة الناتو على ليبيا أيضاً لم يكن حماية المدنيين كما ادعت القوات , بل كان الهدف هو السيطرة على النفط الليبي , لتقويض خطة طويلة الأمد أعدها القذافي لتحويل ليبيا إلى قوة فاعلة في منطقة البحر المتوسط.”

هكذا إذن

هذا هو ربيع ليبيا  حيث تم قتل القذافي وتم قتل ليبيا واقتصادها وتفتيت ونهب ثرواتها تحت عنوان حماية المدنيين من القذافي .فليبيا اليوم في اسوأ أحوالها على كل الصعد بما فيها افتقار السكان لحالة الأمن والإستقرار كما غياب سلطة الحكم المركزية وانتشار الفوضى والدمار .

إن التخريب بمعناه الواسع تخريب البلد وتخريب اقتصادها وتدمير منشآتها وتفتيت تركيبها المجتمعي هذا التخريب هو بحد ذاته هدف من أهداف الهجمة الإستعمارية الجديدة على الأمة العربية والوطن العربي