“كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي، 28 تمّوز (يوليو) 2018 ، إعداد: الطاهر المُعِز

خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد 439

يا لُصُوص العالم اتحدوا: استثمرت الشركات، متعـددة الجنسـيات 12 تريليون دولار حول العالم، في شركات وهمية، لا نشاط فِعْلِيًّا لها، وتستخدمها الشركات الكبرى لغسيل الأموال والتّهرّب الضّريبي، ويعادل هذا المبلغ 40% من إجمالي الإستثمارات الأجنبية المباشرة حول العالم، وتبلغ حصة أثرياء البلدان “غير المُسْتَقِرّة ماليّا” وأثرياء البلدان المنتجة للنفط حوالي سبعة تريليونات دولار من هذا المبلغ، ونشرت وثائق “سويس ليكس” ووثائق “أوراق بنما” وغيرها بعض الوسائل التي تستخدمها الشركات متعددة الجنسية والأثرياء للتّمْوِيه وللتهرب من الضرائب وتهريب الأموال إلى الخارج، ولكن ذلك لم يكن سوى “غَيْض من فيض”، ما يُفَنِّدُ الدّعايات المُضَلِّلَة التي تُرَوِّجُها الحكومات وصندوق النقد الدولي حول “التأثير الإيجابي” المَزْعُوم للإستثمار الأجنبي المُباشر(وتدّعي بعض أحزاب اليسار ذلك أيْضًا)، والإدّعاء أنه “اسـتثمار اسـتراتيجي مسـتقر طويل الأجل، ويخلق فرص العمل ويساعد على تطوير الإنتاج ونقل التكنولوجيا” وغير ذلك من الأوهام، إذ تستفيد الشركات متعددة الجنسية من الحوافز والإعفاء من الضرائب وانخفاض الرواتب في بعض البلدان لتستثمر في قطاعات غير منتجة، وإذا كانت منتجة فهي مُلَوِّثَة وتستهلك كميات هائلة من الموارد (مثل المياه والطاقة…) مثل قطاع الكيمياء والنسيج وغيرها، وترحل فجأة، عندما يحين وقت انتهاء فترة الحوافز المالية، دون تسديد رواتب العمال لعدة أشهر في أحيان كثيرة، ونشرت منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية بيانات مُطابقة لما نشرته مجلة “التمويل والتنمية” التي يُصْدِرُها صندوق النقد الدولي، تُؤكّد هذه المعلومات… عن صندوق النقد الدولي – مجلة “التمويل والتنمية” حزيران 2018

 

عالم ليس لنا: ارتفعت قيمة الأصول المالية التي يستثمرها أغنى أغنياء العالم خارج بلدانهم، بنسبة 6% سنة 2017، لتصل إلى 8,2 تريليون دولارا، ليتهربوا من تسديد الضرائب في بلدانهم، رغم استفادتهم من البنية التحتية ومن الإنفاق الحكومي ومن امتيازات وحوافز عديدة في بلدانهم، وتُبَرِّرُ وسائل إعلام رأس المال ممارسات رأس المال وهذا التّهرّب الضريبي، وتُبالغ في إبراز ما تُسمِّيه “احتيال” الفقراء للحصول على بعض المنح الإجتماعية، وتحميل الفُقَراء أسباب (ونتائج) الأزمات الدّوْرِية المُرْتَبِطَة بطبيعة وهيكلة رأس المال نفسه… وتتصدّر سويسرا ترتيب البلدان المُسْتَفِيدة من تدفق رأس المال الأجنبي (الهارب من الضّرائب، خصوصا من ألمانيا وفرنسا والسعودية وغيرها) إلى مصارفها وأسواقها، وتحتل سويسرا المرتبة التاسعة عشر في ترتيب أكبر اقتصادات العالم، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 700 مليار دولار في بلد صغير، يسكنه حوالي عشرة ملايين نسمة، وتُشكل أموال الأثرياء الأجانب في المصارف السويسرية 2,3 تريليون دولارا، وتليها هونغ كونغ (1,1 تريليون دولارا) وسنغافورة (900 مليار دولارا)، وتجتذبان أثرياء الصين وتايوان واليابان، ولكن العديد من الولايات داخل الولايات المتحدة تُعْتَبَرُ ملاذات ضريبية (مثل ولاية “ديلاوير”) التي تجتذب نحو 700 مليار دولارا من أموال أثرياء المكسيك والصين والأرجنتين، وإضافة إلى الولايات المتحدة، تحتل جزر بريطانيا ومستعمراتها وكذلك “لكسمبورغ” مكانة متقدمة في اجتذاب الأموال الهاربة من الضرائب، أو الباحثة عن ربح سريع وآمن… “مجموعة بوسطن الإستشارية” – أ.ف.ب 03/07/18

 

دُمُوع تماسيح أوروبا على ضحايا الحُرُوب والفَقْر: يتعرّض العُمّال والفُقَراء (والمهاجرون جُزْء منهم) إلى هجومات مستمرة من قِبَلِ حكومات الدول الغنية ومن في وسائل إعلامها، وتحميل الفقراء (والمهاجرين) مشاكل السياسة والإقتصاد والمُجْتَمع والثقافة وغيرها، في محاولة لتقسيم الطبقة العاملة والمُضْطَهَدِين، لأن وِحْدَة العُمّال والفُقَراء (وهم أغلبية) قد تُطِيح بسلطة رأس المال والبرجوازية، لذلك وجب تقسيم العمال والفقراء إلى فئات مُتناحرة ومتخاصِمَة في بينها… في الولايات المتحدة، اعتبر الرئيس الأمريكي إن المهاجرين غير النظاميين “غُزاة يسْعَوْنَ لاقتحام البلاد” (مثل الجيش الأمريكي في أفغانستان أو سوريا أو العراق؟؟؟) وجب “إعادتهم على الفور من حيث أتوا، ودون أي إجراءات قضائية… لن نسمح بالبقاء سوى للأشخاص الجديرين والقادرين على المساهمة في جعل أميركا عظيمة” (لِشَنِّ مزيد من الحُروب العدوانية؟)، ويسمح القانون الأميركي بالترحيل السريع للمهاجرين في حالات عديدة…

في أوروبا، كانت الخلافات خلال قمة أواخر حزيران 2018 في شكل مباراة بين اليمين واليمين المتطرف، واتفق قادة الإتحاد الأوروبي على محاولة فَرْضِ إقامة مُحتشدات واسعة للمهاجرين -المطرودين من أوروبا أو مِمّن يحاولون الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط- على أراضي المغرب العربي، وبعض الدول الإفريقية المُحيطَة بالصحراء الكُبْرى، حيث تمتلك أوروبا وأمريكا قواعد عسكرية عديدة (في النيجر وبوركينا فاسو ومالي والسنغال وتشاد وغيرها)، وتكثيف عمليات التصدي للمهاجرين قبل دخولهم البحر، أي تكليف حكومات المغرب العربي بدور المُرْتَزَق لصالح أوروبا، مقابل نصف مليار يورو فقط، بعنوان “مساعدات لتنمية إفريقيا” (بينما تحصل تركيا على 6,5 مليارات يورو سنويا، لنفس الغرض)، وربط زعماء الإتحاد الأوروبي نقاش موضوع الهجرة بملفات “الأمن والدفاع والتجارة وتوسيع الاتحاد إلى دول جديدة…”، ولم تُشِر المنظمات “غير الحكومية” أو “الإنسانية” أو أحزاب اليسار التقليدي الأوروبي إلى العلاقة بين الحروب العدوانية التي تقودها أو تشارك بها أوروبا، وتدفق المهاجرين من تلك البلدان… من جهتها أعلنت المنظمة الدولية للهجرة غَرَقَ أكثر من ألف شخص في البحر الأبيض المتوسط بين ليبيا وأوروبا، في زوارق قديمة، مُهْتَرِئة وغير آمنة، خلال أقل من ستة أشهر من سنة 2018، وتوجد في ليبيا مُعتَقَلات تحتجز داخلها المليشيات التي تتقاسم البلاد، أكثر من عشرة آلاف شخص أعادتهم أوروبا إلى الشواطئ الليبية، بعد أن تَكَبَّدُوا عناء السفر عبر الصحراء ثم عبور البحر المتوسط، وتُشَكِّلُ مثل هذه الرّحلات التي تدوم سنوات أحيانًا، من نقطة الإنطلاق إلى نقطة الوصول المُسْتَهْدَفَة، أخطر مسارات الهجرة على مستوى العالم، وذكرت المنظمات المَعْنِيّة بالهجرة، انخفض عدد المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط من مئات الآلاف سنة 2015 إلى عشرات الآلاف سنة 2017، وتراجع عدد القادمين من تركيا إلى اليونان من مليون سنة 2015 إلى بضعة آلاف سنة 2017، بعد إغلاق تركيا الطريق البحرية القصيرة التي تفصلها عن اليونان (مقابل رشوة ب6,5 مليارات يورو سنويا)…

من جهة أخرى، وفي علاقة بالحُرُوب العدوانية، تتسابق الحكومات الأوروبية في إظهار العنصرية وإغلاق حدودها في وجه اللاجئين والهاربين من عُدوان جيوشها في الوطن العربي وإفريقيا وأفغانستان، كما تتجاهل تمامًا القتلى والمُصابين الفلسطينيين برصاص وصواريخ جيش الإحتلال الصهيوني، مع ذَرْف دُموع التّماسيح، حيث تتباكى الصحف على مصير بعض أنواع النازحين السّورِيِّين، وكلما شن الجيش السوري هجوما يهدف استعادة الأرض من المنظمات الإرهابية (المدعومة أمريكيًّا وأوروبيًّا وأطلسيًّا وصهيونيًّا وخليجيًّا وتُرْكِيًّا) تعالت أصوات بعض الحكومات والمنظمات التي تدعي الإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان (الإنتقائية) بهدف الإبقاء على سيطرة المجموعات الإرهابية على أجْزاء من أرض سوريا، متخفِّيَةً وراء “مأساة اللاجئين ضحايا جيش الأسد”، وفق التعبير السائد… خصص الإتحاد الأوروبي قمّة في “بروكسل” لبحث مسألة الهجرة، وأسفرت عن قرارات اتخاذ تدابير وقائية وتكثيف المراقبة العسكرية للحدود وتشديد شروط اللجوء، وافتتاح مراكز واعتقال اللاجئين داخل الإتحاد الأوروبي وخارجه (في إفريقيا شمال وجنوب الصحراء)، مع الإشارة إن اللاجئين يوجدون دائما بكثرة في البلدان المُحيطة بمناطق الحرب، ولم يتجاز نصيب أوروبا من اللاجئين في العالم 10% على مر التاريخ، بما في ذلك أثناء الحرْبَيْن العالميّتَيْن اللتين انطلقَتا من أوروبا، وانخفض عدد اللاجئين من بلدان العالم نحو دول الإتحاد الأوروبي من حوالي مليون سنة 2015 إلى 172 ألف سنة 2017 و43 ألف خلال النصف الأول من سنة 2018، وغرق 12,4 ألف مهاجر في البحر الأبيض المتوسط خلال السنوات الثلاث الأخيرة… عن المنظمة الدولية للهجرة – رويترز 02/07/18

 

من دبلوماسية كرة المضرب إلى دبلوماسية كرة القدم: استغل الرئيس فلاديمير بوتين مناسبة بطولة العالم لكرة القدم “مونديال روسيا 2018″، لتعزيز (أو محاولة تعزيز) مكانة روسيا في العالم، وهو ما أطلق عليه بعض الصحافيين والمُلاحظين “دبلوماسية كرة القدم”، في إشارة إلى دبلوماسية كرة المضرب في بدايات سبعينيات القرن العشرين بين الولايات المتحدة والصّين (سياسة الخطوة-خطوة التي ابتكرها “هنري كسينغر”)، ودعا الرئيس الرّوسي عددًا من زعماء العالم إلى الحفل الختامي كأس العالم (15 تموز 2018) ومن بينهم رئيس حكومة العدو الصّهيوني ورئيس سلطة الحكم الذاتي الإداري في رام الله، بهدف توسيع رقعة النفوذ الروسي عبر “إطلاق آلية التفاوض المجمدة منذ سنوات”، ولكن علاقات روسيا غير متكافئة حيث تعتبر الصحف الصهيونية “إن علاقات رئيس روسيا مع نتن ياهو متينة جدا، رغم عدم بلوغها متانة علاقته (نتن ياهو) مع ترامب”، وكتبت صحف أمريكية إن الولايات المتحدة ترغب في توريط روسيا في “صفقة القرن” لتصفية قضية فلسطين، مقابل بعض “التنازلات” الأمريكية في سوريا (أما إرادة الشعب الفلسطيني أو السّوري، فلا شأن لبوتين ولا لترامب بهما)، لأن لكُلٍّ من الدولتين مصالح في المنطقة، وللكيان الصهيوني علاقات جيدة مع أمريكا كما مع روسيا، التي أظهرت إنها لن تُكَرِّرَ خطأ الموقف الذي اتخذته في ليبيا أو العراق، فيما تبحث أمريكا صيغة اتفاق إقليمي مع روسيا (على حساب مصالح شعوب المَشْرِق العربي وإيران؟) ومع الكيان الصهيوني ودُوَيْلات الخليج، يُقْصِي إيران (مع محاولة تغيير نظام الحكم في إيران من الدّاخل، عبر الحَمَلات الإعلامية وتكثيف الحصار الإقتصادي)، ويجعل سوريا تحت الوصاية الروسية، فيما تُسَهِّلُ روسيا إنجاز “صفقة القرن”، وربما تطوير المحادثات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة… عن “بلومبرغ” (أمريكا) + “سبوتنيك” (روسيا) + رويترز27/06/18 

