خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد 461
بيئة – تَوَقُّعات مُتَشائِمَة: تُعْدِم بلدان الإتحاد الأوروبي نحو خمسين مليون طنًّا من الفواكه والخُضار الصالحة للإستهلاك سنويًّا، بسبب شكلها أو مَظْهَرِها الذي لا يتوافق مع “المُواصفات الأوروبية”، إضافة إلى إتْلاف ملايين الأطنان من الغذاء، لأسباب أخرى (ظروف التخزين والنّقل وانتهاء مُدّة الصّلاحية…)، وتَمْنَعُ قوانين الإتحاد الأوروبي (قوانين رأس المال) توزيعَها على الفُقراء والمُعْوِزِين(باستثناء كميات قليلة تُوزّع على الجَمْعِيّات الخَيْرِيّة)، لأن ذلك من شأنه زيادة العَرْض، وخفض الطّلب على الغذاء في المحلات التجارية، فيما يموت 3 ملايين شخص جوعاً في مناطق أخرى من العالم، ويتوقع أن تزداد حدّة أزمة الغذاء، بسبب الحروب واحتكار الأراضي الزراعية في البلدان الفقيرة، وكذلك بسبب التّغْييرَات المناخية، والسبب الأخير هو موضوع هذه الفَقْرَة، إذ تُشِير الدّورِيّات المختصة إلى ارتفاع الحرارة بشكل قياسي خلال القرن الواحد والعشرين، وشهد العالم منذ سنة 2001 أكثر السنوات حرارة (16 سنة من إجمالي 17 أُدْرِجَتْ في سِجِلِّ السنوات الأكثر سخونة، منذ قياس درجة الحرارة)، وارتفعت حرارة الأرض بما يُعادل 1,2 درجة من درجات “سِلْسِيُوس” منذ الثورة الصناعية، ويتوقع خبراء الرصد الجوي (بناء على البيانات المُتَوَفِّرَة) أن ترتفع إلى درجَتَيْن خلال العقديْن القادمين، مما يُنْذِرُ بكارثة، في حال عدم تدارك الوَضْع، لتجَنُّب التغيير المناخي، الذي قد يتسبب بدوره بجعل مناطق كبيرة، ومأهولة بالسكان حاليا، غير قابلة للعيش، بسبب الجفاف وتراجع المحصول الغذائي، مما قد يُؤَدّي إلى توتّرات وموجات من الهجرة واللجوء المَناخي، مثلما يحصل في بعض مناطق إفريقيا، منذ أكثر من أربعة عُقُود، وعادة ما يبقى النازحون داخل البلاد، أو يَلْجَأون إلى البلدان المجاورة، ولا يقصِدون أوروبا التي تتسبّبُ شركاتها في إفقار المُزارِعين في إفريقيا (إضافة إلى الكوارث الطبيعية)، ولكنها لا تستقبل سوى أقل من 10% من اللاجئين في العالم، رغم الضّجّة التي تُثِيرُها الحكومات وأحزاب اليمين المتطرف ومؤسسات الإتحاد الأوروبي بشأن “الغزو” المُفْتَرَض والمُتَخَيَّل للأجانب…
من جهة أخرى، يتسبّب النشاط البَشَرِي في تغيّر المناخ، وهو ما يرفض قادة الولايات المتحدة حاليا (منذ 2016) الإعتراف به، وتُشِير معظم الدّراسات إلى مسؤولية أكبر اقتصادَيْن عالمِيَّيْن (الولايات المتحدة والصين) عن 80% من التلوث العالمي (أو 40% تقريبًا من الإنبعاثات لكل منهما)، وفق الكاتب “جوشوا بوسبي” (عالم محتبس حراريا) الذي اقتبست مجلة “إيكونوميست” بعض محتويات كتابه، وأكّدت العديد من الدّراسات هذه التّقْدِيرات والتّوقُّعات، خصوصًا في الوطن العربي الذي يُعاني من الجفاف (باستثناء السّودان) ومن ارتفاع درجات الحرارة إلى ضِعْف المعدّل العالمي، ومن تراجع كميات الأمطار، وكلما انخفضت كمية المطر، ارتفعت مخاطر هُبُوب الرّياح الرّملية وارتفاع درجات الحرارة وتصحّر مناطق شاسعة، لتُصْبِح منطقة الخليج غير قابلة للسكن، وبدأت تظهر نتائج انخفاض منسوب المياه في نَهْرَيْ دجلة والفرات في سوريا والعراق (جُزْئِيّا بسبب السّدود المُقامة في تركيا وإيران)، وأنتجت ارتفاع نسبة الملوحة والحموضة في الأراضي الزّراعية، خصوصًا في جنوب العراق، حيث تَضَرّرت واحات النّخيل التي كانت تُنْتِج أحسن أنواع التّمور في العالم، قبل أن تنهب الولايات المتحدة هذه الواحات منذ قرابة ثلاثين سنة، لتُنْتِجَ أنواع التُّمُور عالية الجودة، خصوصًا في ولاية “كاليفورنيا” (وأنواع الفُسْتق أيضًا، لِتُنافِس إيران على المرتبة الأولى عالميًّا)، وأدّى انخفاض كميات الأمطار إلى حفر الآبار للحصول على مياه الشُّرْب أو الرّي، لتعويض النقص في مياه الأمطار، أما في الدّول الغنيّة، فقد أعلنت مصادر شركات التّأمين ارتفاع خسائر الأحداث الطارئة المرتبطة بتقلبات الطقس في الولايات المتحدة إلى نحو 300 مليار دولار سنة 2017، ولكن هذه الإحصائيات غير مُتوفِّرة في الدول الفقيرة أو في الهند التي تتعرض للعواصف والأمطار الموسمية، بمعدل مرتين في السنة، مثل مناطق أخرى في المحيط الهندي والمحيط الهادئ وبحر الكاريبي… عن مجلّة “إيكونوميست” (بتصرف وإضافات) أيار 2018
تونس للبيع؟ أعلنت الحكومة التونسية (يوم 20/10/2018) لجوءها إلى سوق المال الدولية، بنهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2018، للحصول على قرض مالي بقيمة مليار دولار، لتغطية العجز في موازنة العام الحالي، واستخدمت الحكومة معظم المبالغ الإئتمانية والقروض التي حصلت عليها منذ 2012 لتغطية العجز المُسْتَدِيم والمُزْمِن للميزانية وليس للإستثمار، وستتولى مصارف “سيتي غروب”، و”دويتشه بنك” (ألمانيا) ومصرف “جي بي مورغان”، و”ناتكزي” عملية إصدار السندات المالية بهذه القيمة، للحكومة التي قررت اللجوء إلى الاقتراض لتغطية العجز في موازنة العام الحالي 2018، والتي تُقَدّر بنحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد تعجز الحكومة عن جمع المبلغ المطلوب، لأن المُقْرِضِين المُحْتَمَلِين يراقبون الوضع الإقتصادي والمالي السيء جدًّا للبلاد، وكذلك ارتفاع قيمة الدّيُون، والتّصنيف الإئتماني السلْبِي للوكالات المُخْتَصّة، ويشترطون، بنءً على ذلك، نسبة فائدة مرتفعة… وبالإضافة إلى محاولة الحصول على هذا المبلغ (مليار دولارا)، أعلنت وزارة المالية يوم الإربعاء 24/10/2018، تكليف نفس المصارف ( إضافة إلى مصرف “ناتكسيس”، بدلاً من ناتكزي”) بِبَيْع سندات دولية (أي بيع ممتلكات الشعب ) بقيمة 570 مليون دولارا، بعد حوالي شهر من حصول الحكومة على القسط الخامس (245 مليون دولارا) من قرض صندوق النقد الدولي سنة 2016 على ثلاث سنوات بقيمة 2,8 مليار دولارا، بشروط مجحفة (كالعادة ! )، وكلما ارتفعت قيمة القروض زادت قيمة الفائدة وخدمة الدّيْن، وكذلك هيمنة صندوق النقد الدولي والدّائِنِين على القرار السياسي للبلاد… عن وكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات) + رويترز 25/10/18
مصر: ارتفعت أعداد المهاجرين غير النظاميين من تونس ومصر وليبيا، بعد انتفاضات 2011، في ظل حكم الإخوان المسلمين وعودة رموز الأنظمة السابقة إلى سدة الحكم، وارتفع عدد المهاجرين القُصّر (أقل من 18 سنة) خصوصًا من مصر نحو إيطاليا، وإن كان القانون لا يسمح بترحيل القُصّر (يمكن ترحيلهم عند بلوغهم سن الثامنة عشر) فإن ترحيل المهاجرين غير النظاميين المصريين نادر الوقوع، ما دامت حكومات مصر مُتَمَسِّكَة بسياسة التّطبيع وبالإتفاقيات المختلفة مع الكيان الصّهْيُوني، إذ ترغب أوروبا في التخفيف من ضغط مشاكل البطالة على النّظام المَصْرِي الذي تُراقِبُ مُخابراته المهاجرين المصرِيِّين في أوروبّا بشكل ناجع…
سلطت حادثة غرق “مركب رشيد” سنة 2016 الأضواء على مُشكلة كانت معروفة ولكنها بقيت خلف الأضواء، حيث راح ضحية الحادث حوالي 200 شخصًا، وأثار الحادث قضية هجرة القصّر غير المصحوبين بأهاليهم، والذين بلغت نسبتهم نحو 60% من إجمالي المهاجرين المصريين الذين وصلوا أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2016، بحسب إحصاءات منظمة الهجرة الدولية، واحتلت مصر سنة 2018 (وفق أرقام نفس المنظّمة) المرتبة العاشرة ضمن أكبر الدّول المُصَدِّرَة للمهاجرين غير النظامِيِّين في العالم، ويصل إيطاليا ما يُعادل خمسة آلاف سنويا منذ 2012، ومن بينهم 60% من القاصِرِين، يصل معظمهم إلى إيطاليا، إضافة إلى ما بين ألف و1200 سنويا يتوجهون نحو ألمانيا واليونان وهولندا، وعدد غير معروف نحو فرنسا (خصوصًا من بعض قُرى الصّعِيد)، وارتبطت حركة الهجرة بتردّي أوضاع الرّيف المصري، بعد إنهاء برنامج الإصلاح الزراعي، خلال فترة حكم أنور السادات، فانهارت عائدات المُزارعين وخسروا أراضيهم، فيما ارتفعت أسعار المواد الأساسية والخدمات، ولم يعد راتب عمال المصانع أو الموظفين يُمَكِّن من تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين، وانتشرت البطالة والفَقْر والأُمِّية، ممّا دفع شبّان الريف للهجرة منذ سبعينات القرن العشرين إلى المدن الكبرى، والبحث عن عمل في قطاع الصناعة، وهجرة الكثير من الفلاحين والحرفيين إلى العراق وليبيا والخليج وأوروبا، وتزامنت فترة ارتفاع وتيرة الهجرة مع “سياسة الإنفتاح” واتفاقيات الإستسلام (كمب ديفيد 1979) وسياسة خصخصة القطاع العام وظهور “الأثرياء الجُدُد” الذي جمعوا أموالاً طائلة من المضاربة في الأراضي والشقق، فارتفعت الأسعار وانخفضت قيمة الجُنَيْه المصري، وارتفعت معدلات التضخم…
بلغ عدد المصريين العاملين بالخارج نحو 655 ألف مهاجر سنة 1975، من بينهم 370 ألف خارج البلدان العربية، ثم ارتفع العدد إلى مليون سنة 1980 وإلى مليونَيْن ونصف سنة 1986 (وفق البيانات الرسمية، وهي دون الواقع بكثير)، وارتفع عددهم خارج الخليج بسبب منافسة العمالة الرّخيصة من آسيا، ومحاولة دُويلات الخليج التخلص من العمال العرب، وبلغت قيمة تحويلاتهم المالية إلى أُسَرِهِم نحو مليارَيْ دولار سنة 1979، وهو ما يعادل إيرادات السياحة، وصادرات القطن، ورسوم عبور قناة السويس والسياحة، وحُرِم الريفيون المصريون من الهجرة إلى العراق والخليج بداية من سنة 1980، مما يُفَسِّرُ ارتفاع عددهم في أوروبا التي أعلنت إغلاق الحدود بعد اتفاقية “شنغن” (1990)، ومعاهدة “ماستريخت” (1992)، فلجأ الفُقراء إلى الهجرة غير النّظامية إلى أوروبا، عبر شبكات المهرّبين وتُجّار البشر.
أدّى انخفاض سعر الجنيه إلى تشجيع المهاجرين على زيادة مبالغ التحويل، وبلغت قيمة تحويلات المُهاجرين المصريين 26,4 مليار دولارا سنة 2017، بزيادة نحو 24% عن سنة 2016، وبلغت من بداية السنة إلى منتصف شهر تشرين الأول/اكتوبر 2018، نحو 22 مليار دولارا، وفق البيانات الحكومية المصرية، ويُقَدّر عدد المصريين المهاجرين بما بين 11 و 12 مليون، ونادرًا ما يَعُودون بصفة نهائية بعد سنوات قليلة من الهجرة، لكن بعض المهاجرين من الريف، عادوا وتملّكوا أراضي وعقارات، وتمكنوا من التّرَقِّي في السّلّم الطبقي، وحفظوا قوانين الرأسمالية، رغم الجهل والأمّية، وأصبح بعضهم من أعيان الحزب الحاكم، وترشح بعضهم لمجلس الشعب، “مما خلق طبقة غنية جاهلة وتفتقد للقيم والذوق العام”، وفق تعليق أحد الفلاحين من سُكّان ريف “المنوفية”… عن منظمة الهجرة الدّولية + “مؤتمر السكان الأوروبي” (جامعة ليفربول – بريطانيا) + موقع “السّفير العربي” 24/10/18
السودان: لم يتمكن النظام السّوداني من مجابهة الأزمة التي تفاقمت بعد انفصال جنوب السودان (تموز/يوليو 2011)، وخسرت معه البلاد ثُلُثَ أراضيها و75% من عائدات النفط، التي كانت تُمثل أهم مورد للعملات الأجنبية، فَانهار سعر العملة المحلّية (الجنيه السوداني) وارتفعت الأسعار، ونسبة التضخم، واحتدّت الأزمة خلال السنتيْن الماضِيَتَيْن، بزيادة أسعار المحروقات وخفض المبالغ المُخَصَّصَة لدعم السلع والخدمات الأساسية، وعرفت البلاد بعض المُظاهرات والإحتجاجات ضد زيادة الأسعار، وأدت الأزمة، خصوصًا منذ صيف 2018 بسبب صعوبة الحصول على الخبز والمحروقات، وبعض أصناف الأدوية، وحاول الرئيس عمر البشير (جنرال قام بانقلاب ومَكث في السلطة منذ 1989) تهدئة الوضع، فضَحّى بنائب الرئيس وبرئيس الوزراء، وعيّن أحد وزرائه وقيادي في حزبه “المؤتمر” (الإخوان المسلمون) رئيسًا جديدًا للحكومة في أيلول/سبتمبر 2018، وأعلنت هذه الحكومة “برنامج إصلاح اقتصادي” (أي برنامج تقشف) يستمر 15 شهراً، ويتضمن مزيداً من إجراءات التقشف، مع وَعْدٍ بعدم زيادة أسعار طحين الخبز والمحروقات و”الأدوية المنقذة للحياة”، وهي مُحاولة لتهدئة المواطنين الذين يعانون من ارتفاع أسعار السلع والخدمات والنقل والكهرباء ونقص الأدوية، وبالتدقيق في ميزانية الدّولة لسنة 2019، يتبيّن انخفاض الإنفاق الحكومي، مما يُؤَدِّي حَتْمًا إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وخفض قيمة الدّعم المخصصة للمواد الأساسية، وأعلن رئيس الحكومة إن برنامج التقشف يتضَمّن معالجة نقص السيولة، بهدف استقرار سعر صرف الجُنَيْه، وبالتالي استقرار نسبة التضخم، بالإضافة إلى محاربة الفساد، والتهرب الضريبي والجمركي… نُشير إلى وجود إسم السودان ضمن القائمة التي أعدتها الولايات المتحدة “للدول الراعية للإرهاب”، مما يُبْقِي على قرارات حَظْر التمويل من مؤسسات مالية دولية أو عربية التمويل، وحجز الأموال المُجَمّدة في الأرصدة والحسابات الخارجية، بينما ارتفعت الديون الخارجية للبلاد إلى نحو 56 مليار دولار… عن رويترز 25/10/18
السودان 2: يستهلك السودان قرابة 2,5 مليون طن من القمح سنويا، ولكنه لا ينتج سوى 40% من حجم الإستهلاك، مما يضطر الحكومة إلى توريد 60% من احتياجاتها، في ظل انخفاض كبير لسعر الجُنَيْه السوداني (60 جنيها مقال الدولار، في السّوق المُوازية)، مقابل العملات الأجنبية، ولذلك ارتفع سعر الخبز من جنيه واحد إلى خمسة جنيهات، بعد خفض الدّعم الحكومي، وأدّى ارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء والنقل والغذاء وغيرها إلى اندلاع مظاهرات منذ بداية العام 2018، وتشهد مُدُن السّودان نَقْصًا كبيرًا في كميات الخبز، منذ بداية شهر كانون الأول/ديسمبر 2018، مما يَضْطَرُّ المواطنين إلى قضاء ساعات في الطّوابير أمام المخابز، وتسبب نقص الخبر والغلاء في انطلاق مظاهرات شعبية انطلقت من الشمال (مدينة “عطبرة”) والشرق، يوم الإربعاء 19 كانون الأول/ديسمبر 2018، قبل أن تَعُمّ البلاد وتصل الخرطوم يوم الخميس 20 كانون الأول/ديسمبر 2018، وأعلنت الحكومة حالة الطوارئ وإغلاق مُؤسّسات التّعليم، وحَظْرِ التّجْوال شمال البلاد من السادسة مساءً إلى السادسة صباحًا، منذ يوم 19/12/2018، وأعلنت وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) سقوط ثلاثة قتلى خلال 48 ساعة (إثنان في مَدينة “القضارف”، شرق السودان، والثالث في مدينة “بربر”)، برصاص الشرطة، إضافة إلى العشرات من حالات الإختناق بالغازات، وأفادت وكالة “رويترز” (الخميس 20/12/2018) إن المحتجين في الخرطوم أصبحوا على بُعْدِ كيلومتر واحد من القصر الرئاسي، ويهتفون بسقوط النّظام، ونَدَّدُوا بتردِّي الوضع الإقتصادي، وبارتفاع الأسعار مع نقص كميات الطحين والخبر والوقود وغاز الطّهي… أما وكالة الأنباء الرسمية فاعتبرت المظاهرات وحرق مباني الحزب الحاكم ومحلات السلطات المحلية “مؤامرة ومحاولة لزعزعة أمْن واستقرار البلاد”. عن وكالات رويترز + أ.ف.ب + سبوتنيك 20/12/18
