“كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي، 5 أيّار (مايو) 2018 ، إعداد: الطاهر المُعِز

خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد 427

 

بمناسبة الأول من أيار/مايو 2018: تُطالب الحكومات الأوروبية (وأرباب العمل) الأُجَراء والعُمّال، عشية الأول من أيار، بقبول الإجراءات التي اتخذتها ضد مصالحهم، ومنها تأخير سن التقاعد وزيادة عدد سنوات العمل، في ظل البطالة وتأَخّر التحاق الشباب بالوظيفة بسبب البطالة، وتمثل مجموع الإجراءات تراجُعًا عن مُكتسبات حققها العُمّال بتضحياتهم وعَرَقِهِم، وللتذكير فإن الشركات الكُبرى تُحَقِّقُ مكاسب خيالية تُوزِّعُها على مَالِكِي الأسهم، بينما تعمل نفس هذه الشركات (وممثلوها في الحكومات) على خفض القيمة الحقيقية للرواتب وخصخصة القطاع العام والخدمات والرعاية الصحية والنقل والكهرباء والمياه وغيرها من المرافق… في أوروبا حقَّقَت أنهت الأسهم الأوروبية في الثلاثين من نيسان 2018 أكبر مكاسبها الشهرية منذ 2016، بفضل عمليات الإندماج والإستحواذ القياسية، وبفضل تحقيق معظم الشركات أرباحًا كبيرة، خلال شهر نيسان، على حساب العُمّال، وارتفع المؤشر “ستوكس 600” الأوروبي بنسبة 3,8% (خلال الشهر)، كما ارتفع ومؤشر “داكس” الألماني، وأسْهُم شركات التجارة وشركات الإتصالات وشركات الفنادق والمنتجعات السياحية، ومجموعات الإعلانات والإشهار وغيرها، لكن عُمّال جميع هذه القطاعات يُعانون من تدهور ظروف العمل ومن انخفاض القيمة الحقيقية للأُجُور وتقليص الخدَمات، عشية يوم العُمال الذي تَحَوَّلَ من يوم نضال وغضب عُمّالي إلى يوم “عيد العَمل”، في معظم البلدان، فيما تتجاهله دول أخرى، ومنها دُوَيْلات الخليج والكيان الصهيوني وهولندا وبريطانيا والولايات المتحدة وكندا ونيوزيلندا، وتمنع تركيا واندونيسيا وباكستان التظاهرات بمناسبة الأول من أيار… للتذكير، يعود مطلب تحديد ساعات العمل بثمانية يوميا و48 ساعة أسبوعيا (مع يوم راحة في الأسبوع) إلى بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وساهم “كارل ماركس” و”فريدريك إنغلس” في طرح هذا المطلب عند تأسيس الأممية الأولى، ثم دَعت النقابات الأمريكية إلى إضراب يوم 01/05/1886، للمطالبة بتحديد ساعات العمل بثمانية يوميا، وشارك في الإضراب حوالي 300 ألف من عُمّال المصانع، وخاصة في مدينة “شيكاغو”، حيث تظاهر العمال عدة أيام، وقتلت الشرطة عددا من المُضربين المتظاهرين (سبعة أو ثمانية) واتهمت الدولة العُمّال بإلقاء قُنْبُلَة على رجال الشرطة، الذين أطلقوا النار وقتلوا عددا من المُضْرِبِين المُتَظاهِرِين (سبعة أو ثمانية قَتْلى) واعتقلوا يوم الرابع من أيار 1886 ثمانية عُمّال اعتبرتهم الدولة والشرطة والقضاء “من مُثِيرِي الشّغب”، وكان ذلك كافيا للحكم عليهم بالإعدام وتنفيذ الحكم في أربعة منهم، واعتبر القضاء سنة 1893 انهم أبرياء من التّهم التي أُلْصِقَتْ بهم، وتخليدًا لذكرى عاملات النسيج الأمريكيات ولذكرى مظاهرات وضحايا أيار 1886 في شيكاغو، قرر المُؤتمر التأسيسي للأممية الإشتراكية الثانية سنة 1889، تنظيم تظاهرة سنوية عالمية للعمال بدءاً من الأول من أيار/مايو 1890، وذلك للمطالبة بثماني ساعات عمل واحياء ذكرى ضحايا شيكاغو… إن يوم 1 أيار هو يوم غضب ونضال وليس مناسبة للإحتفال.

 

الإقتصاد المُوازي في البلدان العربية– مصر نموذجًا: إن الإقتصاد المُوازي هو نشاط اقتصادي غير مُعْلَن عنه لدى أجهزة الدّولة، وبالتالي فهو يقع خارج إطار القانون الذي يفرض تطبيق قوانين العَمل وتسجيل أي نشاط اقتصادي لدى إدراة الضرائب، مما يُشَوِّهُ عملية التّراكم الرأسمالي ويُحوِّلُ عملية الإستغلال التي يتميز بها النظام الرأسمالي إلى عملية “تهميش”، ومنذ حوالي أربعة عقود (منذ بداية سياسات “الإنفتاح الليبرالي”) أدت السياسات الإقتصادية التي فرضها صندوق النقد الدولي (ذراع الإمبريالية) إلى إضعاف قدرة الدولة على فرض إطار قانوني لمراقبة الإجور والأسعار وتعديلها، وتغييب مراقبة المَعايير بشكل عام، واقتصار دور الدّولة على القمع وحماية رأس المال، فَتَعَاظَمَ دور الإقتصاد غير الرّسمي في البلدان العربية وأصبح يُشكل ما بين 40% إلى 50% من إجمالي الناتج المحلي (بما في ذلك في البلدان النفطية)، مما أثّر في البُنْيَة الإقتصادية وفي علاقات العمل، ومما أضْعَفَ دور النّقابات ومنظمات حماية العمال والمُنْتِجِين والمُسْتهلكين، ويعود السبب الرئيسي لازدهار الإقتصاد الموازي إلى انهيار الإقتصاد الرّسمي، ويُساهم ازدهاره في إعادة إنتاج الإنهيار، وكلما زادت حصته من الناتج المحلي كُلّما ازداد التشابك بين الإقتصاد المُوازي (المَبْنِي على التجارة غير الشرعية للمخدّرات والسّلاح وتهريب كافة أنواع السّلع غير الخاضعة لأي رقابة صحية) والإقتصاد الرسمي في الحياة اليومية للسكان، ويُشكل الإقتصاد الموازي كارثة اقتصادية لأنه يستفيد من البنية التحتية ومن الخدمات التي لا يُساهم في تَمْوِيلِها، لأنه لا يُسَدِّدُ ضرائب إلى خزينة الدولة، كما يتضرر العاملون به لأنهم محرومون من الحماية الإجتماعية والرعاية الصحية والتقاعد ومن تطبيق الحد الأدنى للرواتب، مما يُحقِّقُ أرباحًا خيالية للمُشْرِفِين على الإقتصاد الموازي، وتُعتبر النساء أكبر ضحية لهذا القطاع حيث يرتفع معدّل العنف والتّحرّش، إضافة إلى الإستغلال الفاحش، كما أدى تعاظم دور الإقتصاد المُوازي إلى زيادة دور الشرطة والأجهزة الأمنية التي أوْكَلَتْ لها الدّولة إخضاع كافة المواطنين لمنطق المُساوَمة والتفاوض على مبلغ الرشوة، بدل خضوع الجميع لقواعد وقوانين واضحة، ليَشْمَلَ الإقتصاد الموازي كافة جوانب الحياة، سواء في الأرياف أو في المُدُن، في قطاعات الزراعة والعقارات والصناعة والخدمات وغيرها… يُمْكن ملاحظة انتشار بعض أنواع السِّلَع المُهرّبة بكميات كبيرة، ووجود نفس السلعة في كافة أرجاء البلاد (مصر أو المغرب أو الٍدن أو تونس…) مما يَدُلُّ على دخول هذه السّلع بحجم كبير، دون تسديد الرّسوم الجمركية، ويدل على وجود رأسمال قوي وأجهزة رسمية تَحْمِي عمليات تهريب وتسويق هذه السّلع… ارتبط ازدهار الإقتصاد الموازي بعدة ظواهر أخرى سَبَّبتْها ما تُسمى ب”الليبرالية المتوحشة”، ومنها سياسات الخصخصة وإهمال مناطق عديدة من البلاد، وإهمال القطاع الفلاحي، مما أدى إلى نزوح السكان من المناطق الريفية إلى المدن وانتشار انتشار المناطق العشوائية في ضواحي المُدُن الكُبْرى، تُشير التقديرات إن حجم الإقتصاد الموازي أو غير الرّسمي في مصر (أكبر دولة عربية بعدد السكان) يُعادل 288 مليار دولارا (سنة 2011)، ويُشكل ما بين 50% و 60% من الناتج المحلي الإجمالي (سنة 2012)، وأصبحت أكثر من 60% من الوظائف الجديدة ما بين 2006 و2010 مُرْتَبِطَة بأنشطة الاقتصاد غير الرسمي الذي أصبح الأصْل في نشاط القطاع الخاص والنشاط الرسمي استثناءً، وتقَدّر غرفة (اتحاد) الصناعة والتجارة المصرية عدد العقارات المخصصة للتأجير بحوالي 25 مليون، ولكن أصحابها لم يُسَجِّلُوا سوى مليونين في سجل “الشّهر العقاري” أو ما يعادل 8%، كما تُقدّر نفس الغُرْفة أن هناك 45 ألف مصنع غير قانوني، و1200 سوق غير قانونية، يعمل بها نحو 8 ملايين مواطن لا تنطبق عليهم قوانين العمل، من رواتب وتأمين وتقاعد ورعاية صحية وغيرها، ويُسَبِّبُ هذا النشاط الإقتصادي (غير القانوني) نقصًا في إيرادات خزينة الدولة من الضّرائب، مما يُشكِّلُ عبئًا إضافيا على الأجراء الذين يتحملون أكثر من 80% من إجمالي قيمة الضرائب على الدّخل، ليس في الدول العربية فحسب وإنما في معظم دول العالم، ويُؤَدِّي غياب مراقبة الدولة (إضافة إلى الإستغلال الفاحش للعهمال) إلى تلويث البيئة، وعدم احترام قواعد التهيئة والتنمية العُمرانية، والإستيلاء على أراضي الدولة في معظم البلدان العربية (وغيرها)، بمساعدة أجهزة الدّولة الفاسدة (من شرطة وقضاء وسلطات محلِّية…) والأعيان والوُجهاء الذين يستفيدون مباشرة من منظومة الفساد ومن شبكات التهريب والقنوات الموازية في مجالات التجارة والمضاربات العقارية وغيرها… يَسْتغل الإقتصاد المُوازي الثغرات التي خلقتها السياسات الليبرالية والخصخصة وانسحاب الدولة من عدة قطاعات ليستحوذ الرأسماليون على قطاعات عديدة يستثمرون فيها، دون تسديد الضرائب ودون تأمين العُمال، ومن هذه الثغرات إنهيار القطاع العام في مجلات النقل والسكن والتعليم والمرافق الأخرى، ويستغلون ضعف رواتب موظفي الحكومة لتشغيلهم (بعد الدوام الرسمي) في سياقة سيارات النقل ومؤسسات التعليم الخاص والمصحّات الخاصّة، وغيرها… تُشَكِّلُ النِّساء شريحة هامّة من العمال غير المُصرّح بهم (وأحيانًا غير المُعْتَرف بدورهم الإقتصادي والإجتماعي)، فبالإضافة إلى العمل في المنزل وتربية الأطفال (أي الشعب بكافة طبقاته)، تعمل النساء في قطاع الزراعة وتربية الحيوانات، والتجارة سواء في الأسواق أو في المحلاّت التّجارية، حيث تغيب الحقوق الأساسية، ومنها عقود العمل والأجر الأدنى ووالتأمين الاجتماعي والصحي، بالإضافة إلى الإهانات التي تتعرض لها المَرْأة والأطفال بشكل خاص، مثل العُنف الجسدي واللفظي والتّحرش والإبتزاز سواء في مكان العمل أو في الفضاء العام… تَعزّزت سلطة الأجهزة القَمْعِية للدولة مع تخلّي الدولة عن مهام مراقبة الإقتصاد وتعديله (أو تنظيمه) ومع هيمنة الإقتصاد الموازي على كافة القطاعات، بالتوازي مع زيادة دور البرجوازية الطفيلية (السّماسِرة والمُضاربون العقاريون والمستثمرون في التهريب والتجارة الموازية) وتعاظم دور وزارة الداخلية في مصر وتونس والمغرب والأردن وغيرها من البلدان العربية (وغير العربية) ودور الأجهزة الأمنية في تنظيم العلاقات الاجتماعية وإدارة الحياة اليومية للمواطنين (ما يُشَكِّلُ نقيضًا للديمقراطية)، وخصوصًا منذ تدشين الولايات المتحدة حقبة “الحرب على الإرهاب”، وتدريب شرطة العرب (بما في ذلك شرطة سلطة أوسلو) على قمع الفُقَراء بذريعة “مكافحة الإرهاب”، وتعمد أجهزة الشرطة إلى استخدام الباعة الجائلين والعُمال غير الرسميين والمُهَمّشين في اختراق ومراقبة المجتمع، ويستخدم ضُباط الشرطة نفوذهم لجمع الثروات من الرشوة والإبتزاز، ومن الاستيلاء على سِلَعِ البائعين الجائلين، وعلى الأراضي والعقارات غير المسجلة، واقترن انتشار الإقتصاد غير الرسمي مع تفشِّي الفساد وتعاظم دور أجهزة الشرطة… عن المجلة الإقتصادية الدّولية “تقديرات اقتصاد الظل في العالم” (الجزء الخاص بالمغرب والجزائر وتونس ومصر) + برنامج الأمم المتحدة للتنمية +موقع “السّفير العربي” 15/04/18

