هل من موقف لحماية البلديات؟

البلديات بمنظور الحماية الشعبية

د. عادل سمارة

(3 من 3)

 

البلديات ما المطلوب منها ولها:

من الطبيعي أن نأخذ بالاعتبار كفلسطينيين الوضع العربي الحالي والذي ينقسم إلى

·       معسكر التطبيع مع الكيان الصهيوني والسباق على التطبيع

·       ومعسكر المقاومة.

هذا الوضع العربي الخطير والمتذابح ذاتيا لصالح الأعداء لايبشر بموقف عربي داعم لفلسطين، بل إنه يتورط في اعترافات مجانية بالكيان! وهذا  يعزز تبني شعار الانسحاب إلى الداخل والحماية الشعبية.

الانسحاب إلى الداخل هو حالة مقاومة ذاتية ترتب الصفوف الداخلية الذاتية، اي في حالة البلديات تقديم الخدمات التي تحافظ على النسيج الاجتماعي الاقتصادي للناس وذلك كي يتمكن المواطن من تحقيق عيشه بشكل مناسب كي يصمد الناس ولا يرحل من يتسنى له الرحيل.

دعم بقاء الناس في البلد هو حالة مقاومة ضد السياسة الصهيونية التي انتقلت بعد هزيمة 1948 من الطرد إلى سياسة ما بعد 1967 وهي سياسة الإزاحة ليصل المواطن إلى قرار الإنزياح الذاتي (أنظر عادل سمارة،

الاستيطان من الطرد إلى للإزاحة فالانزياح الذاتي.  في مجلة  كنعان العدد 94 كانون ثاني 1999) اي الرحيل عبر سياسات التضييق والقمع والقتل والمصادرة والإلحاق الاقتصادي عبر التعاقد من الباطن Sub-Contract وخلق شبكات الكمبرادور التي تعتاش على تسويق منتجات العدو سواء التي لها نظير محلي أم لا.

إن الانسحاب إلى الداخل وحده الذي يسمح للمجتمع باعتماد نموذج الحماية الشعبية والذي هو في حالة البلديات:

·       توفير خدمات مناسبة

·       توفير تسهيلات استثمارية

·       عدم فرض رسوم غير مبررة على المواطن وحقه في تلقي خدمات مناسبة ومقنعة بالمقابل

·       عدم التطبيع مع الاحتلال عبر مقاطعة منتجاته والتضييق على مسوقي منتجاته

·       عدم التورط في الفساد

·       أن يكون لكل قائمة مرشحين للمجالس البلدية برنامجها الخدماتي لرعاية مصالح الناس منشورة كي يتابعها الناس ويقيسوا مدى جدية تطبيقها ويسائلوها خلال فترة عملها.

·       أن تتوفر في عضو المجلي كفاءات علمية، ومهنية واستقامة بالطبع.

·       أن يقيم المجلس دائرة خاصة بالمغتربين توفر لهم دراسات عن فرص الاستثمار لتسهيل قيامهم بالاستثمارات في الوطن وعودة من يمكنه العودة، بدل ان تقتصر العلاقة على الاستقبال والمهرجانات.

·       وجوب أن تكون المجالس البلدية مفتوحة لتساؤلات المواطن وقبول شكاواه وذلك تطبيقا للديمقراطية المباشرة والتي يمكن تطبيقها في حالة البلديات خاصة.

·       إيجاد لجنة رقابة شعبية في كل بلدية  من حقها الاطلاع على طريقة عمل وسجلات البلديات على ان تكون اللجنة من مختلف القطاعات الشعبية (غرفة التجارة، اتحاد العمال، اتحاد المرأة، القطاع الطلابي…الخ).

·       تكوين فريق  تحقيق في سجلات البلديات السابقة وخاصة ما يتعلق بالفساد والكسب بسبب الموقع.

·       إقامة دائرة تنمية في البلدية لتسهيل عمل المؤسسات الإنتاجية وتشجيع التعاونيات بانواعها. (بالمناسبة، ترعى بلدية لندن الكبرى آلاف التعاونيات كما بلدية باريس) وهما من أقدم البلدان التي هيمن فيها نمط الإنتاج الرأسمالي.

تجدر الإشارة إلى عدم وجود معهد تخطيط وتنمية في الأرض المحتلة مما يُنيط هذا الأمر، بقدر المستطاع، بالمجالس البلدية طمعا في الوصول إلى تنسيق عام.

إثر نقاش مع قيِّم مكتبة البيرة العامة السابق سليم البسط، قدمنا د. مفيد قسوم  اليوم في جامعة جنين، (هو متخصص مميز في التخطيط المديني Urban Planning/Development ) وأنا نفسي (اقتصاد سياسي وتنمية)، قبل عشر سنوات دراسة  مجانية إلى رئيس ومجلس بلدية البيرة السابقة ومن خلال الرئيس السابق جمال الطويل وناقشنا الدراسة معه وذلك لإقامة معهد تخطيط وتنمية إما في مقر مركز بلدنا أو في أي مكان آخر. وكان الاقتراح على ضوء وجود إمكانات مالية جيدة لدى البلدية. ولكن لم يحصل شيئا.

 هل يمكن للمجالس البلدية القيام بدور تنموي وليس فقط خدماتي؟ أم أن التنمية بالحماية الشعبية لا تتقاطع مع دور المجالس البلدية؟

في الحقيقة التنمية بالحماية الشعبية ممكنة دائما وفي اي مناخ سياسي طالما هي من الشعب ولنفسه. وهي ليست موديلا تنمويا معقدا، لكنها تشترط ثقافة سياسية وطنية تتقاطع مع التنمية المجتمعية والاقتصادية.

ضمن هذا المفهوم للتنمية يمكن للبلديات المشاركة في تعميق الوعي بالاستهلاك او الاستهلاك الواعي سواء لمقاومة الاستهلاك الشره والاستهلاك المحفوز بعامل التقليد (نظرية نيركسة) أو الذي يعطي الأولوية للانتاج المحلي التعاوني او من القطاع الخاص، كما يعطيه حق مراقبة جودة هذا الإنتاج سواء كمواطن او من خلال لجنة محلية تتابع مسألة الجودة. ويمكن للبلدية بالتنسيق مع غرفة التجارة عدم تقديم تسهيلات للتجار الذي يسوقون منتجات الاحتلال وخاصة التي لها بدائل محلية إضافة إلى دور الضابطة الجمركية وضبط المهربين من قبل السلطة…الخ. وهذا يفترض وجود لجنة او هيئة محلية للمقاطعة ومناهضة التطبيع مع العدو وخاصة في المستوى الاقتصادي.

ولأن المجالس البلدية ليست في الأساس مؤسسات سياسية يصبح من المهم قيام تنسيق بينها وبين القوى الوطنية التي ترفض التطبيع وتلتزم بالمقاطعة. وبالطبع يمكن أن تحتوي على عناصر من القوى السياسية ولكن بصفتها المجتمعية المحلية وليس التنظيمية.