كتابَيْ عادل سمارة:
منظمات غير حكومية أم قواعد للاخر ؟
ومثقفون في خدمة الآخر: بيان أل 55 نموذجاً
سهير عرار- فلسطين المحتلة
المنظمات الغير حكومية تعني قيام فرد او مجموعة أفراد بطلب تمويل من دول أجنبية عبر منظمات غير حكومية أجنبية. أي تقوم هذه المنظمات بدورها بتقديم تمويل من حكوماتهالهؤلاء الأفراد أو المجموعات . والحكومات هنا هي دول الغرب الراسمالي ومؤسسه البنك الدولي كإحدى أخطر أدواتها . هذه الدول والبنك ونظيراتها هي ما يطلق عليها الدولوالجهات المانحة والتي تسعى لخلق منظمات غير حكومية بدعوى تقديم خدمات تتعلق بالتنمية وحقوق الانسان والديمقراطية ….الخ بهدف التغطية على ما تقوم به من دور استعماري في الدول العربية .
تقوم المنظمات الغير حكومية و الانظمة القطرية التابعة للغرب الرأسمالي وخاصة السلطة الفلسطينية بدور مشترك وهو تلقي التمويل من الاجنبي ، وتسخيرها بشكل خبيث في خدمة التسوية والتطبيع ، و شجب العمليات الفدائية التي تقوم بها المقاومة .
تدعي هذه المنظمات انها تقدم خدمات للمرأة والفقراء والعمال ,لكنها عمليا لا تقدم تمويلا إلى اتحادات المراة ونقابات العمال والطلبة. هذا مع ان اي تمويل اجنبي ينطوي على خطورة تحتاج لحركة حزبية ثورية تدقق في كل شيء وتحول دون شراء الكوادر او تشويههم وهذه بالطبع مسألة شائكة.
كما ان مصادر التمويل تكون سرية لا يعرف عن كيفية صرفها واين تذهب مع غياب المسائلة عن ذلك . حيث تقوم ألية عملها على تقديم قرض لفرد ليبدأ في مشروع معين لا تتابع اذا ما قام بالمشروع ام لا, وغالبا اذا ما قام ينتهي بالفشل لان القرض المقدم ضئيل جدا وغالبا ما يتم إعفاء الفرد من تسديد القرض ولهذا دور تخريبي مقصود لجعل الفرد يشعر بالفشل والتبعية وتعويده على ثقافة الاسترزاق وتلقي خدمات مجانية ,وهؤلاء يمكن ان يستخدموا لأجندات سياسية تطبيعية من خلال دورات ترعاها هذه المنظمات تقوم على فتح حوارات بين الإسرائيليين والفلسطينيين باسم الديمقراطية وحقوق الانسان . نلاحظ هنا ان المنظمات الغير حكومية لم تأخذ بعين الاعتبار حاجات الشعب الفلسطيني وأولوياته وبقيت تمول مشاريع من هذا النوع , وهذا الدور لا شك يتماشى مع سياسة الدول المانحة والبنك الدولي المعادي للتنمية والمشاريع التعاونية والحلول السياسية الجذرية . وهنا يجب ان نميز بين هذه المنظمات الغير حكومية التي تتلقى دعما من الاجنبي والمنظمات الشعبية القاعدية التي تقدم خدمات ثقافية ووطنية ممولة نفسها من افرادها .
هذا يقودنا الى دور المثقف. فبالعودة الى كتاب مثقفون هناك مثقفون يحملون ثقافة الغرب الراسمالي وقد تم احتوائهم في هذه المنظمات الغير حكومية ,هذا المثقف لا يشعر بالانتماء الى وطنه وجل ما يربطه فيه مصالحه الشخصية مستغل وضع الناس ومتحدث بأسمائهم للترزق من الأجنبي متنازلا عن مواقفه الوطنية لإرضاء الممول بما يطلبه من تنازلات وهو بذلك يرضى على نفسه الذل ,يفرغ سخطه على المواطن تعويضا عن ذله وهزيمته أمام الممول عبر دوره المستجدي .ومثقفو منظمة التحرير الفلسطينية الذين تم توزيعهم في هيئات ادارية تابعين لقيادة اوسلو بما هي مطبعة مع الكيان الصهيوني والمركز الرأسمالي ، مبتعدين عن دورهم الثوري .
هنا يجب الحذر والفصل بين قدسية القضية التي تعتبر البوصلة وبين قدسية الفلسطيني، الفرد والتي يمكن ان تكون محل استغلال لمصالح شخصية وحزبية . فمحمود درويش غير مفردات في دواوينه بما يتماشى مع علاقته بقيادة اوسلو متأثرا بانتقالها من الموقع النضالي إلى موقع التسوية .وأيضا هناك مثقفون إسلاميون يدعون للانتماء الى الثقافة الإسلامية بما يخدم القطرية وبالتالي الصهيونية المعادية للقومية .
تجدر الاشارة هنا الى قيام سلطة أوسلو بشراء مثقفين عرب لضمهم الى مؤيدين لنهج التسوية .كذلك انخرط العديد من الأكاديميين والمثقفين المتغربنين في الدفاع عن الصهيونية نذكر عزمي بشارة الذي شارك في عضوية الكنيست مثالا على ذلك .
ترجع حالنا هذه الى تقصير القيادة الفلسطينية التي ركزت في مرحلة على الكفاح المسلح على أهميته طبعاً، وهمشت الدور الثقافي، ولذا، حين انتقلت القيادة إلى مغادرة الكفاح المسلح في مرحلة لاحقة، انتقل المثقفون من مديح حمل البنادق الى خدمة أجهزة سلطة تابعة للاحتلال والى الاسترزاق من منظمات غير حكومية ممولة ليزيد كلٌ من دخله بدلا منالعمل والانتاج الذاتي.
الخطورة هنا تكمن في تكامل دور المثقف مع الطبقة الحاكمة التابعة للمركز والكيان الصهيوني بما يشكلوه من تهديد وسعي دائم للتجزئة واحتجاز تطور المحيط وإلغاء الهوية والثقافة بما تعنيه من شعور بالانتماء للقومية العربية ووحدة المصير . فالطبقات الشعبية بحاجة إلى طبقة مثقفة ذات مصداقية تعمل على تثقيفها بشكل طوعي وتوجهها نحو التنمية وفك الارتباط مع اقتصاد المحتل ومموله ,والنضال من أجل دعم المزارع للبقاء في أرضه وتعزيز صموده .