حاز فريق فرنسا على بطولة العالم لكرة القدم في “مونديال روسيا 2018″، وتألّفت البعثة الرياضية الفرنسية من 23 لاعبًا، كان من بينهم 17 وُلدوا لأبوبين، أو لأحدهما من جنسية أجنبية، ووُلد بعض هؤلاء اللاعبين في الكونغو، والكامرون ومالي، بالإضافة إلى اللاعبين القادمين من المُستعمرات التي تعتبرها فرنسا (بكافة أطيافها السياسية) محفظات أو مناطق فرنسية (جزر الأنْتِل في الكاريبي وجزيرة لارينيون في أفريقيا وغويانا في عرض سواحل البرازيل وغيرها) مما جعل بعض العنصريين (ومن ضمنهم “الفيلسوف” العُنصري الصهيوني “آلان فنكلكروت”) يعتبرون الفريق الفرنسي سادس فريق أفريقي يشارك في بطولة كأس العالم، والواقع أن هذا الفريق لا يرْمُزُ إلى “التّداخُل والتّمازُج بين الأعْراق والثّقافات”، كما يَدَّعِي البعض لأن الثقافة المُهَيْمِنة في فرنسا وغيرها لم ولن تستوعب ثقافة الفٌقَراء والشعوب الواقعة تحت الهيمنة، وإنما يمثل نِتاج التاريخ الإستعماري والإمبريالي الفرنسي، وما نتج عن ذلك من استعمار جديد وتَبَعِيّة اقتصادية وثقافية وهِجْرَة، بالإضافة إلى “تَسْلِيع” الرّياضة وجعلها قطاعًا اقتصادِيًّا تتحكم به شركات “الرّعاية” والإشهار ووسائل الإعلام وسوق النخاسة (بيع وشراء وإِعارة اللاعبين وكأنهم مَتاع وسِلْعَة)، وقوانين السّوق الرأسمالية التي تُتاجر بأبناء العُمال المُهاجرين والفُقراء من الأحياء الشعبية وضواحي المدن الكبرى ومن أبناء المُستعمرات، وتخضع هذه السّوق إلى قانون “التقاسُم غير المُتكافئ للعمل” وقوانين العَرْض والطّلَب، والربح والخسارة والمُنافسة بين النوادي (ومن ورائها رأس المال)، وبقدر ما ارتفع عدد اللاعبين السود والعرب والبرازيليين على أرض الملعب، انخفض عددهم في طواقم قيادة النوادي وفي مهنة التّدْرِيب، ومهما ارتفع شأن هؤلاء اللاعبين من أُصُول غير أوروبية “بَيْضَاء”، يُعاملهم الإعلام والجمهور والشّرطة كأبناء مُهاجرين و”مجرمين مُحتَمَلِين”، ويتعرّضون للمَيْز (رغم ثَراء بعضهم) وللمُراقبة المبالغ فيها على حواجز الشّرطة وللشتائم والإهانة، في الملاعب وفي الفضاء العام وفي وسائل الإعلام، لأنهم من نفس طينة خمسين ألف من المهاجرين الذين كانوا ضحية الفقر والحُروب والذين غَرقوا في البحر الأبيض المتوسط، بين دورتي بطولة كأس العالم التي فاز بها الفريق الفرنسي “المُخْتَلط” والمتألِّف من البيض والسود والعرب سنة 1998 وسنة 2018 …
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.