ثريا عاصي
أصدر مجلس التعاون الخليجي بياناً يعتبر فيه «ميليشيات حزب الله بكافة قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها، منظمة إرهابية». اللافت للنظر أنّ وزراء داخلية الدول العربية الذين عقدوا اجتماعاً في تونس في 2 آذار، وافقوا على البيان المذكور، باستثناء ممثّلي العراق والجزائر وتونس، أي باستثناء من تبقّى من العرب في داخل جامعة الدول العربية . وافق الوزير اللبناني على البيان السعودي، ولكنه تحفظ «مضطرّاً» على «إرهابية حزب الله»، حتى لا تتلاشى المؤسسات الرسمية نهائياً، على حدّ تعبيره . موقف لبنان واضح لا يحتاج ولا يستأهل نقاشاً!
السؤال الذي خطر لي وأنا أقرأ هذا الخبر، هو عن العلاقة التي يمكننا أن نفترضها بين الحكّام في دول مجلس التعاون الخليجي من جهة، وعلى رأسهم آل سعود، وبين الإرهاب من جهة ثانية. بكلام أكثر وضوحاً وصراحة، أعتقد أنّه يتوجّب، بادئ ذي بدء، على المتابع أن يبحث في ذاكرته وفي المراجع التاريخية الجديّة بقصد استخلاص تعريف للإرهاب يلائم هذه «الدول الخليجية» من خلال السياسات التي سار عليها آل سعود منذ أن تأسّست مملكتهم في نجد والحجاز بمساعدة بريطانيا! أمّا بالنسبة «للدول الخليجية» الأخرى، يكفي التذكير بدور قطر في «الربيع العربي»، ونداءات القرضاوي عبر شاشة الجزيرة تحريضاً على القتل العشوائي في سورية، وبصراخ النائب الكويتي الطباطبائي، والإشارة إلى محاضرة نائب الرئيس الأميركي الذي كشف فيها عن الدول التي خلقت وموّلت داعش!
مجمل القول، إنّ الرأي عندي هو أنّ «دول مجلس التعاون الخليجي» هي دول راعية للإرهاب إذا كان الإرهاب فعلاً «أعمالاً عدائية تتنافى مع القِيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية والقوانين الدولية»، كما جاء في تصريح أمين عام المجلس الخليجي المذكور نفسه !
من المؤسف أنّ الدول الاستعمارية التي أنشأت مجلس حكم في العراق، ومجلساً وطنياً في ليبيا، ومجلساً وطنياً في سورية، خصّت هذه الأخيرة وحدها «بمرصد سوري لحقوق الإنسان» مركزه العاصمة البريطانية، فأوكلت إليه مهمّة إحصاء القتلى في سورية جرّاء الحرب التي تتعرّض لها . الغريب أنّ هذه اللفتة «الغربية الإنسانية المتجرّدة» التي حظيَ بها السوريون الموتى دون غيرهم، لم تكن من نصيب العراقيين والليبيين واليمنيين ! من يعرف مجموع القتلى العراقيين أثناء الغزو الأميركي؟ شاهدنا أشرطة مصورة عن سجن «أبو غريب»، وقرأنا عن الفوسفور الأبيض الذي استُخدم في الفلوجة. ما الفرق بين قتلى الفلوجة وقتلى حلبجا؟ لا أحد يسجّل أسماء الموتى عندما يموتون بموافقة الأميركيين والأوروبيين. تجري الأمور في اليمن بحسب الخطة المرسومة. الموت الأميركي موت طبيعي! اضرب بذراع أميركا ولا تخشى العقاب!
ينسى حكّام الدول الخليجية مُعطى ذا أهمية كبيرة في علاقة التبعية بالإمبريالية الأميركية الأوروبية . بمعنى أنّ هذه الإمبريالية وضعت قوانين دولية أعفت نفسها من الالتزام بها، في حين أنّها تفرض على الدول الأخرى التقيّد بها. الولايات المتحدة الاميركية تستطيع معاقبة الروس اقتصادياً، ولكن ليس بإمكانها تطبيق ذلك على إسرائيل أو جلب هذه الأخيرة إلى المساءلة أمام محكمة دولية، هذا من ناحية، أمّا من ناحية ثانية، فإنّ الدول الإمبريالية ترتكب الجرائم الشنعاء مباشرة أو بوساطة أتباعها، ثمّ تستخدم الأخيرين قرابين على المذبح، اعتذاراً من أبناء الضحايا. فما من شكّ في أنّ إرهاب آل سعود وأتباعهم في الخليج وفي لبنان وغيره سوف يرتدّ عليهم ولو بعد حين!