حول “اللجنة الشعبية من أجل فلسطين دولة علمانية ديموقراطية واحدة”: وثيقة تحرير فلسطين من الصهيونية كذبا، محمود فنون

نشر سلامة كيلة وثيقة سماها الوثيقة التأسيسية تستهدف تجميع تواقيع مؤيدة لها ليكون أصحاب هذه التواقيع بمثابة حركة شعبية ومؤيدين .

والمقصود بالأساس الفلسطينيين

تبدأ الوثيقة بالكذب ممزوجا بالبكاء والحنين وذلك من السطر الأول حيث تقول : ” منذ البدء لم يكن هناك من حلٍ مُمكِن للصراع الدائر في فلسطين ما بين الحركة الصهيونية  والشعب الفلسطيني سوى قيام الدولة العلمانية الديمقراطية الواحدة. هذا ما طُرِحَ قبيل النكبة، ” الله أكبر . قبل النكبة ؟ّ يعني قبل ان يقيم اليهود دولتهم على 78% من أرض فلسطين .

طيب : جاء اليهود إلى فلسطين قبل الإحتلال الإنجليزي . أي في العهد العثماني ، فمن طرح حل الدولة الديموقراية العلمانية عليهم ؟ كان العثمانيون هم حكام فلسطين ، وكانت الصهيونية تجلب المهاجرين وتستوطن وبالكاد تؤثر على الحالة الديموغرافية . ولم يصل عددهم إلى ثمانين ألف في عهد الدولة العثمانية .

كان الموقف رفض الفلسطيني  لليهود ورفض استيطانهم  دون لبس وإبهام ، بينما تمكنوا بكل السبل من التسلل وإقامة المستوطنات تحت سمع وبصر سلاطين آل عثمان وحكامهم .

وعندما اتت بريطانيا واحتلت كل فلسطين عامي 1917 / 1918 م بدأت خطا جديدا في فلسطين ملخصه تمكين اليهود من الإستيطان وتهويد فلسطين من أجل تحويلها إلى وطن قومي لليهود وليس دولتين لشعبين ولا دولة ديموقراطية علمانية .

ثم كانت طروحات التقسيم  وليس الدولة الواحدة ، وكانت هذه الطروحات من أجل دفع العقل الفلسطيني لقبول التنازل عن جزء من فلسطين لليهود والتطبيع على ذلك . ولو كانت بريطانيا تريد التقسيم حقا لنفذته على الأرض وتحت هيمنتها وحمايتها لقد أرادت بريطانيا تهويد فلسطين وتنفيذ وعد بلفور. ولم يعلن قبول بقرار التقسيم سوى الحزب الشيوعي في حينه ، ولم يعلن الحزب موقفا آخر .

فأين كان شعار الدولة الديموقراطية العلمانية قبل النكبة ومن كان يطرحه  قبل النكبة وبعدها ؟

وتمعن الوثيقة في الكذب مدعية ان حل الدولة الواحدة هو الذي كان سائدا إلى ان جاءت المنظمة وحرفت البوصلة حيث جاء فيها ” ، قبل أن تحرف قيادة “منظمة التحرير الفلسطينية” البوصلةعام 1974 نحو شعار “دولة فلسطينية مستقلة” على 20% من أرض فلسطين، وتقر ضمناً بـ “يهودية” الدولة الصهيونية، وتخرج بالتالي فلسطينيي الأرض المحتلة سنة 1948، واللاجئين من المعادلة الفلسطينية، مما شكل انحرافاً جوهرياً عن الطرح الفلسطيني الأصلي..

هنا يستمر الكذب على انه عين الحقيقة ، فلسان حال  الوثيقة التاسيسية  يقول عن شعار الدولة الواحدة الديموقراطية العلمانية ظل سائدا حتى عام 1974 وكانت المنظمة ترفعه حتى ذلك الوقت  ثم انحرفت عنه ” نحو شعار “دولة فلسطينية مستقلة” على 20% من أرض فلسطين ”  والمنظمة بهذا تريد 20% للفلسطينيين وتتنازل عن  الباقي لليهود  وتسقط حق اللاجئين ” مما شكل انحرافاً جوهرياً عن الطرح الفلسطيني الأصلي..”

هذه قاعدة الإنطلاق وهي مبنية من اولها لآخرها على الكذب . لماذا .

قال النازيون اكذب ثم اكذب واستمر في الكذب ليصبح هذا الكذب هو الصحيح ، ومن أجل ان ينطلي كذبهم هذا على الأجيال التي عايشت المأساة كلها . ثم إن أجيالا عديدة لا تعرف الحقيقة ويمكن ان ينطلي الكذب على جزء منهم .

هذا مع العلم ان انصار الدولة الواحدة اليوم كانوا هم انصار الدولة المستقلة على 20% من ارض فلسطين لتكون للفلسطينيين وبعد أن تقدم المشروع الصهيوني وحان أوان دورهم يتقدمون بشعار الدولة الواحدة ليتنازلوا بهذا حتى عن العشرين في المئة التي تظاهروا بتأييدها ودعمها من أجل تطبيع العقل والثقافة الفلسطينية على التنازل والتفريط .

لقد كان الشعار الفلسطيني السائد هو تحرير فلسطين من النهر إلى البحر وبدون اليهود والصهيونية وهذا ما تم توثيقه في الميثاق الوطني الفلسطيني قبل احتلال عام 1967ىم ، وظلت المنظمة تتمسك به إلى عام 1974 وقد ظل في الميثاق كما هو وأصبح شعار الدولة المستقلة  هو الموقف السياسي لطارحيه . وقد رفضته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على انه تنازل عن الوطن وخطوة على طريق التنازلات التي استمرت فعلا حتى وصل الحال إلى اوسلو وتطبيقاته والحال الذي نحن عليه اليوم في عام 2018م حيث تستمر عملية التهويد على الأرض وفي القوانين والتشريعات  الإسرائيلية.

وتضيف الوثيقة بحق تريد منه باطلا ، وهي تأخذ موقف جبهة الرفض ضد التنازلات التي تبنتها منظمة التحرير كخط ونهج تدميري للقضية الفلسطينية فتقول الوثيقة : ” خصوصاً وقد ظهر واضحاً أن حل الدولتين لا يملكُ أفقاً قابلاً للتحقيق، وأنه كان وهماً، وأن جوهر ما تريده الدولة الصهيونية منذ البداية هو استعمار استيطاني لكل فلسطين لتحويلها الى “أرض إسرائيل”… “

نعم فوعد بلفور وصك الإنتداب يشرعان لليهود الإستمرار بتهويد فلسطين من أجل إقامة وطن قومي لليهود، (خاص باليهود )  على كل أرض فلسطين ولم تتغير السياسة والممارسة الصهيونية عن هذا الخط بل إن السياسة الرسمية للمنظمة وقياداتها المتنفذة هي التي انحرفت عن المنهج الوطني الفلسطيني واهداف الكفاح الوطني الفلسطيني لتحرير فلسطين كلها قبل وبعد حرب 1967م.

هنا ينبثق الحل من راس جوبيتر : ” نطرح منظورنا لتأسيس “الحركة الشعبية من أجل فلسطين دولة علمانية ديمقراطية ‏واحدة”، حركة تهدف الى مشاركة الشعب الفلسطيني في كل فلسطين وفي الشتات في هذا النضال، وكذلك ‏مشاركة السكان اليهود الذين قدموا كمستوطنين وأولئك الذين وُلدوا في فلسطين… “كل هؤلاء الحلالين  يتشابهون في أنهم يوصلن التراجيديا إلى العقدة التي تظهر وكان لا حل لها ثم “يلطخون” الحل امامك على الارض وكأنه الخلاص الذي لا خلاص غيره .

“حركة تهدف إلى مشاركة  الشعب الفلسطيني  ومشاركة السكان اليهود الذين قدموا كمستوطنين وأولئك الذين ولدوا في فلسطين ” كل هؤلاء سيتمكن سلامة كيلة والموقعون معه من تجنيدهم  من أجل : ” من أجل إنهاء الدولة ‏الصهيونية، وإعادة بناء المجتمع والدولة على أسس واضحة”

إذن فالأمر بسيط : سيتجند الفلسطينيون في الوطن والشتات واليهود الذين قدموا كمستوطنين  والذين ولدوا في فلسطين ، وبهذا الجيش القوي ينهي سلامة كيلة وصحبه الدولة اليهودية ، هكذا بجرة قلم  فكل العرب واليهود في جيش واحد!!!.

ما هو المطلوب منا : المطلوب من القراء أن يتعاطوا مع الموضوع على ان سلامة وصحبه قادرون على تجنيد اليهود والعرب ودفعهم لإسقاط وتفكيك الدولة  الصهيونية وإقامة الدولة الديموقراطية العلمانية مكانها  وكأن الأمر قيد التحقيق ، ومطلوب منا أن ننعم بما سوف يتحقق نتيجة هدم الدولة الصهيونية وجيشها ومؤسساتها العنصرية  ” يلعن ابوهم والله سلامة كيلة ما يخلي منهم حدا .. وهو بالسر  يعد اليهود بالمشاركة ، ولكن ما أن يسقط الدولة الصهيونية وجيشها حتى يطرد اليهود كلهم !!!”