 

عرب، حُكّام يأتمرون بأوامر صندوق النقد الدولي: اجتمع وزراء المالية العرب في الأردن، لكن صندوق النقد الدّولي حَدَّدَ جدول الأعمال وقدم ورقة العمل التي ناقَشَها الوزراء، أو إن الوزراء ناقَشُوا وسائل تطبيق “توصيات” (أوامر) الصندوق، وتضَمّنت ورقة الصندوق خفض عدد الموظفين (رغم العدد القياسي المُرتفع للعاطلين عن العمل في الوطن العربي)، وخفض رواتب الأُجراء، وإلغاء الدعم لأي سلعة أو خدمة في كافة الدول العربية، بذريعة دعم استراتيجيات الإصلاح الهيكلي والتعافي الإقتصادي وإعادة الإعمار، وطالب البنك العالمي من جهته في ورقة مُماثلة بترك الحكومات المجال فسيحًا أمام القطاع الخاص تحت يافطة “مبادرات تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص”… عن موقع صحيفة “الإتحاد” (الإمارات) + منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي” 14/04/18

 

تونس، من يحكم البلاد؟ رفعت الحكومة سعر النفط مرتين خلال الربع الأول من سنة 2018، ثم في بداية نيسان/ابريل، واعتبر صندوق النقد الدولي (صاحب القرار والأمر والنَّهْي في تونس ومصر والمغرب والأردن) ذلك غير كافي، وأَمَر الحكومة بزيادة أسعار المحروقات، بهدف خفض عجز الميزانية، وكانت الحكومة التونسية قد اقترضت 2,9 مليار دولارا من صندوق النقد الدولي سنة 2016، وتُؤَدِّي قروض الصندوق (وغيره من المؤسسات المالية) إلى وضع المُقترضين تحت الوصاية، وتقيم بعثة من الصندوق في فنادق تونس (كما الحال في البلدان المُقْتَرِضَة الأخرى) بشكل دَوْرِي للإطلاع على وثائق الحكومة ومراقبة الإيرادات والإنفاق، قبل “الإفراج” عن جُزْءٍ من القرض، وأقامت بعثة من الصندوق في تونس من الرابع إلى الثاني عشر من نيسان/ابريل 2018 (وهي البعثة الرابعة منذ بداية السنة) وأصدرت بيانا بشأن “ضرورة الإصلاح الإقتصادي”، ويعني ذلك في لُغَة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي زيادة الأسعار وخصخصة ما تبقّى من القطاع العام وإلغاء دعم المواد الأساسية وخفض الرواتب ومعاشات التقاعد، وخفض قيمة الدّينار (العُمْلَة المَحَلِّية)، بينما يُعاني المواطنون من ارتفاع نسبة التضخم في تونس إلى 7,6% (آذار 2018) وفق البيانات الحكومية (وهي أقل من النسبة الحقيقية)، وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي إلى أقل من 90 يوماً من الواردات، وبلغ الديْن العام 71% من إجمالي الناتج المحلي، والدين الخارجي 80%، واشترط الصندوق تطبيق هذه “الإصلاحات”، قبل اجتماع مع السلطات التونسية في واشنطن من 20 إلى 22/04/2018  حول “أولويات الإصلاح الاقتصادي على المدى القصير”، وقبل الإستجابة لطلب الحكومة قُرُوضًا أو ائتمانات من الصندوق… عن وكالة “وات” الرسمية (تونس13/04/18

 

تونس، تبديد المال العام: اشترط صندوق النقد الدّولي خفْض الإنفاق الحكومي وإلغاء دعم المواد الأساسية وزيادة الضرائب وتجميد التوظيف، بل تسريح خمسين ألف موظف حكومي خلال خمس سنوات، مقابل قرض بقيمة 2,8 مليار دولارا سنة 2016، ولكن الدولة ستَمْنَحُ هذه الأموال التي وَفّرتها -على حساب الأجراء والفُقَراء- لأرباب العمل الذين لا يُسَدِّدون سوى مبالغ رمزية لإدارة الضرائب، لا تُناسب مستوى العيش ولا السيارات الفخمة والمنازل التي يمتلكونها، وأعلن وزير الصناعة إنشاء صندوق لدعم 600 “مؤسسة صغيرة ومتوسطة” بقيمة 400 مليون دينار (165 مليون دولار)، ويُضاف هذا المبلغ (الذي انتَزَعَتْهُ الحكومة من عرق العُمال) إلى مبالغ أخرى بقيمة 350 مليون دينارا ( قُرابة 145 مليون دولارا) بضمان حكومي، واعتمادات وقُرُوض خصّصتها مؤسسات مالية أجنبية (مثل البنك العالمي) ومصارف محلية، تتعهد الحكومة بإعادتها، وتدّعي الحكومة إن هذه الشركات ستخلق وظائف بفضل المال العام، وبينت التجارب في كافة بلدان العالم زَيْفَ هذا الإدّعاء، حيث ما فَتِئَت الدولة في تونس تُقَدِّم الدعم المادي والحوافز المالية لهذه الشّركات، في قطاعات السّياحة والصناعة والخدمات، منذ أكثر من أربعة عُقُود، لكن ذلك لم يُشَكِّل حاجزا أمام البطالة التي ارتفعت، في ضل انخفاض قيمة إيرادات السياحة والصادرات، كما زادت هيمنة الشركات متعددة الجنسية على اقتصاد البلاد… تُظْهِرُ الأرقام الرّسمية وجود 19 ألف شركة صغيرة ومتوسطة (تونسية أو أجنبية)، منها 5500 شركة في القطاع الصناعي، وتساهم بأكثر من 65% في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وبحوالي 80% من صادرات البلاد تونسية، وتوفر حوالي 30%الوظائف، بحسب وزير الإقتصاد، لكن أعلنت 4319 شركة إفلاسها خلال الفترة بين 2005 -2016، بحسب  إحصائيات وكالة النهوض بالصناعة والتجديد (حكومية)… تجدر الإشارة إن الإقتصاد المُوازي يُشكل نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهي نفس النسبة تقريبا في معظم البلدان العربية. عن “وات” 14/04/18

 

