“كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي، 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، إعداد: الطاهر المُعِز

خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد 455

 خلْفِيّات مسلسل الحرب التّجارية“: أعلن الرئيس الأمريكي يوم  22 آذار/مارس 2018 بداية ما أطلق عليها هو نفسه “الحرب التجارية”، من خلال فرض رسوم جمركية بنسب تتراوح بين 10% و 25% على دخول سِلَعٍ صينية في البداية ثم وسَّع الحرب لتشمل سلع أوروبا وكندا و”حلفاء” الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي وفي الحروب العدوانية في آسيا والوطن العربي وإفريقيا، وتبلغ قيمة الرسوم في البداية خمسين مليار دولارا، على دُخول السلع الصينية الأسواق الأمريكية، وردّت الصين باتخاذ إجراء مُماثل قيمته 34 مليار دولارا يوم 06 تموز/يوليو 2018، وتُمثل هذه القيمة ما بين 0,1%  و0,3% من إجمالي الناتج المحلي لكلا البلدين، ثم تبعتها إجراءات أخْرى، وادّعت الولايات المتحدة، بشأن إعلان هذه “الحرب التجارية” إنها ليست هُجُومًا مُعادِيًا، وإنما مُجَرّد رد على “الممارسات التجارية الصينية غير العادلة، وسرقة الملكية الفكرية”، كما تنتقد الإدارة الأمريكية دَعْم الحكومة الصينية للشركات المُنْتِجَة لهذه السّلع وغيرها، والواقع إن أمريكا تدعم الشركات وكبار الفَلاّحين والمصارف بمبالغ خيالية، بل يمكن أن تَشُنّ أمريكا عُدْوانًا عسكريًّا من أجل فَرْضِ هيمنة شركاتها على قطاع إقتصادي (النفط مثلاً) أو على بلدٍ مُعَيّن (العراق كمثال)، ومن المفارقات أن تتحدث أي حكومة أمريكية عن العدالة أو “التجارة العادلة”، في حين هيمنت أمريكا على الإقتصاد العالمي عبر عدّة أدوات فَرَضَتْها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ومن بينها القُوّة العسكرية (بما فيها السلاح النّوَوِي والكيماوي والأسلحة المَحْظُورَة دوليًّا) والمُؤسّسات المالية الدّولية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي) والتعامل بالدولار، وفَرْضِهِ في التجارة العالمية وفي التحويلات المالية بين الدول والشركات عبر العالم، وبلغ العجز التجاري الأمريكي قرابة 500 مليار دولارا (بحسب “دونالد ترامب”)، لكن ذلك لا يُعْتَبَرُ أمرًا مُقْلِقًا، بما أن الدولار هو عُملة تقييم هذا العجز، وتستطع الولايات المتحدة طبع ما تشاء من الدولارات أو خفض قيمة العملة، دون مُحاسبة، لِتنخفض قيمة الدّيون الأمريكية وقيمة العجز التجاري والمالي… تتالت بعد ذلك القرارات العدوانية الأمريكية وقيمة الرسوم (ضد كافة دول العالم) وردود الفعل، وشملت زيادة الرّسوم كافة القطاعات الإقتصادية تقريبًا، ومن بينها التكنولوجيا والصّلب والألومنيوم ووسائل النّقل (الطائرات والسيارات)، والمواد الغذائية (فول الصّويا واللحوم والمُكسّرات) وقطع الغيار والبطاريات وأجهزة التلفزيون والأجهزة الطبية، وفرضت الولايات المتحدة قُيُودًا على الإستثمارات الصّيِنِيّة…

أثارت هذه السياسة العُدْوانية الأمريكية، بشكلها المتعجرف مخاوف بعض الشركات الأمريكية التي عَبّر مُمثلوها عن مخاوفهم من التأثير السّلْبِي، لزيادة الرّسُوم والتصريحات العدوانية، على أعمال هذه الشركات، ومن بينها  المجلس الوطني لمنتجي لحم الخنزير وجمعية فول الصويا الأمريكية ورابطة مَسْؤُولي أسواق التجزئة، وقطاع الصناعات التحويلية،  كما عبر بعض رؤساء البلديات والمدن عن مخاوفهم أيضا، ومُنِيَتْ أسعار الأسهم في أسواق المال الأمريكية بخسائر كبيرة لمدة أسبوعين مُتَتَالِيَيْن، بسبب الرسوم، قبل أن ترتفع من جديد…

عَبَّر رئيس الجمعية الأميركية لسلطات المرافئ عن قَلَقِهِ من الأضْرار التي تلحق المرافئ المائية الأمريكية ( في المحيطيْن الهادئ والأطلسي وخليج المكسيك والبُحيرات الكبرى) بسبب الرّسُوم المفروضة، والتي ستؤدّي إلى انخفاض مداخيل الموانئ، لأن مجموع الرسوم الجمركية المفروضة وتدابير الرد الدولية يطاول نسبة 10% من مجمل المبادلات التي تمر عبر هذه المرافئ الأميركية، ما يمثل عائدات بنحو 160 مليار دولارا، ولذلك فقد تُصْبِح  الخاسر الأكبر من الحرب التجارية، التي تُهَدِّدُ حركة التجارة العالمية، وخصوصًا التجارة البحرية، وسجّلت حركة السلع تراجعًا في مرفأ “نيو أورليانز” بولاية “لويزيانا (جنوب الولايات المتحدة) في واردات الألومنيوم، وتراجعا بنحو 350 ألف طن في واردات الفولاذ، من الصين وتركيا وكوريا الجنوبية، والفولاذ أهم البضائع التي تمر عبر هذا المرفأ، خلال النصف الأول من سنة 2018، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2017، أو ما يعادل خسائر قد تصل إلى خمسة مليارات دولارا، بسبب الرسوم التي فَرَضَتْها الإدارة الأمريكية بنسبة 25% على واردات الفولاذ، كما تراجعت حركة تصدير الدّواجن الأمريكية إلى الصين، عبر نفس الميناء، الذي يُشَغِّلُ حوالي 11% من العاملين في جنوب ولاية كاليفورنيا، بينما يبلغ العدد الإجمالي للعاملين مُباشرة في الموانئ الأمريكية نحو ثلاثة ملايين عامل وموظف، ويمثل نشاط الشحن البحري حوالي 4,6 تريليون دولارا سنويّا، وضرائب للخزينة بحوالي 230 مليار دولارا سنويا، وترتبط بهذا النشاط عدة قطاعات أخرى، تُوَظِّفُ نحو 23 مليون شخص…

أما في الصين فَيُقَدّر التّأثير المُباشر للرسوم الأمريكية على نمو الاقتصاد الصيني سنة 2018 بما بين 0,1% و0,3%، ولئن كان التّأثِير أقل هذا العام على اقتصاد الولايات المتحدة، نقطة مئوية، فإنه سيكون التأثير أكبر سنة 2019، ولا يقتصر التأثير على الصين وأمريكا فحسب، بل يتعداه إلى إلحاق أضْرَارٍ باقتصاد وبنمو دول وشركات عديدة أخرى، بسبب ارتباط الإقتصاد العالمي، وبسبب وجود مُكَوّنات غير صينية كثيرة في المنتوجات الصينية التي استهدفتها الحرب التجارية الأمريكية، ويعتقد بعض خبراء الإقتصاد “إن فرض رسوم على واردات بقيمة 100 مليار دولار يقلص حجم التجارة العالمية بنسبة قد تبلغ  نحو 0,5%، ويعتقد خبراء روسيا إن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ستُلْحِقُ أضْرارًا كبيرةً باقتصاد روسيا وباقتصاد الدول التي تعتمد على تصدير المواد الخام، مثل روسيا وأستراليا وكندا والمكسيك، فضلاً عن الدول الأصغر التي تعتمد على صادرات النفط والغاز والفوسفات والمعادن الأخرى، ويتهدد اقتصاد هذه الدّول خُرُوج الأموال من أسواقِها، مما قد يُؤَدِّي إلى خسارة تفوق نسبتها 1% من إجمالي الناتج المحلي، مما يجعلها أكثر عُرْضَةً للمخاطر من اقتصاد الطَّرَفَيْن الأساسِيَّيْن للحرب التجارية، أي الولايات المتحدة والصين… 

يُعتبر اقتصاد أمريكا واقتصاد الصين، أكبر اقتصادين في العالم، وارتفعت قيمة الرسوم الجمركية الإضافية التي فَرَضَها الطّرَفان على دُخُول السلع، إلى مائة مليار دولارا، في بداية شهر تموز/يوليو 2018، وتعتزم أمريكا زيادتها إلى مائتَيْ مليار دولارا، ويهدّد الرئيس الأمريكي ببلوغ القيمة الإجمالية للرسوم الأمريكية نحو 500 مليار دولارا سنويا (حجم العجز التجاري الأمريكي)، “ما لم تشتر الصين مزيدًا من السلع الأمريكية”، مما يُهدّد أُسُسَ الإقتصاد الرأسمالي الليبرالي العالمي، الذي تنخرط الصين فيه بكل قُوّة، ويُهَدِّدُ النمو في كافة بلدان العالم، وأصبحت الصين، منذ نحو ثلاثة عُقُود أكبر مُدافع عن “التجارة الحرة” وعن “نظام عالمي متعدد الأطراف” (بديلاً عن هيمنة طَرَفٍ واحدٍ هو الولايات المتحدة)…

تستهدف أمريكا تغيير الخطط والسياسات الدّاخلية الصينية، وعرقلة برامج في طور الإنجاز، مثل برنامج “صُنِع في الصّين” الذي يتوقّع استكماله بنهاية 2025، وتَتَعَلّلُ الولايات المتحدة بدعم حكومة الصّين للشركات الخاصة، بينما تَمْتلك الولايات المتحدة الرقم القياسي في دعم الشركات ذات المنشأ الأمريكي، ومن ضمنها الشركات والمصارف العابرة للقارات، كما ترمي الولايات المتحدة إلى “تَرْكِيع” الصين، ووضعت الإدارة الأمريكية خطة للرفع التّدْرِيجي للرسوم لتصل إلى نسبة 25% مع بداية سنة 2019، ويهدف هذا التّدَرّج إلى إمهال الشركات الأمريكية مُدّة لتمكينها من البحث عن السلع في مناطق أُخْرَى، خارج الصّين، مما جعل الحكومة والشركات الصينية تُدْرِكُ إنها في مواجهة حرب استنزاف، ضمن خطة أمريكية طويلة الأجل، مُعدّة سَلَفًا بهدف القضاء على منافسة الإقتصاد الصيني (والشركات الصينية) للإقتصاد الأمريكي، سواء في الأسواق الأمريكية، أو في غيرها من أسواق العالم، كما تُحاول الولايات المتحدة اغتيال بعض المشاريع الصينية، في بداياتها (في المَهْد)، وأهمها محاولات الصين زيادة حجم المبادلات التجارية بعملتها الوطنية “يوان” بدل الدولارا، وسوف تشكل كل زيادة في وزن اليوان، انزياحًا للدولار، وخسارةً لنفوذه، كما تعمل الولايات المتحدة على إخراج الصين من دورة الإنتاج على الصعيد العالمي، عبر زيادة الرسوم التي سوف تُجْبِرُ الشركات الأمريكية والشركات العابرة للقارات على الخروج من الصين، قبل سنة 2025، أي قبل أن “تَتَحَرّر” الصين نهائيًّا من التكنولوجيا الأمريكية و”الغربية” في صناعة الحواسيب والهواتف الموصوفة “ذَكِيّة”، وقبل أن تكتسب الخبرة الضرورية التي تجعلها تُنافس أمريكا أو تتفوق عليها في القطاعات الإقتصادية، ذات القيمة الزّائدَة المُرتفعة، ومن بينها: الصناعات التكنولوجية الدقيقة وقطع غيار الطائرات، والحواسيب و”الذكاء” الاصطناعي، والسيارات التي تستخدم الكهرباء أو الطاقة الشمسية (أُثِيرت قضية الألواح الشمسية الصينية في أمريكا وأوروبا منذ سنوات عديدة)، كما تُحاول الولايات المتحدة مَنْعَ الصين من خفض الإعتماد على النّفط المُسْتَوْرَد، ومن تطوير الطاقة الكهربائية والطاقة “النظيفة” والمُتَجَدِّدَة، ويقول أحد مُستشاري الرئيس الأمريكي “إن الصين بصدد تطوير صناعة وسائل النقل الرّخيصة التي تعمل بالطاقة الكهربائية المَحلِّية، بفضل الدولارات التي تكسبها من الصادرات إلى الولايات المتحدة”، ولهذه الأسباب مجتمعة، وغيرها من الأسباب الأخرى التي لم تَرِدْ في هذه الورقة القصيرة، يُتَوَقّعُ أن تتواصل الحرب التجارية الأمريكية ضد الصين، بل أن تميل نحو التَّشَدُّد والتّصَلّب، مع محاولة عدم إلحاق الضّرَر بالشركات الأمريكية…

أوردنا هذه البيانات، لنكون على دِراية “بثمن” أية مُحاولة للإستقلال الإقتصادي (وبالتالي الإستقلال السياسي)، في ظل عالم تُهيْمِنُ عليه الإمبريالية الأمريكية، ولكي نتأمّل الأهداف الكامنة وراء “الحرب التّجارية”، بهدف إعداد برامج تُمكِّن من الإعتماد على الذات وعلى الموارد المحلية وعلى المبادلات الإقليمية مع الجيران، ومع الدول القليلة التي تحكمها أنظمة تقدمية… عن مجلة “فورين بوليسي” + رويترز + مجلة “ايكونوميست” + وكالة “بلومبرغ” – معلومات منشورة بين أيار/مايو وأيلول/سبتمبر 2018 

 

ابتزاز أمريكي: أكّد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في الأمم المتحدة تمسُّكَهُ بأسلوب “قُطّاع الطّرُق” والإبتزاز الذي انتهجَهُ حتى الآن، ويتضمن الحرب الإقتصادية، والتهديد العسكري، والتّنَصّل من أي التزامات واتفاقيات دولية، واعتبار الأمم المتحدة سفارة أمريكية أو إحدى إدارات وزارة الحرب أو وزارة الخارجية الأمريكية، واعتبار دول الكَوْن إما تابعة لأمريكا أو عَدُوًّا لها، وفي الحالتين، يستبعد الرئيس الأمريكي “الحوار” و”التّشاور”، ويُفضِّلُ، بل يُمجِّدُ القرار المُنْفَرِد، أحادِي الجانب، وشن حربا على منظمة البلدان المُصَدِّرَة للنفط “أوبك”، وحَمّلها مسؤولية سوء أداء “الإقتصاد العالمي”، وأمر أعضاءها بخفض أسعار النفط (بل وَهَدَّدَهُم بالوَيْل والثُّبُور)، في تناقُض مع أوامره المُوازِيَة بزيادة الإنفاق الحربي للسعودية ومَشْيَخَات الخليج، وشراء مزيد من الأسلحة الأمريكية (بأموال عادات النفط) لتأسيس “ناتو” عربي، بقيادة الكيان الصهيوني، لأن الجيش الأمريكي سوف يَكُفُّ عن “تقديم الحماية والمساعدات لسعودية” ولدُوَيْلات الخليج وحُلفاء أمريكا في ما يُسمّيه الرئيس الأمريكي “الشرق الأوسط”، كما سيتوقّف الجيش الأمريكي عن حماية حلفائه في اليابان وكوريا الجنوبية، إذا لم يرفع الحلفاء من الرّسوم التي يُسَدِّدونها “مُقابل الحماية”، وفق الرئيس الأمريكي، الذي سَبَقَ له توجيه تهديد مُماثل لدول حلف شمال الأطلسي، في نطاق برنامجه الذي يعتمد شعار “أميركا أولا”، وأعلن الرئيس الأمريكي إنه أجرى محادثة مع ملك السعودية سَلْمان بن عبد العزيز “الذي سَيُسَدِّدُ ثمن الحماية وثمن الإستقرار”، وفق “دونالد ترامب”، وتعتبر السعودية واليابان من أكبر زبائن الأسلحة الأميركية، ويقدم الجيش الأمريكي لهما ولكوريا الجنوبية ودول أخرى، “مساعدات استخبارية وخدمات التزود جوا بالوقود، ودورات تدريب”، كما ينتشر عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين في القواعد العسكرية بالخليج واليابان وكوريا والفلبين وغيرها، فيما تتَكَفّل وزارة الحرب الأمريكية بنحو 60% من ميزانية جيش كوريا الجنوبية، لكن “دونالد ترامب”، طالب حكومتها سنة 2017 بتسديد مليار دولارا دفعة واحدة، لقاء نشر منظومة الدرع الصاروخية الأميركية “ثاد” فوق أراضيها، والتي فَرَضَتْ أمريكا نَشْرَها، في نطاق محاصرتها الصين… وعلى نطاق أوسع تنصّل الرئيس الأمريكي من مجموعة هامّة من الإتفاقيات الدّولية، من بينها اتفاقية ست دول مع إيران، واتفاقية دولية حول المناخ (اتفاقية باريس) واتفاقيات تبادل تجاري مع آسيا، واتفاقية تجارة بين المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي، واتفاقية مع أمريكا والمكسيك وغيرها، مما يعني إن الولايات المتحدة تُعْلِن نهاية حقبة وبداية حقبة جديدة، لا مكان فيها للدبلوماسية و”للتعايش السّلمي”…  عن أ.ف.ب 30/09/18

 

عرب: شكّلت البطالة التي استفحلت منذ الأزمة الإقتصادية العالمية (تزامنت مع موجة جفاف دامت ثلاث سنوات) أهم أسباب انتفاضة 2010 -2011 في تونس ومصر، وأهم سبب للحركات الإجتماعية في المغرب والجزائر والأردن واليمن، أما في سوريا فقد استمر الجفاف ثلاث سنوات، بعد بلوغ الإكتفاء الذاتي الغذائي (من 2004 إلى 2008)، قبل مظاهرات ريف دمشق التي سُرْعان ما استغلتها سفارات الولايات المتحدة وفرنسا، كرأس حربة للدول الأخرى، واستغلها الإخوان المُسلمون (إخوان الإمبريالية) بدعم إمبريالي وتركي وأطلسي لاستخدام الأسلحة النارية ضد كل ما يرمز للدولة (بقطع النّظر عن النّظام)، بالتوازي مع الحملات الإعلامية ضد نِظامَيْ ليبيا وسوريا، وخَلْق منظمات “حقوق إنسان” و”عمل إنساني” بين عشية وضُحاها، وغير ذلك من أدوات التّآمر والإحتواء، في غياب بدائل ثورية عربية للأنظمة الحاكمة… 

أظهرت بيانات الرّبع الأول من سنة 2018 بلوغ نسبة الدين (مقارنة بالناتج الإجمالي المحلي) 149% في لبنان و101,2% في مصر و95,6% في الأردن و90,6% في البحرين و69,2% في تونس و63,8% في العراق و53,5% في السودان، وتُعْتَبَر هذه النّسبة مجرّد مُؤَشِّر، لأن أهميتها تكمن في قدرة الإقتصاد على إنتاج ما يكفي السكان، بالإضافة إلى ما يجب إنتاجه لتسديد قيمة الدّين الخارجي، ولكن هذه البيانات تُشَكِّلُ أحد أهم المؤشرات على صحة الإقتصاد، إلى جانب نسبة النمو وعجز ميزان التجارة وميزان المدفوعات، وغيرها، ومن نقاط ضُعْف اقتصاد الدّول العربية، ارتفاع نسبة البطالة التي بلغت خلال الربع الأول من سنة 2018، وفق البيانات الرسمية الحكومية، وهي بيانات مشكوك في صحتها، وترمي إلى خفض نسبة البطالة، وإقصاء النساء والشباب وسُكّان الريف من احتساب العاطلين، وبلغت النسبة الرسمية للبطالة 18,7% من القادرين على العمل في الأردن و15,4% في تونس و14,8% في العراق و12,7% في السودان و11,1% في الجزائر و10% في مصر، بينما أجمعت البيانات الرسمية وغير الرسمية على أهمية الإقتصاد المُوازي الذي تراوحت نسبته ما بين 40% و 50% من إجمالي الناتج المحلي للدول العربية، أي إن نصف الإقتصاد خارج عن أي ضوابط أو قواعد، وهو معفى من الضرائب، ولا يُساهم في تمويل خزينة الدولة (رغم استفادته من البُنْيَة التحتية وخدمات الدولة التي تُمَوِّلُها ضرائب الأُجَراء) ولا في صناديق الحماية الإجتماعية والتقاعد والرعاية الصحية وغير ذلك من الخدمات العُمومية…

تُعاني معظم الدول العربية من انخفاض احتياطي النقد الأجنبي، وانخفاض الإستثمارات الأجنبية، ومن انخفاض قيمة الصّادرات، ومن ضُعْف أو انعدام إنتاج الغذاء والحاجيات الضرورية، فضْلاً عن الآلات والتجهيزات الأخرى، وتُعاني دول المغرب وتونس ومصر والأردن من ارتفاع نسبة الدّيون، وخصوصًا من ارتفاع قيمة “خدمة الدّيون”، حيث اقترضت مُعْظَم الدول بنسب فائدة ضعيفة نِسْبِيًّا بين 2008 و 2016، ثم لمّا حل أجل تسديد بعض الديون ارتفعت نِسَبُ الفائدة، وبما إن هذه الدول لا تُنْتِجُ الشيء الكثير، ولا تُصَدِّرُ سوى المواد الخام أو بعض المواد الزراعية ذات القيمة الزائدة المُنْعَدِمَة أو الضّعِيفَة جدًّا، فإنها اضطرت إلى البحث عن قُرُوض جديدة، بنسبة فائدة أعلى من السابق، من أجل تسديد الدّيون التي حَلّ أجل تسديدها، وليس بهدف استثمار هذه القُرُوض في إنتاج السلع والخدمات، مما يُعَمّقُ العجز، ويرفع قيمة الديون ونسبتها من الناتج المحلي الإجمالي، وأدى تَدَهْوُرُ الوضع المعيشي إلى انطلاق احتجاجات في الأردن وفي تونس وفي المغرب (منطقة “الريف” ومنطقة “جرادة”)، فيما قَمع الحُكم العسكري (المتحالف مع البرجوازية الكمبرادورية) حرية التعبير وحرية الرأي وحرية الإنتماء للنقابات وعادت نسبة امتلاء السجون إلى الوضع السابق لعَزْل حسني مبارك…

تتأثّر الدول العربية بما يحدث في تركيا (خصوصًا الدول التي يحكمها الإخوان المسلمون مثل المغرب وتونس)، وفي الأرجنتين وغيرها من الدول التي انهارت فيها قيمة العملة المحلية وارتفعت نسبة التضخم، وأصبح المواطن يُخَصِّصُ نسبة هامة من الدّخل الشهري للإنفاق على الغذاء، بعد رفع الأسعار وإلغاء الدّعم على الطاقة والغذاء، ويتّفِقُ عالم الإقتصاد الأمريكي “نورييل روبيني” و المُحلل السياسي الروسي “ألكسندر نازاروف” إن الظروف الموضوعية في الدول العربية شبيهة بالظروف التي سبقت انتفاضات 2010 – 2011، وهي مُواتية لانطلاق موجة جديدة من الإنتفاضات والإحتجاجات بحلول 2020، ويعتقد “نورييل روبيني” أن الأزمة الاقتصادية التي انطلقت سنة 2008 لم تتوقف منذ ذلك الحين، وقد تَتّسِعُ أزمة انهيار الليرة التركية والبيزو الأرجنتيني لتشمل مناطق أخرى من العالم، لأن ارتفاع أسعار الغذاء أصبح أمراً غير محتمل، كما إن مداخيل الدول العربية – التي تعاني من ارتفاع الديون- لا تكفي لسداد الديون وتوريد الحاجيات الأساسية والإستثمار في البنية التحتية والزراعة والتصنيع، فضلا عن الخدمات العمومية والتعليم والصحة، ويأمر صندوق النقد الدّولي بخصخصة وبيع ممتلكات الدولة (أي ممتلكات الشعوب) وبخفض الإنفاق وزيادة الأسعار وخفض الرواتب ومعاشات التقاعد، وتسريح موظفي الدولة والقطاع العام، ويُؤدِّي تخفيض قيمة العملة المحلية إلى ارتفاع قيمة المواد المستوردة، وارتفاع الأسعار ونسبة التضخم، وتُؤَدِّي جميع هذه العوامل إلى انفجار الوضع، لأنه غير قابل للإستمرار…

أما المعضلة الحقيقية فتتمثل في غياب سياسات وبرامج بديلة للوضع القائم، في جميع الدول العربية، حيث لا وجود لبرامج وخطط تُعوّل على الذات، وعلى الموارد المتوفرة في البلاد، وعلى استشارة المعنيين بالأمر، من عمال ومُزارعين وعاطلين وحرفِيِّين، من أجل بناء بديل وطني وتقدّمي، بل يتخوف الجميع من انتقال الوضع من سَيِّءٍ إلى أَسْوَأَ… عن موقع “روسيا اليوم” (بتصرف20 و 26/09/18

 

المغرب: تقوم السلطات المغربية بحملة واسعة لهدم وإزالة أحياء الصفيح أو “البراريك”، أي الأكواخ (جمع: “بَرّاكَة” بمعنى “كوخ”) كما تسمى في المغرب، وتسعى السلطة لإخلاء مدينة الدار البيضاء من أحياء الصفيح، في عملية مضاربة عقارية واسعة النّطاق، وأمرت السلطاتُ السكانَ بإخلاء مساكنهم لتقع إزالتها، خلال مهلة قصيرة، دون توفير بديل مقبول من السكان، إذ عرضت تهجير السكان إلى حي بديل غير مُجَهّز وتنقصه البنية التحتية الضرورية للعيش، ولا توجد به مدارس أو مراكز صحية، ولا وسائل نقل عمومي، رغم بعده عن المدينة، حيث يعمل معظم سكان أحياء الصّفيح، ويتوقع السكان انتظار ما لا يقل عن خمس سنوات أخرى، كي يُصبِح الحي الجديد مُجَهّزًا بالحد الأدنى من المرافق، لذلك رفضوا مُقْترح السلطة، وأعلنوا اعتزامهم “الخروج في مسيرة هجرة جماعية نحو أوروبا مشيا على الأقدام، احتجاجًا على قرار السّلطات هدم مساكنهم، ولطلب اللجوء الإنساني”، في مدينة “سبتة”، وهي مستعمرة إسبانية مُسَيّجَة داخل المغرب، على بعد مئات الكيلومترات من مدينة الدار البيضاء، واعتبر أعضاء لجنة تُمثل سكان أحياء الصفيح بمدينة الدار البيضاء: “إن هذا الإنسحاب الجماعي من الأحياء والتنازل عن البديل الحكومي، غير القابل للعيش، يُمَثِّلُ حلاًّ سِلْمِيًّا، وتفادِيًا لعنف الشرطة، وحفاظا على سلامة المواطنين والمواطنات…”، في ظل رفض الحكومة وممثليها الحوار مع المواطنين المعنيين بعملية التّهجير القَسْرِي، مع بداية السنة الدراسية، مما قد يُعرض الأبناء إلى الفشل في دراستهم… عن موقع “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” (بتصرف28/09/18   

 

تونس: قدّرت رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة عدد التونسيين والتونسيات الذين غادروا البلاد بشكل غير نظامي بنحو أربعة آلاف مهاجر، خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2018، وورد هذا التقرير ضمن مشاركة رئيسة البعثة يوم الإربعاء 26 أيلول/سبتمبر 2018 في المنتدى الدولي التاسع للمنظمات غير الحكومية الشريكة مع اليونسكو، ويتجه معظم المهاجرين غير النظاميين التونسيين (أو المُنْطَلِقين من تونس) نحو إيطاليا التي يحكمها تحالف يميني متطرف، وأعلن نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الإيطالي (ماسيمو سالفيني الذي ينتمي إلى رابطة الشمال اليمينية المتطرفة التي شاركت حزب برلسكوني اليميني “الشعبوي” في الحكم، خلال عدة سنوات): “إن حكومة إيطاليا تعمل على وقف الهجرة غير الشرعية نحوها من السواحل التونسية، وفي المقابل ستزيد من الإستثمارات الإيطالية في تونس للمساعدة على القضاء على أسباب الهجرة غير القانونية”، وفي ندوة صحفية مشتركة في تونس مع نظيره التونسي، أعلن وزير الداخلية الإيطالي: “إن البطالة المرتفعة في تونس هي سبب رئيسي للهجرة غير الشرعية”، ولكن نفس الوزير وأعضاء الحكومة الإيطالية يطلقون، في إيطاليا، التصريحات الصّاخبة التي تُحَمِّلُ المهاجرين (نظاميين أو غير نظاميين) مشاكل إيطاليا والبلدان الأوروبية الأخرى، من بطالة وفقر وعنف وغيرها من المشاكل التي يخلقها رأس المال، ولا علاقة للمهاجرين أو العمال أو الفُقراء بها، بل هم أولى ضحاياها، وحَوّل اليمين الحاكم في إيطاليا الهجرة من مصدر تنوع وثروة ثقافية وحضارية إلى وسيلة لنشر التطرف واستغلال العُمّال وتحويل أنظار الطبقة العاملة والأُجراء عن مشاكل الإستغلال والإضطهاد، وحثّهم على محاربة بعضهم البعض (عمال محلِّيُّون ضد عمال مُهاجرين)… أما عن الإستثمارات في تونس، فقد وعد الإتحاد الأوروبي (وغيره) بزيادة الإستثمارات في تونس أو مصر أو الأردن والمغرب، لكن هذه الوعود لم تتحول إلى إنجازات، لأن رأس المال يبحث عن الظروف الملائمة لتحقيق الرّبح الأقصى، ولا يهتم بغير ذلك… عن “المنظمة الدولية للهجرة” – وكالة “وات” 28/09/18

 

مصر: ارتفعت قيمة إجمالي الدين الخارجي من نحو 82,9 مليار دولارا بنهاية سنة 2017، إلى حوالي 88,2 مليار دولار بنهاية شهر آذار/مارس 2018 إلى 92,64 مليار دولار بنهاية حزيران/يونيو 2018، بزيادة 17,2% على أساس سنوي، وفق بيانات رسمية حكومية، وارتفع بنسبة حوالي 100% منذ منتصف سنة 2014، حيث كانت قيمة الدين الخارجي آنذاك حوالي 46 مليار دولارا… وَرَد في نشرة سابقة للمصرف المركزي المصري (حزيران/يونيو 2018) ارتفاع قيمة المحلي قفز إلى 3,41 تريليونات جنيه بنهاية شهر نيسان/ابريل 2018 لتتجاوز قيمة إجمالي الدين الخارجي والداخلي نسبة 100% من الناتج المحلي. وورد في ندوة لصندوق النقد الدولي في القاهرة (أيار/مايو 2018) ارتفاع مؤشر الدين العام المصري (الداخلي والخارجي) خمسة أضعاف خلال خمس سنوات، وتكمن خطورة الدّيون المصرية في  بيع سندات حكومي، وفي رهن عدد هام من أصول وممتلكات الدولة، التي يبدو إن الإقتصاد المحلي لا يستطيع استردادها، وتلجأ الحكومة باستمرار إلى إعادة جدولة الديون (تمديد آجال تسديدها) بفوائد جديدة، واقتراض مبالغ جديدة لتسديد الديون القديمة وسَدّ فجوة العجز في الميزانية العامة للدولة، وهو ما يحصل أيضًا في الأردن وتونس…

كانت الحكومة المصرية قد اقترضت من صندوق النقد الدولي 12 مليار دولارا على ثلاث سنوات، يُسَدِّدُها الصندوق على دفعات، بعد تمحيص عمل الحكومة، وتفاصيل الإنفاق والإيرادات، وتنفيذ الشروط المرتبطة بالقرض الذي تحصل الحكومة على آخر دفعة منه قبل نهاية 2018، وبدأت محادثات للحصول على قرض جديد، تتراوح قيمته بين ستة وعشرة مليارات دولار، على دفعات، لأجل ثلاث سنوات أيضًا، وكالعادة فإن مبلغ القرض الجديد لن يكون مُخصّصًا للإستثمار، وإنما سوف تستخدمه الحكومة   من أجل تمويل العجز في الموازنة، التي ستنخفض قيمتها بانخفاض قيمة الإنفاق الحكومي، كما تعتزم الحكومة طرح سندات بالدولار أو باليورو في الأسواق العالمية (أي بيع ورَهْن ممتلكات الدّولة والشّعب)، وسبق أن أَلْغَت الحكومة أربع عمليات رهن أذون الخزانة (لأجل طويل) بسبب ارتفاع نسبة الفائدة المطلوبة إلى أكثر من 19% للأذون الطويلة الأجل، كما ألغت طرح عطاءات قصيرة الأجل وبيع أسهم عدد من الشركات في سوق المال المصرية، أو “البورصة” (سنة 2018)، بعد ارتفاع عائد الاستثمار في الدين الحكومي إلى نحو 18,5% سنة 2017 (كانت الحكومة تستهدف نسبة 14,7%)… كما تضرّرَ الإقتصاد المصري من تبعيته للخارج وللإستثمارات الخارجية، إثر سحب المُضارِبين الأجانب أموالاًا بمعدّل ملياري دولارا شهريا (بالعملات الأجنبية)، وهي أموال دخلت مصر وما يُسَمّى “الأسواق النّاشِئَة” عند انخفاض نسبة الفائدة في الدول الرأسمالية المتطورة، وبدأت بالخروج بكثافة، حالما بدأ الإحتياطي الأمريكي والمصرف المركزي الأوروبي (أو الياباني) رفع أسعار الفائدة، وأدى انسحاب هذه الأموال إلى خفض سعر الجنيه المصري (كما الليرة التركية والريال البرازيلي والبيزو الأرجنتيني…)، وبشكل عام، لا ترى الحكومة المصرية حلاًّ سوى رهن البلاد مقابل قروض صندوق النقد الدّولي وإغراق البلاد بالديون المشروطة… عن وكالة “أ.ش.أ” (بتصرّف01/10/18

 

اليمن: تُصْدر بعض المنظمات الإنسانية تقارير دورية عن الوضع الإنساني والصحي في اليمن، الذي تَدَهْوَرَ منذ العدوان السّعودي – الإماراتي، بداية من آذار/مارس 2015، وتميز هذا العدوان “العربي” الخليجي (بالوكالة عن أمريكا) بالقصف العشوائي المُكَثّف وبالحصار ومنع دخول الغذاء والدّواء، مما فَاقَم أوضاع السّكّان، وأدّى إلى سقوط عشرة آلاف قتيل، وجرح عشرات الآلاف، ونزوح حوالي ثلاثة ملايين مواطن من مناطقهم الأصلية، ومما زاد من تَفَشِّي الفقر والجوع والأمراض والأوبئة (مثل الكوليرا)، وأصبح حوالي عشرين مليون يمني (نحو 80% من سكان البلاد) بحاجة إلى مساعدات إنسانسية، وفق منظمات الأمم المتحدة، وسبق أن رصدت المنظمات الطّبية (أطباء العالم وأطباء بلا حدود) في الذكرى الثالثة للعدوان السعودي (نهاية آذار 2018) نحو مليون حالة إصابة بالكوليرا، كما رصدت الأمم المتحدة استهداف الطيران السعودي المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس، بالإضافة إلى وضع العراقيل أمام إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المتضررين من الحرب، ويحاول الطيران الحربي السعودي والإماراتي، وفيالق المُرْتَزَقَة (بدعم وإرشاد أمريكي وأوروبي) احتلال مدينة “الحديدة” منذ عدة أشهر، بهدف منع وصول المواد الغذائية والأدوية، ويمر عبر الميناء حوالي 80% من الكميات الضئيلة للأدوية والغذاء التي تدخل اليمن، ويُهَدِّدُ استمرار الحصار بمجاعة غير مسبوقة، وبأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقًا للأمم المتحدة، حيث يتعرض ما لا  يقل عن مليون طفل إضافي لخطر المجاعة، ليصل العدد الإجمالي للأطفال المهددين بالمجاعة إلى 5,2 ملايين طفل، فيما يُعاني ما لا يقل عن 11,5 مليون شخص من نقص الغذاء (خصوصًا من الأطفال) بسبب الحصار وارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض قيمة العملة المحلية (ريال)، وتعاني المستشفيات والمراكز الصحية، التي لم يُهدمها الطيران السعودي، من نقص الدواء والتجهيزات والمُعدّات الطبية، لرعاية المَرْضى والأطفال حديثي الولادة ومتابعة المصابين بأمراض مُزمنة… عن الأمم المتحدة + أ.ف.ب 28/09/18

 

اليمن – الحرب بعيون أجنبية: قَدّرت منظمة الأمم المتحدة “يونيسيف” عدد ضحايا العدوان السعودي والإماراتي من الأسبوع الأخير من آذار/مارس 2015 إلى أواخر آب/أغسطس 2018 بنحو عشرة آلاف قتيل، من بينهم 2400 طفل، وحوالي 400 ألف لاجئ في السعودية وجيبوتي، وفق المنظمة الدّولية للهجرة، وتَذَرّعت السعودية ب”ضرورة دعم الشرعية” المتمثلة في نظام الرئيس المُستقيل، والمنتهية ولايته “منصور هادي” المَنْفي في السعودية، وهذا “الدّعم” يتم عبر القصف اليومي للمساكن والمدارس والمُستشفيات، بالإضافة إلى الحظْر والحصار الذي يحرم السّكان الفُقراء من الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية…

أعلن الأمين العام المساعد للأمم المتحدة، المُكلّف بالشؤون الإنسانية، وكذلك منظمة العفو الدولية، إن الدول الأوروبية متورّطة في هذا العدوان، بنفس درجة السعودية، لأن السعودية والإمارات دُول غنية تبيع نَفْطًا رخيصًا وتشتري أسلحة مُرْتَفِعة الثمن (“تبادل غير متكافئ”، وفق عبارة “سمير أمين”)، أما الولايات المتحدة فإنها المُشْرِف الفعلي على هذه الحرب، ومُهندس الدعاية (البروبغندا) ضد إيران، التي لم يستطع أحدٌ إثبات تورّطها في اليمن، وقدرت الأمم المتحدة ارتفاع طلعات الطائرات الحربية السعودية والإماراتية بنسبة 300% لقَصْفِ الشعب اليمني بين نيسان/ابريل 2016 وآذار/مارس 2018، ولكن وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية تتجاهل ما يعانيه الشعب اليمني، ما دامت السعودية تشتري سلاحًا أوروبيا وأمريكيا، وتضخ أموال النفط في شركات الصناعات العسكرية وفي خزينة الدول الإمبريالية، التي تتحكم بالنظام العالمي وبالأمم المتحدة وبتوزيع شهادات “الديمقراطية” واحترام “حقوق الإنسان”…

نشرت بعض الصحف الأوروبية تحليلا لوثائق نشرها موقع “ويكليكس” في الربع الأول من سنة 2018، وهي متابعة لما رافق مبيعات الأسلحة الفرنسية للسعودية والإمارات، من فساد ورشاوى، منذ ما لا يقل عن رُبُع قرن، ومن بينها رشوة لأفراد الأسرة الحاكمة في الإمارات، بقيمة 234 مليون دولارا، قدمتها شركة حكومية فرنسية لصناعة الأسلحة (شركة “جيات” التي أصبح اسمها حاليا “نِكْسْتِر”)، وأودعت هذه المبالغ في حسابات سرية بالملاذات الضريبية، منذ العقد الأخير من القرن العشرين، في الجزر البريطانية “العذراء” وفي “بنما” و”ليشنشتاين” و”جبل طارق”، غيرها… كانت هذه الأخبار والوقائع سرية للغاية، ولكن خلافًا ماليًّا حَدَثَ بين الرّاشي (حكومة فرنسا عبر شركة تصنيع السلاح) والمُرْتشي (أحد الأثرياء المُقرّبين من أُسْرة آل زايد في الإمارات)، سمح بتفشِّي بعض الأخبار بين سنتي 2008 و 2010، ولكنها لم تُنْشَر سوى بعد عشر سنوات على تَفَشِّيها… 

تبيع فرنسا للسعودية ودُويلات الخليج أسلحة عديدة من تصنيع شركات “تاليس” و شركة أُسْرَة “داسُّو”  و”آيرباص” وشركة “جيات” سابقًا (نِكْسْتِرْ حاليا)، وبدأت المفاوضات بين الحكومتين بشأن صفقة دبابات “لوكلير” في كانون الثاني/يناير 1991 (حكومة “الإشتراكي” ميشال روكار) ووقعت الإمارات وحكومة فرنسا عقد شراء دبابات “لوكلير” يوم السادس من نيسان/ابريل 1993، ويشمل حوالي 400 دبابة و46 عربة مصفحة وذخيرة وغيرها مقابل نحو 3,6 مليارات دولارا، ووصفته الصحف الفرنسية والناطق باسم الحكومة آنذاك ب”صفقة القَرْن”، وبررت الشركة الرّشوة (عند انكشاف أمرها) بسبب المنافسة العنيدة لشركات من الولايات المتحدة وألمانيا والبرازيل وغيرها، وبدأت الشركة الحكومية الفرنسية تسليم الدبابات (موضوع الرشوة) من طراز “لوكلير” سنة 2000، وهي الدبابات التي تستخدمها الإمارات (يقودها مُرتزقة من جنوب إفريقيا ومن أمريكا الجنوبية ومن السودان…) منذ 2015 لإبادة الشعب اليمني، وارتكاب “جرائم حرب” وفق الأمم المتحدة التي رصَدَتْ عمليات قصف متعددة ل”مناطق سكنية وأسواق شعبية ومستشفيات…”، من قِبَل السعودية والإمارات، ويُشرف ضُبّاط فرنسيون على “حُسْنِ” استخدام هذه الدّبّابات بهدف إحداث أقصى ما يُمكن من الخراب والدّمار، ضد شعب فقير، ولكنه مُقاوم عنيد للغُزاة وللمُعْتَدِين، وكان هذا الخراب والدّمار موضوع فَخْرٍ واعتزاز لرئيس الشركة الحكومية المُصَنِّعَة للدبابات الفرنسية أمام نواب البرلمان الفرنسي (آذار/مارس 2016)، فيما قَدّر “مرصد الأسلحة” والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان قيمة مبيعات الأسلحة الفرنسية للإمارات بين 2015 و 2017 بحوالي 1,2 مليار دولارا، وتتضمن طائرات مروحية ومعدّات اتصالات وصواريخ وعربات عسكرية وغيرها… عن وثائق “ويكليكس” + صحف أوروبية، منها “دير شبيغل” (ألمانيا) – “لاريبوبليكا” (إيطاليا) – “ميديابارت” (إلكترونية فرنسية) – مُتابعة من 30 آب/أغسطس إلى 28 أيلول/سبتمبر 2018

 

الأردن: أَسَّسَ الإستعمار البريطاني مُباشرة (بواسطة دائرة المستعمرات البريطانية بوزارة الخارجية) النظام الأردني، ضمن اتفاقية “سايكس – بيكو”، للقيام بدور وظيفي يتمثل في حماية كيان العدو الصهيوني، واستيعاب الفلسطينيين (حوالي 80% من إجمالي سُكّان الضفة الشرقية لنهر الأردن) والقضاء على الهوية الفلسطينية بعد احتلال فلسطين سنة 1948 ثم 1967، وعندما أظهَرَ “طلال”، ابن “الملك المُؤسّس” عبد الله (شقيق فيصل ملك العراق)  بعض “التعاطف” (لم يتجاوز مستوى التّواصل) مع “القوميين العرب”، وَقَعَ عَزْلُهُ واستبداله بالحسين ابن الملك طلال وحفيد الملك “المؤسس” عبدالله، ووالد الملك عبد الله الحالي، وهو الذي عاش في بريطانيا، ويَرْطُنُ العربية بلَكْنَةٍ إنغليزية…

اقتصاديّا، بقي النظام الأردني يَتَمَوّل من “المنح” و”المُساعدات” الخليجية والأجنبية، وتقتصر صادراته وإيراداته من العملة الأجنبية على بعض الفوسفات وعلى إيرادات السياحة وتحويلات الأردنيين العاملين بالخارج، خصوصًا في الخليج، وعَوّل كثيرًا على وُعُود الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني، بضخ الإستثمارات في الإقتصاد بعد توقيع اتفاقيات الإستسلام مع الكيان الصهيوني (1994) لكن شيئًا من ذلك لم يحدُثْ، بل ارتفعت المديونية إلى حوالي أربعين مليار دولارا، ارتهن الإقتصاد لدولة الإحتلال الصهيوني، وأصبحت دولة الأردن تستورد الطاقة من الأعداء، بينما ترتَع عناصر المخابرات في البلاد، باسم السياحة، مع انتشار ثقافة الإستهلاك، في ظل تراجع قيمة الدّخل الحقيقي للعمال والموظفين، ناهيك عن الفُقراء، وشهدت المملكة المُصْطَنَعَة مظاهرات شعبية منذ عقد ثمانينيات القرن العشرين، احتجاجًا على السياسات الإقتصادية التي يُمْلِيها صندوق النقد الدّولي، مقابل القروض المَشْرُوطة، وانطلقت احتجاجات منذ عدة أشهر، ضد إقرار ضرائب جديدة على الأُجراء والفُقراء، بدل مكافحة التهرب الضريبي للأثرياء (لكن النظام يمثُّلُ مصالحهم، ولا يُمثل مصالح الفُقَراء)، إذ اشترط صندوق النقد الدولي زيادة إيرادات الحكومة من الضرائب، وإعفاء الأثرياء، بذريعة “توفير مناخ الإستثمار والأعمال”، بينما طالبت بعض قوى المُعارضة ب”تشكيل لجنة وطنية، للبحث في تضخم حجم المديونية، ومحاسبة المسؤولين عن ارتفاعها، وعن  الجهات التي استفادت منها، ومكافحة ظاهرة تهرّب الأثرياء من الضرائب… وفرض ضريبة تصاعدية على الأغنياء، وإعفاء السلع الأساسية من الضريبة، بدل إلغاء دَعْم أسْعار الخبز والطاقة والمواد الضرورية والخَدَمات…”، لكن هذه القوى لم تُقَدّم برنامجًا متكاملاً، ولم تتمكن من اكتساح الشارع (تتطلب دراسة الأسباب بحثًا مُطَوّلاً)، وكانت الحكومة قد أقرّت إلغاء الدّعم، وفرض ضريبة على 166 سلعة سنة 2018 بما يعادل 1,5 مليار دينار أردني، وزيادة الضرائب غير المباشرة التي يتضرر منها الفُقراء، مع خفض حجم ونسبة الضرائب على الأثرياء والشركات والمصارف، وتدّعي الحكومة منذ أكثر من ثلاثة عقود، إن هذه الإجراءات تستهدف سد العجز في الموازنة، لكن العجز ما انفَكَّ يرتفع، وارتفعت معه الدّيون وخدمة الديون (الفوائد والرسوم على إدارة الديون، وإقامات بعثات صندوق النقد الدولي وتقاريرها، مرتفعة الثمن)، مقابل قرض من صندوق النقد بقيمة 723 مليون دولار، كما حصلت الحكومة على قُروض خارجية ومحلية بقيمة تفوق  ثلاثة مليارات دينار بين 2016 و 2018… (دينار أردني = 1,41 دولار أمريكي). عن مواقع “الغد” + “الدستور” 01/10/18

 

الخليج: تُدِير الولايات المتحدة شُؤُون دُوَيْلات الخليج بشكل مباشر في عدة مجالات، منها الأمن وإيرادات النفط والعلاقات مع الخارج (إيران والكيان الصهيوني…)، وأمر الرئيس الأمريكي مؤخرًا حكام السعودية والإمارات وقَطر، بزيادة ضخ الأموال في الخزانة الأمريكية، وشراء الأسلحة وتصعيد اللهجة الإعلامية ضد إيران، مع إعلان التقارب مع الكيان الصهيوني، وتتدخل أمريكا مباشرة في حل بعض الخلافات (وليس كُلها) ومن بينها التدخل منصف شهر أيلول/سبتمبر 2018 من أجل إعادة تشغيل حقول نفط مشتركة بين السعودية والكويت، إذْ أغلقت السعودية حقل “الخفجي”، بنهاية 2014 وحقل “الوفْرَة” منتصف 2015، لأسباب واهية، لكنها تزامنت مع خلافات بين الحكومتين بشأن قضايا إقليمية عديدة، وتزامنت كذلك مع انخفاض أسعار النفط، بسبب إغراق السعودية للأسواق العالمية بالنفط الرخيص، وكانت حكومة الكويت قد اعترضت على إدارة السعودية للمنطقة “المُحايِدَة” الحدودية بين المشْيَخَتَيْنِ، وتأتي أوامر أمريكا بإعادة تشغيل الحَقْلَيْن (حوالي 500 ألف برميل من النفط الخام يوميا) في إطار الضّغط من أجل زيادة الإنتاج وخفض الأسعار، وتعويض نقص النفط الإيراني، خصوصًا بعد رفض عدد من أعضاء “أوبك” (12 بلدا مُصَدِّرًا للنفط والغاز) زيادة الإنتاج، لكي لا تنخفض إيرادات الدّول من صادرات النفط…

استولت السعودية على مناطق شاسعة من أراضي كافة جيرانها، بدون استثناء، وأهمها ثلاث محافظات من أراضي اليمن قبل أكثر من ثمانية عُقُود، واستولى الملك “عبد العزيز” على ثلاثة أرباع الكويت الحالية، بدعم من بريطانيا التي كانت تُدير شؤون المنطقة وعملت على تقسيمها وتجزئتها وفق مصالحها، وتحاول السعودية منذ سنوات الإستيلاء على ميناء “الزّور” الكويتي، أو المُشاركة في إدارته، وابتز آل سعود أُسْرة آل الصباح عبر الهيمنة على حَقْلَيْ “الخفجي” و”الوفرة”، ضمن خطة أمريكية لكسر شوكة المشيخات الخليجية (منها سلطنة “عُمان” وإمارة “الكويت”) التي اتخذت مواقف “مُتَحَفِّظَة” بشأن الخطوات الأمريكية ضد إيران، وبشأن التقارب السعودي (وكذلك الإماراتي والبحريني والقَطَرِي) المفضوح مع الكيان الصّهيوني، كما بقيت الكويت وعُمان على “الحِياد” في الخلاف بين آل سعود، وتميم بن حمد وأُسرته في قَطَر، وقد تتغير هذه المواقف من “الحياد” إلى دعم السعودية، تحت التّهديد…  عن “القبس” + “رويترز” 01/10/18

 

إيران: انسحبت الولايات المتحدة ممّا سُمِّي “الإتفاق النّوَوِي” بين إيران وخمسة دول أخرى عضو في مجلس الأمن + ألمانيا، مما يجعله اتفاقًا دوليًّا، وليس ثُنائِيًّا، وفرضت عقوبات وحظْرًا على الإقتصاد الإيراني وهدّدت المتعاملين مع إيران بالوَيْل والثّبُور، وبدأت المجموعة الأولى من العقوبات يوم السابع من آب/ أغسطس 2018، وشملت حظر استخدام الدولار الأميركي في المعاملات مع القطاع الحكومي الإيراني، وكذلك في التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن، كالألومنيوم والحديد والصلب، وفرض قيود على قطاعي صناعة السيارات والسجاد، وحَظْر التكنولوجيا المرتبطة بالبحوث والصناعة، وقررت أمريكا مجموعة ثانية من العقوبات، تدخل حيز التنفيذ في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر 2018 (أي بعد تحرير هذا الخبر)، وتشمل قطاع الطاقة والشحن والمعاملات المالية والمصرفية مع المصرف المركزي الإيراني، وأمرت أمريكا، منذ شهر أيلول/سبتمبر 2018 عُملاءها في الخليج، بزيادة إنتاج النفط، لتعويض الإنتاج الإيراني في الأسواق العالمية، لأنها تعتزم تركيع النظام الإيراني، وتَقْوِيض أُسُسِهِ، عبر “تَصْفِير” الصادرات النفطية الإيرانية (أي جعلها تُساوي صِفْرًا)، وظَهَرت آثار هذه العقوبات والحظر على الاقتصاد الإيراني مع انهيار العملة المحلية (الريال) ومع ارتفاع أسعار السّلع الأساسية ونسبة التّضَخّم، وهي طُرُق تقليدية لإثارة رُدُود الفعل الشعبية ضد سياسات الحكومات (والأنْظِمَة) التي تعتزم الإمبريالية الأمريكية (وغيرها) الإطاحة بها، وتحاول إيران الإلتفاف على العقوبات من خلال أوروبا أو الهند والصين وروسيا، وهي أطراف ساهمت في تطبيق عقوبات الأمم المتحدة في السابق، لكنها تعتبر إنها غير مُلْزَمَة بتطبيق العقوبات الأميركية، أحادية الجانب، لكن جميع هذه الدّول تتعامل بحذر شديد مع إيران، لأن الولايات المتحدة تتحكّم بمفاصل الإقتصاد الرأسمالي العالمي، وبالتوازي مع ذلك تعمل الحكومة الإيرانية على توسيع علاقاتها عبر توقيع اتفاقيات تجارية طويلة الأمد مع الجيران ومع دول غرب آسيا، ومن بينها تركيا وروسيا والعراق وأفغانستان وتركمانستان والصين والهند وقطر، إضافة إلى الإتحاد الأوروبي الذي أعلن إنشاء “كيان قانوني يُمكن من تطبيق نظام مقايضة لتسهيل المعاملات التجارية مع إيران…” مع احتمال انضمام شُركاء آخرين لهذه النظام، بحسب تصريح المسؤولة عن السياسة الخارجية بالإتحاد الأوروبي ( 24/09/2018).

من جهة أخرى رفضت الدول المنتجة للنفط طَلَبَ “دونالد ترامب” زيادة إنتاج الخام، لتعويض نقص الصادرات الإيرانية، رغم تحالف السعودية والإمارات والبحْرَيْن (التي يحتلّها الجيش السعودي) مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، ضد إيران… بيانات مُتَرْجَمَة عن مركز “هدسن” للأبحاث السياسية + وكالة “تسنيم” الإيرانية + صحيفة “دنیاي اقتصاد” (“دنيا” أو “عالم الإقتصاد”) الإيرانية من 15 إلى 20/09/18

 

نيجيريا: حَوّلت شركات إنتاج وتصنيع النفط والغاز في نيجيريا، أكبر بلد منتج للنفط في إفريقيا، معظم الوظائف القارة إلى وظائف هشة ومؤقتة، دون أي تغيير في ماهِيّة العمل، وأصبح العُمّال المياومون، وبعقود يومية أومؤقتة وهشة، قصيرة الأجل، يُشَكِّلُون أغلبية العاملين في شركات النفط العالمية ( توتال – شل – هالبرتون) أو المحلية، من عُمال الحقوق النفطية أو من صغار الموظفين، على حد السواء، وعمدت بعض الشركات العالمية إلى تسريح عُمّال مُثَبّتِين (تحت الضّغط والتهديد بالحرمان النهائي من العمل) برواتب تعادل أَلْفَيْ دولارا شهريا، وإعادة تشغيلهم في نفس اليوم بعقود هشة في موقع العمل نفسه، وبنفس الخطة السابقة، برواتب تقل عن 300 دولارا شهريا، مع حرمانهم من التأمين على المرض ومن الأقْدَمِية في العمل، مما يُوَسِّعُ هامش الشركات لِفَرْضِ شروط عمل سيئة ورواتب منخفضة، مع إِضْعاف العمل النّقابي، وارتفاع عدد المنتمين إلى شريحة العاملين الفُقَراء في أكبر دولة إفريقية منتجة للنفط، وتلجأ شركات النفط إلى الضّغط على العُمّال المنتسبين للنقابات، عبر حرمانهم من الزيادات في الرواتب ومن دورات التّدريب والتّأهيل، ومن التَّرْقِيات في سُلّم المهنة، واتفقت الشركات فيما بينها على تجميد أجور العمال النِّيجِيرِيِّين منذ 2014، مُتَذَرِّعَةً بانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، بينما رفعت من رواتب الموظفين والفَنِّيِّين الأوروبيين والأمريكيين، الذين تتّسِق رواتبهم مع مستوى الرواتب في أمريكا وأوروبا، مع توفير الشركة مساكن مُريحة لهم في نيجيريا، في أحياء فاخرة، مما يسْهَم في زيادة تقسيم صفوف العاملين بنفس الشركة، وليتحول إنتاج النفط في البلاد إلى أحد عوامل زيادة الفقر والتهميش والبطالة… عن الإتحاد الوطني لعمال النفط والغاز الطبيعي ( NUPENG ) 27/09/18

 

البرازيل:

تذكير –  ارتفع عدد نواب اليمين المتطرف الذي يسمِّي نفسه “الحزب الإجتماعي الليبرالي” من ثمانية نواب إلى 52 نائب من أصل 513 مقعد في مجلس النواب، ومن صفر إلى أربعة نواب في مجلس الشيوخ من أصل 81 عضو، وحصل مرشح اليمين المتطرف في الدورة الأولى للإنتخابات الرئاسية “جايير بولسونارو” على 46% من الأصوات أو ما يعادل 50 مليون صوت، في حين حصل مرشح حزب العمال “فرناندو حداد” على 29% من الأصوات، وهي أدنى نسبة لحزب العمال في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية منذ عام 1994، وتجري الدورة الثانية للإنتخابات الرئاسية في البرازيل يوم 28 تشرين الأول/أكتوبر 2018… أ.ف.ب 09/10/18

قبل الإنتخابات، وأثناء الحملة الإنتخابية، أدْلى المرشّح للرئاسة البرازيلية اليميني المتطرّف جايير بولسونارو (63 سنة) باستمرار بتصريحات عَلَنِيّة، عنصرية استفزازية ومُعادِيَة للنساء وللأقلِّيّات، كما أبدى دائمًا إعجاباً شديداً بالحكم الديكتاتوري العسكري في البرازيل  (1964-1985) الذي اغتال المئات من المناضلين النقابيين والمُثَقّفِين ومن المُنْتمين لأحزاب اليسار، وسجن الآلاف من البرازيليين الديمقراطيين، وأضاف (يوم الجمعة 28/09/2018) إلى هذه التصريحات تهديدًا جديدًا بأنه لن يعترفَ بنتائج الانتخابات في حال لم يتم انتخابه، مما يعني انقلابًا على قواعد “اللعبة الديمقراطية” التي تَسْمَحُ له بالتّرَشُّح، إذا لم تكن في صالِحِهِ، وأثارت تصريحاته ضد النساء ردود فعل عديدة، من بينها تنظيم مُظاهرة (يوم السبت 29/09/2018) ضَمّت آلاف النساء البرازيليات في مدن عديدة، من بينها “ريو دي جانيرو” و”ساو باولو” و”برازيليا”، وثمانين مدينة أخرى في البلاد، في تجمعات حاشدة، احتجاجًا على دعوة مرشح اليمين المتطرف لاستخدام العنف والدعوة إلى العنصرية والتّمييز بين المواطنين، والإنتقاص من قيمة المرأة، قبل أسبوع واحد من تاريخ الدور الأول للإنتخابات الرئاسية (07/10/2018)، وفق موقع “جي 1” الإخباري الالكتروني الذي استَقَتْ منه وكالة الصحافة الفرنسية أخْبارها… سبق لمرشح اليمين المتطرف الحط من قيمة المواطنين السود، والنساء، وتبرير الفجوة الكبيرة في الأجور بين النساء والرجال، وعبَّر عن معارضتِهِ توظيف النساء “إذا كان من المحتمل أن يحملن” بالإضافة إلى تصريحات تُمَجِّدُ الفاشية والعنف ضد الفُقراء والعمال المُضْرِبين واليساريين. من جهة أخرى، قررت منظمات مُساندة للنساء البرازيليات تنظيم مظاهرات مناهضة للفاشية في حوالي 12 دولة أخرى، من بينها أستراليا والولايات المتحدة وكندا وفرنسا وإسبانيا والأرجنتين والبرتغال، كما قَرّر اليمين المتطرف تنظيم مظاهرة داعمة لمرشح اليمين المتطرف، دفاعًا عن الفاشية والعُنف ضد العمال والفقراء والسود والنساء… عن أ.ف.ب 29/09/18

 

السويد: هو ليس ذلك البلد الهادئ والوديع الذي صورته مُخيّلَةُ بعض العرب والعجم، بناء على صورة بَثَّتْها الإمبريالية الأمريكية، لتتمكّن من تَوْكِيل حكومات السويد للقيام بمهام “تخريب العُقُول” (أو الحرب النّاعمة) عبر المنظمات غير الحكومية وعبر نشر ثقافة السّلام الزائف بين المُسْتَعْمِرِ والمُسْتَعْمَرِ، سلام بدون عدالة، وبدون استرداد الحُقُوق المَشْرُوعة للشُّعوب… السويد دولة تنتمي للحلف الأطلسي، منذ بدايات تأسيس هذا الحِلْف العُدْواني، وفي السّويد نشأت أكثر الحركات اليمينية دَعْمًا لألمانيا النّازية، ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية كانت السويد (ودول أوروبا الشمالية) بمثابة “الحُكومات غير الحُكومية” التي تُنَفِّذُ المُخَطّطات الإمبريالية الأمريكية، بغطاء “حقوق الإنسان” و”العمل الخَيْرِي” و”مُساعدة الفُقَراء”، وغير ذلك، وشاركت السّويد (ولا تزال تُشارك) في كافة الحُروب العدوانية الأمريكية والأطلسية، وظهرت حقيقتها خلال السنوات الأخيرة، بانتهاء الدّور الوظيفي لأحزاب “الديمقراطية الإجتماعية” في أوروبا، بارتفاع صوت اليمين المتطرف، وريث التّيّارات النّازِيّة، وحصوله في الإنتخابات التشريعية الأخيرة (09/09/2018) على 62 مقعد في البرلمان، ودخوله في تحالف يضُمُّ أربعة أحزاب يمينية (بعضها يَدّعِي انتماءه للوسط) لِيَجْمَعَ 204 صوتّا،  من إجمالي 349، وتمكن هذا التّحالف اليميني واليميني المتطرف من إسقاط حكومة ما يُسَمّى “يسار” في السويد (أي حزب الديمقراطية الإجتماعية وحُلفائه)، عبر “حَجْبِ الثّقة”، ويُطالب اليمين المتطرف وحلفاؤه ب”إصلاحات اقتصادية واجتماعية”، بمفهوم الإقتصاد الرأسمالي الليبرالي (مفهوم صندوق النّقد الدولي) أي خفض الإنفاق الحكومي، وخفض ميزانية الإنفاق أو الدّعم الإجتماعي، “وتغيير السياسات المتعلّقة بالهجرة والرعاية الصحية ومعاشات التقاعد…”، ويدعو حزب “ديموقراطيو السويد” (اليمين المتطرف، الذي يتغلّف ب”الديمقراطية”) الى خُرُوج السّويد من الإتحاد الأوروبي، من منطلقات يمينية و”قومية-شوفينية”… عن أ.ف.ب 25/09/18

 

النمسا: تُعْتَبَرُ شركة “أو إم في” النمساوية للطاقة إحدى أكبر الشركات الأوروبية، وإن كانت غير معروفة لدى عامّة الناس، أو هي أقل شُهْرة من الشركات الفرنسية أو الأمريكية أو البريطانية، وأعلن ناطق باسم الشركة إنها طورت طريقة لاستخلاص نحو 100 لتر من الزيت الخام من 100 كيلوغرام من نفايات البلاستيك، عبر تحويل المعلبات البلاستيكية المستعملة والرقائق البلاستيكية المستخرجة من المواد البلاستيكية السميكة، مثل “متعدد الإيثلين” و”البوليبروبلين” من خلال الحرارة المرتفعة وتأثير الضغط، (وتحويلها) إلى زيت خام صناعي، واستخدمت الشركة هذه الطريقة عبر تجارب عديدة في مصنعها للتكرير في مدينة “شفيشات”، غير بعيد عن العاصمة “فيينا”، ويستخدم مصنع التّكْرِير هذا الزيت في صناعة وقود أو مواد أساسية لقطاع صناعة اللدائن، وأعلن الناطق باسم الشركة “إن حجم الانبعاثات الناتجة عن تكرير هذا الزيت الصناعي لا تَصِلُ إلى 45% من الانبعاثات الناجمة عن استخراج الزيت الخام العادي”، وتهدف الشركة النمساوية، وشركات النفط الأخرى في العالم، خَفْضَ الإعتماد على مصادر الطاقة الأحْفُورِية (الفحم والنفط والغاز…)، مع إعادة تدوير النفايات البلاستيكية بدلاً من حرقها، مما يُخَفِّضُ انبعاثات “ثاني أوكسيد الكربون”، ويزيد من أرباح شركات النفط على مدى متوسط أو بعيد، وكانت الصين تُشكّل أكبر مُسْتورد للنفايات البلاستيكية الأوروبية، ولكنها قررت وقف دخول هذه النفايات منذ بداية سنة 2018، مما دفع الشركات الأوروبية لابتكار طُرُق الإستفادة من هذه النفايات البلاستيكية وتحقيق أرباح إضافية… (راجع الفقرة بعنوان “بيئة”)

من جهة أخرى، أعلنت الهيئة النمساوية للإحصاء إن الإقتصاد سجل سنة 2017 نُمُوًّا بنسبة 2,6%، وبلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي 370 مليار يورو (حوالي 42060 يورو للفرد سنويا)، وتَفَوّق على الاقتصاد الألماني لأول مرة منذ خمسة سنوات، حيث أظهرت بينات مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني، إن الاقتصاد سجل سنة 2017 نمواً بنسبة 2,2%، وتتوقع الهيئة النمساوية للإحصاء، بناء على البيانات المتوفرة، أن يحقق الاقتصاد النمساوي سنة 2018 نمواً بنسبة 3%، وهو نسبة تُفُوق معظم الإقتصادات الأوروبية، بفضل نمو إنتاج البضائع وقطاع الطاقة، الذي يتضمن شركة “أو إم في” ومختلف فروعها من استخراج النفط إلى تصنيع وإمدادات الطاقة… عن أ.ف.ب + د.ب.أ 26/09/18

 

أمريكا: تَعَرّضْنا في هذه النّشرة منذ بضعة أشهر للمنافسة بين مجموعة “فوكس للقرن الواحد والعشرين” الإعلامية (التي يملكها عليها الملياردير الأسترالي الصهيوني روبرت مردوخ وأبناؤه) ومجموعة “كومكاست” التي عرضت سعر 17,28 جنيها استرلينيا للسهم الواحد، في حين عرضت “فوكس” 15,67 جنيها للسهم الواحد، بهدف شراء مجموعة “سكاي” التلفزيونية البريطانية (أكبر شبكة بث فضائي في أوروبا)، وتطورت المحادثات وأعلنت المجموعة الإعلامية الأمريكية “كومكاست كورب” في بيان لها يوم الثلاثاء 25 أيلول 2018 استحواذها على مجموعة “سكاي” التلفزيونية البريطانية، عبر إحدى الشركات التابعة لمجموعتها (كومكاست بيدكو ليمتد) واشترت 29,1% من الأسهم بسعر 17,28 جنيها استرلينيا للسهم الواحد، وتسعى “كومكاست بيدكو” إلى شراء المزيد من أسهم “سكاي” عبر سوق الأوراق المالية، ورفعت عملية الإستحواذ القيمة الإجمالية لشركة “سكاي” إلى 29,7 مليار جنيه استرليني أو ما يُعادل 39 مليار دولارا أمريكيا…

في سوق الأسهم الأمريكية، تتحكم البورصة (سوق الأسهم والسندات) في الإتجاهات الإقتصادية الرئيسية، أي رأس المال المالي المُضارب، بدلاً عن الإقتصاد الحقيقي وشبكات إنتاج السِّلَع، استمر تراجع سندات الخزانة الأمريكية، ليرتفع العائد على السندات لأجل عشر سنوات أعلى 3,10%، وهو أعلى مستوى منذ أيار/مايو 2018، بسبب توقُّعات المُضارِبين برفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة للمرة الثالثة خلال سنة 2018، كما تُشِير بيانات “داو جونز” إلى ارتفاع العائد على السندات لأجل سَنَتَيْن، وكذلك العائد على السندات لأجل ثلاثين عاماً، وحصل الإرتفاع في مجمل أنواع السّندات قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الذي قَرَّرَ رَفْعَ الفائدة… عن رويترز 26/09/18

 

بيئة:  يتضمّن خطاب تيارات “الخُضْر” أو الأحزاب والمجموعات المدافعة عن سلامة البيئة تَحْمِيل المواطن الفَرْد مسؤولية تدهوُر أو تلويث المحيط، بلغة “أخلاقية” و”وَعْظِية”، بينما يَقِلُّ الحديث عن مسؤولية شركات النفط والغاز (الصّخري بشكل خاص) وصناعات النسيج أو المواد الكيماوية أو البلاستيك، ومسؤولية شركات البيع بالتجزئة وتعليب المياه وغيرها من الشركات التي تُلَوّثُ الهواء والمحيطات والأرض ومياه الشُّرْب والرّي…

ارتفع إنتاج البلاستيك خلال السنوات الخمسة عشر الماضية، وقُدِّر الإنتاج العالمي سنة 2016 بأكثر من 300 مليون طن، ويُتوقَّعُ ارتفاع الإنتاج بنسبة 40% بحلول سنة 2020، بسبب ارتفاع نشاط شركات الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية، وتتصدر شركات النفط العالمية ترتيب الشركات المُلَوِّثَة (بواسطة البلاستيك)، وعلى سبيل المثال فقد أعلنت شركة النفط العالمية “توتال” (ذات المنشأ الفرنسي) استثمارات ضخمة منذ بداية سنة 2018 في مركبات ضخمة للصناعات البتروكيماوية، في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وبريطانيا والسعودية والجزائر، قريبًا من حقول النفط والغاز، بهدف تنويع استثماراتها والإستفادة من طفرة الغاز الصخري، ومن إنتاج البلاستيك، في ظل انخفاض أسعار النفط، الذي يُشَكِّلُ المادة الأولية لصناعة البلاستيك، كما أدّت طفرة الغاز الصخري في الولايات المتحدة إلى انخفاض أسعار الغاز وكذلك إلى انخفاض تكلفة الصناعات المُلَوِّثَة، ومنها الصناعات البتروكيماوية، وصناعة البلاستيك…

تتوقّع وكالة الطاقة الدولية (وهي خلافًا لما يعتقد البعض، ليست منظمة دولية، وإنما مكتب استشارات يُقَدّم النّصائح لأكبر الدول المستوردة للنفط والغاز) أن ترتفع حصة صناعة البلاستيك إلى أكثر من 25% من إجمالي إنتاج الشركات النفطية الكبرى، للنفط والغاز، ولكن نقد مجموعات الدفاع عن سلامة البيئة بقي مُوَجّهًا نحو المواطن-المُسْتَهْلِك ونحو شبكات التجارة، التي استغلت الفُرْصَة لبيع البلاستيك، بدل توزيعه على زبائنها، وتنفق شركات النفط بضعة ملايين الدولارات سنويًّا على الدعاية الكاذبة التي تُنْتِجُها مجموعات مُختصّة في تبرئة هذه الشركات من تلويث المحيط… عن صحيفة غارديان البريطانية + “مرصد الشركات متعددة الجنسية” 26 و 28/09/18

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.