“كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي، 26 كانون الثاني (يناير) 2019 ، إعداد: الطاهر المُعِز

خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد  465

 مقدمة النشرة:

يُصادف صدور هذا العدد الذكرى الواحدة والأربعين للإضراب العام في تونس، بقيادة أكبر اتحاد نقابي للأُجراء في الوطن العربي وفي إفريقيا، يوم 26 كانون الثاني/يناير 1978، وكان إضرابًا شاملاً وناجحًا بشكل تجاوز توقعات الحكومة بكثير، فأوكلت مهمة القمع إلى الجيش، وإلى الفرق المُخْتَصّة من الشرطة، وذهب ضحية عمليات القتل آلاف المَطْرُودين من العمل، وما لا يقل عن 300 ضحية لرصاص الجيش والشرطة (التي كان يقودها زين العابدين بن علي، خلال حكم الحبيب بورقيبة)، وقُتِلَ بعض النّقابِيِّين على أيدي الجَلاّدِين في غُرَف التحقيق والتّعْذِيب، وربما بلغ عدد المُصابين ثلاثة أضعاف هذا العدد في أنحاء البلاد، بحسب توقُّعات النقابيين آنذاك، والذين بدأ اعتقالهم، قبل أيام من تاريخ الإضراب العام، وخصوصًا منذ العشرين من كانون الثاني/يناير 1978 (ذكرى تأسيس اتحاد النقابات في 20/01/1946)، ثم إثر استقالة الأمين العام (الحبيب عاشور) من المكتب السياسي للحزب الحاكم والأَوْحَد آنذاك (المكتب السياسي، أعلى هيئة في الحزب)، وبدأ الحزب الحاكم بتدريب وتسليح مليشيات منذ 1975، وقَمَعَت هذه المليشيات العمال المضربين في قطاعات النقل والنسيج والتعليم وغيرها، منذ أيار/مايو 1976… اعترفت الحكومة آنذاك بقتل 52 شخص وجَرح 365 آخرين…

كانت مطالب العُمّال مادية، ومعنوية، ومن بينها: زيادة الرواتب وتحسين ظروف العمل، وحُرِّيّة العمل النقابي (الذي كان أرباب العمل والحكومة يُعَرْقِلُونه)، بعد فتْح الباب على مصراعية أمام الشركات الأجنبية التي تُعامل العُمّال كعبيد، وتحالفت الحكومة التي كان يرأسها واحد من أكبر أثرياء البلاد (الهادي نويرة) وتَوَرّط في حياته عددًا من المرات، في قَمْع العمل النقابي، منذ 1937، خلال فترة الإستعمار المباشر، واستهدفت حُكومته (بإشراف وإدارة الحبيب بورقيبة) القضاء على “الإتحاد العام التونسي للشغل” (اتحاد نقابات الأُجَراء)، وبعد اعتقال كافة أعضاء القيادة المركزية والقيادات الوُسْطى، والمئات من نقابيي القواعد، نَصَّب النّظام قيادة صُورِيّة على رأس الإتحاد (وتكررت مثل هذه المحاولة عديد المرات منذ الإستقلال الشّكْلِي سنة 1956)، في ظل إعلان وتطبيق حالة الطوارئ (25 شباط/فبراير 1978) ولكنه اضطر إلى عزْلِها، بعد أقل من سَنَتَيْن، بسبب الفشل الذريع وعدم اعتراف النقابيين بها، ومواصلة النضال النقابي خارج هياكل “النقابة الصّفْراء”…

بدأت النضالات النقابية والإضرابات القطاعية والجِهوية (في المناطق أو المحافظات)، منذ منتصف 1976، واحتدت سنة 1977، في قطاعات المعادن والنّقل والنسيج والصناعات والتعليم، وفي بداية شهر تشرين الأول/اكتوبر 1977، أضرب عُمّال النسيج (قطاع عام) في مدينة “قصر هلال”، احتجاجًا على سوء التصرف، وتحول الإضراب، بفعل القمع، إلى إضراب عام محلي، بمشاركة المواطنين، الذين رفعوا شعارات سياسية، مناهضة للحكومة، ومن بينها “وُلِدَ الحزبُ هنا وسوف يَمُوتُ هُنا”، في إشارة إلى تأسيس “الحزب الدّستوري” الحاكم يوم 02/03/1934 بمدينة “قصر هلال”، لتكون المدينة مكان ولادة الحزب الحاكم وكذلك مكان وَفَاتِهِ، وجابهت الحكومة هذا الإحتجاج بالقمع والإعتقالات، والتهديد بالإغتيال، مما حول الإضراب في المدينة إلى إضراب عام في المُحافظة (الولاية) واتسعت حركة التّضامن إلى كافة مناطق البلاد، واشتد القمع، إلى أن قررت “الهيئة الإدارية” يوم 22/01/1978 مبدأ الإضراب العام، إثر تصعيد الحكومة عمليات القمع، ورفض أي حوار… (ط. م.)

 

غذاءاحتكارات: تعدّدت وتنوعت المنتوجات الغذائية التي تعرضها الأسواق والمتاجر، فيما انخفض عدد الشركات التي تُهيمن على الصناعات الغذائية في العالم إلى عشر شركات احتكارية، وقدّرت منظمة التجارة العالمية قيمة سوق الغذاء العالمية سنة 2016 بنحو 1351,2 مليار دولارا (1,351 تريليون دولارا)، وقدّرت منظمة “أوكسفام” قيمة مبيعات هذه الشركات العشر سنة 2016 بنحو 374,2 مليار دولار، أوما يُعادل 28% من مجمل السوق العالمية للغذاء، وتخوض هذه الشركات منافسة قوية فيما بينها، عبر ابتكار وسائل الترويج والتّسويق، وكذلك عبر الإستحواذ والإندماج، بهدف زيادة حِصّتِها من الأسواق، لكنها تتعامل مع بعضها في سلسلة إنتاج متكاملة، لعرقلة حهود الشركات الصينية أو الروسية أو غيرها من زيادة حصتها من الأسواق…

تتصدّر المجموعة السويسرية “نستليه” قائمة الشركات العشر الكبرى في قطاع صناعة الأغذية الزراعية في العالم منذ سنوات عديدة، بفضل استحواذها على مجموعة كبيرة من الشركات العاملة في مختلف مجالات الغذاء، من مأكولات الأطفال والمياه والمشروبات الباردة والساخنة والقهوة ومشتقات الألْبان وبلغت قيمة مبيعاتها نحو 90,2 مليار دولار سنة 2016، تليها المجموعة الأمريكية “ببْسِي كولا” وهي أكبر شركة أمريكية تُرَوّج المنتجات الزراعية، ولئن كانت معروفة بصناعة المشروبات الغازية فإنها تملك عددا هامّا من الشركات والعلامات التجارية في مجال المشروبات، وفي إنتاج رقائق البطاطا، وغيرها، وهي شريكة لعدد آخر من شركات الغذاء، ومن أهمها الشركة المالكة لسلسلة “ستاربركس” (قبل بيعها)، وبلغت قيمة مبيعات مجموعة “ببْسي” لسنة 2016 نحو 62,8 مليار دولارا، وتحتل شركة “يونِليفر” الهولندية-البريطانية المرتبة الثالثة ضمن الشركات العشر الكبرى، وتحتكر قطاع المُثلّجات، وإن كانت مشهورة بالعلامات التجارية للشاي (من بينها “لبتون” و”إلفانْت”) التي يستخدمها مليارا شخص في العالم تقريبًا، وبلغت قيمة مبيعاتها 48,3 مليار دولارا، ويرد ترتيب مجموعة “كوكاكولا” في المرتبة الرابعة بنحو 41,9 مليار دولارا من المبيعات سنة 2016 وتسيطر على علامات تجارية مثل “فانتا” و “منوت ميد” وغيرها، فيما تهيمن مجموعة “مارس” على قطاعات عديدة من المثلجات إلى الحلويات ومسحضرات القمح “إبْلِي” والأرز (أنكل بنْس”) وغيرها من المنتوجات، بإيرادات بلغت 35 مليار دولارا، وتحتل صاحبتها مرتبة رابع أغنى امرأة في العالم…

بلغ إجمالي إيرادات الشركات العشرة سنة 2016 أكثر من 314,3 مليار دولارا، وبسطت هيمنتها على كافة المنتوجات الغذائية المُصَنّعة، من الطعام الأساسي (الحبوب والألبان…) والمشروبات (الباردة والساخنة) والمكمِّلات الغذائية… لم يتناول التّقرير وضع العمال في هذه الشركات، لكن من المعروف إنها تعامل العمال كالعبيد، وخصوصًا في البلدان الفقيرة (“يونليفر”، ونستليه”…)، كما يطالب عمال “كوكاكولا” في الولايات المتحدة، منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2015 برفع الحد الأدنى لراتب ساعة عمل واحدة من 7,25 دولارا إلى 15 دولارا، وتستحوذ شركات إنتاج الألبان ومشتقاتها على إنتاج المُزارعين بأسعار لا تُغَطِّي سعر التكلفة، مما دفع المئات منهم سنويا إلى الإفلاس، هذا في أوروبا، ناهيك عن مُربِّي الأبقار في المغرب وتونس وغيرها، الذي تَخَلّوا عن تربية الحيوانات بسبب الأسعار غير المُجْزِية التي تفرضها شركة “دانون” (فرنسية المنشأ) وغيرها من الشركات الإحتكارية لصناعة الأغذية… عن موقع منظمةأوكسفام” – ملحقالأخبارالإقتصادي بعنوانرأس المال19/11/18

 

بذخ: تتناول معظم أعْداد هذه النشرة الفوارق الطبقية بين الأثرياء والفُقراء (ومن بينهم العاملون الفُقراء) سواء داخل حدود البلدان، أو على مُسْتَوى إقْلِيمي أو عالمي، ومن مظاهر البذخ، شراء العقارات الفاخرة والمراكب السياحية البَحْرِية (اليُخُوت، جمع يَخْت)، وتختلف فخامة اليُخُوت، إذ يُعتبر بعضها أفْخَمُ من القصور والفنادق، كما يختلف حجمها (مساحتها)، وتختلف نفقات صيانتها، ويُعْتَبَرُ امتلاك “يَخْتٍ”، علامة ثراء فاحش، إن كان “الفُحْشُ” نِسْبِيًّا، وقدَّرَ موقع “فيسيل فاليو”  (VesselValue) إن أقل عن أَلْفَيْ شخص من الأثرياء يستأثرون باليُخُوت في العالم، وإن قيمة أغلى 25 يختاً في العالم بنحو 7,5 مليارات دولارًا، وكَشَفَتْ بيانات أخرى، إن أثرى أثرياء العالم اشتروا نحو 249 يَخْتًا طيلة سنة 2017، بقيمة 2,9 مليار دولارا، بزيادة 21% عن سنة 2016، واشتروا 300 يخت بين بداية كانون الثاني/يناير ومنتصف تشرين الأول/اكتوبر سنة 2018، ولم تذكر البيانات قيمة هذه اليُخُوت، ولكنها أظْهَرت ارتفاع عدد أثرياء الصين (التي يحكمها حزب يَدّعِي “الشيوعية”) الذين اقتنوا هذه اليخوت الفاخرة، وقدّرت مكاتب الإستشارات المهتمة بإدارة ثروات الأثرياء، وجود حوالي 6250 يختًا في العالم، يعود بناء أقْدم يَخْتٍ إلى سنة 1880، وتبلغ القيمة الإجمالية لهذه اليُخوت 77,3 مليار دولارا…  عن موقعفِيسيل فالْيُو” ( Vessel Value ) 10/11/18

 

صحّةاليوم العالمي للإلتهاب الرِّئَوِي 12 تشرين الثاني/نوفمبر من كل سنة: تتوقع دراسة أنجزتها جامعة “جونز هوبكنز” إن يقتل مرض “الإلتهاب الرِّئَوِي” حوالي 11 مليون طفلا من الفُقراء، خلال السنوات المقبلة، وحتى سنة 2030، بسبب انخفاض معدّل التّطْعِيم (بسبب خصخصة قطاع الصحة) ومعدل الفحوصات الطّبية وبسبب سوء التغذية، وقدّرت الدراسة “إن مرض الإلتهاب الرِّئَوِي يقتل سنَوِيًا مليون طفل دون سن الخامسة من العُمر، بشكل يفوق ضحايا أمراض أخرى خطيرة، مثل الحصبة والإسهال والملاريا “، وهو مرض يتمظْهَرُ في امتلاء الرِّئَتَيْن بالسَّوائِل، إثر إصابتها بالإلْتِهاب، وهو ينتقل بالعدوى من الفيروسات والطّفيْليات والفطريات والبكتيريا، عبر التنفس، حيث تتعرض الأكياس أو الحويصلات الهوائية في الرئة للالتهابات، مما يُعَسِّرُ عملية التنفس، ومما يجعله مُؤْلِما، فينخفِضُ حجم الأوكسجين الدّاخل إلى الجسم…

من جهة أخرى، تُمارس حكومات الولايات المتحدة المتعاقبة (من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، على حد السّواء) ضغوطات كبيرة على شركات الأدوية والحكومات في بعض الدول، مثل البرازيل وجنوب إفريقيا والهند، وغيرها، لكي تُغَيِّرَ هذه الدول قوانينها بشأن “براءات الإختراع” (المِلْكِيّة الفِكْرِيّة)، بهدف تمكين الشركات الأمريكية من شرائها، واحتكارها…

تَوَصَّلَ مُختبر هندي إلى اكتشاف لقاح للإلتهاب الرئوي، تحت إسم “بريفنار 13″، منخفض التكلفة، ولكنه باع “براءة الإختراع” للشركة الأمريكية “فيزر”، العابرة للقارت، واعتبرت المنظمات الطبية وجمعيات الإغاثة إن عملية البَيْع تُشَكِّلُ انتكاسة للفُقراء، لأن الشركة الأمريكية (ومجموع الشركات الكُبْرى) تشتري براءات الإختراع لتحتكر العقاقير، وتبيعها بأسعار مرتفعة جدا، مما يعَسِّرُ على الفُقراء شراءها والإستفادة من فوائدها الطّبِّيّة، وتسمح عملية البيع لشركة “فايزر” بيع اللقاح في الهند (بشكل حصري) بثمن مرتفع، مع مَنْعِ صُنْعِهِ وبيعِه من قبل شركات أخرى، مما يحرم عددا من الدول الفقيرة التي كانت تعتمد على صناعة الأدوية في الهند لتوفير نسخ أرخص من الأدوية واللقاحات الأصْلِيّة…

يحمي اللقاح الذي أصبح ملكًا للشركة الأمريكية “فايزر” الأطفال والبالغين من 13 نوعا من بكتيريا “المكورات الرئوية”، وبعد بيعه ارتفعت تكلفة “دورة التّطْعيم” إلى نحو 170 دولارا في الهند، بينما كانت الحكومة تقوم بالتطعيم المجاني، ولكن برنامج التطعيم الوطني لن يشمل سوى 2,1 مليون طفلا من إجمالي 25 مليون طفل سنويًّا، يحتاجون إلى التطعيم، وذلك بعد استحواذ شركة “فايزر” على اللقاح، وتحجير صنع اللقاح من قبل الشركات الهندية للاستخدام في الداخل أو للتصدير… عن منظمة الصحة العالمية + وكالةرويترز” + صحيفةديلي تلغراف12/11/18

 

من تداعيات الحرب التجاريةعلى هامش لقاء قمةآسيان“:  بعد انتهاء احتفالات قادة الدّول العُظْمى بذكرى انتهاء الحرب العالمية الأولى، اتجه بعضهم إلى سنغافورة للمشاركة في لقاء قمة “رابطة دول جنوب شرق آسيا” المعروفة اختصارًا ب”آسيان”، وهي منظمة إقليمية أسّستها خمس دول موالية للإمبريالية الأمريكية سنة 1967 (تايلند والفلبين وسنغافورة وماليزيا وإندونيسيا)، ثم توسّعت لتضُمّ خمس دول أخرى، هي “بروناي” و”فيتنام” و”لاوس” و”بورما” (ميانمار حاليًّا) و”كمبوديا”، وأسّست المنظمة منطقة تجارة حُرّة بين أعضائها، ووسّعت دائرة التّعاون مع شرق آسيا، منذ بداية تسعينات القرن العشرين (إثر انهيار الإتحاد السوفييتي)، وأصبحت دول عديد تُشارك في لقاءات القمة، ومن بينها الصين واليابان وكوريا الجنوبية، كما اتّسعت رُقعة الحوار الإقتصادي والتجاري والإستراتيجي ليشمل الولايات المتحدة واليابان وأستراليا ونيوزيلندا وكندا والاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية والصين وروسيا والهند، ووقّعت المنظمة اتفاقيات تجارة حرة مع الصين وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا وغيرها…

تأثّرت منظمة “آسيان”، كما تأثّرت المنظمات الإقليمية الأخرى، بالحرب التجارية التي أعلنتها الولايات المتحدة على العالم، ومحاولات الرئيس الأمريكي القَضاء على كافة المنظمات الدّولية، وإلْغاء كافة الاتفاقات التجارية متعددة الأطراف، لأن الرئيس الأمريكي يرفض القُيُود، ولا يُؤْمِن بالحوار، أو بتحكيم أجهزة “تسوية النزاعات”، ولا يُؤْمِن سوى بالقُوّة العسكرية والمالية، التي يُهَدِّدُ بها الحُلَفاء والأصدقاء (إن كان للولايات المتحدة أصدقاء) والخُصُوم والمُنافِسِين والأعداء، وبموازاة الحملة على الصّين، أطْلَقَت الولايات المتحدة حملة تَحْذِير لحكومات إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية من الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق، التي أطلقتها حكومة الصين منذ 2013…

انعقد لقاء القمة الأخير في سنغافورة (يوم الثلاثاء 13/11/2018) على وقع الحرب التجارية الأمريكية، ورغم الجهود الأمريكية الهادفة “شَيْطَنَة” الصّين، وإثارة الحقد والكراهية ضدّها، اعتبَرَ رئيس وزراء سنغافورة إن “الاتجاهات الاستراتيجية” الدولية الجديدة (الحرب التجارية) تتعارض مع التعددية، ومع فتح الأسواق”، وحذّرَ زعماء رابطة دول جنوب شرق آسيا المعروفة باسم “آسيان” من آثار الحماية التجارية خلال مراسم افتتاح قمة سنغافورة، واستنكر رئيس الوزراء الماليزي (مهاتير محمد) “التوترات التجارية بين واشنطن وبكين”، التي قد تطلق “شرارة إجراءات حماية تجارية متتابعة من دول أخرى”، وفي ختام اللقاء، دعا رئيس وزراء الصين إلى “العمل من أجل اقتصاد عالمي منفتح من خلال الدفاع عن الانفتاح وممارسته وتعزيزه”، كما أعلن بعض القادة المُشاركين في أعمال القِمّة عن تقدم كبير بشأن رفع استثمارات شركات جنوب شرق آسيا في الأسواق الإقليمية لمجموعة “آسيان”، وبشأن اتفاق تجاري ضخم بعنوان “الشراكة الإقتصادية الإقليمية الشاملة”، تدعمه الصين ويضم 16 دولة، الأعضاء العشرة في “آسيان”، إضافة إلى الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية واستراليا ونيوزيلندا (حوالي نصف سكان العالم)، ويستثني الولايات المتحدة، “لدعم قواعد التجارة العالمية”، وهو بمثابة الرّد على السياسات الأميركية التجارية أحادية الجانب، تحت عنوان “أمريكا أَوّلاً”…