مصر: يتوقّع البنك العالمي أن يبلغ معدل نمو الإقتصاد (أي الناتج المحلي) بنسبة 5% خلال السنة المالية 2018 و5,5% سنة 2019 و 5,8% خلال السنة المالية 2020، بينما وجب ألاَّ تَقِلّ نسبة النمو عن 7,5% لكي يتمكن الإقتصاد من استيعاب الوافدين الجدد على “سوق العمل”، ويُتَوَقّع أن يبلُغَ معدل التضخم 14% سنة 2019، و 12% خلال السّنة المالية 2020، ونشر البنك العالمي هذه التوقّعات للتّنْوِيه بما يُسَمِّيه “الإصلاحات الاقتصادية” التي تُنَفِّذها الحكومة، تطبيقًا لشروط صندوق النّقد الدّولي، لكن الإقتصاد المصري لا يعتمد على إنتاج السِّلَع وخلق قيمة زائدة للسلع الأولية، وعلى سبيل المثل، تستهلك البلاد حوالي 9,6 ملايين طن من القمح (أكبر مُستورد عالمي، قبل الجزائر)، وتتوقع ميزانية 2018-2019 استيراد ما لا يقل عن سبعة ملايين طنا بقيمة 220 دولارا للطن الواحد… يعتمد الإقتصاد المصري على القُروض لسد عجز المُوازنة المُستمر والمُتَزَايِد (حوالي 10% مُتَوَقَّعَة من إجمالي الناتج المحلي سنة 2018)، ويعتمد كذلك على السياحة وإيرادات قناة السويس وتحويلات حوالي 11 مليون مُهاجر مصري يعملون في الخارج، ولا تزيد قيمة صادرات مصر عن تسعة مليارات دولارا سنويا بينما تستورد سلعا بمعدّل 11 مليار دولارا سنويا، وتُعَوِّلُ الحكومة على إيرادات حقول الغاز التي اكتشفتها الشركات الأجنبية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتُشَكِّلُ الضرائب المباشرة وغير المباشرة أهم مورد لخزينة الدّولة، خصوصًا بعد خفض أو إلغاء دعم السّلع والخدمات الأساسية، مما أضرّ بالفُقَراء، ويدّعي البنك العالمي “إنه تَمّتْ معالجة مشكلة الفقر المدقع فى مصر بشكل عملى”، رغم تصنيف البنك العالمي نفسه لثلث السكان تحت خط الفقر طبقاً لإحصائية عام 2015، ولم يراعي البنك العالمي زيادات الأسعار ومعدّلات التضخّم المرتفعة التي تزيد من حِدّة الفَقْر، بالإضافة إلى زيادة التفاوت الطبقي، خصوصًا في الأرياف وفي منطقة الصّعيد…  تتلَخَّصُ هُموم المواطن المصري في ارتفاع نسبة البطالة والفقر والأسعار، وقد أقرّت ميزانية العام المالي 2018-2019 (يبدأ في الأول من تموز/يوليو 2018) رفع الدعم عن عدد من السلع الغذائية، وخفضه على سلع أخرى، ما يُنْذِرُ بارتفاع كبير في أسعار تلك السلع، ومنها مشتقات النفط والغاز، والكهرباء والسجائر وخدمات الإتصالات، وأظهرت بيانات الموازنة خفض قيمة دعم مشتقات النّفط بنسبة 26%، من حوالي 121 مليار جنيه إلى أقل من 90 مليار جنيه، وزيادة الضّرائب على السّجائر والتّبغ بنحو سبعة مليارات جُنَيْه، ويشترط صندوق النقد الدّولي ألاَّ تقل نسبة الزيادات في أسعار الوقود والخدمات الحكومية عن 15% مما يزيد من حدة الفقر، بينما يضطر العاطلون للعمل في القطاع المُوازي الذي يُشكل حوالي 52% من الناتج المحلي… أ.ش.أ 17/04/18

 

فلسطين– كَرَم سعودي: تَمَيَّزَ تاريخ أُسْرة آل سعود -الحاكمة في الجزيرة العربية- بالعمالة منذ الملك المؤسس الذي دعم منذ ثلاثينيات القرن العشرين مشروع الإمبريالية البريطانية إنشاء مُسْتعمرة (مُسْتَوْطَنَة) صهيونية على أرض فلسطين، ويواصل حفيدُهُ -ولي العهد والحاكم الفعلي للسعودية- دَعْمَ الكيان الصهيوني عبر تطبيع العلاقات، بل عبر التّحالف معه، بهدف تخريب وتفتيت بلدان عربية (اليمن وسوريا والعراق…) والإعتداء على بلد “مسلم” (إيران)… في محاولة للتعمية وذر الرماد على العيون، قرر آل سعود، خلال القمة العربية التي انعقدت في “الظهران” (بعد أربعة أشهر من قرار أمريكا نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس) تخصيص 200 مليون دولار للفلسطينيين (150 مليون لدعم الأوقاف الإسلامية في القدس، و50 مليون لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين -أنروا)، بدَلَ إعلان (مُجرد إعلان) تحرّك ملموس ضد قرار الإعتراف بالقدس عاصمة لكيان الصهاينة ونقل سفارة أمريكا… بالمقابل، تركزت كلمات المسؤولين السعوديين (سَلْمان بن عبد العزيز ووزير خارجيته) على ضرورة “التّصَدِّي للمطامع الإيرانية في المنطقة”، ومطالبة ما يُسَمّى “المجتمع الدولي” بتشديد العقوبات على إيران، وهو ما لم يُطالب به شيوخ النفط ضد الكيان الصهيوني (مُجَرّد المطالبة)، واعتبر “عبد ربه منصور هادي” (عميل يمني من الدرجة الثالثة) إن آل سعود “يحمون العالم من أخطر مشروع يتهدد الأمن الدولي”، ولم يُشر بيان قمة الحكام العرب إلى العدوان الثلاثي على سوريا، ولكنه دعا إلى إنهاء وجود الجماعات الإرهابية الطائفية الإيرانية في سوريا واليمن”، في ترجمة لذوي نعمته بإن الكيان الصهيوني صديق وحليف في مواجهة إيران “العدو الأول للعرب والعالم”، وتأكيدًا على خطوات التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني، من جهة أخرى، سرّب الإعلام الأوروبي والأمريكي معلومات عن خيبة أمل بعض حكام الخليج من “محدودية” العدوان الأمريكي الأوروبي على سوريا، وتَبَرُّعِهِم بمبالغ مالية ضخمة للولايات المتحدة، لتمويل تنفيذ عدوان عسكري على سوريا أكبر وأكثر ضَرَرًا من عدوان 14/04/2018… عن وكالة الأنباء السعودية(واس) + صحيفة عكاظ” السعودية + أ.ف.ب 15/04/18

 

فلسطين في ذكرى النّكْبَة: اغتال قَنّاصة جيش الإحتلال الصّهيوني خلال شهر واحد (من 30 آذار إلى 30 نيسان 2018) 44 شهيدًا (منهم خمسة أطْفال) فيما أُصِيب حوالي 6800 فلسطيني بجروح (701 طفل و225 امرأة) من بين المشاركين في مسيرة العودة الكبرى شرق قطاع غزة، وأصابت قوات الإحتلال 89 من أعضاء الطواقم الطبية وتضررت 22 سيارة إسعاف، بحسب بيان وزارة الصحة الفلسطينية يوم 1 أيار 2018، وتزامنت هذه الجرائم مع قطع سلطة الحكم الذاتي الإداري الرواتب عن أكثر من تسعة آلاف أُسْرَة في غزة، ولكن رُدثود الفعل العربية والعالمية ضعيفة، ولا تكاد تُذْكَر… ومن ردود الفعل العالمية القليلة، أشارت محطة “بي بي سي” البريطانية، أن الممثلة الصهيونية (ذات الجنسية المزدوجة الأمريكية-“الإسرائيلية”) ناتالي بورتمان الحائزة على جائزة الأُوسْكَار اعلنت عدم مُشارَكَتِها في المهرجان الذي تُنَظِّمُهُ مؤسسة “جِنيسيس برايز فُوندايشن” لتوزيع ما يطلق عليها “جائزة نوبل اليهودية” للعام 2018 في الذكرى السبعين للنكبة، مما حدا ببعض النواب في “كنيست” الصهاينة إلى المطالبة بسحب جنسيتها، رغم الخدمات العديدة التي قَدّمَتْها هذه المُمَثِّلَة لدولة الإحتلال وللعقيدة الصهيونية، وتبلغ قيمة الجائزة ملْيُونَيْ دولار، مما اضطر هذه المؤسسة (المُتألفة من غُلاة الصهاينة) إلى إلغاء حفل توزيع الجوائز لهذا العام، وأعلنت محطة “بي إن سي” في تغطيتها للخبر “إن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات تتنامى داخل أوساط التيارات الثقافية العالمية، خلال السنوات الماضية”، وذَكَّرَتْ برفض مغنية البوب النيوزيلاندية “لورد” الغناء في أراضي فلسطين المحتلة سنة 1948، استجابة لطلب معجبيها، في كانون الأول/ديسمبر 2018، وذكرت برفْضِ 26 من بين المُرشحين لجوائز الأوسكار سنة 2016 المشاركة في الدعاية الصّهيونية المدفوعة التكاليف بالكامل، وتتمثل في رحلة وفعاليات عديدة في الجزء المحتل من فلسطين سنة 1948… عن موقع “بي بي سي01/05/18

 

