إحذروا تكرار تسويق أمريكا عبر توهيمنا ب أوباما

عادل سمارة

بدأت الخدعة والانخداع بامريكا في وطننا العربي خاصة منذ عام 1956 حينما وقفت امريكا ضد العدوان الثلاثي على مصر الناصرية وكان هدفها تتبيع أوربا العجوز لها، وليس لعب دور ضد الاستعمار أو حمل لواء حريات الأمم.

منذ تلك الفترة، وكثير من المثقفين العرب (لبراليين وقوميين ويساريين وإسلاميين طبعا-الطابور السادس الثقافي وجناحه السري الأكثر تعددا من العلني) إلى جانب الحكام العرب، منشغلين في تنظيف وتسويق وجه الاستعما ر الأمريكي. وكان ولا يزال حلم هؤلاء أن يحلُّوا في الحضن الأمريكي محل اللوبي الصهيوني بدل ان ينشغلوا في بناء واقع عربي تصبح امريكا بحاجة له وليس العكس.

ولا شك ان هذا لم يكن مجرد تطوع  من هؤلاء بل هو علاقة جدلية (جدل الانحطاط طبعا) بين جاهزية هؤلاء للاستعمار وبين مشروع امريكا في الاختراق على صعيد عالمي. (أنظر بهذا الصدد كتاب عادل سمارة:

(عنوان الكتابكتاب ظلال يهو/صهيو/تروتسكية في المحافظية الجديدة المؤلفد.عادل سمارة، سنة النشر: 2014، الرابط https://kanaanonline.org/books/?p=70)

إن كيل المديح لما يسمى “عقيدة أوباما” يؤشر إلى اعتقاد البعض بأن هناك نهجا جديدا مختلفا في راس السياسة الأمريكية، نهج “إنساني” وهذا مشابه تماما لما بدأت به امريكا الترويج لنفسها إثر وراثة الاستعمار الغربي. وكأن نهج أوباما مخالف لجميع رؤسائها!

لعل هذا في منتهى الخطورة، ومن المثقفين خاصة هو موقف يعتبر امتدادا لموقف الراحل إدوارد سعيد، الذي في كتابه الشهير “الاستشراق” كتب: “انا لا انتحب على تبعية العرب لأمريكا، بل انتحب على معاملة امريكا للعرب” .  وهو الموقف الذي لم يغادره سعيد حتى رحيله بل أقرنه بالإبقاء على حوارات مع الصهاينة والمجيىء إلى المحتل 1948 ليشارك في الدعاية لعضوية عزمي بشارة في الكنيست ، وكلنا يعرف أين انتهى بشارة. ومن الطرافة بمكان أن افضل نقد لسعيد كان من صادق جلال العظم، والذي هاجمه سعيد في مدينة الناصرة حينما زارها للدعاية لبشارة واصفا إياه ب “ماركسي عربي” دون ذكر اسمه، ولكن العظم انتهى إلى جانب بشارة في الوقوف مع الهجمة الإمبريالية الرجعية النفطية ضد سوريا!

يحاول هؤلاء استيلاد موقف إنساني لرئيس أعتى قوة قتل في التاريخ. يقول المثل الشعبي (النتش ما بيطلع يواصيل) النتش نبات بري حبيباته كحب العدس ولا تؤكل، غصنه لا يزيد طوله على 2 سم وغير مستقيم وعليه شوك، بينما الياصول طويل الفروع مستقيمها.

عبَّر هؤلاء العرب عن سعادتهم بالنقد السليط الذي وجهه أوباما، في مجلة اتلانتيك مؤخراً،  لمن يُسمون حلفاء امريكا”في اصطناع  تأدُبيّْ” لأنهم ليسوا حلفاء برأيها على الأقل، فهم بخطاب الشعب عملاء مفروضين عليه بالعصا والبندقية وخاصة بالسيف.

كثير من المثقفين العرب الذين يدعوننا لقبول مديحهم لأوباما يتغاضون عن أن نهج أوباما لا يختلف جوهريا عن نهج الرؤساء الآخرين لأنه نهج الدولة الأمريكية، الطبقة الحاكمة المالكة. وليس أوباما وحده الذي أدرك بأن الأفضل لأمريكا عدم دخول حروب جديدة بجنودها لأنها اقتصاديا عاجزة عن ذلك او عاجزة عن تغطية الكلفة، بمعنى انه أدرك خطورة تراخي قبضة بلاده. ناهيك عن عدم ضمان النتائج. ويتغاضون عن حقيقة أن من يسمون حلفاء أمريكا هم تربية امريكا بل مخلوقاتها وهي التي رعتهم دوما. ويتغاضون عن عدم توجيه أوباما كلمة واحدة ضد الكبان الصهيوني. لا شك أن هناك أكثر من أمريكي يتفهم نهج أوباما القائم على إدراك عدم قدرة امريكا على السير تماما على نهج بوش الأب والإبن، ولكن هذا الاختلاف لا يصل ابدا إلى خلق عقيدة جديدة لأي رئيس لأنه متمسك  بالعقيدة الأساسية التي هي العقيدة الأمريكية في الاستعمار والنهب والسيطرة على العالم ولكنه يديرها بشكل مختلف طبقا لتطورات سلبية في الوضع المريكي وتطورات عالمية تخلق اقطابا منافسة لأمريكا لاتستطيع امريكا شن حرب مفتوحة ضدها.

بل إن أوباما هو الأذكى لأنه امتطى حلفاءه ليقتلوا أمتهم نيابة عن الجندي الأمريكي، وهو الذي اعتمد الطائرات بلا طيار وبطيار للتدمير والقتل دون فقدان جندي واحد. وهو الذي اخذ الاموال السيادية لأنظمة النفط العربية لإنتاج الأسلحة وبيعها، وهو الذي أعطى أعتى الرجعية السياسة العربية اي الإخوان المسلمين (قوى الدين السياسي) فرصة الحكم وحين فشلت قلب لها ظهر المجن ببساطة. وهو الذي لم يضرب سوريا لأن روسيا وقفت ضد ذلك ومع ذلك شطب سلاحها الكيميائي المعادل للنووي الصهيوني. إنه خالق ظاهرة قتل الذات بالإنابة عن القاتل الأمريكي، فهل أخطر وابلغ!

أختم  وخاصة فيما يتعلق بالديمقراطية في عهد أوباما بما يلي:

صحافية أمريكية في سي.أن.أن  تقول: “الحكومات الأمريكية، اي حكومة أوباما،  تدفع لنا مالاً لكي نصوغ قصصاً مزورة: التقرير الموثق والذي اعده فريق سي.أن. أن لم يبثه قط. وذلك رغم تساؤلات وتذمرات من موظفيها إلا انها رفضت على سبيل المثال بث البرنامج المرفق كما لم تقدم توضيحا للقرار. وحتى الآن لم يُبث هذا التقرير من جانبها.

CNN Journalist ‘Governments Pay Us To Fake Stories’, Shocking Exposé, posted on February 8, 2015

 http://yournewswire.com/cnn-journalist-governments-pay-us-to-fake-stories-shocking-expose/