“كنعان” تتابع نشر كتاب ” بين حل الدولتين وحل الدولة الواحدة: دراسة نقدية”، تأليف: محمود فنون (حلقة 4)

في حلقة اليوم:

  • نهاية حل الدولتين
  • ما هو الشعار الإستراتيجي؟

 نهاية حل الدولتين

سلامة كيلة ونهاية حل الدولتين وهو كما يعرف نفسه في مقالة يرد علي فيها:

“..أنني خرجت من فلسطين للدراسة سنة 1973، وأصبحت مطلوباً للدولة الصهيونية سنة 1976 لأنني كنت أنتمي لحركة فتح. ولا شك أن كل الحديث عن انتمائي كما كرره محمود خاطئ، فلم أنتمِ لحزب العمل الشيوعي بل انتميت لحركة التحرير الشعبية العربية التي كان ناجي علوش أمينها العام، واستقلت منها وأنا عضو مكتب سياسي فيها. ثم ظللت دون حزب نتيجة تقييمي النقدي لكل الأحزاب “اليسارية..””.

يعتمد سلامة كيلة في طرحه لمشروع “الدولة الواحدة” ليس من باب الفائدة الكامنة فيه بل على استحالة تنفيذ شعار إقامة دولة فلسطينية مستقلة، أي بسبب فشل شعار الدولتين.  فيقدم هو وأمثاله الحل الممكن بدلا من الحل المستحيل وهو يبشر الشعب الفلسطيني بالخير العميم الذي سيناله، وأن هذا هو المخرج الأكيد.

لنلاحظ أن مسألة الاستحالة هذه التي يطرحها سلامة كيلة ظلت مستمرة في مشروع حل الدولة الواحدة لبقاء ذات الأسباب التي يوضحها بنفسه والتي حالت دون حل الدولتين.

ففي 17/10/2008 قال كيلة عن نهاية حل الدولتين:

” …وبالتالي فقد أوضحت تجربة التفاوض التي بدأتها م.ت.ف.، والتي توجت بقيام سلطة الإدارة الذاتية، أن ليس من حل جزئي للفلسطينيين، وأنه ليس من الممكن التعايش مع الدولة الصهيونية إلا بالقبول بكونها قوة مسيطرة، كما الإمبريالية، أو بالترافق معها. وهو الأمر الذي يفرض التأكيد على أن الصراع مستمر حتى يتحقق التغيير في ميزان القوى الذي يسمح بإنهاء الدولة الصهيونية ، وقيام الدولة الديمقراطية العلمانية، في إطار التغيير العميق في الوطن العربي” (الحوار المتمدن).

 وتنحصر مهمة التغيير العميق في الوطن العربي عند كيلة في قبول الاستيطان في فلسطين.

إنه يطرح حلا يعتمد تحقيقه ليس على سياق التسويات هنا بل على تغير عميق في الوطن العربي ويعود بعد ذلك للتسويات. وهذا التغير غير محدد ونفهم منه أنه تغير يؤدي كما يقرر كيلة إلى إجبار إسرائيل على قبول أطروحته. بينما التغيير العربي العميق والثوري لن يكون من أجل محاباة اليهود كما يستهدف كيلة بل من أجل كنس وجودهم الإستيطاني وحماية الأمة العربية من شرورهم وتحرير الوطن العربي من كل أعدائه الاستعماريين والرجعيين.  فلماذا يشترط كيلة حصرا أن التغير العميق في الوطن العربي سوف يُفضي إلى حل الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة بالمفهوم الصهيوني والتسووي العربي والفلسطيني؟

بينما يلخص غازي الصوراني الأمر في مقالته في الحوار المتمدن على النحو التالي:

 “وعليه، فلا خيار سوى خيار النضال القومي الديمقراطي، الذي يسعى لتحرير الأرض المحتلة، وأساسها فلسطين، وتحقيق الوحدة القومية، وتأسيس نظام عربي ديمقراطي بآفاقه الاشتراكية يساهم في تجاوز التخلف الاقتصادي الاجتماعي، ويلغي التبعية بما يحسِّن الظروف الاقتصادية العامة، ويسهم في تجاوز حالة الفقر لدى الجماهير الشعبية، ويوفر لها الحاجات الأساسية الضرورية.وحيث تلعب الجماهير العربية دوراً أساسياً في تحقيق هذا الخيار.”

