نشر على جريدة رأي اليوم الإلكترونية في 13/تشرين 1/2018
تعرض الدكتور عبد الستار قاسم للعديد من الاعتداءات والإجراءات القمعية من قبل السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني والأنظمة العربية. وهو أكثر المثقفين العرب تعرضا للملاحقات في العصر الحديث. أطلقت عليه النار عدة مرات وأصيب بأربع رصاصات، وأحرقت سيارته ثلاث مرات، واعتقل مرارا من قبل الصهاينة وعناصر الأمن الفلسطيني. اعتقلته السلطة الفلسطينية مرتين بسبب كتابته حول انتهاك القوانين الفلسطينية من قبل مسؤولين فلسطينيين غير مسؤولين. ووصل الأمر إلى درجة اعتقاله إبان إجازة تفرغه العلمي، وكانت أول مرة في التاريخ أن يقضي أستاذ جامعي إجازته العلمية في السجن لأسباب تتعلق بالرأي.
قدمته السلطة الفلسطينية للمحاكمة بعدما كتب أن عباس ينتهك القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية والقانون الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقدمته للمحاكمة. خسرت السلطة القضية أمام محكمة الصلح فاستأنفت. الاستئناف فسخ الحكم لأن الصلح امتنع عن الاستماع لشاهد. من الناحية الإجرائية، قرار الاستئناف صحيح. عادت القضية للصلح. حولته محكمة الصلح-إلى محكمة الجنايات الكبرى، وهي محكمة أنشأها عباس بدون وجه حق وفي مخالفة للقانون الأساسي الفلسطيني.
محكمة الجنايات قالت إن القضية ليست من اختصاصها، وحولتها إلى محكمة النقض لتعيين مرجعية قضائية وذلك بتاريخ 4/آذار، مارس/2018. ومنذئذ حتى الآن لم يتم تعيين مرجعية. الأشهر تمر والتعيين لم يحصل، علما أن هذه مسألة بسيطة ولا تحتاج إلى مداولات ومشاورات وجلسات.
راجع الدكتور قاسم نيابة نابلس عدة مرات، وراجع محكمة النقض، ولكن بلا فائدة. ومعروف أن الدكتور قاسم يحاول الوصول إلى محكمة الجنايات الدولية عبر محامين إيطاليين. فهو تعرض للكثير من الممارسات المسيئة للشعب الفلسطيني الذي يبحث عن الحرية.
كتب الدكتور للنيابة الفلسطينية يحتج على المماطلة والتسويف على اعتبار أن النيابة هي التي تطلب من محكمة النقض تعيين مرجعية. قدم احتجاجه بتاريخ 9/أيلول، لكن جوابا لم يستلم حتى الآن. هذا ناهيك عن الاتصالات الهاتفية والتي كان آخرها بتاريخ 10/تشرين 1/2018. والدكتور يرى أن المماطلة والتسويف يعبران عن خشية السلطة من خسارة القضية، وقضيتهم بالتأكيد خاسرة.
بما أن هذه مسألة بسيطة ولا تحتاج لوقت طويل، فإن الشكوك حول نوايا ما يسمى بالعدل الفلسطيني بدأت تشكل للدكتور منعطفا. لماذا هذا التسويف وهذه المماطلة. هل يضمرون على شيء؟ وهل يخططون لاعتداء جديد على الدكتور عبد الستار؟ وهل يدبرون له مكيدة؟ كان من المفروض أن انتهينا من المسألة منذ زمن، والدكتور لديه أعمال وأشغال، ولا يوجد لديه وقت لخزعبلات استبدادية.
ولهذا لا بد من جعل القضية عامة، والتوجه إلى وسائل الإعلام لحراسة الأجواء القضائية السليمة في الأرض المحتلة/67. وأمامنا قضية الخاشقجي التي أصبحت عالمية. والمعروف أن الأنظمة العربية بما فيها السلطة الفلسطينية تنتقم من المعارضين والمنتقدين بأبشع الصور.
فأين الإعلام الذي لا يتوقف عن الحديث عن الخاشقجي بينما لا يحظى آخرون بأي نوع من التغطية. طبعا السبب واضح وهو أن الخاشقجي كان يكتب في وسائل أمريكية، وله من يدافع عنه. الدكتور عبد الستار قادر أن يكتب، لكن وسائل أمريكا لا تفتح له أبوابها. فالخلل أن كتابات الدكتور عبد الستار قاسم وأمثاله تبقى في وسائل عربية، ووسائل الإعلام العربية لا تتبنى كتابها ولا تدافع عنهم كما الأمريكية. والكتاب بخير إن لم يقم أحدهم بسرقة مستحقاتهم المالية.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.