مقاضاة عادل سمارة: محاكم تفتيش وطغيان جلاوزة راس المال

اعداد: نورالدين عواد

هافانا، كوبا

 

“على العاجزين والمستنكفين عن التضحية في سبيل وطنهم وامتهم ان يلزموا فضيلة الصمت حياء واجلالا، امام الذين يضحون بالغالي والنفيس ولا يرجون جزاء ولا شكورا”

توطــــــــــــئة

 

“استدعت مباحث سلطة “أوسلو” المناضل الفلسطيني الدكتور عادل سمارة، أحد مُناضلي “أبطال العودة” (اعتقله الإحتلال سنة 1967) وأحد مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الضفة الغربية (مسؤول رام الله والقدس) مع رفيقه “ابو على مصطفى” (مسؤول جنين ونابلس وطولكرم) والذي أصبح الأمين العام للجبهة الشعبية واستشهد في رام الله، وحَقَّقَت المباحث معه بشأن بلاغ تقدمت به سيدة فلسطينية ضده على اعتبار أنه يتهمها، وفق بلاغها بالتطبيع مع العدو الصهيوني…

قدمت السيدة “آمال سليم وهدان” في  مؤتمر التضامن العربي والإسلامي مع المقاومة في دمشق قبل بضعة أشْهُرٍ ورقة بعنوان “صرخة من الأعماق”، وتدعو الورقة إلى التعايش مع المستوطنين الصهاينة، ما اعتبره عديد المواطنين العرب تطبيعًا، وأصْدَرُوا بيانًا يُنَدِّدُ بهذا الموقف، وأعاد الدكتور “عادل سمارة” نشر نص الإستنكار والتنديد، دون ذكر اسم السيدة وَهْدَان، على صفحته في فيسبوك، ثم نُشِرَ نص الإستنكار هذا في عدد من المواقع ووسائل الإعلام العربية…

اتهمت السيدة “آمال سليم وهدان” الدكتور عادل سمارة بالتشْهِير بها وبصياغة بيان التنديد والإستنكار وبنَشْرِهِ على صفحات نشرة “كنعان” الإلكترونية، وأسفر تحقيق مباحث سلطة أوسلو على إحالة الدكتور “عادل سمارة” إلى المَحكمة يوم 30/06/2016، وتطوع ثمانية محامين للدفاع عنه وقرَّرَ القاضي تأجيل القضية إلى يوم 19 تشرين الأول/اكتوبر 2016

نحن المواطنون العرب الموقعون أسفله

 نعتبر محاكمة الدكتور عادل سمارة جائرة وباطلة ولا أساس لها، لأنها تفيد ان الغزاة أصبحوا أصحاب حق على حساب شعب فلسطين، وأن الخيانة والتطبيع أصبحت وجهة نظر سائدة

نتضامن مع الدكتور عادل سمارة ونُعَبِّرُ عن مُساندتنا لموقفه المناهض للتطبيع مع العدو الصهيوني، ونَعْتَبِرُ التطبيع خيانة للشعب وللشهداء وللاّجئين والمُشَرَّدين وللأسرى وعائلاتهم

ندعو لمقاطعة الكيان الصهيوني ومقاطعة الدّاعمين له والدّاعين إلى التطبيع مع الغُزاة والمُسْتَوطِنِين “.

محـــــــاكمة المحـــــــاكمة

البيان السابق شكل الشرارة الاولى لحملة التضامن مع الرفيق عادل سمارة. عدد كبير من المثقفين العرب، ومن مختلف مشارب الفكر والايديولوجيا والفلسفة، نهضوا دفاعا عن الحق الوطني والقومي والانساني المتجسد في رمزعادل سمارة، بصفتيه الشخصية والاعتبارية، اي في حدِّ ذاته فكرا وسلوكا، وفي ما يصبو اليه  ويمثله في ميدان النضال الفلسطيني والعربي والاممي.

