النشرة الاقتصادية

 

 

إعداد: الطاهر  المُعِز

خاص ب”كنعان”، عدد 318

في هذا العدد 318 من النشرة الإقتصادية الحلقة الرابعة من سلسلة “جدل حول واقع الرأسمالية”، ويتناول تجارب حكم اليسار في أمريكا الجنوبية، باستثناء كوبا التي سنخَصِّصُ لها ورقة في العدد القادم، إذا سمِحَت بذلك المِساحة المُخَصَّصَة للنشرة الأسبوعية، وفقرتان مُطَوّلَتَان عن “جبهة الأعداء” (الصهيونية والولايات المتحدة كقوّة مُتَزَعِّمَة للنظام الرأسمالي والإمبريالي العالمي) وبعض الفقرات من أخبار العرب بشكل عام أو “العرب الآخرين” (عرب الضّفَّة الأخرى، عرب النفط أو عرب أمريكا والصهيونية)، مع فقرات عن تجارة الصحة والأدوية وعن الشركات العابرة للقارات… وردت أخبار من مغرب الوطن العربي (من المغرب وتونس والجزائر) ومن المشرق (مصر واليمن وسوريا والعراق) وأوردنا عددا من الأخبار المطولة عن عرب النفط والعمال المهاجرين في الخليج وفقرات مطولة عن السعودية (رائدة الرجعية العربية) وعن الفقر وأزمة السكن في بلاد الحرمين (والقواعد الأمريكية)، كما تناولنا أخبار جيران العرب (جنوب السودان وإيران وتركيا وباكستان) وأخبارا من أمريكا الجنوبية (البرازيل وكوبا) وأخبارا أخرى من آسيا والصين وروسيا والولايات المتحدة والشركات العابرة للقارات الخ… في الفقرة الخاصة بالجدل حول واقع الرأسمالية اليوم، طرحنا عددا من التساؤلات حول نمط النمو المُمْكِن والمأمول في البلدان العربية وبشكل خاص في تونس، حيث وقع إجهاض انتفاضتين (البعض يسميها ثورات) وعودة الحكم السابق مع تراجع الوضع الإقتصادي والنمو إلى الوراء، ونهدف من وراء طرح هذه التساؤلات التفكير في وضع حد لاستفادة القوى الرجعية (الإخوان المسلمون والبرجوازية الكُمْبرَادُورِية) من تضحيات الفقراء والكادحين، وبناء المُسْتَقْبِل انطلاقا من المُتَوَفِّر سياسيا واقتصاديا، لكي لا نكون طوباويين، رغم أهمية الأحلام في تفكيرنا وفي استشراف المُسْتَقْبل، لأن الأحلام تُغَذِّي الأمال، ومن لا أمل له، لا حياة له حاضرا أو مُسْتَقْبَلا…       

 

في جبهة الأعداء: تشن حكومة الولايات المتحدة حملات مستمرة على منافسيها (وليسوا أعداء أو حتى خصوم أحيانا) وهَوَّلَتْ وسائل الإعلام الأمريكية –ومن ورائها الأوروبية- من ارتفاع الميزانية العسكرية للمنافسين، منهم الصين وروسيا، لكن القوة العسكرية الأمريكية سنة 2015 تفوق قوة الدول السبع التي تليها في ترتيب معهد ستوكهولم لأبحاث السلم وتفوق ميزانيتها الحربية ميزانية الصين أكثر من ثلاث مرات، وبالنسبة لنا كعرب (بمعنى مواطنين في الوطن العربي)، فإن الولايات المتحدة تسببت منذ احتلال العراق سنة 2003 –إضافة إلى المساندة المُطْلَقة للكيان الصهيوني- في قتل أو تهجير نحو 12% من مواطني العراق وليبيا وسوريا، وتقسيم الشعوب العربية إلى طوائف ومذاهب وعشائر، بمُساعدة العدو الداخلي المُتَمَثِّلِ في عرب النفط الذين تكفلوا بتمويل الحروب الأمريكية والصهيونية وما خلفته من دمار (لبنان 2006 – غزة 2008 و 2014) والمشاركة المُباشرة في تخريب ليبيا وسوريا والعراق واليمن بالتوازي مع الأقوال والأفعال التي تُبَيِّن تحالفهم مع الكيان الصهيوني (بل اصطفافهم وراءه)، وما “القاعدة” و”النصرة” و”داعش” وأمثالها سوى إحدى ثمرات هذا التحالف بين الإمبريالية الأمريكية وشيوخ النفط… دعت مؤسسة “هدسون” الأمريكية المُرْتَبِطَة بتيار المُحافظين الجدد، منذ 2001، إلى تشجيع تشكيل الطوائف والأعراق في ما تُسميه “الشرق الأوسط” في ميليشيات مُسَلَّحة ذات صبغة عرقية وعشائرية وطائفية لتقويض أسس الدولة الوطنية ومؤسساتها، وهو ما نَفّذَه الإحتلال الأمريكي في افغانستان ثم في العراق من حل الجيش والمؤسسات الأمنية وتعويضهما بمليشيات وحل شركات القطاع العام (وأهمها النفط والكهرباء في العراق) ما أدى إلى تعميم الفساد والمُحَاصَصَة في كافة الميادين السياسية والإقتصادية والجغرافية… فمن هو العدو الحقيقي إذًا في هذه المَرْحَلة؟ عن “السفير” (بتصرف) 26/03/16

في جبهة الأعداء، خدمات متبادلة: وافق أعضاء الكونغرس الأمريكي على زيادة دعم منظومة الصواريخ لدولة الإحتلال بمقدار 145 مليون دولار، على حساب برامج بحوث عسكرية امريكية، والواقع ان هذه المساعدات لأجهزة الإستعلامات والتجسس تعتبر استثمارا امريكيا (لدى حليف موثوق) لتطوير برامج التجسس واختراق منظومات أمنية متطورة، وتزامن نشر هذا الخبر مع نشر خبر آخر يتعلّق بالتجسس الإلكتروني، وإن كانت العلاقة بين الخبرين غير ظاهرة إلا انها علاقة وثيقة، إذ توسّعت وسائل الإعلام الأمريكية في تحليل خبر رفض شركة “آبل” الإستجابة لطلب الأجهزة الأمنية الأمريكية (مكتب التحقيقات الفدرالي- أف بي آي) ووزارة القضاء، توفير وسائل تقنية للتجسس على زبائنها، وتخلت الحكومة الأمريكية فجأة عن مساعيها لمقاضاة شركة “آبل” دون ذكر الأسباب، وتبين فيما بعد (بحسب شبكة بي بي سي البريطانية 23/03/2016) ان “طرفا ثالثا” (الكيان الصهيوني) قام بعملية اختراق أجهزة آبل والحصول على المعلومات التي تطلبها الأجهزة الأمنية الأمريكية ووزارة القضاء، وقدّم خدماته للحكومة الأمريكية التي ستستفيد منها دون خرق القانون… سبق لشركة الهواتف المحمولة “سيليبرايت” (تأسست سنة 1999 في مُستوطنة قريبة من “يافا” المحتلة) تقديم خدمات تجسس لصالح أجهزة الأمن البريطانية سنة 2012 و”أف بي آي” الأمريكية سنة 2013 وطورت -بدعم تقني أمريكي- وسائل استعادة البيانات الملغاة من قبل المستخدم، وفك التشفير وكلمات السر الخ ولها فروع في أوروبا (ألمانيا) والولايات المتحدة وتُشَغِّل نحو 500 تِقني وفَنّي مختصين في تحليل بيانات “لوغاريتماتية” (خَوَارِزْمِيَّة)، ولها علاقات وثيقة جدا بالجيش الصهيوني  واجهزة الاستخبارات والتجسس الالكتروني، ويترأسها ضباط سابقون، واحتجّت النقابة الاميركية للحقوق المدنية منذ 2011 على “اختراق هذه الشركة أجهزة الإتصالات للمواطنين الأمريكيين وتنفيذ مهام غير قانونية”، لمصلحة الكيان الصهيوني ولمصلحة أجهزة الأمن الأمريكية، ومنحت الحكومة الأمريكية لهذه الشركة صلاحية “اختراق البيانات واجهزة الحاسوب الخاصة في بورصة نيويورك ومؤسسات مصرفية اخرى لنحو 40 شركة اميركية” بحجة علاقات مُفْتَرَضَة مع إيران، وفق صحيفة “واشنطن تايمز” (المحافظة جدا) بتاريخ 24/03/2016 ، وطورت هذه الشركة (أي دولة الإحتلال) مع حكومة الولايات المتحدة (بتمويل سعودي، بحسب تقرير من جامعة تل أبيب صدر في بداية العام الحالي 2016) برامج إلكترونية ضارّة تستهدف اجهزة الطرد المركزية للبرنامج النووي الإيراني، وقدمت السعودية الدعم المالي لأجهزة المخابرات الصهيونية بقيمة مليار دولارا، بحسب تقرير جامعة تل أبيب… تشير بيانات الكيان الصهيوني ان إيرادات قطاع التقنيات الالكترونية بلغت سنة 2015 نحو 6 مليارات دولار، ويشغِّل القطاع نحو 20% من اليد العاملة في قطاع الاستثمارات الخاصة (يُقْصَى منها فلسطينيوا الأراضي المحتلة سنة 1948 “لأسباب أمنية”)، ومنذ 2014 تُطَوِّرُ شركات التقنية الصهيونية بالتعاون الوثيق مع جيش الإحتلال، تقنية “الكترونيات السيارات” وتطبيقات لقرصنة أجهزة السيارة، والتحكم فيها وإبطال عمل الكوابح، بهدف اغتيال “الأعداء” عن بُعد، ويبيع الكيان الصهيوني تجهيزات رقابة المواطنين إلى الولايات المتحدة ودول اوروبية (بريطانيا وألمانيا على سبيل المثال) وإلى جورجيا واذربيجان، كما تبيع البرامج الضارة (فيروسات) إلى البلدان الأوروبية وأمريكا منذ سنوات عديدة، وتتجسس على عدد من الافراد (الذين تعتبرهم معادين لها) وعلى عائلاتهم واقربائهم وجيرانهم، وتجمع معلومات تخص الحالة الصحية والوضع المالي والمسلك الشخصي للفرد، وتُدَرِّب المخابرات الصهيونية “مُتَطَوِّعين” صهاينة في كافة بلدان العالم للتجسس لصالح كيان الإحتلال والإبلاغ عن كل نشاط “مُعَادِي” مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري/البحثي 25/03/16  www.thinktankmonitor.org

 

عرب -اتصالات: تنفِّذُ شبكات الإتصال الإلكتروني دراسات مُسْتَقْبَلِيّة عديدة بهدف التوسع واكتساح أسواق جديدة بوسائل تتماشى مع السوق التي تهدف غزوها، وتنشر بعضا من هذه الدراسات، واخترنا مُقْتَطَفًا يتعلق بالوطن العربي… يبلغ عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في العالم 3,6 مليار شخصا سنة 2014، ويتوقع أن يبلغوا في الوطن العربي نحو 226 مليون سنة 2018، لترتفع نسبة المُستخدمين من 37,5% سنة 2014 إلى 55% من السكان سنة 2018، ويَحُثُّ صندوق النقد الدولي والبنك العالمي على “تَبَنِّي اقتصاد المعرفة” أو ما تُسَمِّيه شركات الإتصالات “الحوكمة الذّكِيَّة” في إطار خفض الإنفاق وخفض عدد الموظفين، أي حث المواطنين على القيام ببعض الإجراءات بأنفسهم بواسطة التجهيزات والشبكة الإلكترونية، ما يُخَفِّضُ عدد موظفي البلديات وإدارات الخدمات العمومية ومؤسَّسَات التعليم وغيرها مثل التَّسَوُّق الإلكتروني (تشتري سلعة لا تراها) وحجز تذاكر النقل وغرف الفنادق… وما يُلْغِي أيضا الإتصال المُباشر بين المواطنين وكذلك تَشَكِّياتهم واحتجاجاتهم، فيما تَنْشُرُ شركات الإتصالات بيانات ومعلومات عن ما سَيُوَفِّرُه “اقتصاد المعرفة” من أموال للشركات والحكومات الخ، وتنجح كافة شركات العالم في تسويق ما تشاء في بلدان الخليج، وأصبحت مشيخات لا يتجاوز عدد رعاياها بضعة مئات الآلاف (أو بضعة ملايين في أحسن الحالات) مثل قَطَر والإمارات تتبَجَّحُ “بالتحول نحو نموذج الحكومة الذكية”، فيما يرى صندوق النقد الدولي والشركات متعددة الجنسية في انتشار استخدام الحاسوب والشبكات الإلكترونية “تحولا نحو اقتصاد يتميز بالمُرُونة ويَرْتَكِزُ على المعرفة والإبتكار… ما يزيد من حجم الاستثمارات فى تحديث وتطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات…”، وطَبَّقَتْ بعض الحكومات العربية هذه “نصائح” البنك العالمي (الذي يُمَثِّلُ مصالح الشركات الكبرى) وأصبحت دويلات مثل الإمارات وعُمَان والسعودية ومصر والأردن وتونس والمغرب وغيرها تتبجَّحُ بان عواصمها أصبَحَتْ “رائدة في مجال الْحَوْكَمَة الرقمية واقتصاد المَعْرِفَة” في قطاعات التجارة والخدمات والصحة والتعليم الخ، في حين يحطم الوطن العربي الرقم القياسي في عدة مجالات منها البطالة والأمية والفقر والفوارق الطبقية المجحفة  عن “تقرير اقتصاد المعرفة العربى 2015-2016” – “أورينت بلانيت للأبحاث” 29/03/16

