يمكن اعتبار هذه المُلَخّصات الإخبارية مقدمة لمقال بعنوان “الصين، رائدة الرأسمالية في القرن الواحد والعشرين؟” وذلك بمناسبة مرور أربعين سنة على هيمنة الجناح اليميني على الحزب الحاكم وعلى جهاز الدّولة في الصين، وتشكل هذه المُقتطفات متابعة مُستمرة للتطورات، يمكن استخدامها فيما بعد، لإنجاز تحليل مُطوّل وتحديد صورة أكثر اكتمالاً للوضع في الصين، ولمكانتها في العالم…
الصين في القرن الواحد والعشرين: تهدف مبادرة “الحزام والطريق” (منذ 2013) إلى ربط الصين بأوروبا، على طول طريق الحرير القديم، عبر شبكة من الطرقات البرية، والسكك الحديدية، والموانئ البحرية، وخطوط الأنابيب (صينية الصنع)، وتهدف كذلك لتأمين طُرق تجارية تُمَكّنها من عدم الإعتماد حصريا على المَضَائق المائية، مثل مضيق “ملقا” (البوّابة الجنوبية للصين)، والذي تُهدّد الولايات المتحدة (منذ 2012) بإغلاقها، حال احتداد درجة الخلاف مع الصين، وتُقَدّم الحكومة الصينية “مبادرة الحزام والطريق” كمشروع تعاون بين بلدان “الجنوب”، وخصوصًا الدول المُجاورة التي تحتاج إلى البنية التحتية، وستتكفل الصين بإنشائها (عبر قُروض مُيَسّرَة)، ولكن بعض الزعماء السياسيين لا يُشاطرون الصين وجهة نظَرِها، ومنهم رئيس وزراء ماليزيا “مهاتير محمد” الذي عاد إلى الحكم، مؤخرًا، عبر انتخابات كانت السعودية أكبر الخاسرين من نتائجها، وهو يرى إن شروط الصين مُجحفة وقد تُشَكّل نسخة جديدة من الإستعمار، وعلّق استثمارات وعقود مع الصين بقيمة تفوق 23 مليار دولارا، لأنه يعتبرها “عقودًا غير عادلة”، بينما كانت “ماليزيا” ثاني أكبر “مُسْتَفِيد” من الاستثمارات الصينية ضمن “مبادرة الحزام والطريق”، وسبق أن ذكرْنا مثال “سريلانكا” التي عجزت عن تسديد ديون صينية بقيمة 1,4 مليار دولارا، فاضطرت إلى توقع عقد إيجار (مع شركة حكومية صينية) لمدة 99 عاما لميناء استراتيجي مقابل الإعفاء من الديون، وهو فَصْلٌ يُذَكِّرُ باضطرار الصين إلى تأجير “هونغ كونغ” لمدة 99 سنة لفائدة بريطانيا في القرن التاسع عشر، ولم تستعِدْها سوى سنة 1997، بشروط، كما يُذَكِّرُ بشركة الهند الشرقية البريطانية التي كانت مَدْخَلاً لاحتلال الهند، وقد تصبح الشركات الحكومية الصينية المُشرف الفِعْلِي على اقتصاد باكستان، أكبر “مستفيد” حاليا من الإستثمارات الصينية في مجالات البنية التحتية والطاقة ضمن “مبادرة الحزام والطريق”، ويَسهر الجيش الباكستاني مع أعداد صغيرة من ضُبّاط المخابرات العسكرية الصينية، على أمن وحماية مشاريع البنية التحتية الصينية، التي يُشرف على إدارتها الصينيون، والتي تبلغ قيمتها 62 مليار دولار في البلاد… عن وكالة “شينخوا” + “إيكونوميست” (بتصرف) 14/10/18