لبنان – بيئة: يشتكي مواطنو مناطق عديدة في لبنان من عدم وصول المياه، مما يَضْطَرُّهُم إلى حَفْر آبار خاصة، داخل المباني، ونشرت مؤسسة “مياه بيروت وجبل لبنان” في بداية تشرين الأول/اكتوبر 2018 نتائج فحوصات أجرتها في المنطقة، وأظْهَرت إن حوالي 80% من سكان المباني، في منطقة بيروت وضواحيها، يعتمدون بشكل رئيسي على الآبار الإرتوازية الخاصّة، وبعضها غير مُرَخّص، وفي حال اكتشاف السلطات أمر البئر، يتوجّب تسديد رشوة تتراوح قيمتها بين ما يعال خمسة آلاف وعشرة آلاف دولارا، حيث لا تملك وزارة الطاقة والمياه إحصاءً دقيقًا بعدد الآبار، كمَصْدَرٍ للمياه، ولكن هذه المياه ليست مُصَفّاة، ومعظمها مُلَوث بالنفايات المنزلية والفضلات البشرية، مثلما أثبتت الإختبارات بشأن مصدر تلوث مياه أحد المباني في الضاحية الجنوبية لبيروت، فيما أثبتت التحاليل تلوث مياه البحر، بسبب المجاري والمصبّات التي تُلْقِي بفضلاتها في البحر، وارتفاع نسبة التّلوث والملح والكبريت في المنطقة الواقعة على مساحة ستين كيلومترا حول بيروت، بسبب المياه العادمة والنفايات، بالإضافة إلى اهتراء شبكة ضخ المياه النّظيفة، مما يَهْدِرُ حوالي 40% من المياه التي تمر عبرها، وكذلك شبكة الصّرف الصحي التي تقادَمَتْ وتحتاج إلى الصيانة…
في منطقة “بعلبك”، عاين المُدّعِي العام تَلْوِيث مصنع لفرع شركة أجنبية للألبان، لمياه نهر الليطاني، منذ 2005، وحاول القيام بإجراءات قانونية، لكن رئيس الحكومة سعد الحريري استقبله قي مقر الحكومة وسلّمه منحة (من المال العام) بقيمة ملْيُونَيْ دولار، لإنشاء محطة تكرير ومعالجة النّفايات، خلافًا للقوانين التي تفرض على المصانع معالجة أي تلوّث يُسَبِّبُهُ نشاطها، وسمح رئيس الحكومة (المُقاول، ابن المقاول) للشركة التي تُدِير المَصْنع بتحويل النفايات نحو النّهر، خلال فترة إنجاز محطة معالجة النّفايات، وكانت الحكومة قد اقترضت من الحكومة الإيطالية ومن البنك العالمي مبلغ 18 مليون دولارا، لتقديم قُرُوض مُيَسّرة (بدون فائدة) إلى الشركات الصناعية بهدف “خفض التلوث الصناعي”، بدَعْمٍ من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولكن العديد من المصانع وحتى البلديات لا تزال تُحوِّل مياه الصّرف الصّحّي نحو نهر الليطاني… عن الرابطة اللبنانية للإعلام – صحيفة “الأخبار” 23/10/18
البحرين على حافة الإفلاس؟ توقّع تقرير صندوق النّقد الدّولي (تموز/يويلو 2018) أن يساهم انخفاض أسعار النفط الخام، وشح الإحتياطي النقدي، في تباطؤ وتيرة النّمو، وفي ارتفاع قيمة الدَّيْن العام، وارتفاع نسبتِهِ من إجمالي الناتج المحلي، وأعرب خبراء صندوق النّقد عن تخوفاتهم من انخفاض مستوى احتياطي النّقد الأجنبي خلال صيف 2018 إلى قرابة ملياري دولارا، أو ما يُعادل أربعين يومًا من واردات السلع، وتغطية جزء صغير من الديون الخارجية قصيرة الأجل، ويؤدّي ارتفاع الدّين إلى ارتفاع قيمة الفائدة وخدمة الدّين، ليرتفع عجز ميزانية الدّولة، وليبلغ الدينار البحريني أدنى مستوى مقابل الدولار، منذ 17 سنة، فيما تَسْتَخْدِمُ الحكومة القُروض الجديدة لسد عجز الميزانية، وليس للإستثمار في مشاريع مُنْتِجَة ومُفِيدة للسُّكان، وهي حلقة مُفْرَغَة وخطيرة، شبيهة بوضع تونس ومصر والأردن والمغرب، وتُهَدِّدُ بإفلاس هذه الدول، ولتفادي إفلاس دولة البحرين، أعلنت حكومات السعودية والإمارات والكويت يو 04/10/2018 بقديم “دعم مالي” للبحرين التي تعاني من أزمات متتالية منذ حوالي عقد من الزمن، وخصوصًا منذ انخفاض أسعار النفط، في منتصف سنة 2014، لسد العجز في الميزانية، خلال السنوات الثلاثة القادمة، والواقع إن “الدّعم” يتمثل في قروض بقيمة عشرة مليارات دولارا، بشروط شبيهة بشروط صندوق النّقد الدّولي، وتزامن ذلك مع إعلان “اكتشاف أكبر حقل نفطي في البحرين”، وجاء هذا الإعلان المشبوه كمحاولة لطمأنة الدّائنين الدّوليين، ولتحسين تصنيف البلاد من قِبل وكالات التّصْنِيف الإئتماني، لكن العجز مُزْمن في البحرين، والدّينار على حافة الإنهيار، والديون العمومية ما انفَكّت ترتفع، من 23 مليار دولار، بنهاية 2016 أو حوالي 72%من إجمالي الناتج المحلي، إلى 26,5 مليار دولارا بنهاية 2017، أو قرابة 80% من إجمالي الناتج المحلّي، ورفعت الحكومة ومجلس النّواب رفع السقف المسموح به للاقتراض إلى 34 مليار دولار سنة 2018 أو ما يزيد عن 100% من إجمالي الناتج المحلي، وارتفعت قيمة خدمة الدّيْن العام إلى 2,7 مليار دولارا سنة 2018، أو ما يُعادل 16% من الإنفاق الحُكُومي، وأدى مجمل الوضع إلى ارتفاع المخاوف لدى المتعاملين في السوق المالية، وإلى موجة بيع في السوق الآجلة، أدت بدورها إلى هبوط أسعار سندات البحرين الدولية…
أدرجَ الدّائنون الخليجيون شروطًا عديدة، مقابل “الدّعم” (القرض) الجديد بقيمة عشرة مليارات دولارا (على ثلاث سنوات)، ومن بينها “خفض الإنفاق الحكومي”، وتسريح الموظفين الحكوميين عبر الإحالة على التّقاعد وتجميد التوظيف وعدم تعويض المتقاعدين، ورفع أسعار الكهرباء والماء، وخفض (أو إلغاء) دعم المواد الأساسية والخدمات الضرورية، وزيادة “الإيرادات غير النفطية” (أي زيادة الضرائب غير المباشرة)، وفق وكالة أنباء البحرين (4/10/2018)، وهي شروط مُطابقة لشروط صندوق النقد الدّولي (الذي ساهم خُبراؤه كمُسْتشارين، في إملاء هذه الشّروط)، مع عدم التطرق إلى الفساد الهيكلي، وإلى خفض “حصة” العائلة المالكة التي تُعادل ثُلُثَ إيرادات الدولة، بالإضافة إلى عددٍ من الإمتيازات الأخرى… عن تقرير صندوق النقد الدولي (تموز/يوليو 2018) + وكالة أنباء البحرين (04/10/2018) + موقع “السفير العربي” 22/10/18
السعودية – تداعيات تَهَوُّر “بن سَلْمان” على مشروع “رؤية 2030” : بُنِيَت خطة “رؤية 2030” على تقديم صورة مُخْتَلِفَة للسعودية، وتعهدت وسائل الإعلام السائدة في العالم لتقديم محمد بن سلمان كرائد إصْلاحِي سَيُغَيِّرُ صورة وجوهر النظام السعودي، ولكن انهارت صورة “الإصلاحي” و”المُنْفَتِح”، بعد تعدّد الخلافات التي أثارها مع حُلفاء السعودية، في أوروبا (ألمانيا والسويد والنرويج…) والولايات المتحدة وكندا ومع أعضاء مجلس التعاون الخليجي (بعد احتلال البحرَيْن) في قطر والكويت وعمان، بالإضافة إلى غرق السعودية (مع الإمارات) في وحل العدوان على شعب اليمن، منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، وتصاعدت مخاوف المُسْتَثْمِرِين من تداعيات ممارسات الإبتزاز والإحتجاز، ثم القتل، وذلك قُبيْل انعقاد مؤتمر “مبادرة مستقبل الإستثمار”، أو ما سَمّاه محمد بن سلمان “دافوس الصّحراء”، وكان يُعوّل على هذا المؤتمر لاجتذاب رأس المال الأجنبي، ولكن عملية اغتيال الصحافي السعودي “جمال خاشقجي” كانت النقطة التي أفاضت الكأس، بعد انحسار الإستثمار الأجنبي في السعودية سنة 2017 إلى أدنى مُسْتَوَى له خلال 14 سنة، فأعلن عديد المسؤولين ورؤساء الشركات والمصارف انسحابهم من المؤتمر، ومن بينهم وزير الخزانة الأميركية، ووزراء من بريطانيا وفرنسا وهولندا وأُستراليا، وانسحاب صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، وأصحاب شركات ووسائل إعلام ومديرين تنفيذيين لشركات كُبْرى، وأهمهم على الإطلاق مجموعة “سوفت بنك”، عملاق التكنولوجيا اليابانية، التي تدير صندوقا يابانيًّا سعوديًّا مُشتركًا (“صندوق رؤية سوفت بنك”) لتمويل الإستثمارات السعودية في شركات “وادي سيليكون” الأميركي، واستثمرت السعودية 45 مليار دولارا سنة 2017 و45 مليار دولارا سنة 2018 (50% من رأس مال الصندوق المُشترك) في الصندوق الذي يَضُمّ أيضًا شركات عملاقة، من بينها “آبل” و”كوالكوم” و”فوكسكون” و”شارب”، وغيرها، واستثمر الصندوق في 25 شركة أمريكية تعمل في قطاع التكنولوجيا…
نشرت المجموعة المصرفية “جي بي مورغان” دراسة حديثة أظْهَرت خُرُوج قرابة ثمانين مليار دولارا من الإقتصاد السعودي خلال سنة 2017، ونحو 65 مليار دولارا خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2018 (أي قبل عملية اغتيال “خاشقجي”)، واتّسَمَ الإقتصاد السعودي بتباطؤ النّمو، ولم تُؤَدّي خُطَط برامج خصخصة 16 قطاعًا حكوميا (فشلت الخطة التي كانت تستهدف في جمع 200 مليار دولارا كما كان مُتَوَقَّعًا) وفشل برنامج خفض الإنفاق، و”سعودة الوظائف” ولم تنخفض نسبة البطالة (البالغة 13% من القوى العاملة، وفق البيانات الرّسمية) كما فشلت هذه الخطط في إنعاش الإقتصاد وفي توظيف السعوديين والسعوديات، رغم تسريح 1,2 مليون عامل أجنبي خلال ثمانية عشر شهر، وأقدَمت العديد من شركات البيع بالتجزئة على إغلاق فُروع عديدة بعد تسريح العُمال الأجانب، وعجزها عن استبدالهم بعمال سعوديين (تطبيقًا لقرار “السّعْوَدَة”)، بسبب انخفاض الرواتب في القطاع الخاص، مع ارتفاع عدد ساعات العمل، وغياب الحوافز والإجازات، ويرفض السعوديون العمل في ظل هذه الظروف (وهم على حق) رغم تدهور مستوى الدّخل وارتفاع الأسعار، بعد إقرار أسرة آل سعود زيادة ضريبة القيمة المضافة ورفع أسعار الوقود والكهرباء…
يرعى محمد بن سلمان، للعام الثاني على التّوالي مؤتمر “مبادرة مستقبل الإستثمار”، ولكن الفُتُور أصاب المشاركين الأجانب وكذلك من الشركات المحلية، وتجلّى ذلك من خلال إعلان انسحاب أهمّ شركاء “صندوق الإستثمارات العامة” (الذي يرأسه بن سَلْمان)، لأن قوانين رأس المال تقوم على مبدأ الربح والخسارة، وعندما لا يكون الرّبح مَضْمونًا ينْسحبُ رأس المال أو يَطْلُبُ مكافآت مرتفعة، مقابل “المُغامرة” (المُضاربة)، ويعود قرار انسحاب مجموعة “سوفت بنك” اليابانية إلى ارتفاع خسائر الصندوق المشترك الذي تُدِيرُه (“صندوق رؤية سوفت بنك”) حوالي عشرين مليار دولارا في أسواق المال، منذ إعلان اختفاء “خاشقجي”، وتراجعت أسهم المجموعة بنحو 7% في بورصة طوكيو، وفق صحيفة “فايننشال تايمز” (21/10/2018)، ليس بسبب “قضية خاشقجي” لوحدها، بل تجميد السعودية في أيلول/سبتمبر 2018 مشروعًا ضخما (مُشتركًا مع “سوفت بنك”) للطاقة الشمسية، قُدّرت تكالِيفُهُ بنحو 200 مليار دولار، كما انسحبت شركة “أوبر”، رغم الخسائر التي قد تلحقها من هذا الإنسحاب، إذ يمتلك “صندوق رُؤْية” حصة من أسهمها تُقدر بتسعة مليارات دولارا، لكن حسابات الربح والخسارة تكون أيضًا على مدى متوسط وبعيد، وأنهت شركات كبرى أخرى شراكَتَها مع “صندوق رؤية”، ومن بينها “أرم هولدينغز” و”نفيديا” و”جنرال موتورز كروز”، للسيارات الإلكترونية، و”وي ورك”…
اضطر حُكّام السعودية للبحث عن بدائل لاستثمارت الحُلفاء، لدى الخُصُوم، أو لدى أصدقاء “العدو الإيراني”، ومن بينهم الصين وروسيا، لكن شُؤُون الجزيرة العربية لا تُدَار من الرّياض، بل من واشنطن، حيث يبحث المسؤولون في الإدارة الأمريكية عن أفضل السُّبُل للحفاظ على المصالح السياسية والإقتصادية للولايات المتحدة… البيانات من وكالة“بلومبرغ” + صحيفة “فاينناشال تايمز” 22/10/18
المالديف، هزيمة سعودية أُخْرَى؟ أطال النّفط ذراع أسرة آل سعود التي أصبحت تتدخل في شؤون بلدان كثيرة، عربية و”إسلامية”، إفريقية وآسيوية، وغيرها، ودَعمت السعودية المُرشّحين الخاسرين هذه السنة (2018) في انتخابات ماليزيا وباكستان، ودعمت في أرخبيل “مالديف” (350 ألف نسمة) تجديد فترة رئاسة “عبد الله يمين”، ماليًّا وسياسيًّا، لكن فوز مُرشح الحزب الديمقراطي “إبراهيم محمد صليح”، لفترة خمس سنوات، بنسبة 58,3%، أضاف انتكاسة جديدة لسياسة شراء الذّمم السعودية، وكان آل سعود، قد بدأوا نشر الفكر الوهبي في الأرخبيل الواقع في المحيط الهندي، بتقديم “هِبة” سنة 2016 بقيمة 100 ألف دولارا، من أجل “تدعيم التعليم الإسلامي، واستضافة باحثين إسلاميين سعوديين، واستضافة السعودية خمسين طالبا من جزر المالديف للدراسة في الجامعات السعودية”، وأقرض آل سعود خمسين مليون دولارا للجيش المالديفي، لإنجاز مشروع سكني، وبدأ آل سعود تنفيذ استراتيجية منظمة ومحكمة رسمها متطرفون إسلاميون بهدف السيطرة الكاملة على إدارات الدولة، وفق المُعارضة، ووعدت السعودية، أثناء الحملة الإنتخابية، باستثمار عشرة مليارات دولار، مع بتقديم تسهيلات قروض لخمسة سنوات (فترة الدورة الرئاسية) بقيمة 300 مليون دولار، لكن هذا الدّعم وهذه الوعود لم تنفَع حليف السعودية الفاسد “عبد الله يمين”، الذي تميزت فترة رئاسته بارتفاع الفساد والنّهب للمال العام، وسرقة عائدات السياحة (القطاع الرئيسي في اقتصاد البلاد)، وغسيل الأموال بقيمة 1,5 مليار دولارا (ظهرت الفضيحة سنة 2016) عبر المصرف المركزي، وبدعم من حُلَفاء وشُركاء آل سعود في سنغافورة وماليزيا وأندونيسيا، كما أصدر نائب الرئيس (أحمد أديب) أوامر بتفجير مبنى قناة تلفزيونية معارضة سنة 2013، قبل نشرها خبر الفساد وغسيل الأموال، واتفق مع الشرطة لإطلاق حريق في مكتب حكومي يؤوي ما يقرب من مائتي موظف، ومن بينهم المدقق العام لحسابات الدولة (نياز إبراهيم) الذي كان يحقق في وثائق ضلوع نائب الرئيس في الفساد، وضلوع الرئيس في فضيحة فساد ثمثلت في سرقة إيرادات سياحية بقيمة ثمانين مليون دولارا، سنة 2014، وقدّمت السعودية قرضًا بقيمة 300 مليون دولار، لكن المبلغ تَبَخَّرَ، وفي سنة 2017، اقترح الرئيس تمليك الأسرة المالكة للسعودية أراضي في المالديف القريبة من الصين والهند، مقابل استثمار قد يصل إلى مليار دولار، في مخالفة لقوانين البلاد التي تمنع تملك الأجانب للأراضي، وحصلت الحكومة السعودية (سنة 2018) على ترخيص لإنشاء خزانات نفط ضخمة، لتيْسِير تصدير النفط إلى الصين، استباقًا للعقوبات الأمريكية ضد إيران…
أعلنت قوى المُعارضة، التي دعمت الرئيس الجديد “إبراهيم محمد صليح”، إن هزيمة “عبد الله يمين” تُشير إلى “نهاية حقبة هيمنة السعودية التي تميزت بالفساد والاعتقالات والنفي بحق المعارضين، وبإلغاء الحريات السياسية والمدنية…”، وذلك بعدما خسرت السعودية حُلفاءها “نواز شريف” في باكستان، و”نجيب عبد الرزاق” في ماليزيا… لكن وجب الحذر إزاء الدّعم القوي الذي تُخَصِّصُه تركيا وقَطر للإخوان المسلمين في هذه الجُزر، وسبق أن احتل منصب الرئاسة رئيس مُقرب من الإخوان المسلمين (محمد ناشد)، أُطيح به في انقلاب عسكري سنة 2012، لصالح “عبد الله يمين”… عن وكالة رويترز + “الأخبار” 26/10/18
كوبا: أطلقت حكومة كوبا سنة 1968 حملة وطنية لتنشيط الإقتصاد الكوبي المُحاصَر، وتعد زراعة قصب السكر، نشاطًا رئيسيا، وأصبحت البلاد من أهم مُصَدِّرِي السكر، حتى سنة 1999، وكان الإتحاد السوفييتي ودول أوروبا الشرقية من أهم زبائن السّكّر الكوبي، إلى حين انهيار الإتحاد السوفييتي، وبالإضافة إلى ذلك، انخفض سعر السّكّر في الأسواق العالمية في بداية عقد تسعينات القرن العشرين، فانخفض التمويل والتجهيزات الضّرورية، فتدهور وضع القطاع، وانخفض الإنتاج من ثمانية ملايين طنا إلى نحو 1,1 مليون طنا سنة 2010، وانخفضت حصة السكر من الصادرات الكوبية من 73% قبل انهيار الإتحاد السوفييتي، إلى 13% سنة 2015، وبدأت الحكومة تنفذ برنامجًا لرفع حجم الإنتاج وتنويعه وتوسيعه للمنتجات المُشْتَقّة، وكان عمال مصانع السكر يقبضون ضعف معدّل الرواتب في كوبا (كان المعدل يبلغ حوالي ثلاثين دولارا شهريًّا آنذاك)، وبعد برنامج “إعادة تنظيم قطاع السّكّر” الذي قررت حكومة كوبا تنفيذه منذ سنة 2002، بهدف “تعزيز الإنتاجية”، توقفت حوالي مائة وِحْدَة إنتاج من إجمالي 150 وحدة، وبقي حوالي 100 ألف عامل يقبضون رواتبهم لبضعة أشهر، قبل أن ينتقِلُوا إلى أعمال أخرى، أو السفر خارج البلاد، خصوصًا بعد القرارات التي اتخذتها السلطة منذ كانون الثاني/يناير 2013 بشأن هجرة الكوبيين إلى الخارج، وأصبحت 60% من الأراضي التي كانت مزروعة بقصب السكر، مزروعة بنباتات أخرى، ولكن الإنتاج انخفض، لأسباب عدة، منها العوامل الطبيعية ومنها الإقتصادية، مع التراجع الكبير في الأسعار العالمية، ونقص التمويل والبذور والسماد، وغيرها من المواد الضّرُورية لزيادة وتحسين الإنتاج، بسبب الحَظْر والحِصار الأمريكِيَّيْن، وأصبحت البلاد تنتج حوالي مليونَيْ طنا سنويا منذ بداية الألفية الحالية، وتستورد بقية حاجتها من الخارج بين 2001 و2017…
تضررت محاصيل الموسم 2017-2018 وتراجع الإنتاج بنسبة 40%، جراء إعصار “إيرما” وجراء ارتفاع كمية الأمطار وطول مُدّة هُطولها، فسجل إنتاج السّكّر موسمًا كارِثِيًّا وتراجعا من 1,6 مليون طنا كانت مُتوقّعة، إلى 1,1 مليون طنا، فاضطرت الحكومة إلى استيراد السّكّر من البرازيل، ثم واستوردت وللمرة الأولى في تاريخها، أربعين ألف طنا من فرنسا (من سُكّر الشمندر وهو أكثر بياضًا ولَمَعانًا من سكر القَصب)، بين صيف 2017 وآب/أغسطس 2018 بحسب بيانات السلطات الجمركية…
رفعت الإدارة الأمريكية، خلال الفترة 2010 – 2016 بعض القُيُود على التعامل مع كوبا، لكن الإدارة الأمريكية اللاحقة (رئاسة “دونالد ترامب”)، تراجعت عن “الإنفتاح”، ورغم تشديد الحصار، أعلنت وزارة السياحة في كوبا، يوم العاشر من آب/أغسطس 2018، ارتفاع عدد زائِرِي كوبا من السّائحين الأجانب، ومن بينهم السائحون الأمريكيون، إلى حوالي ثلاثة ملايين خلال الأشهر السبعة الأولى من سنة 2018، ولم تُعْلن مصادر الوزارة عن مبلغ مداخيل السياحة، ولكنها تتوقع ارتفاع العدد خلال موسم الشتاء، ويتميز قطاع السياحة (في معظم البلدان) بالهشاشة ولكن عددًا هامًّا من السائحين يقصدون كوبا بهدف السياحة العلاجية” وبهدف الإستفادة من تقدم الطّب وأساليب العلاج في مستشفياتها، وبلغ عدد السائحين الأجانب قرابة 4,7 ملايين، من بينهم حوالي 250 ألف أمريكي، خلال سنة 2017، رغم التّأثير السّلْبي لإعْصار “إيرما” على السياحة، وعلى كافة جوانب الحياة الإقتصادية في كوبا، التي كانت الأضرار بها أخَفَّ من أضرار بلدان منطقة بحر الكاريبي الأخرى، بفضل تطبيق برامج الوقاية…
تستَبِقُ الشركات الأجنبية (خصوصًا من فرنسا وبريطانيا ) نتائج الإستفتاء على الدستور الجديد الذي يطرح “أهمية الإستثمارات الأجنبية لتطوير البلاد”، والذي يتوقع المصادقة عليه خلال التصويت العام لشهر شباط/فبراير 2019، وبدأت هذه الشركات تُنفذ دراسات لقطاع السكر في كوبا “لتقييم الإصلاحات والاستثمارات اللازمة لإنهاضه”… عن أ.ف.ب (بتصرف) 13/05/2017 و 28/10/2018
الصين، خطوات عَمَلِية لاكتساب القُوّة – نموذج طريق الحرير الجديد: أعلنت حكومة الصين منذ سنة 2013، بعد قرار الرئيس باراك أوباما بمحاصرة الصين عبر جيش البحر الأمريكي سنة 2012، إطلاق مبادرة “حزام واحد – طريق واحد” أو “طريق الحرير الجديد”، بهدف تعزيز روابط الصين التجارية والإقتصادية مع بلدان العالم، وتطوير وإنشاء طرق تجارية وممرات اقتصادية تربط أكثر من 60 بلدا، وأولت الصين اهتمامًا خاصًّا للإستثمار في مشاريع البُنْيَة التّحتِيّة في آسيا، وكذلك لمحطات الوصول في أوروبا (إحدى أهم أسواق البضائع الصينية)، واهتمت بتعزيز خطوط المواصلات الحديدية مع بريطانيا التي صدّرت لها الصين بضائع بقيمة 55 مليار دولارا سنة 2016 وألمانيا بقيمة 65 مليار دولارا خلال نفس السنة، وأطلقت الصين منذ أواخر 2011 رحلات تجريبية، قبل نقل البضائع سنة 2013 عبر السكة الحديدية في رحلات حقيقية بين مقاطعة “جيانغشي”، جنوب شرق الصين وأوروبا، وارتفع عدد الرحلات بنهاية كانون الأول/ديسمبر 2017، بهدف تقليص فترة الشحن إلى أوروبا، من حوالي 34 يوم من الصين إلى بريطانيا وإلى أقل من 14 يوم نحو ألمانيا، وتمر القطارات عبر كازاخستان وروسيا وبيلاروس وبولندا، ثم ألمانيا، لتقتصر على البضائع في البداية ثم تُضيف نقل المُسافرين، في مرحلة ثانية، وبلغ عدد الرحلات “التجريبية” بين تموز/يوليو 2013 وكانون الأول/ديسمبر 2017 حوالي ثلاثة آلاف رحلة، استخدمت 57 خطا حديديا يربط بين القارتين، بحسب بيانات شركة السكك الحديدية الصينية، ونقلت نحو 520 ألف طن من البضائع بقيمة 5,2 مليار دولار نحو ألمانيا، وحوالي 1300 سلعة إلى 121 مدينة في 24 دولة في الاتحاد الأوروبي وروسيا ووسط آسيا، وأعلنت وكالة الصين الجديدة “شينخوا” في الأول من أيلول/سبتمبر 2018 ارتفاع عدد الرحلات إلى عشرة آلاف رحلة خلال الأسبوع الأخير من شهر آب/أغسطس 2018، وارتفع عدد الرحلات من 377 رحلة سنوية سنة 2017 إلى نحو 500 رحلة مُتوقّعة بنهاية 2018، وتتجه الرحلات إلى مدن أوروبية، ومن بينها موسكو في روسيا وهامبورغ (ميناء في ألمانيا) وليون الفرنسية، لتحمل القطارات سلعًا صينية، من بينها السيارات والمكونات الإلكترونية ومنتجات الصلب و”الكابلات”، وتعود مُحَمَّلَةً بمنتجات الألبان من روسيا والنبيذ الفرنسي والجعة (البيرة) الألمانية، وهي سلع أقل قيمة بكثير من قيمة الصّادرات الصّينية، وأصبحت هذه الرحلات تغطّي 48 مدينة صينية وأكثر من 40 مدينة في 14 دولة أوروبية، وبالإضافة إلى اختصار وقت الرحلات، إلى أقل من أسبوعين (بعدما كانت مدتها تفوق ثلاثة أسابيع)، انخفضت تكاليف النقل بنسبة 40%، وارتفع حجم المَنْقُولات…
بدأت الصين تشغيل خط أسبوعي جديد لنقل السّلع بين مدينة “تشونغ كينغ” (جنوب غرب الصين) و”ماهايم” (جنوب غرب ألمانيا) بواسطة القطار السريع “ترانس آسيا” الذي يقطع المسافة بين المدينتين والبالغة 11200 كيلومترًا، في فترة 17 إلى 18 يوم، وقبل الوصول إلى “مانهايم”، يعبر القطار جزءًا كبيرا من الصين وكازاخستان وبيلاروس وبولندا…
تمكّنت الصين من مراكمة فائض مالي ضَخْم من استغلال الثروات والأسواق الإفريقية لفترة ثلاثة عقود، وكذلك من الإستغلال الفاحش للعُمّال المحلِّيِّين الصينيين ولحوالي ثلاثمائة مليون من القَرَوِيِّين الصينيين الذين جرّدَهُم الأعيان المحليون (من قيادات الحزب الحاكم) من الأراضي التي كانوا يعملون بها (الأراضي ملك للدولة)، فاضطرّوا للهجرة نحو المدن الصناعية ليقع استغلالهم بشكل فظيع، دون تمكينهم من أي حق في الإقامة أو العلاج أو تعليم الأبناء، ويضطرون لتسديد الرشاوى مقابل السكن في أكواخ ومقابل تمكينهم من العلاج وتمكين أبنائهم من الدّراسة… عن وكالة “شينخوا” + د. ب. أ (ألمانيا) 26/10/18
الصين والكيان الصهيوني – 1: أدّى رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتن ياهو زيارة هامة للصين سنة 2017، عززت النمو السريع للعلاقات الثنائية ولمشاريع الشركات الصينية في الأراضي المغتصبة من أهالي النقب، ومد خط سكة حديدية بين ميناء “أم الرّشراش” وحيفا، وشراء الصين أسلحة ومعدّات قمع وتقنيات قمع المظاهرات وطائرات تجسس، من الكيان الصهيوني… وأدّى نائب الرئيس الصيني زيارة طويلة لفلسطين المحتلة، لفترة أربعة أيام كاملة، انتهت يوم الخميس 25/10/2018، بمناسبة انعقاد اللقاء الرابع ل”اللجنة الصينية الإسرائيلية المُشتركة للتعاون في مجال الإبتكار”، واعتبر المسؤول الصيني الزيارة “مُثْمِرَة”، لأنها “عَزّزت العلاقات والتعاون الثنائي الحالي والمُسْتَقْبَلِي في مجال الابتكار من أجل المنفعة المتبادلة”، وادّعى نائب الرئيس الصيني إن دولة الإحتلال ومستوطنوها الذين جاؤوا من 100 دولة مُخْتلفة واغتصبوا أراضي ووطن السكان الأصليين، “تتمتع بتاريخ طويل وثقافة رائعة”، وعبر عن احترامه وإعجابه بدولة الإحتلال وأعلن “أن الصين تقف مستعدة للتعاون مع إسرائيل لمواصلة تعميق الشراكة الشاملة للابتكار، والتعاون المَتِين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والزراعة والتعليم والطاقة والرعاية الصحية والثقافة”، ووقّع نائب الرئيس الصيني سبع اتفاقيات جديدة، واتفق مع زعماء الإستعمار الإستيطاني الصهيوني على تنفيذ “خطة عمل بشأن التعاون الثنائي في مجال الابتكار من العام 2018 إلى العام 2021…” عن “شينخوا” 25/10/18
الصين والكيان الصهيوني – 2: قبل السفر لِلِقاء “قابوس بن سعيد” في عُمان، أبرم رئيس حكومة العدو في القُدس المُحتلّة صفقات سياسية واقتصادية مع نائب رئيس الصين، الذي ترأس وفدًا حكوميا صينيّا هامًّا للمشاركة في “الاجتماع الرابع للجنة الصينية-الإسرائيلية المشتركة للتعاون في مجال الابتكار”، وتم توقيع ثماني اتفاقيات ثنائية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والعلوم الحياتية والإبداع والصحة الرقمية والزراعة، والإلتزام بتطوير حجم البادلات التجارية، وذلك بعد أسابيع قليلة من إعلان استثمار “مجموعة شانغهاي للموانئ” لاسغلال مينائَيْ “حيفا” و”أشدود” المُحْتَلَّيْن، وحفر أنفاق في جبل “الكرمل” (حيفا)، في نطاق مسار طريق الحرير الجديدة (الحزام والطّريق)… أعلن مكتب الإحصاء لدولة الإحتلال إن الصين أصبحت ثالث مستثمر في شركات التقنية العالية في فلسطين المحتلة، ومن بينها التقنيات العسكرية، التي تراقبها الولايات المتحدة عن كثب، لأن معظم هذه التقنيات أمريكية الأصل، وارتفعت قيمة الصادرات الصهيونية إلى الصين خلال النصف الأول من سنة 2018، إلى 2,8 مليار دولارا، وفق نفس المصدر الصهيوني الذي أشار إلى التطور الهائل للعلاقات في كافة المجالات، وأهمها العلوم وعلوم الحياة والتكنولوجيا والابتكار والصحة الرقمية والطب الحيوي والزراعة، وفي المجال العسكري، انفق الطّرفان على “إقامة مشروع مشترك لتصميم الطائرات وتصنيعها وبيعها في الصين”، مع الإشارة إلى تَعَدّد المواد الإعلامية الدّاعمة للكيان الصهيوني، والمعادية للقضية الفلسطينية وللعرب، في وسائل الإعلام الحكومية الصينية، وذلك منذ بضعة سنوات، ومنذ 2012 على أقل تقدير، وسبق أن أشَرْنا إلى سلسلة إعلامية في التلفزيون الرّسمي، وُصِفَتْ ب”الوثائقية”، تُرَوّج الرواية الصهيونية بحذافيرها، وبدون أي تحفّط، لتاريخ فلسطين وما حولها… عن رويترز + “شينخوا” 27/10/18
الصين، رأسمالية القرن الواحد والعشرين: نشر “اتحاد المصارف السويسرية” (يو بي إس) وشركة (بي. دبليو. سي) الاستشارية تقريرًا (26/10/2018) عن أثرى الأثرياء في العالم (زبائن المصارف وشركات المضاربة والإستثمار) وورد في التّقرير إن 199 شخصا على مستوى العالم انضموا إلى قائمة المليارديرات سنة 2017، وحصل ثلث هؤلاء الأثرياء على ثرواتهم من خلال الابتكار (في مجال التكنولوجيا مثل بيل غيتس ومارك زوكربيرغ) في حين كسب الباقون ثرواتهم من خلال توسيع أنشطتهم في منطقة آسيا والمحيط الهادي، ارتفعت قيمة ثروات هؤلاء الأغنياء بنسبة 19% سنة 2017، مقارنة بسنة 2016، أو ما يعادل 8,9 تريلونات دولارا، “بفضل” ارتفاع ثروات الأثرياء في الصين (التي يحكمها حزب يسمي نفسه “شيوعي”) بنسبة 39% خلال سنة واحدة، وارتفع عدد مليارديرات الصين من 318 سنة 2017 إلى 373 منتصف سنة 2018، بثروة إجمالية تبلغ 1,12 تريليون دولارا، وكان تقرير “هورون” (الذي يرصد ثروات أثرياء العالم) قد لاحظ منذ سنة 2015، إن ثُلُثَ الأثرياء في الصين هم أعضاء في الحزب الحاكم (“الشيوعي”)، وإن متوسط ثروة سبعين عضو في مجلس الشعب (مجلس النواب الصيني) يتجاوز مليار دولارا…
بمناسبة الذكرى الأربعين لهيمنة الجناح الرأسمالي الليبرالي، في الحزب الحاكم في الصين، على مقاليد الحكم، (بقيادة “دنغ هسياو بينغ”)، افتتح الرئيس الصيني يوم الثلاثاء 23 تشرين الأول/اكتوبر 2018، جسرا جديدا يربط بين “هونغ كونغ” (التي استعادتها الصين من بريطانيا سنة 1997)، وهي أحد أهم المراكز المالية العالمية، وجزيرة “مًكَاو” (التي استعادتها الصين من البرتغال)، حيث توجد كازينوهات محلات قُمار هامة، ومدينة “تشوهاي” الصينية، ويعد هذا الجسر واحدا من أطول الجسور في العالم، حيث يمر عبر مصب نهر “اللؤلؤ” في جنوب الصين، ويهدف بناء الجسر لتطوير مناطق غرب دلتا نهر اللؤلؤ الأقل تطورا نسبيا في إقليم “قوانغدونغ”، ويتألف الجسر من مقاطع يبلغ طولها حوالي 35 كيلومترا إلى جانب نفق بطول 6,7 كيلومتر ووصف بأنه أطول معبر بحري يضم جسرا ونفقا في العالم، ويتنزّل ضمن مبادرة “طريق الحرير الجديد”، لربط مختلف مناطق الصين بمناطق أخرى في العالم، من آسيا إلى أوروبا، عبر آسيا الوسطى… عن “رويترز” 26/10/18
سويسرا، بلد المتناقضات، وجنّة مجموعات الضّغط (لوبيهات): تعتبر سويسرا ملاذًا مُهِمًّا للشركات العالمية لإنتاج وترويج التّبغ، فاختارت “فليب موريس”، وشركة التبغ البريطانية الأمريكية، وهما أول وثاني أكبر شركات تبغ في العالم مدينة “لوزان”، مقرّا لها، بالإضافة إلى شركة تبغ اليابان الدولية (في جنيف) وغيرها، وتجني الحكومة الفدرالية السويسرية رُسُوما بقيمة 6,3 مليارات فرنك سويسري (أو حوالي ستة مليارات دولارا أمريكيا)، ويُشغل قطاع التبغ 11500 موظف في سويسرا (إحصائيات شهر تشرين الأول/اكتوبر 2017)، وتحاول هذه الشركات إعاقة سياسة الوقاية من مضار التّدخين في الولايات المتحدة وأوروبا، والتّأثير على مواقف خُبراء منظمة الصحة العالمية (جنيف)، بشأن مَضار التبغ، وتؤثر هذه الشركات بالفعل على أغلبية أعضاء البرلمان السويسري (وفق برنامج بَثَّتْهُ التلفزة العمومية السويسرية في أيلول/سبتمبر 2018)، الذين ينتمون إلى مختلف مجموعات الضغط، ومن بينها “لُوبي” شركات التبغ، مما يُفَسِّرُ عدم مُصادَقَة البرلمان السّويسري على تشريعات صارمة بشأن بيع واستهلاك التّبغ، وتعطيل مطابقة القانون السويسري لاتفاقية منظمة الصحة العالمية (من ضمن 19 دولة في العالم)، منذ أكثر من عشر سنوات، ويُعلّل وزير الخارجية (من اليمين المتطرف) ذلك ب”الحرية الاقتصادية وضمان الملكية الخاصة كضمان للاستقرار والسلام”، في ردّ على من يعتبرون إن حقوق الإنسان تتضمن الحقوق المُتعلّقة بالصحة…
تعتبر سويسرا ملاذًا لأثرياء العالم، ومأوى للمصارف والشركات متعددة الجنسية، ولا يزال السويسريون، الذين يقل عددهم عن نسبة 0,1% من سكان العالم (رغم انخفاض طفيف في معدل الثروة) يتمتعون بأعلى معدّل لثروة الفرد، بأكثر من 530 ألف دولارا أمريكيا للفرد (كمتوسط)، قبل أستراليا (411 ألف دولارا أمريكيا) والولايات المتحدة (404 ألف دولارا) وفقًا لتقرير “كريدي سويس” حول الثّروة العالمية للعام، الصادر يوم 18/10/ 2018، ويُصنف 11% من سكان سويسرا من أصحاب الملايين (بالدولار الأمريكيّ) ويحتمل ويملك 2560 منهم أكثر من 50 مليون دولار، و980 منهم يملكون ما يزيد عن 100 مليون دولار للفرد الواحد، لكن يعتبر معدّل الدّيون المتراكمة على الفرد السويسري الواحد من أعلى مستويات الديون في العالم على الإطلاق بقيمة 138810 دولارًا للشخص البالغ، وبالتالي، تعد سويسرا من أقلّ البلدان عدالة فيما يتعلّق بتوزيع الثّروة، مقارنة مع بلدان العالم الغنيّة الأخرى…
في سويسرا، كما في جميع دول العالم، يتألّف المجتمع من طبقات، فُقراء وأثرياء، عُمال وأرباب عمل، ونضالات نقابية، ونظّم نقابات عمال البناء احتجاجًا بمشاركة حوالي ثلاثة آلاف عامل، يوم 15/10/2018، قبل بضعة أيام من احتجاج نحو 1800 عامل بناء مضربين عن العمل، نظموا مسيرة في شوارع جنيف، للاحتجاج على ظروف العمل السيئة، وسياسة “إغراق الأُجور” كما ورد في إحدى اللافتات التي رفعها العُمّال، وللمطالبة بعقد عمل جماعي أقل إجحافًا، وتوجد في جنيف حوالي 1400 شركة انشاءات، تُشَغِّلُ حوالي 12 ألف عامل…
تظهر آثار التّفاوت الطّبَقِي في التعليم ونتائج التلاميذ والطّلاّب، ونشرت المنظمة الإقتصادية للتعاون والتنمية (34 دولة من أغني دول العالم) تقريرًا يوم 23/10/2018، بعنوان “المساواة في التعليم – كسر الحواجز نحو الحراك الإجتماعي”، أظْهَر ارتباطًا وثيقًا بين النجاح في الدراسة والخلفية الاجتماعية للتلاميذ، بشكل يتجاوز العديد من الدول الغنية الأخرى، من خلال دراسة لتقييم ومقارنة “جودة نظام التعليم المدرسي وعدالته وكفاءته” في عدد من البلدان الغنية، ومقارنة وتقييم أداء الطلاب بالنسبة للمواد العلمية، وقُدّرت الفَجْوة بين أبناء الفُقراء والأثرياء، بنحو ثلاث سنوات ونصف من التعليم المدرسي، وهي فجوة أعمق بكثير من متوسط دول المنظمة الإقتصادية للتعاون والتنمية، وتُطابق هذه النتائج البيانات التي ورَدَتْ في دراسة أجراها “المكتب الفدرالي للإحصاء” (السويسري)، بشأن “إعداد طلاب الثانويات للالتحاق بالتعليم العالي”، وتهدف الدراسة السويسرية إلى “المحافظة على المُستوى المرتفع للتحصيل العلمي”، لكي لا يتسبب أبناء الفُقراء في “هُبُوط مُسْتَوَى التعليم”…
على هامش هذه الدّراسات التي تَخُصُّ سويسرا، أظهرت دراسات أكاديمية عديدة، ودراسات “يونيسيف” وغيرها “إن فجوة الأداء الأكاديمي بين أبناء الميسورين وأبناء الفُقراء تَظْهرُ منذ الطفولة المُبَكِّرَة، وتَتَّسِعُ الفَجْوَة كلما تقدم الطفل في العمر، وفي مراحل الدّراسة، وتتجلّى الفوارق بين سن العاشرة والخامسة عشر” لأن مدارس المناطق الفقيرة مُكْتَظّة ومحرومة من الوارد المادية والبيداغوجية، ولا يحظى المُدَرِّسُون بها بأي نوع من الدّعم الخُصُوصِي… عن موقع “سويس انفو” + محطة التلفزيون العمومي السويسري ( RTS ) + المنظمة الإقتصادية للتعاون والتنمية من 16 إلى 28/10/18
صحة: قدّرَت منظمة الصحة العالمية إن حوالي عشرة ملايين شخص أُصيبوا بداء السّل سنة 2017، توفّي منهم 1,6 مليون مُصابًا (منهم حوالي 250 ألف طفل)، وتعتبر المنظمة إن مرض السل هو السبب التاسع للوفاة على مستوى العالم، ويفوق عدد الأشخاص الذين يموتون بسببه، عدد مَنْ يموتون نتيجة الإصابة ب”الإيدز” و”الملاريا” مُجتمِعيْن، ويقدّر تقرير المنظمة (أيلول 2018) إن 1,7 مليار شخص يحملون جرثومة السّل، لكنهم غير مُصابين بالمرض، ولن يُصابَ بالفِعْل سوى جزءٌ صغير منهم، وحالتهم غير مُعْدِيَة، وهو ما يُسمّى (الإصابة الخافية، أو غير الظاهرة)، ويمثل هذا العدد حوالي 23% من إجمالي سُكّان العالم، وعقدت الأمم المتحدة (26/09/2018) في مقرها بنيويورك اجتماعًا ضخمًا (لا نعرف تكاليفه المالية) حضره خمسون رئيس دولة، وعدد كبير من الباحثين والأطباء، وأثرياء نافذين، مثل “بيل غيتس”، وممثلين عن الشركات الكبرى لصناعة العقاقير، بهدف “تسريع وتيرة الجهود الرامية لمكافحة السل”، وأصدرت الأمم المتحدة بيانًا في ختام اللقاء، يُقَدِّرُ أن يرتفع عدد المصابين الذين ستتوجب رعايتهم بحلول سنة 2022 إلى ما يقارب 40 مليون شخص، من بينهم 3,5 ملايين طفل، ووجب استثمار 13 مليار دولارا سنويّا على مستوى العالم، لتوفير الوقاية من السل، وتشخيصه ومعالجته، بالإضافة إلى مِلْيارَيْ دولارا إضافية لمجالات البحوث، وتهتم الشركات الكُبْرَى للمختبرات والأدوية بهذا الجانب، الجانب المالي، وارتفاع عدد الإصابات المُحْتَمَلَة، لترتفع أرباحها، كما يُساعدها ظهورها في لقاءات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، على تلمِيع صورتها وإظهارها (خَطَأً) في صورة مناقضة لحقيقتها، فهي لا تهتم سوى بتحقيق أقصى أرباح ممكنة، من إجراء الفُحوصات والإختبارات، ومن بيع الأدْوية، وبما إن السّل داء الفقراء، فإن الأمم المتحدة ومنظماتها تتكفل بتسديد جُزْءٍ من تكاليف إنتاج الدواء، الذي لا يقضي على المرض، وإنما يُمَدِّدُ عُمُر المريض، الذي يتحول إلى مُسْتَهْلِك، وتتركّز 60% من إجْمالِي حالات الإصابة بالسّل في العالم في خمس دول، وهي على التّرتيب: الهند والصين ونيجيريا وباكستان وجنوب إفريقيا…
من جهة أخرى، يُطَوِّرُ المُصابُون ببعض الأمراض (ومن بينها السّلّ) أشْكالاً من مُقاومة البكتيريا للأدْوِيَة، وتعمل مراكز البحوث على فك “الشفرة الجينية” للبكتيريا، لكن خفض الميزانيات العمومية يَضْطَرُّ الباحثين في بلدان فقيرة أو متوسطة الدخل (المُسَمّاة “نامِيَة”) إلى البحث عن تمويلات في الدول الغنية أو من الشركات متعددة الجنسية، ويفقدون بذلك السّبق العلمي ويُفَرّطون في نتائج بحوثهم، وكان الباحثون في المختبرات العمومية البرازيلية (وكذلك في إندونيسيا والحبشة) يحاولون اكتشاف أسرار مُقاومة بكتيريا السل للأدوية، لدى بعض أنواع المُصابين، ولكن الرئيس الإنقِلابي والفاسد والمُرْتَشِي البرازيلي “ميشال ثامر” خَفّضَ ميزانية البحث العلمي والعُلُوم بشكل عام، بنسبة 44%، سنة 2017 وبنسبة 15% إضافية سنة 2018، فلجأ الباحثون البرازيليون إلى مختبرات سويسرية لاستكمال بحوثهم، وتقاسم النتائج مع زملائهم السويسريين الذي لم يُشاركوا في المراحل الصّعْبَة من البحث، مع الإشارة إن صادرات الأدوية تُشكل حوالي 40% من صادرات سويسرا…
قدّرت منظمة الصحة العالمية عدد حالات السل المقاوم للعلاج سنة 2017، بما لا يقل عن 558 ألف حالة مُقاومة للمُضاد الحيَوِي “ريفامبيسين” ( Rifampicin ) من تصنيع شركة “سانوفي آفنتيس” التي لا تزال تحتكِرُ إنتاجه وتَسْوِيقَهُ، وهو المضاد الحيوي الأكثر نجاعة ضد المرض، وكان 82% من هؤلاء الأشخاص مصابين بالسل المقاوم للأدوية المتعددة، من بينهم 3,5% من الإصابات الجديدة بالسل و18% من الحالات التي تمت مُعالجتها سابقًا وأبدت مقاومة للخط الأول للعلاج، (يتطلب العلاج مدة طويلة، مُقَسَّمَة على عِدّة مراحل، مما يجعل المُصابين غير المُداوِمِين، والفقراء منهم بشكل خاص، يُصْبِحون مقاومين للدواء)…
على ذكر أهمية قطاع صناعة الأدوية في سويسرا، طَوّرَتْ شركة المختبرات والعقاقير السويسرية “نوفارتيس” علاجًا تحت إسم ( Kymriah ) ، وهو علاج مُفَصّل لكل مريض شخصِيًّا، من الذين يعانون من أنواع معينة من سرطان الدم (سرطان الدّم اللمفاوي الحاد)، من الأطفال ومن الذين لم تتجاوز سنهم 25 سنة، الذين بلغوا حالة ميْئوسة، ليخضعوا للعلاج مرة واحدة، مقابل 475 ألف دولارا في الولايات المتحدة، ويتمثل العلاج في تعديل مجموعة من الخلايا الموجودة بالدّم، لاستخدامها في القضاء على الخلايا السرطانية، ورفع هذا العلاج معدّل الشفاء من 10% من المُصابين إلى نحو 30% بعد خمس سنوات من العلاج، لكن ثمنه يتجاوز 475 ألف دولارا في الولايات المتحدة وأقرّت سويسرا مؤخّرًا بيعه مقابل 371 ألف دولارا، وهو غير مشمول بالتأمين الصحي الإجباري، أي يتوجب على المريض تسديد المبلغ بالكامل، رغم عدم اكتمال التجارب بشأن هذا العقار… عن منظمة الصحة العالمية + مجلة ( Nature Genetics ) + أ.ف.ب 22 و 23 و 24/10/18
احتكارات: ارتفعت حصة شركات التكنولوجيا والإتصالات وما يُسَمّى “الإقتصاد الرّقْمِي” (نقيضًا للإقتصاد المادّي الملموس) في العالم، لِتطْبَع التكنولوجيا هذه المرحلة من تطور الرأسمالية العالمية، وتفوّقت أمريكا، في هذا المجال، على أوروبا، مهد الرأسمالية الأول، وتخطو الصين سريعا للحاق بالولايات المتحدة، ولا توجد ضمن أكبر مائتي شركة رقْمِيّة سوى ثمانية أوروبية، ولا توجد شركة أوروبية واحدة ضمن أكبر 15 شركة رقمية في العالم، فكلّها أميركية أو صينية، وفق مجلة “إيكونوميست” (الأسبوع الثالث من تشرين الأول/اكتوبر 2018)، رغم الدور الهام للبحوث العلمية والتّطبيقية الأوروبية في تطوير قطاع التكنولوجيا الرّقْمِيّة…
تُمثِّلُ شركة “غوغل” نموذجًا لرأس المال الإحتكاري في مجال الإقتصاد الرّقمي، فهي تحتكر 91% من عمليات البحث في الشبكة الإلكترونية وتمكنت من الإستحواذ على المنافس الصغير “ياهو” ( 2,3% من عمليات البحث) ولا تتجاوز حصة العملاق “مايكروسوفت” (في مجال البحث في الشبكة) سوى 2,2% عبر مُحرّك “لبينغ” (مايكروسوفت)، وتمكنت “غوغل” من احتكار هذا الميدان بفضل نجاحها في ربط “أندرويد” مع “يوتوب” ومع تطبيقات أخرى تُوجّهُ المُتَصَفِّح (المُسْتَهْلِك) نحو المواقع والتطبيقات التي تُسيْطر عليها “غوغل”، مما جعلها تَحْتَكِرُ السوق الرقمية، وتُسيْطِرُ عليها بشكل شبه كامل، وعملت هذه الشركة الأمريكية على دَعْمِ شركات أمريكية الأصل تعمل في فلسطين المُحْتلّة، لتعزيز دور الكيان الصهيوني في مجال التكنولوجيا، واستحوذت سنة 2013 على شركة “ويز” ذات رأسمال مشترك أمريكي – صهيوني، مقابل مليار دولارا، للهيمنة على تطبيقات حركة السير.
تعاظمت قُوّة “غوغل” بعد تملّكها لشركة “الذكاء الإصطناعي” (ديب مايند – Deepmind )، وهي لا تزال خاسرة (370 مليون دولارا سنة 2017)، ولكن مستقبلَها واعد، ويتطلب امتلاك مثل هذه الشركة وجود احتياطي مالي ضخم، لتمويل البحث العلمي والتجارب والتطبيقات، وهذا ما يتوفّر لدى “غوغل”، لتتمكّن من الإستثمار متوسط المدى أو حتى بعيد المدى، لإنتاج تكنولوجيا قد تحقق قفزة هامة في التطوير الاقتصادي، كما فعلت “غوغل” لسنوات عديدة، بالسماح لمستخدمي الشبكة الإلكترونية من توفير الوقت، ومن الإستعمال المَجانِي لخدمات مُحَرّك البحث “غوغل” وخدمات “فيسبوك” و”تويتر” و”يوتيوب” وغيرها، وهي مجانية حاليا لكنها في طور الإختبار، لتجني “غوغل” منها أرباحًا مُباشرة أو بشكل غير مباشر، في مستقبل قد يكون قريبًا أو بعيدًا… عن ملحق “رأس المال” – صحيفة “الأخبار” 22/10/18
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.