 

المغرب: يتوقع البنك المركزي انخفاضا في نسبة النمو سنة 2016 بنسبة 1% إلى  1,3% خلال هذا العام مقابل 4,4% في العام الماضي (2015) وأن يبلغ 3,9% في 2017 شريطة موسم فلاحي متوسط أو جيِّد، وشهد الموسم الفلاحي تأخر نزول الأمطار في الموسم الحالي، ما أدى إلى تراجع في محصول الحبوب،  وكانت الحكومة قد راهنت على محاصيل بحجم 7 ملايين طن لكنها لم تتجاوز 3,8 ملايين طن من الحبوب (مقابل 11,5 مليون طن خلال الموسم الماضي) وخَفَّضَ البنك المركزي معدل الفائدة الرئيسي على القروض إلى 2,25% (للشركات وليس للأفراد) “بهدف دعم النمو الاقتصادي”، ويتوقع ارتفاع واردات المغرب من الحبوب الى الضِعْف هذا العام مقارنة مع معدلات العام الماضي، فيما صنفت منظمة الأغذیة والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) المغرب ضمن قائمة الـ34  بلدا التي تسجل تدهورا في أمنھا الغذائي خلال هذا  العام، مؤكدة توقعات انخفاض المحاصیل هذا الموسم بسبب الجفاف عن وكالة “بلومبرغ” 23/03/16

 

الجزائر: تعرض موقع إنتاج الغاز في “خريشبة” جنوبي البلاد الى هجوم تبناه تنظيم “القاعدة” يوم 19 آذار 2016، وتسبب الهجوم في إعلان شركتي “بريتش بتروليوم” (بي بي) و”ستات أويل” سحب موظفيهما من الموقع الذي تستغله الشركتان بالشراكة مع الشركة الوطنية للمحروقات “سوناطراك” الحكومية التي أعلنت أن عمالها سيواصلون ضمان الإنتاج واستغلال الموقع والمُنْشئات، وانهم “رفعوا الإنتاج من 18 مليون متر مكعب يوميا قبل الهجوم إلى 19,5 مليون متر مكعب” وكان موقع “تيقنتورين – إن أميناس” لمعالجة الغاز قد تعرض لهجوم العام الماضي ما أدى إلى توقفه ومراجعة المعدات وإجراءات الأمن في الحقل، وأعادت “سوناطراك” تشغيله تدريجيا إلى ان بلغ إنتاجه اليومي 13,5 مليون متر مكعب يوميا ثم 15 مليون متر مكعب يوميا، حاليا… من جهة أخرى ظهرت في وسائل الإتصال الإلكتروني (الإجتماعي) حركة مدنية (بمساندة سياسيين وشخصيات محلية) تدعو إلى مقاطعة شعائر الحج لموسم 2016 بسبب سياسة السعودية وبسبب معاملة الحجاج معاملة غير إنسانية والمآسي التي يتعرضون لها سنويا، وتناولت الصحف الجزائرية مثل إكسبرسيون وبلادي ظهور هذه الحركة، والتبريرات السياسية للدعوة إلى المقاطعة مثل “تعمُّد السعودية تخريب بلدان عربية مثل سوريا واليمن”، في حين نشرت جريدة “بلادي” نبذة عن التوتر القائم بين الجزائر والسعودية “بخصوص حزب الله واليمن وسوريا وليبيا”، وللتذكير، توفي خلال الموسم الماضي مئات الحجاج بسبب إغلاق الطريق في وجههم عند مرور موكب بعض الأمراء د.ب.أ 22/03/16

تونس للبيع؟ أعلن البنك العالمي نمو اقتصاد تونس بنسبة 0,8% سنة 2015 ولا يتوقع أن يحقق هذا العام نسبة 2,5% التي تتوقَّعُهَا الحُكُومَةُ فيما بلغت النسبة الرسمية للبطالة 15,1% وهي لا تأخذ في الحسبان سوى المُسَجَّلِين رسميا، وهو ما لا يعكس واقع البطالة، وجرت محادثات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي لإقراضها 2,8 مليار دولار “لتمويل خطط الإصلاح الاقتصادي”، كما ستصدر الحكومة سندات (أي رهن ممتلكات الدولة مقابل قروض) بقيمة مليار يورو في منتصف شهر نيسان/ابريل 2016، ثم قرر البنك العالمي إقراض الدولة حوالي خمسة مليارات دولار في السنوات الخمس المقبلة  بمعدل مليار كل عام “لدعم الانتقال الديمقراطي وإنعاش الاقتصاد”، وتدَّعِي ممثلة البنك العالمي في تونس ان المشاكل الإقتصادية في البلاد تعود إلى “احتجاجات العاطلين الذين يطالبون بفرص عمل وبطء الإصلاحات الإقتصادية”، إضافة إلى  تراجع عائدات السياحة والفوسفات، وسبق أن كتب البنك العالمي في وثيقة أخرى ان المشاكل تكمن في “ضعف الإستثمار في البنية التحتية وضعف القطاع المالي والتعليم والتجديد التكنولوجي… منذ انتفاضة 2011″، وشهدت بداية العام الحالي (2016) احتجاجات شعبية في المناطق المحرومة والمُهَمَّشَة، انطلقت من مدينة “القصرين” (وسط غرب البلاد) تطالب تشغيل العاطلين عن العمل، ثم اتسع نطاق الاحتجاجات (ربما الأكبر منذ 2011) لتشمل مُدُنًا كثيرة واعتصم المُتظاهرون في محلات السلطات المحلية… يشترط البنك العالمي وصندوق النقد الدولي (قبل الموافقة على القروض) خصخصة القطاع العام والصحة والتعليم والنقل والمرافق والخدمات وإلغاء دعم الطاقة والسلع الأساسية وتجميد التوظيف في القطاع العام وتأخير سن التقاعد مع خفض المعاشات الخ في المقابل يشترط كل منهما إعفاء أرباب العمل من الضرائب والسماح للمستثمرين الأجانب بتحويل أرباح شركاتهم إلى الخارج (بالعملة الأجنبية)، ويزور رئيس البنك العالمي تونس أواخر شهر آذار/مارس 2016 لمناقشة هذه الشروط مع الحكومة التي تطلب مزيدا من القروض، ليس بهدف الإستثمار وإنما “لسد عجز الميزانية”… يشكل الدين العمومي نسبة 62% من إجمالي الناتج المحلي سنة 2015 (أقل من 50% سنة 2010) ويتوقع أن ترتفع النسبة إلى 70 % من الناتج المحلي الإجمالي في غضون السنتين القادمتين، وسجل الميزان التجاري عجزا بنسبة 9% من الناتج، وتبلغ نسبة فائض الديون 6% وهي نسبة مُرْتَفِعَة تُثْقِل كاهل العمال والفلاحين والمُنْتِجين، إذ وجب إنتاج ما يقابل قيمة الديون إضافة إلى الفائدة على الديون ليقع تحويلها خارج البلاد، بالعملة الأجنبية في ظل انخفاض العملة المحلية أي ان الخسارة ليست مُضَاعَفَة وإنَّمَا مُثَلَّثَة أو مُرَبَّعَة   رويترز 25/03/16 تونس، حكومة مُتسَوِّلَة: أوردنا في أعداد سابقة من هذه النشرة أخبارا عن الفقر والبطالة في تونس التي نظمت “حوار وطني حول التشغيل”، بدعم من منظمة العمل الدولية وأعلن مديرها العام “مساعدة بقيمة 14 مليون دولار”، وكان قد زار تونس سنة 2013 للمشاركة في حفل توقيع العقد الاجتماعى بين الحكومة (النهضة آنذاك) والاتحاد العام التونسى للشغل (نقابة الأجراء) والاتحاد التونسى للصناعة والتجارة (أرباب العمل)، مع الإشارة إلى ارتفاع نسبة البطالة وهشاشة العقود أو غيابها تماما في العمل الزراعي أو القطاع غير المُنظَّم، واشترط البنك العالمي “دعم القطاع الخاص” الذي يعتبره “قاطرة النمو الإقتصادي والتقليص من الفوارق بين الجهات” كشرط للقرض بمبلغ 2,8 مليار دولار (الخبر أعلاه)، في تناغم كامل مع صندوق النقد الدولي الذي أعلن تخصيص قروض لتونس بقيمة 5 مليار دولار على امتداد 5 سنوات، وهلَّلَ محافظ البنك المركزي لهذه القروض، التي لن تُخَصَّصَ للإستثمار في مشاريع التنمية بل لسد العجز، وتَجَنُّب الإضطراب السياسي، ومن أجل الوفاق الطبقي، الذي تتكفل قيادة نقابة الأُجَرَاء ونقابة ارباب العمل بالدعوة له في الشركات والمؤسسات… من جهة أخرى ستقترض الدولة 500 مليون دولارا من البنك الافريقى للتنمية و500 مليون يورو من الاتحاد الاوروبى، وسَتُصْدِرُ الحكومة رقاعا بهدف جمع مليار يورو من السوق الأوروبية (أي رهن ممتلكات البلاد مقابل قرض)… يُجْمِعُ خبراء الإقتصاد في تونس ان نموذج التنمية الذي يتواصل في البلاد منذ 1970 لا يسمح بتطوير الإقتصاد أو بمعالجة مشكلة البطالة عن وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات) 29/03/16

 

تونس، مَحْمِيَّة أمريكية؟ خلال زيارة الرئيس التونسي إلى امريكا في ايار/مايو 2015 اكتسبت تونس صفة “حليف استراتيجي غير عضو في حلف شمال الاطلسي”، ويتيح هذا “الإمتياز'” الحصول على “إعانة عسكرية اميركية”، وقبل ذلك بأسابيع قليلة (10/04/2015) أعلن نائب وزير الخارجية الاميركي “أنتوني بلينكن” مضاعفة مساعدات أمريكا لقوات الامن والجيش في تونس لتبلغ 180 مليون دولار سنة 2016 وفي 13/11/2015، طالب وزير الخارجية التونسي السابق (الطيب البكوش) من أمريكا دعم جهود مراقبة الحدود تونس، ثم أعلنت وزارة الدفاع التونسية (شباط/فبراير 2016) إقامة “منظومة حواجز” تتمثل في خنادق وحواجز رملية (كثيرة الضَّرَر بالبيئة) تمتد على حوالي نصف الحدود البرية مع ليبيا، أي حوالي 250 كلم، وفي الأثناء نشرت وسائل إعلام أمريكية وأوروبية أنباء عن تواجد عسكري أمريكي جنوب تونس، في إطار القيادة العسكرية الأمريكية الموحدة في افريقيا (أفريكوم)، ولم تمنع هذه الإجراءات من حصول هجوم إرهابي على مدينة “بن قرادان” خلال شهر آذار 2016، وتُرَجِّح السلطات ان عناصر التنظيمات الإرهابية تلقوا تدريبات في ليبيا وهَرَّبُوا السلاح عبر حدود البلدين (رغم الحواجز والحراسة المُشَدَّدَة)، ثم أعلنت الولايات المتحدة “منح” تونس ( قد يعني فعل مَنَحَ = أقرض) مساعدات (قد تعني “المُساعدة قرضا بفائدة مرتفعة) بقيمة 24,9 مليون دولار، لإقامة نظام مراقبة إلكتروني وتعزيز قدرات تونس الأمنية على الحدود مع ليبيا، وتشترك ألمانيا (الحليف الاستراتيجي لأمريكا) في إنجاز الدراسات والدعم التقني وتدريب قوات الامن والجيش على “إدارة الحدود”… عن أ.ف.ب 26/03/16

 

مصر: انعقد في آذار/مارس 2015 مؤتمر اقتصادي ضخم لمدة ثلاثة أيام في “شرم الشيخ” بمشاركة 30 رئيس وملك من 100 دولة و2500 مستثمر، بهدف “تسريع وتيرة النمو الاقتصادي”، وأعلن رئيس الوزراء آنذاك (ابراهيم محلب) حصول مصر على وعود استثمارات وقروض بقيمة 60 مليار دولار، إضافة إلى دعم خليجي بقيمة 12,5 مليار دولار، منها قروض بأربعة مليارات من كل من السعودية والإمارات والكويت، فقدمت كلٌّ منها 4 مليارات دولار و500 مليون دولار من سلطنة عُمان و130 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي و120 مليون يورو من البنك الأوروبي، وتم إبرام اتفاقيات لإنجاز مشاريع في مجالات النفط والكهرباء والنقل والإسكان وبناء “عاصمة إدارية” وتطوير مطار شرم الشيخ الدولي بقيمة 800 مليون دولار، وغيرها من الوعود التي حان وقت تقييم نتائجها، إذ حصلت الحكومة سنة 2015 على قروض خارجية بقيمة 3,2 مليار دولار لسد العجز في الموازنة العامة وليس للإستثمار في مشاريع تساعد على الحد من الفقر والبطالة، فارتفع الدين الخارجي إلى 46,1 مليار دولار بنهاية 2015 وإجمالي الدين المحلي من 2,116 تريليون جنيه في نهاية تموز/يونيو 2015 إلى 259,2  تريليون جنيه في نهاية أيلول/سبتمبر 2015، بحسب آخر بيانات المصرف المركزي، كما ارتفع ارتفع العجز في الموازنة من 8,2% إلى 9,9% أواخر 2015 ثم إلى نحو 12% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثي الأول من سنة 2016  وبلغت نسبة الدين العام 93% من الناتج المحلي وارتفعت معدلات الفقر إلى 26,3% من إجمالي عدد السكان، وطبَّقَت الحكومة وَصَفَات صندوق اغلنقد الدولي، منها إلغاء دعم الغاز الطبيعي ورفع سعره للسيارات بنسبة 175% ولمصانع الأسمنت والحديد والصلب بنسب تتراوح بين 30 و75%، فضلا عن رفع الدعم عن الكهرباء تدريجيا لينتهي خلال خمس سنوات، وخفض دعم خدمات مياه الشرب والصرف الصحي، ورفع ضريبة الدخل للأجراء وخفضها للشركات من 25% إلى 22,5%، ولم يتجاوز حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة 6 مليارات دولار سنة 2015 وتحتل مصر مرتبة متأخرة (94) في مؤشر التنمية البشرية، في حين انتشر الفساد، بالتزامن مع تسريع إجراءات الخصخصة وخفض الانفاق العام علي قطاعات التعليم والصحة والثقافة والتراث والبحث العلمي، وجاء خفض الإنفاق العام مع انخفاض إيرادات السياحة والصادرات وتحويلات العمال المصريين بالخارج، وارتفاع نسبة البطالة، بينما انخفضت نسبة النمو في حين وجب تحقيق معدلات نمو لا تقل عن 7,5% سنويا لمجرد استيعاب الزيادة الطبيعية للسكان المُقَدَّرَة ب2,8 مليون نسمة سنويا، وانخفضت قيمة الصادرات كما انخفضت قيمة الجنية من حوالي سبعة جنيهات مقابل الدولار إلى قرابة 10 جنيهات مقابل الدولار في السوق الموازية (راجع العدد السابق من هذه النشرة) عن موقع “البديل” 25/03/16

سوريا– ظروف العيش خلال الحرب: قدرت الأمم المتحدة عدد ضحايا الحرب في سوريا بنحو ربع مليون بين آذار/مارس 2011 و تشرين الثاني/نوفمبر 2015 من وهاجر (لجَأَ) أكثر من ستة ملايين شخص وبقي نحو 18 مليون شخص يعيشون داخل البلاد (من إجمالي 24,5 مليون نسمة) منهم نحو ستة ملايين نازح داخليا، اضطرّوا للفرار من ديارهم بحثا عن أماكن أكثر أمنا، خصوصا في الريف، وتُقَدِّرُ الأمم المتحدة ان 13,5 مليون شخص يعيشون في سوريا، بحاجة إلى معونات إنسانية، منهم نحو 4,5 مليون في مناطق يصعب الوصول إليها ومناطق محاصرة… في الجانب الإقتصادي قدَّر المركز السوري لأبحاث السياسات تكلفة الحرب خلال خمس سنوات بنحو 255 مليار دولار، وارتفعت نسبة البطالة من 14% سنة 2011 إلى 50% سنة 2016 ويعيش نحو 70% من السكان في فقر مدقع ولا يستطيعون الحصول على السلع الأساسية ومنها الغذائية، ويعانون من انعدام الأمن الغذائي، خصوصا بعد تَرَدِّي وضع قطاع الزراعة الذي كان حيويا من حيث الإنتاج والتوزيع، كما استخدمت المليشيات الإرهابية الغذاء كأسلوب حرب، وذلك بتحويل المساعدات الإنسانية إلى السوق المُوَازِيَة، فيما ارتفعت أسعار الخبز بعد أن فقدت القوات الحكومية سيطرتها على مناطق زراعة القمح، وبعد أن أوقفت الحكومة دعمها، إذ أصبحت تستورد القمح من روسيا وأوكرانيا، وبشكل عام ارتفعت أسعار الخبز (من 2011 إلى بداية 2016) بنسبة 230% في مناطق سيطرة الدولة وما بين 4000% و6500% في مناطق سيطرة المليشيات الحربية، وارتفع سعر الحليب في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة بنسبة 500% وبنسبة 20000% في المناطق التي تسيطر عليها مليشيات الإرهاب في الغوطة الشرقية وفي دير الزور، على سبيل المثال، وارتفع سعر الأرز بنسب تراوحت بين 250% (مناطق سيطرة الحكومة) و 2800% (مناطق سيطرة الإرهاب في دير الزور) والسكر بمعدل 250% (مناطق سيطرة الحكومة) و4500% في مناطق الإرهاب… وفي مجال الرعاية الصِّحِّيَّة ارتفعت عدد الإصابات والأمراض، بينما تعرّضت المؤسسات الصحية إلى عمليات تخريب، وسجَّلَت منظمة “أطباء لحقوق الإنسان” بين آذار/مارس 2011 وتشرين الثاني/نوفمبر 2015 حوالي 336 هجوما على ما لا يقل عن 240 مؤسسة طبية، ما أَدّى إلى وفاة 697 من العاملين في المجال الطبي وتعطُّل 113 مستشفى حكومي عن العمل أو نحو 58% منها في البلاد، فيما انخفض عدد العاملين في القطاع الصِّحِّي بنسبة 55% خلال نفس الفترة، وأصبح 40% من السكان محرومين من الرعاية الطبية، و”استقبلت” ألمانيا والدول الغربية عددا هاما من الأطباء والمهندسين وخبراء الإتصالات والحواسيب ضمن اللاجئين، واختارت مؤسسات أوروبية حاجتها من السوريين ذوي المهارات والخبرات، في مناطق اللجوء في تركيا… ودمرت الحرب 25% المدارس، وأصبح بعضها مأوى للنازحين، فيما انخفض عدد الأطفال في سن الدراسة بنحو مليون طفل بين أواخر 2010 وأواخر 2015 بسبب القتل والنزوح واللجوء، وأصبح 40% من أطفال سوريا لا يذهبون إلى المدارس، بعد أن كانت سوريا بلدا رائدا (عربيا) بخصوص نسبة تعليم الأطفال، فيما انخفض عدد معلمي التعليم الإبتدائي بنسبة 25% من إجمالي 52 ألف مُعَلِّم… عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية + مركز توثيق الانتهاكات في سوريا + المركز السوري لأبحاث السياسات – “بي بي سي” 29/03/16

اليمن- إنجازات سعودية: أصبحت نصف محافظات اليمن البالغ عددها 22 محافظة تمر ب”حالة طوارئ غذائية”، أي المرحلة التي تسبق المجاعة، بسبب العدوان السعودي، فيما يحتاج أكثر من 13 مليون نسمة معونات غذائية وفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، وتفرض السعودية قيودا بل حصارا على الموانئ والمناطق التي تسيطر عليها قوى محلية مثل “أنصار الله” (الحوثيون) التي يتهمها إعلام السعودية وقطر والإمارات بأنها المتسبب بالحصار، وأصبح نصف سكان البلاد (أي 13 مليون نسمة من إجمالي 26 مليون نسمة) في حاجة ماسة للمعونات الغذائية، واضطر 2,3 مليون شخص للنزوح، فيما قُتِلَ 6200 شخص منذ بداية العدوان السعودي المُبَاشِر  في آذار/مارس 2015 لمحاولة إعادة “منصور عبد ربه هادي” إلى السلطة… أعلن برنامج الأغذية العالمي خطة للطوارئ لإمداد مليون شخص باحتياجاتهم الأساسية من القمح والبقول والزيوت النباتية والملح والسكر لمدة أسبوع واحد، خصوصا في صنعاء (التي يسيطر عليها “الحوثيون”) حيث عمد الطيران السعودي والإماراتي إلى تدمير المباني والمنازل، بشكل منهجي ومُسْتَمر، ما يزيد من عدد النازحين وفاقدي المأوى… رويترز 24/03/16 تُهَدِّدُ الحرب حياة مئات الآلاف من الأطفال بسبب نقص التغذية، وتردي الرعاية الصحية، ونقص المياه النظيفة، وفق تقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) بعنوان “الطفولة على المحك”، وتقتل الحرب معدل ستة أطفال على الأقل يوميا، وأكد التقرير مقتل 934 طفلا وإصابة 1356 الحرب في اليمن التي تنفذها السعودية والإمارات منذ سنة، وَتُوُفِّيَ حوالي عشرة آلاف طفل تحت سن الخامسة خلال سنة 2015 بسبب نقص التطعيمات (اللقاح) والعلاج، كما يَتعرَّضُ ما لا يقل عن 848 حالة (وقع توثيقها وإثباتها) تجنيد الأطفال تحت سن العاشرة في القتال، فيما أغلقت الحرب 63 مركزا للرعاية الصحية بعد تعرضها للهجوم سنة 2015، وتأمل اليونيسيف والمنظمات الإنسانية أن تسمح التهدئة التي ستبدأ يوم 10/04/2016 بتقديم الخدمات الصحية للسكان، إذ قدرت الأمم المتحدة أن 82% من سُكّان اليمن في حاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم 320 ألف طفل يعانون من نقص حاد في التغذية بشكل يعيق نموهم، ويحتاج حوالي عشرة ملايين طفل إلى مساعدات إنسانية لمنع تدهور حالتهم رويترز 29/03/16 يحتاج أكثر من 21 مليون شخص، اي نحو 82% من إجمالي السكان إلى مساعدات إنسانية، فيما بلغ عدد النازحين 2,5 مليون شخصا، ويقطن أكثر من ثلث هؤلاء المُحْتَاجِين في مناطق يصعب الوصول إليها، كما يحتاج أكثر من 14 مليون شخص للخدمات الصحية العاجلة، بينهم أكثر من مليوني طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، إضافةً للنساء الحوامل والمرضعات،وأغلقت نحو 25% من المرافق الصحية أبوابها بسبب الأضرار التي تعرضت لها، أو بسبب نقص الطواقم الصحية والأدوية والمواد الأخرى الضرورية، وأحصت منظمة الصحة العالمية عدد قتلى عدوان السعودية ب6200 يمَنِي والجرحى بنحو 30 ألف كما يلاقي نحو 19 مليون شخص صعوبة في الحصول على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، فأصبحوا عرضة لخطر الإصابة بالأمراض المعدية، مثل حمى الضنك والملاريا والكوليرا، ولم تَتَلَقَّ منظمة الصحة العالمية سوى 6% فقط من الدعم المطلوب لسنة 2016 عن منظمة الصحة العالمية 29/03/16

العراق: انكمش الإقتصاد العراقي بنسبة 2,1% (سالبة) سنة 2015 بحسب صندوق النقد الدَّولي، وارتفع العجز الذي استنزف احتياطيات النقد الأجنبي فانخفضت بحجم 13 مليار دولار من 67 مليار دولار سنة 2014 إلى 54 مليار دولار في نهاية 2015، بسبب الخراب المتواصل منذ الإحتلال الأمريكي، ودمار البنية التحتية وتعطيل الحركة التجارية واحتلال “داعش” لأجزاء هامة من البلاد… ولم يتعامل العراق مع مؤسسات “بريتن وودز” قبل سنة 2003 (الإحتلال الأمريكي) وأصبح الآن يتصدر قائمة البلدان العربية المُقْتَرِضة من البنك العالمي بقيمة 20 مليار دولارا، وستقترض الدولة (المبنية على تقسيم طائفي) 6,4 مليار دولارا من صندوق النقد الدولي ومؤسسات مالية أخرى خلال العام الحالي “لمساعدة البلاد على التصدي للأزمة الإقتصادية وانخفاض أسعار النفط وتكاليف محاربة تنظيم داعش” بحسب وزير المالية “هوشيار زيباري”، بينما اعتبر البنك المركزي أن المبالغ المقتَرَضَة قليلة ولا تغطي العجز المالي، فيما باعت الولايات المتحدة أسلحة للجيش العراقي مقابل قرض بقيمة 2,7 مليار دولار بشروط مجحفة، خصصت أمريكا جزءا منها لمليشيات عشيرة البرازاني (كردستان) في حين تُسَدِّدُ الدولة العراقية قيمة القرض كاملة (مع الفائدة) ، ولا تراعي السياسة الأمريكية نهبها لثروات البلاد منذ 2003 والحصار منذ 1991  رويترز 29/03/16

 

عرب النفط: كانت الدويلات الخليجية ضمن الدول التي تُحقق فوائض مالية مرتفعة مهما تردت حالة الاقتصاد العالمي، ولكنها بدأت تجني ثمار الاعتماد المفرط على النفط في تمويل موازناتها، فبعد تراجع أسعار النفط بأكثر من 70% على مدى عام ونصف، بدأت تحقق عجزا نقديا فبلغ عجز موازنة السعودية (أكبر مُصَدِّر عالمي للنفط) 98 مليار دولارا سنة 2015 وأقرت موازنة العام 2016 بعجز قدره 87 مليار دولار، أو نحو 39% من الموازنة وتتوقع الكويت تحقيق عجز مالي قياسي بقيمة 40 مليار دولار أو بنسبة 60% من الإنفاق خلال العام المالي 2016-2017 ويقدر صندوق النقد الدولي عجز مَشْيَخَاتِ الخليج مُجتمعة بقرابة 400 مليار دولار خلال العامين المُقبلين، وهذا نتيجة للإعتماد المُفرط على النفط بنسبة تتراوح بين 65-95% وتبديد “الشيوخ” الحاكمين الإيرادات على البذخ والنزوات وشراء الذمم وإرشاء المواطنين في الداخل والمُتَنَفِّذِين في الخارج (بشراء السلاح والعقارات والسلع الإستهلاكية) ولم توجه العائلات المالكة هذه الأموال لإحداث تنمية اقتصادية وصناعية في الخليج والوطن العربي، لأنه من حق المواطن العربي محاسبة شيوخ الخليج عن الإسراف والتبذير والعدوان على الشعوب، ولم تُوَجَّهْ العائدات نحو رفاهة المواطن الخليجي والعربي، وتحرير فلسطين والأراضي العربية المُحْتَلّة… نتج عن انخفاض سعر برميل الخام من 110 دولارات إلى نحو 30 دولارا -خلال سنة ونصف- إلى سحب حكام الخليج أموالا من الإحتياطي النقدي الذي قدره صندوق النقد الدولي ب904 مليارات دولارا، فسحبت السعودية نحو 67 مليار دولار من احتياطاتها النقدية سنة 2015، بهدف سد العجز، وفقًا لبيانات مؤسسة النقد السعودي ولتقديرات صندوق النقد الدولي، ولكن احتياطي السعودية والبحرين وسلطنة عمان لا يكفي لأكثر من خمس سنوات في حين قد تكفي احتياطيات كل من الكويت وقطر لمدة 25 عامًا، والإمارات 30 عامًا، ويتسبب الإعتماد المفرط على عائدات النفط في التأثر السريع بالركود العالمي وضعف الطلب على النفط، ما اضطر الحكومات الخليجية لإعلان خطط لتمويل العجز، من خلال بيع السندات السيادية خلال سنتي 2015 و 2016، فأصدرت السعودية سندات دين محلية بقيمة 31 مليار دولار خلال 2015، كما أصدرت كل من البحرين وسلطنة عُمان سندات حكومية بقيمة 3,9 مليار دولار وصكوك بقيمة 2,95 مليار دولار، وقد تواجه هذه الحكومات مشاكل إعادة جدولة الديون أو إعادة تمويل الديون بديون أخرى، إذ يحين استحقاق سندات بقيمة 52 مليار دولارا وقروض بقيمة 42 مليار دولارا خلال السنتين القادمتين (أي نحو 94 مليار دولارا)، كما تَغَيَّرَ خطاب وسائل الإعلام التي أصبحت تحاول إقناع المواطن (الرعية) الخليجي بضرورة إقرار الضرائب وتسديد ثمن الكهرباء والغاز والماء ونفقات العلاج وتعليم الأبناء، وتتجه حكومات مجلس التعاون الخليجي إلى إقرار عدد من إجراءات التقشف، منها رفع الدعم عن الوقود ورفع أسعار السلع والخدمات الأساسية منها الغذاء والطاقة والمياه والصرف الصحي وإقرار ضرائب على أرباح الشركات المحلية (التي كانت مُعْفاة) وعلى الأراضي غير المبنية في المناطق العمرانية بنسبة 2,5%، ومجموعة من التدابير الأخرى التي طرحها صندوق النقد الدولي، بعد إعلانه ان خسائر دول الخليج قد تصل إلى تريليون دولار- خلال السنوات الخمس المقبلة- إذا استمرت أسعار النفط  دون 50 دولارًا، وتتجه دويلات الخليج إلى خفض رواتب القطاع العام (حيث يعمل الخليجيون)، بينما ترتفع الأسعار والنفقات والأعباء المالية للمواطن، ما يتطلَّبُ زيادة الدخل بدل انخفاضه، ومع ذلك فإن خطوات التقشف هذه لن تكون كافية لإيجاد توازن في النظام الاقتصادي الخليجي وفي تقليص العجز المالي بشكل كبير، على المدى القصير والمُتَوَسِّط طالما ظلت الحكومات تعتمد بشكل رئيسي على عائدات النفط وطالما بقيت أسعار النفط منخفضة، وتتطلب إعادة هيكلة الإقتصاد الإستثمار في الزراعة والصناعة والتقنيات والبحث العلمي، وهذا يتطلب إرادة سياسية -غير مُتَوفِّرة في حكومات الخليج وغيرها- ويتطلب إعادة توزيع الثروة على مدى عقود، وتكوين جيل جديد بعقلية وطنية بعيدة عن العقلية “الإستهلاكية” عن “بيزنس انسايدر” 15/03/16

 

الخليج: يمثل المهاجرون في الخليج أكبر نسبة إلى السكان مقارنة بأي منطقة بالعالم بعد أميركا الشمالية (حيث يمكن هناك للمهاجر أن يصبح مواطنا، خلافا للخليج) بأكثر من 25 مليون مهاجر ومعظمهم من الشبان الذكور من أفقر دول العالم، من بينهم 8 ملايين من الهند و3 ملايين من باكستان و3 ملايين من بنغلاديش ومليونان من مصر، و1,8 مليون من إندونيسيا، وقد تتأثر بلدانهم الفقيرة بتبعات تدهور أسعار النفط التي قد تؤدي إلى تراجع التحويلات المالية وربما الإستغناء عن جزء من هؤلاء العمال (والعاملات)… كان من نتائج الطفرة النفطية ارتفاع عدد العمال المهاجرين في السعودية من 5,3 مليون سنة 2000 أو نسبة 25% من السكان إلى 10,2 مليون سنة 2015 أو 32% من عدد السكان، ويوجد 8,1 مليون مهاجر في الإمارات و2,9 مليون في الكويت و1,8 مليون في سلطنة عُمان و1,7 مليون في قطر و700 ألف في البحرين، وتعتمد السعودية على العمال المهاجرين بدرجة أكبر من دول أخرى، باستثناء الإمارات، وتأتي السعودية في المركز الرابع من حيث عدد المهاجرين بعد الولايات المتحدة (47 مليوناً) وألمانيا (12 مليوناً) وروسيا (12 مليوناً)، وفشلت خطط “توطين” أو “سَعْوَدَة” الوظائف، لأن الوظائف التي يشغلها المهاجرون إما صعبة (عمل يدوي) بأجور مُنْخَفِضة وبلا حقوق أو هي وظائف تتطلب خبرات ومهارات خاصة (طب أو هندسة أو تدريس…) بل زادت نسبة المهاجرين إلى السكان وقوة العمل، بعد إطلاق سياسات “السعودة” الرسمية، واستوردت السعودية سنة 2015 نحو 1,9 مليون مهاجر من الهند و1,3 مليون من إندونيسيا و1,1 مليون من باكستان و970 ألفاً من بنغلاديش و730 ألفاً من مصر و620 ألفاً من سوريا و580 ألفاً من اليمن،  وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، إضافة إلى عمال بأعداد أقل من نيبال (380 ألفاً) وأفغانستان (365 ألفاً) والسودان (365 ألفاً)  وميانمار (200 ألف) والأردن (180 ألفاً) وإثيوبيا (125 ألفاً) ولبنان (115 ألفاً)… أرسل العمال المهاجرون إلى ذَوِيهم سنة 2014 تحويلات نقدية بحوالي 36 مليار دولار وفقاً لصندوق النقد الدولي، وهي أرقام ما انفكَّتْ ينشرها وسائل الإعلام السعودية دون ذكر متوسط النصيب الضعيف لكل فرد من هذه التحويلات (أقل من 3530 دولار للعامل سنويا كمتوسط أو متوسط 294 دولارا شهريا) ومن هؤلاء المهاجرين موظفون كبار في المصارف وقطاع النفط ومستشارون وخبراء الخ ويحولون إلى أمريكا أو أوروبا أو الهند مبالغ يفوق معدلها تحويلات العمال، ويقول أحد أعضاء العائلة الحاكمة الأمير “تركي الفيصل” بهذا الصَّدد:” نحن نستضيف أكثر من ثلاثين ألف مواطن أمريكي وندفع لهم رواتب عالية  في الأعمال والصناعة لمهارتهم”… ارتفع معدل البطالة بين السعوديين (قبل انخفاض أسعار النفط) إلى 11,7% وترتفع هذه النسبة بين النساء (33%)، والشبان بين 15 و29 عاماً إلى أكثر من 30% وترتفع كذلك في بعض المناطق مثل الرياض وحائل ومنطقة الحدود الشمالية، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة – رويترز 23/03/16

 

الخليج: أشرنا في العدد السابق إلى استغلال شركات الأدوية والمُخْتَبَرات ارتفاع مستوى العيش في الخليج لِكي تعْقِدَ عدة ندوات طبية تحت إشرافها وبمشاركة علماء وأطبّاء مُرْتَزَقَة لا تهمهم الحقائق والإكتشافات العلمية والطبية بقدر ما يهمهم المبلغ التي يقبضونها مقابل تسويق أجهزة ومعدات وأدوية لدى عرب النفط (عرب امريكا)، وعقدت شركات عالمية مؤتمرا في دبي بحضور نحو 300 “خبير ومختص” انطلقوا من حقائق وبيانات رسمية بخصوص “تزايد حجم التكلفة التي تتحملها دول الخليج لعلاج مواطنيها في الخارج”، ليستنتجوا “ضرورة الاستثمار في مدن طبية ومستشفيات (خاصة) ذات مواصفات عالمية، والتوسع في الكليات الطبية لسد النقص في الكوادر الطبية، الذي يقدر في الخليج بـ20 طبيبا لكل 10 آلاف شخص وهو نصف المعدل في دول أوروبا”، بهدف خفض عدد المُسافرين إلى الخارج للعلاج، أما هدف المؤتمر فهو الدعوة إلى إنفاق حكومات الخليج على القطاع الخاص في مجال الصحة والطب والأدوية ومراكز الأبحاث، وجميعها ستكون فروعا لشركات أمريكية وأوروبية بأموال خليجية، وتناغم خطاب “الخبراء المُرْتَزَقَة مع خطاب صندوق النقد الدولي الذي يحث كافة البلدان على تصفية القطاع العام الصحي وتمويل قطاع تأمين صحي مكانه، يَسْتَفِيد منه القطاع الخاص (بعد إهمال القطاع العام واضطرار المواطنين إلى اللجوء إلى القطاع الخاص)… يُقَدَّرُ إنفاق دول الخليج على علاج رعاياها في اوروبا واسيا وامريكا بنحو 5,5 مليار دولار سنويا، ويتوقع أن يرتفع نتيجة ارتفاع عدد السكان وتغيير نمط العيش، وتحاول الشركات العالمية (تُجَّار قطاع الصحة) بيع مراكز مُخْتَصّة غالية الثمن وتتطلب اختصاصيين وقطاع غيار غالية لتسييرها وإدارتها مثل مراكز لعلاج الحالات الحرجة والسكتة أو الجلطة الدماغية والحالات الطارئة… عن “رويترز” 24/03/16

 

السعودية- أزمة سكن: يعاني مُتَوسِّطُو وضعاف الدخل في السعودية من أزمة السكن وارتفاع إيجار المسكن وصعوبة التملك، وأعلنت وزارة الإسكان السعودية انها “وَفَّرَتْ 1,3 مليون وحدة سكنية” (دون ذكر الفترة ) ومع ذلك تقَدَّرُ الفجوة بين العَرْضِ والطَّلَب بأكثر من 400 ألف وحدة سكنية، وتُقَدّرُ الفجوة بنقص 130 ألف وحدة سكنية في العاصمة الرياض لوحدها، إضافة إلى ان الوحدات المَعْرُوضَة توجد أحيانا في مناطق لا تتوفَّرُ فيها الخدمات وهي لا تتناسب مع قدرة المواطنين على الشراء وتفوقها بنحو 30 ضعفا بحسب خبراء عقاريين سعوديين، ويتوقع أن يرتفع الطلب في ضواحي المدن (مثل العاصمة الرياض وجدَّة ومكَّة والمدينة) بعد إتمام عملية الربط بالقطار الحَضَرِي (المترو) وحافلات النقل العام، وقَرَّرَت الدولة فرض الرسوم على الأراضي البيضاء (التي تملك معظمها العائلة الحاكمة) ولن تأثيره يبقى محدودا على السوق العقارية عن صحيفة “عكاظ” 24/03/16 السعودية، فَقْرٌ مُعْتَرَفٌ به: يلاحظ الزائر الفَطِن مظاهر الفقر والتَّسَوُّل في طرقات وأطراف المُدُن السعودية (أحياء فقيرة) وأَمَامَ المَسَاجِد، ولكن الدولة تَنْكُرُ ذلك، وَتَدَّعي وسائل الإعلام السعودية أن المتسوِّلِين أجانب، في حين ان مُعْظَمهم أطفال (لا يذهبون إلى المدارس) أو نساء مُطَلَّقَات وأرامل بدون كَفِيل… اعترفت وزارة الشؤون الإجتماعية مؤخرا في مجلس الشورى بوجود نحو مليون فقير منهم نحو 50% نساء (مُطَلَّقَات وأرامل و”مَهْجُورَات”) ونشَرَت المؤسسة الخيرية “تكافل” (وهي مؤسسة رسمية لدعم طلاب المدارس المُحْتَاجِين) تقريرا مفاده انها تقدم مساعدات مادية إلى 250 ألف طالب فقير في مختلف مراحل التعليم، منهم 137,5 ألف في المرحلة الإبتدائية (حوالي 55% من إجمالي المساعدات)، بينهم الأيتام (11 ألف طفل) وأبناء العاطلين عن العمل (101 ألف) وذوي الدخل المحدود، أي أقل من ألف ريال (184 ألف)، ونظرا لازدياد عدد المحتاجين زادت مؤسسة “تكافل” من شروط “تحرِّي الدقة في توجيه الإعانات لِمُسْتَحِقِّيها” (وهي لغة صندوق النقد الدولي، بهدف خفض الدعم) واختزال مدة التسجيل وغيرها من شروط الإنتقاء بهدف خفض عدد المُسْتَفِيدين، في زمن التقشف والضغط على الإنفاق بسبب انخفاض أسعار النفط  عن “الإقتصادية” 26/03/16

 

السعودية، “تأثيرات جانبية” لانخفاض أسعار النفط: ذكرنا في عددين سابقين أخبارا عن الشركات السعودية التي لم تُسَدد أجور العمال لفترة بلغت ستة أشهر ومنها شركة “سعودي أوجيه”… أسس رفيق الحريري (الذي يحمل الجنسية السعودية) شركة “سعودي أوجيه” (Saudi Oger) للبناء والإنشاء منذ نحو 45 سنة، وتعد إحدى أكبر شركات المقاولات والبناء في السعودية بحوالي خمسين ألف عامل، قبل أن تفرضه السعودية رئيسا لوزراء لبنان، فاستحوذت شركته “سوليدار” على معظم أحياء بيروت مجانا، وباع إلى أصحاب الأراضي والمنازل أسهما في شركته، وأغرق الدولة في الديون التي استفادت منها شركاته العديدة، وجمع بذلك جهارا بين السلطة السياسية وسلطة رأس المال، وبعد اغتياله سنة 2005 ورثه ابنه سعد الحريري على رأس شركاته ومنها “سعودي أوجيه” (كما ورث عنه السلطة السياسية أيضا وحزب “المستقبل”)… تأخرت الحكومة السعودية في تسديد مُسْتَحقّات الشركات التي تنفِّذ مشاريع حكومية، منذ انخفاض أسعار النفط وانخفاض إيرادات الدولة وَتَوَرُّطِ السعودية في أكثر من حرب عدوانية ضد فقراء العرب، وارتفاع العجز في ميزانيتها إلى 87 مليار دولارا (سنة 2016)، ما أدى إلى تخَلُّفِ شركات كبرى مثل مجموعة “بن لادن” للمقاولات و”سعودي أوجيه” عن تسديد رواتب العمال لفترة تصل إلى ستة أشهر، وتجمع العمال أمام مَقرّات هذه الشركات مُطالبين بحقوقهم، ويتهم بعض العاملين شركة “سعودي أوجيه” بسوء التصرف، لأن اعتادت على عدم صرف الرواتب، قبل الأزمة الحالية، وتدَخّلت سفارات الدول الغنية لدى الشركة لتسديد رواتب مئات الأوروبيين (والفرنسيين بشكل خاص) ولكن سفارات البلدان الفقيرة (نيبال وبنغلادش وباكستان…) لا تتدخل وليس لها وزن، وأدى سوء التصرف في شركة “سعودي أوجيه” إلى احتراز المصارف السعودية من وضعها، وتتردد في إسنادها قروضا، ما قد يؤدي إلى إعلان إفلاسها، إذا لم تستطع إغراء مُستثمرين جدد لِضَخِّ السيولة في خزائنها عن “أ.ف.ب” 27/03/16

 

جنوب السودان: ارتفعت اسعار المواد الغذائية الى مستويات قياسية بعد عامين من حرب الاهلية بين القوات الموالية للرئيس “سلفا كير” ونائبه “رايك ماشار”، ما جعل منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (فاو) تُعْلِنُ ارتفاع مستويات الجوع إلى درجات “مخيفة”، وأصبحت ولاية “الوحدة” الواقعة على حدود السودان على أبواب مجاعة، بسبب استمرار القتال، رغم توقيع طرفي النزاع اتفاق سلام في آب/اغسطس 2015، وبسبب موسم الجفاف الذي أدى إلى بلوغ اسعار المواد الغذائية مستويات قياسية، وارتفاع حالات الموت جوعا وحالات سوء التغذية وانعدام الامن الغذائي في مناطق القتال، وتتوقع المنظمة زيادة تدهور الوضع هذا العام (2016) بسبب الجفاف وانخفاض مخزون الغذاء، وتوسع رقعة القتال إلى ولايتي “الاستوائية” و”بحر الغزال”، اللتان تزودان باقي البلاد بما تحتاجه الحبوب… اندلعت الحرب الأهلية في كانون الاول/ديسمبر 2013، بعد ان اتهم الرئيس “سالفا كير مايارديت” نائبه السابق “رايك ماشار” بتدبير محاولة انقلابية، مما ادى الى انطلاق سلسلة من اعمال القتل والقتل الانتقامي قسمت البلاد الفقيرة (رغم النفط) اثنيا إلى قسمين عن أ.ف.ب 29/03/16

 

إيران/باكستان: انعقد في “إسلام آباد” (باكستان) مؤتمر تجاري حضره الرئيس الايراني حسن روحاني (الذي يزور باكستان لفترة يومين) إلى جانب رئيس الحكومة الباكستانية نواز شريف، وتُجري الحكومتان (بمناسبة الزيارة) محادثات تتناول زيادة واردات باكستان من الطاقة الكهربائية من ايران وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين لتبلغ قيمته خمسة مليارات دولارا بحلول 2012 وإحياء مشروع مد خط أنابيب الغاز بينهما، وزيادة عدد الطرق البرية العابرة للحدود والمعارض التجارية والتعاون الصناعي والزراعي… بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 1,32 مليار دولار في 2008-2009 ثم انخفض الى 432 مليون دولار فقط في 2010-2011 عقب فرض العقوبات “الغربية” على طهران، والتي رُفِعَ مُعْظَمُها في كانون الثاني / يناير 2016 بعد توصل ايران الى اتفاق مع الولايات المتحدة وتوابعها، وتصدر إيران حوالي 100 ميغاواط من الطاقة الكهربائية الى المناطق الباكستانية المتاخمة للحدود الايرانية، وترغب حكومة باكستان زيادتها إلى 1000 ميغاواط، وزيادة استيراد النفط والغاز والحديد من ايران، فيما تستعد إيران إلى زيادة واردت الاقمشة والمعدات الجراحية والتجهيزات الرياضية والمنتجات الزراعية من باكستان، و”مساعدة باكستان في تطوير بنيتها التحتية الاقتصادية بما في ذلك الطرق والسكك الحديد والسدود وغيرها” بحسب الرئيس الإيراني… تتنافس إيران وروسيا على الإستحواذ على سوق الطاقة والبنية التحتية في باكستان  رويترز 26/03/16

 

كوبا: تبعد جزيرة “كوبا” 90 ميلاً عن ولاية فلوريدا وصمدت منذ 1961 أمام الحصار الاقتصادي، وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي في 1991، انهار الناتج المحلي للفرد بنسبة 35% وانخفض استيراد الغذاء 50% واستهلاك البروتين 40% وتَوَقّع المُراقبون (الأمريكيون بشكل خاص) لكن ذلك لم يحْدُثْ وتحمل الشعب مشاق تلك المرحلة، ورغم إخفاق برامج التنمية الصناعية، حققت الدولة انجازات اقتصادية واجتماعية كبرى، وبعد نحو 20 سنة (منذ 1995) ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي وتحتل كوبا المراتب العليا عالمياً في مؤشر التنمية البشرية (الأمم المتحدة) وتعتبر كوبا في مصاف الدول المتقدمة في العالم في المجال الطبي وصناعة الأدوية وتعتبر علاجات السرطان ومن بينها اللقاح المضاد لسرطان الرئة  (ِCima vax) الذي سيجرب قريباً في أميركا من الأكثر تطوراً في العالم، وفتحت كوبا -رغم قِلَّة المَوارد- مؤسساتها التعليمية لآلاف الطلاب من افريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية وأرسلت الآلاف من أطبائها الى أنحاء العالم ليخدموا الفقراءه، ويعيش الأطباء الكوبيون في فنزويلا في مساكن مشتركة مع فقراء أحياء كراكاس التي لا يعرفها عملاء أمريكا المَحَلِّيُّون، وكان الجيش الكوبي قد شارك بشكل فعَّال في محاربة الإستعمار ونظام الفصل العنصري في افريقيا ( في الكونغو قبل نحو 55 سنة ثم في انغولا وموزمبيق حتى حدود ناميبيا)… لهذه الأسباب استَمَرَّت الولايات المتحدة في حصارها وفي محاولة غزوها (عملية خليج الخنازير) والإطاحة بنظامها ومحاولات اغتيال قادتها وسن العديد من القوانين المُعادية لنظام كوبا ومنها قانون 1966 الذي يتيح لأي كوبي تطأ قدماه الولايات المتحدة، بأي طريقة كانت، الحصول على الإقامة (غرين كارد) ومن ثم الجنسية بسهولة، وأعلن فيدل كاسترو سنة 2001 “لو طبقت الولايات المتحدة مثل هذا القانون على بلدان أخرى لما بقي فيها سوى نفر قليل…” عن “الأخبار” 24/03/2016

 

البرازيل، تعميم الفساد: نشرت صحف البرازيل أخبارا عن تمويل شركة البناء البرازيلية العملاقة “اوديبرشت” حملات أكثر من 200 مرشح من 18 حزبا، منهم من طالبوا بإقالة الرئيسة التي لم تتورّط شخصيا، لكن حزبها (حزب العُمَّال) مُوَرّط في عديد القضايا، وضمن اللائحة أيضا زعيم المعارضة الخاسر امام “ديلما روسيف” في انتخابات 2014 “اسيو نيفيس” الذي تلقى شخصيا (إضافة إلى حِزْبِهِ) أموالا من شركة البناء العملاقة وهو يقود حاليا حملة شرسة بهدف إقالة الرئيسة، وكذلك رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الشيوخ والرئيس الاسبق “جوزيه سيرناي” (1985-1990)، وتُجِيزُ قوانين البلاد المساهمات الخاصة للشركات في الحملات الإنتخابية، لكن هذه اللائحة تحتوي أسماء شخصيات أساسية في الحياة العامة للبلاد تمت الاشارة اليها بكنيات مستعارة، ونُشِرَتْ –رغم الحظر القضائي- وسط مناخ سياسي وقضائي وأمني مُضْطَرِب (مُعَادي للرئيسة الحالية وحِزْبِها) واهتزاز تحالف وسط اليسار الحاكم بفعل فضيحة فساد شركة النفط الحكومية “بتروبراس”، وكان المدير السابق لشركة البناء “مارسيلو اوديبرشت” المحكوم في بداية آذار/مارس 2016 بالسجن 20 عاما، قد أعلن قبل نشر هذه المعلومات بيوم واحد “التعاون” مع المحققين في مقابل خفض عقوبته مستقبلا (راجع العددين السابقين من هذه النشرة) عن أ. ف. ب 24/03/16

 