الصين، خطوات عَمَلِية لاكتساب القُوّة – نموذج طريق الحرير الجديد: أعلنت حكومة الصين منذ سنة 2013، بعد قرار الرئيس باراك أوباما بمحاصرة الصين عبر جيش البحر الأمريكي سنة 2012، إطلاق مبادرة “حزام واحد – طريق واحد” أو “طريق الحرير الجديد”، بهدف تعزيز روابط الصين التجارية والإقتصادية مع بلدان العالم، وتطوير وإنشاء طرق تجارية وممرات اقتصادية تربط أكثر من 60 بلدا، وأولت الصين اهتمامًا خاصًّا للإستثمار في مشاريع البُنْيَة التّحتِيّة في آسيا، وكذلك لمحطات الوصول في أوروبا (إحدى أهم أسواق البضائع الصينية)، واهتمت بتعزيز خطوط المواصلات الحديدية مع بريطانيا التي صدّرت لها الصين بضائع بقيمة 55 مليار دولارا سنة 2016 وألمانيا بقيمة 65 مليار دولارا خلال نفس السنة، وأطلقت الصين منذ أواخر 2011 رحلات تجريبية، قبل نقل البضائع سنة 2013 عبر السكة الحديدية في رحلات حقيقية بين مقاطعة “جيانغشي”، جنوب شرق الصين وأوروبا، وارتفع عدد الرحلات بنهاية كانون الأول/ديسمبر 2017، بهدف تقليص فترة الشحن إلى أوروبا، من حوالي 34 يوم من الصين إلى بريطانيا وإلى أقل من 14 يوم نحو ألمانيا، وتمر القطارات عبر كازاخستان وروسيا وبيلاروس وبولندا، ثم ألمانيا، لتقتصر على البضائع في البداية ثم تُضيف نقل المُسافرين، في مرحلة ثانية، وبلغ عدد الرحلات “التجريبية” بين تموز/يوليو 2013 وكانون الأول/ديسمبر 2017 حوالي ثلاثة آلاف رحلة، استخدمت 57 خطا حديديا يربط بين القارتين، بحسب بيانات شركة السكك الحديدية الصينية، ونقلت نحو 520 ألف طن من البضائع بقيمة 5,2 مليار دولار نحو ألمانيا، وحوالي 1300 سلعة إلى 121 مدينة في 24 دولة في الاتحاد الأوروبي وروسيا ووسط آسيا، وأعلنت وكالة الصين الجديدة “شينخوا” في الأول من أيلول/سبتمبر 2018 ارتفاع عدد الرحلات إلى عشرة آلاف رحلة خلال الأسبوع الأخير من شهر آب/أغسطس 2018، وارتفع عدد الرحلات من 377 رحلة سنوية سنة 2017 إلى نحو 500 رحلة مُتوقّعة بنهاية 2018، وتتجه الرحلات إلى مدن أوروبية، ومن بينها موسكو في روسيا وهامبورغ (ميناء في ألمانيا) وليون الفرنسية، لتحمل القطارات سلعًا صينية، من بينها السيارات والمكونات الإلكترونية ومنتجات الصلب و”الكابلات”، وتعود مُحَمَّلَةً بمنتجات الألبان من روسيا والنبيذ الفرنسي والجعة (البيرة) الألمانية، وهي سلع أقل قيمة بكثير من قيمة الصّادرات الصّينية، وأصبحت هذه الرحلات تغطّي 48 مدينة صينية وأكثر من 40 مدينة في 14 دولة أوروبية، وبالإضافة إلى اختصار وقت الرحلات، إلى أقل من أسبوعين (بعدما كانت مدتها تفوق ثلاثة أسابيع)، انخفضت تكاليف النقل بنسبة 40%، وارتفع حجم المَنْقُولات…
بدأت الصين تشغيل خط أسبوعي جديد لنقل السّلع بين مدينة “تشونغ كينغ” (جنوب غرب الصين) و”ماهايم” (جنوب غرب ألمانيا) بواسطة القطار السريع “ترانس آسيا” الذي يقطع المسافة بين المدينتين والبالغة 11200 كيلومترًا، في فترة 17 إلى 18 يوم، وقبل الوصول إلى “مانهايم”، يعبر القطار جزءًا كبيرا من الصين وكازاخستان وبيلاروس وبولندا…
تمكّنت الصين من مراكمة فائض مالي ضَخْم من استغلال الثروات والأسواق الإفريقية لفترة ثلاثة عقود، وكذلك من الإستغلال الفاحش للعُمّال المحلِّيِّين الصينيين ولحوالي ثلاثمائة مليون من القَرَوِيِّين الصينيين الذين جرّدَهُم الأعيان المحليون (من قيادات الحزب الحاكم) من الأراضي التي كانوا يعملون بها (الأراضي ملك للدولة)، فاضطرّوا للهجرة نحو المدن الصناعية ليقع استغلالهم بشكل فظيع، دون تمكينهم من أي حق في الإقامة أو العلاج أو تعليم الأبناء، ويضطرون لتسديد الرشاوى مقابل السكن في أكواخ ومقابل تمكينهم من العلاج وتمكين أبنائهم من الدّراسة… عن وكالة “شينخوا” + د. ب. أ (ألمانيا) 26/10/18
الصين، رأسمالية القرن الواحد والعشرين: نشر “اتحاد المصارف السويسرية” (يو بي إس) وشركة (بي. دبليو. سي) الاستشارية تقريرًا (26/10/2018) عن أثرى الأثرياء في العالم (زبائن المصارف وشركات المضاربة والإستثمار) وورد في التّقرير إن 199 شخصا على مستوى العالم انضموا إلى قائمة المليارديرات سنة 2017، وحصل ثلث هؤلاء الأثرياء على ثرواتهم من خلال الابتكار (في مجال التكنولوجيا مثل بيل غيتس ومارك زوكربيرغ) في حين كسب الباقون ثرواتهم من خلال توسيع أنشطتهم في منطقة آسيا والمحيط الهادي، ارتفعت قيمة ثروات هؤلاء الأغنياء بنسبة 19% سنة 2017، مقارنة بسنة 2016، أو ما يعادل 8,9 تريلونات دولارا، “بفضل” ارتفاع ثروات الأثرياء في الصين (التي يحكمها حزب يسمي نفسه “شيوعي”) بنسبة 39% خلال سنة واحدة، وارتفع عدد مليارديرات الصين من 318 سنة 2017 إلى 373 منتصف سنة 2018، بثروة إجمالية تبلغ 1,12 تريليون دولارا، وكان تقرير “هورون” (الذي يرصد ثروات أثرياء العالم) قد لاحظ منذ سنة 2015، إن ثُلُثَ الأثرياء في الصين هم أعضاء في الحزب الحاكم (“الشيوعي”)، وإن متوسط ثروة سبعين عضو في مجلس الشعب (مجلس النواب الصيني) يتجاوز مليار دولارا…
بمناسبة الذكرى الأربعين لهيمنة الجناح الرأسمالي الليبرالي، في الحزب الحاكم في الصين، على مقاليد الحكم، (بقيادة “دنغ هسياو بينغ”)، افتتح الرئيس الصيني يوم الثلاثاء 23 تشرين الأول/اكتوبر 2018، جسرا جديدا يربط بين “هونغ كونغ” (التي استعادتها الصين من بريطانيا سنة 1997)، وهي أحد أهم المراكز المالية العالمية، وجزيرة “مًكَاو” (التي استعادتها الصين من البرتغال)، حيث توجد كازينوهات محلات قُمار هامة، ومدينة “تشوهاي” الصينية، ويعد هذا الجسر واحدا من أطول الجسور في العالم، حيث يمر عبر مصب نهر “اللؤلؤ” في جنوب الصين، ويهدف بناء الجسر لتطوير مناطق غرب دلتا نهر اللؤلؤ الأقل تطورا نسبيا في إقليم “قوانغدونغ”، ويتألف الجسر من مقاطع يبلغ طولها حوالي 35 كيلومترا إلى جانب نفق بطول 6,7 كيلومتر ووصف بأنه أطول معبر بحري يضم جسرا ونفقا في العالم، ويتنزّل ضمن مبادرة “طريق الحرير الجديد”، لربط مختلف مناطق الصين بمناطق أخرى في العالم، من آسيا إلى أوروبا، عبر آسيا الوسطى… عن “رويترز” 26/10/18
الصين والكيان الصهيوني – 1: أدّى رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتن ياهو زيارة هامة للصين سنة 2017، عززت النمو السريع للعلاقات الثنائية ولمشاريع الشركات الصينية في الأراضي المغتصبة من أهالي النقب، ومد خط سكة حديدية بين ميناء “أم الرّشراش” وحيفا، وشراء الصين أسلحة ومعدّات قمع وتقنيات قمع المظاهرات وطائرات تجسس، من الكيان الصهيوني… وأدّى نائب الرئيس الصيني زيارة طويلة لفلسطين المحتلة، لفترة