 

عرب الضّفّة الأخْرى– صهاينة العرب: بدأت العلاقات بين الصهياينة والحكام والأعيان العرب منذ ما قبل اكتمال احتلال فلسطين وقبل إعلان قيام دولة الصهاينة، ولكن العُملاء العرب أصبحوا أكثر جَرْأةً بفعل تراجع حركة التّحَرّر وتراجع قوى المقاومة، وأعلنت بعض وسائل الإعلام الغربية والصهيونية وجود علاقات سرّية وثيقة بين الكيان الصهيوني والسعودية منذ سنوات، وأوردت (كمثال يُؤَكّد ما تكتبه) اللقاء الذي جمع رئيس الموساد السابق مئير دغان ونظيره السعودي بندر بن سلطان، في فترة رئاسة إيهود أولمرت حكومة الصهاينة (كان رئيس بلدية القدس المحتلة من 1993 إلى 2003، ورئيس وزراء العدو من 2006 إلى 2009)، وانعقدت مؤخّرًا (17/06/2018، وفق صحيفة “معاريف” الصهيونية) في العقبة (الأردن) قمّة استخبارية بين رئيس جهاز الموساد وقادة أجهزة مخابرات أنظمة عربية (مصر والسعودية والأردن وسلطة أوسلو)، برعاية “جاريد كوشنير” (صهر ومستشار الرئيس الأمريكي) و”جيسون غرينبلات” (مبعوث “ترامب”) من أجل دراسة وسائل قَمْع المعارضين للمبادرة الأميركية “صفقة القرن” التي تهدف تصفية القضية الفلسطينية، وبعد يوم واحد، التقى رئيس حكومة العدو وملك الأردن (18/06/2018) لمناقشة الهاجس المُشترك والمتمثل في “الخطر الإيراني في المنطقة”، وكأن إيران هي التي تحتل فلسطين والجولان… عن “إنتليجانس أون لاين” (صحيفة إلكترونية فرنسية) 28/06/18

 

في جبهة الأعداء -“صفقة القرن” ، محاولة تصفية القضية الفلسطينية: هي مشروع أمريكي، كما معظم المشاريع التّصْفَوِيّة المَطْرُوحة منذ خمسين سنة، يهدف إلى تأسيس تحالف عَلَني يقوده الكيان الصهيوني ويتألّف من الأنظمة العربية المشرقية التي أصبحت تُعَبِّرُ علانية عن تحالفها مع الكيان الصهيوني ضد سوريا وضد شعب اليمن، مُعتبرة إيران عَدُوًّا رئيسيًّا والكيان الصهيوني صديقًا وحَلِيفًا، وتزامن مع الهجوم الأمريكي والصّهيوني على الأمم المتحدة (التي شرعَنَتْ احتلال فلسطين) وعلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وعلى القيادات الفلسطينية الوديعة جدًّا، بل العميلة للإحتلال ووكيلته في الضفة الغربية وغزة، وأَطْلَقَها الرئيس اليميني العنصري، والملياردير المُتعجرف “دونالد ترامب” (كممثل لأعتى قوة إمبريالية ولرأس المال المُعَوْلَم)، ويُرَوِّجُ لها صهره ومستشاره “جاريد كوشنر”، ومبعوثه إلى الشرق الأوسط “جيسون غرينبلات”، وسفيره لدى الكيان الصهيوني “ديفيد فريدمان”، وثلاثتهم من غُلاة الصهاينة، وخلافًا للعادة والأعراف الدبلوماسية، لم يُشْرِك الرئيس في تنفيذ هذه المُؤامرة وزيره للخارجية ولا مجلس الأمن القومي الأميركي، ولم يستشر أو يُخْبِرْ “الحلفاء” الأوروبيين، وبدأت خَطَوات تنفيذ المشروع مع إعلان نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ولم تنخَرِط سلطة أوسلو ولا ملِك الأردن في هذا المشروع، ليس دفاعًا عن القضية الفلسطينية أو بغية تحرير كامل الوطن الفلسطيني المُغْتَصَب، بل لأن الإدارة الأمريكية بالغت في تَبَنِّي المشاريع الصهيونية، وتجاهلت مصالح عُملائها “العَرَب”، كما تتجاهل مصالح حُلَفائها في الإتحاد الأوروبي وفي حلف شمال الأطلسي (ناتو)… يُعتبر هذا المشروع (صفقة القرن) تتويجًا منطقيا لهيمنة التيارات اليمينية “المسيحية-الصهيونية” على سلطة القرار في الإدارة الأمريكية، وسبق أن أيّدَ سفير أمريكا في القدس عقيدة “يهودية الدولة” وضمَّ مستوطنات الضفة الغربية باعتبارها “أُنْشِئَتْ على الوطن التّاريخي للشعب اليهودي”، مما يعني إن الشعب الفلسطيني مُقِيمٌ في هذه الأرض، بفضل تَسَامُح وكَرم بني صهيون… ماذا يُفِيد الحوار مع هذا الصّنف من ممثلي التيارات الإستعمارية والعنصرية؟ وإذا تَمّ الحوار، ماذا سيكون هدفُهُ ونتائجه ومفاعيله على أصحاب الأرض الشرعيين؟

تتواصل “مسيرات العودة” في غزة، محرومة من دعم الضفة الغربية، حيث تقمع قوات “التنسيق الأمني” أي تحرك مساندة، ومحرومة من دعم الجماهير العربية التي انشغلت بنتائج الفرق العربية المهزومة في “مونديال روسيا 2018” أو بمقاومة الحر في شواطئ المتوسط والبحر الاحمر، ومحرومة من دعم منظمات حقوق الإنسان التي ترى في الكيان الصهيوني “دولة قانون ومؤسسات”، و”تنصح” الفلسطينيين العُزّل والواقعين تحت الإحتلال، بالتظاهر “السّلْمي والمَدَني والحضاري” ضد عدو مُدَجّجٍ بالسّلاح وينفي أي حق لهم في وطنهم، وقتل جنود الإحتلال خلال مسيرات العودة، في الفترة من 30 آذار (ذكرى يوم الأرض) إلى 29 حزيران 2018 ما لا يقل عن 134 شهيدًا وأصاب أكثر من 15200 بجراح مختلفة واختناق بالغاز، منها 370 إصابة خطيرة، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، ومن بين الشهداء 16 طفلًا دون سن الـ18 عامًا، وسيدّة واحدة (مُسْعِفَة)، فيما كان من بين المصابين 2536 طفلًا، و1160 سيدة، ويستهدف جنود الاحتلال الطواقم الطبية والصحفيين بشكل مباشر ومتعمّد، ما أسفر عن استشهاد مسعف ومسعفة وصحفيَيْن اثنَيْن، وإصابة 231 مسعفًا و175 صحفيًا بالرصاص الحي واختناق بالغاز، إضافة لتضرر 40 سيارة إسعاف بشكل جزئي، دون أن يثير ذلك أي تضامن أو دعم أو احتجاج من نقابات الصحافيين أو المُمَرِّضِين أو المنظمات النّسْوِيّة أو منظمات الدفاع عن حقوق الأطفال، لأن هذه المنظمات الدولية المُسمّاة “غير حكومية” تهدف تفتيت قضايا الشعوب إلى أجزاء، وتنفي الروابط لمجمل القضايا الفرعية مع القضية الأم (وهي الإحتلال في حالة الشعب الفلسطيني)، وتجاهلت منظمات “حقوق الإنسان” هذه المجازر لأن شعار الإحتجاجات هو “حق العودة”، وهو شعار تعارضه وترفضه كافة منظمات حقوق البشر وحتى معظم المنظمات التي تَدّعِي “مساندة” الشعب الفلسطيني، وقَمعت قوات أمن فتح والسلطة مظاهرات الدّعم في الضفة الغربية، بتنسيق أمني وسياسي مع الإحتلال…

لم تتأثّر منظمات “حقوق الإنسان” والنّقابات “الغربية” بما يُعانية سكان غزة من حصار عسكري متواصل من حوالي 12 سنة، ونقص حاد في الماء والغذاء والدواء والمسكن (بفعل قصف وتهديم البيوت بشكل مُكثّف منذ 2008)، وفي خدمات الصحة والتعليم والطاقة والكهرباء، والصرف الصحي، والبنية التحتية، في أكثر بقاع العالم اكتظَاظًا بالسكان الذين يعيشون في ظل أعْلى نسب الفقر والبطالة ، لأن هؤلاء الفُقراء لا يتسوّلون بعض الغذاء والخيام وإنما يُطالبون بالعودة إلى وَطَنِهِم المُغْتَصَب…

 

المغرب العربي وأوروبا – علاقات غير متكافئة: أطلقت الولايات المتحدة والحلف الأطلسي، ويشمل أوروبا، حُروبًا عُدْوانية مُسْتمرّة منذ انهيار الإتحاد السوفييتي في العراق (مرة أولى سنة 1991 ومرة ثانية عند احتلال البلاد سنة 2003) والصومال ومنطقة البلقان (يوغسلافيا السابقة) خلال العقد الأخير من القرن العشرين، وأفغانستان وسوريا وليبيا ومناطق عديدة في غرب ووسط إفريقيا وفي مُحِيط الصحراء الكبرى (الغنية بالمعادن والموارد)، وأدت هذه الحروب المُسْتَمِرّة بدون توقف إلى تفتيت الدول وإلى انهيار الإقتصاد وتهجير ملايين البشر من مناطقهم، وكانت العراق وليبيا من البلدان المُستَضِيفَة للملايين من المهاجرين الذين انقطعت مواردهم مع أُسَرِهِم بفعل الحروب العدوانية التي تُشارك أوروبا في تنفيذها بحماس كبير، وكان من نتائج هذه الحُرُوب ارتفاع عدد الهاربين من الحرب والدّمار واللاجئين والمهاجرين الباحثين عن عمل في دول أوروبا (المُتَسَبِّبَة في خراب بلدانهم)، وتنتَقِي دّول أوروبا الغربية وشركاتها حاجتها من العاملين الشّبّان من ذوي المؤهّلات والخبرات، من إفريقيا أو من الوطن العربي أو من آسيا وكذلك من أوروبا الشرقية (أطباء ومهندسين وفَنِّيِّين في مجالات مُحَدّدَة)، وتستورد بعض القطاعات الإقتصادية الأوروبية العُمّال من بولندا ورومانيا والبرتغال وغيرها من البلدان الأقل ثَراءً، داخل الإتحاد الأوروبي، وتشغيل عدد محدود من العمال غير النظاميين في قطاعات البناء والمطاعم والرعاية (الأطفال والمُسِنِّين) والتنظيف وغيرها، وتشن وسائل الإعلام ومجموع الأحزاب البرلمانية حملة على المُهاجرين، لتحميلهم وزر الأزمة والمشاكل، وترويج أخبار زائفة عن جرائم السرقة والإعتداء والتّحرّش، معظمها مُخْتَلَق، بهدف الإلتفاف على المشاكل الحقيقية للعمال والأُجَراء والفُقَراء، وتوحيدهم وراء البرجوازية ضد عَدُوٍّ وَهْمِي، قِوامُهُ آلاف من الفُقَراء الذين لا يستطيعون الدّفاع عن أنفسهم… ضغط الإتحاد الأوروبي على بلدان المغرب العربي، لكي تتحمل نتائج الحُروب الأطلسية والأوروبية، وذلك بإنشاء معتقلات ضخمة للمهاجرين الذين تُطْرِدُهم أوروبا من حدودها، ولاعتقال من يُشْتَبَهُ في رغبته في الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط، واتّفقت دول الإتحاد الأوروبي (28 دولة بعد خروج بريطانيا) على فرض سلطتها في المغرب العربي، وكان رفض إيطاليا (التي يحكمها اليمين المتطرف) استقبال المهجرين على متن سفينة “أكواريوس” فرصة لزيادة الضّغُوط الأوروبية على بلدان الضفة الجنوبية للمُتَوَسّط، ولم تختلف الأحزاب الأوروبية والحكومات عن الهدفٍ، المُتَمَثِّل في غلق الحدود وإقْصاء الفُقَراء الغُرَباء (ضحايا جيوشهم وحروبهم)، بل في طريقة التعامل، لتنفيذ الإقصاء والطّرد ضد غير الأوروبِّيِّين، الذي يَعْتَبِرُهم الجميع يمثلون خطرًا وتهديدًا لأوروبا “البيضاءن والمسيحية”، واسْتَوَى في ذلك التيار اليميني المتطرف مع اليمين المعتدل والأحزاب التي تدعي “الإشتراكية”…