فلسطين– المال قوام الأعمال؟ كان انطلاق حركة “حماس” (فرع الإخوان المسلمين في فلسطين) بمباركة من الكيان الصهيوني لكسر شوكة المقاومة، ومنها الإنتفاضة الأولى، ولا تزال قيادات حماس تَتَمَوْقَعُ خارج “القوى الوطنية” وخارج كل ما تعتبره “غير إسلامي”، ودعمت المنظمات الإرهابية في سوريا، وطوّرت علاقاتها مع الأسرة الحاكمة في قطر ومع قوى الإسلام السياسي الحاكمة في تركيا (عضو الحلف الأطلسي وحليفة الكيان الصهيوني)… أدّى تَطَوّر الأحداث والحصار الصهيوني-المصري وانتهازية قيادة “حماس” وعمالة سلطة أوسلو، وخضوعها لكافة شروط الإحتلال، إلى أزمة مالية خانقة في غزة، حاول الإتحاد الأوروبي استغلالها لصالح الكيان الصهيوني، خلال عمليات القمع الوحشي ل”مسيرات العودة” التي لم تندد بها أوروبا، بل “تتفَهَّم” دواعي العنف الصهيوني المُسَلّح، وتقترح أوروبا تقديم عرض مالي إلى حركة حماس (التي لا يزال أحد أجنحتها يُقاوم الإحتلال) شبيه بمشروع “الأمن مقابل الغذاء”، يتمثل في تصفية وكالة “أنروا”، عبر تأسيس نوع من “الإنتداب” الأوروبي لإدارة شؤون الحياة اليومية، وتحصيل أوروبا الضرائب التي كان يَجْبيها الكيان الصهيوني، لاستخدامها (مع “المساعدات التي كانت تُخَصِّصُها أوروبا للقطاع) لتسديد رواتب موظفي القطاع، والإنفاق على بعض خدمات التعليم والصحة (وهو ما كانت تتكفل به “أنروا”)، شرط “تجميد” العمليات العسكرية الفلسطينية (النّادرة جدًّا حاليا) لفترة لا تقل عن خمس سنوات، والتزام قيادة حماس “بمنع أي تصعيد” تجاه العدو، مع ضبط “الحدود” (بين غزة والأراضي المُحتلّة سنة 1948)… رغم الأزمة المالية، تعمل حركة “حماس” على المحافظة على ولاء الأُسر الفقيرة، من خلال توزيع مُساعدات بقيمة أربعة ملايين دولار (بحسب قيادات حماس)، وكانت الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني ومصر قد شدّدت من حصار غزة وحركة حماس، بذريعة “تجفيف المنابع”، مما اضطر قيادات حماس إلى تحسين علاقاتها مع إيران التي استمرت في تقديم الدّعم المادّي رغم تَنَكُّر جزء من قيادة حماس لها، وتطمع حماس في زيادة قيمة الدّعم الإيراني، للخروج من الأزمة التي أدّت إلى خفض الإنفاق بسبب العجز عن تسديد قيمة رواتب موظفي الحركة وتسديد قيمة إيجارات محلاتها، وسَرّحت عدداً من الموظفين الذين كانوا يعملون بنظام العُقُود في المؤسسات الإدارية والإعلامية… عن أ.ف.ب + قدس برس (بتصرف16/04/18 

 

لبنان، مُكافأة في غير مَحَلِّها: أنشأت الحركة الصهيونية في أرجاء العالم عددًا من المنظات النافِذَة وخصوصًا في الدول الرأسمالية الإمبرياللية كالولايات المتحدة وأوروبا، ومنها “آيباك” في الولايات المتحدة و”كريف” في فرنسا (ثاني أكبر قاعدة عالمية للصهيونية)، ومن هذه الجمعيات توجد جمعيات دعم الجيش الصهيوني، وتجمع سنويا عشرات ملايين الدولارات في كل بلد على حِدَة، عبر تنظيم حفلات سنوية بحضور عَدَدٍ من ضُبّاط وجنود جيش الإحتلال، في مدن عديدة من نفس البلد الأوروبي أو الأمريكي (كندا والولايات المتحدة وبعض بلدان أمريكا الجنوبية) وجمع التبرعات لدعم النشاط “الترفيهي والإجتماعي” للجنود الصهاينة وأُسَرِهِم، وتُقيمُ جمعيّة “أصدقاء جيش الدفاع الإسرائيلي” في الولايات المتحدة (التي يُدِيرها البرجوازي الصهيوني الأمريكي “حاييم صابان”)، حفل عشاء سنوي منذ سنة غزو الجيش الصهيوني للبنان ومحاصرة العاصمة “بيروت”، وجَمعت خلاله 38 مليون دولارا من التبرعات سنة 2016 وحوالي 54 مليون دولارا سنة 2017، وتجمع هذه الجمعية أكثر من مئة مليون دولار سنويا، من خلال نشاطاتها الدّاعمة للكيان الصهيوني، ومن الشخصيات الأمريكية المُواضِبَة على المشاركة وتنشيط مثل هذه الحفلات الفنان الكوميدي الأمريكي “جيريمي بيفين” الذي جَاهَرَ دائمًا بدعمه النَّشِط للكيان الصهيوني، وقام سنة 2016 برحلة طويلة في فلسطين المُحْتَلّة برفقة لاعبين أمريكيين في رياضة كُرَة السّلة، وقدّم سيارة إسعاف هديةً لمنظّمة الإغاثة الصهيونية “يونايتد هاتزالاه”، ويُشارك في سلسلة إعلاناتٍ تُرَوِّجُ ل”الإنتاج الإسرائيلي”، ورغم هذه النشاط الحثيث والمُسْتَمِر الداعم للكيان الصهيوني، دعت إدارة أحد المهرجانات اللبنانية في بيروت هذا الفنان الأمريكي الصهيوني (جدًّا جِدًّا) “جيريمي بيفين” أيام 27 و28 و29 نيسان/ابريل 2018 في فندق “سان جورج”، ببيروت مكافأة له على مُساندته القوات الصهيونية التي احتلت لبنان وحاصرت بيروت لمدة تفوق الشّهرَيْن، بدعم من هذا الفنان الكوميدي وغيره من الصهاينة الذين أصبحوا يَرْتَعُون في مشرق الوطن العربي ومَغْرِبِهِ في هذه الحقبة السعودية والإخوانية من تاريخنا… عن “الأخبار” (بتصرف)19/04/18 

 

سوريا، بمناسبة أول أيار: قُدّرت قُوة العمل في سوريا بنحو ستة ملايين سنة 2011، من بينها 1,8 مليون في القطاع الحكومي، وكان عدد الداخلين إلى “سوق العمل” يُقَدّر بنحو 300 ألف سنويا، وتراوحت نسبة البطالة قبل 2011 بين 8,8% و10%، ويتراوح متوسّط دخل العامل بين 400 و450 دولاراً شهرياً (نحو 25 ألف ليرة سورية) وبعد سبع سنوات من الحرب، تَعَرَّضَ نحو 130 ألف عامل من القطاع الخاص للفصل التّعسّفي من العمل بين 2011 و 2014 وهناك آلاف القضايا العالقة منذ سنوات أمام المحكمة العمالية التي لا تستطيع العمل في ظروف اعتيادية، بسبب الحرب، وارتفعت نسبة البطالة بحسب البيانات الرسمية إلى نحو 80% فيما انخفضت القيمة الحقيقية للرواتب بسبب التضخم وارتفاع الأسعار بنسبة 100% تقريبًا، وبسبب انخفاض قيمة الليرة، إلى حوالي 35 ألف ليرة أو 90 دولارا في المتوسط، وارتفاع أسعار بأكثر من 100% عمّا كانت عليه قبل الحرب، من جهة أخرى يُشَكّل الشباب والقادرون على العمل أغلبية المقاتلين، سواء في صفوف الجيش النّظامي أو في صفوف المنظمات الإرهابية، بينما نزح عدد هام من المواطنين من مكان سكناهم ومكان عملهم إلى مناطق أقل اضطرابًا، حوالي 3,7 مما أَبْعد ملايين سوري عن مواقع العمل، إضافة إلى هجرة أصحاب الخبرة والتجربة ورؤوس الأموال، مما سوف يخلق مشاكل عديدة خلال عمليات إعادة الإعمار، التي ستشمل (وفق بعض الدّراسات التي تُعِدُّها منظمة الأمم المتحدة لتنمية اقتصاد غرب آسيا “اسكوا”) خصخصة قطاعات عديدة، ومن بينها الصناعة والكهرباء والنفط، والعديد من المرافق، مما يضاعف من مشاكل العُمال… عناسكوا” + منظمة العمل الدولية + قراءات من الصحف السورية 02/05/18
 

سوريا، من خلفيات القصف الثّلاثي: شاركت أمريكا وبريطانيا وفرنسا مباشرة في عدوان 14/04/1018، ودعمته حكومات عديدة، ومن ضمنها معظم حكومات الدول العربية، فيما قدم الكيان الصهيوني والسعودية وقطر والبحرين وتركيا وغيرها التسهيلات التي مكنت من إنجاز العُدوان، وامتنعت دول عديدة وقوى سياسية عن التنديد بالعدوان، ولئن كان العدوان محدودًا في الزمان والمكان، فإنه مواصلة لعدوان يستمر من أكثر من سبع سنوات، واستغلّته الدول المُعْتَدِيَة لتجربة أسلحة جديدة، أطلقتها سفينتان حربيتان من مياه البحر الأحمر وقاذفات استراتيجية من قاعد “العديد” في قطر، وطائرات من قاعدة “الأزرق” في الأردن، ومن قاعدة “التنف”، في محافظة “حمص” السورية، قُرْب “تدْمُر”، على المُثلّث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن، وهي إحدى القواعد الحربية الأمريكية التي أنشأتها أمريكا منذ احتلالها مناطق عديدة في سوريا، بدعم من مليشيات الأكراد و”قسد” وغيرها من المليشيات العميلة، وكانت المدمرة  “يو أس أس بورتر” وحاملة الطائرات “هاري ترومان” قد رابَطَتْ في البحر المتوسط، منذ يوم 9 نيسان، بدعم من سُفُن حربية ألمانية، كما اتجهت المدمرة الأميركية “يو أس أس دونالد كوك” من قبرص إلى مياه سوريا، وعلى متنها نحو 60 صاروخاً مجنحاً من طراز “توماهوك”، وأطلقت أمريكا حوالي 100 صاروخ تتراوح كلفة انتاج الواحد منه بين 1,4 مليون و1,7 مليون دولار، وأعلنت وسائل إعلام روسية وسورية إسقاط حوالي 70% من مجموع الصواريخ التي أطلقتها الجُيُوش المُعْتَدِيَة، فيما كتبت صحيفة “نيويورك تايمز” (14/04/18) إن وسائل الدفاع الجوي السورية اعترضت 13 صاروخًا، بفضل التدريب الجَيّد للقوات السورية على استخدام الأسلحة ووسائل الدفاع الروسية المصنوعة منذ أكثر من أربعين سنة، ومن بينها منظومات “إس-125” و “إس-200 بوك و كفادرات” وفق وكالة “تاس” الرّوسية، فيما أعلنت الصّحف الأمريكية إن أمريكا بصدد تحضير عدوان أوسع لتجربة أسلحة حديثة قيد التطوير، بهدف تحويل الأنظار عن فشل الرئيس في سياسته الدّاخلية والخارجية، ودعت “نيويورك تايمز” ومعظم الصحف الأمريكية، وفي مقدّمتها “فورين بوليسي” و”واشنطن بوست”، منذ التاسع من نيسان إلى “عدم الإنسحاب من سوريا، بل تكثيف الحرب وتوسِيعِ نطاقها”، وعَبّرَتْ -بعد العُدوان- عن “خيبة الأمل المعقود على شل قدرات الدولة السورية، أو أحداث تغيير في توازن القوى في سوريا” لصالح الإرهابيين… كان هذا العدوان فُرصة لتعزيز القوات العسكرية الأميركية المُرابطة في وحول الوطن العربي، مع وصول مدرعات حديثة من طراز “آبرامز” و “برادلي” إلى الأردن، وإرسال قاذفات إستراتيجية من طراز “بي – 52” و”بي -2″، ويتدرّب الجيش الأمريكي حاليا على أسلحة جديدة وصواريخ يصل مداها إلى أكثر من 2500 كيلومتر، وتنطلق من مسافات بعيدة قد تصل إلى 600 كيلومتر، أو تُطْلِقُها طائرات “بي 52” من مسافة 180 كيلومتر، لتضرب أهدافًا “عالية القيمة”، وتتمتع بمواصفات التخفي “الشبح” وتستخدم نظام تخطيط المهام وأجهزة استشعار تعمل بالأشعة تحت الحمراء… عن مركز الدراسات الأمريكية والعربية (واشنطن15/04/18

 

الدور الوظيفي للأردن: أسّس الإستعمار البريطاني مملكة شرقي الأردن لتكون قاعدة متقدّمة للإمبريالية في المنطقة، وبَرَز دور الأسرة الهاشمية في تنفيذ مخططات الإستعمار منذ الحرب العالمية الأولى (اتفاقيات “سايكس” و “بيكو”)، وشكل الأردن قاعدة أساسية للعدوان على سوريا، فيما استغل النظام هذا العدوان للتّسَوُّل باسم اللاجئين، بينما تجري الإمبريالية الأمريكية (والأوروبية) على أراضيه تدريبات لعناصر المنظمات الإرهابية، ومنذ العدوان على سوريا (2011) تُنَفِّذُ مناورات سنوية تحت إسم “الأسد المتأهّب”، وتزامنت بدايتها هذا العام (2018) مع العُدْوان الثّلاثي (أمريكا وبريطانيا وفرنسا) على سوريا، لتستمر من يوم 15 حتى السادس والعشرين من شهر نيسان 2018، بمشاركة أكثر من سبعة آلاف جندي، بهدف “تطوير قدرات التخطيط والجُهُوزِيّة لتنفيذ العمليات المشتركة الدولية”، بِوسائل تُحاكي أرض الواقع، لتكون هذه التدريبات “الأكبر والأصْعب” التي تُجْرِيها القوات الأمريكية في المنطقة التي تُشكل أكثر من نصف القوات المشاركة في هذه المناورات التي تضم عشرين دولة، يُعْتَقَدُ أن الكيان الصهيوني من ضمنها، رغم نَفْيِ السلطات الأردنية، كما يُشارك جيش الأردن في مناورات “درع الخليج” بإشراف الجيش الأمريكي، وتُعَدُّ من أضخم التمارين العسكرية في المنطقة، بحكم العدد المُرتفع  للقوات والدول المشاركة… ارتفع بشكل ملحوظ منذ بداية العام الحالي (2018) عدد الوفود العسكرية الأمريكية التي تزور المشرق العربي والخليج والأردن، ومنها وفود تُمثِّلُ وكالة الاستخبارات الدفاعية، والأسطول الخامس، والقيادة المركزية،  جون أكوالينو، و”وكالة الدفاع والحدّ من التهديد” (DTRA) التابعة لوزارة الحرب الأميركية، مع التذكير بوجود قواعد عسكرية أمريكية ضخمة في كافة دُوَيْلات مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى العراق والأردن وفي شمال شرقي سوريا… عن رويترز + “الغد الأردني” (بتصرف16/04/18

 

اليمن: انطلق العُدوان الخليجي على شعب اليمن في منتصف شهر آذار/مارس 2015، ودَخل عامه الرّابع، بتفويض من الولايات المتحدة (راعية العدوان وحُكام الخليج) ويقدر خبراء الأمم المتحدة إن ثلثي سكان اليمن في حاجة إلى الإغاثة العاجلة والحماية، فيما يتعرض مئات آلاف الأطفال لخطر الموت بسبب المجاعة، وسيعاني من ينجو منهم من مشاكل صحية عويصة بقية حياته، وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة (03/04/2018) من “أن يصبح اليمن مأساة طويلة الأمد”، بسبب القَصْف والحصار الإقتصادي، وغياب الغذاء والدّواء، ورغم سيطرة قوات ومرتزقة السعودية والإمارات على المنافذ البَرِّية والبحرية والجوية، ورغم إنفاق الأموال الطّائلة، ورغم الدعم الإعلامي العالمي ودعم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والأنظمة العربية والكيان الصّهْيُوني، عجز آل سعود وآل زايد أو آل راشد عن تحقيق انتصار استراتيجي، وحَسْم الحرب، بل تركز القصف على تدمير البُنَى التّحْتِيّة، منها الموانئ والطرقات التي يَسْلُكُها السّكان للوُصُول إلى أماكن العمل والأسْواق والمزارع والمدارس والمُسْتشفيات التي لا تزال قائمة، إذ استهدف الطيران السعودي والإماراتي المدارس والمباني المُسْتخدمة لتقديم الخدمات الأساسية والصّحية، وبالإضافة إلى هذا الدّمار، عمدت السلطات السّعُودِية والإماراتية إلى تَضْيِيق الخناق على اليمنيين الذين فَرُّوا من الحرب أو الذين يعملون في السعودية والإمارات، واستخدمت السّعودية شعار “إصْلاح العمل” لسحب وإلغاء إقامات عشرات الآلاف من اليمنيين وترحيلهم إلى اليمن أو نحو الساحل الأفريقي، وتضغط سلطات آل سعود على اليمنيين المُقيمين في السعودية منذ عُقُود، ليرحَلُوا “طواعية”، وتَحْتَجِزُ السلطات من لم يغادروا السعودية قبل ترحيلهم إلى بلادهم الواقعة تحت القَصْف اليَوْمِي… في المجال الإقتصادي، تُهَيْمِنُ الإمارات على موانئ جنوب اليمن وتنهب النفط والغاز وغيرهما من الثروات (خصوصًا في مُحافَظَتَيْ حضرموت وشبوة)، بينما بدأت السعودية إنشاء أنبوب لنقل نفط اليمني من “شرورة” إلى “المهرة”، واستأنفت الإمارات إنتاج وبَيْع نحو 36 ألف برميل يوميا من نفط منشآت “المسيلة” منذ منتصف 2017 بدعم من شركة “أو إم في” (النّمسا) بعد توقُّفِها بسبب العدوان، وحوّلت الإمارات ميناء “بلحاف” (محافظة “شبوة”) لتصدير الغاز المُسال، إلى قاعدة عسكرية مغلقة، وكانت شركة “أوريون غاز” الأمريكية قد أنشأت أنبوب نفط بطول 13 كيلومتر، يربط حقول “العقلة” بميناء “النشيمة”، الذي أَنْشَأتْهُ نفس الشركة في بداية سنة 2018، تحت الحماية العسكرية الإماراتية، أما السعودية فسيطرت عسكريًّا على محافظة “المهرة” وعلى ميناء “نشطون” النّفءطِي، وبدأت بناء أنبوب نفط يصل سواحل المحافظة (جنوب اليمن) بمنطقة “شرورة” السعودية، وأقامت السعودية منطقة عسكرية مغلقة على الحدود، وثكنات عسكرية بالقرب من الساحل… كنا أشرنا في أعداد سابقة من نشرة الإقتصاد السياسي إلى سيطرة الإمارات على مجموعة جزير “سُقطرى” اليمنية، واستغلالها سياحيًّا، بتدمير البيئة الهشة والخاصة بهذه الجزيرة، وتقوم الإمارات بسرقة  الأشجار المعمّرة والنادرة وأحجار الشعاب المرجانية والطيور النّادرة وغيرها من الأرخَبِيل، وحوّلت الإمارات مطار “الريان” (في المكلا) إلى قاعدة عسكرية إماراتية- أميركية وسجن سرّي لاحتجاز المئات من سكان “حضرموت”، فيما تُعرْقِل نشاط مِيناءَيْ “عدن” و”المكلا” (جنوب اليمن)، ومنع رسوّ السفن المحملة بالبضائع  والأدوية… عن موقع الأمم المتحدة – صحيفة “غارديان” البريطانية 03 و12 و21/04/18 

 

السعودية، تجارة البشر: بلغ متوسّط إيرادات شركات استقدام العُمّال المُهاجرين (شركات السّمْسَرَة بالعُمال الفقراء من جنوب آسيا) نحو 500 مليار ريال سنويا (حوالي 134 مليار دولارا سنويا)، ولكن هذه الشركات تتنصّل من وُعُودها والتزاماتها، فَيُصْبِحُ العُمّال والعاملات الأجانب عُرْضَةً للإستغلال الفاحش والإبتزاز والعُنْف الجسَدِي واللفْظِي، مع احتجاز رب العمل (الكَفِيل) لجواز السّفر، وتختفي شركات الإستقدام بعد ثلاث سنوات في المتوسط، لِيُؤَسِّسَ أصحابها شركات أخرى في نفس القطاع أو في غيره، بعد افتضاح أمرها وتكاثر الإحتجاجات ضدّها بتنظيم العُمّال الأجانب تجمُّعات عديدة احتجاجًا على عدم حصولهم على رواتبهم ومستحقاتهم المالية لِمُدّة تفوق 12 شهرًا في بعض الحالات، وتدخّلت قُوات القَمْع السّعودية باستمرار لِفَضّ هذه التجمعات بالقُوّة… من جهة أخرى تُنَظِّم السّلطات السّعودية بصورة دَوْرِيّة حَمَلات دعائية، تتّهم المهاجرين بالغش والفَساد والتّهْرِيب، وبإرسال أموال كثيرة إلى أُسَرِهم في بُلْدانهم الأصلية، في حين لا يتجاوز متوسط أَجْر المُهاجرين ثُلُثَ متوسط أجر السعوديين، كما تُنَظِّمُ السلطات حملات مُراقبة وتَفْتِيش تستهدف المُهاجرين اليمَنِيِّين الذين خَرّبت السعودية بلادَهُم، ويستغلهم أرباب العمل السعوديون، والأحْبَاش (الأثيوبِيِّين) وغيرهم، وأعلنت وسائل الإعلام السعودية إن السلطات تعتزم ترحيل حوالي مليون مهاجر، في محاولة لتحويل الأنظار عن ارتفاع الأسعار ونسبة البطالة والفقر في أوساط السّعودِيِّين، مما يُناقِض بذخ وتَبْذِير أُمَراء الأسرة المالكة… عن “الحياة” (سعودية تصدر في لندن17/04/18

 

كوبا: أصبح “فيدل كاسترو” رئيسًا للبلاد بعد نجاح الثورة ضد الإمبريالية الأمريكية وإزاحة عميلها “باتيستا”، وبقي “كاسترو” رئيسًا إلى حين استقالته سنة 2008 (توفي سنة 2016)، وتولّى أخوه راؤول كاسترو منصب الرئاسة (ليس لأنه أخوه وإنما لأنه من ثوّار الرّعيل الأول)، وبعد عشر سنوات، رشحت الجمعية الوطنية في كوبا (يوم الخميس 19/04/2018) النائب الأول لرئيس مجلس الدولة “ميغيل دياز كانيل” لرئاسة البلاد، ليحل محل “راؤول كاسترو”، وليصبح الرئيس الثالث خلال ستين سنة، في حين يبلغ عُمره 58 سنة، فهو من الجيل الذي وُلِدَ بعد الثورة، وهو من أصل طبقي عُمّالي، حيث كان والدُهُ عاملا ميكانيكيًّا، وأصبح ميغل دياز مُهَنْدِسًا سنة 1982، وشغل منصب وزير التعليم العالي بين سنَتَيْ 2009 و 2012، قبل أن يُصْبِحَ النائب الأول لرئيس مجلس الدولة… مرّت جزيرة كوبا بظروف صعبة جِدًّا جرّاء الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة منذ أكثر من 58 سنة، ومحاولة الغَزو الأمريكية التي فَشِلت، والمحاولات العديدة لاغتيال فيدل كاسترو… كانت كوبا تعتمد في مبادلاتها التجارية وفي التزود بالمحروقات على الإتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية (رغم بعض الخلافات)، وبلغت نسبة التبادل الاقتصاديّ مع الإتحاد السوفييتي سنة 1989، سنة انهيار جدار برلين نحو 85% من إجمالي مبادلات كوبا مع العالم الخارجي، وبعد الإنهيار انخفض الناتج المحليّ الإجماليّ الكوبي بحوالي النصف، وانخفض الانتاج الصناعيّ إلى 15% من قدراته، وانخفض إنتاج السكر (الإنتاج الرّئيسي للجزيرة) إلى النصف خلال ثلاث سنوات، كما تَضَرّرت كافة القطاعات وفي مُقَدّمتها قطاع النقل وانتاج الكهرباء، وغيرها، ورغم قلة الموارد والحصار صمَدَتْ ثورة كوبا أمام مؤامرات الإمبريالية الأمريكية (الجارة والعدُو في نفس الوقت) وأسست نموذجًا لمجتمع قَضَى الأميّة وطَوّرَ التعليم والصحّة والسكن والحماية الإجتماعية وجَعَلَها في متناول الجميع، مِمَّا أدى إلى تقليص الفوارق الطبقيّة، وأصْبحت ثورة كوبا نموذجًا في أمريكا الوُسْطى والجنوبية، وأَلْهَمت أطيَافًا عديدة من اليسار في جنوب القارّة الأمريكية وفي العالم، لا يزال مُتَواصِلاً رغم توقُّعات المثقفين العُضْوِيِّين للرأسمالية والإمبريالية ب”نهاية التّاريخ” (أي الإنتصار النّهائي للرأسمالية)… يُحْسَبُ لنظام الحُكءم في كوبا سلامة قراءته للوضع العالمي بشكل عام (رغم القراءة الخاطئة للقضية الفلسطينية)، من ذلك أن نظام الحكم قَرَّرَ قبل سنتين من انهيار الإتحاد السوفييتي اتخاذ بعض الإجراءات التي قد تكون ساهمت في عدم انهياره، ومنها التراجع عن “نظام التخطيط المَرْكزي للإدارة الاقتصاديّة”، وبدأت الدولة خصخصة حَذِرَة وتدريجية لبعض القطاعات ومنها السياحة بعنوان “الإصلاح وتنويع الاقتصاد”، فارتفعت حصة القطاع الخاص والتعاونيّ حتى بلغ عدد العاملين به سنة 2017 قُرابة 580 ألف عامل، وتضرّرت كوبا من انخفاض إيرادات فنزويلا ومن الإضطراب وعدم الإستقرار الذي ساهمت الإمبريالية الأمريكية في خلْقِهِ واستمراره، مما قد يُهدّد الإقتصاد الكوبي الهش، ورغم إعلان الرئيس الجديد “ميغيل دياز كانيل” تمسكه بالماركسية اللينينة، لا يُتوقّع التّراجع عن الخصخصة وتناقُص الدور الإقتصادي للقطاع العام، التي بدأت خلال فترة حكم “راؤول كاسترو”، بالمُقابل أقرّت الدولة والحزب الحاكم “خطة الطعام” الرّامية إلى تحقيق الإكتفاء الذاتيّ الغذائي، عبر “تطوير استغلال الأراضي الزراعية التابعة للدولة”، فيما تُحاول الدولة تشديد الرّقابة على القطاع الخاص، وإعلان الحذر من التمويل الأجنبي بذريعة “دعم المجتمع المدني”… قبل انتصار الثورة الكوبيّة (1959) كانت أمريكا تَحْكثمُ جزيرة كوبا بشكل غير مباشر، ولها فيها قواعد عسكرية (لا تزال قاعدة “غونْتنامُو” شاهدة على تلك الحقبة التاريخية) وكانت 65% من واردات كوبا من الولايات المتحدة و 75% من صادرات كوبا تتجه إلى الولايات المتحدة، فيما كانت تُهَيْمِنُ الشركات الأمريكية على جميع قطاعات اقتصاد كوبا إلى أن تم تأميمها سنة   1960، وأعرب قادة كوبا (من بينهم فيدل كاسترو، وإرنستو تشي غيفارا) عن عدم اتفاقهم مع النّظْرة المادّية البَحْتَة للقادة السوفييت، لأن بناء الإشتراكية في نظر القادة الكوبيين هو مَشْرُوعٌ يعتمد في إنجازه على “وعي اشتراكيّ” وانخراط شعبيّ طوعيّ، وليس على إغراءات أو مكاسب مادّية بَحْتَة… عن وكالة “نوفوستي” + الأخبار (لبنان) + “قاسيون” (سوريا20/04/18   

 

الهند، فوارق طبقية مُجْحِفَة: بعد سبعة عقود من الإستقلال، يبلغ عدد السكان 1,2 مليار نسمة لكن يُصَنِّفُ البنك العالمي 55,5% منهم في عداد الفُقَراء الذين يعيشون بأقل من دولارين في اليوم، ويُصَنِّفُ النظام الإثني- الطّبقي أكثر من 25% من السُّكَّان كطبقات وَضِيعَة (“منبوذين”)، وهم من السُّكّان الأشدّ فقْرًا في البلاد، وعمدت الدّولة إلى السّطو على أراضيهم في الأرياف، مما حوّلهم إلى عُمال مُياومين يسكنون في أحياء الصّفيح، في ضواحي المدن الكبرى، ولا يَسْتَفِيدون من نسبة النمو التي بلغت في المتوسط 6% سنويا خلال عقدين (من منتصف ثمانينات القرن العشرين إلى 2005 تقريبا) وارتفعت إلى 8% سنويا خلال العقد الأخير، ولم يستفد العُمّال من هذا النّمو، بل يعمل نحو 90% من عمال الهند في القطاع الموازي، برواتب منخفضة، وهم بالتالي مَحْرُومُون من الحماية الإجتماعية والرعاية الصحية والتقاعد… انخفضت حصة الفلاحة من 29% من إجمالي الناتج المحلي سنة 1990 إلى 17% سنة 2016 مما ساهم في نزوح المزارعين وعُمّال الزراعة نحو المُدُن للعمل في المصانع التي لا تهتم بقواعد الصحة والوقاية من الحوادث، أو الحد الأدنى للرواتب، واستحوذت الدولة على أراضي زراعية شاسعة، استفادت منها شركات صناعية كُبْرى في قطاعات تصنيع الإنتاج الزراعي أو النسيج والصلب، مما أضر بالأراضي الخصبة وبمصادر المياه والمحيط الذي أصبح مُلَوُّثًا، فانتشرت أمراض الجهاز التّنَفُّسِي والجلد والعديد من أنواع السّرطان، وقمعت الدولة حركات المُقاومة التي أسَّسَها أبناء الطبقات “الوضيعة” أو “الدُّنْيا” بذريعة دعْمِها من قِبَل الحزب الشيوعي (الماوِي)، فارتبطت المسألة الطبقية بالتقسيم الإثني في الهند، وتَعَدّدَت المجازر (خصوصًا منذ 2006) ضد المُزارعين الذين يتصَدَّوْن لنفوذ الشركات متعددة الجنسية مثل “مونسانتو” و”يونِليفر” وشركات التّعدين والصّلب… على صعيد السياسة الخارجية، انتقلت الهند من مُدافع عن التطور المُسْتقل للبلدان حديثة الإستقلال في المؤتمر التأسيسي لمجموعة “عدم الإنحياز” (باندونغ 1955) إلى حليف للإمبريالية الأمريكية وللكيان الصهيوني… عن كتاب (Ground Down by Growthمن تأليف مجموعة من الباحثين– مَنْشُورات دار “بلوتو برس” – لندن 2017

 

الصين رأسمالية القرن الواحد والعشرين: لا يزال الحزب الحاكم (والوحيد) في الصين ينعت نفسه (زورًا وبُهْتانًا) ب”الشيوعي”، ولكن الإقتصاد الصيني أصبح منذ نحوالعقْدَيْنِ قاطرة الإقتصاد الرأسمالي العالمي، وقوة رئيسية لنموه، بفضل عرق العُمّال والمُزارعين والحِرَفِيِّين وصغار المُنْتِجِين، وارتفعت حصة الناتج المحلي الإجمالي الصيني في حجم الإقتصاد العالمي بين عامي 2013 و2016 من 12,5% إلى 14,8% من الحجم الإجمالي للإقتصاد العالمي، وفاقت معدلات الإقتصاد الصيني معدلات نمو اقتصاد الدول الرّأسمالية العريقة ( أمريكا والإتحاد الأوروبي واليابان)، حيث فاقت نسبة المساهمة الصينية في نمو الإقتصاد العالمي 30% خلال هذه الفترة (2013 – 2016)، وارتفعت حصّة الإقتصاد الصيني سنة 2017 إلى قرابة 15,3% من الإقتصاد العالمي، وبلغت مساهمة الصين في نمو الإقتصاد العالمي قرابة 34% بحسب تقديرات البنك العالمي الذي يُشِيد بدَوْرِ الصين (الشيوعية؟) في “تخفيف حدة إضطراب الإقتصاد العالمي واستقراره”، وأتقن النظام الحاكم في الصّين تطبيق قواعد الرأسمالية، رغم إطلاق عبارة (اقتصاد السوق “الإجتماعي”) على برنامجه الرأسمالي، الذي يحث المواطنين (20% من سُكّان العالم)، وخاصة الفئات الوسطى على مزيد الإستهلاك، فأصبحت الصين أعلى مُسَاهم بنحو 23,4% في نمو الإستهلاك العالمي بين 2013 و 2016، وفاقت بذلك أيْضًا متوسط الإستهلاك في أمريكا والإتحاد الأوروبي واليابان، كما أصبحت الصّين أكبر دولة مصدّرة للسياح بقرابة 130 مليون سائح سنة 2017، وبلغت نفقاتهم في الخارج نحو 115,3 مليار دولارا، منها 35,22 مليار دولارأ في الولايات المتحدة بمتوسط 97 مليون دولارا يوميًّا، أو 13 ألف دولارا سنويا لكل سائح صيني في أمريكا… من مؤشرات اندماج الإقتصاد الصيني في الإقتصاد الرأسمالي العالمي، ارتفاع حصته من واردات السّلع والخدمات البضائع والخدمات من 8,4% سنة 2011 إلى 9,7% سنة 2016، بينما تراجعت حصة الدول الرأسمالية الكُبْرى الأخرى (الولايات والمتحدة والإتحاد الأوروبي واليابان)، وتمثل الواردات الصينية خلال تسعة أشهر من 2017 نحو 10,2%من إجمالي الواردات العالمية، و 17%من نسبة نمو الواردات العالمية، ولعبت الصين دورًا أساسيا في استقرار أسعار السّلع الأساسية، ولهذه الأسباب لم تتمكن الولايات المتحدة من فرض الحصار التجاري والحَظْرِ على الصين التي وقّعت اتفاقيات تعاون مع حوالي 80 دولة أو منظمة،  وطَوّرت مشروع “طريق الحرير الجديد” بمشاركة أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية، وبلغت عقود البنية التحتية التابعة لهذه “المُبادرة” 144,3 مليار دولارا، وبلغت استثمارات الشركات الصينية في نفس المشروع 14,3 مليار دولارا سنة 2017، وأدى تطور الإقتصاد الصيني إلى تَداخُلْه مع اقتصاد أمريكا وأوروبا، وأسهمت الصادرات الأمريكية إلى الصين في تشغيل 910 آلآف أمريكي سنة 2015، وفْقَ إحصاءات وزارة التجارة الأمريكية… عن مواقع البنك العالمي” + “نيويورك تايمز” + صحيفة “الشّعب” الصينية 15/04/18 

 

طاقة: تَدّعِي النظريات الإقتصادية الرأسمالية إن السوق قادرة على تنظيم نفسها دون تدخل الدولة، لأن الأسعار تخضع لقانون العرض والطلب، لكن عوامل خارجية أخرى تتحكم في الأسعار، ومنها الإحتكار (بهدف التحكم في حجم العرض) وكذلك العوامل “الجيوسياسية”، ونورد تطورات أسعار النفط كنموذج لتأثير السياسات الدولية (العوامل الجيوسياسية) على الأسعار… تراجعَ المعروض النفطي العالمي بواقع 120 ألف برميل يوميا خلال شهر آذار/مارس 2018 بسبب التزام الدول المصدرة للنفط من منظمة “أوبك” وروسيا بخفض الإنتاج، رغم ارتفاع الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري، ويتوقع خُبَراء الطاقة استقرار الطلب على النفط سنة 2018، بسبب التوازن الحاصل بين ارتفاع الطلب من دول “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” (34 دولة غنية) ومن الهند، من ناحية، وانخفاض الطلب من جانب دول أخرى، ومن بينها الصّين، ويُعْزى ارتفاع الطلب إلى انخفاض مخزون مجموعة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمعدل 26 مليون برميل ليصل إلى 2,841 مليار برميل، أما أسعار النّفط الخام فقد ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ العام 2014 (سنة انهيار الأسعار) وبلغت أكثر من 72 دولارا للبرميل، بعد العدوان الأميركي على سوريا، وبسبب تخوف مُوَرِّدِي النفط من فرض عقوبات أمريكية وأوروبية جديدة على إيران، بالإضافة إلى التزام دول منظمة “أوبك” بخفض الإنتاج بمعدل 210 ألف برميل يوميا، مع الإشارة إلى عدم التزام الإمارات ونيجيريا بخفض الإنتاج، وسبق أن بدأت الأسعار بالإرتفاع بعد تطبيق خفض الإنتاج، إضافة إلى تخوف المُوَرِّدِين من الحرب التجارية التي أعلنتها الولايات المتحدة ضد بقية دول العالم… عن وكالة الطاقة الدّولية – وكالة “بلومبرغ” 16/04/18

 

تجارة عالمية: ارتفع حجم التجارة العالمية بنسبة 4,5% سنة 2017 مقارنة بسنة 2016، وذلك بأسرع وتيرة منذ 2011 ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتواصل النّمو سنة 2018 ولكن لا يُتَوَقَّعُ أن تعود حركة التجارة إلى مستوى ما قبل الأزمة المالية لسنة 2008،  رغم انتعاش الإقتصاد في آسيا وزيادة الإستثمارات والغنفاق في منطقة اليورو (19 دولة ضمن الإتحاد الأوروبي، تستخدم اليورو كعملة مُوَحّدة)، وكانت منظمة التجارة العالمية قد توقعت في شهر شباط/فبراير 2018 أن ينْمُو حجم التجارة العالمية سنة 2018 بنسبة 3,2%، وفْقًا لتوقعات ارتفاع حجم الإنتاج العالمي من السلع الصناعية والإنتاج الزراعي، بعد فترة ركود امتدت من 2011 إلى 2016… ينمو حجم التجارة أحيانًا بشكل “مُسْتَقِل” عن حجم نمو الإقتصاد العالمي، بسبب تَعَمُّد الشركات الكبرى نقل عملية الإنتاج (منذ أكثر من ثلاثة عقود) من البلدان الرأسمالية المتطورة إلى البلدان الفقيرة، بهدف خفض تكاليف الرواتب وتكاليف الإنتاج، مع التمتع بامتيازات جبائية وحوافز هامة، وتزامنت هذه الفترة مع تشتيت عملية تصنيع السلع بين دول عديدة، ثم يقع تجميعها كمنتج نهائي في البلدان الرأسمالية المتطورة (بلدان المَنْشَأ) بهدف زيادة الأرباح، ورفع “القيمة الزائدة”، وبعد زيادة الرواتب في الصِّين (التي تعمل على إنجاز التحول من الإعتماد على الصادرات إلى الإعتماد على زيادة الطلب الداخلي على السلع، أي الإستهلاك، وهذا هو السبب الرئيسي لِرَفْع الرواتب) انتقلت عمليات الإنتاج إلى بلدان شرقي آسيا، ومن بينها فيتنام وتايلند والفلبين وإلى بنغلادش، وغيرها، وتستقبل هذه البلدان الصناعات المُلَوِّثَة وذات القيمة الزائدة الضعيفة، لأنها لا تحتاج تقنيات متطورة، وإنما تحتاج عددا كبيرا من العُمال والعاملات، مثل النسيج والجلد وصناعة المكونات الإلكترونية والصناعات الكيماوية… عن منظمة التجارة العالمية – رويترز 13/04/18

 