أربعة أيام كاملة، انتهت يوم الخميس 25/10/2018، بمناسبة انعقاد اللقاء الرابع ل”اللجنة الصينية الإسرائيلية المُشتركة للتعاون في مجال الإبتكار”، واعتبر المسؤول الصيني الزيارة “مُثْمِرَة”، لأنها “عَزّزت العلاقات والتعاون الثنائي الحالي والمُسْتَقْبَلِي في مجال الابتكار من أجل المنفعة المتبادلة”، وادّعى نائب الرئيس الصيني إن دولة الإحتلال ومستوطنوها الذين جاؤوا من 100 دولة مُخْتلفة واغتصبوا أراضي ووطن السكان الأصليين، “تتمتع بتاريخ طويل وثقافة رائعة”، وعبر عن احترامه وإعجابه بدولة الإحتلال وأعلن “أن الصين تقف مستعدة للتعاون مع إسرائيل لمواصلة تعميق الشراكة الشاملة للابتكار، والتعاون المَتِين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والزراعة والتعليم والطاقة والرعاية الصحية والثقافة”، ووقّع نائب الرئيس الصيني سبع اتفاقيات جديدة، واتفق مع زعماء الإستعمار الإستيطاني الصهيوني على تنفيذ “خطة عمل بشأن التعاون الثنائي في مجال الابتكار من العام 2018 إلى العام 2021…” عن “شينخوا” 25/10/18
الصين والكيان الصهيوني – 2: قبل السفر لِلِقاء “قابوس” في عُمان، أبرم رئيس حكومة العدو في القُدس المُحتلّة صفقات سياسية واقتصادية مع نائب رئيس الصين، الذي ترأس وفدًا حكوميا صينيّا هامًّا للمشاركة في “الاجتماع الرابع للجنة الصينية-الإسرائيلية المشتركة للتعاون في مجال الابتكار”، وتم توقيع ثماني اتفاقيات ثنائية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والعلوم الحياتية والإبداع والصحة الرقمية والزراعة، والإلتزام بتطوير حجم البادلات التجارية، وذلك بعد أسابيع قليلة من إعلان استثمار “مجموعة شانغهاي للموانئ” لاسغلال مينائَيْ “حيفا” و”أشدود” المُحْتَلَّيْن، وحفر أنفاق في جبل “الكرمل” (حيفا)، في نطاق مسار طريق الحرير الجديدة (الحزام والطّريق)… أعلن مكتب الإحصاء لدولة الإحتلال إن الصين أصبحت ثالث مستثمر في شركات التقنية العالية في فلسطين المحتلة، ومن بينها التقنيات العسكرية، التي تراقبها الولايات المتحدة عن كثب، لأن معظم هذه التقنيات أمريكية الأصل، وارتفعت قيمة الصادرات الصهيونية إلى الصين خلال النصف الأول من سنة 2018، إلى 2,8 مليار دولارا، وفق نفس المصدر الصهيوني الذي أشار إلى التطور الهائل للعلاقات في كافة المجالات، وأهمها العلوم وعلوم الحياة والتكنولوجيا والابتكار والصحة الرقمية والطب الحيوي والزراعة، وفي المجال العسكري، انفق الطّرفان على “إقامة مشروع مشترك لتصميم الطائرات وتصنيعها وبيعها في الصين”، مع الإشارة إلى تَعَدّد المواد الإعلامية الدّاعمة للكيان الصهيوني، والمعادية للقضية الفلسطينية وللعرب، في وسائل الإعلام الحكومية الصينية، وذلك منذ بضعة سنوات، ومنذ 2012 على أقل تقدير، وسبق أن أشَرْنا إلى سلسلة إعلامية في التلفزيون الرّسمي، وُصِفَتْ ب”الوثائقية”، تُرَوّج الرواية الصهيونية بحذافيرها، وبدون أي تحفّط، لتاريخ فلسطين وما حولها… عن رويترز + “شينخوا” 27/10/18
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.