يُعتبر التقدم الحاصل في محادثات “اتفاق الشراكة الإقليمية الاقتصادية الشاملة”، إنجازًا كبيرًا للصين، قبل أيام من اجتماع “قِمّة العشرين” في الأرجنتين، لأنه يشمل الصين واليابان والهند من بين 16دولة من بلدان آسيا والمحيط الهادئ، وذلك رغم الإحترازات الهندية، خوفًا من اجتياح الشركات الصينية لأسواقها، ورغم القضايا التي لَمْ تُحْسَمْ بَعْدُ، ومن بينها حقوق الملكية الفردية والرسوم على السلع والخدمات المالية… استفادت الصين من غياب “دونالد ترامب” في قمة “آسيان” بسنغافورة، ومن غيابه أيضًا عن “منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ” (أبيك) في “بابوا غينيا الجديدة” (يومي السبت 17 والأحد 18/11/2018)، لتُضاعف الصين نشاطها الدبلوماسي من أجل ضَمِّ الدول المؤثرة في آسيا والمحيط الهادئ إلى حلف تجاري مضاد لسياسة الهيمنة الأمريكية ونقيضة للحرب التجارية الأمريكية، وتأمل حكومة الصين انتهاء مفاوضات “اتفاق الشراكة الإقليمية الإقتصادية الشاملة” واتفاق الصين والهند واليابان على الصيغة النهائية سنة 2019، بعد ستِّ سنوات من المفاوضات…   رغم القرارات الحمائية الأمريكية (أو بسببها)، ارتفع العجز التجاري الأميركي بنسبة 1,3% (54 مليار دولارا) في أيلول/سبتمبر 2018 وهو أعلى مستوى خلال سبعة أشهر، بسبب ارتفاع قيمة الواردات إلى مستوى قياسي، وارتفعت قيمة العجز التجاري مع الصين بنسبة 4,3% لتَبْلُغ (القيمة) 40,2 مليار دولارًا في أيلول/سبتمبر 2018، وبلغت قيمة الإيرادات الأمريكية 253 مليار دولارا خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر 2018، فيما بلغت قيمة الإنفاق 353 مليار دولارا، مما يجعل قيمة العجز 100 مليار دولارًا في تشرين الأول/أكتوبر 2018، وفق وزارة الخزانة الأمريكية، وهو الشهر الأول في السنة المالية الأمريكية، من جهة أخرى، اتفق الحزبان الأمريكيان (الديمقراطي والجمهوري) على “ضرورة إنشاء الولايات المتحدة صندوق لمواجهة الصين”، في محاولة لعرقلة “اتفاقات تمويل البنية التحتية في الدول النامية، في إطار مبادرة الحزام والطريق”، وتستهدف اللجنة المُشتركة للحزْبَيْن التمويلات الصينية لبناء جسور وشبكات رقمية في آسيا وأفريقيا والمشرق العربي”، وأوصَى التّقرير الصادر عن هذه اللجنة المُشتركة، والمُقَدّم للكونغرس، بتأسيس “صندوق أمريكي، لمساعدة الدول في المناطق التي يتوقع أن توسع الصين نفوذها بها”، واعتبرت اللجنة إن توسع الصين في مجال تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية “خَطَرًا على الأمن القومي لأميركا ومصالحها التجارية”، خصوصًا في مناطق المحيط الهادئ والمحيط الهندي…

ساهمت قرارات الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، بشكل أو بآخر، في ازدياد النفوذ الصيني الاقتصادي والسياسي في دول المنطقة، وزاد النفوذ الاقتصادي الصيني مع مبادرة الحزام والطريق، وزاد نشاط الشركات الصينية في كافة المجالات، عبر عَقْدِ الصّفقات وشراء حقوق التنقيب في المناجم، وعبر الإستثمار في المواد الخام، وأصبحت الصين منافِسًا جِدِّيًّا، يُهَدّدُ بتقْويض نفود الحليفَيْن الأمريكييْن (أستراليا ونيوزيلندا) في المنطقة، وارتفعت قيمة التبادل التجاري بين الصين وجزر المحيط الهادئ سنة 2017، إلى نحو 7,25 مليار دولارًا، بالإضافة إلى ثلاثة مليارات دولارا أنفقتها الصين في منطقة المحيط الهادئ، وهي بمثابة استثمارات استراتيجية، تستهدف زيادة نفوذ الصين، مستَقْبَلاً…

اعتمدت “الدبلوماسية” الأمريكية على القوة العسكرية، منذ القرن التاسع عشر، مثل باقي القوى الإمبريالية، وزاد اعتمادها على القوة العسكرية (عسكرة السياسة الخارجية) بعد الحرب العالمية الثانية، وخصوصًا بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، حيث أَحْيَت الولايات المتحدة الأساليب القديمة، مثل الإحتلال العسكري والقصف المكثّف، رغم (أو بسبب) عدم توازن القوى، وتفْرِضُ على “الحُلَفَاء” تسديد ثمن الحُروب العدوانية التي تُقرِّرُها وتَشُنّها، دون استشارتهم، ولكن الإمبريالية الأمريكية تلاقي صعوبات في فرض هيمنتها، لأن إرادة الشُّعوب أقوى من القوات العسكرية الغازية والمُعْتَدِيَة، ولئن مثّلت أمريكا القوة العسكرية الأولى في العالم، فإنها مكانتها الإقتصادية في تراجع، مع ارتفاع حصة الصين والإتحاد الأوروبي، ومجموعة “بريكس” (التي قد تتضرر بسبب التغيير الحاصل في البرازيل، وربما في الهند)، ولم تُعلن أي قوة – لحد الآن- رغبتها في إبعاد الولايات المتحدة من قِمّة هَرَم الهيمنة، واحتلال مركزها الأول، بل تُطالب الصين وروسيا، وغيرها ب”عالم متوازن”، وب”عالم متعدد الأقْطاب”، بدَلَ نظام “القُطْب الأوحَد” الذي تُصِرُّ الولايات المتحدة على التّمَسُّك بقيادته، رغم التّغْيِرات الحاصلة في الخارطة العالمية، وفي خارطة التّحالفات، وتذمّر حلفاء أمريكا (ألمانيا وبعض دول أوروبا) من سُلوك “دبلوماسية” القُوّة المُطْلَقة…

اعتاد الرؤساء الأمريكيون إقرار بعض التحويرات في المناصب الحكومية أو في الهيئات السيادية، وفق نتائج الإنتخابات النّصفية الأمريكية، التي تجري بعد سنتيْن من الإنتخابات وقبل سنتيْن من الغنتخابات المقبلة، واغتنم “دونالد ترامب” الفُرْصَة لِيُعَيِّنَ شخصيات أشد تشدداً من سابقيها، تتواءم مع توجهات الرئيس اليمينية المُتَطَرّفة، لكن، وعلى صعيد السياسة الخارجية، لم يُؤَدّ التّصعيد والتّطرّف ضد إيران – عبر الإنسحاب من الإتفاق الدّولي، وعبر إعادة العمل بالعقوبات- إلى تعزيز توجهات السياسة الخارجية الأميركية، بل تمرّدت أوروبا (بشكل مُحْتَشَم)، واضطرت الولايات المتحدة للإستجابة لطلب حُلفاء الولايات المتحدة استثناءهم من تنفيذ العقوبات، وبالتالي لم يُحَقِّق التطرّف الأمريكي أهدافه في فَرْض السيادة المُطْلَقَة للموقف الأميركي عالمياً، وقد يكون هذا الوضع بداية لانهيار مكانة الولايات المتحدة في خارطة الهيمنة الإمبريالية العالمية، لكن إذا حصل تغيير، فسيكون بَطِيئًا وفي مدى طويل… عن رويترز + أسوشيتد برس (أ.ب.) + أ.ف.ب من 13 إلى 15/11/18

 

بعض ملامح الإقتصاد العالمي 20182019: صدرت عدّة تقارير عن صندوق النقد الدّولي وعن بعض المجموعات المصرفية، وشركات الإستشارات، وتَتَوقّع مجمل التقارير تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، سنة 2019، انطلاقا من تحليل عدّة عوامل، ومن بينها مخاطر الحرب التجارية التي أعلنتها الولايات المتحدة ضد الصّين (على خَلْفِيّة التنافس الحاد في قطاع التكنولوجيا المتطورة)، ثم ضد دول العالم، مما يزيد المخاوف من تباطؤ وتيرة نمو اقتصاد الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، وربما حُدُوث انكماش عالمي، بعد انتهاء مفعول التّيْسِير الكمِّي (ضخ المال العام في خزائن الشركات والمصارف)، والتخفيضات الضريبية التي استفادت منها الشركات الأمريكية والأوروبية ومالكو الأسْهُم، وتتوقّع بيانات تقرير أعدّتْهُ مؤسسة “طومسون رويترز” انخفاض نمو أرباح الشركات الأمريكية من 24% سنة 2018 إلى 9% سنة 2019، وتتخوف التقارير الأمريكية من نمو القطاع التكنولوجي الصيني، وبعض “الأسواق الناشئة” الأخرى، ونمو التقنيات الدفاعية (العسكرية) في الصين وروسيا، ويمثّل القطاعان (التكنولوجيا، والأسلحة) نقاط قوة الهيمنة الأمريكية، وأشارت نفس التّقارير إلى احتمال تراجع عوائد السّندات، وهبوط أسعار الأصول، سنة 2019، بالتزامن مع نهاية سياسة التّيْسِير النقدي التي يطبّقها الإحتياطي الأمريكي، مما يُعلِّلُ توقعات تباطؤ النمو الاقتصادي، وبالتزامن أيضًا مع الحرب التجارية ورفع التعريفات الجمركية، وهي عوامل تُؤَثِّرُ سلبًا على الآفاق المستقبلية لنمو الشركات الأمريكية…

في أوروبا واليابان، يُتوقّع زيادة مخاوف الركود الاقتصادي وزيادة المخاطر الرئيسية للأسواق سنة 2019، خصوصًا مع استمرار عجز موازنة إيطاليا، والضغوط على السندات الإيطالية وغيرها من الأصول، في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، وتأثّر أوروبا بالتوترات التجارية وبالمنافسة بين الولايات المتحدة والصين، بشأن الدور القيادي العالمي، وبالصراع الخفي بشأن النفط، بين روسيا ومنظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، حيث انخفضت قيمة أسهم الشركات العاملة في تخزين ونقل الطاقة وشركات خدمات حقول النفط، بسبب زيادة إنتاج النفط الصّخْرِي الأمريكي، وانخفاض أسعار المحروقات…  رويترز + “أسوشيتد برس29/12/2018

 

احتكاراتاستحواذ: كانت شركة “آي بي إم” الأمريكية المنشأ رائدة في مجال تصنيع الحواسيب والبرامج، قبل عدة عقود، لكن تقهقر دورها بعد انتشار الحاسوب الصغير المحمول، وأصبحت آبل رائدة في هذا المجال، فيما أصبحت “مايكروسوفت” رائدة في مجال البرامج، وتحاول “آي بي إم” تدارك الوضع، بفضل قُدُراتها المالية الكبيرة، وأعلنت مؤخّرًا أنها اشترت شركة البرمجيات “ريد هات” برمّتها، بمبلغ 34 مليار دولار من أجل تعزيز وجودها في سوق الحوسبة السحابية (كلاود) المربحة جدا، وتأمل رئيسة “آي بي إم” ارتفاع قيمة إيراداتها، وهوامش الربح، خلال السنة القادمة، عندما تُصْبح عملية الإستحواذ نافذة، وزيادة أسعار أسهمها، وتغيير وضع سوق “الحوسَبَة السّحابية” لصالحها ومُعطيات سوق البرامج بفعل هذا الإستحواذ، وتهدف الشركة أن تُصْبِحَ أول مزود عالمي بالحوسبة السحابية الهجينة، التي يُتَوَقّعُ أن تُشكّل مجالا واسعًا لنمو الحوسبة السحابية، لأنها تُمَكِّنُ من الرَّبْطِ بين انواع مختلفة من “الكلاود” الخاصة والعامة وغيرها… أ.ف.ب 28/10/18

 

طاقة: ارتفعت أسعار النفط خلال سنة 2018 (مقارنة بأسعار النصف الثاني من سنة 2014 وطوال سنتي 2015 و 2016) وفاقت أحيانًا سعر ثمانين دولارا، وتُعتبر شركات إنتاج وتسويق النفط أكبر مستفيد من سوق النفط العالمية، وبمجرد ارتفاع أسعار برميل الخام، ارتفعت أرباح الشركات الكبرى طيلة سنة 2018، وأعلنت شركات “روسنفط” (روسيا) مُضاعفة أرباحها خلال الربع الثالث من سنة 2018،  وارتفعت أرباح شركة “رويال داتش – شل” (بريطانية-هولندية) بنسبة 47% على أساس سنوي، خلال الربع الثالث من سنة 2018، وارتفعت الأرباح الفَصْلِيّة لشركة “إكسون موبيل” الأمريكية (وهي أكبر شركة نفط مُدْرَجَة في البورصة، في العالم) بنسبة 50% خلال نفس الفصل (الربع الثالث)، وأعلنت شركة “توتال” (فرنسية المنشأ) نمو إنتاجها بنسبة 5% وارتفاع أرباحها إلى نحو 24% على أساس سنوي، وأعلنت شركة “دي أن أو” النرويجية أن أرباحها في الربع الثالث من سنة 2018 “تجاوزت التوقعات”…

استفادت الشركات النفطية العالمية من ارتفاع أسعار النفط الخام، وهي تُهَيْمِنُ أيضًا على مصانع التكْرِير ومصانع مشتقات النفط والبتروكيماويات، وعلى تسويق النفط المُكَرّر وتوزيعه، من خلال محطات تزود المَرْكَبات بالبنزين، على جانبَيْ الطرقات في العالم، وتفرض هذه الشركات الكبرى شُرُوطَها على البلدان المُنْتِجَة للنفط التي لم تقم بعملية التّأميم، وتتمكن هذه الشركات (بفضل زيادة الأرباح) من عقد اتفاقيات وصفقات جديدة، تُعَزِّزُ موقعها، وتُضْعِفُ موقع البلدان المُنْتِجَة، وارتفع الطلب على النفط، مما يوحي بنمو الإقتصاد العالمي، ولو بنسبة صغيرة، فرفعت مجموعة “أوبك” (12 دولة مُنْتِجَة للنفط) إنتاجها من 31 مليون برميل يومياً في أيار/مايو إلى 33 مليون برميل يوميا في أيلول/سبتمبر 2018، أي قبل تنفيذ قرار تشديد العقوبات الأمريكية على إيران، بداية من الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر 2018، كما ارتفع إنتاج روسيا بنحو 350 ألف برميل، إلى 11,356 مليون برميل يوميا، خلال شهر أيلول 2018، وحاولت السعودية زيادة إنتاجها لتعويض جزء من انخفاض إنتاج نفط إيران (من 2,4 مليون برميل يوميا في آب/أغسطس إلى 1,8 مليون برميل يوميا في أيلول/سبتمبر 2018) وفنزويلا، وارتفع إنتاج السعودية من عشرة ملايين برميل يوميا خلال شهر أيار إلى 10,7 ملايين برميل يوميا، خلال شهر أيلول 2018، وارتفعت صادرات الخام السعودي إلى 7,7 ملايين برميل يومياً، بحسب وزير النفط، ولا تستطيع السعودية إنتاج أكثر من 12 مليون برميل كحد أقصى، بينما يتطلب إنتاج مليون برميل إضافي، استثمارات بقيمة عشرين مليار دولارا…

استبقت إيران تاريخ دخول العقوبات حيز التنفيذ، وحملت ناقلاتها النفط لترسو قرب الأسواق الآسيوية وتفريغها بعد العقوبات، وأعلنت حسومات الأسعار لترغيب المصافي بشرائه وتخزينه، قبل الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر 2018، كما اتفقت حكومة إيران مع أكبر الدول المستوردة لنفطها (الصين والهند) على التعامل بالعملات المحلية، بدلاً من الدولار، وذلك لتجنُّب التعامل مع منظومة الجهاز المصرفي الأميركي، كما اتفقت مع الجيران (العراق وتركيا وروسيا وجمهوريات آسيا الوسطى) على توريد النفط والغاز الإيراني، عبر شبكات الأنابيب، لكن الولايات المتحدة نجحت في الضغط على كوريا الجنوبية (رغم إعفاءها جُزْئِيًّا من تطبيق الحَظْر) لتشتري مزيدًا من نفط أستراليا والولايات المتحدة، منذ أيلول/سبتمبر 2018…

تختلف المرحلة الحالية عن الفترات السابقة للعقوبات ضد إيران، بسبب ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأمريكي، وانخفاض تكاليف إنتاجه، وأصبحت الولايات المتحدة مُصَدِّرًا للنفط والغاز، مُنافسًا لروسيا ولدول مجموعة “أوبك”، وتمكنت (مع السعودية وروسيا) من تعويض النقص في إنتاج كل من ليبيا ونيجيريا وفنزويلا وكازخستان، وكذلك بسبب إعلان الصين والهند وأعضاء الإتحاد الأوروبي مواصلة شراء النفط الإيراني، وأدركت حكومة الولايات المتحدة إنها لا تستطيع مواجهة كل هذه الدول وملاحقة شركاتها وفرض عقوبات على الدّول وعلى الشركات، وخصوصًا الشركات الأوروبية (النفطية والصناعية والمالية، أي المصارف) التي قرّر الإتحاد الأوروبي توفير الحماية القانونية لها، ولذلك أعلنت (الحكومة الأمريكية) إعفاءً جزئِيًّا لثماني دول من العقوبات، لكن هذه العقوبات ستُؤَثِّرُ حتمًا على الإستثمارات في الإقتصاد الإيراني، وخصوصًا في قطاع النفط والغاز، مما سيُؤثر سلبًا على تطوير الحقول الإيرانية، ويُؤَخِّرُ إنتاجها… وكالةتاس” (روسيا) + رويترز 02/11/18

 

عرب طاقة: تتوقع “وكالة الطاقة الدولية” ارتفاع الطلب العالمي على النفط بمعدّل مليون برميل يوميا بين 2019 و 2025، واستقرار زيادة الطلب بنحو 250 ألف برميل يوميا وبلوغ ذروته قبل سنة 2040، ببلوغ إجمالي الطلب العالمي نحو 106,3 مليون برميل يومياً، وسيُخَفِّضُ انتشار استخدام السيارات الكهربائية وتقنيات الوقود الأكثر ترشيداً للاستهلاك، طلبَ وسائل النقل على النفط بحلول 2040، لكن عدم كفاية الإستثمارات الكافية في الوقود “النّظيف” قد تخلق أزمة في إمدادات الطاقة، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن نحو 300 مليون سيارة كهربائية ستسير على الطرقات بحلول سنة 2040، مما يُخَفِّضُ الطلب على النفط بنحو 3,3 مليون برميل يومياً، ليبلغ حجم إجمالي طلب وسائل المواصلات على النفط 44,9 مليون برميل يومياً بحلول 2040 (مُقارنة بنحو 41,2 مليون برميل يومياً سنة 2017)، بينما يُتَوَقَّعُ أن يصل طلب الصناعة وقطاع البتروكيماويات إلى 23,3 مليون برميل يومياً بحلول 2040 (مقارنة بنحو 17,8 مليون برميل يومياً سنة 2017)، ويبدو إن مصدر هذه الزيادات في الطلب على النفط سوف يكون من “الإقتصادات النّامية” (بقيادة الصين والهند)، مقابل انخفاض الطلب على النفط من الاقتصادات المتقدمة بأكثر من 400 ألف برميل يومياً في المتوسط حتى 2040…

في المقابل، أعلنت “منظمة الدول المصدرة للنفط” (أوبك) حاجَةَ قطاع النفط والغاز لاستثمارات بقيمة تزيد عن عشرة تريليونات دولارا، حتى 2040، لتلبية الطلب على الطاقة والمنتجات النفطية الصناعية في العالم، وتشمل هذه الاستثمارات 7,9 تريليونات دولارًا في أعمال الاستكشاف والتطوير والإنتاج (بمعدّل 328 مليار دولارًا سنوياً)، و1,5 تريليون دولارا في فيما الصناعات التحويلية وأعمال الغاز والتكرير والبتروكيماويات، ، منها نحو 915 مليار دولارًا للإصلاحات والصيانة، ومنها أيضًا استثمارات بقيمة 1,1 تريليون دولارا لأعمال الشحن والتخزين وتوزيع النفط والغاز، وتكمن إحدى مشاكل قطاع النفط العربي في عدم تخصيص مبالغ كافية للصيانة، مما يُعرقل عمليا الإنتاج في الحقول القديمة ويقلص الإستثمار في عمليات الإستكشاف الجديدة، كما يحدث في الجزائر والعراق، أما في إيران، فإن العقوبات الظّالِمَة الأمريكية عَرْقَلَت الإستثمارات وعرقلت عمليات الصيانة، واستبدال التجهيزات القديمة، وتطوير الإنتاج…

في خبر آخر مُتَعَلّق بالطاقة، بعد إعلانات شركات النفط، وفي مقدّمتها شركة “إيني” الإيطالية، اكتشاف مخزونات هامة من الغاز في المياه العميقة للسواحل المصرية، في البحر الأبيض المتوسّط، أعلن وزير النفط والثروة المعدنية المصري يوم الأحد 11/11/2018 إن الحكومة تدرس برنامجًا لاجتذاب الإستثمارات للإستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز وتنمية الحقول المُكْتَشَفَة، وقدّر هذه الإستثمارات بنحو عشرة مليارات دولارا خلال السنة المالية الحالية، من أول تموز/يوليو 2019 إلى 30 حزيران/يونيو 2019، ونظرًا لتراكم الدّيون والعجز المستمر لميزانية مصر، تشترط شركات الطاقة استئثارها بحصة هامة من النفط والغاز، مقابل الإستثمارات التي تُنْفِقها في عمليات الإستكشاف والإنتاج… عنرويترز14 و 15/11/18

 

عرب: يحتل الوطن العربي موقِعًا استراتيجيًّا، بين غرب آسيا والمحيط الأطلسي، بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى احتواء الأرض العربية على نحو 42% من الإحتياطي العالمي للنفط وعلى 29% من الإحتياطي العالمي للغاز الطبيعي، وفق بيانات 2016، وقد يكون هذا الموقع الإستراتيجي وهذه الثّروات الطّبيعية، أحد أسباب تكالب القوى الإمبريالية على المنطقة، التي تحكمها طبقة من العُملاء الذين يمثلون مصالح الدّول والشركات الأجنبية.

أما الشعوب العربية فإنها لم تستفد من هذه الثّروات، بل يهاجر عدد هام من الشباب العرب من أصحاب المؤهلات الجامعية، بسبب ارتفاع نسبة البطالة في أوساط الشباب إلى أعلى المستويات العالمية، وبلوغ معدّلها 26,1% في مجمل البلاد العربية ( قرابة 30% في تونس ومصر والأردن)، ولم يستفد المواطنون العرب أيضًا من هذا الموقع الإستراتيجي والتجاري الهام، بل يُعانون من معدّل منخفض للمشاركة في “سوق العمل”، بنحو 48,6%، وبلغ معدّل البطالة في المنطقة (كمجموعة) نسبة 10%، بحسب إحصائيات 2017 أو ضِعْفَ المعدّل العالمي الذي يُقَدّرُ بنحو 5,5% من قوة العمل، وترتفع نسبة البطالة لدى فئة الشباب إلى 26,1% ولدى النّساء إلى 18,9%…

مارس سُكان منطقة ما بين النّهرَيْن، ما بين سوريا والعراق، أو ما يُسَمّى “الهلال الخصيب”،  ومصر،  النشاط الزراعي المُخَطّط (فصل للحراثة والبَذْر وآخر للحصاد)، وفق الوثائق التي وَصَلَتْنا، ما بين سنتَيْ 9000 و 6000 آلاف سنة قبل الميلاد، حيث بدأت زراعة الحُبُوب، ولكن، ورغم المساحة الشاسعة للأراضي الزراعية، ورغم الأهمية التّاريخية لقطاع الفلاحة، تستورد الدول العربية أكثر من نصف حاجتها من القمح ومن الغذاء بشكل عام، وتشكل المنطقة العربية أكبر مستورد صافٍ للسلع الغذائية في العالم، ويتميز القطاع الفلاحي العربي بِضُعْفِ الإنتاجية…

يُشَكّل وضع القطاع الفلاحي العربي رَمْزًا للوضع المتأزم على جميع الجبهات، ورمزًا للتبعية نحو الخارج، وكانت هذه التّبعية الإقتصادية سببًا في الإستعمار الفرنسي المباشر لتونس (1881) والإستعمار البريطاني لمصر (1882) خلال العقديْن الأخيريْن من القرن التاسع عشر، ولم يُفْضِ الإستقلال الشّكْلِي سوى إلى الإستعمار الإقتصادي، والتّبعية للدول الأجنبية، وللمؤسسات المالية الدّولية، التي تُهَيْمِنُ عليها الدول الإمبريالية (الولايات المتحدة بشكل خاص)، واليوم، يُعِيد التاريخ نفسه، فاستدانت حكومات المغرب وتونس ومصر واليمن والأردن والعراق من صندوق النقد الدولي بين سنتَيْ 2012 و 2016، لتزيد نسبة الدّيْن العام لإحدى عشر دولة عربية، عن 50% من إجمالي الناتج المحلي لديها (بيانات سنة 2017)، وبلغت نسبة دُيون الأردن 96,6% من إجمالي الناتج المحلي، وديون مصر 101% وديون لبنان 149%، ووصَلَتْ نسبة خدمة الدين إلى 40% أحيانًا من نفقات الميزانية، وتكمن الخُطورة في مراقبة الدّائِنِين (صندوق النقد الدولي، بشكل أساسي) لسياسة وبرامج وميزانيات الحكومات، التي فقدت بذلك الهامش الضيّق من الإستقلالية التي كانت تتمتع بها، إذ يُجْري خُبراء صندوق النّقد الدّولي عدَدًا (ثلاثة أو أربعة) من التّقْيِيمات السنوية (تدْخُل تكلفتها ضمن “خدمة الدّيْن) لتحديد مدى التزام التّلاميذ (الحكومات) بشروط الصندوق، مثل خصخصة القطاع العام وإلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية، وخفض قيمة العُمْلَة، وخفض عدد الوظائف الحكومية مع خفض الرواتب وجرايات التقاعد (في إطار سياسة “التّقَشُّف”)، ويُسَمِّي صندوق النقد الدّولي هذه الإجراءات “إصلاحات اقتصادية”…

 

عربغذاء: ارتفع عدد سكان الوطن العربي من حوالي 100 مليون نسمة سنة 1960، إلى نحو 300 مليون نسمة سنة 2006، وإلى حوالي 400 مليون نسمة سنة 2016، ويُتَوقّع أن يبلغ عَدَدُهُم 600 مليون نسمة سنة 2050، وبموازاة ذلك ارتفع متوسط الدّخل، ولكن تعمقت الفجوة الطبقية بين الأثرياء والفُقراء، وبين دول فقيرة (موريتانيا أو اليمن أو الأردن أو الصومال) ودويلات الخليج النفطية، كما تراجع دور القطاعات الإنتاجية وتراجع مُسْتوى الإنتاج الزراعي، لعدّة أسباب، ومن بينها شح المياه، فلا تتجاوز حصة الوطن العربي 1% فقط من موارد المياه العذبة في العالم… كانت هذه الإتجاهات معروفة منذ سنوات، لكن لم تتخذ الحكومات العربية التدابير المُناسبة لتأمين الغذاء ولتحقيق الأمن الغذائي، بل تفاقم العجز الغذائي وأصبحت الدول العربية مجتمعة تستَوْرِدُ أكثَرَ من نصف احتياجاتها من الغذاء، ويَصِل حجم استيراد الحبوب إلى ما يزيد عن نسبة 70% من إجمالي الإستهلاك المحلّي في بعض الدول، وفي مقدمتها مصر، أكبر دولة عربية من حيث الكثافة السّكّانية، إذ تتصدّر مصر قائمة أكثر الدول المُسْتَوْرِدَة  للقمح على مستوى العالم، كما تتصدر قائمة الدول العربية في استيراد اللحوم…

خَطّطت حكومات ما بعد “الإستقلال” وحكومات “البرجوازية الوطنية” (الجزائر ومصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا) لتحقيق الأمن الغذائي خلال عقْدَيْ ستينات وسبعينات القرن العشرين، ولم تنجح معظم هذه الخطط، بسبب استبعاد المُنْتِجِين وفَرْضِ “إصْلاحات” فَوْقِيّة، وبسبب تراجع الإستثمار وتبعية الأنظمة العربية الحاكمة وتمثيلها مصالح الدول والشركات الأجنبية، وظهر خطر العجز الغذائي العربي مع أزمة 2007 – 2008 عندما ارتفعت أسعار الغذاء بشكل حاد، على صعيد عالمي، وكذلك بين سَنَتَيْ 2010 و2011، لَمّا عادت أسعار الحبوب إلى الإرتفاع، وأَدّت إلى ارتفاع أسعار المنتوجات الغذائية الأساسية وإلى ارتفاع حاد في نِسَبِ التّضخم، خُصُوصًا في الدول العربية غير المُصَدِّرَة للنّفْط، وهي الدول التي انتفضت شُعُوبُها، قبل أن تستحوذ الإمبريالية الأمريكية والإخوان المسلمون على انتفاضات مصر وتونس…

يُنْفِقُ فُقَراء العرب نحو نصف دخلهم على الغذاء (وهو ما يفوق المعدل العالمي بكثير)، بسبب ارتفاع أسعار الغذاء مع انخفاض قيمة متوسّط الدّخل، ويتمثل خطر العجز الغذائي في تعرض أمن البلدان لتقلبات السوق وارتفاع أسعار السّلع الغذائية، واستنزاف احتياطي العُملة، والتّعرّض للإبتزاز السياسي من قِبَلِ الدّول المُصدّرة للحبوب مثل الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وغيرها، ولكن الحكومات العربية لا تُمثّل مصالح الشعوب، ولا تعمل على وضع موضوع الأمن الغذائي، كأَوْلَوِيّة، لأن هذه الحكومات لا تهتم بمصالح الأجيال الحالية ولا بالأجيال القادمة، وكان بالإمكان التنسيق لإنجاز التكامل الزراعي العربي (ولِمَ لا في قطاعات أخرى؟)، في غياب إرادة الوحدة…

في السودان التي يُمكن لأراضيها الزراعية تحقيق الإكتفاء الغذائي العربي، نشرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة وبرنامج الغذاء العالمى، تَقْرِيرًا يتوقّع  مُعانَاةَ أكثر من 1,1 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية سنة 2018، ومن بينهم حوالي 300 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، ويتعرضون لخطر الوفاة جُوعًا، وتوقع نفس التقرير تدهور وضع الأمن الغذائى فى جنوب السودان، حيثُ يواجه حوالي 10% من السكان صعوبات كبيرة في الحصول على الغذاء، ووصلت النسبة إلى نحو 30% في بعض مناطق الإقْتِتال الدّاخلي (بدعم خارجي).

في سوريا وفي اليمن تَضَرّر سكان الأرياف من الحُروب العدوانية، وهاجر ما لا يقل عن 1,5 مليون فلاّح سوري من أراضيهم، بسبب ظروف الحرب، بالإضافة إلى سيطرة تركيا وإيران على مجاري المياه التي ترفد نَهْرَيْ دجلة والفرات، مما خفض حصة العراق وسوريا من مياه النّهْرَيْن…

أما في فلسطين، فإن الإستعمار الإستيطاني الصهيوني استهدف الأرض ومصادر المياه، منذ فترة ما قَبْلَ تأسيس الدولة الصهيونية…

يقترح أحد رجال الأعمال العرب (أمين عام اتحاد الغرف العربية) “إنشاء بورصة سلعية عربية يديرها القطاع الخاص”، مُدّعِيًا إن بإمكان القطاع الخاص (الذي لا يَهُمّه شيء غير الرّبح السّريع والوَفِير) إيجاد حُلُول للتّغلّب على نقص الغذاء الذي يعاني منه نحو 33 مليون مواطن عربي، وخلافًا لكافة الأرقام التي تُظْهِرُ إن مساهمة القطاع الخاص (العربي) تتراوح بين 13% و 30% في الناتج المحلي، يَدّعِي رجل الأعمال المَذْكُور “إن القطاع الخاص يساهم بنحو 75% من الناتج المحلي الاجمالي بالدول العربية” !!! وادّعى المذكور إن القطاع الخاص في الدول العربية قادر على حل مشكلة العجز الغذائي، شرط حصوله على دعم الحكومات العربية من أجل الإستثمار في تحسين الانتاج والاستخدام الامثل للموارد الزراعية إضافة إلي استخدام التقنيات والتكنولوجيا الحديثة في الزراعة الذكية، وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات…”

إذا كان القطاع الخاص يحتاج باستمرار لدعم الدولة (التي لا يُسَدِّدُ لها ضرائب) فما ضرورة وجوده، وبدلاً من توجيه أموال الشعب إلى القطاع الخاص، من المستحسن ضخّها في شركات القطاع العام، لأنها ملك المجموعة… عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) + برنامج الغذاء العالمى + موقع الجامعة العربيةبوابة الأهرام 14/11/2018

 

صندوق النقد الدّولي، يُشعل النّيران، ثم يتساءل عن مَصْدَر الدّخان: نشر صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء 13/11/2018 تقرير “آفاق الإقتصاد الإقليمي” لمنطقة ما يُسميها “الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، و”اكتشف” (ولرُبَّما تَفاجَأ”) خبراء صندوق الدولي بارتفاع مستويات الدّيون في هذه البلدان، وخصوصًا البلدان المُسْتَوْرِدَة للنفط، مما لا يُمَكِّنُ الحكومات من الإستثمار، أو حتى من تخفيض حدّة العجز، وتناول التقرير بالدّرس وضْع البلدان العربية المستوردة للنفط (موريتانيا والمغرب وتونس ومصر، والسّودان والصّومال وجيبوتي والأردن ولبنان وسوريا) بالإضافة إلى أفغانستان وباكستان…

يتوقع تقرير صندوق النقد الدّولي أن يتجاوز الدَّيْن العام نسبة 90% من إجمالي الناتج المحلي في نصف بلدان المنطقة تقريبًا بنهاية سنة 2018، وتَكْمُنُ الخُطُورَةُ في ارتفاع نسبة الدُّيُون المُقَوَّمَة بالعُمْلَة الأجنبية إلى أكثر من نصف إجمالِي الدّيُون (52%)، وفي ارتفاع نسبة الديون التي يَحُلُّ أجل استحقاقها خلال النصف الثاني من سنة 2018 إلى نحو سبعة مليارات دولارا، مع ارتفاع فوائد من 17% من إجمالي قيمة الدّيون سنة 2016 إلى أكثر من 20% من الإيرادات سنة 2017، وإلى أكثر من 24% متوقَّعَة بنهاية سنة 2018، ويتجاهل خُبراء صندوق النقد الدولي دورَ الصندوق في ارتفاع نسبة الفائدة، وفي تقييد الدول المُقْترِضَة بشروط تحد من إمكانية الإنفاق لدَعْم النمو وتشغِيل العاطلين والحد من نسبة الفَقْر، وتضطر حكومات هذه الدول للبحث عن مزيد من الدّيون (التي تُؤَدِّي إلى ارتفاع الفائدة) ليس للإستثمار في قطاعات مُنْتِجَة، وإنما لسد العجز في المُوازَنَة، ولتوفير العُملة الأجنبية بهدف استيراد السلع الضرورية، وتمثل مصر نموذجًا لهذا النّمط من الإقتصاد التّابع والواقع على حافّة الإفلاس، إذ بلغت قيمة الدين الخارجي لمصر 92,64 مليار دولار بنهاية العام المالي 2017-2018 (ينتهي في الثلاثين من حُزَيْران 2018)، وارتفعت قيمة الدّيون بنسبة 17,2% خلال سنة واحدة، وتتوقع الحكومة ارتفاع إجمالي الدين العام الخارجي من 98,863 مليار دولار في العام المالي الحالي 2018-2019، إلى نحو 102,863 مليار دولار في العام المالي 2019-2020، ولا تزال تقارير صندوق النقد الدولي تأمر حكومات المغرب وتونس ومصر والأردن، بتحقيق “الضبط المالي وزيادة الإيرادات من خلال الضرائب”، مع إعفاء أرباح الشركات والأثرياء، بذريعة حَثِّهِم على الإستثمار، وإنجاز “الإصلاحات”، وتعني عبارة “إصلاحات” في قاموس صندوق النقد الدولي، خفض عدد الموظفين وبيع القطاع العام وخفض الإنفاق على الصحة والتعليم، وإلغاء دعم السلع والخدمات الأساسية، مع رفع أسعارها، وخفض الرواتب وتأجيل سن التقاعد، مع خفض قيمة المَعاش… عن موقع صندوق النقد الدذوليرويترز (بتصرف) 13/11/18

 

الجزائر: انخفض حجم احتياطي النّقد الأجنبي من 194 مليار دولار سنة 2014 إلى 88 مليار دولارا بنهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2018، أو ما يعادل قيمة شَهْرَيْن فقط من الواردات (لأن الجزائر لا تنتج الشيء الكثير، غير النفط)، بسبب انخفاض سعر برميل النفط الخام من حوالي 115 دولارا منتصف سنة 2014 إلى معدل ثلاثين دولارا، بعد بضعة أشهر، فتراجعت إيرادات النفط التي تُشكّل أهم إيرادات ميزانية الدولة، وأهم مورد للعملات الأجنبية، ثم ارتفعت أسعار النفط الخام تدريجيا، بعد قرار “أوبك” خفض حجم الإنتاج، وبَنَتْ وزارة المالية مشروع ميزانية الجزائر لسنة 2019 على أساس سعر خمسين دولارا للبرميل (أي أقل من متوسط سعر البرميل سنة 2018، والذي يُعادل سبعين دولارا)، ويتوقع محافظ المصرف المركزي ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي، في الأشهر القادمة، في حال بقاء أسعار النفط فوق مستوى 50 دولارا للبرميل، وتستهدف الحكومة نسبة تضخم بنحو 4,5% بنهاية سنة 2018 وكذلك سنة 2019، وبنسبة 4% سنة 2020…

أقرّ “المجلس الشعبي الوطني” (مجلس النواب) يوم الخميس 15/11/2018، قانون المالية لسنة 2019 الذي توقّع انخفاض عجز ميزانية الدولة من 11% مُتَوَقَّعَة سنة 2018، إلى 10,4% من إجمالي الناتج المَحَلِّي سنة 2019، وإلى 5,7% سنة 2020، وهي توقعات غير واقعية، وتضَمّن قانون المالية (ميزانية الدّولة) زيادة موارد الدولة من الضّرائب غير المُباشرة (ضرائب على استهلاك السلع والخَدمات)، مع خفض الإنفاق العمومي، الذي تجسّد في تراجع نفقات التجهيز بنسبة 10,9% وتتوقع الحكومة ارتفاع نسبة  ّنمو الناتج المحلي الإجمالي من 2,5% سنة 2018 إلى 2,9% سنة 2019، مع استقرار سعر صرف الدينار الجزائري بمستوى 118 دينارًا مقابل الدولار الأمريكي، ويقَدِّرُ صندوق النقد الدولي نسبة التضخم ب6,5% بنهاية 2018 و 6,7% سنة 2019…

تتوقع وزارة المالية ارتفاع حجم صادرات المحروقات (الغاز والنّفط) بنسبة 4,2% سنة 2020  وبنسبة 2% سنة 2021، لترتفع الإيرادات من حوالي 27 مليار دولارا إلى 34,5 مليار دولارا سنة 2020 وإلى 35,2 مليار دولارا سنة 2021، ولكن البلاد تستورد معظم احتياجاتها من الخارج، بالعُملة الأجنبية، وفي محاولة للحد من قيمة الواردات، اتخذت الدولة تدابير بهدف خفض قيمة واردات البضائع إلى 44 مليار دولار سنة 2019 و إلى 42,9 مليار دولار سنة 2020 وإلى 41,8  مليار دولار سنة 2021، مما لا يُؤَثِّرُ سوى بشكل محدود على قيمة العجز التجاري، ونسبته من إجمالي المبادلات التجارية (10,4% مُتَوَقّعَة سنة 2019)، مما يُقَلِّصُ احتياطيات النقد الأجنبي، رغم ارتفاع أسعار النفط الخام…

من جهته أشار تقرير صندوق النقد الدولي (الآفاق الإقتصادية العربي)، الذي نُشِرَ يوم الثلاثاء 13/11/2018 إلى انخفاض الناتج المحلي الجزائري من 176,6 مليار دولارا سنة 2017 إلى 88,3 مليار دولارا سنة 2018، وارتفاعه من جديد إلى حوالي 200 مليار دولارا سنة 2019، ويكمن سبب الإرتفاع  بزيادة النفقات العمومية المُقَرّرَة، مع الإشارة إلى محاربة صندوق النقد الدولي لأي زيادة في الإنفاق الحكومي، لأن هذا الإنفاق قد يخلق عجْزًا ماليا، فيما يعترف خُبَراؤه الذين يُعِدّون التّقارير بالأثر الإيجابي للإنفاق الحكومي على نمو الإقتصاد، لأن استثمارات القطاع الخاص لا تتجاوز نسبتها 14% من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان العربية المُصدّرة للنفط (بحسب بيانات صندوق النقد الدولي)، ويدعو الصندوق (والبنك العالمي) الدول لزيادة تحفيز القطاع الخاص لكي يزيد من استثماراته، ويقصد الصندوق ب”التّحْفِيز” خفض الضرائب (أو إلغاؤها) على أرباح القطاع الخاص، وتمويله من المال العام (مال الكادحين والأُجَراء) بقروض منخفضة الفائدة لكي يستثمر، وأظهرت التجارب، في مختلف بلدان العالم، إن القطاع الخاص لا يستثمر في القطاعات المُنتجة، إلا إذا كانت أرباحها مرتفعة جدا (مثل قطاع المختبرات وصناعة الأدْوِية، وقطاع الإتصالات وغيرها)، وأصبح الصندوق يدعو في كل تقاريره إلى ما يُسَمِّيه “تحسين مناخ الأعمال”، وتعني هذه العبارة “الغامضة”، ما يُعبر عنه ب”دعم المؤسسات الصغيرة  و المتوسطة و تطوير أطر الشراكة العمومية-الخاصة”، أي تحويل المال العام إلى القطاع الخاص، وخصخصة ما تبقى من القطاع العام (ما يُسَمِّيه الصندوق: “الشراكة بين القطاعين العام والخاص”)…  عن موقع الإذاعة الجزائرية + وكالة واج” + صحيفةالخبر16 و 17/11/18 

 

ليبيا، الأصدقاء المُزَيَّفُون: انعقد مؤتمر دولي ل3أصدقاء ليبيا” يومي 12 و 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 في مدينة “باليرمو” بجزيرة “صقلية” الإيطالية، وللمكان رمْزِيّة تاريخية، لأنه كان، قبل أكثر من سبع سنوات، نقطة الانطلاق الرئيسية لطائرات حلف شمال الأطلسي، بقيادة الولايات المتحدة، التي قَصَفَت البلاد وهدمت أُسُسَ الدولة، بمشاركة الأُسَر الحاكمة في الخليج ومصر، وعمدت أمريكا (وكذلك فرنسا وإيطاليا ودول أوروبية أخرى) بتمويل قَطَرِي وسعودي وإماراتي، إلى تَسْرِيب مجموعات من المخابرات العسكرية، دَرّبت وسلَّحت المجموعات الإرهابية (الدّين السياسي) ومجموعات قَبَلِيّة أُخْرى، قبل القصف الجوي، الأطلسي، الذي انطلق معظمة من سبعة قواعد أمريكية في إيطاليا (ودعمت قاعدة “سيغونيلاّ”، أهم هذه القواعد، العدوان الصهيوني على تونس 01/10/1985)، بداية من آذار/مارس 2011، والذي استمر سبعة أشهر، حيث نَفَّذَ الطيران الحربي لحلف شمال الأطلسي، خلال تلك الفترة، ثلاثين ألف “مهمة”، من بينها عشرة آلاف هجوم مكثّف، مع استخدام أكثر من أربعين ألف من الصواريخ والقنابل، وفق البيانات الرّسمية للحلف، وكانت هذه الحرب العدوانية مدْعُومة من معظم التّيّارات السياسية في أوروبا وأمريكا الشمالية (يمين أو يسار)، وأدّت هذه الحرب العدوانية إلى تدمير البلاد وبُنْيَة وجهاز الدولة والجيش، بعدما حَقَّقَت ليبيا “مستويات عالية من النمو الاقتصادي والتنمية البشرية” ( بحسب وثيقة للبنك العالمي بنهاية سنة 2010)، واستثمرت الدولة الليبية حوالي 150 مليار دولار في الخارج، من خلال صناديق الثروة السيادية، وجَمّدت المصارف الأوروبية والأمريكية هذه الأموال، بل وادّعت أن الخسائر كانت كبيرة، ولم يبق سوى القليل من المبلغ الأَصْلِي، واختفى، أي سُرِقَ (على سبيل الذِّكْرِ، لا الحَصْرِ)، مبلغ بقيمة 16 مليار يورو من مصرف بلجيكي (وفَرْعه في لكسمبورغ)، وفق برنامج وثائقي بثته قناة التلفزة العمومية البلجيكية ( RTBF ) واستخدمت الدول الإمبريالية بعض هذه الأموال لتمويل المجموعات الإرهابية…

تسبب العدوان على ليبيا في أزمة خطيرة تضَرّر من فُقراء إفريقيا، حيث كان يعمل بليبيا مليونان من مواطني إفريقيا (جنوب الصحراء الكبرى) وحوالي مليون من البلدان العربية ومن جنوب آسيا، وترفض أوروبا اليوم دُخُول هؤلاء العُمال الباحثين عن الأمن وعن القُوت، وكانت المجموعات الإرهابية قد نَكّلت بهؤلاء، وقامت بسجن وتعذيب الآلاف من المهاجرين الأفارقة في ليبيا، وهي نفس المليشيات التي جعلت من ليبيا طريق العبور الرئيسي نحو أوروبا، وأصبحت تُشرف على عمليات المُتاجَرة بالبشر، وعمليات التّهْريب بأنواعها، ومن بينها تهريب السلاح إلى سوريا (منذ 2011) بإشراف المخابرات الأمريكية والقَطَرِية والسعودية، وتهريب المهاجرين إلى أوروبا، ووفاة الآلاف في مياه البحر الأبيض المتوسط منذ 2011…

كانت إحدى أهداف هذا العدوان، الذي اندَرَجَ ضمن تخريب “الجمهوريات” العربية، عرقلة خطة النظام الليبي (خلال فترة حكم معمر القذافي) لإنشاء عملة أفريقية، بديلة للدولار، ولفرنك الاتحاد المالي الأفريقي، وهي عملة  ( Franc CFA )  فرضتها فرنسا على 14 مستعمرة أفريقية سابقة، ووردت هذه المعلومات في الوثائق الرسمية الأمريكية، ومن بينها رسائل البريد الإلكتروني التي صدرت عن وزيرة الخارجية الأمريكية “هيلاري كلينتون”، وتبادل الرسائل بين بعض الأجهزة الحكومية الأمريكية والأوروبية، وهي أجهزة الدّول التي اجتمعت في قمة “باليرمو” الإيطالية تحت غطاء “أصدقاء ليبيا”، والتي كانت، ولا تزال، تُشَكِّلُ مَنْشَأَ ومَنْبَع الوضع الحالي في ليبيا (وضع السّكّان المواطنين والمُهاجرين)، وأصل المشاكل التي لا تزال تتخبط فيها ما يقل عن سبع بلدان إفريقية مُحيطة بليبيا… عن موقع بانْدُورَاتي في” – صحيفةإلمانفستوالإيطالية 13/11/18 

 

فلسطين المحتلةمُقاطعة جُزْئِيّة للإحتلال: نُشِرَ النّص الأصلي لحركة “المقاطعة وسحب الإستثمارات وفرض العقوبات” على الكيان الصهيوني، سنة 2005، من قِبَلِ مجموعة من الجمعيات والمنظمات الأهلية الفلسطينية، ثم أضافت المنظمات الأجنبية أو حَذَفَتْ بعض البنود، ولكن معظمها اكتفى بالجزء الأول من الثلاثية، أي المقاطعة، مع حصرها بالأراضي المُحْتَلّة سنة 1967، أو حصر المقاطعة بالمواد الزراعية أو الصناعية القادمة من مستوطنات الضفة الغربية المُحْتَلّة، وأضافت معظم المجموعات الأوروبية والأمريكية إلى عبارة “مقاطعة”: “… إلى أن تمتثل إسرائيل للقانون الدّولي”، وهي إضافة لم تَرِدْ في النص الأصلي، ولكن بعض الفلسطينيين والعرب أصبحوا يُرَدِّدُونها، متناسين إن “القانون الدّولي” مسؤول عن تأسيس دولة الكيان الصهيوني، على أرض وَوَطَن الفلسطينيين، منذ قرار التقسيم، سنة 1947، ويمكن أن تُشَكِّلَ الدّعوة للمقاطعة منطلقًا لعزل الكيان الصهيوني، ومُقاومته كحركة استيطان اقتلاعي إحْلاَلِي، لكن لا يزال الأمر مقتصرًا على نشاط الشركات والمصارف العالمية في مستوطنات الأراضي المحتلة سنة 1967، وتوسّع هذا النشاط في أوروبا (باستثناء بعض البلدان، وأهمها ألمانيا وفرنسا وهولندا) وفي أمريكا الشمالية، ليشمل المقاطعة الإقتصادية والأكاديمية والثقافية والرياضية، وغيرها، بينما ازداد الإختراق الصهيوني في البلدان العربية وفي إفريقيا، وفي الصين…

دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” (يوم الثلاثاء 20/11/2018)، وهي منظمة أمريكية ممولة عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (أي وزارة الخارجية والحكومة الأمريكية) موقع شركة “بوكينغ.كوم” (مقرّها في هولندا) إلى أن تحذو حذو الاشركة الامريكية “اير بي أن بي” وتنسحب من “المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة”، وكانت شركة “اير بي ان بي” قد أعلنت يوم الاثنين 19/11/2018 سحب المساكن المقامة في مستوطنات الضفة الغربية من قوائمها، فهددت حكومة العدو برفع قضية ضد هذه الشركة التي يتمثل نشاطها في الوساطة عبر الشبكة الإلكترونية لتأجير المساكن، خصوصًا للسائحين الأمريكيين، وبعد سنوات من العمل، أعلنت (إثر ضغوط حركة المقاطعة) إنهاء الوساطة في المستوطنات “غير القانونية على أرض يمنع الفلسطينيون من الوصول إليها”، بحسب المنظمات الداعية للمقاطعة، التي اعتبرت “إن شركة اير بي ان بي اتخذت موقفا ضد التمييز ومصادرة الأراضي والسرقة”، وهو تجاوز لما أعلنته الشركة نفسها، التي أبدت تخوفات من تأثير نشاطها في المستوطنات على سمعتها وعلى إيراداتها، لأن عملية استئجار العقارات في المستوطنات محظورة على الفلسطينيين، ومسموحة للأجانب، وقدّرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” عدد المستوطنين الصهاينة بنحو 400 ألف في مستوطنات الضفة الغربية وب 200 ألف مستوطن آخر في مستوطنات الأحياء الشرقية من القدس…

قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، منذ شهر آذار/مارس 2016، إعداد قائمة لقاعدة بيانات تضم الشركات والمَصارف التي تتعامل مع المستوطنات الصهيونية في الأراضي المحتلة سنة 1967، في معرض إدانة المستوطنات، “وعدم قانونيتها حسب القانون الدولي” (الذي يعتبر احتلال الأراضي سنة 1948 “شَرْعِيًّا”)، والدعوة للامتناع عن “تقديم أي نوع من المساعدات للمستوطنات”، وتحذير الشركات ورجال الأعمال “من الانخراط في مبادرات اقتصادية وصفقات تجارية معها”، وأقر الإتحاد الأوروبي وَضْعَ علامات على البضائع الصهيونية الواردة من المُسْتَوْطَنات، وهذا لا يعني مقاطعتها، بل تطبيق قانون أوروبي سابق يُجْبِرُ المُصَنِّعِين والتُّجّار على إبْراز مَنْشَأ السّلع، وهو قرار غير مُطَبّق في أوروبا، بسبب عدم وجود آليات للمراقبة وعقوبات للمخالفين، وتجدر الإشارة إن الإتحاد الأوروبي (كمؤسسة وكأجهزة دول منفردة) ضد المقاطعة، بل أقرت عدة دول (فرنسا وألمانيا وبريطانيا وهولندا وبعض دول أوروبا الشرقية) قوانين تُقر الغرامة والسجن على الأفراد الداعين لمقاطعة الكيان الصهيوني بشكل عام، دون تفريق بين مستوطنات 1948 أو 1967، وردّت سلُطات الإحتلال على تهديد مجلس حقوق الإنسان، بتكليف شركات استشارات قانونية، لدراسة محتوى حملة صهيونية (وأمريكية) لمواجهة حملة المقاطعة العالمية لبضائع المستوطنات، وتشويه الطابع المَدَنِي والسِّلْمِي لحركة المُقاطعة، لتعْلِيل ملاحقة واستهداف قادة ونشطاء “حملة المقاطعة”، عبر الإغتيال، وتبرير ذلك بالعمل على اختلاق روابط بينهم و بين المنظمات الإرهابية، وبالتالي ملاحقتهم في الدول الأجنبية، من خلال التنسيق مع أجهزة مخابرات عالمية…  

أقرت الأمم المتحدة في بداية سنة 2018 “قائمة سوداء” تَضُمُّ 206 شركة دولية تعمل في مستوطنات الإحتلال الثاني (الأراضي المحتلة سنة 1967 )، وهي المستوطنات التي تعتبرها الأمم المتحدة “غير شرعية” (مما يعني إن احتلال 1948 “شرْعِي”)، واعتبر الكيان الصهيوني نَشْرَ تلك القائمة “انتصارًا للجبهة المُعادِيَة للسَّامِيّة” فيما عبرت الصحف الصهيونية عن المخاوف من “بداية سلسلة من عمليات المُقاطعة الدّولية”، وورد في تفاصيل قائمة الأمم المتحدة إن 143 شركة من إجمالي عدد الشركات – البالغ 206 شركة- لها مقرات في فلسطين المحتلة، سواء الجزء المحتل سنة 1948، أو في المستوطنات في أراضي 1967، و22 شركة مَقَرُّها في الولايات المتحدة، و7 شركات في ألمانيا و5 في هولندا و4 في فرنسا، والشركات الباقية تتخذ مقرات لها في 19 دولة أخرى، ولم يكشف تقرير الأمم المتحدة عن أسماء مجموع تلك الشركات، لكن شركة ( Airbnb ) موجودة ضمن تلك القائمة، مما دعاها إلى اتخاذ قرار “الإنسحاب”، لأن حملة المقاطعة استغلت نشر القائمة لتبدأ حملة ضغط على هذه الشركات، ومن بينها بعض الشركات الأمريكية… عن أ.ف.ب + رويترز 20 و 21/11/18

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.