عازي الصوراني (ما هي إشكالية النضال القطري الفلسطيني؟ الحوار المتمدن 24/9/2013م)

ويستمر كيلة في إيضاح دوافع حل الدولة الواحدة بشكل آخر، ففي ندوة “القضية الفلسطينية بين حل الدولة وحل الدولتين”

“استضاف مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي التابع لمؤسسة مؤمنون بلا حدود يوم الثلاثاء الموافق 15 ديسمبر 2015 م لمقر الأبحاث بجاردن ستي ندوة بعنوان “القضية الفلسطينية بين حل الدولة وحل الدولتين” بحضور المناضل والمفكر الفلسطيني سلامة كيلة والأستاذ فؤاد أبو حجلة رئيس تحرير جريدة الغد الأردنية، وأدار تفاصيلها الباحث في الدراسات الإعلامية طارق معمر… الأستاذ سلامة كيلة الذي أكد على استحالة حل القضية الفلسطينية بناء على “حل الدولتين”، فعلى الأرض يجري فرض أمر واقع جديد يؤكد أن الدولة الإسرائيلية تتقدم، وأن إمكانية خيار الدولة الفلسطينية يتأخر، مشيرا أن الحل النهائي أصبح خارج التداول، وأن الحديث عن حل الدولتين أصبح وهميا، بسبب اللاءات الأربعة الإسرائيلية: (لا انسحاب، ولا عودة اللاجئين، ولا وقف الاستيطان، ولا إمكانية لحل نهائي)”. (موقع مؤمنون بلا حدود).

إذن، فسلامة كيلة وضح الأسباب التي جعلته يتجاوز عن حل الدولتين وهي تكمن في أن إسرائيل ترفض هذا الحل وتطرح اللاءات الأربعة: “(لا انسحاب، ولا عودة اللاجئين، ولا وقف الاستيطان، ولا إمكانية لحل نهائي)”. مما يعني أن هذا الحل قد “أصبح أمرا وهميا”.

ويستمر في مقال  آخر: “ويقول كيلة إن حل الدولتين الذي تم طرحه لإنهاء الصراع بإقامة دولة فلسطينية “تبدى كحل مستحيل” لأن الأوضاع القائمة على الأرض لا تسمح بهذا الحل في ظل تمسك إسرائيل “بلاءات خمسة.. لا انسحاب من القدس. لا انسحاب من وادي الأردن. لا إزالة للمستوطنات. لا عودة للاجئين. ولا للدولة الفلسطينية المستقلة”، موضحا أن السلطة الفلسطينية أقرب إلى إدارة مدنية منها إلى سلطة سياسية..”(الحوار المتمدن)

الاستخلاص إذن: إن رفض إسرائيل لمشروع معين يقتضي بعد كل هذه التجربة أن نتجاوز عنه وخاصة أنه مستحيل. وهو مستحيل فعلا لأن كل مؤيدي حل الدولتين عجزوا عن فرضه على إسرائيل بالطرائق التي طرحوها. فيضع سلامة البديل في حل الدولة الواحدة ويحمل تبعات تنفيذه إلى الغيب وليس إلى حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد أو حروب عربية تؤدي إلى هزيمة إسرائيل مما يجعله هو الآخر وهما وتضليلا. وسنرى كذلك أنه مستحيل لذات أسباب استحالة حل الدولتين وفق مناهجه هو وأنصار حل الدولة الواحدة. إن فكر كيلة هو تدوير الزوايا بهدف قبول الكيان لحل ما وهذا نقيض فرض الحل على الكيان بالتحرير. هذا دون أن يطرح على نفسه السؤال: إذا كان الكيان ضد ترك ربع فلسطين، فكيف سيسمح لشعبنا أن يشاركه في كل فلسطين، مع العلم أن فلسطين هي وطننا!

وفي كتابه “المسألة الفلسطينية من سراب حل الدولتين إلى الدولة الديموقراطية العلمانية الواحدة” الصادر عام 2017م يقول:

“..فكل ما يجري الآن في الضفة الغربية وقطاع غزة يوضح أن كل الاستراتيجية الفلسطينية لا أساس لها، فليس من الممكن إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، بعد أن سيطرت الدولة الصهيوينة على أهم أراضي الضفة الغربية، وباتت البطالة سمة أساسية بين السكان، الذي يتعيش الكثير منهم من خلال مساعدات الدول المانحة، هذه المساعدات التي يمكن وقفها في أي وقت، رهناً بمدى التوافق والدولة الصهيونية….”

