إن لم يكن البعث عروبيا…هل قطر؟

عادل سمارة

ما الذي دفع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رغم كبريائه وتواضعه لوصف قطر ب “نخلتين وخيمة”؟

لا شك أن الرجل لاحظ باكراً، بان هذا الكيان حالة نموذجية ضد المشروع العروبي. ذلك أنها على ضآلتها في كل شيء في فترة عبد الناصر لم تكن لتسترعي انتباهه لولا أنها كانت تلدغ من حينها.

إمارة قطر شأنها شأن الكيانات الصغيرة وخاصة في الخليج العربي التي صممتها القوى الاستعمارية (بريطانيا ولاحقا الولايات المتحدة) لتكون أداة  ضد المشروع العروبي. ولأجل هذا الدور كان ولا يزال طبيعيا أن تقف ضد مصر وبالطبع ضد سوريا.

لذا، كانت قطر الملاذ الأول لقيادات الإخوان المسلمين الذين وقفوا ضد النظام القومي الناصري في مصر، ولا تزال بالطبع.

وهذا يستدعي الاستنتاج بأننا أمام تحالف ثلاثة قوى ضد المشروع العروبي ، تحالف لا تتساوى في القيمة مكوناته مع بعضها البعض، اي سيد وتابع:

·      الإمبريالية

·      قوى الدين السياسي

·      وسلطة قبائلية  كمبرادورية لاحقاً انتفخ دورها بوتائر خيالية بعد النفط والغاز.

ومن الطبيعي ان تستهدف هذه القوى الصعود العروبي في فترة الرئيس عبد الناصر وهو يبني مصر القوية والتقدمية وإنتاجية الاقتصاد رغم ضآلة إمكانات مصر.

ونظام البعث في سوريا الذي كان يبني البلد تنمويا وثقافيا عروبيا رغم ضآلة إمكانات سوريا لا سيما فيما يخص الريع النفطي. وكان العراق يبني مزودا بريع النفط كذلك.

وقد تتشابه قطر مع مختلف الكيانات العربية الصغيرة في الدور المعادي للعروبة وخاصة من حيث كون كل واحدة منها مثابة بلد/قاعدة عسكرية للإمبريالية، وسلفية و/أو وهابية معادية للعلمانية والقومية العربية.

لكن قطر زادت على هذا كله بأن غدت قاعدة عسكرية وإعلامية ضد القومية العربية وخاصة في مصر وسوريا بعد أن خدعت وخاتلت الوعي الجمعي العربي بقناة الجزيرة التي لم تكن لتُكشف حتى كانت الحرب على سوريا.

دور هذه القناة لافت في كل مستوى. وبما هي جزء من المدرسة الإمبريالية في الإعلام، إلا أنها تميزت بدرجة عالية من الإسفاف الذي يربأ الإعلام الغربي عن ممارسته فيحيله إليها تماما على نهج قيام السيد بتكليف التابع بالأدوار الوضيعة.

لم يطق أحدهم في الجزيرة أن يسمع د. عبد الحكيم جمال عبد الناصر يقول بأن القيادة/النظام/ السلطة في سوريا قومية وعروبية. ليهب هذا ويقول للرجل، ألا تتذكر أن اباك عبد الناصر نقد أو هاجم البعث؟

لعل المفارقة هنا، أنه لا النفط وريعه الهائل، ولا بعض التعليم أو كثرة الشهادات نزعت هذه المدرسة من العقل الثأري القبلي.

دائما في السياسة اختلافات، وفي الفريق الواحد تباينات وداخل نفس الفريق أخطاء، ولكن يجمع البعث والناصريين والقوميين العرب التيار العروبي. نختلف الاجتهادات ويبقى المشروع والدفاع عنه والتعرض للتصفية من اجله.

لكن العقل ما قبل الحداثي، الغارق في ثراء نفطي ريعي بلا إنتاج، يبقى عقلا ثأريا حاقدا.

فإذا لم تكن سوريا البعث قومية وعروبية، وهي تقاتل اليوم ليس الصهيونية والإمبريالية وحسب، بل عديد الكيانات التابعة عربية وغير عربية، وهي التي لم تعترف بالكيان بينما كيانات الريع النفطي وخاصة قطر تهرول إلى تل أبيب. وهل العدوان الصهيوني على سوريا لأنها قاعدة لواشنطن؟

لنفترض جدلا ومبالغة في حجم قطر بأنها على خلاف مع سوريا العلمانية، فما الذي يوجب على قطر إقامة اية علاقة مع الكيان الصهيوني. فليس هناك تماسا جغرافيا يفرض التبعية خوفا، وليست هناك مصالح اقتصادية مربحة لقطر وليس هناك تقاربا ثقافيا ومنه الدين ، كجزء من الثقافة، ولا اللغة…الخ. ومع ذلك تقيم قطر علاقات سرية وعلنية مع الكيان بشكل يدعو للاستغراب لمن لا يتنبه إلى التبعية البنيوية والدور الوظيفي.

وعليه، إن لم تكن سوريا العروبية، فهل قطر هي العروبية؟

  • ·       الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية.