الطائرة القتيلة… وذوي لسانين! عادل سمارة

عبَّر البعض عن ضيق ما لما وصفنا به عرباً يرفضون إنجاز الجيش العربي السوري في المعركة الأخيرة. وكأني بهؤلاء العرب المتباكين يجهزون لجنازة لهذه الطائرة وحفل تفجًّعات ولطم خدود وشق جيوب عليها!

اسمحوا لي أن أزعم بأنني من خبرة الحياة أفهم ما معنى “استدخال الهزيمة” وهو مصطلح صُغته منذ اكثر من عشرين عاماً، لأن هؤلاء يخشون الانتصار، يخشون لحظة المقاومة، ومع الزمن يفقدون العمود الفقري فترتد أجسامهم إلى الوراء كما للأمام.  وصل هؤلاء إلى حالة الحقد على أي عروبي مقاوم أو يحاول النهوض. لذا، يرون التصدي العربي السوري إحراجا لهم وضربة لمسيرة حياتهم الآسنة الراكدة بما في مياه حياتهم من ضفادع وجرذان وأفاعي مائية.

خطورة هؤلاء هي على الشارع العربي، فالتصدي السوري لن يُعير لهؤلاء بالاً، هو ماضٍ كما مضى بنو أمية في القارات الثلاث وأقاموا عز دمشق وقرطبة وحتى بلاط الشهداء.

لماذا هم خطر على الشارع العربي؟ ذلك لأن هذه تعاليم تلمود الثورة المضادة الذي فهمه الفلسطيني جيداً بان الشعب هو هدف الإهلاك جسديا ومعنويا بل معنويا قبل جسدي. أي أن المهم اختراق الشعب وتفريغه من شحنة الحب والحزن الشاحن للثورة والمقاومة. هذه خطورة هذا الاستدخال.

في تجربة فلسطين، يكره المنهار أي صامد لأنه ينكأ تقيحه. ويعرف عرب الاستدخال المقولة الفلسطينية منذ الاستعمار العدو البريطاني بأن “طريد الحكومة في أمان اكثر من طريد الشعب” لأن طريد الحكومة يحتضنه الشعب. لذا يستميت هؤلاء لشلّ معنوية الشعب/الشارع العربي.  وإلى الذين يستثقلون وصفنا لهم بالخيانة، فليصوغوا كلمة أخرى!

يوازي هؤلاء في السقوط مثقفين وإعلاماً وخاصة فضائيات زرعوا لسانا إلى جانب ما خلقه الله لهم،فم بلسانين:

  • لسان يغني لمجد سوريا
  • ولسان أفعى يلدغ زاعماً أنه ينقل كل وجهات النظر.

لهؤلاء اقول، على الأقل شاهدوا صُنَّاع أكذوبة “الموضوعية” فهم يكذبون ويكتبون بلغة وقحة. منذ 40 سنة وكنت أقرأ مجلة “إيكونميست The Economist ” البريطانية وهي عريقة في الفكر والاقتصاد السياسي البرجوازي، فوجئت بوقاحة لغة الكتابة وتعالي تلك اللغة. ثم أنظروا اليوم، ماذا تقول سي أن أن او فوكس نيوز عن أي عربي شريف؟ إرهابي وفي افضل القول متطرف، غير حداثي…الخ وهل تسمح لعروبي أن يقول كلمة على شاشاتهم؟

لذا، لستم موضوعيين بل أنتم متعسكرين هناك، مهما لمعتم. والأمر ليس انتم، بل خطركم على الوعي الشعبي عامة والوعي الثقافي النقدي خاصة.

يُقارب سوءة هؤلاء مختلف المثقفين المزخرفين لغةً وربما مظهراً. مثقفو الصالونات الثورية. هؤلاء ليسوا خونة لا شك، ولكنهم يتمنعون عن الإعراب بوضوح عن الاحتفاء بالنصر السوري، وحين يقولوا كلمة الحق يُخرجوها بمظهر يخدم ذواتهم قبل القضية. هذه الرخاوة خطيرة في لحظة الصراع بل التناقض التناحري، هي في باب تنفيس الشحنة المقاومة أكثر مما هي في باب تزخيمها. ولا يصد هؤلاء سوى المثقف المشتبك.

ما قيمة مثقف أو مفكر لا يأبه بالاعتراف بالكيان، ولا يرفض دولة واحدة تحت نعال المحتل، ويحتفي بعضو كنيست من أصل فلسطيني يُقسم يمين الولاء لدولة اليهود ويمدح احتلال العراق وليبيا، ويتعلثم تجاه الحروب على سوريا واليمن؟ ما معنى أن لا يقف ضد كل هذا بل يُساهم في تمريره؟ إن كانت شفتيه الناعمتين لا تطيقان قولة كالقنبلة فإن فلسطين لا تحب قُبلة ببرودة الزجاج!

هذه المخاطر لا تُقلق الجيش العربي السوري لأن هؤلاء ماضون إثر بني أمية لكنها تستهدف بداية الاستفاقة الشعبية العربية.

وبكل بساطة: ما الذي يضير كل هؤلاء إسقاط الطائرة الأمريكية-السعودية-الصهيونية؟ وقد أقر العدو بذلك نفسه. وحتى لو سقطت تلك الطائرة بالزُكام، فلماذا يصر هؤلاء بأن الجيش العربي السوري لم يقتلها؟ أو أن إيران اسقطتها، أو أنها أُصيبت بالإسهال!

إن أي قول ينفي قدرة سوريا، أو يُوازي بين نعم ولا، هو خدمة للعدو بلا مواربة.

وفي نطاق حديثنا هذا، ننتظر من محور المقاومة تماسكأ اشد وأعمق، لأن هذا وحده الذي يحرك الشارع ويحميه كي تحتمي المقاومة بالشارع ويكون لنا تحرير فلسطين.

:::::

المصدر: صفحة الكاتب على الفيس بوك

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية.