عرب النفط: خيانة مشائخ الخليج، من خلال الصحف الأجنبية، الطاهر المعز

أشارت صحية واشنطن بوست يوم 02/02/2016 إن العلاقات السعودية الأمريكية تَمُرُّ بأزمة، مما دفع السعودية إلى إنشاء السعودية مجموعة ضغط (لُوبِّي)، تقوم بتمويلها، في الولايات المتحدة، بهدف التأثير على توجهات السياسة الخارجية الأمريكية، ولكن جماعات الضغط “اللوبي” تحتاج إلى قاعدة اجتماعية مؤثرة، اقتصاديًّا وإعلاميًّا (وهو ما لا تملكه السعودية)، وإلى أموال طائلة لتمويل الحملات الإنتخابية، والمؤسسات الفكرية ومراكز البحث، ويَعُود أساس البحث عن دَعْمٍ داخل المؤسسات الأمريكية إلى عدم استقلالية النّظام السعودي، وإلى ارتباط قراراته بسياسات واستراتيجيات الإمبريالية الأمريكية، بل وضَعَ النظام السعودي (أي أُسْرة آل سعود)، نفسه (وكذلك الأُسَر الحاكمة الأخرى في الخليج)، في خدمة مصالح الولايات المتحدة وشركاتها، واعتقد الشيوخ الحاكمون إن حماية مصالحهم، تقتضي خدمة مصالح أمريكا، وتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني…

 

قدّم حُكّام السعودية تنازلات مَجانِيّة للكيان الصهيوني، منذ سنة 2002، عندما فرضت على باقي الحكام العرب – عبر الجامعة العربية – مخططًا للإعتراف العربي الجَمْعِي بالكيان الصهيوني، بدون أي مقابل (على افتراض أمكانية وُجود مقابل للإعتراف بالإحتلال)، تحت إسم “مبادرة السلام العربية”، ومنذ سنة 2016 أصبح آل سعود يُصَرِّحُون: إن الكيان الصهيوني حليفٌ ضد إيران (“العدو” الأكبر لآل سعود)، ويعتبرون “حزب الله”، الذي أجبر الجيش الصهيوني على الإنسحاب من جنوب لبنان، بدون مفاوضات ولا تنازلات، “منظمة إرهابية”، وفرضت السعودية هذا القرار على الجامعة العربية، وطلبت من الأمم المتحدة اتخاذ قرار مماثل، وأنفقت السعودية أموالاً طائلة لتخريب البلدان العربية، من ليبيا على سوريا، مرورًا باليمن والعراق، وحَقّقت السعودية بعض مخططات الكيان الصهيوني لتفتيت الدول العربية، عبر تمويل المنظمات الإرهابية التي تدعمها دولة الإحتلال أيضًا، ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر، خرجت العلاقات السعودية الصهيونية من طور السّرّيّة أو الكتْمان، إلى الزيارات واللقاءات العَلَنِيّة، بالتّوازي مع حشد القوات السعودية (والخليجية، بدعم من المُرْتزقة) ضد دول عربية أخرى، بينما يُطالب مجلس النواب الأمريكي السعودية بتعزويضات مالية مُرْتَفِعة لضحايا 11 أيلول 2001…

 

وصفت مجلة “تايم” الأمريكية (19/01/2015) العلاقة بين السعودية والعدو الصهيوني ب”التحالف الدّافئ”، واستعْرَضَتْ تفاصيل لقاءٍ عَلَنِي في مدينة “بروكسل”، عاصمة بلجيكا، بين تركي الفيصل وآموس يدلين، وكلاهما قائد سابق لجهاز مخابرات دولته، نَظّمته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، وكتبت الصُّحُف الأمريكية إنهما اتفقا على موقف موحّد ومُنْسَجم تجاه إيران وبرنامجها النووي وعلى ضرورة دعم الحكومة العسكرية (حكومة عبد الفتاح السيسي) في مصر، والمطالبة بمزيد التّدخّل العسكري الدّولي في سوريا…

 

كتبت صحيفة “تايمز” البريطانية عن زيارة وفد سعودي، بقيادة لواء متقاعد، إلى تل أبيب، سنة 2016، وكتبت وكالة “رويترز” يوم 20/04/2017: “لا يوجد بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية علاقات دبلوماسية، ومع ذلك، يلتَقِي المسؤولون السعوديون مع المسؤولين الإسرائيليين علنا”، من ذلك اللقاء العلني في واشنطن، بين الجنرال “ياكوف أميدرور”، المستشار السابق لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ورئيس المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل، وادّعى ممثل أسرة آل سعود: “لا يوجد شيء يمكن أن يوقف دمج المال الإسرائيلي والعقل السعودي”، بحسب ما أورده تقرير أعدته المؤسسة الإعلامية الأمريكية (PRI)، بعنوان “إسرائيل تطور علاقات جديدة مع السعودية ودول خليجية أخرى”، وأوردت الصحف الصهيونية “إن لدول الخليج وإسرائيل أهداف مشتركة، من بينها تطوير تكنولوجيا استغلال المياه والزراعة والطاقة…”، وتأكّدت “الشّائعات”، بالتواجد العلني لبعثة دبلوماسية صهيونية في الإمارات سنة 2015، وكتبت الصحف الصهيونية (من بينها “تايمز أوف إسرائيل”)، على هامش الحَدَث، عن وجود علاقات تجارية، تقدر بمئات الملايين من الدولارات، مع دويلات الخليج، في مجال الملابس الفاخرة، والأحجار الكريمة، والسلاح، وخدمات الأمن، والمواد الغذائية وغيرها…

من جهة أخرى، عرض الكيان الصهيوني على الولايات المتحدة خطة لبناء شبكة سكك حديدية، ومشروع سماه الصهاينة “قطار السلام الإقليمي”، لِربط مناطق فلسطين المحتلة سنة 1948 بالأردن، كمرحلة للربط مع مَشْيَخات الخليج الأُخْرَى، لتطوير النّقل التجاري، في مرحلة أولى…

 

كتبت وكالة “سبوتنيك” الروسية (15/06/2017)، إن الولايات المتحدة الأمريكية (مباشرة بعد زيارة دونالد ترامب للسعودية) تُجْرِي اتصالات سرية مع السلطة الفلسطينية والسعودية والأردن لتنسيق أول رحلة طيران لحجاج فلسطينيين من مطار “بن غوريون” إلى  “المدينة”، في السعودية، عبر عَمّان، وكانت أول رحلة جوية علنية مباشرة قد انطلقت في أواخر أيار/مايو 2017، عندما سافر “دونالد ترامب، على متن طائرته الرئاسية، من العاصمة السعودية الرياض، إلى مدينة تل أبيب، في فلسطين المحتلة، في أولى جولة له كرئيس للولايات المتحدة…

 

من العَسِير تأكيد تاريخ مُحَدّد لبداية العلاقات الصهيونية السعودية، ولكن المُؤَرِّخين، والمتابعين للقضية الفلسطينية يعرفون محتوى رسالة مؤسس المملكة الذي أعلن إنه لا يرى مانعًا من استيطان “اليهود المَساكِين” في فلسطين، قبل تأسيس الدولة الصهيونية، وسبق أن صرّح رئيس المخابرات السعودية السابق، الأمير تركي الفيصل، خلال ندوة في “نيويورك”، بمشاركة المدير الأسْبَق للمخابرات الصهيونية (موساد) أفرايم هاليفي، بأن الاتصالات “السعودية الإسرائيلية” تعود إلى فترة السبعينيات، وتجدر الإشارة إن الجريدة الإلكترونية السعودية “إيلاف” أجْرَتْ لقاءً مُطَوّلاً مع رئيس الأركان الصهيوني، وفي السابع من أيلول/سبتمبر 2018، ذكرت الإذاعة الحكومية الصهيونية “صوت إسرائيل” أن أميرا من البلاط السعودي زار فلسطين المحتلة سرا، وبحث مع مسؤولين من رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية ووزارة الحرب، الوضع في المنطقة، وتنسيق المواقف ضد إيران، وأشار موقع “ميديل إيست آي” البريطاني إن الأمير المذكور، قد يكون محمد بن سلمان، وعَقَّبَ وزير الطاقة الصهيوني، على هذه الأخبار بالقول “توجد مخاوف مشتركة بين السعودية وإسرائيل بشأن إيران”، كما أعلن وجود علاقات مع العديد من مُمَثِّلِي الدول العربية، ولكنها تبقى غَيْر مُعْلَنَة، بطلب منهم، خوفًا من غضَبِ شُعُوبِهِم (رويترز 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2018)…

 

بَثّتْ قناة تلفزيونية صهيونية (القناة 13) مؤخّرًا سلسلة تحقيقات تحت عنوان “أسرار الخليج”، وتناولت العلاقات بين الكيان الصهيوني والإمارات والبحرين وقطر والسعودية، والتنسيق بين هذه الأطراف، منذ 2015، لمواجهة إيران، وأعلن سفير أمريكي سابق في تل أبيب (دان شابيرو)، “أن ممثلي رئيس الحكومة الإسرائيلية وممثلي ولي العهد الإماراتي كانوا يتحدثون بانتظام، مُباشرة، أو عبر الهاتف، بهدف تبادل الأفكار حول العديد من القضايا”، وقد تدفع السعودية ملك البحرين (الذي يَحْمِيه الجيش السعودي ضد شَعْبِهِ) إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع دولة الإحتلال، قبل إقدام السعودية على هذه الخطوة التّطبيعية العلنية…

أعلن “دونالد ترامب” خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر 2018 “إن السعودية حليف هام للولايات المتحدة، وأحد أكبر المستثمرين، وساعدتنا السعودية كثيراً في دعم إسرائيل”، بحسب موقع “كان” الصهيوني، وكتبت صحيفة “لوفيغارو” اليمينية الفرنسية (أواخر تشرين الأول/اكتوبر 2018) إن الكيان الصهيوني يحرص على دعم الإستقرار في السعودية، ولا يود أن يهتز حكم أسرة آل سعود بسبب اغتيال “جمال خاشقجي”، وقَدّرت صحيفة “لوفيغارو” إن تكثيف الإتصالات بين أعضاء الأسرة المالكة للسعودية والكيان الصهيوني يعود إلى سنة 2014، وكانت الإتصالات ترمي إلى “دعم المصالح الاستراتيجية المشتركة بينهما”، وأكّدَتْ خبر اجتماع ولي العهد محمد بن سلمان، في واشنطن، في آذار/مارس 2018، مع ممثلي المنظمات الصهيونية الكبرى، كما أكدت شراء السعودية، قبل سنوات، “أجهزة وبرامج تجسس ومراقبة إسرائيلية من أجل تتبّع ومطاردة رعاياها المعارضين والمنشقين، واستخدمت السلطات السعودية هذه البرامج لتتبع جمال خاشقجي، قبل اغتياله”، مما جعل دونالد ترامب يقول “لولا السعودية لدخلت إسرائيل في مأزق”، وبالمقابل، اشتهر محمد بن سلمان بتصريحاته المُعادية للفلسطينيين، ودعوته العلنية والصريحة لاعتبار الكيان الصهيوني “أمرًا واقعًا”، ونبذ خيار المُقاوَمَة،  وكان بن سَلْمان عُرّاب الخطة الأمريكية المُسمّاة “صفقة القرن” التي تهدف تصفية القضية الفلسطينية نهائيا، وعمل ما في وسعه لإعلان التطبيع السياسي والإقتصادي والرياضي والثقافي، والتعاون الأمني والعسكري مع الإحتلال، ومُعاداة القضية الفلسطينية بشكل علني، وأَكّدَ ذلك بتصريحه، خلال لقاء مع إحدى المجموعات الصهيونية الأمريكية (نيسان/ابريل 2018): “على الفلسطينيين أن يقبلوا مخططات السلام أو يخرسوا”، وتماشيًا مع التقارب (بل التحالف) السعودي الصهيوني، أجازت السعودية للخطوط الهندية (وحكومة الهند حليف هام للكيان الصهيوني) باستخدام أجواء “بلاد الحَرَمَيْن” للعبور من وإلى فلسطين المحتلة، واعتبر رئيس وزراء العدو هذه الخطوة “اختراقا كبيرا يبشر برحلات مباشرة، قريبًا”…  

أوردت مواقع صحف صهيونية (من بينها “المصدر”، وهو أداة دعاية صهيونية باللغة العربية) يوم 12/02/2019 تقريرًا عن “العلاقات الإسرائيلية – الخليجية السرية”، وتضمّن التقرير تفاصيل عن التعاون الأمني بين الكيان الصهيوني والإمارات، الذي تواصل بعد اغتيال القيادي الفلسطيني “محمد المبحوح” (حماس) سنة 2010، وتناول التقرير نبأ “صفقة سرية لبيع طائرات آلية إسرائيلية إلى الإمارات”، وأخبارًا عن المكالمات العديدة (منذ 2015) بين رئيس حكومة العدو الصهيوني وولي عهد “أبو ظبي” محمد بن زايد، في إطار “مجابهة الخطر الإيراني في المنطقة”، وشَكّل عزف النشيد الرسمي الصهيوني في “أبو ظبي” (وكذلك في الدوحة عاصمة “قطر” وفي المنامة، عاصمة البحرين) قمّة العمالة والخيانة لعرب النفط (عرب أمريكا أو صهاينة العرب)… 

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.