تعرضتُ في الحديث يوم الجمعة الماضي مع الفضائية السورية، كما تعرضت مراراً قبل ذلك، لمسألة مركزية في النضال العروبي في هذه الحقبة السوداء وهي استعادة الشارع العربي. ولإن هذه المهمة/المسألة مركزية ومُلحة تحديداً فإن للمثقف المشتبك دوره البارز في تعميق وتحشيد الوعي وتحديداً لمواجهة الثقافة السلفية/الوهابية كجزء من تحالف انظمة وقوى الدين السياسي ثلاثية الأطراف: “الوهابية/السلفية الإخوانية ، والمحافظية الجديدة والصهيونية أو اليهو-سيحية”.
هذا التحالف الذي احتل الشارع العربي منذ هزيمة حزيران 1967. وهنا يجب أن يخلد في وعينا، بان تقصير الكثير من العروبيين والشيوعيين الحقيقيين والذي بدأ منذ تلك الهزيمة وتجلى في:
- مغادرة القناعات النظرية
- مغادرة اي نشاط سياسي وحتى فكري
- الإلتصاق بالأنظمة والإلتزام بسقفها ونموذج ذلك عزمي بشارة
- الهجوم على الجمهوريات دون ذكر الممالك والمشيخات التي استفادت من هذه الهدنة لتنشر ثقافة الهزيمة والدين السياسي في الفراغ الذي أحدثه انسحاب الفكر الثوري والتردي إلى حد الوقوقف ضد سوريا مع الإرهاب وحكام النفطيات ومن نماذج ذلك الراحل صادق جلال العظم وفواز طرابلسي.
- غض النظر عن التطبيع بتجلياته العديدة، وفي هذه المسألة إصدار صكوك غفران لأشخاص واحزاب وصحف وفضائيات تتنقل يوميا في تصريح مع سوريا وآخر تحتضن فيه مطبيعن/ات ومعترفين بالكيان.
هذا الانحسار أو الردة الثورية ساهم في حالة من الغثيان السياسي الفكري، فتم تمرير التطبيع قديمه وحديثه إلى أن وصلنا إلى ما نحن فيه.
يفتح هذا الحديث على مسألة خطيرة ايضا وهي ذات جذور استشراقية مفادها ما ركزته ثقافة الاستعمار بطبعته الاستشراقية بأن العرب كأمة، وليس كحكامٍ، لن ينهضوا، وتضمن ذلك بالطبع تغذية الطائفية والإقليمية والتبعية…الخ. ووصل البعض إلى إنكار وجود أمة عربية بينما يعترف بالكيان الصهيوني “كأمة” مع انه تجميع من مئة قومية متنافرة متباعدة لا تاريخا ولا جغرافيا ولا ثقافة ولا اقتصاد مشتركة بينها. هذا ناهيك عن توليد “أمم” في مستوى إمارة ومشيخة.
ولن أرجع الآن إلى التاريخ العربي القديم والحديث، ولا إلى فذلكات متمركسين عرب ينصحوننا بأن نقرأ الوطن والأمة العربية على ضوء القرن التجزيئي الأخير، قرن سايكس-بيكو ويرفضون تاريخا يمتد إلى ما قبل الإسلام وما قبل الثقافة الهجرية التي أبدع في نقدها المفكر الراحل أحمد حسين، وسأكتفي فقط بالسنوات الثماني الأخيرة حيث صمود سوريا العروبية. فهل يكفي هذا المثال لصد هؤلاء! ولا أقول لإقناعهم لأنهم وصلوا حد عدم العودة.
إن الاشتباك الثقافي اليوم وسوريا تنتصر ومحور المقاومة ينتصر، والقطبيات الجديدة تتقدم كقوى اقتصادية وسياسية صديقة، هو مع ثقافة الحلف الثلاثي لأنظمة وقوى الدين السياسي العدوة لاستعادة الثقافة العروبية الوحدوية المقاومة.
وقد يكون من مرتكزات الصد والرد الثقافي المسالة التالية:
نعم وصحيح أن بيننا عملاء وخونة من الحكام والمثقفين/ات ولكن الكيان بأكمله من آذن البناية إلى رئاسة الوزراء هو بنية عميلة للغرب الراسمالي. خونتنا والكيان والغرب الراسمالي هو/هم عدونا.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.