آسيا: يتوقع بنك التنمية الآسيوي (مقرُّهُ “مانيلا” عاصمة الفِلِبِّين) ارتفاع نسبة النمو في منطقة جنوب شرق آسيا من 4,4% سنة 2015 إلى 4,5% سنة 2016 وإلى 4,8% سنة 2017، ولكنه خَفَّض توقعاته الإجمالية لنمو الاقتصاد في الدول النامية في آسيا هذا العام من 5,9% سنة 2015 إلى 5,7% سنة 2016 وسط تأثيرات عالمية سلبية وبسبب توقعات انخفاض نمو الصين من 6,9% سنة 2015 إلى 6,5% سنة 2016 وربما 6,3% فقط سنة 2017 فيما قد يرتفع نمو اقتصاد الهند إلى 7,4% سنة 2016 و 7,8% سنة 2017، لكن تأثير اقتصاد الهند يبقى أقل بكثير من تأثير اقتصاد الصين بسبب ضعف هيكلة الإقتصاد والبنية التحتية ووسائل النقل في الهند، وتتميز اندونيسيا كذلك بضعف البنى التحتية، رغم قرارات الحكومة بتوجيه استثمارات ضخمة لقطاع البنية التحتية، لكنها تُعَوِّلُ على الإستثمار الخاص لتعزيز النمو، ما يُمَثِّلُ سرابا في البلدان الفقيرة أو متوسطة النمو  عن أ.ف.ب 30/03/16

 

روسيا والصين- طاقة: اتفقت حكومتا روسيا والصين على صيغة لتمويل البنية التحتية والإنتاج في المشروع الضخم للغاز الطبيعي المُسَال “يامال”، قريبا من القطب الشمالي على الأراضي الروسية، وبنت روسيا مطارا حديثا في المنطقة وتأمل أن يَسْمَح حقل الغاز بتنشيط اقتصاد المنطقة الثلجية الباردة ويُنَشِّط صناعة السفن أيضا، لنقل الغاز والسلع والمُعِدّات، وتساهم في مشروع حقل “يامال” شركة “نوفاتيك” الروسية للطاقة بحصة تبلغ50,1 % وشركة النفط الوطنية الصينية وشركة “توتال” الفرنسية للنفط بحصة 20% لكل منهما وصندوق طريق الحرير الصيني بحصة 9,9%، وسيبحث المساهمون الحلول النهائية لتمويل المشروع ، خلال شهرين أو ثلاثة… اتجهت روسيا نحو الصين لتمويل مشاريع الطاقة بعد فرض العقوبات الأمريكية والأوروبية، وقبلت شروط الصين (المُجْحِفَة) التي رفضتها طيلة أكثر من عشر سنوات “نوفوستي 26/03/16

 

تركيا، تزرع إرهابا في الخارج وتحصد إرهابا في الدّاخل: تأثرت الحركة الإقتصدية بحُدُوث سلسلة من التفجيرات الإرهابية في مدينة “اسطنبول” وخصوصا حركة الفنادق والمطاعم والمحلات التجارية التي كان يرتادها يوميا جمهور غفير من السكان المحليين ومن المُسافرين والسائحين، وكان الإقتصاد التركي يعاني قبل التفجيرات من هشاشة النمو وارتفاع العجز العام وارتفاع نسبة التضخم، وتتخوف الحكومة من الأضرار التي لحقت (وستلْحَقُ) قطاع السياحة، ومن انخفاض مستوى الاستثمار على المدى الطويل… بعد إسقاط الجيش التركي (مَحْمِيًّا بالحلف الأطلسي) طائرة روسية فوق الأراضي السورية (تشرين الثاني/نوفمبر 2015)، فرضت روسيا حظرا على توريد عدد من المنتوجات التركية، وطلبت من مواطنيها عدم التوجه إلى تركيا، وتزامن ذلك مع استئناف النزاع الكردي في جنوب شرق البلاد، فانخفض عدد السائحين بنسبة 20% في شهر كانون الثاني 2016 مقارنة بنفس الشهر من 2015 واضطرت الفنادق إلى  تخفيض ايجار الغرف بنسب تصل إلى 50% ومع ذلك فإن نصف الغرف شاغرة منذ أشهر، ويتوقع تقرير لمصرف “فينناس بنك” تراجع عائدات السياحة من 21 مليار دولارا خلال 2015 إلى 17 مليار دولار سنة 2016 وأن ترتفع نسبة البطالة في البلاد التي تجاوزت 10% من قوة العمل، بسبب عزوف المستثمرين وارتفاع حدة الاضطرابات السياسية وتسييس أجهزة الشرطة والقضاء واستخدامها ضد الخصوم… أ.ف.ب 27/03/16  يعاني القطاع السياحي من فتور في العلاقات بين تركيا وروسيا، حيث انخفض عدد السياح الروس إلى النصف، بعد إسقاط إحدى طائرات سلاح الجو التركي طائرة روسية سنة 2015 وانخفض عدد الزائرين الأجانب سنة 2015، كما هبط عدد الزوار الأجانب إلى تركيا بنسبة 10% في شهر شباط/فبراير 2016 وهي نسبة لم تشهدها البلاد منذ عقد من الزمان، بسبب تدهور الوضع الأمني فيها وحُصُول عدة هجمات في الفترة الأخيرة، خصوصا في العاصمة السياسية “أنقرة” والعاصمة الإقتصادية “إسطنبول”، وقد تزيد حدَّة الإنخفاض بشكل أكبر بعد انفجار في مركز إسطنبول التاريخي في شهر كانون الثاني/يناير 2016 ما أدى إلى مقتل 12 سائحا ألمانيا، ويقدر المراقبون الاقتصاديون أن إيرادات قطاع السياحة ستنخفض بنسبة 25% وسيخسر الاقتصاد التركي جَرَّاء ذلك نحو 8 مليارات دولار رويترز 29/03/16

 

أمريكا، المال السياسي: يستنبط مرشحو الإنتخابات الرئاسية الأمريكية أشكالا مستوحاة من الإشهار التجاري لتمويل الحملة الإنتخابية، وكانت “هيلاري كلينتون” قد نظّمت في ديسمبر/كانون الأول/ديسمبر 2015 عشاء مع المطرب الأمريكي “ستينغ” ومن أراد مشاركتهما هذا العشاء يسدد مبالغ تتراوح بين 33,4 و100 ألف دولارا للكرسي الواحد، وجمعت من خلال هذا العشاء 8 ملايين دولار في ليلة واحدة، وستعيد التجربة مع مشاهير آخرين، وعلى “الضيوف” تسديد مبالغ تتراوح بين 176,7 ألف دولارا و 353,4 ألف دولارا، لتمويل حملتها الإنتخابية داخل الحزب الديمقراطي… عن مجلة “بوليتيكو” – روسيا اليوم 26/03/16

 

لجوء: تجتمع الدول الغنية في جنيف (سويسرا) لمناقشة “أزمة اللاجئين السوريين”، التي حوَّلَتْها بلدان أوروبا (التي تقصف طائراتها وقنابلها بلدان اللاجئين ومنها سوريا) إلى ذريعة لمشاكلها الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، واحتل اللاجئون صدارة الأخبار والتعليقات، لكن “أوكسفام” (منظمة مسيحية لمكافحة الجوع) أعلنت إن الدول الغنية (أعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) التي وَقَّعَتْ الإتفاقية الدولية بخصوص اللاجئين لم تستقبل أكثر من 1,5% من إجمالي اللاجئين السوريين الذين شرَّدَتْهُم الحرب والمقَدَّر عددهم بنحو خمسة ملايين، وتعهدت مجموع الدول الغنية باستقبال نحو 130 ألفا من أصل 5 ملايين لاجئ سوري ولكنها لم تستقبل بالفعل سوى أقل من نصفهم، وعرضت بريطانيا على سبيل المثال استقبال 20 ألف شخص فقط بحلول عام 2020 (أي خلال خمس سنوات) وطالبت المنظمة الدول الغنية باستقبال نحو 10% من عدد اللاجئين قبل نهاية العام الجاري… لم تستقبل قارة أوروبا في تاريخها (حتى في ذروة الحروب العالمية) أكثر من 10% من اللاجئين في العالم، وتكفَّلَت بلدان الجوار باستقبال اللاجئين من فلسطين ومن مناطق الحروب في افريقيا وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا… عن “أوكسفام” 29/03/16 

 

عالم: ورد في دراسة أصدرها مكتب إحصاء السكان في الولايات المتحدة ان عدد المسنين الذين تتجاوز اعمارهم 65 عاما سيتضاعف بحلول عام 2050 فيما تتسارع الزيادة في عدد المسنين في جميع انحاء العالم، وتبلغ نسبة من تجاوزت اعمارهم الـ 65 سنة حاليا نحو 8,5% من مجموع سكان العالم اي اكثر من 600 مليون نسمة، وقياسا على الوتيرة الحالية سيبلغ عدد المُسِنِّين 1,6 مليار نسمة بحلول 2050 أو ما يعادل 17% من سكان العالم، إذ سيرتفع معدل العمر (الأمل في الحياة) من متوسط 68,6 سنة حاليا إلى 76,2 عاما سنة 2050 ما لا يعني ان صحتهم أفْضل، وتُشَكِّلُ الزيادة في نسبة المسنين العديد من التحديات للصحة العامة، وتدريب عُمَّال الصحة والخدمات الإجتماعية على العناية يالمُسِنِّين، كما يتوقع ان يتضاعف عدد من تجاوز اعمارهم الـ80 ثلاث مرات بين سنتي 2015 و2050، من 126,5 مليون نسمة الى 446,6 مليون نسمة في الفترة نفسها عن مكتب إحصاء السكان في أمريكا- رويترز 29/03/16

 

بزنس الصحة: تُعْتَبَرُ الصين ثاني أضخم سوق للمستحضرات الدوائية في العالم لكن الرقابة على إنتاج وتوزيع الأدوية ضعيفة (تماشيا مع “الثورة” الرأسمالية في البلاد)، بينما لا تتوافر بعض اللقاحات لعلاج الالتهاب الرئوي والحمى الشوكية والأمراض الفيروسية لدى الأطفال إلا لدى أسواق القطاع الخاص، وتُبَاع عقاقير عديدة غير مُطَابِقَة للمواصفات في السوق الموازية، وانتشرت أخبار فضيحة بيع لقاحات منتهية الصلاحية في السوق بقيمة نحو 310 ملايين يوان (47,55 مليون دولار) من إجمالي سوق يُقَدَّرُ حجمها بنحو 90 مليون دولار، وأعلنت منظمة الصحة العالمية “إن توزيع اللقاحات في أسواق القطاع الخاص لا يخضع للمعايير السليمة” (الدولار = 6,5155 يوان)… في العالم، انخفض عدد الشركات الكبرى لإنتاج العقاقير من حوالي ستين شركة إلى حوالي 12 شركة، بسبب الإندماج واستحواذ المختبرات الكبرى على الأصغر منها، ما مكنها من احتكار الأسواق وتحديد أسعار خيالية لبعض الأدوية مثل تكلفة علاج التهاب الكبد “س” الذي لا يتجاوز إنتاجه 150 دولارا وتبيعه المختبرات بأسعار قد تصل إلى 80 ألف دولار، وبَرَعَتْ بعض هذه الشركات في فنون الإبتزاز، فعندما قررت حكومة اليونان خفض أسعار بعض الأدوية، رفضت الشركات المُنْتِجَة لها إرسالها إلى اليونان، بسبب انخفاض الأرباح، والواقع ان الإيرادات الإجمالية للشركات العشرة الأكبر بلغت حوالي 400 مليار دولارا سنويا، وبلغت نسبة أرباحها منها قرابة 20% وتُخَصِّصُ نفس هذه الشركات 14,2% من إيراداتها للبحث العلمي ولكنها تُخَصِّصُ نسبة تتراوح بين 25% و30% للإشهار وتسويق “سِلَعِها”، خصوصا في البلدان الغنية التي يقدر سُكّانُهَا أو نظام التأمين فيها على الإنفاق الصحي المُرْتَفِع، وأنتجت مجموع الشركات 1450 عقارا جديدا بين سنتي 1972 و 1997، ولكن 11 منها فقط (أي أقل من 1%) موَجَّهَة لعلاج أمراض سكان البلدان الواقعة على خط الإستواء، حيث يموت نحو مليون طفل سنويا جراء عدوى “المَلاَرِيَا” وتقتل “البلهارسيا” 280 ألف شخص وتصيب الملايين الآخرين…  رويترز 28/03/16  أظهرت دراسة حديثة لمعهد معلومات الرعاية الصحية (الولايات المتحدة) أن بدائل زهيدة الثمن من العقاقير المعقدة المنتجة بالتقنيات الحيوية يمكن أن توفر لأكبر ست أسواق في الولايات المتحدة وأوروبا مبلغا يصل إلى 110 مليارات دولار بحلول 2020 شرط إدماج تغييرات في التعليم الطبي والتزام مؤسسات الرعاية الصحية بانتهاج سياسة عقلانية بخصوص الأدوية، وأعربت الشركات الكبرى للعقاقير مثل “روش” و”أبفي” عن انزعاجها من ان يؤدي انتشار هذه الأدوية الجنيسة ورخيصة الثمن إلى انخفاض عائداتها وإلى عزوف المستثمرين عن الإستثمار في شركات المستحضرات الدوائية، واستندت الدراسة إلى مبيعات ثمانية من أبرز عقاقير التقنيات الحيوية، واستنتجت أن البدائل (الأدوية الجنيسة) تُمَكِّنُ من تخفيض الثمن بمتوسط 40% عن المنتجات الاصلية في أسواق كل من الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا واسبانيا  رويترز 29/03/16