المدَّعية ومَن خلفها وما تُمثِّل، وانسجاما مع السلوك الامبريالي الناظم لمواقف وسلوكيات الطابور السادس (المتثاقف سياسيا والمتهافت وطنيا والمخروق قوميا والمنحاز طبقيا) حاولت بالفعل مسخ وتقزيم الصراع التناحري بين عقليتين ونهجين وسلوكين، وتقديمه للراي العام وكانه نزاع شخصي يفضُّ امام محكمة قضائية، انبثقت عن سلطة حكم اداري ذاتي محدود من الالف الى الياء، وُلدت في ارض فلسطينية، بقرار وتنفيذ من الاعداء القوميين والطبقيين لعموم الشعب الفلسطيني، والامة العربية، وكل انسان حرّ وشريف في الكرة الارضية.

انها محاكمة للمشروع الوطني والقومي، وصراع بين تيار التطبيع والتفريط بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني والامه العربيه، والذي يمثله تيار “صرخة من الاعماق” بصفته السياسيه، وتمثله امل وهدان بصفتها الشخصيه، وبين التيار الوطني والقومي المقاوم، والمشتبك دوما دون ان تاخذه لومة لائم، والذي يدافع عن هذه الحقوق ويمثله كل شرفاء ومناضلي هذه الامه ويتصدرها شخصيا د.عادل سماره..” اي انه صراع سياسي بامتياز.

فتيّار “الصرخة” وفي فهم مبتذل وترجمة حقيرة للمثل الصيني “اجعل عدوك صديقك واخلد الى الراحة”، يذعن ويستسلم ذهنيا للغزوة الصهيونية، ويبرر ويشرعن، سياسيا وحقوقيا، موبقات الغزو والاحتلال الاجنبي، من اجل “التعايش الحضاري” مع المستوطنيين، الذين يحلّون محل اكثرية السكان الاصليين، و ينكّلون يوميا بمن تبقى منهم متمسكا بارضه وشرفه.

اننا نعيش في “زمن الردة و التخاذل .. و في زمن التنسيق الأمني و زمن الانقلاب على المعاير المعتمدة لأخلاق الصالح العام”؛  زمن انقلاب المفاهيم وابناء البشر الى عكسهم: الارهاب ثورة، والانحلال حرية، والمراة رجل والرجل امراة.. الخ، اي ان التوازن الطبيعي والاجتماعي يعيش حالة من الاضطراب والخلل والفوضى المُدمِّرة، وبالضرورة ومن اجل البقاء، لا بد من اعادة الامور الى نصابها.

“أن يتعرض عادل سمارة للملاحقة القضائية لانه رفض الوثيقة وقام بتعرية من يروج لها، ليس غريبا هذا الاسلوب بأن يلجأ له المطبعون باستمرار، ما كان هذا ليحصل لولا سياسة الاستسلام والانهزام التي تمارسها سلطة الحكم الذاتي والتي توفر غطاءا سياسيا وامنيا لهذه المجموعات سواء داخل او خارج فلسطين.”

“الدكتور المناضل صاحب المواقف الوطنية الصلبة والمبدأية. الدكتور عادل سمارة من النفر القلائل في فلسطين، الذين يمسكون على جمر وطنيتهم، وهو غير قابل للكسر، وهو غير مستعد للتنازل عن المبدأ من أجل المصلحة” الشخصية.

“ليس عادل سمارة هو الذي يقود أو يشارك في حملة تطبيع الوعي الفلسطيني بأحقية إسرائيل في فلسطين ، وهو لا يدعو ولم يدع للإعتراف بإسرائيل ولم يدع للتعاطف معها ارتباطا بالمسألة اليهودية، قبل قرن، على حساب المسألة الفلسطينية الراهنة”  بل إنها آمال وهدان المتموضعة في خانة التطبيع في خدمة العدو، ومن تماثل معها او شابهها اي “المأجورين سياسيا وثقافيا، واغلبهم من أشباه المثقفين وأشباه الساسة ، ومهمتهم تدمير الثقافة الوطنية المقاومة وزرع ثقافة الإستسلام ومن ثم التعاطف مع العدو وتأييده” ومساكنته في ربوع الوطن. انها لمهزلة تاريخية وخيمة العواقب.

“الصرخة هي عبارة عن دعوة وقحة خبيثة مشبعة بكل معاني الاستسلام والذل لتصفية للقضية الفلسطينية، تحت غطاء “ديمقراطي تقدمي” يدعوا للتعايش مع المستعمر المغتصب لفلسطين، في ظل دولة مواطنة مزعومة…ومن تناقضات صرخة اللفيف ايضا، انه يرى حتمية الإندثار للسكان الاصليين تحت اي احتلال وانه لا يمكن استعادة الحقوق الشرعية المغتصبة فهذا بزعمهم “وهم وعقلية متحجرة وثابتة”.

اصحاب الصرخة ينطلقون من جهل بتاريخ البشر، ويستغفلون الذين لا يقرأون من أمة “إقرأ”، ويجزمون بفتواهم الساطعة حول الاستعمار والسكان الاصليين وحقوقهم السليبة…الخ. غير ان الواقع والتاريخ الحديث جدا، يدحض مزاعمهم دون عناء: فالشعوب الاصلانية في امريكا اللاتينية لم تندثر، وصمدت وقاومت ووصلت الى سلطان الدولة الحديثة، الموروثة عن الاستعمار والراسمالية، واخذت باستعادة الحقوق السليبة، وتحويل الدولة الراسمالية الى دولة شعبية ديموقراطية، بافق تقدمي واشتراكي، على الرغم من الهجمة الامبريالية والاوليغارشية الوحشية المعولمة ضدها وفي كافة الميادين. فهل الشعب الفلسطيني من المريخ؟؟ ثم ولسوء حظهم، كيف يباركون لـِ “الشعب اليهودي” المتخيل والمصطنع (انظروا كتاب شلوموساند) بارض وحقوق لم تكن يوما لهم ، وانما وحسب قول احد فلاسفتهم المعاصرين (أمنون راز- كركوتسكين Amnon Raz Krakotzkin )       : “الرب غير موجود لكنه وعدنا الارض”!!. هذا هو الكفر بعينه وهؤلاء هم اهله ( وانتم لهم اولياء) يا من تُكفِّروننا بالوطن والامة، وبإسم دين راسمالكم تتجنون علينا وعلى الله وعباده الصالحين.

وطالما ان اللفيف يقول ان “حل المشاكل يتطلب ازالة اسباب نشوئها” فلماذا لا يعود هذا المحتل واحفاده الى الارض التي جاء منها ولا يزال يحمل جنسيتها؟ اليس هذا هو اسهل الحلول واكثرها بديهية وعملية على الإطلاق؟! يا سادة الصرخة هناك دراسات علمية رصينة عربية وبريطانية تثبت انه لا علاقة ليهود روسيا واوروبا بيهود الجزيرة العربية القدامى ولا المعاصرين، وبالتالي تنتفي اية حقوق غيبية لهم في فلسطين، او في اية بقعة ارضية على كوكبنا، من اوغندا الى الارجنتين، لانهم هم نتاج مجتمعاتهم التاريخية ومواطنون فيها، وفيها حصرا توجد حقوقهم المادية من ارض ومال وعائلة مقدسة وملكية خاصة ودولة. اما يهودنا فنحن نتكفل بهم، بصفتهم القومية ،اي عرب، وليس بصفتهم الدينية، اي يهود.

“وتتماهى هذه الصرخة مع تطبيع دول الخليج العربي وبقية العالم العربي المتخاذل ودور جامعة الدول العربية فاللفيف يصرخ مطالباَ بالعيش المشترك باسم كل الشعوب العربية تزامناً مع الانهيارات التطبيعية الساحقة على الساحة العربية وتهاويها في حضن الكيان”.

قالت العرب في غابر الزمان وحاضره “عندما يتعلق الامر بالوطن فان الغباء والخيانة يتساويان”. تطبيع انظمة سايكس بيكو ومفرخاتها مع الغزوة الصهيونية وكيانها ليس جديدا، بل يتم الكشف عنه الان في ظل حالة الانحطاط والتردي التي تمر بها الامة عموما، وموازين القوى المائلة تماما لصالح اعدائها. مع ذلك لماذا يجب على المثقفين في الامة ان يروجوا لانهيارات الانظمة التطبيعية الخيانية ولا يروجون للمقاومة والصمود امام اعتى هجمة فاشية معولمة ضدنا؟؟

عام 1989، ومع بدايات انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاستراكية الاوروبية، بقيت كوبا لوحدها وحيدة واحدة ولم تهرول ولم تهن ولم تنهار. اتذكر قول الرفيق فيديل كاسترو حينها في خطاب جماهيري علني ومتلفز، اذ اكد بحزم ودون مواربة: ” اذا ما تفكك الاتحاد السوفييتي فان كوبا ستواصل خيارها الاشتراكي وانقاذ الوطن والثورة ومنجزات الاشتراكية”. صمدت وانتصرت ولا زالت تكافح دون هوادة.

“عود على ذي بدء, فقد يكون سبب حاجة “اللفيف” لإعادة طرح صرخته بعد ثمان سنوات من اخراسها في المرة الاولى هو لان الاوضاع الاستسلامية الإقليمية الآن مواتية لاستقبال هذا التنازل من جهة ومن جهة اخرى هي الحاجة لانقاذ الكيان الغاصب في ظل تعاظم جبهة ممانعة ومقاومة بدأ العدو امامها بالتآكل وخسران الكفة، بحسب رؤية لفيف الصرخة”.

عموم الهجمة الامبريالية الصهيونية الرجعية على الوطن العربي وامته تهدف، اساسا وجوهريا، الى الحفاظ على امن وامان الدولة الصهيونية الغازية المحتلة لفلسطين، كمقدمة لغزو واحتلال بقية ارجاء الوطن العربي، واحتلال الامة في هويتها وفكرها ونفسيتها وثقافتها وتاريخها، واستلاب ارادتها الوحدوية والقومية والسيادية،فترضخ طائعة مستسلمة راضية ومتلذذة بالاغتصاب والاضطهاد. الا يدعو الصارخون من الاعماق الى هذا “الاستبداد اللذيذ” على حد قول الفرنسي اغناسيو رامونيه؟ من اجل تأبيد الهيمنة الامبريالية الصهيونية الرجعية، بتواطؤ وخيانة من قبل ” مثقفيها العضويين من المرتدين قوميا وشيوعيا ويساريا ودينيا”. ولهؤلاء الاخيرين أُذكِّرهم قبل غيرهم  بحديث نبوي شريف: “اخاف على امتي من فئتين: الحكام والعلماء”.

والانكى من هذه الصرخة التي اصبح لها ارتدادات اعرابية سعودية والحبل على الجرار، تحثُّ الخطى نحو ” تمثُّل العقيدة الصهيونية ودسها في الذهنية الجماهيرية بخبث أخطر محاولة إعادة هندسة الطبقات الشعبية العربية، إعادة تثقيفها بما يمسح الذاكرة وبالطبع رؤية الغد… “صرخة من الأعماق” هي جوهريا مشروع حزب جديد استسلامي متصهين، يحاول الحلول محل كافة اشكال النضال والمقاومة”، ويتواءم مع او يحل محل سلطة اوسلو، التي بالاضافة الى كل شرورها وعيوبها( والإناء بما فيه يرشح) لا تتورع عن المشاركة في مؤتمر هرتسيليا للامن القومي لدولة الكيان الصهيوني، في تطبيع كامل واستسلام غير مشروط ودون مقابل، وبهذا يتم اسقاط الحاجز النفسي بين الضحية والجلاد، فتستكين الضحية في ذُلِّها، ويتمادى الجلاد في فاشيته وساديَّته.

ان ما تدعوننا اليه ليس الا “دولة لمستوطنيها فقط” ومنذ نشاتها الاولى 1948، وانكم في خدمتكم لعدو امتكم، تنكرون ان الحياة كفاح ومقاومة وكرامة آدمية، و تزاودون حتى على سلطة اوسلو المتوشِّحة بـِ”الحياة مفاوضات” وتنزلون الى الحضيض: الحياة استسلام ودولارات.

انني ومعي فريق كنعان المطبوعة والالكترونية، كنا ولا زلنا على موقفنا الاستراتيجي لحل القضية الفلسطينية: “دولة اشتراكية وليس دولة مع المستوطنين” ويستطيع مثقفو الصرخة الاطلاع على منشورات كنعان بالخصوص عام 2007.

 

غسان كنفاني ” لنضع نصل الحرف الصادق على رقابهم فبات يشكل تهديدا للمصالح الفئوية المنتفعه !!!

 

“علماءالعرش” و مثقفو بلاط الأنظمة لا يفهمون موقف المثقف الثوري العضوي المشتبك، ولا يتخيلون وجود نضال غير مأجور؛ ويتبنّون مكرهين او أبطالا، مقولة “من ياكل من مال السلطان يحارب بسيفه”. وقياسا على هذا المنطق ووفقا للتجربة التاريخية المعاصرة، وفي المقابل يمكن القول “من لا ياكل من مال السلطان يموت بسيفه”: المهدي بن بركة ، كنفاني،  كمال ناصر، كمال عدوان ،ماجد ابو شرارة،ناصر سعيد، ناجي العلي…وغيرهم كثير، شهداء يشهدون.

والذين ياكلون من مال السلطان ويحاربون بسيفه قتلة مع سبق الاصرار، حاضرا ومستقبلا: يقتلون الهوية الوطنية والقومية والطبقية، ويبرِّرون جرائم السلطان ما تقدم منها وما تاخر، ويقتلون الوطن بسلبه ماهيته وحريته وكرامته، ويقتلون الاجيال القادمة بتضليلها وتعميتها، وتكريس ثقافة الاسترزاق والاستعباد، والاستكانة لسلطان راس المال، مطلق راسمال.

والذين لا ياكلون من مال السلطان معرضون للترغيب والترهيب، فمن سقط في وحل الخيانة الثقافية (تحديدا خيانة الوعي والروح) وما يترتب عليها ، نجا بجلده ولو مؤقتا، ومن صمد وقاوم فالسلطان وراسماله وماكنته القمعية له بالمرصاد، وصولا الى تصفيته جسديا. والا ما معنى محاكمة عادل سمارة بتهمة معاداة التطبيع ورفض تقاسم الوطن مع الغزاة، بعد حرمانه حتى من العمل التربوي ، وهدم مزرعة دواجنه ومصدر رزقه العصاميّ لعدة مرات؟ وما معنى ملاحقة ناهض حتر بتهمة مزعومة بالتطاول على الذات الالهية، بينما كل السلاطين والسلطات من بروناي الى مملكة آل موردخاي ، وصولا الى مملكة البغاء في المغرب، تكفر بالله ليل نهار، وتحلُّ ما حرّم وتحرّمُ ما أحلَّ، وترتكب الموبقات السبعة، وتزيد عليها سبعة أُخر؟ وما معنى التضييق والملاحقات والتهديدات لكل مثقف عروبي ثوري داخل وخارج الوطن؟