يضغط الإتحاد الأوروبي على دول المغرب العربي لإنشاء محتشدات ضخمة للمهاجرين، وتعزيز حراسة السواحل، واختفت مؤسسات الإتحاد الأوروبي وراء منظمات “غير حكومية” (مرتبطة بمؤسسات الإتحاد الأوروبي) تدّعي مساعدة المهاجرين، بتمويل أوروبي، وتُطالب حكومات دول المغرب العربي بتوفير “المُساعدة الإنسانية” للمهاجرين غير النِّظامِيِّين، وبما أن المؤسسات الضعيفة لاتحاد المغرب العربي بقيت مُجَمّدة منذ عُقُود، فإن دول المغرب العربي تجابه الإتحاد الأوروبي مُنْفَرِدَة، مما يخلق ثغرات وتناقضات واختلاف في الرّد على أوروبا الموحّدة، والتعامل مع رغبة أوروبا في تصدير مشاكل الهجرة الناتجة عن حُرُوبها العدوانية وعن هيمنة شركاتها على اقتصاد إفريقيا…  عن “واج” + أ.ف.ب 29/06/18

 

المغرب: شهدت منطقة “الرِّيف” (شمال المغرب) احتجاجات على الأحكام القضائية القاسية جدا ضد عشرات المُتّهَمين بالتظاهر خلال “حراك منطقة الرِّيف” (نهاية 2016 وبداية 2017)، كما صدرت أحكام ضد صحافيين ومناضلين في جمعيات مدنية، بتهمة عدم الوشاية بالمتظاهرين، ونفذت قوات الشرطة حملة اعتقالات جديدة، في عدد من المدن، حيث يشارك الشبّان بكثافة في الإحتجاجات بسبب ارتفاع بطالة الشباب، حيث أظهرت إحصاءات رسمية ارتفاع عدد العاطلين من 1,09 مليون سنة 2016 إلى 1,123 مليون عاطل مُسجّل رسميا سنة 2017 (وهي أرقام دون الواقع بكثير) فيما ترتفع نسبة البطالة لدى خِرِّيجِي الجامعات إلى 17% من إجمالي عدد العاطلين “المُعْتَرَفِ بهم”، وارتفع حضور الشباب في الإحتجاجات الشعبية بسبب غياب الخطط والآفاق وتجميد التوظيف الحكومي وارتفاع حصة الإقتصاد الموازي من الناتج المحلي الإجمالي، وإلغاء صندوق الدعم (المقاصة) مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الإستهلاكية والمحروقات والماء والكهرباء… عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أ.ف.ب 30/06/18… نشرت منظمة “أوكسفام” في بداية سنة 2018 تقريرًا عن الفقر وتعميق الفجوة بين الأثرياء والفُقراء في المغرب، حيث يعادل مستوى عيش الأغنياء 12 ضعفًا لمستوى عيش الفُقراء، وتُقدّر ثروة ثلاثة أثرياء  (عثمان بنجلون وعزيز أخنوش وأنس الصفريوي) بنحو 4,5 مليارات دولارا سنويأ أو ما يُعادل دخل 375 ألف من فقراء المغرب، الذين يعيش قرابة 1,6 مليون شخص منهم تحت عتبة الفقر المدقع، ويتهدد الفقر 4,2 مليون شخص، من إجمالي 35 مليون نسمة (منهم حوالي ستة ملايين يعيشون خارج البلاد)، ولا يتجاوز الدّخل السنوي لنصف السكان 1200 دولارا سنويا، كمتوسط لأن الدخل السنوي لنصف سكان المناطق الريفية لا يتجاوز 870 دولار، وترتفع نسبة البطالة في القُرى والأرياف إلى حوالي 55%، فيما يعاني أكثر من 30% من سكان البلاد من الأمِّيّة (60% من النساء)…عن “أوكسفام” 22/01/18

 

المغرب، العصا بدون جزر: تعيش مدينة “الحُسَيْمة” (شمال البلاد) حصارًا أمنيًّا منذ أكثر من سنتين، وازداد حضور قوات القمع بعد صدور الأحكام القَضائية القاسية ضد معتقلي “حراك الريف”، وما تلاها حملات الإستنكار ومن تظاهرات شعبية مُنَدّدة في مختلف أنحاء البلاد، وتجاوزت بعض التّصريحات ما كان مُحَرّمًا بتحميل الملك مسؤولية الأحكام الجائرة، باعتباره “رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء”، ومسؤولية مُعالجة القضايا السياسية والإقتصادية بوسائل أمْنِيّة، وما “حزب العدالة والتنمية” (الإخوان المسلمون) الحاكم سوى واجهة لديمقراطية زائفة، وجهاز يُدِيرُ الشّؤون اليومية للأزمة في بلد يُصَنِّفُه البنك العالمي والأمم المتحدة كبلد متخلّف في مجالات التنمية، حيث يعيش حوالي 30% من الرعايا بأقل من دولار واحد في اليوم، وهو في مراتب متأخرة في مجالات صحة الأم والطفل والتعليم حيث يغادر مليون طفل المدرسة قبل نهاية التعليم الأساسي ويعاني 70% ممن يواصلون التعليم ويتخرجون من الجامعة، من البطالة، فيما يتجاوز معدل الأمية 30% من الرّعايا، وفق بيانات رسمية، ولا يتوقع صندوق النقد الدولي أن تتجاوز نسبة النمو 2,5% سنة 2018… هذه هي المشاكل الحقيقية لأغلبية الشعب المغربي، وهي الأسباب الحقيقية لانطلاق الاحتجاجات وانتشارها في مختلف مناطق البلاد، بنفس الشعارات تقريبا، للمطالبة ببرامج تنْمِية وبوظائف وبمستشفيات وبحياة كريمة، من “حراك الريف” الذي انطلق من مدينة “الحسيمة” (تشرين الأول/اكتوبر 2016) لفترة فاقت تسعة أشهر، إلى احتجاجات مدينة “جرادة” المنجمية (شمال شرق البلاد) خلال الربع الأخير من سنة 2017… تحْظى الدولة المغربية بدعم الإمبريالية الأمريكية والأوروبية، في إطار المقاربة الأمنية لمشاكل العالم، بذريعة “مكافحة الإرهاب”، ويُشارك جيش المغرب في العدوان على الشعوب العربية (وآخرها في اليمن)، فيما تكثّفت برامج التعاون والتنسيق مع المخابرات الأمريكية، ويمتلك الجيش الأمريكي قاعدة جوية في “طان طان”، وقاعدة أخرى في إطار البرنامج العسكري الأمريكي لقارة إفريقيا (أفريكوم)، فيما تقدم المخابرات المغربية خدمات عديدة لمخابرات فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا، حيث تتواجد جاليات هامة من المُغْتربين المغاربة، مما يُفَسِّرُ غياب (أو ضُعْف) الإهتمام بما يُدرج في إطار “حقوق الإنسان”، وبمشكلة الصحراء الغربية (الغنية بالثروة السّمكية وبالمعادن، كالفوسفات) التي جعلت المغرب من أكبر مُصَدِّرِي الفوسفات في العالم، بل بلغ الأمر بالحكومة الفرنسية حَدّ تكريم أحد َ المسؤولين في وزارة الدّاخلية عن انتهاك حقوق الإنسان في المغرب، واستغلت الدولة المغربية هذا الدّعم الخارجي، وفَزّاعَة الإرهاب لتشديد القبضة الأمنية وللتضييق على ممارسة الحريات الأساسية، ومحاولة خَنْق العمل النقابي والسياسي والإعلامي، بدل البحث عن حُلُول للمشاكل الإقتصادية وما ينجم عنها من مشاكل اجتماعية… استهلك القَصْر المَلَكِي (الحاكم الفعلي للبلاد أو “المَخْزَن” كما يُسمّى في المغرب) كافة الأحزاب، وآخرها حزب العدالة والتنمية (الإخوان المسلمون)، دون أي تَغْيِير في أساليب الحكم وفي مُقارَبَة الحلول لمشاغل الفئات الكادحة والفقيرة من الشعب… عن “هيئة الدفاع عن معتقلي حراك الريف” + “اللجنة الإستشارية للجهوية” 01 و02/07/18

 

تونس– الدّولة في خدمة القطاع الخاص: أعلنت حكومة تونس إنها تحتاج قروضًا أجنبية بقيمة ثلاثة مليارات دولارا لتقليص عجز ميزانية سنة 2018، وأعلنت الوكالة الرسمية (وكالة تونس افريقيا للأنباء- وات) يوم الخميس 28 حزيران 2018 “إن البنك العالمي وافق على قرض جديد قيمته 500 مليون دولار لدعم الإصلاحات الاقتصادية في تونس”، واقترضت الدولة هذا المبلغ لتستفيد منه شركات القطاع الخاص، أي إن الحكومة تخفض قيمة الدّعم للمواد الأساسية (الغذاء والطاقة والنقل…) وتقترض لتدعم شركات القطاع الخاص التي لا تتقاسم الأرباح لا مع الحكومة ولا مع المواطنين، فيما يُسَدِّدُ المُواطن الأجير والعامل قيمة القرض والفوائد والمصاريف الأخرى (خدمة الدّين)، وَوَرَدَ في تفاصيل الخبر إن القرض “يستهدف النهوض بالاستثمارات الخاصة وخلق الفرص للشركات الصغيرة، ولتبسيط إجراءات الاستيراد والتصدير وفتح قطاعات أمام الاستثمار وتسهيل الحصول على الائتمان للشركات الصغيرة وخلق قطاع طاقة أكثر استدامة وأقل تلويثا للبيئة…” وأُضِيفَتْ جُمْلَة نَشاز أو خارج الموضوع، وهي “… وحماية الأسر الفقيرة”، وهي حشْو، ولا مكان لها في هذا الإطار، من جهة أخرى كيف سَتُنْجِزُ الحكومة هذه القائمة الطويلة من المهام بمبلغ 500 مليون دولار فقط؟ رويترز 28/06/18 

 

تونس: رفعت حكومة الإئتلاف بين الإخوان المسلمين و”الدّساترة” (أتباع بورقيبة وبن علي) ورجال الأعمال أسعار المواد الأساسية والخدمات عدة مرات في إطار شروط صندوق النقد الدولي، فارتفعت أسعار الحليب ومشتقاته، وفي مجال الطاقة، ارتفعت أسعار الوقود، وكذلك أسعار الكهرباء بنسبة 10% في بداية 2014 وبنفس النسبة منتصف 2014، وبنسبة 10% أيضًا في آذار/مارس 2017، وأدرجت الحكومة زيادة أسعار الكهرباء في ميزانية 2018، ولكن الحكومة ادّعت إن الزيادة ناتجة عن ارتفاع أسعارالمحروقات في السوق العالمية، وعن ارتفاع عدد المواطنين الذين لم يُسَدِّدوا مستحقات شركة الكهرباء، والواقع إن هذه الزيادة الأخيرة تندرج ضمن مجموعة زيادات أمر بها صندوق النقد الدولي، مقابل قرض بقيمة أقل من ثلاثة مليارات دولار، وتتضمن إلغاء الدّعم وزيادة سعر المحروقات كل ثلاثة أشهر، وخفض قيمة الدِّينار وزيادة الضرائب على الرواتب (مع خفضها على الثروات والمُضاربة، بذريعة “تحسين بيئة الأعْمال”) وزيادة الضرائب غير المباشرة، وزيادة سنوات العمل قبل التقاعد وخفض قيمة المعاشات، وعدم تعيين موظفين في القطاع الحكومي منذ ثلاث سنوات (بعد أن عين الإخوان المسلمون 75 ألف من أقاربهم وأعضاء حزبهم، دون تطبيق الشروط القانونية والمؤهلات والخبرة ومستوى التعليم…) وتسريح خمسين ألف موظف حكومي، وأعلنت الحكومة برنامج “المغادرة الطّوعية” الذي يستهدف خفض عدد موظفي القطاع العام بنسبة 20% خلال ثلاث سنوات، وبنحو 20 ألف موظف قبل نهاية العام 2018، ولكن أحد أعضاء الحكومة لاحظ عدم إقبال الموظفين على هذا البرنامج، الهادف إلى خفض حجم رواتب القطاع العام بنسبة 3,5% بحلول 2020، رغم النقص الكبير في العديد من القطاعات الحيوية، من بينها الصحة والتعليم، مِمَّا تسبَّب في تردّي الخدمات…

أدّى تطبيق برامج التّقشّف والحَد من الإنفاق الحكومي وزيادة الأسعار إلى نشوب خلافات مع قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل (نقابة الأجراء) التي شاركت في تنصيب الحكومة الحالية، ولكن التحالف بين قيادة ممثلي الأجراء وحكومة أرباب العمل وصندوق النقد الدولي لم يَصْمُدْ أمام نضالات النقابيين وإصرار الحكومة على تمثيل مصالح الأثرياء، دون غيرهم، بينما اضطرّت قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل للإحتجاج (اللطيف و”الحَضاري” و”السّلمي” و”المدني”، كما يحلو للأمين العام ترديده) على ارتفاع الأسعار، وعلى تردّي وضع الأُجَراء، لكن رئيس الحكومة موظف أمريكي سابق (وربما حالي أيضًا) وخرّيج مدرسة الليبرالية “المتوحّشَة”، ولا يهتم بقضايا الأُجراء والعُمّال والفُقراء…  (الدولار= 2,6 دينار) عن وكالة “وات” (رسمية) + موقع صحيفة الشعب” (الإتحاد العام التونسي للشغل) من 26 إلى 29/06/18

 

مصر، برنامج إِفْقَار: أعلنت الحكومة برنامجها (يوم الثلاثاء 03 تموز/يوليو 2018) أمام أعضاء البرلمان الذين يُتْقِنُون فُنُون الإنبطاح والموافقة على كل ما تَطْرَحُهُ الحكومة، بصفتها مُمَثِّلاً للمصالح الأجنبية، ولبعض الشركات والأثرياء في الداخل، وللمؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي، وأوْرَدَ بيان رئيس الوزراء إن الحكومة ستواصل تنفيذ ما تبقّى من ما يُسَمِّيهِ “برنامج الإصلاح الإقتصادي”، وهو يَعْنِي بالنسبة للمواطنين زيادة الأسعار وزيادة الضرائب، أما في لغة الحكومة وصندوق النقد الدولي، فإن هذه الكارثة تهدف “زيادة إيرادات الحكومة” (من أُجُور وضرائب الفقراء والعُمال والفئات متوسطة الدّخل)، وخفض نسبة الدين الحكومي (الذي لم تسْتَفِدْ منه الفئات التي تَضْطَرُّ إلى تسديده)، وصَرّح رئيس الوزراء بدون حياء زيادة تحصيل حوالي ملْيَارَيْ دولار إضافية من الضرائب غير المباشرة بحلول سنة 2022 (أي التي يسددها الفقير والغني دون مراعاة مستوى الدّخل) من الخدمات العامة (النقل والماء والكهرباء والغاز وخدمات الصرف الصحي، والتعليم والصّحة العمومية…) واقتراض قرابة 12 مليار دولارا من الصناديق السيادية والإقليمية والدولية، وهو أمر يتناقض مع “خفض معدلات الدين وحدمة الدين إلى أقل من 90% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية ميزانية 201962020 (أي بحلول شهر حزيران/يونيو 2020) وخفض معدلات عجز الموازنة وغير ذلك من تكرار لشروط صندوق النقد الدولي… عن أ.ش.أ 04/07/18 

 

سوريا: بدأت السلطات السورية تخَطِّطُ لمرحلة “ما بعد الحرب” و”إعادة الإعمار”، ويندرج “المرسوم رقم 10” في هذا الإطار، ولكنه أثار جدلاً كثيرًا، ويرى البعض إنه مُتَسَرّع ولا يُمَكِّنُ النازحين واللاجئين من تثبيت ملكيّاتهم للأرض والمساكن من المناطق المدمّرة، ويرى البعض أنه فُرصة للإنتهازيين، وأثرياء الحرب، للإستيلاء على أملاك الغير، مستغلين الخراب ومآسي المُهَجّرِين بسبب الحرب… بلغت اعتمادات موازنة الدولة حوالي 754 مليار ليرة سنة 2010، أو ما يُعادل آنذاك 16,5 مليار دولار، وبلغت نحو 3187 مليار ليرة، أو ما يعادل 6,3 مليار دولار أمريكي (بسبب انخفاض سعر صرف الليرة) في موازنة 2018، مما يعني ارتفاع العجز التّراكمي بين سَنَتَيْ 2011 و2018، وانخفاض الناتج المحلي بحوالي 45% وفق البيانات الرّسمية التي قَدّرت خسائر الحرب بقيمة 275 مليار دولار، فيما توقعت دراسات البنك العالمي ارتفاع الخسائر المتراكمة طيلة فترة الحرب (التي لم تنته) إلى 13,2 ضعف الناتج المحلّي، إذا دامت هذه الحرب عشر سنوات (حتى 2021)، قياسًا على البيانات المتوفرة، ومنها تراجع الإيرادات العامة بين سنتي 2011 و2018 بنحو 63%، من 3187 مليار ليرة سنة 2011 إلى 2379 متوقعة سنة 2018 (بعجز قدره حوالي 808 مليار ليرة بين الإيرادات والإنفاق)، وتعمل الحكومة منذ بداية الحرب على تمويل النفقات بالعجز (مما يخلق العجز التّراكُمِي من سنة إلى أخرى)… يَجُرُّنا ذكر هذه الأرقام إلى طرح سؤال: كيف سَتُمَول الحكومة إعادة الإعمار، وكيف ستتمكن من تغطية العجز المتراكم؟ هل ستلجأُ إلى الإقتراض الخارجي من دائنين مثل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، بشروطهما المُجْحِفَة، ووضع البلاد تحت وصايتهما؟

أدّت الحرب إلى شلل القطاعات المُنْتِجَة، فقد بلغت قيمة  صافي الناتج المحلي في القطاع العام الصناعي سنة 2014 قرابة 578 مليار ليرة، وانخفضت هذه القيمة إلى 352 مليار ليرة عام 2015، ثم ارتفعت قليلا سنة 2016 لتصل إلى 521 مليار ليرة (بالأسعار الجارية)، في ظل تَبَخّر إيرادات تصدير النفط الخام، وإيرادات السياحة، بينما ارتفعت قيمة تحويلات اللاجئين والمهاجرين السوريين في الخارج لمساعدة أُسَرِهم إلى حوالي أربعة ملايين دولارا في اليوم، لكن هذه المبالغ لا تمر عبر النظام المصرفي السوري، بل تُغَذِّي السوق المُوازية بالعملة الأجنبية، كما أدّت الحرب (مثل كل الحروب) إلى نمو شريحة “أثرياء الحرب”، مما يُهمِّشُ القطاعات المنتجة ويُنَمِّي حصة قطاعات السّمْسَرة والمُضاربة والتّهريب والإستيلاء على أملاك النازحين والمُهَجّرِين واللاجئين خارج البلاد، وهي المسائل التي لم يَعْمل “المرسوم رقم 10” على حلِّها بشكل مَرْضِي… وردت معظم البيانات من المكتب المركزي للإحصاء + موقع “السفير العربي” 28/06/18

 

لبنان: رغم الأثر الإيجابي لتحرير جرود منطقة “عرسال” من الإرهاب، تأثّر اقتصاد لبنان الهش (باستثناء القطاع المصرفي أو المالي) سلْبًا بالحرب على سوريا، من 2011 إلى 2017، وازدادت حدّة الرّكود، وتراجعت قيمة الصادرات وانخفض استهلاك الأُسَر وبلغت نسبة النمو 0,8 سنتي 2015 و 2016 وقرابة 1,5 %سنة 2017، وادّعت الحكومة إن الحل السّحرِي يكمن في “تنفيذ قانون الشراكة بين القطاعين الخاص والعام”، أي استفادة الشركات الخاصة والأثرياء من المال العام ومن الإستحواذ على الأملاك والشركات العمومية بمقابل رَمْزِي، وضخ المصرف المركزي المال العام في خزينة الشركات الخاصة بفائدة ضعيفة، من جهة أخرى ارتفعت تحويلات المُغْتَرِبين اللبنانيين (بشكل رسمي، وعبر النظام المصرفي) إلى 466 مليون دولار سنة 2017، وأهم مصادرها الولايات المتحدة ثم السعودية، وارتعت قيمة التّحويلات رغم تأثّر المغتربين بتراجع سعر النفط في الخليج وتداعيات الأزمة المالية في العالم منذ 2008، ولكن هذه التحويلات لا تتجه نحو قطاعات منتجة، بل تبقى في شكل “وَدائع” يستفيد منها القطاع المصرفي بشكل رئيسي، ثم القطاع العقاري (السكن) واستهلاك أسرهم، مما يُفِيد قطاعات مثل التجارة والقطاعات الخاصة في الصحة والتعليم، ونادرًا ما يستثمر المغتربون في الصناعة والزراعة، أو حتى في الفنادق، وتُساهم تحويلات المغتربين في زيادة حجم احتياطي العملة الأجنبية وتغطية عجز ميزان الدفوعات والميزان التجاري… عن أ.ف.ب 29/06/18

 

السعودية: كَثَّفَت السُّلُطات حملات القمع والإعتقال ضد كافة أنواع الناقدين والمُعارضين والنساء المُطالِبات ببعض الحقوق، بالتوازي مع ابتزاز بعض أنواع الأثرياء، لتمويل العجز، ولتعزيز سلطة شقٍّ من الأُسرة الحاكمة بزعامة محمد بن سَلْمان، ولكن الإعلام السعودي وبعض الإعلام “الغربي” المُرْتَشِي يُرَكِّز على بعض القُشُور، والإجراءات التي تتعلّق بالمَظَاهر، مثل “السّماح للنساء بقيادة السّيّارات” (في مقابل تَجاهُل النساء المُطالِبات بالعمل وبالحريات وبالمساواة…)، وشاركت معظم الصحف البريطانية والأمريكية المعروفة في حملة “البروبغندا” الرسمية التي تَدّعِي قيام “ثورة” في السعودية، بقيادة محمد بن سلمان (الحاكم الفِعْلِي للبلاد)، وخلال اليوم الأول لقيادة المرأة للسيارة في السعودية، برهنت وسائل الإعلام السعودية (في الداخل والخارج) على سخافتها وانحطاطها، وخاضت مباراة تَطْبِيل وتَضْلِيل وتَمَلُّق وإِسْفَاف “للرجل الثوري محمد بن سَلْمان”، الذي لم يَسْلَمْ من قَمْعِهِ وابتزازِهِ حتى أعيان آل سعود، والذي يَقُود عملية تطبيع علنية وسريعة مع الكيان الصهيوني، وآخرها لقاء محمد بن سلمان ونتن ياهو في الأردن (وفق صحيفة “معاريف” الصهيونية وصحف أردنية)، وأصبح مُمَثِّلُو النّظام السعودي يدعون جهارًا إلى “التكامل السعودي الإسرائيلي في مواجهة إيران”، والإتفاق مع الإدارة الأمريكية المُتَصَهْيِنة على تنفيذ مخطط تصفية القضية الفلسطينية، ليُصْبِح هذا “التّكامل” تحالُفًا استراتيجيًّا بين آل سعود (وإخوانهم في الخايج) وآل صهيون، برعاية أمريكية، وما مشروع “نيوم” السعودي والتفريط المَصْرِي بجزيرتَيْ البحر الأحمر (تيران وصنافير) سوى بدايات لتنفيذ مخطط “صفقة القرن”، ومخطط نَفْي الفلسطينيين في صحراء سيناء، وتصفية القضية الفلسطينية… لا علاقة للصُّدْفَة في تزامن زيارة “جاريد كوشنير” (صهر الرئيس الأمريكي) ولقاء بن سلمان مع رئيس حكومة العدو، وإعلان كوشنير تأييده لتعزيز حركة التجارة وتبادل السلع، عبر خطّة ما سَمّاه الإعلام الصهيوني “قطار السلام” الذي سيعتمد بمساره على سكة الحجاز التي كانت تربط ميناء حيف بالجزيرة العربية، خلال فترة الإحتلال العُثْماني، بهدف “إِنْعَاش وتوسيع نطاق التجارة بين دول الخليج وموانئ البحر المتوسط (أي موانئ فلسطين المحتلة) لتحقيق السلام الاقتصادي في الشرق الأوسط، وربط مصالح دول المنطقة مع إسرائيل ضد التهديد الإيراني”، وكان وزير النقل والإتصالات في حكومة العدو أكثر وُضُوحًا، حين صرح “إن خطة سكك الحديد ستعزز اقتصاد دولة إسرائيل ووضع إسرائيل في المنطقة أولاً، وستعزز محور إسرائيل الإقليمي والإقتصادي مع الدول السنية المعتدلة في مواجهة إيران”، وتُعْتَبَرُ الأردن محطة هامة في هذه الخطّة، لتصبح متعاقدة من الباطن مع الكيان الصهيوني، وسيرتبط نظام السكة الحديدية مع النقل البري انطلاقًا من الأردن، “لتهيمن إسرائيل على حركة النقل والتجارة بين أوروبا والبحر الأبيض المتوسط والأردن والسعودية ودول الخليج والعراق…” وفق صحيفة “يدعوت احرونوت” الصهيونية 24/06/18

