عادل سمارة
إذا صح ما ورد في الإعلام، فإن الرئيس ابو مازن صرح : “ان التنسيق الأمني يسير على ما يرام”. وهذا متوقعاً. وكما هو تعريف التطبيع متعدد المستويات والتعريفات، فإن التنسيق الأمني له تعريفاته كذلك. ولكن المفهومين والحدثين وأضرارها هما نتيجتين لسبب أكبر هو سلام الشجعان أي سلام راس المال. أي الاتفاق الذي حول شرقي فلسطين او الضفة الغربية وكذلك قطاع غزة أي المناطق المحتلة 1967 إلى أوسلو-ستان.
قال لي صديق قديم منذ كنا في معتقل بيت ليد-كفار يونا 1970 واصبح لواء وتقاعد في غزة مؤخراً، بأن النصوص المتعلقة بالتنسيق الأمني بها تقييد معين للقوات الصهيونية، لكن ما حصل أن منسقين امنيين كُثر خرجوا حتى على النص السيء فذهبوا بتسهيلات اخطر للكيان الصهيوني.
المهم هنا أن اتفاق أوسلو هو في خدمة الراسمالية الصهيونية والراسمالية الطفيلية/الكمبرادورية في الأرض المحتلة. وهذه الرأسمالية الفلسطينية تبدأ ممن امتلكوا المليارات كقطاع خاص وخاصة الرأسمالية المالية الفلسطينية في الخارج وبتحديد أدق مقاولي الخليج التي انتهزت فرصة خروج م.ت.ف من بيروت 1982 للتقدم لقيادة الشعب الفلسطيني كبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية. لكن ابو عمار توصل مع هؤلاء على تقسيم عمل:
· ان تكون السلطة السياسية في حال التسوية بيد قيادة المنظمة
· وأن تتمتع الراسمالية الفلسطينية في حال حصول تسوية بالاقتصاد وهذا ما نئنُّ منه.
وهذا ما حصل فعلا. لكن هذا التحالف القيادي الطبقي السياسي تمفصلت عنه شرائح اصغر فأصغر من حيث الملكية وأوسع من حيث العدد (اي كل من استفاد من تسوية أوسلو لنجد انفسنا أمام قرابة ثلث اهل الأرض المحتلة ضمن هذا التشكيل الذي يبدو كشعب قائم بذاته.
من هنا فإن تحالف راس المال هذا هو غطاء التنسيق الأمني وليس شخص ابو مازن وحده أو ضباط المخابرات وحدهم. فالتنسيق الأمني حالة واسعة لا تنحصر في اعتقال مقاتلين بل تشمل استثمارات فلسطينية داخل الكيان (قبل 7 سنوات اوضحت دراسة سمير سميرات ان هذه الاستثمارات اكثر من 5 مليار دولار) وتشغيل عمال في الكيان وفتح الأسواق للكيان عبر وسطاء واصحاب ال VIP…الخ.
لفت نظري مستوى آخر من التنسيق الأمني هو المخفي. فالمعروف ان اي فلسطيني من الضفة والقطاع ممنوع منذ 1991 من دخول المحتل 1948، ولا حقا شمل القدس إلا بتصريح من الكيان. في عام 1993 قدمت مؤسسة UNDP وهي تابعة للأمم المتحدة طلبات تصاريح ل 30 هم موظفيها في مكتب القدس وكنت مدير قسم دراسات الجدوى فيها ومع ذلك رُفض اسمي فقط. وبقي هذا واشتد بعد اتفاق أوسلو. وهذا الاتفاق لا يسمح لمن يحمل جنسية اجنبية وجنسية فلسطينية ان يدخل الكيان لأنه يُعامل كفلسطيني بمن في ذلك حالي الجنسية الأمريكية والتي قررت عام 2000 أن احملها انا نفسي من خلال زوجتي الفلسطينية اساسا.وقررت حملها بعد 25 سنة من زواجنا اي بعد اتفاق أوسلو لأنني قلت :”إفرض طُردت …ما العمل”.
ولذا، ماذا غير التنسيق الأمني الذي يعطي حامل/حاملة هوية او جواز سفر مناطق الضفة والقطاع وجواز امريكي او بلا جواز امريكي “حق” التنقل دائما من رام الله الى القدس الى يافا الى الجولان المحتل، ثم يستأنف إلى عمان ومن ثم إلى الشام؟ مثلا بعض فريق “الصرخة” التي نتحدث عنها مؤخراً.
من هو في عمان الذي ينسق لهؤلاء دخول الشام؟ لا شك ليست المخابرات الفلسطينية ولا السورية ولا حتى الأردنية؟ يبقى الجواب في ذمة أصحاب “الصرخة” والذين يتلفعون بالقومية.