وما معنى تهديد حياة الدكتور ربحي حلوم عضو الهيئة الادارية وأمين الشؤون الخارجية برابطة الكتاب الاردنيين، اذا شارك في مؤتمر بيروت تموز 2016، “على خلفية موقفه المضاد للتحركات المشبوهة التي تستهدف المساس بالمقاومة وبالثوابت الفلسطينية، وتروج للتطبيع مع العدو الصهيوني وتُشَرْعِنُ للاستيطان”؟ بينما ظهرت ” ثلاثة أسماء مشبوهة … في المؤتمر ، لم تلبث ان ظهرت فعلاً بين الحضور ، وهم السيدة أمال سليم وهدان وصبري مسلم … المعروفان بأنهما عرابا برنامج ” الصرخة” المشهور، الذي يدعو للتطبيع ويُسَوِّق لشرعنة الاستيطان، والتعايش المشترك بين الفلسطينيين والمستوطنين الصهاينة، وثالثهما السيد يحيى الغدار [ اسم على مسمى/ ن.ع] رئيس ما يسمى ب” مؤتمر التجمع الإسلامي العربي” الذي يشكل حاضنة مشبوهة لهما “.

اما السيد “المفرط في قوميته الاعرابية”معن بشور، في نقاش مع قيادي فلسطيني عن سبب دفاعه عن دعوة فريق الصرخة، قال عن الداعين: “هيدول بيدفعوا”! اهلا وسهلا!! “إذن هل المؤتمر شكلا لدعم المقاومة، وجوهريا لدعم المستوطنة الصهيونية الراسمالية البيضاء في فلسطين؟”.

هل هو مؤتمر لدعم المقاومة والامة في صمودها ونضالها، ام مزاد علني لمقايضة الشعارات بالدولارات؟ فهل هذا ما تحتاجه الأمة، يا ثرثاري بلاط السلطان؟.

في ابريل 2015 عقد في كاراكاس/ فنزويلا، المؤتمر الاول للحملة العالمية من اجل العودة الى فلسطين. في حين كانت الاصوات الثورية والوطنية والقومية ورئاسة المنظمة اليهودية المناوئة للصهيونية “ناطوري كارتا”، تدافع عن القضية الفلسطينية، وضرورة تجسيد حق العودة، كان الطابور السادس والانهزاميين الفلسطينيين يحاولون نسف المؤتمر منذ البداية، ولم ينجحوا، ورضخوا للبيان الختامي الذي لم يتنازل قيد انملة عن الحقوق الوطنية والقومية التاريخية للشعب والامة.

وفي مؤتمر دولي علوم سياسية عقد في نهاية نوفمبر 2014 في هافانا، ارسل السلطان الامبريالي الصهيوني احد بيادقه “عالم علوم سياسية وتاريخية” ليحاضر بالانجليزية حول المقاومة الفلسطينية وقضيتها، وكان جوهر ورقته منسجما جدا مع الصرخات الاستسلامية التي نحن بصددها. وعندما تلقى ردا حاسما كوبيا وفلسطينيا عروبيا، انسحب من المؤتمر ولم يعد بتاتا!!

اصحاب الصرخات ايتام فكريا، ومرتزقة ماليا، وجبناء اخلاقيا، فلنشد عليهم الوثاق!

دقوا ناقوس الخطر فمحاكم التفتيش المعاصرة قادمة!

 

محاكم التفتيش ظهرت في اوروبا، ولم تكن سوى فاشية راس المال متدثرة بلباس الكنيسة واللاهوت اللاتيني الاوروبي، ومورست بحق من شق عصا جبروتها، من مثقفين وعلماء ومتنورين. واوروبا ووليدتها امريكا لا تصدِّر لنا الاّ كلّ ما يمسخنا ويقتلنا ويساهم في زوالنا.