 

السعودية ولاية أمريكية؟ أَمَر الرئيس الأمريكي (الحاكم الفِعْلِي للسعودية وغير السعودية من بلاد العرب) آل سعود بزيادة إنتاج النّفط بمقدار مليونَيْ برميل يوميا، ليتحول اتخاذ قرار حجم الإنتاج من مقر “أوبك” في فينا أو من الإتفاق بين ممثلي الدول المنتجة والمُصَدِّرَة إلى البيت الأبيض، ويهدف الرئيس الأمريكي إلى استباق تطبيق الحظْر على إيران، لتعويض جُزْءٍ من إنتاجها، إضافة إلى النقص الحاصل في إنتاج بعض البلدان (ليبيا وكندا وفنزويلا…) والذي ساهم في رفع سعر برميل النفط الخام، وقدّرت وكالة الطاقة الدولية (وهي مؤسسة خاصة تُقَدّم المَشُورة للدول الغنية المُستوردة للنفط)، إن السعودية وأخواتها في الخليج غير قادرة حاليا على تعويض الصادرات الإيرانية التي تفوق 2,6 مليون برميل يوميا، وقدرت الوكالة نقص النفط الإيراني في الأسواق لسنة 2019 بحوالي 900 مليون برميل يوميًّا، وكانت فنزويلا تضخ نحو مليون برميل يوميا في الأسواق، قبل الإضطرابات التي تَدوم منذ أكثر من سنتيْن بدعم أمريكي… من جهة أخرى، نشرت وزارة اقتصاد أسرة آل سعود بيانات عن القوة العاملة، يجب تناولها بحذر شديد، لأن السعودية مُخْتَصّة في تناقض البيانات الصادرة جميعها عن “جهات رسمية”، وبلغ عدد المشتغلين 13,33 مليون شخص، منهم 10,18 ملايين أجنبي (أو نسبة 76,4% من إجمالي العاملين) و3,15 ملايين من الرّعايا (بنسبة 23,6%)، ورغم برامج “السّعْوَدَة” أو “التّوْطِين” (أي تعويض العمال المهاجرين بسعوديين) والحملات المَسْعُورَة والمُمارسات البِدائِية ضد المهاجرين واتهامهم بتحويل كثير من الأموال إلى ذويهم في بلادهم، فإن معدل البطالة بين السعوديين قد ارتفع، وفق البيانات الرّسمية من 12,8% خلال الربع الأخير من سنة 2017 إلى 12,9% خلال الربع الأول من سنة 2018،  وبلغ معدل البطالة 7,6% بين الذّكور و 30,9% بين النّساء، وفق وزارة الإقتصاد التي أعلن بيانها استهداف خفض معدل البطالة إلى نحو 10,6% سنة 2020، وإلى 7% سنة 2030 عند اكتمال فترة برنامج “رؤية 2030” الذي أعدته شركة الإستشارات الأمريكية “ماكنزي” وقدمه محمد بن سلمان كبرنامج يهدف “إصلاح الإقتصاد السعودي”… عن “وول ستريت جورنال” + “رويترز” 04/07/18

 

السعودية– خَلْفيّات قرار السماح بقيادة المرأة للسيارات: أجَازَتْ أُسْرَةُ آل سعود في أيلول/سبتمبر 2017 قيادة النساء للسيارات، وبدأ تنفيذ القرار يوم 24/06/2018، واعتبرته مؤسسة “هيومن رايتس ووتش” (تمويل وزارة الخارجية الأمريكية) انتصارًا كبيرًا للمرأة السعودية، رغم الحملة القمعية التي تعرضت لها نساء (ورجال) ليبراليات وديمقراطيات، منذ شهر أيار 2018، لا يزلن في السجن، أو ممنوعات من السّفر، ورغم حرمان المرأة من عديد الحقوق، وبقائها “قاصرة” تحت سلطة “وِلاَيَة” أو وصاية الرّجل (تخضع لوصاية الأب أو الأخ أو الزّوج لتتمكن من التعليم والعمل والزواج والسفر والعلاج والتصرف في أموالها…)، ونشرت الصحف صور البعض ووَصَمَتْهُنّ بالخيانة، ومجموعة من الرجال اعتقلوا في بداية شهر حزيران 2018، في إشارة إلى أن أي تغيير هو “منحة” من الأسرة الحاكمة، وهي وحْدَها من يمنع أوْ يَسْمَحُ بأي شيء، ولا حَقَّ لأحَدٍ أن يُطالِب بالحرية أو الكرامة أو المُساواة، ولا تستفيد النساء المُضْطَهَدات والفقيرات من السماح بدخول الملاعب وقيادة السيارات، وهي إجراءات ضرورية، لكنها تصب في مصلحة فئة ثرية أو ميسورة من المجتمع، ويُخْفِي القرار عملية “تَبْيِيض” الدّكتاتوية والقمع، كما يُخفِي أهدافًا اقتصادية أُخْرى، حيث يُشَكِّل جُزْءًا من برنامج “رؤية 2030” الذيأَعَدّته شركة “ماكنزي” الأمريكية للإستشارات، وسبقت هذا القرار حملات عنصرية ضد العُمّال الأجانب الذين يشتغل أكثر من مليون منهم (1,4 مليون) في سياقة سيارات السعوديين (وخصوصًا السّعوديات)، والإدعاء “إنهم “يستنزفون الاقتصاد السعودي، وتبلغ رواتبهم 334 مليار ريال سعودي سنويًّا”، وفق أحد أبناء الملك الحالي للسعودية، وكتبت الصحف السعودية إن متوسط أجر السائق الأجنبي لا يتجاوز 400 دولارا شهريا، مقابل العمل سبعة أيام في الأسبوع على مدار الساعة (بمتوسط 14 ساعة عمل يوميا، لكنهم على ذمة الأسرة طيلة أربع وعشرين ساعة)، ومنذ انخفاض أسعار النفط، تشن السلطات السعودية وإعلامها حملات تُضَخِّمُ وتُهَوِّلُ من قيمة تحويلات أموال العمال المهاجرين إلى أُسَرِهم في بلادهم، وتتهمهم بالسرقة والإحتيال وغير ذلك من التُّهَم والإدّعاءات الزائفة، وترافَقَ تطبيق القرار مع تصفية منافسي وخُصُوم محمد بن سَلْمان، داخل الأسرة الحاكمة، وإعلان حملة عِشْق سعودية للصهيونية وكيانها الذي يحتل فلسطين، وحملة إعلامية مُغْرِضَة ضد إيران (التي أصبحت العَدو الرّئيسي) ومع تكثيف العُدْوان ضد شعب اليمن…

أعلنت وسائل الإعلام السعودية في الدّاخل وفي الخارج، “إن هذا القرار سيوفر نفقات عديدة، مثل أُجْرَة السّائقين، وسَيُوَفِّرُ قرابة عشرة آلاف وظيفة إضافية للنساء” في ظل حملة “السَّعْوَدَة” أو “التّوْطِين”، أي تعويض الأجانب بسعوديين في عدد من المِهَن والقطاعات.  

تشمل خطة “رؤية 2030” خفض معدل البطالة الرّسمية من 11,6% إلى 7% وزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة من 22% إلى 30% (مع الإعتذار على تَضارب الأرقام والنّسب، رغم صُدورِ جميعها عن جهات “رسْمِيّة”، حيث ورد في وثيقة أخرى إن مشاركة المرأة بلغت 20,9% من القوى العاملة خلال الربع الأخير من سنة 2017)، ويتوقع “مركز الخليج للأبحاث” أن يُمَكِّنَ القرار الجديد قرابة 430 ألف امرأة عاطلة عن العمل من المساهمة الفعلية في القوى العاملة والاقتصاد، خلال السنة الأولى وحوالي 1,5 مليون خلال خمس سنوات، مقابل خفض عدد السائقين الأجانب (خصوصا من بنغلادش والهند) من نحو 1,4 مليون إلى النصف خلال السنة الأولى من تطبيق القرار، مع محافظة عدد هام منهم على وظائفهم، السائق لنقل الأطفال إلى المدارس…

تَتَوَقَعُ شركات إنتاج السيارات -وجميعها أجنبية، ومنها “نيسان” و”تويوتا” اليابانيتان و”بي إم دبل يو” الألمانية و”هيونداي” من كوريا الجنوبية- أن يرتفع الطلب على السيارات بنسبة تتراوح بين 15% و 20%، وسيرتفع توريد السيارات من 750 ألف سيارة سنويا سنة 2017 إلى حوالي 1,5 مليون سيارة سنويا، لأن القرار سوف يُضِيف نحو تسعة ملايين سائق (سائقة) سيارة محتمل، ومن بينهم 2,7 مليون امرأة غير سعودية، وسترتفع ما تُسَمّى “كثافة السيارات” (أي ملكية وسياقة السيارات) من 220 سيارة لكل أَلْف بالغ سنة 2017 إلى نحو 300 سيارة لكل أَلْف بالغ سنة 2025، لتقترب السعودية من الإمارات، وتمتلك الأُسَر السعودية من الفئات الميسورة، أو حتى المتوسطة سيارتان في المُعدّل، وتُشَكّل السيارات المُسمّاة “رياضية” نحو 20% منها…

تُقَدِّرُ شركة “برايس ووترهاوس كوبرز” للاستشارات عدد النّساء السعوديات اللاتي يمكنهن قيادة السيارات بنحو 1,51 مليون امرأة، وتتوقع أن يرتفع عدد النساء السائقات على الطرقات إلى ثلاثة ملايين بحلول عام 2020، مما سيزيد من إيردات شركات تعلم قيادة السيارة، وزيادة عدد الوظائف لمُدَرِّبِي قيادة السيارات، ومن مبيعات السيارات الجديدة التي انخفضت بنسبة 22,3% سنة 2017 بسبب انخفاض دخل الموظفين والفئات الوُسْطى، وبسبب انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0,5% إثر انخفاض إيرادات النفط،وتأقلَمت شركة فورد مع الوضع الجديد، فَدَرّبَتْ عددا من الموظفات، اللواتي عملن في السابق في المكاتب الخلفية، ليتمكنَّ من مساعدة النساء الراغبات في شراء سيارات جديدة.  

من جهة أخرى، بدأ النّقاش في أوساط السّلطة والمُثَقَّفِين حول قيادة المرأة للسيارة ومساهمتها في الإقتصاد، منذ العقد الأخير من القرن العشرين، واعتبر الرّافضون “إن المجتمع غير مُؤَهّل” لقبول تَحرّر المرأة، رغم نسبية هذا التحرّر ورغم اقتصاره على الفئات الميسورة، واضطر المؤيّدون إلى إظْهار “الفوائد الإقتصادية”، خصوصًا بعد انخفاض موارد الدولة من إيرادات النفط (منذ منتصف 2014)، وانخفاض معدل نمو دخل الأُسَر بحوالي 6% خلال أقل من خمس سنوات، وقَدّم المُؤَيِّدُون حُجّة “تخفيف عبء نفقات النّقل على الأسر وارتفاع دخلها، دون إثقال ميزانية الدولة، بل بفضل تخلي العائلات عن السائق، مما سيحقِّقُ دخلا إضافيّا وارتفاعًا لطاقة استهلاك الأُسَر، وإفادة الإقتصاد السّعودي…” وإلى “تشجيع النساء على العمل مكان الأجانب، حيث تُسَدِّدُ النساء العاملات حوالي 50% من رواتبهن للنقل، أما النساء غير العاملات فإنهن تصبحن من المستفيدات من معاشات الضمان الإجتماعي، مما يُثقل عبء نفقات الدّولة…”، وقدّرت عديد الدراسات أن أكثر من مليون امرأة سعودية في حاجة إلى وسيلة نقل آمنة للذهاب إلى العمل، وإن السماح للمرأة بقيادة السيارة سيحرم حوالي 500 ألف سائق أجنبي من العمل، ومن يفقد عمله، يضطر إلى مغادرة السعودية، وبلغ العدد الرسمي للعاملين الأجانب في السعودية سنة 2014  أكثر من 10,7 ملايين (وفقًا لدائرة الإحصاء الرسمية)، ويتضمّن برنامج “رؤية 2030” خفض هذا العدد (الذي تجاوز 11 مليون سنة 2016)، عبر إجبار السعوديين على قُبُول بعض الأعمال التي كانوا يرفُضُونها، وعبر الضغط على الشركات الخاصة لزيادة الرواتب، وكذلك عبر تشغيل النساء، وهو الإطار الذي يندرج ضِمْنَهُ قرار “السّماح” للنساء بقيادة السيارات، حيث تمثل النّساء نسبة 49,6 % من المتخرجين الجامعيين في السعودية، لكنهن لا تُمَثِّلْنَ سوى 16% من القوى العاملة، وقَدّرت دراسة صادرة عن “أوكسفورد بزنس غروب”، إن رفع نسبة النساء إلى 40% من قوة العمل سيزيد عائدات الشركات السعودية بقيمة 58 مليار دولارا، ويرفع الناتج المحلي الإجمالي بقيمة حوالي 17 مليار دولار سنويا… من جهة أخرى، استخدم المُؤَيِّدُون للقرار بيانات صدرت عن البنك العالمي، تُصَنِّفُ السعودية سنة 2012 كثاني أكبر دولة في تحويل الأموال إلى الخارج في العالم بقيمة 27,6 مليار دولارا سنويا (انخفض سنة 2017 إلى حوالي 21 مليار دولارا بفعل انخفاض الرواتب وارتفاع أسعار الإستهلاك والطاقة وإيجار السكن…)، بعد الولايات المتحدة، ويتوقّع المُتفائلون السعوديون انخفاض التحويلات إلى الخارج بدخول المرأة “سوق” العمل…(دولار = 3,75 ريال سعودي) عن “مركز تشاتام هاوس” + روسيا اليوم + هيومن رايتس ووتش + رويترز من 28 إلى 30/06/18

 

إيران: نجحت الحرب الإقتصادية الأمريكية في تصعيد الموقف ورَفْعِ حِدّة التّوتّر في إيران، وأدّى هذا التصعيد العدائي إلى تراجع سعر العملة، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وزيادة نسبة التّضخّم وإلى احتجاجات التّجّار، وحاول الرئيس الإيراني تهدئة الوضع، مُصَرِّحًا “إن الأزمة ظَرْفِيّة، ناتجة عن حرب اقتصادية ونفْسِيّة تَشُنُّها الولايات المتحدة”، واعتبرت السلطة القضائية المُعْتَقَلِين من المشاركين في حركة احتجاج تُجّار “بازار طهران” يوم الإثنين 25 حزيران/يونيو 2018 “مُشارِكِين في الإخلال بالشؤون الإقتصادية للبلاد، وشُركاء في المؤامرة الأمريكية التي تستخدم الحَظْرَ لعرقلة مسار التنمية والتقدم في إيران”، وتوعّدهم رئيسها (لاريجاني) بمحاكمة يواجهون خلالها عقوبة تتراوح بين السجين عشرين عاما والإعدام، واتخذت الحكومة إجراءات ضد المُضارِبين بسعر الريال الذي ارتفعت قيمته في سوق الصّرف، بينما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تَصْعِيد وتيرة الحَظْر واحتمال “فرض عقوبات على الدول التي تستورد النفط من إيران” وإن الحكومة الأمريكية تعتبر تضييق الخناق على إيران “من أولوِيّات الأمن القومي الأمريكي”، مما يؤَكِّدُ ويُعَلِّلُ خطاب الحكومة الإيرانية، وسبق أن قام وفد مشترك من وزارتي الخزانة والخارجية الأمريكية بجولةٍ إلى عدة بلدان أوروبية وآسيوية، تدعو كافة الدّول إلى خفض وارداتها من نفط إيران، لتصِلَ إلى الصّفر عند سريان العقوبات في الرابع من تشرين الثاني 2018، وضربت الولايات المتحدة عرْض الحائط بمطالب ومحاولات الإتحاد الأوروبي الإبقاء على الاتفاق النووي، وعوائده التجارية، بسبب ارتفاع قيمة التبادل التجاري بين إيران وأوروبا إلى 25,7 مليار دولار سنة 2017، بحسب غرفة التجارة والصناعة الإيرانية… رويترز + أ.ف.ب 27/06/18

 

إيران– أجْراس الحرب؟ أعلنت وسائل الإعلام الأمريكية، خلال الأيام الأخيرة من شهر حُزيران 2018 “وصول موجة الاحتجاجات والإضرابات إلى المقاطعات الشمالية التي يسكنها أساسا الأذربيجانيون”، وتوجد بها شركات  تجارة السجاد والذهب التي تحتاج إلى استقرار العُمْلَة للمحافظة على استقرار أسعار التصدير والتوريد، ولكن العملة المحلية (الريال) فقدت منذ أيار 2015 قرابة نصف قيمتها، وتستهدف الولايات المتحدة زعزعة استقرار البلاد عبر توسيع العقوبات والضّغط على جميع الشركات، لوقف استيراد النفط الإيراني، والعمل على انهيار الإقتصاد الإيراني من الدّاخل، دون تدخّل عسكري أمريكي مباشر، ويُعتبر النفط قطاعًا حَسّاسًا لأن إيراداته تمثل نحو 65% من إجمالي صادرات إيران، ويمثل المصدر الرئيس للعملة الأجنبية، ووَسّعت الولايات المتحدة العقوبات إلى المصرف المركزي الإيراني الذي يواجه مَصَاعِبَ جَمّة لتنفيذ المعاملات المالية داخل وخارج البلاد، وسبق أن حدّد المصرف المركزي (وبعض المصارف الحكومية) نسبة الفائدة السّنوية على ودائع الشركات والتّجّار والمواطنين، لدى المصارف ب20% إلى 23% ولكن تشديد العقوبات الأمريكية جعل المصارف تخفض نسبة الفائدة إلى 15% وإلى 10% مما أشاع موجة من الهلع، تَرْجَمَها المُودِعُون بسَحْبِ ودائعهم وشراء العُملات الأجنبية، كالدولار واليورو (الشّحِيحَة أَصْلاً)، مما تسبب في نقص حجم العملات المُتَدَاوَلَة في البلاد، فازدهرت سوق الصّرف الموازية، وتراجع حجم الإستثمار الدّاخلي، وأدى انخفاض قيمة “الريال” الإيراني إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة بنسبة 100%، وكانت زيادة الأسعار هي الشرارة التي أشعلت نار الغضب والإحتجاجات الأخيرة، وهو ما ترمي إليه الولايات المتحدة، كَخُطْوَةٍ أولى نحو توسّع الإحتجاجات واستدامتها قبل انهيار النّظام، دون تدخل الجيش الأمريكي والصهيوني والأطلسي، وتبني الولايات المتحدة فَرَضِيّتَها (supposition – hypotesis) على دعم السّكّان أي تدخّل أجنبي خارجي لإنقاذهم (المزعوم) من الأزمة والإطاحة بالنّظام، وهي نفس الخطة التي انتهجتها في العراق بعد 12 سنة من الحصار، لاحتلال البلاد عسكريًّا منذ 2003، لكن الشعور الوطني قوي لدى الإيرانيين، رغم اختلاف القوميات والأُصُول (أكراد وأرْمن وفُرْس وعرب…)، وبالتّزامن مع تشديد العقوبات، تعدّدت التهديدات الأمريكية ضد الدول والشركات التي لن تُطَبِّقَ الحَظْر (وهو قرار أمريكي، لم تقع استشارة حكومات أخرى قبل إقراره وإعلانه)، فيما أعلنت إيران أن محاولة منع البلاد من تصدير النفط سوف يُؤَدِّي إلى عرقلة حركة مرور السّلع وخصوصًا شحنات النفط من مضيق “هُرْمُز” (25% من تجارة النفط العالمية)، وإثر هذه التصريحات والتّصْعِيد بلغت أسعار النّفط أعلى مستوياتها منذ قرابة أربع سنوات، وذلك أثناء زيارة الرئيس الإيراني إلى أوروبا (سويسرا والنّمسا)،وأعلن المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش الأمريكي الإستعداد لاستخدام القُوّة “لضمان حرية الملاحة والتدفق الحر للتجارة، وإبقاء الطرقات المائية في الخليج مفتوحة أمام ناقلات النّفط…” عن وكالة أسوشيتد برس + رويترز 05/07/18

 

الحبشة: تعهّد رئيس الوزراء الحالي “أبي أحمد” ( وهو رئيس سابق لجهاز المخابرات)، الذي تولى منصبه في شهر نيسان/ابريل 2018 بإطلاق سراح عشرات الآلاف من السجناء، وخصخصة شركات القطاع العام، وعقد اتفاق سلام مع إريتريا (المُسْتَعْمَرة سابقًا من قِبَل الحبشة)، كما تعهد بانتهاج الحكومة شفافية الحسابات والقرارات، وتعهّد خصوصًا بتحقيق مصالحة في البلاد، تضع حَدًّا للقمع الدّموي في مناطق عديدة من البلاد (التي تضم 100 مليون نسمة) ضد مختلف القوميات (“تغراي” و”أوروما” بشكل خاص)، ولكن التقارير التي أصدرتها منظمة العفو الدولية والأمم المتحدة في بداية شهر حزيران 2018 أظْهرت تواصل العنف الحكومي والعقوبات الجماعية في عدد من مناطق البلاد، وهو ما وصفَتْه منظمة العفو الدّولية “العنف العِرْقِي” ضد مجموعة “أورومو”، أكبر قومية في البلاد، وتعد حوالي 40% من العدد الإجمالي للسّكّان، ومصادرة أراضيهم الزراعية وطرْدِهم منها بالقوة، منذ سنة 2015، بدَعْوَى توسيع مُحيط العاصمة “أديس أبابا”، ومَنْح هذه الأراضي مَجانًا للشركات الأجنبية “لتشجيع الإستثمار الأجنبي”، وتنصيب مجموعات من ال”أمهارا” (ثاني أكبر مجموعة قومية في البلاد) في بعض المناطق التي صادرتها الحكومة، مما أدّى إلى تصادم بين المجموعتين وفرار حوالي 1400 من الأمهارا، وقتلت الشرطة في غرب البلاد ما لا يقل عن عشرين وتشريد الآلاف من تشرين الأول/اكتوبر 2017 إلى أيار 2018، وأدّت هذه الصدامات مع قوات القمع الحكومية أو بين الأقليات إلى نزوح حوالي نصف مليون شخص من مناطقهم، وفق الأمم المتحدة، مما يرفع عدد النازحين والمَطْرودين من أراضيهم منذ 2015 إلى أكثر من 1,3 مليون شخص، مع الإشارة أن رئيس الوزراء الجديد (أبي أحمد) من قومية “أورومو”، وأغلبهم مسلمون، لكن جهاز الحُكْم (الدّولة أو السُّلْطة) يُمثّل قوى طبقية تحكم باسم الأُمّة أو الشّعب لكنها لا تُمثِّلُ سوى مصالح طبقة ضد الطبقات الأخرى، وفي إفريقيا تندمج المصالح الطبقية مع الهيمنة الإثنية أو العرقية، أو الإقليمية (الجهة أو المنطقة)… لم يلتزم رئيس الوزراء باتخاذ أي قرار يُحَسِّنُ وضع الفُقراء والعمال والعاملات في الشركات الأجنبية في ظروف سيئة للغاية، ولكنه أعلن إصلاحات في جهاز الحكومة، وكانت المنظمة الأمريكية “هيومن رايتس ووتش” غير الحكومية (هي في الواقع حكومية بشكل مُلْتَوِي) قد نشرت تقريرًا عن انتهاكات حقوق الإنسان، فاتخذت الحكومة قرار إقالة خمسة من كبار المسؤولين بالسجون ( ربما لأنهم لم يستطيعوا إخفاء انتهاكات حقوق الإنسان؟)، كما أقال رئيس الوزراء رئيس أركان الجيش ومدير المخابرات، لكن كافة التّقارير الحقوقية تشِير إلى انتشار “ثقافة الإفلات من العقاب”…

تُعْتَبَرُ مجموعة “أورومو” من السكان الأصليين للحبشة منذ قرابة سبعة آلاف سنة، وتعود جذور الكفاح الجَمْعِي والمُنَظّم لمجموعة “أورومو” إلى حوالي خمسين سنة، ضد مصادرة أراضيهم ومحاربة لُغتهم المختلفة عن الأمهرية (اللغة الرسمية)، واعتماد نظام “الإمبراطور” (هيلاسي لاسي) ونظام العقيد منغيستو هيلي مريم (1974- 1991)، ثم حكومة “الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية” منذ 1991، سياسة التهميش والتّفْقِير المُتَعَمّد، وإهمال قطاعات الصحة والتعليم والنقل والبنية التحتية في المناطق التي يسكنونها (نحو 600 ألف كيلومتر مربع) في تسع ولايات وعشرة أقاليم، وسط البلاد (وتضم أراضيهم العاصمة “أديس أبابا”)، وانتهجت الأنظمة المتعاقبة سياسة مصادرة أراضيهم وتهجيرهم وما صاحَبَ ذلك من قتل وتشريد واعتقالات، واعتمدت الحكومات المركزية سياسة الإستيطان وإعادة تقسيم الأراضي تحت مُسَمّيات جَذّابَة مثل “التنمية ومحو الأمية ودعم المجموعات المحلية…”، ممال أدى على مر السنين إلى تغْيِير التركيبة السكانية، والثقافة واللغة والدّيانة وغيرها من الأساليب الهادفة إلى إلغاء مقومات شعب أو مجموعة، ولاحظت الأمم المتحدة “إن مجموعة الأورومو تُعاني من حَظْر استخدام لغتهم، ومن حرمانهم من حرية التعبير وحرية التّنقّل والتجارة، وحرية تأسيس الأحزاب والجمعيات، مع نقص فادح في مؤسسات الصحة والتعليم، مما اضطر نحو 75% من أبناء المنطقة إلى مغادرة مناطقهم بسبب الفقر والقَمْع، فيما هاجر العديد منهم (حوالي 45% مِم”ن نزحوا منذ 1992) إلى الخارج…

انطلقت مُظاهرات واحتجاجات 2014 ثم تشرين الأول/اكتوبر 2015  بسبب تطبيق الحكومة ما تُسَمِّيه “برامج التّطوير” (وهي نفس التسمية التي يُطلقها الكيان الصهيوني على برامج مصادرة أراضي الفلسطينيين في الأراضي المحتلة سنة 1948) التي تَمَثّلت في مُصادرة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية (حوالي 120 كيلومتر مربع) بمنطقة “أوروميا” وضمها إلى حدود العاصمة “أديس أبابا”، مما يُؤَدّي إلى تهجير عشرات آلاف الفلاحين من الأورومو، لِتَبيع الحكومة أراضيهم إلى شركات عقارية وصناعية عن أراضيهم لإقامة مبان سكنية ومصانع وزراعة منتوجات مُعَدّة للتصدير، واستحوذت شركة صهيونية على بعض هذه الأراضي لزراعة الورود التي تُصدِّرُها بشكل منتظم إلى أوروبا (ولهذه الشركة أراضي في كينيا أيضًا)، وقتلت الشرطة ما لا يقل عن ثمانين تلميذا وطالبا خلال مظاهرات الإحتجاج في تسع مدن إثيوبية، مما اضطر الحكومة إلى التراجع مُؤَقّتًا عن تنفيذ أحد أجْزاء البرنامج، حتى سنة 2016، حيث عادت الحكومة إلى تنفيذ “برنامج التّطْوِير” بأساليب جديدة، قد يكون للمُسْتشارين الصهاينة دور في تغيير الأساليب، مع المحافظة على الهدف والجوهر… عن رويترز + “منظمة العفو الدولية” + “هيومن رايتس ووتش” (تمويل حكومي أمريكي) 03 و04 و 05/07/18

 

ماليزيا– هزيمة السعودية: كانت السعودية الدّاعم الرئيسي لنجيب عبد الرّزاق، رئيس الوزراء المُنْهزم (وحزبه)، ويُشارك جيش ماليزيا ومخابراتها في العدوان على شعب اليمن، وشكل انهزام نجيب عبد الرزاق انتكاسة لتأثير السعودية، وبعد انهزامه وفوز خصمه “مهاتير محمد” قررت الحكومة مراجعة العلاقات الخارجية، وتحرير القرار الماليزي من التّأثير الأمريكي والسعودي، والإنسحاب من التحالف العدواني ضد شعب اليمن، وفق تصريح لوزير الدفاع، معلِّلاً هذه الخطوة “بسياسة ماليزيا الخارجية القائمة على الإستقلال وعلى عدم الانحياز”، من جهة أخرى، أعلنت الشرطة الماليزية مصادرة مقتنيات (مجوهرات ثمينة وساعات وحقائب فاخرة) بقيمة 273 مليون دولار، تخصّ رئيس الوزراء السابق، نجيب عبد الرزاق، الخاضع للتحقيق بتهمة اختلاس المال العام، وإهدار مليارات الدّولارات لشراء عقارات وأعمال فنية باسمه الخاص وباسم زوجته المُحِبّة للرحلات والتسوق في الخارج… كان رئيس الوزراء السّابق يتزعم ائتلاف “باريسان” الذي حكم البلاد منذ استقلالها عن بريطانيا سنة 1957 حتى هزيمته في انتخابات أيار 2018، بعد تصاعد موجة الغضب ضده جرّاء انتشار المعلومات عن فساده وفساد زوجته والدّائرة المُقَرّبة منه، خلال السنوات الأخيرة، وكان راتبه كافيا للعيش في رفاهية (5670 دولارا شهريا)، في حين تعاني فئات الأجراء من انخفاض مستوى العيش وانخفاض الرواتب، بينما يملك “نجيب عبد الرزاق” عقارات في أمريكا وأُصول في عدد من البلدان، وستة مساكن وشقق فاخرة في العاصمة “كوالالمبور”، إضافة إلى مسكنه الرئيسي في منطقة راقية من المدينة، وتقدر وزارة القضاء الأمريكية أن نجيب عبد الرزاق وأُسْرته قد سرقوا حوالي 4,5 مليارات دولارا من الصندوق السِّيادي… رويترز + أ.ف.ب 28 و 30/06/18 

 

الأرجنتين: دعمت الولايات المتحدة وصندوق النقد الدّولي الدكتاتوريات العسكرية التي حكمت البلاد طيلة عُقُود، ثم دعمت الرئيس اليميني الحالي في الأرجنتين “ماوريسيو ماكري”، عندما كان مُرَشَّحًا، ضد المُرَشّح الذي تدعمه الرئيسة السابقة “كريستينا كيرشنير”، وكانت الأرجنتين خلال فترة رئاسة الزّوجين “كيرشنير” قد سددت 9,6 مليار دولارا من الديون، وتخلّصت سنة 2006 من ديون ووصاية صندوق النقد الدّولي التي أدّت إلى إفلاس البلاد سنة 2001، ولكن الحكومة الحالية (منذ انتخابات أواخر سنة 2015) وقعت اتفاقًا يوم السابع من حزيران 2018 مع صندوق النقد الدولي الذي أقْرَضَ الدولة خمسين مليار دولارا (حوالي 10% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد)، وهو مبلغ قياسي بعد مبلغ 30 مليار دولارا لليونان سنة 2010، واقترضت الدولة أيضًا 5,65 مليار دولارا من مصرف الدول الأمريكية للنمو والبنك العالمي ومصرف أمريكا الجنوبية للنمو، لترتفع ديون الدولة إلى 375,65 مليار دولارا، وترتفع نسبتها من الناتج الإجمالي المحلي من 57% بنهاية سنة 2017 إلى 67% منتصف سنة 2018… نُشير باستمرار في هذه النشرة إلى شروط صندوق النقد الدولي التي تُصاحب القُرُوض، وأهمها خفض نسبة عجز الميزانية، أي خفض الإنفاق الحكومي وخفض عدد الموظفين في القطاع العام، وزيادة الضرائب للأجراء مع خفضها للشركات والأثرياء، وخفض قيمة العملة مع خفض نسبة التّضَخّم في نفس الوقت من 27,5% متوقعة هذا العام (2018) إلى 17% سنة 2019 وإلى 13%سنة 2020 و9% سنة 2021، وعادة ما يُؤَدِّي خفض قيمة العُملة إلى زيادة الأسعار وزيادة نسبة التّضخّم، بينما يُطالب صندوق النقد الدولي بنتائج عكْسِية، مما قد يُؤَدِّي إلى إفلاس الدولة وإعادة سيناريو 2001 من انتفاضة المُتَضَرِّرِين من هذه السياسة، وهم كُثْرٌ (العمال والمُتقاعدين وأجراء الفئات الوسطى وصغار الفلاّحين…)، وأظهرت استطلاعات الرأي مُعارضة 74% من البالِغِين في البلاد للإقتراض من صندوق النقد الدّولي… يَتّسِمُ الوضع الحالي في الأرجنتين بانخفاض احتياطي العملة الأجنبية بمقدار ثمانية مليارات دولارا خلال خمسة أشهر، وارتفاع نسبة الفائدة على اقتراض الأموال السائلة (التي يُحَدِّدُها المصرف المركزي) إلى 40% (أقل من 1% في الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي)، وارتفاع “خدمة الدّين” سنة 2018 بنسبة 100% بالمُقارنة مع سنة 2017، وَفَرَضَ صندوق النّقد الدّولي خَفْضَ رواتب موظفي الحكومة ومعاشات التقاعد ورفع قيمة الضرائب على الرواتب وعلى الخدمات (رغم ارتفاع الأسعار ونسبة التّضَخّم)، وبلغت نسبة البطالة 8,7% من القادرين على العمل بنهاية 2017 وبلغن نسبة الفقر 25,7%بنهاية 2017، ويُعْتبر 40% من الأطفال (تحت سن 14 سنة) فُقَراء، بينما ارتفعت أسعار المواد الأساسية الضرورية بنسبة 26,8% خلال الرّبع الأول من سنة 2018… عن صحيفة “لاناثيون” + “إل إيكونوميستا” (الأرجنتين) 13 و 22/06/18

 

المكسيك– على هامش الإنتخابات العامة: تتمثل انتخابات الأول من تموز/يوليو 2018 في اختيار 88 مليون ناخب (مُسَجّل في القائمات) للرئيس (لفترة ست سنوات) وأعضاء مجلسي النواب (وعددهم 500)، والشيوخ (128)، إضافة إلى عدد من المسؤولين المحليين وعلى صعيد الولايات، وبقطع النّظر عن النتيجة فإن الإنتخابات تجري في مناخ مسموم يتّسِمُ بالعُنف الشديد، حيث أظهرت دراسة أجراها مكتب “إيتيلكت” المتخصص تسجيل أكثر من 25 ألف جريمة سنة 2017، مع ارتفاع عدد القتلى من المُرَشَّحِين من تسعة خلال الحملة الإنتخابية سنة 2012 إلى  مقتل 135 من السياسيين خلال الحملة الانتخابية لسنة 2018، بحسب محطة “فورمولا” الإذاعية، ويُرَجّحُ إن عصابات المخدّرات لا تتردّد في قَتْلِ السياسيِّين الذين لا تتمكن من السيطرة عليهم أو من إرشائهم… أما على مستوى السياسة الخارجية فإن حكومة الجيران في الشمال (الولايات المتحدة) انسحبت من اتفاقية الشراكة (بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك) وشنت حملة عدوانية على المهاجرين المكسيكيين، بينما تراجَعَ أَداء اقتصاد المكسيك…

استغل المُرَشّح “أندريس مانويل لوبيز ابرادور”، رئيس “حركة الإحياء الوطني (أو حزب “مورينا”) -الذي كان يَدّعِي انتماءه إلى اليسار في السابق- غضب الناخبين من المستوى المرتفع للفساد (الذي يكلف البلاد نحو 5% من إجمالي الناتج المحلي، في ثاني أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية) ومن سلسلة فضائح الفساد والعنف الذي تُغَذِّيه عصابات تجارة المخدرات، ذات النفوذ الكبير في البلاد، لِيُعْلِن بعض الإصلاحات التي تراجع عنها خلال الحملة الإنتخابية، بعد اتهام الكنيسة ووسائل الإعلام له ب”الإشتراكية”، وأعلن أمام المَلَإ براءته من هذه “التّهمة” وبقي يماطل في شرح معنى “التّغْيِير” الذي يَدْعُو إليه وفي إعلان الإجراءات الملموسة التي سيتخذها، لكنّه يُناهض الحِزْبَيْن اللذَيْن حَكما البلاد من نحو قرن كامل، (الحزب الثوري المُؤَسّساتي” و”حزب العمل الوطني”)، ويَصِفُهُما ب”مافيا السّلطة”، وهذا ما أكْسَبَهُ شعبية كبيرة في البلاد، بعد أن كان يشغل منصب حاكم العاصمة “مكسيكو”… عَيّن المُرَشّح “لوبيز ابرادور” فريقا من المستشارين الليبراليين لطمأنة رجال الأعمال والرأسماليين والأثرياء، وتَرَاجَعَ عن أبرز اقتراحاته الإصلاحية، ومن بينها وعوده بإلغاء خصخصة قطاع الطاقة والنّفط التي أُقِرّت خلال فترة حكم الرئيس المنتهية ولايته “انريكي بينيا نييتو”…

أصبح “أندريس مانويل لوبيز أوبرادور” (أو “أمْلو”) رئيسًا للبلاد إثر انتخابات الأول من تموز/يوليو 2018، إثر حملة رَكَّزَ خلالها على مشاكل الفساد، في بلد أعلن 51% من مواطنيه المُسْتَجْوَبِين في استطلاع أجرتْهُ منظمة “الشفافية الدولية” إنهم اضطروا إلى رشوة موظف سنة 2017 أكثر من مرة واحدة من أجل الحصول على خدمة عمومية، مثل الصحة والتعليم أو وثيقة إدارية رسمية، ولكن الرّئيس المُنْتَخَب لم يتجرّأ على اقتراح أي حل لوقف الفساد في كافة القطاعات بما في ذلك القضاء الذي يُقْبِرُ (أو يُهْمِلُ) 96% من شكاوى الفساد التي تَصِلُهُ، ولا يُتابع القُضاة سوى 4% من القضايا ضد الفاسدين والفساد، وكان الرئيس السابق (بينيا نيتو) وزوجته قد تورطا في قضايا فساد ورشوة تمثلت في حصولهما على منزل فاخر بقيمة سبعة ملايين دولارا، كمكافأة للرئيس السابق الذي تَدَخّل شخصيًّا لحصول شركة مقاولات بناء (شركة “هيغا”) على عقود مع ولاية العاصمة مكسيكو (التي كان حاكمًا لها) بقيمة قرابة 400 مليون دولارا، وسَخّرت الشركة طائرة مروحية للرئيس أثناء الحملة الإنتخابية سنة 2012، كما تورّط عدد من وزراء الحكومة (بين 2012 و 2018) في قضايا فساد ورشوة، وكان الرئيس السابق متورطًا أيضًا في قضايا رشاوى ضخمة مع شركات أجنبية، منها شركة البناء والإنشاء البرازيلية “أودبرخت”، وشركة النفط البرازيلية العملاقة “بتروبراس”، ومن شركة النفط المكسيكية “بتروليوس”، وشركات حقيقية أو وَهْمِيّة أخرى في الملاذات الضّريبية، وكانت العاصمة المكسيكية (ولا تزال) مركزًا لشبكة ضخمة للفساد والرشوة، تدعم مُرَشّحِين فاسدين ومُرْتَشِين في 12 دولة من أمريكا الجنوبية، ومن بينهم “أوللّنتا هومالا” الرئيس السابق للبيرو، الذي اعْتُقِلَ مع  زوجته، بسبب ضُلُوعهما في قضية فساد ضخمة، كُشِفَت بعد فترة ولايته… من جهة أخرى، ارتفع عدد جرائم القتل ضد النقابيين والمناضلين السياسيين المقاومين للفساد، مما يؤكّد العلاقة بين الفساد والجريمة المنظمة ونظام الحُكْم… عن مركز “وودرو ولسون الدولي للعلماء” (واشنطن) + “وول ستريت جورنال” – أ.ف.ب + رويترز 01 و02/07/18

 

روسيا، بزنس الرياضة– مونديال روسيا 2018: أنفقت الدولة في البرازيل حوالي 11,6 مليار دولارا على تنظيم بطولة العالم لكرة القدم (مونديال البرازيل 2014)، وبدأت روسيا أشغال تشييد وتجديد 12 ملعبا منذ سنة 2013 بمعدل 380 مليون دولارا للملعب الواحد، مع تقسيم النفقات في الميزانية على ست سنوات (2013-2018)، وتجاوزت النفقات الحقيقية النفقات المُقَدرة أو المُخَطّط لها بحوالي 19 مليار روبل أو ما يعادل 301 مليون دولارا، وقدرت مؤسّسة “إ ربي كا” الروسية النفقات النهائية على تحضير كأس العالم بحوالي 883 مليار روبل (ما يعادل حوالي 14,2 مليار دولار) أو أزيد من النفقات الإجمالية للبرازيل بحوالي 2,6 مليار دولارا، ومن بينها 265 مليار روبل (ما يعادل 4,1 مليار دولار) تم تخصيصها لبناء وترميم المنشآت الرياضية… في باب النّفقات أيضًا، رفعت السلطات طاقة مطارات المدن التي تستضيف المباريات، مع تنفيذ مشاريع هامة وإنشاء مطار جديد في مدينة “سارانسك”، وتحديث 20 محطة للقطارات في روسيا، وإنشاء طرقات جديدة، وبناء محطات جديدة لقطارات الأنفاق في كل من موسكو وسان بطرسبورغ ونيجني نوفغورود، وفي باب “فوائد” أو “عائدات” كأس العالم، أعلنت السّلطات توفير قرابة 969 ألف وظيفة جديدة خلال الفترة بين 2013 – 2018، ومعظمها في قطاعي السياحة والبناء، بإيرادات قدرها خلال السنوات الـ5 الماضية 414 مليار روبل (ما يعادل حوالي 6,54 مليار دولار)، وفق السّلطات، لكن وظائف قطاعات البناء والسياحة هي وظائف هَشّة وشاقة وذات رواتب ضعيفة، بعدد ساعات طويلة، ولكن السلطات الروسية “مُتفائلة” وتتوقّع أن يؤدي “المونديال” إلى توفير 245 ألف فرصة عمل جديدة سنويّا خلال السنوات الخمس المُقبلة…

تراوحت أرقام المُشجّعين والسائحين الوافدين غلى روسيا خلال فعاليات “مونديال روسيا 2018” بين 500 ألف و570 ألف وفق التّقديرات الأولية لمختلف المصادر ومن بينها السلطات الروسية، واستفاد قطاع السياحة من زيادة أعداد الوافدين، وخصوصًا في مدينة موسكو حيث إُضِيفَتْ 2500 غرفة جديدة لفنادق موجودة أو فنادق جديدة، وحوالي 250 غرفة جديدة في مدينة “سان بطرسبورغ”، وتتوقع هيئة السياحة الروسية “روس توريزم” ارتفاع عدد السياح، الذين يخططون لزيارة المدن المستضيفة لكأس العالم بنسبة تتراوح بين 20% و 25% خلال سنة 2019، وقدرت شركة الإستشارات الأمريكية “ماكنزي” نفقات المشجعين خلال فترة كأس العالم بنحو 121 مليار روبل (ما يعادل 1,91 مليار دولارًا)، وارتفاع الطلب على العملة المحلية (روبل) بنسبة قد تصل إلى 9%، مما ساهم خلال الأسبوعين الأولين بارتفاع قيمة الروبل بنسبة 2% مقابل الدولار واليورو… من جهة أخرى، أعلنت شركة “فيزا” لبطاقات الإئتمان إن المُشَجِّعِين الأمريكيين والصينيين والمكسيكيين (بالترتيب) هم الأكثر إنفاقًا خلال الفترة من 14 إلى 21 حزيران/يونيو 2018 في بدايات بطولة العالم لكرة القدم في روسيا، أما المدن الأكثر استفادة من إنفاق المشجعين، فهي “موسكو” و”سان بطرسبورغ” و”سوتشي”، وأنفق الأجانب خلال اليوم الأول لكأس العالم بواسطة بطاقات “فيزا” حوالي 1,7 مليار روبل (ما يعادل 26,834 مليون دولار)، بمتوسط 3575 روبل للفرد (56,5 دولارا)، وكان النصيب الأكبر للإنفاق على الفنادق، والملابس والمطاعم والمقاهي (بالترتيب)، وبلغ إنفاق المشجعين في ملعب “لوجينكي” (موسكو) بواسطة بطاقات “فيزا” خلال نفس الأسبوع  139 مليون روبل (ما يعادل حوالي 2,19 مليون دولار)… عن رويترز + وكالة “سبوتنيك” 28/06/18

 

أمريكا– ديمقراطية رأس المال: تظاهر آلاف المواطنين ضمن أكثر من 750 مسيرة في كافة الولايات الأمريكية الخمسين، من بينها حوالي 80 مسيرة في ولاية “كاليفورنيا” لوحدها، احتجاجًا على تقسيم العائلات، من خلال فصل الأطفال عن أهاليهم من المهاجرين “غير النِّظامِيِّين”، وذلك بعد ثلاثة أيام من اعتقال نحو 600 من المتظاهرين الذين تجمّعُوا أمام مبنى الكونغرس، في مسيرة كبرى في العاصمة “واشنطن”، وكان الرئيس “دونالد ترامب” قد تراجع عبر توقيعه مرسوما رئاسيا لوقف فصل 2,5 مليون من أطفال المهاجرين عن والديهم، لكن معظم هؤلاء الأطفال لا يزالون ينتظرون العودة إلى أهاليهم، ما أثار غضب حقوقيين وأوساط اجتماعية واسعة، مع الإشارة أن مجلس النواب لم يتبن أي مشروع لتعديل سياسة الهجرة… في باب السياسات القَمْعِيّة أيضًا، تُنَظّم أمريكا باستمرار حملات إعلامية ضد الصين وإيران وغيرها، بسبب أحكام الإعدام، وعدم احترام حقوق الإنسان وغير ذلك من التّعِلاّت، لكن الولايات المتحدة من أكثر البلدان عنصرية وتشدُّدًا ضد الفُقراء والمواطنين السود الذي تقتلهم الشرطة، دون عقاب، ويأمر القضاء بسجن الفقراء وكثير من الأبرياء، دون تخصيص الوقت الكافي لدراسة القضايا أو الإلمام بعديد الجوانب التي تُحيط بالقضايا المطروحة أمام القُضاة، ويعيش في الولايات المتحدة نحو 5% من سُكّان العالم، لكن يوجد بها 25% من إجمالي عدد سُجناء العالم، وهناك أكثر من مليونَيْ سجين، أو واحد من كل 743 شخص يعيش في أمريكا، وهو رقم قياسي عالمي، وَأورد الكاتب “ديف هوغز” (Dev Hugs) في “مُدَونة السّجون” إن عدد المساجين في الولايات المتحدة لم يبلغ 300 ألف سنة 1972، وارتفع إلى مليون سنة 1992، وإلى أكثر من مليونين سنة 2017، ويعود هذا الإرتفاع إلى خصخصة السّجون، وارتباط الشركات التي تُدِيرُها بأجهزة الشرطة والقضاء، وبوسائل الإعلام، لتسليط أحكام طويلة، لزيادة أرباح الشركات، حيث العمل المجاني في السجن شبه إجباري، لأن تكلفة الأكل والملبس ومشاهدة التلفزيون أغلى بكثير من الأسعار المعمول بها خارج السجن (وهو نفس الشيء في أوروبا بشأن الأسعار)، ويُنتج السُّجناء في السجون المخصخصة في الولايات المتحدة نسبة 100% من الخوذات العسكرية، ومن أحزمة الذخيرة والسترات الواقية من الرصاص، والشارات، والقمصان والسراويل والخيام والحقائب وأدوات الطبخ والطعام، الخاصة بالجيش الأمريكي في أرجاء العالم، أي أن الجيش الحكومي يعتمد على السجون الخاصة للتّزَوّد باللوازم وبعض العتاد، بأقل التكاليف، وتنتج السجون 93% من جميع “الدّهانات” والفراشي، و 92% من مواقد وأَفْران المطبخ، و36% من مجموع التجهيزات المنزلية، و30% من السماعات و مكبرات الصوت، و 21% من الأثاث المكتبي (هذه النّسب من إجمالي ما يُنْتَجُ في الولايات المتحدة، وهي نفس النسب تقريبا منذ قرابة عشرين سنة)، ويتصل المُشرفون على السجون بالشرطة والقضاء ليحصلوا على العدد المناسب من العُمال العبيد، وبذلك فإن المساجين يُشَكّلون مصدر ربح وفير  للشركات التي تتعاقد مع السجون، ولها مصانع داخلها (أو خارجها أحيانًا)…

إذا كانت نسبة السجناء في الولايات المتّحدة هي الأعلى في العالم، فإن نسبة تسجيل الناخبين هي من بين الأدنى في الدول الصناعية، حيث تحتوي قائمات من المُسَجّلِين على 64% من السكّان في سن التصويت، مقابل 91% في كندا وبريطانيا، و99% في اليابان… وردت هذه البيانات في دراسة صدرت عن (Left Business Observer)… عن صحيفة “غارديان” + شبكة “سي إن إن” + موقع “برافدا” 29 و30/06/18 (لمزيد من التفاصيل يُرجى مراجعة: الطاهر المُعز- “قُوّة المنطق في مواجهة منطق القوة”- في نشرة “كنعان” 26/10/2010 – الرابط: https://kanaanonline.org/2010/…/قوة-المنطق-في-مواجهة-منطق-القوة

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.