تابعت حركة الديموقراطية الشعبية المصرية زيارة العار التي قام بها وزير الخارجية المصري إلى الكيان الصهيوني ، والتي تُعد أول زيارة رسمية لمسئول سياسي مصري إلى الكيان منذ عام 2009 باستثناء اجتماعات التنسيق الأمني والعسكري القائمة دورياً بين مصر والكيان طبقاً لاتفاقية كامب ديفيد .
والحركة إذ لم تتلقَ نبأ تلك الزيارة المُذِلة بالاندهاش بل بالمرارة والفهم القائم على قراءة حركتنا لطبيعة النظام المصري وخريطة الصراع الإقليمي في المنطقة العربية ، تؤكد أن خطوة كتلك تأتي في سياق كامل لا تنفصل مفرداته عن بعضها البعض ، وتعلن الآتي :
أولاً : أن الشكل الحالي للنظام المصري تجاوز سقف التبعية الذي أبقى عليه الشكل المباركي للنظام فلم يعد الأمر مقتصراً على تذيُل السياسات الأمريكية المعادية لمصالح شعوب العالم الثالث وفي القلب منها شعوب المنطقة العربية ، بل تعدّى ذلك إلى تذيُل السياسات والمواقف السعودية المعبرة عن إتجاه معادي لمصالح شعوب المنطقة العربية و مخرّب للعديد من دول تلك المنطقة لصالح المزيد من النفوذ لمملكة آل سعود ، ولو مرّ ذلك على جثث السوريين والعراقيين وأطفال اليمن وشباب البحرين وكل من يُقتَل ويُهجَّر بفتاوى دينية من إنتاج وترويج تلك المملكة وبسلاح اشترته تلك المملكة لتنفيذ مشروعها الطائفي التوسُعي الواضح كوضوح دعمها المُعلن للارهابيين في سوريا والعراق بالسلاح والأموال والغطاء السياسي ، فضلاً عن كون المملكة قاعدة عسكرية أمريكية ضخمة تضمن نقل مصادر الطاقة إلى الغرب وتضمن رسوخ اليد الطولى للنفوذ الأمريكي والغربي في المنطقة على حساب كل وأي مصلحة اخرى أو اعتبار مختلف ، في تهديد دائم وابتزاز مُذل لأي انسان يقطن في المنطقة بصرف النظر عن عِرقه أو دينه أو مذهبه .
ثانياً : أن تسليم جزيرتي تيران وصنافير المصريتين لمملكة آل سعود قد تم في إطار ما أسماه رأس النظام المصري “توسيع كامب ديفيد” وأعلن عنه منذ فترة ، ثم أعاد التأكيد عليه منذ شهرين تقريباً حين تحدث عن رغبته في إقامة “سلام دافيء” مع الكيان الصهيوني ، بوجود حدود جغرافية مائية مشتركة بين مملكة آل سعود والكيان الصهيوني سيتم أخيراً نقل العلاقات السعودية الصهيونية إلى العلن وبمبرر قوي ، وتستطيع المملكة بناء حلف صديق للكيان الصهيوني وقابل له بنسبة مائه في المائه يشمل مصر والاردن والخليج (محور الاعتدال بالمصطلح الاستعماري الأمريكي) مع عزل كامل بل وتدمير لأي دول أو قوى أو أنظمة معادية لهذا الكيان ، في مقابل قبول الكيان لما يُسمى بالمبادرة العربية للسلام التي قدمتها المملكة عام 2002 وتنازلت بموجبها عن كامل حقوق شعوب المنطقة في الأمن والسلامة ورعاية مصالحها الاستراتيجية مقابل لاشيء وكانت الصدمة حين رفض الكيان الصهيوني المبادرة وقتها ، الآن قد يقبل الكيان تلك المبادرة إذا اُعيد طرحها على الطاولة مع ضمان ليس فقط تحييد أعضاء المبادرة للقوى العربية المعادية والمقاومة للكيان بل تدمير وإقصاء تلك القوى بالتعاون مع الكيان وتحت إشرافه وشروطه .
ثالثاً : اننا نعيد التأكيد على أن الكيان الصهيوني هو أكثر النماذج الاستعمارية انحطاطاً في التاريخ الحديث وكافة سياساته التدميرية تعبر عن تلك الحقيقة ، فليست المسألة قضية “عاطفية” او بمثابة حاجز نفسي وصراع مشاعر كما يريد أن يصوّر لنا من يتحدث عن سلام أكثر دفئاً مردداً بذلك نفس الخطاب المُدلّس المغلوط للصهاينة وللإدارة الأمريكية ، فالكيان يستهدف عسكرياً وأمنياً مصالح شعوب المنطقة بشكل دائم وبمنحنى تصاعدي متوافق مع طبيعته الأصلية كقاعدة عسكرية متقدمة للاستعمار الغربي ، فيعمل على إخضاع تلك الشعوب لمصالحه بالقوة المسلحة وبغيرها من الوسائل مصادراً بذلك شروط وافق تطورها وتقدمها مهدداً مصالحها الاستراتيجية في مجالها الحيوي ، وما قتل الأطفال وهدم البيوت وتدمير الأحياء والتهجير والتطهير العرقي والتوسع في الاحتلال إلا مظاهر للطبيعة الاستعمارية والعنصرية لهذا الكيان العدو .
نحن نقف حتى النهاية مع مصالح الغالبية من شعوب المنطقة العربية ومنها الشعب المصري ومع حقوقهم في الحياة والأمان والتطور ، تلك الغالبية المؤلفة من الطبقات الشعبية غير المرتبطة بالاستعمار اقتصادياً والتي تقوم طبقاتها الحاكمة الخائنة بدور الوكيل والحليف الاقتصادي والسياسي لهذا الاستعمار وتتداخل معه ومع أدواته (الكيانين الصهيوني والسعودي) بعلاقات الوكالة والسمسرة والمقاولة على حساب الأوطان ، وتؤكد الحركة على ادانتها للزيارة المشينة التي تفتح الباب للمزيد من الإغراق فى التطبيع ،والتى تاتى فى توقيت قد اختير ليوفر الغطاء والدعم لقبول تواجد الكيان في افريقيا ، وكأنه دعوة للدول الأفريقية المترددة فى المضى قدما فى التطبيع مع الكيان وما يمثله ذلك من خطر داهم على الثروة المائية لمصر ومستقبل شعبها وقبولا بواقع الاحتلال .
حركة الديموقراطية الشعبية المصرية
11 يوليو 2016