وفي القرن الاخير،  وربما من قبل ، تجلت نفس الظاهرة وبنفس الجوهر في عالمنا العربي والاسلامي، فالوهابية والاخوان المسلمين وداعش والنصرة ومرادفاتها، لم تخرج عن كونها محاكم تفتيش باشراف اصحاب المحاكم الاولى، وتسليحهم وتدريبهم ودعمهم بكل الوسائل. فالويل لامة تضطهد مثقفيها الثوريين، والويل كل الويل لامة ترضع وتدلّع مثقفيها الاستسلاميين. ففي الحالتين تخسر الامة حاضرها ومستقبلها وتفنى.

ختاما، يقول عادل سمارة واعاضد قوله ” هذا الادعاء ضدي ليس سوى بداية تصفية حساب مع كل وطني وعروبي حتى على ماضيه الوطني والعروبي والمناهض للتطبيع.  …وهذا ما يوجب علينا مقاومة فكر الهزيمة بلا هوادة وبأي ثمن. لأن التناقض تناحري بين: المشروع العروبي  ومشروع استدخال الهزيمة، وهو فلسطينيا التطبيع، وعربيا عولمياً  الثورة المضادة… لذا، أعتقد أن المطلوب تشكيل هيئة عربية/إسلامية موحدة ضد التطبيع تحوي قاعدة معلومات وهيئة محامين وكتاباً من الجنسين طبعا”.

ولا ضير من انضمام وتضامن كل الهيئات والاصوات الشريفة في العالم، والتي ترفض التطبيع والتعاطي مع الغزوة الصهيونية فكرا وكيانا ومؤسسات، فالقضية الفلسطينية لها بعد اممي تقدمي ثوري يتصاعد بشكل مضطرد، من الراحل البوليفري أوغو شافيس الى رئيسة برلمان جنوب افريقيا و….الخ.

من جهتي، اعلم علم اليقين وبوعي راسخ لا يلين، عمق ومغزى وابعاد المعركة التي نخوضها ـ نحن المثقفين الثوريين العضويين ـ  ضمن معسكر الثورة الحقيقية ،ضد معسكر الهمجية المضادة على نطاق كوني، والتي تمتطي طابورا خامسا وسادسا من اشباه الرجال والنساء، ادعياء الثقافة الباطلة والحداثة وما بعدها. وادرك تماما ان لكل ميدان فرسانه وسلاحه، ولكل معركة مسوغاتها ومراميها، وعلى كاهل كل منا مسؤولية دائمة لا مناص منها: القتال ضد الظلم بكل تجلياته، بالقوة او الكلمة او الوعي او جميعها معا، (في حالتنا الفلسطينية يتمثل الظلم في المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني)اكراما وتكريما للانسان الحقيقي الكامن فينا والمنشود تاريخيا. وان اردنا الحفاظ على كينونتنا الوطنية والقومية والانسانية، فانه لا مفر من خوض معركة الجنرال الفيتنامي جيّاب واحراز نصر القائد العربي “نصر الله”.

نعم ، نتعرض للقدح والتشهير، والملاحقة والحرمان من لقمة العيش، وللتهديدات الارهابية، والاعتداءات الخسيسة، والمناورات الحقيرة ووو الخ. فالحرية والكرامة لهما ثمن: فاما ان ندفع الثمن واما ان نخنع للعيش دونهما.

معركتنا متعددة الاوجه والمجالات والاساليب، لكن قناعاتنا راسخة، ووعينا يسير في عروقنا على وقع ضربات قلوبنا، بانسجام وتناغم تام مع سلوكنا، حيث كنّا وحيث يجب ان نكون، ولن نتوقف عن خوض اية معركة واجبة، فما هي الا وقفة عز وكرامة في كل زمان ومكان، مهما تسيّد الظلم والطغيان.

  • ·       الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها حصراً ولا تعبر بالضرورة عن رأي نشرة “كنعان” الإلكترونية أو محرريها ولا موقع “كنعان” أو محرريه.