وهنا لا ينسى كاتبو الوثيقة التأسيسية من التذكير بوثيقة ميونخ ” وثيقة ميونخ (29يونيو/ حزيران – 1 يوليو/ تموز، 2012) ” التي يعتبرونها أساس لوثيقتهم وتحركهم هم وغيرهم من أنصار تهويد فلسطين .

تعالوا للتدليس والتزيين الذي يصبغ الورقة الوثيقة :

إن البداية في بند رقم واحد هي تفكيك :”تفكيك الدولة الصهيونية كوجود سياسي وكيان عسكري وأيديولوجية عنصرية. هذا هو ‏الأساس الذي يحكم رؤيتنا،..”

إذن لترتاح ضمائر القراء فحل الدولة الواحدة مبني على تفكيك دولة إسرائيل ! كلنا معى هذا التفكيك  ولكن لا يجوز التعامل وكأن هذا الإفتراض البديهي قد تم فعلا . فإسرائيل بأنياب فولاذية وتفتك بنا وبمن حولنا وتوسع وتعمق استيطانها فلا يجوز التصور كأن هذا تم فعلا ونبدأ في حصد الثمار .

إن سلامة كيلة ومن معه إنما يخدعون القاريء الساذج وقد لا يستطيعون ولكنهم يكتبون : لأنصار الحقيقة أي العملاء , وأنصار العدالة أي المثقفون المأجورون، وأنصار الخير   أي الذين يدفعون ويحرفون. ويفرح بهم الأسياد والممولون مع الإعتذار للقس بيركلي.

وكيان عسكري؟! الله أكبر يريدون تفكيك جيش الدفاع بالرغم من كل أسنانه ؟ لا غرابة في ذلك فتوسيع عدد الموقعين على الوثيقة سيدفع بجيش الدفاع إلى التحلل، والقنابل الذرية إلى الهلكان بسبب تقادم التاريخ .

وكذلك يريدون تصفية الدور الإمبريالي لإسرائيل  وهذا مهم وإلا ما فائدة ان تتم تصفية الكيان عسكريا مع بقاء دوره الإمبريالي ؟؟؟. طبعا إذا تفككت سياسيا واقتصاديا وعسكريا  فإنه من الضروري ان يتفكك دورها في خدمة الإمبريالية وخاصة بعد تحلل الجيش الإسرائيلي وتدمير أسلحته كما حل بالجيش العراقي !

وفي بند رقم اثنين فإن هذا الحل : هذا الحل يجب أن يضمن الحقوق للجميع دون استثناء، فحقوق الشعب الفلسطيني لا تسقط بالتقادم، وخصوصاً حقوق اللاجئين في العودة والتعويض عن سنوات التشرّد. فهذه الحقوق غير قابلة للتصرف، أو للتفاوض، وهذا هو مبدأ جوهري …”

الله أكبر.. الحقوق لليهود وللعرب .

أنتم يا لاجئين إقبلوا بالحل وسوف يضمن لكم سلامة كيلة وصحبه حق العودة والتعويض عن فترة التهجير.  هذا قبل كل شيء وسوف تشترون بالتعويضات سيارات وأثاث وكل ما تشتهون!

 ويؤكد كاتبو الوثيقة بأن حصول الفلسطينيين على ممتلكاتهم: لا بدّ من التأكيد على أن كل المشكلات التي تنتج عن ذلك، والمتعلقة بالملكية أو السكن، يجب أن تحلّ من خلال مبادئ العدل، وفي إطار لا يفضي الى نشوء أضرار جديدة بحق التجمع اليهودي المُتَخَلِص من مزاياه وامتيازاته التي كفلها له النظام الصهيوني العنصري ” كيف ؟ لا يهم كيف المهم ان الورقة تضمن للمستوطنين حقوقهم . وهي أساسا مضمونة منذ الآن اما الحقوق غير المضمونة فهي حقوق الفلسطينيين.

وفي بند ثلاث وكي تضمن إغواء القاريء يرد : 3) الدولة الجديدة التي ستقام على أرض فلسطين التاريخية، وهي دولة فلسطينية، ..” يا فلسطينيين هذه الدولة فلسطينية . هي لكم .

