التطبيع…السردية الكبرى وأم الكبائر: من الدرعية إلى تمفصلات برقيبة/بن علي/السبسي – عادل سمارة

طبيعي جداً أن يهجم المطبعون اليوم، فليس أفضل منها لحظة اسوداد تاريخي، بعضهم بالمجان وبسذاجة وجهل، وبعضهم بالإعجاب  بأكذوبة تفوق اليهود باحثين عن سيد يخنعون له عقليا وليس فقط عسكرياً، وبعضهم بأجر، وبعضهم حماية للسلطه حيث هو سليل سلالة اوجدتها الإمبريالية ورعتها حتى اليوم وبالتالي يستخدم إيران كفزاعة لإشعال نار طائفية تنتهي إلى مئات الكيانات الدينية ليبقى الكيان أكبر دولة جغرافيا وبشريا ناهيك عن النووي والجيش والإيديولوجيا. فتقسيم هذا الوطن لن يقف حتى عند الطوائف، بل سيصل إلى حد “كل قرية هي دولة”.

السردية اليهودية الصهيونية الكبرى لم يتخلى عنها أي صهيوني او يهودي يدعم الكيان. وهي سردية موجودة في كثير من الفلسطينيين والعرب وأخذت تتفشى اليوم بوضوح وتتسع.

وبالمقابل وصل تخلي معظم القشرة السياسية العربية وكثير من القشرة الثقافية العربية عن السردية القومية ، فما بالك بالإشتراكية، ليسقطوا في سرديتين:

       ثقافيا وفكريا الانتماء الصهيوني عبر التطبيع

       وجغرافيا، الانحصار في القطر الواحد او حتى في أجزاء منه عبر طائفية ما أو عرقية ما أو أدنى بكثير.

كانت أحدث ورطة استغلال الفريق الأكبر من المطبعين العرب وخاصة في السعودية لخلاف فرضه ترامب مع قطر، التي هي قاعدة تطبيعية بالمطلق، وذلك للهجوم على:

       جبهة المقاومة وخاصة إيران وحزب الله والمقاومة الفلسطينية

       والاندلاق من الماقبل حداثيين بل ما قبل التاريخ على الكيان الصهيوني بشكل بدوي متخلف يقرف منه الصهيوني نفسه ويتقزز.

كثير من هؤلاء يتكىء على تطبيع فلسطينيين، وكأن هؤلاء سألوا أحدا!!!!!

في المقلب الآخر، تظهر فقاعات الحداثيين في أكثر من قطر عربي، لبنان، وتونس بشكل ملحوظ تدافع عن التطبيع، الذي كانت تمارسه سراً بكل شكل، لتدافع عنه علانية. وهذه أخطر من مثرثري الفيس بوك في الخليج، لأن هذه ظاهرة تعرف على الأقل أنها تعتدي منهجيا على الوطن الفلسطيني والعروبة. تعرف ما تفعل، وبالتأكيد خضعت لدورات مباشرة وغير مباشرة في صهينة العقل.

ذلك لأنها تعرف أن كل تطبيع هو انتقال من السرية والسلبية إلى عدوان على فلسطين  سواء من فلسطيني أو عربي. ولا يقل ذلك العدوان في تونس عنه في قطر. فمن كل قطر عربي تتناسل أدوات عدوان صهيونية. البعض يستخدم الثقافة والحداثة مثل المدعوة رجاء بن سلامة في تونس التي برزت حاملة سيف الحداثة والتناسل الأميبي للهويات.

كنت قد قرأت لها كتابا بعنوان (بنيان الفحولة أبحاث في المذكر والمؤنث 2006) قبل سنوات، ولست بصدد تفنيد ما طرحت ، باعتباره من حيث المستوى صف ثان وتجميع قطع غيار متعددة لعربات مختلفة. ولكن يكفي إعجابها بفرويد الذي وضع نظرية في العيادة وعممها على التاريخ ناهيك عن جوديث بتلر التي رغم جموحها النسوي المرتبك تنتهي مؤيدة للكيان الصهيوني وحتى ليهوديتها!!!(أنظر مقال عادل سمارة: في سُيولتَيْ الهوية والموقف ، تبعية المثقف الفلسطيني، وتعالي المثقف اليهودي! ماخوفر، بتلر، تشومسكي وبن موريس. في مجلة كنعان العدد 151 خريف 2012 ص ص 104-119)

إنما المهم هنا، لتكن أنثوية نسائية…الخ كما ترى، ولكن ما الذي يجمع جموحها النسوي أو محاولة تفحيل المرأة مقابل تفحيل الرجل مع موقفها من نظامي بورقيبة وبن علي وحتى السبسي، اي بالتحديد، تنتهي هذه  النسوية المحترقة الحارقة إلى نسذكورية! أليس هذا عجيبا (عن النسذكورية راجع كتابي تأنيث المرأة، دمشق 2012 ص ص 40-45) . بل ولم أكتب نقداً للكتاب من باب جيد: أن تكتب المرأة كي لا يبقى كل الفكر ذكوريا. لكن حينما تستظل المرأة بالنظام الذكوري الحاكم، نقول لهذه السيدة تحديداً:

       طبيعي أن تصطفي صهيونياً ، وأنت التي دخلت الكيان الصهيوني مع زوجك وهو وهو ضمن ما تسمى المنظمة العربية لحقوق الانسان!! وأية حقوق!