هنا يضيف أسبابا أخرى “..فليس من الممكن إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس بعد أن سيطرت الدولة الصهيونية على أهم أراضي الضفة الغربية..” ويضيف البطالة كسبب من أسباب عدم إمكانية إقامة دولة فلسطينية، والاعتماد على مساعدات الدول المانحة.

ويزيد سلامة كيلة، بحق، أصحابَ حل الدولة المستقلة يأساً حيث يقول: “..كما أن الوضع القائم يشير إلى أن الرؤية الصهيوينة الأمريكية والإمبريالية عموماً هي التي تتحقق، وأن الشرعية الدولية ــ مجال المراهنة ــ تحت سيطرتهما، لهذا لا ينفذ منها إلا ما يصب في مصلحتهما فقط. فالدولة الصهيونية هي (قاعدة عسكرية) تتغلّف بمجتمع مدني. وهدف وجودها هو تكريس تفكك الوطن العربى ومنع تقدمه. هنا يكمن دورها وليس فى مكان آخر”

فلا مجال إذن للمراهنة على الشرعية الدولية. وهو بهذا يرد على أصحاب حل الدولتين وكذلك على الجبهة الشعبية التي ترى إعادة ملف القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة حيث أن إعادة الملف للأمم المتحدة في نظرها يمنع أمريكا من أن تتفرد بالحل. ويرد على نفسه حينما يرى أن الشرعية الدولية ستساعد على خيار الدولة الواحدة كما سنرى لاحقا.

ويستمر سلامة كيلة في تسويغ حل الدولة الواحدة بدلا من الدولتين استنادا إلى رفص إسرائيل: 

“لهذا هى (إسرائيل) ليست معنية بـ “السلام” بل بالهيمنة، وتحتاج إلى التوسّع لكى تصبح قوة كبيرة. هذا الأمر جعلها تعتبر أن فلسطين هى “إسرائيل”، وأن الأرض هى “أرض إسرائيل”. وباتت مشكلتها فى التعامل مع سكان عرب “يقيمون على أرضها”، ويتكاثرون بشكل كبير، بالتالي لا بدّ من إخراجهم من إطار الدولة كدولة سياسية”.

والحل إذن، ما دامت إسرائيل ترفض حل الدولتين وترى مشكلتها في التعامل مع سكان عرب، هو: “دولة فلسطينية علمانية”.

ونظراً لما سبق، يرى سلامة كيلة “أن الحل يكمن في إيجاد دولة علمانية، ولابد من إعادة بناء المشروع الفلسطيني من أجل دولة علمانية ديمقراطية عربية، تقبل وجود (اليهود) في إطارها، انطلاقاً من أنهم ينتمون إلى قوميات أخرى، ومن أن هناك عرباً يهوداً جرى جرّهم إلى فلسطين بتدخلات متعددة ، كما أن أزمة الامبريالية ستنعكس بالضرورة على الدولة الصهيوينة، حيث يمكن أن يتفاقم الصراع الطبقي فيها ضد الفئة الرأسمالية المُسيطرة وكل ذلك من الممكن أن يؤدي إلى إنهاء المشروع الصهيوني، كمشروع إمبريالي وكدولة قائمة على الاستيطان واستغلال الدين اليهودي لخدمته ..”

ماذا يقول سلامة هنا؟

“إعادة بناء المشروع الفلسطيني من أجل دولة علمانية ديموقراطية عربية”. والمقصود هنا في إعادة البناء في الثقافة والذهنية الفلسطينية.

فالدولة عربية ولا بأس أن تقبل وجود اليهود في إطارها انطلاقاً من “أنهم ينتمون إلى قوميات أخرى”، أي نحن الفلسطينيون من قومية بينما اليهود يصبحون الأغيار من قوميات وطوائف أخرى. وهنا شقلب سلامة الكيلة المفاهيم من أجل التضليل لا غير، بينما هو يرى أن اليهود هم الدولة والباقي يتعايش فيها ومعها. سنعود لهذا الطرح في سياق نقاش الوثيقة التأسيسية ونرى كيف طرح سلامة الموضوع.

وفي مقالته في الحوار المتمدن المنشورة  في 23/6/2018م بعنوان “ماذا سيفعل الحزب الشيوعي الإسرائيلي بخصوص فشل حل الدولتين؟” يقول سلامة:

“الحزب الشيوعي الإسرائيلي وافق على وجود الدولة الصهيونية، واعتبر أن قيامها هو انتصار لحركة التحرر اليهودية ….. فقد ظل يعترف بالدولة الصهيونية،
يظهر الآن واضحاً أن حل الدولتين الذي جرت المراهنة عليه من قبل الفصائل الفلسطينية، والسلطة التي تشكلت باسمها، وكذلك من الأحزاب الشيوعية، ومنها الحزب الشيوعي الإسرائيلي، هذا الحل بات “في خبر كان”، حيث فرضت الدولة الصهيونية على الأرض ما ينفي كل إمكانية لتحقيقه، وهي تسعى الآن لضم معظم أرض الضفة الغربية بعد أن ضمنت عدم المساس بوضع القدس، ومن ثم بعد أن بات الموقف الأميركي داعماً علناً لهذه السياسة، وحيث تسعى أميركا ترامب إلى فرض “صفقة القرن” التي تشطب مسألة قيام دولة فلسطينية.”

النتيجة: ينتقل سلامة كيلة إلى حل الدولة الواحدة لاستحالة حل الدولتين وهذه الإستحالة بسبب رفض إسرائيل للمشروع ولاءاتها الأربعة والخمسة، وبسبب أنها هودت جزءا أساسيا من أراضي الضفة الغربية، ولأنها معسكر محاط بمجتمع مدني ولأنها تسعى وبدعم من أمريكا للتوسع كما الهيمنة على المنطقة العربية. والموقف الأمريكي بات داعما علنا لهذه السياسة. ونقول أن الموقف الأمريكي كان داعما لها منذ “البدء”.

إذن هو في الجوهر ينتقل من حل الدولتين إلى حل الدولة الواحدة لأن إسرائيل ترفض حل الدولتين. وفي الحقيقة هو يقول لإسرائيل إذا كنتم لا تريدون الانسحاب من أي جزء من فلسطين فابقوا فيها وأنا وأمثالي سنعمل باخلاص من أجل تسويغ بقائكم أنتم ومؤسساتكم ودولتكم ومستوطناتكم ونُطبِّع معكم ونتعايش مع استيطانكم، وعلينا أن نزين الأمر لقرائنا.

لا، سيقول سلامة كيلة “أنا أريد تفكيك الدولة وتخليص اليهود من عنصريتهم وصهيونيتهم قبل “العُمّاد” وتخليص الدولة من عنصريتها قبل قسم الولاء لها وعودة اللاجئين ..وهذا ما سنأتي إليه.

ما هو الحل الإستراتيجي؟

 يقول غازي الصوراني في الحوار المتمدن وهو قيادي في الجبهة الشعبية:

“بعد أن بات قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة على الأراضي المحتلة 67، أقرب إلى الوهم في ظل ميزان القوى المختل راهناً، ولا يشكل حلاً أو هدفاً مرحلياً يلبي الحد الأدنى من أهداف شعبنا، وإنما يمثل ضمن موازين القوى في هذه المرحلة – تطبيقاً للرؤية الإسرائيلية الأمريكية، الأمر الذي يؤكد على ضرورة الحوار المعمق لتكريس التزامنا بالهدف الإستراتيجي وتجاوز كل حديث عن حل مرحلي بوسائل تسووية بعد أن توضح بأنه وهم قاد إلى انحدار نشهد اليوم نتائجه المدمرة”.

فحلُّ دولة فلسطينية كاملة السيادة هو وهم ويأتي تطبيقا للرؤيا الإسرائيلية الأمريكية، والرفيق الصوراني لم يسهب كيف أصبح حل الدولة المستقلة في خدمة إسرائيل ولكنه اكتفى بقول ذلك وتخلص منه.

إن طرح الفكرة التي تنطوي على قبول إسرائيل واحتلالها لفلسطين (مشروع الدولتين) قد قوبل بتأسيس جبهة الرفض في حينه عام 1974م، وظل هذا الموقف مستمرا حتى اليوم. ولكن، لم يكن هذا الرفض من أجل قبول دولة المستوطنين

والمستوطنات في كل أنحاء فلسطين بل كان من أجل تحرير فلسطين من الاستيطان اليهودي واستعادتها للشعب الفلسطيني. وكان غازي الصوراني من هذا الفريق.

إن غازي الصوراني يقدم لفكرته بحق بأن شعار الدولة الفلسطينية (العربية) المستقلة هو وهم وهو تنفيذٌ للسياسة الأمريكية، وبالتالي العودة إلى الشعار الإستراتيجي.

ما هو الشعار الإستراتيجي؟

ظهرت عبارة شعار استراتيجي كهدف نهائي أمام هدف مرحلي جزئيته تتمثل في “إقامة السلطة الفلسطينية” على مناطق محررة، كما تفعل الثورات عادة  كمهمة تكتيكية في محطة من محطات النضال المشتبك والمستمر وعبر حرب التحرير الشعبية طويلة الأمد أو عبر حروب تقليدية قد يربحها العرب.

وكي يكون الأمر مستكملا بصياغاته، تكون هذه المحطة التكتيكية على طريق التحرير الكامل والشامل لفلسطين من الاستعمار الاستيطان اليهودي في فلسطين. وهذا قطعا ليس التعايش مع الاستيطان ولا بقاء المستوطنات، بل “استعادة فلسطين إلى أيدي العرب وبالكامل ودون تنازلات للمشروع الصهيوني بل هزيمته هزيمة تامة والإجهاز عليه قبل أي معالجات تخص الوضع القائم.”

وقد أوضح جورج حبش هذا الأمر في صياغات مدققة.

يقول جورج حبش:

 “ولا بد أن تؤدي معركة التحرير إلى إزالة الكيانات المصطنعة وذلك بالضبط هو الذي يقدم إطار الحل الصحيح، ليس فقط في فلسطين ولكن في جميع المناطق العربية الأخرى.”

” بعد هدم إسرائيل ككيان عدواني عنصري لا بد من مواجهة الإشكال المتأتي عن وجود عدد من الذين يريدون البقاء والعيش ضمن إطار الدولة الديموقراطية الإشتراكية مواجهة ديموقراطية”

الحديث هنا يدور عن عدد وليس بقاء كل الجسم الإستيطاني  كما سنرى الطروحات لاحقا.

ويستكمل حبش طرحه:

“… ويبدو لي أن الدخول في تفصيلاتها التنفيذية هو استباق مبكر لطبيعة الأمر. على أن المهم، بشكل عام، تحديد الخطوط الإستراتيجية للتوجه، فمعركة التحرر الوطني الديموقراطي تتجه نحو تحطيم الوجود العنصري الاستيطاني الاستعماري في فلسطين وذلك بالتحرر الناجز دون الوقوع في فخ التسويات أو التنازلات. أما الوجود العددي والديني والثقافي والديموقراطي لهذه المجموعة من الناس فهو مسألة يستطيع الوجود الثوري ذاته أن يواجهها ديموقراطيا وأن يحلها على أساس مبادئ الإشتراكية العلمية”.

ويقول، في إجابته على سؤال حول الحل الديموقراطي: “المحظور هو إظهار المسألة انتزاع لفلسطين من الوطن، وبناء كيان خاص ومنفصل ومزدوج القومية دون هوية عربية، وذلك باسم الديموقراطية، فذلك ليس هو الديموقراطية” (مهدي عبدالهادي، مصدر سابق، مقابلة مع حبش منشورة في الصفحة ( 37 -380).

إذن الحل الإستراتيجي هو تحرير فلسطين ومعالجة مشكلة عدد من اليهود الذين يبقون في فلسطين بعد التحرير ممن هم مستعدون للتعايش مع الفلسطينيين والأمة العربية. وهذا حجر الزاوية في فكر جورج حبش والذي يعني بلا مواربة أن الواقع هو النضال للتحرير مما يعني أن الدولة الواحدة هي رؤية لما بعد التحرير”.

إن هذا أمر واضح وهو يختلف عن الموقف بإبقاء المستوطنات في مكانها والتعايش مع المستوطنين لمجرد أن يقولوا “لسنا صهاينة” وبقاء الحال على حاله. كما طرح أحمد قطامش كما سنرى لاحقا.

إنهم لن يقولوا لسنا صهاينة ما داموا يتحكمون بالأرض والسكان الفلسطينيين.

أما الدعوة لتجاوز حل الدولة المستقلة باعتباره وهما وتنفيذا للسياسة الإسرائيلية والأمريكية، فهذا توصيف حقيقي قدمته جبهة الرفض و كان موجودا منذ بداية سنوات السبعين، أي منذ طرحه كمجرد شعار، ورفضته قوى الرفض الفلسطيني وعلى رأسها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وهاهم أنصار التسوية ينعقون اليوم بأن مشروع الدولتين هو وهم، أي أن مؤيديه سابقا يرفعون في وجهه اليوم سيف منتقديه، سيف الرفض الفلسطيني.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.