عَوْلَمَة: قدّر البنك العالمي حجم الإستثمار الأجنبي المُباشر في العالم سنة 2016 بنحو 1,75 تريليون دولارا، وخلافًا للإعتقاد السّائد، تُعَدُّ الدول الفقيرة أو التي تُسَمّى “نامية” أكبر مصدر للتمويل الخارجي (أو الإستثمار الأجنبي المُباشر) بنحو 20% من إجمالي هذه الإستثمارات، وتوجّه نحو 40% منها إلى البلدان النامية الأخرى (أي بلدان ما سُمِّيَ “العالم الثالث”)، ويَضْغَطُ صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي على حكومات الدول الفقيرة لإجبارها على تَمْكِين رأس المال الأجنبي من تَمَلُّك الأراضي الزراعية والعقارات وشبكات تجارة التّجْزِئة، ويُدْرِجُ البنك العالمي هذه العملية ضمن بند “توفير بيئة استثمارية خالية من أية أخطار سياسية أو قوانين مُقَيِّدة للإستثمار الأجنبي”، وارتفعت الإستثمارات الخارجية للصِّين من 12% من إجمالي الإستثمار الأجنبي المباشر في بلدان “العالم الثالث” قبل 20 سنة، إلى أكثر من 30% سنة 2016… أما هدف البنك العالمي وصندوق النقد الدولي فيتمثل في تهيئة المناخ لاستقبال الدول الفقيرة أكبر قدر من الصناعات المُلَوِّثَة والتي تتطلب عددا هامّا من العُمال (والعاملات) غير المُؤَهّلِين برواتب ضعيفة (أقل من 10% من رواتب الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة)، في إطار التقسيم العالمي للعمل، حيث تختص الدول الإمبريالية الغنية بإنتاج السلع والخدمات ذات التقنيات المتطورة وذات القمية الزائدة المُرْتَفِعَة، وبينما انتقلت صناعات النسيج والجلد وتركيب السيارات والتجهيزات المنزلية إلى بلدان جنوب آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، تخصّصت الولايات المتحدة واليابان وأوروبا وكوريا الجنوبية في المهن المتصلة بقطاع التكنولوجيا والمعلوماتية التي ارتفع عدد الوظائف بها، وأصبحت الشركات تستقطب مهندسي وعُلماء الدول الفقيرة على عين المكان (مثلما تفعل ألمانيا وسويسرا والنمسا مع البلدان التي اشتعلت فيها الحروب: سوريا وأفغانستان والعراق…)، وأعلنت شركات التكنولوجيا الأمريكية حاجتها لحوالي 520 ألف وظيفة في القطاع، في حين لا يتجاوز عدد المُتَخَرِّجِين 52 ألف سنويا، لأنه يتعين على الطلاب الحصول على قُرُوض لتمويل ما لا يقل عن أربع سنوات من الدراسة الجامعية، وفق موقع “كود دوت أورغ”، وأحْصَتْ شركة “بورنينغ غلاس” (المتخصصة بتحليل سوق العمل) 26 مليون عرض عمل نُشر عبر الإنترنت سنة 2015، من بينها سبعة ملايين عرض عمل لأشخاص من ذوي الخبرة في مجال البرمجة المعلوماتية، وارتفعت رواتب أصحاب هذه المِهَن بنسبة 40% مُقارَنَةً برواتب المهن الأخرى، بسبب الشغور أو الفارق السلبي بين الوظائف المعروضة والمتقدمين لهذه الوظائف، وتُعارض شركات قطاع التكنولوجيا والمعلوماتية سياسات إدارة الرئيس الحالي “دونالد ترامب” في مجال الهجرة، لأن هذه الشركات “تَتَسَوّق” في آسيا بحثًا عن المُهندسين والإعلاميين والفَنِّيِّين الأجانب، إذ ارتفعت تكاليف التعليم الجامعي في هذه الإختصاصات، وتتراوح بين 10 آلاف دولار و20 ألفاً سنوياً في الجامعات الحكومية الأمريكية، ونحو 50 ألف دولار سنوياً في الجامعات الخاصة المشهورة مثل “ستانفورد” في كاليفورنيا، وترتفع التكاليف إلى أكثر من سبعين ألف دولارا مع احتساب مصاريف السكن والطعام والكتب، تُضاف لها مصاريف الدورات التدريبية مقابل 15 ألف دولارا، بحسب موقع معهد “كالتك” للتكنولوجيا في كاليفورنيا… عن تقرير الإستثمار الدّولي التّنافُسِي (البنك العالمي) – أ.ف.ب (بتصرف)17/04/18

 

من مخاطر الإقتصاد الرّأسمالي: ارتفعت ديون الإقتصاد العالمي إلى مستوى قياسي، وفاقت بنسبة 12% مُسْتَوى سنة 2009 (بعد إفلاس مصرف “ليمان براذرز”)، خلال الأزمة المالية، وفق بيانات نشرها صندوق النقد الدولي الذي أعلن بِداية قَرِيبةً لدورة جديدة من التباطؤ الإقتصادي (بمعدل كل عقد تقريبًا)، وبلغت الديون العالمية 164 تريليون دولار أو حوالي 225% من إجمالي الناتج العالمي، ومَثّلَ ارتفاع ديون الشركات والهيئات المحلّية في الصين نسبة 43%من الزيادة في الدين منذ العام 2007، وفق صندوق النقد الدولي، وكانت حكومات العالم، وخصوصًا الدول الغنية قد ضَخّت مبالغ طائلة من المال العام في خزائن الشركات والمصارف المتعثرة لإنقاذها من الإفلاس، في عملية تأميم لخسائر القطاع الخاص، وخصخصة القطاعات المُرْبِحة في مجالات الطاقة والصحة والنقل العمومي (الجوي والحديدي…)، ولا تزال المصارف المركزية للبلدان الرّأسمالية المُتَطَوِّرَة تُقرض المصارف والشركات الكبرى بفائدة رمزية (تقترب من الصّفر)، بذريعة “تحفيز الإقتصاد”، وهذا أحد أسباب ارتفاع دُيُون العالم، إضافة إلى خفض الضرائب على الثروات الكبيرة وعلى أرباح الشركات، فيما أطلقت تُطَبِّقُ معظم حكومات برامج تَقَشُّف تمثلت في خفض الإنفاق الحكومي وتَنَصُّل الحكومات من مسؤولية الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية والنقل العام وخدمات الكهرباء والماء والوقود وغيرها، وتُطَبِّقُ ما اصطُلِحَ على تسْمِيَتِهِ “وفاق واشنطن” (منتصف 1989، قبل حوالي أربعة أشهر من انهيار جدار برلين) ويتمثل في خصخصة القطاع العام وتقويض كافة المكتسبات التي تحققت للعمال والأُجراء بعد الحرب العالمية الثانية، وتحرير التجارة ومنع الدول الفقيرة من حماية إنتاجها وصناعاتها، فيما زادت الدول الغنية من دعم الإنتاج الزِّراعِي والصّناعي، وتَنْهب الشركات الكبرى (المُسْتَفِيد من الدّعم الحكومي) ثروات البلدان الفقيرة التي أغرقها صندوق النقد والبنك العالمي بالديون، مما سَبَّبَ أزمات خانقة وتضخّمًا في الأسعار وارتفاع مخاطر الإفلاس والعجز عن سداد الديون، بسبب ارتفاع قيمة الديون وارتفاع قيمة خدمة الدّين (التي تضاعفت قيمتها خلال عشر سنوات) لدى نحو 40%من الدول “مُنْخَفِضَة الدّخل” (رغم وجود المعادن الثمينة في العديد منها، والتي تَنْهَبُها الشركات الإحتكارية، متعددة الجنسية)، مع الإشارة إن مُعظَمَ الدّيُون الخارجية مُقَومة بالدّولار الأمريكي وباليُورُو والعمُلات الأجنبية، وترتفع قيمة الديون والفَوائد كلما انخفضت قيمة العملة المحلية، وهو إجراءٌ يفْرِضُهُ صندوق النقد الدّولي على كافة الدول المُقْتَرِضَة، فانخفضت قيمة الدّرهم المغربي والدينار التونسي والأردني والجُنَيْه المصْرِي بنِسَبٍ تراوحت بين 40% و 60% خلال سنوات قليلة، مما يزيد من قيمة الأسعار ورفع نسبة التضخم، لتزداد حِدَّةُ الفقر، أما في البلدان الرأسمالية المتطورة (الإمبريالية) فإن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يُؤدِّي خفض الضرائب على الأثرياء والشركات إلى ارتفاع قيمة الدّيون، وإلى زيادة العجز في ميزانية الولايات المتحدة بمقدار 1000 مليار دولار (تريليون دولارا) على مدى السنوات الثلاث المقبلة، مما يرفع ديون البلاد إلى 116,9% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2023 عن صندوق النقد الدّولي – أ.ف.ب 18/04/18

 

صحة: سبق وأن تطرقنا في هذه النّشرة للنتائج الوخيمة لاستخدام المبيدات الحشرية (حوالي 100 مليون طنا سنويا في الوطن العربي)، وأجْرَتْ منظمة الصحة العالمية دراسة بين 1994 و2013 في العديد من بلدان العالم، بَيَّنَت الأضرار التي تُلْحِقُها المُبيدات المُسْتَخْدَمَة في الزّراعة بالإنسان الذي يُصاب أنواع عديدة من السرطان والأمراض الجلدية وألزهايمر ومرض “باركنسون”، واحتمال إصابة الأمهات والمواليد الجُدُد بتشوهات وإعاقات خلقية وذهنية، وتُلحق المبيدات أضرارا بالحيوان وبالمُحيط والتربة والمياه والهواء الحبوب والثمار، وأظْهَرت الدراسة تَلَوُّثَ 73% من الفواكه و41% من الخضار و87% من مياه الرّي، ويُعدّ مبيد “غليفوسات” الذي تُصنعه شركة “مونسانتو” (أمريكية المنشأ) من أخطر المبيدات المُسْتَخْدَمَة في الزراعة، وقدّرت الدراسة إن الأضرار الناجمة عن الحشرات في القطاع الفلاحي تصل إلى 75 مليون دولارا سنويا، بينما وجب توفير 1,5 مليار دولارا سنويًّا لتصفية المياه من آثار التلوث الكيماوي الناتج عن استخدام السماد الصناعي والمبيدات… ارتفعت وتيرة استخدام المبيدات مع سيطرة الرأسمالية الليبرالية المُعَوْلَمَة، بهدف زيادة حجم الإنتاج الزراعي، عبر مكافحة أمراض النبات، وقتل الحشرات الناقلة للأمراض (والنقلة للقاح أيضًا)، ولكن ارتفاع الإنتاج أدّى إلى تسجيل نحو ثلاثين مليون حالة تَسَمُّم في البلدان الفقيرة ووفاة حوالي 25 ألف شخص سنويا بسبب هذه المُبيدات، ولم يخفض ارتفاع الإنتاج عدد المُهَدَّدِين بالجوع أو نقص الغذاء بل أصبح حوالي 56% من سكان العالم يعانون من نقص الغذاء ( وحوالي 79% في الدول الفقيرة) ولا يزال وباء “الملاريا” (تنتقل بواسطة البعوض) تُهَدِّدُ حياة الملايين من سكان البلدان الفقيرة، ويعتبر الباحثون إن تَحَلُّلَ هذه المواد الكيماوية المُكوِّنَة للمبيدات -مثل د يدي تي- بطئ، مما يزيد من عملية “تركيزها” في التربة، مما يُفْقِدُها خُصُوبتها، وتركيزها في الماء وفي أجسام الكائنات الحية، وتكتسب الحشرات مناعة ضد هذه المادة، فتصبح قادرة على إتْلاَفِ كل أنواع النباتات والمحاصيل الزراعية التي يُصْبِح استهلاكها خطيرًا على صحة الإنسان (أمراض الجهاز التّنفّسي والجهاز الهضمي، إضافة إلى الأمراض الخطيرة الأخرى)، بالإضافة إلى الخلل  في التوازن البيئي الذي يُحْدِثُهُ الإستخدام المُكَثّف لهذه المُبِيدات، من ذلك  إنقراض عدد هام من الكائنات والحيوانات (ومنها الأسماك) والنباتات… عن منظمة الصحة العالمية + صحيفةلوموند دبِلُوماتِيك” – آذار 2018

 _________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.