رؤية لتلافي فخ التطبيع

سهير عرار

فلسطين المحتلة

 

ميز الكاتب في كتابه التطبيع يسري في دمك منشورات دار ابعاد بيروت ومركز المشرق/العامل رام الله، 2011. بين نوعين أساسيين من التطبيع : تطبيع اقتصادي وتطبيع فكري .

في سياق معالجة هذه المشكلة، كتب الكاتب عادل سمارة ان قبول شخصيات عربية بتقسيم سايكس بيكو (1916) للوطن العربي أي اجتزاء فلسطين باهدائها للحركة الصهيونية كقيادة لليهود وخلق أنظمة قطرية تابعة متساوقة مع التجزئة . كما ان طلب الامير عبدالله (شرق الأردن) من المستعمرين اقتسام فلسطين بين الأردن ومصر واليهود بعد إضراب عام 1936  كان البداية الفعلية للتطبيع والاعتراف بالكيان الصهيوني وبالتالي قرار عدم خوض حرب عام 1948.

خلال هذه الفترة وحتى عام 1967 كانت الاتصالات مع الكيان الصهيوني تتراوح بين السرية والعلنية. إلى أن تم الاعتراف به بشكل رسمي  بابرام اتفاقية كامب ديفيد عام 1978. إثر ذلك “كرت المسبحة” كما يقال، فكانت اتفاقيتي  أوسلو مع منظمة التحرير، ووادي عربة مع الردن. واستمرارا في سياسة الاختراق وبعد ان خلق الاستعمار طبقة حاكمة مطبعة معه  عمد المستعمر الى اختراق الطبقات الشعبية من خلال الاستخدام الاعلامي والثقافي لنخبة عربية متغربنة ومتخارجة مبهورة بمفكري ومنظري ما بعد الحداثة والثقافة الاورو_أمريكية عبر بثها سموم فكرية تهدف إلى تكريس اليأس وتمجيد العمل الفردي تطبيقا لسياسة فرق تسد التي تعمل على تجزئة الشعوب العربية إلى قطريات وداخل كل قطرية العمل على إنعاش إشكالات اثنية ، طائفية، عشائرية ، فردية،  ونشر ثقافة تكفر بالعمل الجماعي الذي يفرض إنتاجية ومقاومة وفعل جذري يقود الى الثورة .

كما اتبع المستعمر سياسة التمويل والتوظيف , تقديم منح دراسية , وتشكيل مؤسسات الأنجزة ، وإغراق الأسواق بالمنتجات الأجنبية لتبقى المجتمعات العربية ، وخاصة الفلسطيني غارقة في دائرة الاستهلاك واللاعمل  واللانتاجية والاعتماد على الغير، وذلك  بهدف تحويل المجتمع إلى متماهٍ مع  التطبيع ومعتمد التمويل الأجنبي.

 فحين تمول دولة أنشطة فنية وموسيقية لشعب تحت الاحتلال نفهم أنها تحاول خلق فئة متخارجة ليس لها دور وطني. مثلا قطع الرواتب عند فوز حماس في انتخابات الحكم الذاتي عام 2006  كان رسالة للمواطن ان التمويل هو بمثابة دفع مقابل موقف سياسي ترضى الدول الممولة عنه. بهذا الصدد , يقول الكاتب عادل سمارة : التطبيع هو سرطان يجتث المقاومة ومن ثم الثورة وذلك عبر تفكيك ناعم غير مباشر لهمة المقاومة.تفكيك يقوم على تركيز ثقافة الاستسلام باسم السلام ,والتحضر الشكلي وثقافة القبض والتلقي بدل الإنتاج ، والسماع بدل التفكير والنقد , والاندهاش بالأبيض بدل الحذر ونقده ونقضه.

يصل الكاتب الى ثلاثة اصطفافات معادية للطبقات الشعبية وتنميتها . تتمثل هذه في الأنظمة العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني , الكيان الصهيوني, المركز الممول له . ولتعزيز انقسام الموقف الشعبي المقاوم عن الموقف الرسمي المطبع, يرى الكاتب ضرورة إتباع استراتيجيات للنهوض والتنمية والقدرة على الصمود والمواجهة من خلال :

  • التنمية بالحماية الشعبية ومقاطعة منتجات العدو المحتل لأراضي عام 1948واراضي 1967 .
  • التصدي للثلاثي الذي يعمل على تطبيع الطبقات الشعبية ويحجز تطورها .
  • استخدام النفط كسلاح اقتصادي سياسي يمكن استخدامه للضغط على الدول المعادية , في سبيل نصرة قضايانا والتحرر من الكيان الصهيوني.
  • خلق إعلام شعبي لا يمكن للسلطة قمعه من خلال اللقاءات بالناس شفاهة وكتابة.
  • خلق قوة ردع  لمواجهة المستعمر.