 

عولمة: طرحت حكومة الصين قبل نحو سنتين تأسيس “المصرف الاسيوي للاستثمار في البنية التحتية”، ورغم معارضة الولايات المتحدة انضم له عدد هام من حلفائها الرئيسيين إلى أعضائه المؤسسين السبعة والخمسين، قبل بضعة أشهر، منهم استراليا وبريطانيا والمانيا وايطاليا والفلبين وكوريا الجنوبية، ما جعل من تأسيسه أحد أكبر نجاحات السياسة الخارجية الصينية، وأعلنت الصين إن أكثر من 30 دولة ترغب في عضوية المصرف الذي تدعمه، بهدف كسر احتكار التمويل الذي يهيمن عليه صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، بإشراف أمريكي… رويترز 25/03/16

 

عولمة- استحواذ واندماج: قررت مجموعة “إيرباص” الأوروبية العملاقة في صناعات الفضاء بيع إحدى شركاتها لإنتاج المعدات الالكترونية للأغراض العسكرية إلى شركة الاستثمار الأمريكية “كيه كيه آر” في صفقة بقيمة 1,1 مليار يورو، وستحتفظ “إيرباص” بحصة أقلية، وقد تُنَفَّذُ الصَّفْقَة في صيغتها النهائية في الربع الأول من 2017، وأعدَّتْ “إيرباص” خِطَّةً للتخلص من بعض فُرُوعِهَا العسكرية، بقيمة 2,2 مليار يورو، بهدف التركيز على الدفاع الصاروخي وصناعة الطائرات الحربية ومركبات الفضاء والأقمار الصناعية… تعد “وحدة إلكترونيات الدفاع” جزءا من نشاط “إيرباص” للصناعات الدفاع والفضاء، ويتَرَكَّزُ نشاطُها في مجال صناعة أجهزة الاستشعار العسكرية والحرب الإلكترونية وإلكترونيات الطيران وإلكترونيات الألياف الضوئية، وتُشَغِّلُ أربعة آلاف شخص حول العالم وتحقق إيرادات سنوية بقيمة 1 مليار يورو  عن أ.ف.ب 19/03/16

 

بوينغ، منطق رأس المال: تعتزم شركة “بوينغ” -وهي أكبر شركة عالمية لتصنيع الطائرات- تسريح أكثر من 4500 عامل قبل منتصف العام الحالي 2016، خصوصا في قسم الطائرات التجارية، بهدف خفض التكاليف مع تراجع الطلب على طائراتها، وهو ما يعادل 3% من إجمالي العمال البالغ عددهم 161 ألف شخص (نهاية 2015)، وسيطال التسريح المئات من العاملين التنفيذيين والمديرين… تجاوزت مبيعات العام الماضي (2015) التوقعات، وبلغت 762 طائرة، ولم يحصل العمال على حوافز إضافية ولم توظف شركة “بوينغ” عمالا جددا، وحالما تراجعت الطلبات هذا العام، قررت الشركة تسريح آلاف العُمَّال  رويترز 30/03/16

 

جدل حول واقع الرأسمالية 4

دروس تجربة حكم اليسار في أمريكا الجنوبية:

نُشِيرُ في بداية هذه الحلقة الرابعة إلى عدم وضوح عبارة “اليسار”، ودأبت أدبيات التقدّمِيين العرب (عبارة تَقَدُّمِي هي فضفاضة أيضا) على إدراج بعض الفصائل القومية (التي تؤمن بنوع من “الإشتراكية” ولا تميل إلى الإخوان المسلمين) والقوى التي تتبنى الإشتراكية والشيوعية (الماركسية) في صف اليسار، وسنكتفي في هذه الورقة بمثل هذا التعريف الواسع… من جهة أخرى سنحاول التطرق إلى “كوبا” في حلقة أخرى خاصة…

في بداية القرن الواحد والعشرين، وصل اليسار إلى الحكم عن طريق الانتخابات الديمقراطية في عدد من بلدان قارة جنوب أمريكا (مع الإشارة انني لا أستخدم عبارة “أمريكا اللاتينية”، لأنها أصبحت “لاتينية” بفعل وبقوة الإحتلال الإستيطاني الأوروبي، والاسباني بشكل خاص، والذي دام قرونا طوالا) وهَزَمَتْ قوى اليسار عددا من الحكومات التي طَبَّقَتْ السياسات “النيوليبرالية” ووصفات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، بعد محطة تصفية القوى السياسية والحركات المسلحة، ومحطة الدكتاتوريات العسكرية، واليوم، وبعد نحو عقدين من الفوز الإنتخابي في فنزويلا ثم في بضعة بلدان أخرى، يواجه يسار أمريكا الجنوبية (كما يسار اليونان واسبانيا والبرتغال) مأْزَق “الديمقراطية التمثيلية” وصعوبة الجمع بين الديمقراطية التمثيلية (شرعية المؤسسات) والديمقراطية المباشرة (الشرعية الثورية أو الشرعية الجماهيرية) ومأزق حدود المشاركة الشعبية والحركات الاجتماعية في إقرار السياسات، إلى جانب البرلمان… طرحت تجارب أمريكا الجنوبية عدة تساؤلات بشأن شروط التنمية الاقتصادية بالموارد المحلية والحد من الاعتماد على الإستثمارات الأجنبية (الشركات متعددة الجنسية) ورأس المال المالي (المجموعات المالية والمصارف)، إذ استخدم اليسار الحاكم في جنوب القارة الأمريكية خطابا سياسيا مناهضا للإمبريالية الأمريكية، ولكن سياسته لم تؤدِّ إلى تغيير البُنْيَة الإقتصادية رغم التحَسُّن الواضح في توزيع الثروة، وارتفاع نصيب الفقراء منها… شكّل فوز الحزب الإشتراكي في تشيلي في انتخابات 1970 برئاسة “سَلْفَادُور ألِينْدِي” أول تجربة حديثة لوصول اليسار إلى الحكم بواسطة صناديق الإقتراع، ولكن حكمه انتهى فس 11/09/1973 بانقلاب عسكري دموي مدعوم من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ثم كانت تجربة الجبهة الصندينية في نيكاراغوا قصيرة وحاربها الأمريكيون بكل ما أوتوا من قوة، إلى أن فاز “هوغو شافير” بانتخابات الرئاسة في فنزويلا، أواخر 1998 وأعيد انتخابه مرّات عديدة بأغلبية مُريحة كان آخرها سنة 2012، ودبرت القوى اليمينية بمساندة الولايات المتحدة انقلابا ضده سنة 2002 انتهى بالفشل… تمكّنت الدولة التي تعتمد على إيرادات النفط من تمويل برامج اجتماعية نجحت في خفض نسبة الفقر وفي تحسين خدمات التعليم والصحة، كما توسّعَتْ المشاركة السياسية لسكان الأحياء الشعبية والفقيرة، واستفاد حكم اليسار من توسيع قاعدته الإجتماعية الشعبية، خلال طفرة النفط، ولكنه بدأ بخسارة “مكاسبه” بداية من 2014، مع بداية انخفاض أسعار النفط، إلى أن فاز اليمين المدعوم أمريكا بأغلبية ثلثي مقاعد المجلس النيابي أواخر 2015، وكانت تجربة فنزويلا مُحَفزِّا لليسار الذي فاز في انتخابات البرازيل منذ تشرين الأول 2002 إلى اليوم وحقق بعض النجاح في مجال مكافحة البطالة والفقر لفترة عشر سنوات، وفي بوليفيا فاز اليسار بقيادة “ايفو موراليس” منذ أواخر 2005 فأمَّم قطاع المحروقات، وطبقت حكومته إصلاحا زراعيا واسعا، إلى جانب خفض نسبة الفقر والأمية، لكنه دخل في صدام مع السكان الأصليين (الذين ينتمي إليهم) بسبب الإختلاف في الرأي (والتطبيق) بخصوص نمط التنمية والأولويات والخيارات المُسْتَقْبَلِية، وفي “أورغواي” فاز مناضل وسجين سياسي سابق في صفوف منظمة “توباماروس” المُسَلَّحَة، بانتخابات الرئاسة سنة 2006 وبدل القضاء على مُسَبّبات الفقر والفوارق الطبقية المُجْحِفَة، اتجهت الدولة إلى زيادة التمويل للمنظمات الخيرية، والتركيز على التبرعات الطوعية للأثرياء ومتوسطي الدخل والمُؤمِنين (الباحثين عن الثَّوَاب) لفائدة الفقراء… تضاف إلى هذه التجارب “اليسارية” تجارب أخرى لما يسمى في الغرب “وسط اليسار” في الأرجنتين من 2003 إلى 2015 وفي نيكاراغوا وتشيلي والإكوادور، جرى إدراجها في باب حكم اليسار في أمريكا الجنوبية، ولكنها بقيت جميعا تعتمد على الإقتصاد الريعي وتصدير المواد الخام، ولم تتمكن من إحداث تغيير عميق في هياكل الإقتصاد وفي بُنْيَة الإنتاج أو البُنْيَة الطَّبَقِية للمجتمعات، إلى أن انخفضت أسعار النفط والمواد الخام، وأصبحت الحكومات “اليسارية” غير قادرة على المحافظة على وتيرة تمويل البرامج الإجتماعية فخسر “الحزب الاشتراكي الموحد” في فنزويلا الانتخابات البرلمانية (06/12/2015) وخسر اليسار “المُعْتدِل” الانتخابات الرئاسية في الأرجنتين  (تشرين الثاني 2015)، وأخفق مشروع الرئيس “أيفو موراليس” (في بوليفيا) الرامي إلى تعديل الدستور، وبدأ تراجع تأييد اليسار في الإنتخابات واضحا منذ سنة 2014 وفازت “ديلما روسيف” في البرازيل ونيكولاس مادورو في فنزويلا بصعوبة…

تنتمي منطقة أمريكا الجنوبية (في إطار التقسيم العالمي للعمل) إلى فئة منتجي المواد الخام ومستوردي المواد المُصَنَّعَة، وبانخفاض أسعار المواد الخام في منتصف 2014 تأثر اقتصاد بلدان أمريكا الجنوبية، فتراجعَ الإنتاج وانخفضت معدلات النمو الاقتصادي ونقل المستثمرون المحليون والجانب أموالهم إلى الخارج، وبالأخص إلى الولايات المتحدة، بعد  أن رَفَعَ الإحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)  معدلات الفائدة، وأصبحت حكومات امريكا الجنوبية عاجزة عن تمويل برامجها الاجتماعية التي استفاد منها جمهورها الإنتخابي، بل أصبحت تُطبِّق نفس السياسة التي كانت تُعَارِضُها وتهاجمها، مثل خفض الإنفاقن ما أدى إلى امتناع نسبة هامة من الفقراء والأُجَرَاء عن التصويت في انتخابات فنزويلا، تعبيراً عن احتجاجهم على الأزمة اقتصادية التي أدت إلى ارتفاع نسبة التضخم وغياب السلع الأساسية من الأسواق، بل حاولت حكومات اليسار إعادة التوازن إلى الإقتصاد من خلال تحفيز القطاع الصناعي، وكسب تأييد قسم من رجال الأعمال، كما حاول الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز سنة 2008 وكما حاول خَلَفُهُ نيكولا مادورو، وفشِلت المحاولتان، كما اتفقت الرئيسة البرازيلية “ديلما روسيف” مع رجال الأعمال على زيادة الإنتاج الصناعي وزيادة الاستثمار الخاص، وفي المقابل نَفَّذَتْ مطالبهم ومنها تخفيض معدلات الفائدة على القروض المَصْرِفية للشركات، وخفض قيمة العملة الوطنية لتسهيل عمليات التصدير، خفض الأجور في عدة قطاعات، ولكن رجال الأعمال لم ينفذوا الجزء الخاص بهم، لأنهم يعتبرون الاستثمار في القطاعات المرتبطة برأس المال المالي أكثر مردودية لهم من الاستثمار في القطاع الإنتاجي الصناعي، وبذلك استفادوا من الحوافز (من المال العام) بصورة مجانية ودون تقديم المقابل، وعلى صعيد الفئات التي تحسن مستوى عيشها بفضل سياسة اليسار في إعادة توزيع الثروة، أصبحت هذه الفئات مُنْجَذِبَة نحو مجتمع الاستهلاك، وابتعدت عن اليسار الذي كان له الفضل في ارتقائها الطبقي، وأصبحت تُحَارِبُ قِيَمَه الداعية إلى المُساواة والعدالة الإجتماعية، لأن سياسة اليسار اعتمدت على تحسين مستوى الإستهلاك والخضوع لمنطق السوق، بدل تطوير القطاع العام والخدمات، وزيادة موارد الدولة بواسطة زيادة الضرائب على الأثرياء، لكن مواجهة الأثرياء تتطلب نسف سياسة الوفاق الطبقي التي انتهجها اليسار (في البرازيل على سبيل المثال)، وبشكل عام تؤدي ممارسة السلطة (سواء بواسطة الإنتخابات أو بواسطة الثورة) إلى إضعاف صلة المناضلين بمواقع الإنتاج وبالمواطنين وخصوصا الفقراء والعمال، ويتحول المناضلون الحزبيون والنقابيون إلى بيروقراطيين وكوادر للدولة وإداريين في مختلف المؤسسات، فيبتعدون شيئا فشيئا عن الحركات الإجتماعية وعن النضال اليومي ضد الفساد وضد سلطة رأس المال…

وصل يسار أمريكا الجنوبية إلى الحكم في بداية القرن الواحد والعشرين، بعد عِقْدَيْنِ من “النيوليبرالية” ومن وصول “رونالد ريغان” (الولايات المتحدة) و”مرغريت تاتشر” (بريطانيا) إلى السلطة، وتَمَيَّزَتْ هذه الفترة بمحاربة العمل النقابي بالقوة العسكرية والأمنية (قطاع المناجم في بريطانيا 1984 وقطاع الطيران  في الولايات المتحدة 1980 كمثالين بارزين) وتَكَفَّلَ جهاز الدولة آنذاك بنقل الثروات العامة إلى شركات القطاع الخاص والترويج إيديولوجيا لسيطرة القطاع الخاص على الموارد الطبيعية بذريعة (زائفة) أن القطاع الخاص سيضمن رغد العيش للجميع بقدرته على إدارة الموارد دون إهدار المال العام، وهو ما ظهر زيفُهُ بجلاء في قطاعات النقل والصحة في بريطانيا، وانتقلت “النيوليبرالية” بعد ذلك إلى تثبيت “الشرعية” الإقتصادية والإيديولوجية للشركات متعددة الجنسية التي تجاوز نفوذها سيطرة الدولة الوطنية على ما يجري فوق أراضيها، من ذلك تعدد “المناطق الحرة” وفرض صندوق النقد الدولي والبنك العالمي إعفاء الشركات متعددة الجنسية من الضرائب والسماح لها بتحويل أرباحها إلى الخارج، في حين فرضت منظمة التجارة العالمية فتح الحدود أم السلع الأجنبية لخَنْق قطاعات الزراعة أو الصناعة الوطنية الهَشَّة، وفي الأثناء اعتدى الكيان الصهيوني على لبنان واحتل عاصمة عربية لأول مرة في التاريخ، وكانت هزيمة لحركة التحرر الوطني الفلسطينية واللبنانية، ولكن أيضا لحركات التحرر في العالم، قبل انهيار الإتحاد السوفياتي وبداية عصر جديد من الإعتداءات الإمبريالية على يوغسلافيا والعراق وأفغانستان إلى ليبيا والعراق وسوريا واليمن حاليا…

وصل اليسار إلى الحكم في امريكا الجنوبية، حين ظهر زيف ضمان القطاع الخاص لرفاه العمال والفلاحين والفقراء، ووصل اليسار إلى الحكم باستخدام قواعد نظام الحكم السابق، أي التداول السلمي على السلطة (نظريا أو قانونا على الأقل)، ولم يتمكن اليسار (باستثناء محاولات فنزويلا) من تحويل عملية الديمقراطية التمثيلية إلى ديمقراطية قاعدية شعبية مباشرة، رغم القطيعة التي حصلت في مجموعة من البلدان (فنزويلا وبوليفيا وأورغواي وإكوادور، وبدرجة أقل البرازيل والأرجنتين وتشيلي) بين جمهور العمال والفلاحين والفقراء من جهة والبرجوازية من جهة أخرى، ولكن لم يتمكن اليسار في السلطة من إذكاء الحرب الإيديولوجية (الثقافية) والإجتماعية، ومناقشة قضايا الإنتاج والإنتاجية والتسيير الديمقراطي للمؤسسات وكيفية تلبية الحاجيات الأساسية باستخدام الموارد الطبيعية مع المحافظة على البيئة (كما في البرازيل وبوليفيا) وعدم رهن مستقبل الأجيال القادمة الخ، أما في الجانب الثقافي (بالمفهوم الواسع) فقد وقع إهمال مسائل الهيمنة الثقافية (بمفهوم أنطونيو غرامشي) للطبقة العاملة والفئات الكادحة، في مقابل هيمنة الثقافة والإيديولوجيا “النيوليبرالية”… خاض يسار أمريكا الجنوبية معارك سياسية شُجاعة ضد “الأوليغارشية” السياسية والإقتصادية، ووجه نقدا سياسيا لاذعا للإمبريالية (الولايات المتحدة بشكل خاص) وللقوى التي تُساندها في الداخل، ولكنه لم يعمل على تغيير الأسس الإقتصادية، وحاول إصلاح النظام الرأسمالي من داخله، باستخدام القواعد الرأسمالية نفسها، وبتحويل الفقراء إلى مُسْتَهْلِكين وتوسيع شريحة الفئات الوسطى، أي تطبيق أسس “النيوكلاسيكية” (جون مينارد كينز) ومحاولة دفع عملية النمو الإقتصادي بتشجيع الإستهلاك الداخلي (بدل التعويل على الصادرات)، ويمكن مقارنة حكم يسار أمريكا الجنوبية بحكم “المؤتمر الوطني الافريقي” في جنوب افريقيا حيث حاز على أغلبية الأصوات والمقاعد في المجلس النيابي منذ 1994 إلى الآن، لكن برجوازية “البيض الأوروبيين” بقيت تحتكر السلطة الإقتصادية، مع ارتقاء بعض كوادر وقيادات الحزب الحاكم في السُّلَّم الطبقي، ولم تتغير ممارسات السلطة إزاء عمال المناجم المُضْرِبين أو عمال البناء وغيرهم، ولا زال سكان “سويتو” (الذين انتفضوا سنة 1976) يعانون من نقص الماء والكهرباء والصرف الصحي الخ

إن الهدف من الكتابة في هذا الشأن هو استخلاص العبرة من الإنتفاضتين في تونس ومصر (2010-2011)، حيث انتفضت جماهير الشعب الكادح والفقراء والمُعَطَّلِين عن العمل وتمكَّنَتْ من الإطاحة برأس النظام، واهتز عرش الحكم، رغم مساندة الإمبريالية الامريكية والأوروبية، وحدث فراغ في السلطة لفترة قصيرة، وكان مناضلو “اليسار” في النقابات والأحزاب والجمعيات وفي أحياء المُدُن والقرى، في واجهة المُتظاهرين، وكانوا ضمن الشهداء والمُصابين والمُعْتَقَلِين، لكن القوة الوَحيدة المُنَظَّمَة والجاهزة والتي أصدرت أوامر لمناضليها بعدم المُشاركة مع “السوقة والرعاع” في الإنتفاضتين هي “الإخوان المسلمون”، ولكنها كانت تُشكِّلُ بديلا مقبولا للسلطة المُطَاحِ بها في نظر الولايات المتحدة التي لم تقطع اتصالاتها بالإخوان المسلمين والمعارضة “المُعْتَدِلَة” منذ عقود، وحَكَمَتْ البلدين ولا زالت تتمتع بشعبية قَوِيّة، رغم التطبيع الواضح مع الصهاينة ورغم تطبيق الإخوان المسلمين في مصر وتونس السياسات الإقتصادية النيوليبرالية ولجوئهم إلى التداين الخارجي وتوريط الأجيال المقبلة وتكبيلها بالديون وأظهرت قيادات الإخوان المسلمين لهفتها على المال وانتهجت أساليب القمع والإستغلال السابقة…

إذا سَلَّمْنَا جَدَلا بِتراجع الرأسمالية العالمية أو تأَزُّمِهَا أو ضُعْفِهَا، فما هو البديل وهل من قوة نقيضة لها يمكنها اغتنام الفرصة وقيادة شعوب العالم نحو التحرر من قيود الرأسمالية، ونحو توزيع ثروات العالم على قاعدة “من كل حسب قُدُرَاتِهِ ولكل حسب حاجاته”، مع تصفية الإستعمار (بشكليْهِ القديم والحديث) والصهيونية، وإنهاء استغلال الشركات متعددة الجنسية ومؤسسات “بريتن وودز” (البنك العالمي وصندوق النقد الدولي) الخ… أما إذا تَرَنَّحَت قوة الولايات المُتَّحِدَة وعوضتها قوة أخرى (الصين على سبيل المثال) فماذا سيكسب الشعب الفلسطيني وماذا سيكسب عُمال وفلاَّحو العالم وكذلك العاطلون عن العمل وفاقدو المأوى والمُشَرَّدُون الخ… هذا هو المِقْيَاسُ في نظري لتقييم حدث تاريخي سلبا أو إيجابا: ماذا ستكْسِبُ الشعوب المُسْتَعْمَرَة والمُضْطَهَدَة وماذا ستكسب الطبقة العاملة ومنتجو ثروات العالم؟

لم تنقطع النضالات والإحتجاجات في تونس وبدرجة أقل في مصر، لكن قوى اليسار الرئيسية أصبحت برلمانية في تونس ومُهَمَّشة تماما في مصر، ولم يؤثر اليسار العربي في الأحداث في ليبيا واليمن وفي سوريا والعراق، أما عن “اليسار” الأوروبي والأمريكي فحَدِّثْ ولا حرج، ومن المُسْتَحْسَن أن يتركوننا وشأننا، بدل التنظير للصهيونية كحركة تحرر والإرهاب في سوريا ك”ثورة”، إضافة مُساندة العدوان على ليبيا والقصف العسكري “الإنساني” الخ… لكن المُهِم عدم إعادة التجارب السلبية واستخلاص العِبَر، إذ لا يكفي تَسَلُّمُ السلطة سواء بواسطة الإنتخابات أو الإنتفاضات أو الثورات، بل وجب التفكير في وسائل التغيير سياسيا (شكل الديمقراطية التي تسمح للأغلبية بالمشاركة في تقرير مصير البلاد ومحاسبة المسؤولين وعزلهم وتبديلهم) ونمط التنمية الإقتصادي بَعِيد المَدى، بدراسة المشاريع القادرة على تحقيق النمو (الزراعي والصناعي والخَدَماتي) وإشباع حاجات الناس وتشغيل العاطلين مع المحافظة على البيئة والمحيط، وتحديد جدول الأولويات بخصوص الفئات الأكثر حرمانا والمناطق الأقل تقدما الخ، مع مناقشة وسائل تمويل مشاريع الإنتاج وفتح نقاش مُسْتَفِيض بخصوص الديون الخارجية وتوريد السلع الأجنبية والإتفاقيات الدولية المَفْرُوضَة مثل علاقات الشراكة (علاقات غير متكافئة)، ووجب البحث عن إجابة عَملية (قابلة للتطبيق) عن سؤال لم يتمكن يسار أمريكا الجنوبية من الإجابة عنه: كيف يُمْكِنُ تطبيق سياسة اقتصادية مُسْتَقِلَّة أو مناهضة لرأس المال العالمي ولمصالح الشركات متعددة الجنسية (العابرة للقارات) لتخدم أغلبية الشعب، باستخدام الموارد المَحَلِّية، في ظل هيمنة الإمبريالية والشركات متعددة الجنسية؟ ما هي المشاريع الإقتصادية الآنية (العاجلة) والآجلة التي يمكن أن تحقق النمو وتُشغِّل العاطلين، اعتمادا على الموارد المُتَوَفِّرَة وعلى التراكم المَعْرِفي للمواطنين، مع المحافظة على البيئة، سواء في جنوب مصر (الصعيد والنوبة) أو جنوب وغرب تونس، وما هي مصادر تمويل هذه المشاريع، وهذه أسئلة تَجُرُّنا إلى أخرى مثل إعادة النظر في قواعد الجباية وموارد الدولة واستخدامها… هذه الأسئلة وغيرها تتطلب نقاشا واسعا وإجابات عملية وواقعية، قبل الوصول إلى الحكم وليس بعده انطلقت هذه الورقة من مناقشة دراسة نشرها ماهر الشريف- “الحوار المُتَمَدِّن” 05/03/2016 إضافة إلى ملف نشرته صحيفة “لوموند دِبْلُومَاتيك” الشهرية الفرنسية كانون الثاني/يناير 2016 – عرض ونقد الطاهر المعز