بعد ذلك تأتي الإضافة الأخرى

 هي أيضاً دولة علمانية ديمقراطية، تفصل الدين عن الدولة …”

وبعد ان تستمر الورقة في شرح المزايا الحميدة الناتجة عن اتباع هذا الدين تصل إلى بند رقم ستة وهو طريق الوصول إلى هذا الحل ”   إن بناء هذه الدولة هو نتيجة نضال وطني وطبقي متعدد الأشكال وهو نضال مشترك ما بين أهل فلسطين وأولئك اليهود المتخلصين من ‏الايديولوجية الصهيونية فدور الطرفين مهم وحاسم.. “

هكذا إذن فنتاج نشر بيان كهذا سيقوم نضال مشترك يهودي عربي  بقيادة سلامة كيلة وحيفاوي ومن معهم  وذلك استجابة لهذا الشعار … وهم لا يقولون كيف سيتهيج جمهور اليهود طبقيا ووطنيا من أجل هدم دولة اليهود وتمكين اللاجئين من العودة .

ثم يأتي بند سابعا الذي يلزم شعوب الدول التي ساهمت في إنشاء إسرائيل بأن تناضل من أجل إرغام حكوماتها على تأييد الحق الفلسطيني وتحاصر وتقاطع إسرائيل وتضغط عليها بكل السبل .

وتختم الوثيقة بفقرة الخلاصة عن قيمة الإلتزام بهذه الرؤيا : ” هذه هي رؤيتنا التي تتضمنها هذه الوثيقة التأسيسية لـِ”الحركة الشعبية من أجل فلسطين دولة علمانية ديمقراطية واحدة”، رؤية كفيلة بإعادة بناء النضال انطلاقاً من منظور جديد قادر على تأسيس تيار شعبي واسع من كل الذين يتوافقون على هذه الرؤية من أجل فلسطين دولة علمانية ديمقراطية واحدة.
أكتوبر 21/ تشرين الأوّل 2017
الموقعون : سلامة كيلة , بيسان عدوان , يؤاب حيفاوي , عوفرا يشوعة-ليث , ناجي الخطيب ,”

إذن هذه الرؤيا لم تحقق شيئا وفقط هي كفيلة بإعادة بناء النضال إنطلاقا من منظور جديد قادر على تأسيس تيار شعبي واسع من كل الذين يتوافقون على هذه الرؤيا …

طيب وأين الإنجازات المحققة؟.  

وما هو هدف هذه الوثيقة؟ .

إن التأشير على حل مشكلة اليهود والتي ستنشأ عن تحرير فلسطين وقبل التفكير على كيفيبة حل القضية الفلسطينية ومشكلة الشعب الفلسطيني إنما هو في خدمة البرنامج الصهيوني المتواصل على الأرض دون توقف .

وأن الإرتكاز على تحقيق تأييد عدد من الموقعين على الوثيقة  فهذا لا يشكل تيارا شعبيا داعما لها .

 

إن المقصود إعادة تثقيف الأجيال الفلسطينية بثقافة بديلة عن ثقافة النضال من أجل التحرير بثقافة من أجل التوقيع .

والتوقيع هنا يكون توقيع بالإقرار بتهويد فلسطبن .

وماذا عن تفكيك الدولة وتخليصها من العنصرية وتفكيك جيش الدفاع ومعالجة مسألة خدمة الإمبريالية والطابع العنصري ؟ أليس هذا وهما جميلا سيقوم الموقعون مع سلامة كيلة على تحقيقه ؟

كل المصادر التي تكتب تأييدا لهذا الشعار تبدأ من القول أن إسرائيل عنصرية وانها تهود فلسطين وانها لا تقبل بالحلول السلمية  ولا تخضع للإرادة الدولية … . إن إسرائيل تتصف بهذه الصفات من زمان ومنذ وجودها على أرض فلسطين بل ان الصهيونية تمتعت بحماية بريطانيا التي مكنتها من إقامة دولتها إعتمادا على هذا التفوق . ومع ذلك طرحت الحركات الفلسطينية شعار تحرير فلسطين وتطهيرها من اليهود . واليوم ياتي أصحاب الطرح الجديد ليقولوا إن المستوطنين لهم الحق في كل أرجاء فلسطين وفقط لنا ان نطالب ببعض الحقوق . وتظهر هذه الحقوق مضخمة هنا وبصورة أخرى هناك . إن تخليص اليهود من العنصرية ومن عقلية الإستيطان لا يمكن ان ياتي إلا عبر نضالات متصلة تفعل فعلها وحروب تتعرض فيها إسرائيل للهز.

إن سلامة كيلة والمقيم الآن في قطر يجلس في مكتبه ليخاطب شعب فلسطين بواسطة مريدين أو مهووسين او أنصار الحق والعدل والخير  والتمويل المالي ليساهم في تنظيم طابور من اليائسين والمؤيدين لتهويد فلسطين.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية.