ويقول تابعوهم: “إلهي إلهي لماذا تخليت عني”؟
عادل سمارة
لم يعد سراً أن خلق القاعدة كانت فكرة مدير المخابرات الفرنسية 1978، وتبني امريكي وتمويل وتجنيد سعودي. وثبت على الأقل بالفيديوهات تخطيط امريكا وفرنسا وبريطانيا لتصفية العراق وليبيا وسوريا وإيران ودول اخرى باسم الدمرطة. أما مصر فكانت قتيلة منذ عقود.
قلة من الناس انتبهت لأمرين هامين، واحد علني: وواحد سري:
الأول: تصريح رئيس وكالة الاستخبارات السابق جيمس وولسي ما مضمونه: «سنصنع لهم إسلاماً يناسبنا، ثم نجعلهم يقومون بالثورات، فيتم انقسامهم على بعض لنعرات تعصبية. ومن بعدها قادمون للزحف وسوف ننتصر». والسؤال المترتب هل حصل أم لا؟
والثاني: هي الإمكانات الهائلة المزدوجة التي بدأت بها داعش مما يتناقض بالمطلق مع الإمكانات البسيطة جدا لأية منظمة حرب عصابات.
· إمكانات سلاح من المسدس إلى الدبابة والصاروخ ولوجستيك…الخ وخاصة تسهيل الوصول من مختلف بلدان العالم الى سوريا.
· وإمكانات ثقافة تكفيرية وبشرية ومالية
وقد كتبت سابقا ما اعتبره صحيحاً بأن:
قيادة داعش تتجه لعناصرها الإرهابية باللحية وإلى أمريكا بقبعة . وبأن الفارق بين القاعدة وداعش في امرين:
· الأول ان داعش ذهبت باتجاه تشكيل دولة بدل ان تكون اداة جوالة تحركها امريكا والغرب كأية وحدة عسكرية خاصة بها
· والثاني: انها حاولت الاعتماد ماليا على نفسها بدل التموُّل من خالقيها.
هذا ما لا تقبل به امريكا والغرب لسببين:
الأول: لأن امريكا اكتشفت بعد فشل حكم قوى الدين السياسي في مصر وتونس بأن البرجوازية الكمبرادرية والطفيلية التابعة وشبه العلمانية اقدر على خدمة مصالحها ولذا قلبت ظهر المِجنَّ للإخوان ودعمت السيسي في مصر بعد ان نجح في مستوى خداع الشعب من جهة والتمسك بكامب ديفيد من جهة ثانية. وهو ما وضع الإخوان في موضع قول السيد المسيح حين الصلب: “إيلوي إيلوي لاما شبشتني” أي (إلهي إلهي لماذا تخليت عني)؟
والثاني: لأن إيديولوجيا الدين السياسي وخاصة الطبعة الداعشية تهدد انظمة الدين السياسي العائلية في الخليج.
لذا، تقوم امريكا بتغيير قواعد اللعبة وخاصة في العراق وسوريا معتبرة داعش منظمة إرهابية، ولكنها ارهابية في حدود تأديبها وإعادتها إلى صيغة القاعدة أي التجول بها من جغرافيا إلى أخرى وليس الثبات الدولاني.
نتحدث إذن عن قيام الإمبريالية بتقسيم عمل بين أدواتها الإسلامية:
· انظمة الدين السياسي تبقى في الخليج
· أنظمة برجوازية الكمبرادور والطفيلية تبقى في مصر وتونس والمغرب…الخ
· قوى الدين السياسي لا تصل الحكم بل تبقى اداة تهديد وضبط للأنظمة التابعة كي تبقى في المسار الأمريكي وتتركز في تيارين::
o سياسي اي الإخوان المسلمين وتمفصلاتهم
o وجزء مسلح القاعدة النصرة خراسان وداعش وغيرها وما سيأتي.
وهذا التقسيم بقدر ما يقسم الوطن العربي كذلك يقسم القوى الدينية الإسلامية فلا تتمكن تركيا من قيادة المسلمين لإعادة الاستعمار العثماني، ولا تتمكن السعودية من الزعم بتمثيل الإسلام السني كله.
إذا كان ما سبق أعلاه هو البرهان على خلق إسلام أمريكي وهو يتضمن طبعا عودة الاستعمار الأمريكي والغربي عامة إلى الوطن العربي، فإن البرهان الأوضح على تلك العودة هو حالة العراق وذلك بدءا من القرار الأمريكي البريطاني الغربي بتدمير القوات العراقية 1991 بعد استعادة الكويت بتغطية ومشاركة من الأنظمة العربية المصري والسعودي والسوري والمغربي والأردني…الخ. ثم جاء احتلال العراق 2003 بحجة دمقرطته وهو ما قبلت به وشاركت فيه (دون إعلان) مختلف الأنظمة العربية بينما رفضته سوريا وليبيا بشكل خاص. وفي الحربين كانت تركيا إلى جانب العدوان.
إثر الاحتلال بدأت المقاومة العراقية فورا ضد الأمريكي مما انهك المحتل ماليا وبشريا.
لكن المحتل كان قد نجح في خلق إسلام امريكي لكل طائفة في العراق وخاصة السنة والشيعة. صحيح ان الطوائف موجودة اصلا، ولكنه حولها إلى طائفية رسم هو لها مسارها، فكانت سلطة الطائفيين الشيعة أي برجوازية الشيعة التي سلمها المحتل السلطة والتي تصرفت كإسلام امريكي سحق السنة مما حول المقاومة السنية ضد المحتل إلى داعش، اي إسلام سني امريكي.
صحيح ان البرجوازية الشيعية وجناحها الحوزاتي تحكم العراق، ولكن تتقاسم البرجوازية البرجوازيتي الشيعية والسنية (بما فيها الكردية) المصالح والفساد، بينما تقتتل ادواتهما من الطبقات الشعبية على الأرض حتى الإبادة. اقتتال الطائفيين السنة (داعش) والشيعة السلطة كان تعبيد طريق استجداء الأمريكي ليعود إلى العراق بكل الحفاوة الممكنة ليقيم، أو ربما يكشف عن قواعد عسكرية كبرى له في العراق في : اليعربية، الحبانية، عين الأسد، القائم، ووجود عسكري في محافظة صلاح الدين وأخيرا قاعدة في نينوى.
والسؤال: “هل عادوا يا صلاح الدين أم أُعيدوا”؟
أما لماذا كل هذا الإرهاب الديني لم يضرب الكيان بوردة فله حديث آخر.