فلسطين على برميل بارود

جادالله صفا

البرازيل

الاحداث المتسارعة التي تشهدها الاراضي الفلسطينية المحتلة تشير الى احتمالات مواجهة قادمة لا بد منها، سواء بقطاع غزة او انتفاضة عارمة بالضفة الغربية، او المنطقتين معا، كما تشير التقديرات الى امكانية انخراط اطراف اخرى بهذه المواجهة ودخول حزب الله المعركة بكافة قدراته وطاقاته وامكانياته المتوفرة.

فشل الكيان الصهيوني منذ عام ١٩٦٧ من اقتلاع شعبنا بالضفة والقطاع وما تبقى من فلسطين،  ورغم كل حروبه التي شنها على مواقع الثورة ومخيمات شعبنا بالشتات، وسياسة الطرد والنفي وتشريع القوانين  ومصادرة الاراضي وبناء المستوطنات وهدم البيوت، وعمليات تهويد القدس وتغيير معالمها، قلع الاشجار، فتح السجون وزج مئات الالاف من الفلسطينين بسجونه باحكام جائرة وقاسية، ولم يترك وسيلة غير انسانية الا واستخدمها، ورغم كل ذلك بقي شعبنا الفلسطيني ثابتا متشبثا بارضه، صامدا متحديا، رافضا المشروع الصهيوني، يضاف لذلك عدم تمكن الكيان من التوسع والامتداد بدول الجوار، اتجاه الاردن وسوريا ومصر وبقي مشروعه محصورا على فلسطين والجولان.

لقد شكلت الثورة الفلسطينية والصمود الفلسطيني وتشبث الشعب الفلسطيني بارضه العقبة الاساسية امام ايقاف تمدد المشروع الصهيوني وتوقفه، فرغم كل الحروب التي شنها الكيان الصهيوني والمجازر التي ارتكبها، الا ان شعبنا الفلسطيني بقي صامدا متشبثا ومتمسكا بحقوقه بالحرية والعودة، ورفضه لأي مبادرة تنتقص من حقوقه.

لم يكن خروج الثورة من بيروت اخر المعارك، حيث انتقلت المواجهات الى الداخل الفلسطيني، فكانت الانتفاضة الفلسطينية الاولى عام ١٩٨٧،  الاقصى عام ٢٠٠٠، عدوانه على غزة ٢٠٠٨/٩ ، ٢٠١٢ و ٢٠١٤، وتصعيد اجراءاته وقمعه بحق شعبنا بالضفة والداخل المحتل منذ ٤٨، وتصعيد اجراءاته اليومية والمضايقات المستمرة وحصار غزة، والكثير من الاجراءات تؤكد كلها على ان الموجهة لم تنتهي، حيث السنوات الاخيرةوشهدت تصاعدت بها المواجهات شبه اليومية  بالزجاجات الحارقة والحجارة والاطارات المشتعلة والسكاكين والالات الحادة وعمليات الدهس والعمليات النوعية التي تجري بالضفة الفلسطينية والتي تستنزف العدو وتربكه، وتتركه عاجزا عن منعها وايقافها.

السؤال المطروح هل ستحصل مواجهة؟ ما هي طبيعتها ونتائجها المنتظرة؟ ماذا يريد كل طرف؟ هل ستختصر المواجهة على غزة فقط،، ام معها الضفة الفلسطينية؟ وهل ستمتد الى لبنان؟

يقول بن غوريون، ” حربنا مع العرب هي حرب وجود وليس حدود”، واي مراجعة ودراسة لتاريخ الصراع منذ بداية استيطان فلسطين، تجد ان الحركة الصهيونية وكيانها وبدعم من الغرب ينكروا على الشعب الفلسطيني حقه بالوجود، فهذا معضلة للكيان الصهيوني يسعى الى التخلص منها، فكل ممارساته وإجراءاته وقوانينه لم تتمكن من تفريغ فلسطين من سكانها، فالحالة الراهنة تشير الى التفوق الديمغرافي الذي يميل لصالح العرب ويعتبر الخطر الحقيقي على وجود واستمرار هذا الكيان، فهو يسعى الى التخلص منه بأي ثمن،  فهولا يقبل بأي حل يضمن استمرار هذا التواجد، الذي سيكون خلال السنوات القادمة متفوقا سكانيا، فحل الدولة الواحدة بأي شكل من الاشكال بالنسبة للكيان تهديد لوجوده وبداية نهايته، ايضا اي انسحاب الى الخلف ولو خطوة واحدة ايضا هي تهديد لوجودة، ولكن هل الحرب هي الحل بالنسبة للكيان؟

يسعى الكيان الصهيوني من اي عدوان قادم على غزة او الضفة الى تحقيق ما لم يتمكن من تحقيقه عام ١٩٦٧، الى موجات لجوء جديدة، من خلال خلق المبرارات التي تسمح له بالعدوان معتبرا ان المقاومة بالقطاع وعمليات الضفة وتسليح حزب الله سببا ومبررا لشن هذا العدوان، مع ضمانة توفير تغطية وحماية دولية بالدفاع عن المبررات الصهيونية لعدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني والذي لمسناه خلال الاعتداءات الثلاثة الاخيرة على القطاع، وهنا سيكون السؤال، هل سيحقق الكيان اهدافه بالمعركة القادمة؟ وإن لم يتمكن ما هي النتيجه؟

بالمقابل، المقاومة الفلسطينية تختلف بجاهزيتها عن جاهزية الكيان الصهيوني، وهنا يدخل عامل الرعب، الجماهير الفلسطينية تشكل حماية واحتضان للمقاومة على عكس جمهور المستوطنين، ورغم بساطة الاسلحة والارادة الشعبية ورغبة المقاتل واحساسه بالتضحية من اجل الحرية والاستقلال، وتشبثه بالارض، هذا العامل سيكون له دورا اساسيا بالمعركة المنتظرة، باعتبار ان الانسان الفلسطيني ليس له ملجأ اخرغير وطنه، وأن الحالة العربية ليست كمثل الحالة التي كانت عام ١٩٤٨، حيث تم تهجير مئات الالاف من الفاسطينين الى دول الجوار واستقبلتهم تلك الدول واقامت لهم مخيمات، وإن اي لجوء فلسطيني باتجاه دول الجوار لا يلاقي اقبالا اطلاقا لا شعبيا ولا رسميا.

اي حرب قادمة، هي حرب المصير، مهما كان حجم الدمار والقتل، فالكيان الصهيوني وجمهوره ليس لديهم التضحية بالحجم والنسبة التي تتوفر لدى الانسان الفلسطيني ومقاومته، فكل اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها الكيان الصهيوني لن تفيده، فهي تشكل خطرا على وجوده لضيق مساحة المعركة واختصارها على بعض الكيلومترات، وتواجد اعداد كبيرة وهائلة من قواته وجنوده، وبحال دخول حزب الله المعركة وهذا الاحتمال وارد، حيث اكد حزب الله ان لديه من الامكانيات التي تسطيع ان تحقق النصر على هذا العدو بعد الحاق دمارا كبيرا بكل المنشئات الصهيونية العسكرية والمدنية وتدمير البنية التحتية ايضا

فهل الكيان الصهيوني سيدخل بحرب غير قادر على حسمها لصالحه؟ وغير قادر على تهجير المزيد من الفلسطينيين؟ ممكن، ولكنه لا ينتصر، لان شعبنا على استعداد كامل للمعركة القادمة داخل وخارج فلسطين، معركة المصير الاستقلال والعودة ونهاية الكيان، ولا حل اطلاقا ما دام الظلم قائم الا بعودة الحق لاصحابه.

 

  • ·       الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية.