يكفي أن تكتب جريدة غربية مصطلحا حتى يجري السباق لدى كثيرين من مثقفينا وإعلاميينا وفضائياتنا لالتقاطه لتحقيق سبق السبق الببغاوي! لم يسبق لأي مفكر يميني أو يساري أن قرأ القومية باللون!
لا بل إن تبييض أو تسويد القومية هو خداع وتعمية وتضليل عن الحقيقة التي لا يغفل عنها سوى عمى البصيرة وعمى البصر.تبييض القومية يعني أن يقوم معتنقوها بمجزرة داعشية بيضاء ضد كل ابيض يساري او شيوعي او حتى إنساني بالمعنى العام.
الإرهاب الذي فاض على الوطن العربي لا علاقة له باللون. بدأ هذا الإرهاب رأسمالي غربي ونفطي عربي منذ العدوان على الوجود السوفييتي في أفغانستان 1 ببغاوات “القومية” البيضاء 978. أي بدأ راسماليا ودين سياسي ضد الشيوعية وشارك فيه سنة وشيعة. وحرب الناتو ضد يوغسلافيا الشيوعية شارك معه سنة وشيعة. طبعا بغض النظر عن تفوق السنة عديدا وتمويلاً.
لاحقاً كان العدوان الغربي ضد العراق وتدميره ولم يكن قوميا بل راسماليا غربيا وطائفياً ضد عروبة العراق وجرى تلوينه طائفيا لتجويف عروبة العراق وحصل.. ولم يزل عملاء هذا التحالف الذي يحكم العراق حتى اليوم، يرددون الهجوم ضد صدام حسين شكلانياً ولكن جوهريا هم ضد القومية العربية والمشروع العروبي.
بعد تدمير واحتلال العراق توسع فرجارالإرهاب ليتمدد ضد الأمة العربية، فهو سني خالصاً بقيادة امريكية بل غربية وشخوصا ومالا عربيين.
لم يكن هذا الإرهاب قوميا بل كان ولا يزال ضد القومية العربية.
في المقلب الآخر، الإرهاب الغربي ليس وليد حتى القرن العشرين، بل بدأ إقطاعي جوهريا وديني شكلانيا مع حروب الفرنجة، وتواصل كحرب راسمالية جوهريا وديني شكلانيا حتى اليوم. هنا يتموضع إرهابي نيوزيلنده وإرهابي النرويج وترامبو ايضا.
نتحدث إذن عن جبهة مزدوجة من الرأسمالية والدين السياسي. راسمالية المركز المتقدم وحليفتها الرأسمالية الكمبرادورية في المحيط/العالم الثالث متحالفة مع قوى الدين السياسي أي المحافظية الجديدة، والصهيونية ووليدهما اليهو-سيحية والوهابية والسلفية والإخوانية.
ولتوضيح أكثر، بعد التذابح الرأسمالي الغربي وخاصة الأوروبي في الحربين الإمبرياليتين/الراسماليتين على أسواق العالم وليس على أديان العالم. نتج عن هاتين الحربين الوحشيتين حاجة أوروبا الغربية خاصة لقوة عمل فاستجلبت عمالا من السود والسمر وعلى الرحب والسعة. أما عن امريكا فهي بلد مهاجرين اساسا وحتى الآن.
ولكن، منذ أن بدأ التراجع الاقتصادي للمركز الرأسمالي منذ منتصف ستينات القرن العشرين، بدأت التعبئة ضد العرب والمسلمين في الغرب. وبدأ التناسب الطردي بين استفحال الأزمة الاقتصادية وبين المعاملةا لعنصرية ضد المهاجرين.
أما سنوات ما يسمى الربيع العربي وخاصة فيضان المهاجرين إلى أوروبا، ففتحت باب العنصرية على مصراعيه خاصة وهذا “الربيع” قد تلا الأزمة الإقتصادية الممتدة منذ 2007-8 وحتى اليوم في المركز الراسمالي خاصة، هذه السنوات حملت معها قلق قوة العمل الأوروبية في اوروبا التي وجدت أن المهاجرين القدامى والجدد يأخذون وظائفهم.
طبعاً، لن يسمعك أحد حين تقول بأن هذا الثراء والتطور في الغرب الاستعماري يعود بشكل كبير إلى فائض القيمة التاريخي (انور عبد الملك) الذي نهبه الغرب من المستعمرات ولم يتوقف النهب بعد ضد الأمة العربية.
لقد نجحت الراسمالية في رسملة الدين المسيحي الغربي والدين اليهودي وأخضعتهما ليكونا جزءا من مثقفها العضوي. أما الدين الإسلامي فتولدت عنه انظمة وقوى الدين السياسي في طبعة راسمالية تجارية متخلفة وتابعة.
بوضوح، تجد أساس ومجرى الإرهاب في كل مكان اليوم هو في تحالف وتقاطع الراسمالية والدين السياسي.
إن الحديث عن قومية بيضاء وقومية صفراء وقومية سمراء وقومية سوداء وقومية بروزية وقومية قوس قزح هي تلاعبات رأسمالية غربية على طريقة البيضة والحجر.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.