       حينما تتحدثين عن تونس في عهد الذكور المخصيين وطنيا واجتماعيا وسياسيا وحرياتيا، بدءأ من بورقيبة الذي زار الضفة الغربية 1965 وطالب بالاعتراف بالكيان حينها حينما كان يمر في بلدة بيت حنينا شمال القدس، ولولا حماية النظام الأردني حينها لكان بقي في التراب هنا، وإثر ذلك عمت الضفة تظاهرات شتماً له وجرت اعتقالات  للحركة الوطنية.

       وليس انتهاء  بالذكور التوابع حتى لقطر،  ولأنك قريبة منهم ك نسذكورية ربما نسمعك لخبراك معهم،  ولكن عن فلسطين، ولأننا في قلبها الجريح ولأننا بينهم، عليك أن تسمعينا، أو أن تسوحي في دنيا الفرانكفونية كما أنت، إبقي هناك.

لكن كما يبدو، فإن ثقافة الحداثة بمعناها التابع للحداثيين الأوروبيين،  ليست حداثة لأن الحداثة بمعناها وبكونها نتاج كل الإنسانية لا تقبل التبعية. فالحداثة بالتبعية متأصلة في هذه السيدة من جهة، وكفرها بالسرديات الكبرى التي تتصدى لسرديات الاستعمار والصهيونية أوصلها، وذلك بالضرورة، إلى هشاشة العقل حين تعتبر أن يهودي صهيوني أصله من تونس هو تونسي يجب الدفاع عن صهيونيته! وضد من؟ ضد شعب تم طرده من وطنه. هذا ناهيك عن تهاويها وهوايتها في أصغر الهويات التي لصغرها وصغارها لا نجد منزلة عشرية صغيرة نردها إليها.

نحن حين نخاطب مشوهي الحداثة وخاصة في غوصهم في التطبيع لا نسال عن نخوة قومية ابدا، ولا نخوة ثورية قطعاً، بل نسأل من صلب ما يزعمون: كيف يمكن التخندق إلى جانب كيان:

       هو الأكثر رجعية في التاريخ بما هو شديد العرقية لعرق مصطنع، اللهم إلا إذا كان الأشقر الكندي هو الأخ بالدم للأسمر الإثيوبي. وإذا كان يوشع بن نون، (إذا كان موجود حقا) هو بالضبط الجد الأول لنتنياهو ، وإذا كانت رحاب هي الجدة الأولى ل تسيفي لفني بالدم والصنعة المخابراتية الجنسية، وليست المشكلة سوى عدم وجود صورة له للفريق القديم، نأسف، سامحينا، ولة بالفرنسية! كل أكاذيب يهودية عمرها 3000 سنة لم يدعهما لا علم الجينات ولا الإنثروبووجيا ولا تصنيع أطفال الأنابيب؟ ويكفي أن تقرئي كتاب “اليهودية وطأة 3000 عام” ليهودي إنسان حقيقي هو إسرائيل شاحاك. بينما بين العرب من هم أقل من حيوانات.

       كيان طرد شعبا من وطنه ويعلن أنه سوف يطرد معظم المشرق العربي.

طبعا، لا نسأل السيدة بان الكيان صنيعة إمبريالية لأن هذا  لا شك يُعجبها جدا . ولكن نسألها من ناحية إنسانية بمعنى: إن كل شعوب العالم وقفت مع قيتنام ضد الغزو العسكري الأمريكي, بينما في فلسطين استعمار استيطاني اقتلاعي تقفين معه كإمرأة، وأنت تعرفين أن اليهودية يمنع جماع الرجل وزوجته سوى من فتحة في الثوب بمحيط عضوه الذكوري. لا تنزعجي من هذا الكلام، فعنوان كتابك يشي بأنك باحثة في الفحولة التي نرفضها حقا.

هذا النمط من الاستعمار، كان يجب ان تعرفه بن سلامة لأنه كان على جدار تونس قبل تنظيف الجزائر نفسها منه.

ليس أمام المرء سوى الاستنتاج بأن امثال هذه الكاتبة، وجهلاء ماكينة آل سعود ولبراليين في لبنان، ومن يسمون معارضين في سوريا وعراقيين مثل التروتسكي محمد جعفر ومثال الآلوسي، بل وكل عربي لا يقف ضد التطبيع إنما يمارس درجة من لذة الخيانة يعلو ويهبط وعيه بها طبقا لدرجة تعمقها فيه وعيا وثقافة وجسديا وجنسا. إن كل هؤلاء مثابة  أنماط من “الحراكيين” الذين لا يزالون يخونون الجزائر. حراكيون، يحنون إلى الاستعمار المتنوع الذي على أية حال لم ننجح في اقتلاعه من الوطن العربي بعد، لكنهم يريدون متعة أن يمتطيهم سيد ما على شاشة الفضاء العلني.

أختم بالإشارة إلى تفاهة تفوهت بها سيدة الحداثة هذه بأن المدعو :

 “ميشال بوجناح تونسيّ، ويدافع عن تونس في فرنسا كأحسن من يدافع. طبعا هو يهودي. وماذا تريدون من يهودي؟ أن يعتنق الإسلام؟ أن يشتم إسرائيل؟  “.

لا يا عبقرية ، هل هذا ما تفتق الفكر النسوي الراديكالي الذي تعتنقين او الذي تم صبه في جمجمتك!  هناك يهود في الكيان يهاجمون الكيان علانية، ويدافعون إعلاميا لكن عن فلسطينيي الضفة والقطاع فقط ، أي يعتبرون المغتصب 1948 أرض إسرائيل التي تعشقين كما يبدو. وهم انفسهم يخترقون  القوى الفلسطينية كاسرطان وخاصة اليسار. لا يمكن أن تكوني من السذاجة بمكان أن لا تلتقطي هذا الخبث وتوزيع الأدوار وتقسيم العمل بين أطياف العدو بل الثورة المضادة نفسها. لكنك تغطي عورتك السياسية والأخلاقية بقول باهت: “ان يعتنق الإسلام؟ فأنت مسلمة أيتها السيدة وانتقلت من:

       التطبيع مع النظام التونسي التابع وحتى الآن

       ومع الإمبريالية

       إلى متعة التطبيع مع الكيان الصهيوني، فاكتمل الثلاثي لديك. ثلاثي الثورة المضادة.

طبعا المطبعون الفلسطينيون اكثرهم مسلمين ناهيك عن زملائك من المطبعين العرب.

أما عن شتم “إسرائيل” فواعجباً، حين يفقد الملاكم الثقافي عقله يستخدم ذنبه. أليس الطبيعي لأي إنسان  حقيقي أن يقف ضد “إسرائيل”! أإلى هذا الحد وصل لديك تقديس الكيان الصهيوني الإشكنازي.

إسمعي أيتها السيدة النس/ذكورية، رغم مزاعمك الحداثية: في هذا الكيان لا متسع لأمثالك رغم ما تكتبين ورغم التدثر بالحداثة والنسوية ، ولا اريد الاستطراد هنا. هذا الكيان داعشي بامتياز، لامكان فيه سوى لليهودي الإشكنازي. وإذا سارت الأمور كما يريد وكما هي، سوف يلقي باليهود العرب في محرقة كالتي قامت بها النازية بما فيها بو جناح وبو ذنب وبو …الخ ، ناهيك طبعا عن اليهود الأحباش!!!

يُسجل للكيان شطارة تغيير جلده في كل مكان، ولكن يُسجل لأمثالك عشق جلوده.

قد تقفزي أنت أو أمثالك للقول هناك يهود تقدميون.

طبعا، وربما أكثر تقدمية من عرب تقدميين كثيرين. وهناك يهودا ضد الصهيونية وضد الكيان.

اسمعيني بدقة إن كنت لم تُطولي قصة شعرك لتغطي اذنيكِ:

أنا الفلسطيني الذي  انقذني يهودي يمني ماوي من الاغتيال هو المرحوم “إيلان هليفي” حيث خاطر وأخبرني.

ولكن، الأمر فيما يخص فلسطين، أبعدمن كل هذا، فاليهودي أوغير اليهودي، اي إنسان تتحدد إنسانيته في:

       أن يقف ضد المحرقة الممتدة ضد شعبنا والتي يمارسها يهود المحرقة النازية المشتدة

       وأن يقاتل الكيان كما نقاتله.

طبعاً هناك فلسطينيون وعربا لفرط ذكائهم يخدمون الصهيونية بلا وعي او بوعي حيث ينكرون المحرقة النازية. إنهم يجهلون أن ثقافة الغوييم هي مشروع محرقة للجنس البشري.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية.