خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد٤٧٣
كي لا ننسى:
حَدَثَتْ في كل يوم، وفي كل شهر، من السنوات والقُرون الماضية، وقائع ومآثر وهزائم وانتصارات، ونختار، من حين لآخر، التّذكير ببعض الأحداث، لأننا كتقدميين، واشتراكيين، وكعرب وأُمَمِيِّين، لم نأتِ من فراغ، أو من لا شيء، بل نستند إلى ( لِ) تُراث نضالي، وكفاحات ومُقاومات، من بينها ثورة العبيد التي قادها “سبارتاكوس” (خلّدها الشاعر الراحل “أمل دنقل” في قصيدة رائعة)، وتجربة القرامطة، والشّعراء الصّعاليك، وفِكْر المُعتزِلة، وغيرها من المحطّات النِّضالية، وعلى الصعيد العالمي، كانت لثورة أكتوبر 1917 الفضل في نَشْر الوثائق التي تستهدف الوطن العربي مباشرة، ومنها اتفاقيات الإمبرياليتين الفرنسية والبريطانية، والمعروفة باتفاقيات “سايكس – بيكو”، وبالمناسبة فإننا نذكر بالخَيْر “فلاديمير إيليتش أوليانوف” (لينين)، الذي بقي إسمه خالدًا في التاريخ، بفضل استشرافه للوضع في روسيا (ثم الإتحاد السوفييتي) وفي العالم أيضا، حيث استنتَج، بعد اصطفاف العديد من أحزاب الأممية الثانية وراء “برجوازياتها” أثناء الحرب العالمية الأولى، ضرورة تأسيس أممية ثالثة، على أُسُسٍ جديدة، خصوصًا بعد ضُلُوع الحزب الديمقراطي الإجتماعي الألماني في قمع الثورة الألمانية، واغتيال قادة شيوعيين من أمثال “كارل ليبنيخت” و “روزا لكسمبورغ”…
بعض أحْداث شهر آذار/مارس (في العدد القادم، فقرة عن يوم الأرض)
02 آذار/مارس 1919: انعقد مؤتمر تحضيري، قَرَّرَ تأسيس الأممية الثالثة، التي انعقد مؤتمرها الأول خلال صيف 1920، ووقَع حلُّها، بقرار سوفييتي، سنة 1943، في ذروة الحرب العالمية الثانية…
قتل الإحتلال الصهيوني يوم 17 مارس عام 2003، المناضلة الأمريكية الشابة “راشيل كوري”، عندما حاولب اعتراض جَرّافة كانت بصدد هدم منزل أسرة فلسطينية في قطاع غزة، ولم تبلغ “راشيل كوري” 24 سنة من العمر، ولكنها كانت تُشارك في العديد من فعاليات السلام مع حركة التضامن العالمية ( International Solidarity Movement – ISM )، السلمية، وكانت “راشيل كوري”، مع مجموعة من ثمانية شُبّان من نفس الحركة، جعلوا من أنفسهم دروعا بشرية لحماية مخيم “رفح” للاجئين، على الحدود المصرية، واعتبر الجيش (والقضاء) الصهيوني “إن مقتل راشيل كان حادثا عرضيا، ضمن أعمال غير مسؤولة لحركة التضامن العالمية، ولن يُحاسب الجنود الإسرائيليون على حادث لا يتحملون مسؤوليته”، ولم تُطالب الولايات المتحدة (خلافًا للعادة) محاسبة من قتلوا مواطنة أمريكية…
معركة “الكرامة” 21 آذار/مارس 1968
هاجم جيش الإحتلال الصهيوني مُخيم “الكرامة” للاجئين الفلسطينيين بالأردن، يوم 20/03/1968، بعد أسابيع من القصف المُكثّف على طول الجبهة الأردنية، وازدادت حدة القصف بين يومَيْ الحادي عشر من آذار، والواحد والعشرين من نفس الشهر (1968)، بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية، ومَنْع انطلاق العمليات الفدائية من الضفة الشرقية لنهر الأردن، ولكن ضبّاطًا وجنودًا من جيش الأردن، تَصَدّوا لتوغّل قوات العدو، يومي 20 و 21 آذار، إلى جانب المقاومة الفلسطينية وسكان قرية “الكرامة”، في معارك دامت حوالي ستة عشر ساعةً، اضطر إِثْرَها الجيش الصهيوني للإنسحاب، رغم قُوة وكثافة القصف الجوي والمدفعي…
كانت أكبر معركة يخوضها الجيش الصهيوني، بعد انتصاره العريض على ثلاثة جيوش نِظَامِيّة عربية، في عدوان الخامس من حُزَيران/يونيو 1967، وكسَرت معركة “الكرامة”، بعد أقل من سنة، من حرب 1967، عددًا من الأساطير التي كان يُروّجُها الإعلام الصهيوني و”الغربي” والعربي المُستسلم، مما نَشَر الشُّكُوك في أذهان المُسْتوطنين، وأتاح للمقاومة الفلسطينية تحقيق نصر سياسي عالمي، حيث انطلقت مظاهرات التّأييد للمقاومة في أوروبا وفي أمريكا الشمالية.
قُدّر عدد القوات الصهيونية المُهاجِمَة بنحو 15 ألف جندي وضابط، من وحَدات المُشاة، والمظلِّيِّين، ووحدات المدفعية الأرضية، والوحدات العسكرية الجوية، وأعلن الجيش الصهيوني مقتل نحو 250 جُنْدِي، وإصابة 450 آخرين، وتدمير 88 آلية (سيارات شحن وناقلات جنود وسيارات عسكرية مسلّحة…)، وإسقاط طائرة واحدة، وأعلن الجيش الأردني، وإعلام منظمة التحرير الفلسطينية، استشهاد 86 جندي أردني، و95 فلسطيني، من الفدائيين ومن سكان المخيم، وإصابة 108 آخرين، من بينهم سُكان مخيم اللاجئين الفلسطينيين، وسكان القرية الأردنيين والفلسطينيين، وفقد الجيش الأردني 13 دبابة و39 آلية…
المغرب– 23 آذار/مارس 1965:
سنة 1965، هي سنة اختطاف واغتيال “المهدي بن بركة”، أحد قادة “عدم الإنحياز”، و”تريكنتيِننْتال” (اجتماع القارات الثلاثة: إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية)، ووقع اختطافه وإخفاؤه بنهاية تشرين الأول/اكتوبر 1965، بفعل تعاون وثيق بين المخابرات المغربية والفرنسية والصهيوني، في باريس، في وضح النّهار. في المغرب، كان الوضع الإقتصادي سيِّئًا، خصوصًا في المناطق الرّيفيّة، حيث تكاثرت البطالة والفَقْر، وكانت الدولة تعيش أزمة مالية، أرادت الحكومة إلقاء ثقَلِها على الفئات المتوسطة والفقيرة من الشعب المغربي (أي الأغلبية)، واتخذت وزارة التربية والتعليم (في شباط/فبراير 1965) قرار خفض الإنفاق على التعليم، عبر حرمان كل تلميذ تجاوز سنه السابعة عشر من التعليم الثانوي، لِيُطْرَدَ هؤلاء التلاميذ، بعد إنهاء السنة الثالثة من التعليم الإعدادي، وفرْض بعض الشروط التي تزيد من إنفاق الأُسَر، وكان الملك الحسن الثاني يعتبر المُتعلّمين خُصُومًا محتملين له (أي للنظام القائم)، خصوصًا بعد مساهمة الإتحاد الوطني لطلبة المغرب في تأسيس حركة تَلْمَذِيّة، حَوّلَت الثانويات المغربية إلى مدرسة للحوارات الفكرية والسياسية، وبدأت مسيرات الإحتجاج ضد القرار، في الدار البيضاء (أكبر مُدُن المغرب، والعاصمة الإقتصادية)، منذ يوم 22/03/1965، مع إعلان الإضراب، تحت شعار “الحق في التّعليم، وشارك ما لا يقل عن 15 ألف تلميذ في مظاهرة الدار البيضاء، التي قمعتها أجهزة الشرطة والجيش بشكل فظيع، واستمرت المظاهرات أيّامًا، رغم القمع والرصاص الحي، واستخدام طائرات مروحية لقتْل المتظاهرين، مما أدلى إلى قتل ما بين 1500 و خمسة آلاف، والتحق بالمتظاهرين، أفراد الأُسَر، والعاطلون عن العمل، ولكن السلطات أقْحمت عددًا من أعوانها، ومرتزقتها…
احتلت مدرعات الجيش شوارع مُدُن البلاد، واقتحمت قوات القمع الأحياء الجامعية، والأحياء الشعبية، لاعتقال الآلاف من الطلبة، والعشرات من أولياء التلاميذ، ما بين 23 آذار/مارس وبداية شهر نيسان/أبريل 1965، أما الضحايا من القَتْلَى فقد دُفِنُوا في مقابر جماعية، ولا تَعْرِفُ اُسَرُهم مكان دَفْنِهِم، بعد حوالي 55 سنة من استشهادهم…
تجاهلت وسائل الإعلام الرسمي “أحْداث” 23 مارس، وأصدرت بعض صحف المُعارضة (باللغة الفرنسية) ملفات أو أخبارًا عن هذا “الأسبوع الدّموي”، بينما فَرَضَ القَصْر الملكي قوانين استثنائية، وحالة شبيهة بحالة الطوارئ، بداية من السابع من حزيران/يونيو 1965، ولم يتم التّحقيق ولا مُساءلَة أي من مسؤولي الحكومة أو الجيش أو الشرطة، أو مليشيات المُرْتزقة التي اختلطت بالمتظاهرين، لتخريب المظاهرات، من داخلها، وبقي جميع المسؤولين في مناصبهم، بل زاد نفوذ الجنرال “أوفقير” الذي خطط للقمع، وأشرف على تنفيذه…
ما علاقة هذه الأحداث بالإقتصاد السياسي؟
للإجابة على هذا السّؤال، وجبت الإجابة على أسئلة أخرى، ومن بينها:
كيف تَمَكَّنَ الإتحاد السوفييتي، بدون مساعدة، من دَحْر الجيش النّازي الألماني (أقوى جيش في العالم آنذاك) وحلفائه، من ستالينغراد إلى برلين، خلال الحرب العالمية الثانية، وكيف أصبح الإتحاد السوفييتي أقوى مما كان عليه قبل الحرب، اقتصاديا وعسكريا وتقنيا…؟
كيف انتصر الشعب الفيتنامي الفقير على أعتى قُوة عسكرية واقتصادية، في تاريخ البشرية، وأجبر الجيش الأمريكي على الإنسحاب، بشكل غير مُنظّم، واضطرار السفير الأمريكي في “سايغون” (هوشي منه، حاليا) إلى الفرار في طائرة مروحية، عسكرية، حَطّت على سطح السّفارة؟
إن إقرار البرامج والخطط الإقتصادية هو قرار سياسي بامتياز، ولا يمكن عزل الإقتصاد عن السياسة.
فلسطين المُحتلة: كان يوم الثلاثين من آذار/مارس 1976 يوم احتجاج جماهيري ضد مُصادرة أراضي الفلسطينيين في الأراضي المحتلة سنة 1948، وأسفر القمع الصهيوني للمتظاهرين عن ستة قتْلى ومئات المُصابين والمُعْتَقَلِين، وأصبح يوم الثلاثين من آذار “يوم الأرض”، لأن الأرض تُشَكِّلُ إحدى النقاط الجوهرية في صراع الشعب الفلسطيني ضد الإحتلال، الذي لا يزال يُصادر الأراضي ويهدم المباني ويرفض الترخيص بإصلاح المساكن القديمة، وبناء مساكن جديدة، بهدف تهجير الفلسطينيين من وطنهم، واستقدام مستوطنين من بلاد العالم، وقدّرت المنظمات الحقوقية عدد أوامر الهدم بأكثر من 80 ألف منزل في الداخل الفلسطيني، أي أراضي 1948 (نخصص فقرة في العدد القادم ليوم الارض).
في “النّقَب” (جنوب فلسطين- المناطق المحتلة سنة 1948)، ترفض سلطات الإحتلال الإعتراف بما لا يقل عن 42 قرية، كانت قائمة قبل الإحتلال الصهيوني، ولا تزال محرومة من المرافق ومن أسباب العيش، وتُخَطّط السلطات الصهيونية لشق طرقات وسكة حديدية (باستثمارات صينية) في الأراضي المُصادَرَة من أهالي النّقَب، ونقل بعض المباني العسكرية من ضواحي تل أبيب إلى النّقب، وبناء منطقة صناعات عسكرية على أراضي سكان قرى أبو قرينات، أم متنان، وادي المشاش، وادي النعم، أبو تلول والصواوين، الذين شكلوا لجنة شعبية، لمقاومة مصادرة الأراضي المتواصلة منذ أكثر من سبعين سنة، بدعم من مركز “عدالة” الحقوقي، وتعتزم سلطات الإحتلال هدم 1213 مَبْنَى، وتهجير السّكّان، بهدف نَقْلِ مصانع للصناعات العسكرية المحفوفة بالمخاطر الأمنية والبيئية إلى المنطقة على مساحة 112,4 ألف دونم، ومصادرة مساحات أخرى كبيرة، وتخصيصها للتجارب العسكرية، التي تُهدّدُ المحيط وحياة البشر (أين المُدافعون عن سلامة البيئة في أوروبا وأمريكا؟)، في إطار السياسة المتواصلة منذ 1948، للتضْيِيق على السكان، وتعريضهم لمختلف المخاطر…
أقرّت السلطات الصهيونية “مُخَطّط برافر”، ونشرت الصحف الصهيونية بعض تفاصيله، ويهدف لاقتلاع سُكّان النّقَب من أراضيهم، ومن قُراهم، ومن وطَنِهِم، وجابههُ مواطنو الأراضي المحتلة سنة 1948، من النقب (جنوب) إلى الجَلِيل (شمال)، بمظاهرات واحتجاجات عارمة، سنة 2013، دامت سنة كاملة، وتمكنوا من تَجْمِيد المشروع (والتجميد يعني التّأجيل وليس الإلْغاء)، بفضل تصعيد النضال الشعبي ضد المخطط، ولكن العَدُوَّ المُحْتَلّ غَيَّر من أسالِيبِهِ، حيث عَمَد إلى الإستفراد بالفلسطينيِّين، وإلى التّهْجير الفَردي، بدل التهجير الجماعي، فضاعفت من حملات الهَدْم، منذ العام 2013، وبلغت عدد عمليات هدم البيوت 2775 بيتًا سنة 2018 وحده، وتُخَطِّطُ “سلطة تطوير النقب” (أي السلطة المكلّفة بتهجير الفلسطينيين) لتصعيد عمليات التهجير في عدة قرى، منها “العراقيب” و”أم الحيران” و”الفرعة” و”رخمة” و”بير هداج”، لتخلو الأراضي أمام مخطط القاعدة العسكرية “لاكيت” ومخطط شارع 6، ومخطط منجم الفوسفات في “الفرعة” ومنطقة الصناعات العسكرية “رمات بيكع”، الذي يهدد ألف عائلة في النقب بالتهجير، كما اعتقلت سلطات الإحتلال 58 فلسطينيا من “النّقب”، في يوم واحد، عقب مظاهرة، وبقي بعضهم أشهرًا عديدة في المعتقلات دون توجيه تهمة، ووَجَّهَ القضاء الصّهيوني لوائح اتهام جنائية ضد خمسة معتقلين، وحَكَم على العديد من المُعتقلين بالسّجن مع النفاذ بمعدل عشرة أشهر لكل معتقل، وغرامات وصلت إلى أربعين ألف شيكل، وأُجْرة محامي فاقت مائة ألف شيكل لكل محامي… (دولار واحد = 3,7 شيكل) عن “قدس برس” + موقع “عرب 48” + مركز “عدالة” الحقوقي 07 و 08 و09/01/19
فلسطين: كتبت الصحيفة الصهيونية “يدعوت أحرونوت” (09/01/2019) إن محمود عباس المُسِن (83 عامًا)، والمَريض، لا يكترث بواقع الشعب الفلسطيني، ولا يزور المُدُن الفلسطينية، ولكنه كان أكثر زعماء العالم سفراً حول العالم خلال العام 2018، رغم الوضع الاقتصادي المتدهور لسلطة الحكم الذاتي الإداري التي تعاني من انخفاض كبير في الإيرادات، ومن عجز هام، جراء القرار الأمريكي بحجب التّمويل، وذَكّرت الصحيفة الصهيونية بشراء محمود عباس “طائرة رئاسية جديدة”، في بداية سنة 2018، ليزور بها عواصم 17 دولة…
لم تذكر الصحيفة الصهيونية إن محمود عباس لا يستطيع التنقل دون إذن من سلطات الإحتلال، ولكن تقرير الصحيفة الصهيونية يَنْدَرِجُ ضمن حملة لتشويه كل فلسطيني (بمن في ذلك العملاء الذين انتهت صلاحيتهم)، كما فعل الصهاينة مع ياسر عرفات، بعد اعترافه بدولة الإحتلال، ولم تكن الصحف الصهيونية حريصة، في يومٍ ما، على مصالح الشعب الفلسطيني، بل إن وجودها يُمثل نقيضًا لمصالح الفلسطينيين… ومع ذلك تواصل أجهزة الأمن الفلسطينية اعتقال المُقاومين الفلسطينيين وتسليمهم للعدو، وتواصل مراقبة الشعب الفلسطيني من الدّاخل، وهي سابقة تاريخية، لم تعرف الشعوب المُسْتَعْمَرَة لها مثيلاً…
تُشير بيانات “مركز العمل التّنْموي” إلى ارتفاع عدد المستعمَرات الإستيطانية الصهيونية في الضفة الغربية، من حوالي 120 مستوطنة، عند اندلاع الإنتفاضة الأولى (1987) إلى نحو 150 مستوطنة سنة 2017، بالإضافة إلى مائة “بُؤْرَة استيطانية”، وارتفعت مساحة هذه المُستوطَنات بنحو 150% خلال عقدَيْن، من نحو 120 ألف دونم سنة 1996 إلى نحو 300 ألف دونم سنة 2017، وبلغ عدد المستعْمِرين المُسْتَوْطِنِين الصهاينة في الضفة الغربية والقُدْس من حوالي 220 ألف سنة 1994 إلى نحو 700 ألف (في الضفة والقدس)، وأصبح المُسْتوطنون الصهاينة يُشكّلون 21% من سكان الضفة الغربية المحتلة، لكنهم محميون من الجيش ويُحاصرون السكان الفلسطينيين، ويستَوْلُون على الأراضي الخصبة والمياه، وهو استعمار عسكري واقتصادي وإيديولوجي أيضًا، لأن جُلّ المُسْتَوْطِنِين من المتدينين الأكثر تعصُّبًا وتَطَرُّفًا، بدعم من بعض الفرق المسيحية المتعصبة، ومن الإمبريالية الأمريكية، بينما لم يتجاوز عدد المُستَعْمِرين المُسْتَوْطِنِين الصهاينة 650 ألفًا، سنة 1948، رغم إشراف الحركة الصهيونية على تنظيم حركة النزوح اليهودي من أوروبا إلى فلسطين خلال الحرب العالمية الثانية، والسنوات التي تَلَتْها…
سمحت الإنتفاضة الأولى (1987) ببناء جبهة وطنية مناضلة، عملت على مقاطعة البضائع الصهيونية، وطبقت خطة “التنمية بالحماية الشعبية” (المفهوم من ابتكار الرفيق عادل سمارة)، وخَرّبت اتفاقيات أوسلو هذه المكاسب الشعبية، ليُسْبِح اقتصاد الضفة الغربية تابعًا لاقتصاد الإحتلال، باستيراد نحو 70% من حاجاته من المُحْتل، فيما تستأثر شركات الإحتلال بأكثر من 80% من صادرات الضفة الغربية وقطاع غزة، وأصبح نسبة العجز في البتادل مع العدو، 77% من إجمالي العجز التجاري الفلسطيني…
عمد الإحتلال إلى إغراق المناطق المحتلة سنة 1967 بالمنتجات الغذائية والزراعية التي لا تلبي معايير التصدير نحو الإتحاد الأوروبي (أكبر شريك اقتصادي للكيان الصهيوني)، وبذلك يضرب الإحتلال عصفورَيْن بحجر واحد: تسويق ما لا يمكن تصديره نحو أوروبا، والقضاء على منافسة المنتجين الفلسطينيين العاجزين عن منافسة المنتجات الزراعية الصهيونية الأقل سعرًا، لأنها مَدْعُومة…
من جهة أخرى، نشر الباحث “وائل السعيد” دراسة أعاد “المركز الفلسطيني للإعلام” نَشْرَها، وتُبَيِّنُ حَجْم الاختلاسات والفساد في منظمة التحرير الفلسطينية وسلطة أُوسْلُو، واستغلال المال العام في سبيل الإثراء الشخصي، بسبب غياب الوعي الوطني، وبسبب عدم آليات دقيقة وحادة للمحاسبة داخل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وسلطة “أوسلو”، التي رسّخت نفوذ العُمَلاء والإنتهازيين الذين تقاطعتْ مصالحهم الخاصة مع العدو ومع بعض “المانِحين”، أي الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وهما مجموعتان إمبرياليتان، تدعمان الكيان الصهيوني، وسبق أن وقّعت (في تشرين الثاني/نوفمبر 1999) عشرون شخصية فلسطينية تعيش تحت حكم السلطة “وثيقة العشرين” التي اتهمت السلطة بالفساد والمحسوبية، وبعجزها عن تمثيل طموحات الشعب الفلسطيني، بل إنها أحد أسباب تفاقم الوضع السيء…
ذكر “عصام أبو عيسى”، المدير السابق لمصرف فلسطين الدولي، في لقاء مع شبكة “سي بي إس” التلفزيونية، إن حجم المبالغ التي تمتلكها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1990 يصل إلى 30 مليار دولار في حسابات خارجية وملياريْ دولار في حسابات داخلية (أي داخل المصارف الفلسطينية)، ونشر موقع مجلة “فوربس” الأمريكية (التي تهتم بثروات الأغنياء) تقديرات بحجم ثروة ياسر عرفات، بناء على تصريحات “جويد الغصين” (رئيس الصندوق الوطني الفلسطيني سابقاً، ولديه خلافات مع عرفات) لوكالة “أسوشيتد برس” أن ثروة عرفات كانت تقدر بما بين ثلاثة وخمسة مليارات دولارا، عند وفاته (تشرين الثاني/نوفمبر 2004)، مع العلم إن عرفات مُقاول وصاحب شركات في الكويت وبلدان عربية أخرى، ونشرت عدة صحف أخبارًا عن ثروات قادة فلسطينيين بالإسم وبالأرقام، من بينهم ياسر عرفات، وبعض القادة الذين جمعوا ثروة من التعامل مع العدو، مثل “أحمد قريع” الذي كان يبيع الإسمنت للصهاينة، لبناء الجدار العازل للفلسطينيين بين الأراضي المحتلة سنة 1948 والأراضي المحتلة سنة 1967، فيما يتاجر آخرون بالقمح، والنفط، والخشب، والسجائر، والسيارات، عبر شركات صهيونية، ومن بين هؤلاء الفاسدين واللصوص، ذكرت تقارير شركة “ستاندرد أند بوز” وصحيفة “لوكنار أنشينيه” (فرنسا) وصحف “القدس العربي” و”الرأي العام” الكويتية (24/12/2004)، و”الغد” الأردنية، والحياة” (السعودية، تصدر في لندن)، وأعضاء من المجلس التشريعي الفلسطيني، والكاتب “رشاد أبو شاور”، أسماء أشخاص تورطوا في حوالي خمسين قضية (سنة 2006) من قضايا الفساد وتهريب أموال، من بينهم “محمد رشيد”، المستشار الاقتصادي السابق لياسر عرفات، و”سامي رملاوي”، مدير عام وزارة المالية، و”حربي الصّرصور”، مدير عام هيئة النفط، و”سليم الزعنون”، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، و”محمد زهدي النشاشيبي” وزير المالية الأسبق، ونشر المجلس التشريعي الفلسطيني قائمة ضمت أكبر الفاسدين واللصوص، وممتلكاتهم، وتفاصيل مُثِيرة عن عمالتهم وخيانتهم وتعاملهم مع العدو، وعن سرقة المبالغ المُخصّصة للاجئين أو لأُسر الشهداء والأسرى والفقراء من الفلسطينيين، وضمت القائمة: أحمد قريع رئيس الوزراء الأسبق، وبائع الإسمنت للصهاينة، ووزراء سابقين، أشرفوا على وزارات الاقتصاد الوطني، والشؤون المدنية، ومستشارين اقتصاديين وأصحاب شركات حقيقية أو وهْمِية،ومسؤولين في وزارة المالية والجمارك، ومحمد دحلان، وجبريل الرجوب، ونبيل شعث الذي يحتكر استيراد أجهزة الحواسيب إلى الضفة الغربية المحتلة، واستورد 2500 حاسوب قديم، غير صالح للإستخدام، اشتراها من الجيش الصهيوني، أما زوجة (أرملة) عرفات فقد واجهت تحقيقات بشأن غسيل الأموال، بقيمة تفوق عشرة ملايين دولارا، في بعض البلدان الأوروبية، وكتبت صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية إن “سُهى عرفات – الطويل” (وهي ابنة أسرة ثرية من القدس، وابنة الكاتبة “ريموندا الطويل”) حصلت بعد موت عرفات مباشرة (بناء على اتفاق مع رئيس وزراء السلطة آنذاك أحمد قريع) على 13 مليون جنيه إسترليني فوراً، بالإضافة إلى 800 ألف جنيه استرليني سنويا، باعتبارها موظفة رسمية في مكتب الرئيس قبل زواجه منها، وذلك حتى بلوغها سن التقاعد، وتحصل بعد التقاعد على مبلغ 300 ألف جنيه استرليني سنوياً مدى الحياة، مع الحصول على نفقات ابنتها “زهوة ياسر عرفات” حتى بلوغها سن الثامنة عشر، وتحصل على 45 ألف جنيه استرليني سنوياً من سن الثامنة عشر إلى سن الخامسة والعشرين…
أعلن وزير الإعلام الفلسطيني (31/05/2006) أن عدد الموظفين في وزارة الإعلام 162 موظفاً وأن 127 منهم مدراء ورؤساء أقسام، أي نحو 78,4% هم في وظائف اشراف وإدارة لنشاط وهمي، ونشرت صحيفة “الحياة” (05/09/2005) خبرًا عن حوالي أربعة آلاف موظّفة (زوجات وأقارب مسؤولين في السلطة) في مؤسسات ودوائر السلطة الفلسطينية يحصلن على رواتب وهن غير موجودات في الأراضي الفلسطينية منذ سنوات طويلة…
تأسّست السلطة الفلسطينية وفقًا لاتفاقيات أوسلو، بهدف القضاء على النّفس النّضالي الذي ظهر في الدّاخل الفلسطيني خلال يوم الأرض (30/03/1976) وخلال انتفاضة 1987، وظهور بوادر التنظيم المستقل للفلسطينيين في الداخل، وأغْرَقت الدول “المانحة” (وهي دول امبريالية أسّست ودعمت الكيان الصهيوني) الأراضي الفلسطينية بأموال الرّيع وبالمنظمات غير الحكومية وبالمراكز “الثقافية” (وهي أوْكار تَجَسُّس وتخريب الوعي الوطني)، ولذا فإن الفساد والسرقة والخيانة لقضية الشعب ولبرنامج التحرر الوطني، نتيجة منطقية، ومدروسة مُسبقًا، لمؤتمر مدريد ولمفاوضات أوسلو، ونتيجة منطقية للتّطبيع الذي بدأه أنور السّادات عَلَنًا، فيما كانت قيادات منظمة التحرير الفلسطينية تفاوض الإمبريالية الأمريكية وسلطات الإحتلال الصهيوني في الكواليس… عن “المركز الفلسطيني للإعلام” + موقع “نضال الشعب” 04 و 05/01/18 + “ترانسبرنسي انترناشيونال” (برلين) تقرير 2016
في جبهة الأعداء: نشرت شبكة “سي بي سي” يوم الجمعة 04/01/2019 خبرًا مفاده إن “الصندوق القومي اليهودي” في كندا (وهو منظمة سياسية عقائدية، وليس منظمة دينية ) يتعمّد مخالفة قوانين البلاد والقوانين الدّولية، ويجمع أموالا من المتبرعين (معفِيّة من الضرائب) ليدعم الجيش الصهيوني، ومشاريع مصادرة أراضي الفلسطينيين، وقدّمت بعض المنظمات (سنة 2017) شكوى إلى إدارة الضرائب، بشأن مخالفة هذه المنظمة الصهيونية لإجراءات إعفاء المنظمات الخَيْرِيّة من الضرائب، وبشأن تقديم الدّعم المالي المُستمر لجيش أجنبي يحتل أراضي الغَيْر…
بدأت بعض الصحف تكتب، بداية من أواخر 2016، مقالات صغيرة ومحتشمة بشأن دعم الفرع الكَنَدِي ل”الصندوق القومي اليهودي”، منظمات المستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية، وأشارت إحدى الجمعيات إلى إقامة “حديقة كَنَدَا”، بأموال المتبرعين الكنديين، على أرض مُصادَرة، مكان قرية أزالتها القوات الصهيونية من الوجود، وأطردت سُكانها واستولت على أراضيهم بالكامل، سنة 1967… اهتمت وسائل الإعلام الكندية بالأمر، سنة 2018، وانتقدت عددًا من المسؤولين السياسيين من الحكومة ومن المعارضة الذين يدعمون الكيان الصهيوني بدون أي تحفظ، وبلا قَيْدٍ أو شَرط، مع الإشارة إلى عضوية كندا في المحيط الأطلسي، والتبعية للمُطْلَقَة لسياستها الخارجية تجاه الإمبريالية الأمريكية، وكانت الأمم المتحدة (بضغط أمريكي وصهيوني وأوروبي) قد كلّفت كندا بملف تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين…
تاريخيا، تُعْتَبَرُ أمريكا الشمالية (كندا والولايات المتحدة) وأستراليا ونيو زيلندا، نموذجًا للكيان الصهيوني، لأن هذه الدّول تشكلت من مُستعمرين مستوطنين أوروبيين، قضوا على السكان الأصليين واستولوا على أراضيهم وأوطانهم وغيروا إسم البلاد، وهو ما نفّذ الكيان الصهيوني جُزْءًا منه، ولا تزال الولايات المتحدة تحاول مَحْوَ قضية اللاجئين عبر القضاء على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (انروا)، وعبر مشروع “صفقة القَرن”، بمشاركة عددٍ من الأنظمة العربية…عن موقع “كَنَدِيّون من أجل العدالة والسّلم في الشرق الأوسط” – بيان بتاريخ 07/01/2019
تونس: يَشترط الدّائنون (وأهمهم صندوق النقد الدولي) تطبيق بعض الإجراءات، خلال فترة محدودة، قبل الموافقة على أي قَرْضِ، ويراقب الدّائنون عمل الحكومات طيلة مدة القرض الذي يتسلّمُهُ المُقْتَرِضُون على أقساط، وليس دفعة واحدة، ومن الشروط الشائعة لصندوق النقد الدولي (وكذاك البنك العالمي) خفض الإنفاق الحكومي، وتسريح الموظفين وخصخصة القطاع العام وزيادة الأسعار مع عدم زيادة الرواتب، بل خَفْضُها، وخفض قيمة العُمْلَة المحلية، وزيادة قيمة ونسبة الضرائب غير المباشرة، وغيرها من الإجراءات (يسميها الصندوق “إصْلاحات”) التي يتضرّرُ من تطبيقها الأُجراء والعُمّال والفُقراء… أصبح أعضاء بعثة صندوق النقد الدولي مقيمين بشكل شبه دائم في تونس (يُسَدّد المواطن التكاليف المُرتفعة لإقامة هؤلاء “الضيوف”، غير المَدْعُوِّين)، وأعلنت الحكومة وجود وفْد البعثة في تونس، في بداية سنة 2019 “لإجراء المراجعة الخامسة للإجراءات الاقتصادية”، أي مراقبة عمل الحكومة (التي لا يُراقبها الشعب) وكانت بعثة الصندوق قد أعلنت “فِيتُو” ضد قرار زيادة رواتب موظفي القطاع العام، إثر إضراب الأُجراء، واضطر إلى التراجع عن “الفيتو”، من أجل “مواصلة المفاوضات بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل” (نقابة الأُجَراء)، ويدّعي صندوق النقد الدولي (ويُرَدِّدُ أعضاء الحكومة من ورائه) إن رواتب الوظيفة العمومية هي سبب كل المشاكل الإقتصادية للبلاد، وسبب عجز ميزانية الدّولة، بينما تُشِير البيانات التي تنشرها الحكومة إلى ارتفاع نسبة التضخّم، خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر 2018 ، إلى 7,5%، ويعود ارتفاع نسبة التضخم، خلال سنتي 2017 و 2018، بحسب المعهد الوطني للإحصاء (حكومي) إلى فرض ضرائب جديدة وإلى الترفيع في ضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى التراجع غير المسبوق للدينار مقابل العملات الأجنبية، ويتوقع ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم، خلال سنة 2019، نتيجة لارتفاع أسعار عديد السلع الأساسية، من بينها المواد الغذائية، مما يُشكل عوائق أمام استهلاك الأُسَر والأفْراد، وكذلك أمام الإستثمار ونمو الإقتصاد، ومع ذلك يُصِرُّ الخبراء الدّغمائيون (الدّغمائية = الجُمُود العقائدي) لصندوق النقد الدّولي على الإعتراض على زيادة الرواتب !!!
من الأخبار السَّيِّئة التي تَزفّها حكومة الإخوان المسلمين (والدّساترة) للشعب التونسي، ارتفاع العجز التجاري، ليحطم رقما قياسيا بارتفاعه من 12,6 مليار دينارا سنة 2016 إلى 15,59 مليار دينارًا سنة 2017 وإلى أكثر من 19,04 مليار دينار سنة 2018، وفق بيانات نشرها المعهد الوطني للاحصاء، يوم الخميس 10 كانون الثاني/يناير 2019، ومن الغريب نَشْر الحكومة هذه الأرقام بالدينار الذي هبطت قيمته، بينما تُقَوّم المبادلات التجارية لتونس إما باليورو (مع الإتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري واقتصادي) أو بالدولار الذي ارتفعت قيمته إلى أكثر من ثلاثة دينارات يوم الجمعة 04 كانون الثاني/يناير 2019، وبلغ سعر العملة الأوروبية (اليورو) 3,4 دينارا، وفق بيانات المصرف المركزي التونسي، الذي أشار إلى تراجعاحتياطي العملة الأجنبية تراجعا قياسيا، خلال سنة 2018، بينما ملأ مُمثِّلُو الحكومة الدّنيا صراخًا بشأن ارتفاع عدد السائحين سنة 2018 إلى أكثر من ثمانية ملايين سائح (30% منهم من الجيران الجزائريين، وأكثر من 15% من ليبيا والمغرب)، وفق ممثل لمنظمة أرباب العمل في تونس، ولكن الأرقام المنشورة تختلف بحسب المصدر، وعلى أي حال فإن الإيرادات ضعيفة جدّا ولا تتلاءم مع هذه الدّعاية الحكومية عن “أهمية السياحة”، ووفق بيانات وزارة السياحة (يوم 04/01/2019)، لم تتجاوز إيرادات السياحة 3,9 مليار دينارا تونسيا سنة 2018، أو ما يعادل 1,135 مليار يورو أو أقل من 1,3 مليار دولارا، وبحسب هذه الأرقام، لا يتجاوز إنفاق السائح الواحد في تونس الـ140 يورو أي 480 دينارا تونسيا فحسب (إنفاق 24 ساعة، منها الإقامة في الفندق)، بينما يقدر إنفاق السائح الواحد في المغرب، حيث الأسعار ومستوى العيش متقاربان 180 يورو خلال 24 ساعة… ساندت الحكومات المتعاقبة منذ 2012 (جميعها بدعم من الإخوان المسلمين) أصحاب الفنادق، ومنحتهم أموال الشعب (الذي يعاني من البطالة وارتفاع الأسعار والتقشف) وشَطَبَتْ دُيُون قطاع السياحة، بعد انخفاض عدد السائحين، منذ سنوات، مما أثّر على عمل المصارف التي أقرَضَت أصحاب الفنادق الذين لا يزالون يطلبون الحكومة مَنْحَهُم أربعة مليارات من المليمات، “بعد التراجع السياحي الملحوظ في عدد السائحين، بين 2011 و 2016، وما انجر عنه من انخفاض لإيرادات الفنادق”، لكن هل تقاسم أصحاب الفنادق أرباحهم مع العُمّال الذين يعملون ما بين عشرة و16 ساعة برواتب منخفضة وبعقود هشّة (أو بدون عقود)؟ وماذا حققت السياحة للمواطنين سوى ارتفاع الأسعار وانقطاع المياه صيفًا، وحرمان المواطن المحلي من الأسماك ومن الشواطئ في المناطق السياحية؟… عن وكالة تونس إفريقيا للأنباء “وات” + رويترز + موقع “الشروق” 09 و10و11/01/19
مصر: رفعت الحكومة المصرية أسعار الوقود عدة مرات منذ الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولارا، سنة 2016، وأدى ارتفاع سعر الوقود إلى زيادة أسعار النقل وأسعار كافة المواد الأخرى، وأعلنت ربط سعر الأنواع الرفيعة من البنزين بالأسعار العالمية بداية من شهر نيسان/ابريل 2019، ما يوحي بأن ذلك مُقَدّمة لإلغاء الدعم بالكامل عن كافة أنواع الوقود، تطبيقًا للإتفاق مع صندوق النّقد الدّولي لربط أسْعار كافة أنواع الوقود بالأسعار العالمية، خلال سنة 2019 على أقصى تقدير (قبل نهاية أيلول/سبتمبر 2019)، مما قد يرفع أسعار كافة السلع الإستهلاكية، ولتصل نسبة التضخم إلى 17,8% خلال السنة المالية 2018 – 2019، بحسب توقّعات التقرير السنوي لشركة ومصرف الإستثمار “بلتون”…
من جهة أخرى، أعلن المصرف المركزي انخفاض احتياطي النقد الأجنبي من 44,513 مليار دولارا في تشرين الثاني/نوفمبر إلى 42,551 مليار دولارا في كانون الأول/ديسمبر 2018، وكان محافظ المصرف المركزي يتبجّح باستمرار بارتفاع حجم الإحتياطي، ولا يذكر إن القروض هي مصدر الإرتفاع، وليس الإنتاج أو الصادرات، والأموال المتأتِّية من بيع أصول وسندات، وتعتزم الحكومة بيع سندات دولية بقيمة خمسة مليارات دولار في النصف الأول من العام الحالي 2019…
سدّدت الدولة التزامات للدائنين بقيمة ثلاثة مليارات دولارا خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2018، فيما ارتفعت قيمة الدين الخارجي للبلاد بنسبة 17,2% على أساس سنوي إلى 92,6 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران 2018، وفقا لأرقام المصرف المركزي المصري، الذي لم يُصرّح بمستوى الدّين الخارجي بنهاية سنة 2018… عن رويترز 08/01/19
الأردن: شهد الأردن احتجاجات، منذ صَيْف 2018، ضد إجراءات التقشّف، وضد ارتفاع نسبة البطالة التي بلغت 39% لدى فئة الشباب التي شاركت بكثافة في الإحتجاجات، التي أجّجَتْها الزيادة في ضريبة الدّخل، وزيادة أسعار المواد الأساسية (منها الغذاء) بسبب إلغاء الدّعم، تَطْبِيقًا لشروط صندوق النقد الدّولي.
تعتمد ميزانية الأردن على القروض، وبلغت مديونية البلاد 39 مليار دولارا، وتُعادل نسبة الدين العام 96.4% من الناتج المحلي الإجمالي، بنهاية 2018 وفق بيانات وزارة المالية الأردنية، ويَشْتَرِطُ الدّائنون، وفي مقدمتهم صندوق النقد الدولي، تنفيذ ما يُسمونها “إصلاحات”، أي خفض الإنفاق الحكومي وخصخصة القطاع العام وتجميد التوظيف وزيادة الأسعار والضرائب، مما أثار موجة من الغضب والإحتجاجات الشعبية، ومع ذلك يُصِرُّ رئيس الحكومة، وهو خريج المدارس الليبرالية الأمريكية، على ترديد ادّعاءات مديرة صندوق النقد الدولي “إن الأردن يواجه تحدّيات، لكن زيادة ضريبة الدخل تشكل خطوة في الاتجاه الصحيح”، وأَمَرت مديرة صندوق النقد الدولي حُكُومةَ الأردن “بتطبيق مزيد من الإصلاحات، وتشجيع الاستثمار، عبر تخفيض الضرائب على الشركات”، ما يعني إن المواطن الأجير يتحمل عبء ما يعتبره صندوق النقد الدّولي “إصلاحات”، فيما تتمتع الشركات (أي الرأسماليون) بخفض الضرائب والرسوم…
ذكرنا في أعداد سابقة إن حُكّام مَشْيَخات الخليج وعدوا ملك الأردن (وكذلك ملك المغرب) بعشرة مليارات دولارا سنة 2011، ولكن لم يحصل الأردن سوى على الفُتات، قبل انخفاض أسعار النفط، ورفض شيوخ الخليج مساعدة “زميلهم”، ملك الأردن (وملك المغرب أيضًا)، وبعد الإحتجاجات التي انطلقت في الأردن، منذ شهر حزيران/يونيو 2018، تعهّدت السعودية والإمارات والكويت بتقديم “مساعدات” (أي قُرُوض) بقيمة 2,5 مليار دولار، ولم يتحول الوعد إلى إنجاز، فطلبت الحكومة من البنك العالمي قرضاً بقية 1,2 مليار دولار، من اجل إعادة جدولة بعض الديون السابقة، أي استخدام هذا القرض من أجل سداد ديون أخرى، وتسديد قرض بقرض، بالإضافة إلى تخصيص جُزْءٍ من القرض “لتحفيز القطاع الخاص”، وفق تعبير البنك العالمي، أي إن الشعب يُسَدِّدُ ديونا وفوائد ديون يستفيد منها القطاع الخاص، لتحقيق أرباح يحتكرها، ولا يُشاركه فيها لا العمال الذين أنتجوا الثروة وحققوا قيمة زائدة، ولا فُقراء الشعب الذين يتحملون شروط وقُيُود صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وغيرهما من الدَّائِنِين، وسوف يَتَطَلّب تسديد هذا القرض الجديد فَرْض ضرائب جديدة لسداده، وارتفاع أسعار المحروقات والطاقة والغذاء وغيرها، وإحكام سيطرة الدّائِنِين على اقتصاد البلاد وقراراتها السياسية والإجتماعية… عن “بترا” + أ.ف.ب12 و 13/01/19
السعودية على طريق الإفلاس؟ سجّلت ميزانية السعودية عجزا للعام الرابع على التوالي، من 17 مليار دولارا سنة 2014 (سنة انخفاض أسعار النفط من أكثر من مائة دولارا للبرميل إلى ثلاثين دولارا لبرميل النّفط الخام) إلى 97 مليار دولارا سنة 2015 ، وإلى 79 مليار دولار سنة 2016، و61,3 مليار دولار فسنة2017، وتوقعت وزارة المالية أن يصل العجز نحو 34,5 مليار دولارا سنة 2018، واقترضت الأسرة المالكة لشبه الجزيرة العربية، وأكبر مُصَدِّر للنفط الخام في العالم، يوم الأربعاء التاسع من كانون الثاني/يناير 2019، مبلغًا بقيمة 7,5 مليارات دولار من الأسواق، لِسد عجز الميزانية، ما يشكل نصف برنامجها للتمويل للعام 2019، وفق مصرف “إتش إس بي سي”، الذي يتولّى الإشراف على عملية الإقتراض، مع مؤسسات مالية أخرى، وتبلغ الدفعة الأولى من القرض أربعة مليارات دولار، للسداد على عشرة سنوات، والثانية 3,5 مليارات دولار على 31 عاماً، وكان الصندوق الإستثماري السعودي قد أعلن، يوم السابع عشر من أيلول/سبتمبر 2018، إنهاء إجراءات الحصول على قرض بإحدى عشر مليار دولار بإشراف مجموعة من المصارف العالمية، وذلك لأول مرة في تاريخه، ثم أظْهر مشروع ميزانية 2019 الذي نشَرَتْهُ وزارة المالية بنهاية شهر أيلول/سبتمبر 2018، إن الدين العام المستحق على الدولة يقدّر بنهاية العام 2018 بنحو 576 مليار ريال (153,6 مليار دولار)، ليرتفع سنة 2019 بنسبة 17,7% ليصل إلى 678 مليار ريال (180,8 مليار دولار) مع انخفاض عجز الميزانية، من 195 مليار ريال سنة 2018 إلى 128 مليار ريالا (34,1 مليار دولارا) سنة 2019، كما تتوقع وزارة المالية السعودية ارتفاع حجم الدَّيْن العام خلال السنوات الثلاثة المقبلة، لِيَبْلُغَ 848 مليار ريال (226,13 مليار دولار) بحلول 2021… كما تعتزم السعودية إصْدارَ سندات دولية (في صورة أوْراق مالية) بقيمة تتجاوز 19 مليار دولارا، على مرحلتَيْن، بحسب وكالة “رويترز”، يُستَحَقُّ سدادُ القط الأول سنة 2029 والقسط الثاني سنة 2050، وسَبَقَ أن أعلن وزير مالية آل سعود، خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2018، خطة لإصْدار سندات بقيمة 120 مليار ريال (32 مليار دولار) سنة 2019، لتمويل عجز الميزانية، وإصدار سندات دولية بالدّولار، خلال النصف الأول من العام الحالي 2019، وفق شبكة “بلومبرغ” الإخبارية…
للتذكير: أصْدَرت السعودية أوَّلَ سندات دولية في تاريخها، سنة 2016، بعد انخفاض أسعار النفط، بالتزامن مع تورّطها في حُرُوب عدوانية امتدّت من مالي ونيجيريا في إفريقيا الغربية إلى أفغانستان، مرورًا بليبيا والصومال واليمن وسوريا والعراق، ولكن وسائل الإعلام السعودية قدّمت هذه القروض “كجزء من الإصلاح الاقتصادي الذي بَشَّرَ به محمد بن سلمان، والذي يهدف إلى تقليل اعتماد اقتصاد بلاده على النفط…” !!! عن مصرف “إتش إس بي سي” – وكالة “رويترز” + أ.ف.ب 09/01/19
الإمارات، اقتصاد مبني على الرّمال المُتَحَرِّكَة: اعتاد المدافعون عن العَوْلمة وعن الرأسمالية الليبرالية الإستشهاد بالإمارات كنموذج للتطور وللإستثمار المُفيد، والواقع إن العُمال (والعاملات) الأجانب يشكلون نحو 90% من سكّان البلاد، ويعتمد اقتصاد الإمارات على النفط، وعلى المضاربة العقارية، التي كادت تعصف بعدد من الشركات، لولا الدّعم الحكومي، كما إن الإمارات تحولت إلى مركز للأعمال وإعادة التّصدير، فازدهرت سياحة الأثرياء، وازدهرت معها شركتا الطيران (الإمارات والإتحاد)، ولكن شركة “الإتحاد” للطيران تعيش أزمة، بعد ارتفاع خسائرها إلى أكثر من مليار دولارا، بنهاية سنة 2018 (لم تنشر الشركة النتائج المَالِيّة لسنة 2018)، وقد تُؤَدِّي الأزمة إلى خفض طموحات أصْحابها، إذ أعلنت تقليص عدد الرحلات والنّشاط التّجاري، وإلغاء صفقة تجارية لشراء عشر طائرات من طراز (إيرباص A320neo)، وعن خطط لخفض نفقات التّشغيل بنسبة قد تصل إلى 10%، ولإلْغاء عشرات الوظائف، ومن بينها خمسين وظيفة طيار، بنهاية شهر كانون الثاني/يناير 2019، للحَدّ من الخسائر المتصاعدة، كما أعلنت بعض مصادر الشركة إنها قد تُسرّح نحو 160 طيارا زائدا عن احتياجاتها، قبل نهاية السنة الحالية (2019)، لأنها تتوقع استمرار الخسائر خلال سنة 2019، بعد فشل خطتها المتمثلة (منذ 2016) في استثمار مليارات الدولارات لشراء حصَصٍ في شركات طيران أخرى…
تأثّر اقتصاد الإمارات الرّيعي (الذي لا يعتمد على الإنتاج الزراعي أو الصناعي أو التكنولوجي) بالأزمة المالية منذ 2008/2009، حيث انفجرت الفُقّاعة العقارية في الإمارات، وتأثر خُصُوصًا بانخفاض أسعار النفط، في منتصف حُزيران 2014، كما تأثّر اقتصاد الإمارات المفتوح على رياح الليبرالية بحصار الإقتصادي الأمريكي ضد إيران، وبالحرب التجارية الأمريكية ضد الصين، وضد بقية العالم، وأدت هذه الحرب التجارية إلى تقلبات في أسعار النفط، التي يتوقع أن تتواصل سنة 2019، وكانت الإمارات قد أعلنت منذ 2015 تنويع مصادر الطاقة، والإتجاه نحو الطاقة البديلة للنفط الأحفوري، ومنها الطاقة النّوَوِيّة، وكان من المُقرّر افتتاح أو مفاعل طاقة نَوَوِية سنة 2017، ولكن المشروع خضع لمراجعات عديدة، وأعلن وزير الطاقة الإماراتي يوم الأربعاء 09 كانون الثاني/يناير 2019 “تأجيل موعد بداية تشغيل مشروع محطة الطاقة النووية”…
نُذَكِّرُ بخسارة الإمارات مواقع في القرن الإفريقي، حيث كانت الشركة الحكومية “موانئ دُبَي” تُدير أهم ميناء في جيبوتي، كما خسرت مواقع أخرى عديدة، والإمارات مُورّطة في العدوان على الشعب اليمني، وفي الحرب على ليبيا وسوريا، وتدعم أطرافًا ليبرالية في مصر وتونس، لتكون طَرَفًا في الصّراعات الداخلية (السياسية والمُسَلّحَة) في عدد من البلدان، لتحتل مساحة تفوق حجمها، وهي في ذلك مثل قطر، التي تدعم تَيّار الإخوان المسلمين والقوى المتحالفة معه… عن رويترز 10/01/19
إفريقيا في حقبة العولمة: نشر البنك العالمي تقريرًا عن وضع الإقتصاد العالمي يوم الثامن من كانون الثاني/يناير 2019، وتوقّع التّقرير ارتفاع التوترات وانخفاض حجم الإستثمارات في العالم، بسبب الحرب التجارية، وانخفاض نمو الإقتصاد العالمي من 3% سنة 2018 إلى 2,9% في المتوسط سنة 2019…
تتناول هذه الفقرة ما ورد في التقرير بشأن ارتفاع ديون بعض البلدان الإفريقية الفقيرة، وارتفاع عدد البلدان التي أصبحت ديونها فوق طاقة التسديد من ستة دول سنة 2015 إلى 11 دولة سنة 2018، نتيجة لانخفاض أسعار المواد الأولية بين سنتَيْ 2014 و 2016، أي كنتيجة منطقية للتقاسم العالمي (غير المُتكافئ) للعمل، بين البلدان المُنْتِجة للمواد الخام، والبلدان المُصنّعة، التي تَنْهَبُ شركاتها هذه المواد الخام، لتعيد تصديرها بأضْعاف أسعار التكلفة، وتستوردها الدول الفقيرة بالدولار أو باليورو أو غيرهما من العملات الأجنبية، ليتعمق عجزها التجاري وينخفض احتياطي العملة الأجنبية، وليرتفع عجز الميزانية.
وردت صيغة التقرير في شكل يُبَرّئ البنك العالمي من مسؤولية إغراق البلدان بالدّيون وشروطها المجحفة (ومعها الفوائد وخدمة الدّيُون)، وخصص التقرير فقرةً للبلدان الأكثر فقْرًا، وهي ثلاثة وثلاثون دولة، منها سبعة وعشرون في قارة إفريقيا، وأورد التّقرير مخاطر ارتفاع ديون هذه البلدان من معدل 30% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان سنة 2013 إلى 50%من الناتج المحلي لهذه الدول سنة 2017، كمعدّل (مُتَوَسّط)، ولكن ارتفعت نسبة الدين في “غَامْبِيا” من 60% إلى 88% من الناتج المحلي خلال نفس الفترة، فيما تخصص الدولة 42% من إيراداتها لتسديد خدمة الدَّيْن، وفي موزمبيق، أصبحت الدولة على حافة الإفلاس، بعد ارتفاع الدّين العمومي من 50% من الناتج المحلي سنة 2013 إلى 102% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2018…
أدى ارتفاع حجم الدّيون، وارتفاع نسبتها من الناتج المحلي الإجْمالي، إلى تعميق تبعية الدول المُسْتَدِينَة، وتحويل الثّروات من الدّول الفقيرة إلى الدّول الغنية، واضطرت دول إفريقية عديدة للإقتراض بالعملة الأجنبية، من أسواق المال، وبيع الأصول الحكومية وسندات الخزينة (الحبشة ورواندا والسنغال وتنزانيا…)، ولكنها سوف تضطر عند انتهاء أجل الدّيون إلى الإقتراض من جديد، ليس بهدف الإستثمار، وإنما لتسديد الدّيون وخدمة الدّيون، ولسدّ العجز في الميزانية، بفائدة أعْلى وبشروط أسْوَأَ من سابقاتها… أما ما جَدَّ خلال السنوات الخمس الماضية، فهو منافسة الصين لمجموعة “نادي باريس” (مجموعة الدول الغنية التي تُناقش وتَفْرِضُ شروط عمليات إعادة هيكلة الدّيُون)، لتصبح أهم دائِنٍ لقارّة إفريقيا، مُقابل نهب الثروات الطبيعية، واستئثار الشركات الصينية بأشغال البنية التحتية والمحروقات والطاقة وغيرها من الأشغال الكُبْرى، وتُشغل الشركات الصينية في إفريقيا ما يزيد عن مليون عامل صيني، منهم أكثر من 100 ألف في الجزائر لوحدها… عن تقرير البنك العالمي + أ.ف.ب08/01/19
الهند: دعا المؤتمر النقابي الهندي (تحالف عشرة اتحادات نقابية) إلى أكبر إضراب شامل في البلاد، يومي الثامن والتاسع من كانون الثاني يناير 2019، وشارك في الإضراب نحو 200 مليون عامل من مختلف القطاعات، مما أدّى إلى توقف العمل تمامًا في قطاعات التعليم والصحة (باستثناء الحالات المُسْتَعْجلة) والإتصالات والتّعدين، والصناعات التحويلية والطاقة والنقل والمواصلات والخدمات المصرفية، والخدمات في القطاع العام، والبناء، والعديد من القطاعات الأخرى ، بما في ذلك، ولأول مرة ، العمال الزراعيون والمزارعون، في وفقة تضامن مع المضربين في المُدُن، وذلك احتجاجًا على “السياسات الليبرالية التي تخدم بعض الشركات الكبرى، وتُلْغِي حقوق العاملين…” وطالبت النقابات باستقرار الأسعار وبإيقاف عمليات الخصخصة وبتحسين ظروف العمل وزيادة الرواتب وجرايات التقاعد، وتحسين نظام التأمين الإجتماعي، بدل تخْرِيبِهِ، وخلق وظائف، بدل تسريح عشرات الآلاف من العاملين، وفق بيان الإئتلاف النقابي الذي أشرف على الإضراب، ونَدّد النّقابيون باعتداء الشرطة على المضربين الذي تظاهروا في بعض المدن، وخصوصًا في “كلكوتا”، عاصمة ولاية “البنغال الغربية”… تستغل النقابات قُرْب موعد الإنتخابات التشريعية (أيار/مايو 2019) للضغط على الإئتلاف الحاكم، بقيادة الحزب الهندوسي اليميني المتطرف “بهارتيا جاناتا”، الذي يتزعمه رئيس الوزراء “نارندرا مودي”، للمطالبة بمفاوضات جدّية لتحسين قوانين العمل، وإصلاح التشريعات الخاصة بتأسيس وسير النقابات، التي تعود إلى فترة الإستعمار البريطاني (قانون سنة 1926 )، وإلغاء القوانين التي تتعارض مع اتفاقيات منظمة العمل، والكف عن تغيير التشريعات بطريقة مواتية لأرباب العمل، وسبق أن طالبت النقابات في إضرابات سابقة، بوقف التدهور الخطير لظروف العمل، ولاحتواء الزيادات في الأسعار، ووضع حد للمضاربة بالسلع الأساسية، ولخص ناطق باسم النقابات المطالب في: تعميم الحماية الاجتماعية الشاملة لجميع العمال، ورَفْع الحد الأدنى للرواتب لكي لا تَقِلَّ عن 15 ألف روبية (213 دولارًا) شهريًا ، مع إيجاد مؤشر متفق عليه، لقياس زيادات الأسعار ونسبة التضخم، وإقرار الحد الأدنى للمعاش التقاعدي بما لا يقل عن ثلاثة آلاف روبية (43 دولارًا) شهريًا لكافة العاملين، والكف عن الخصخصة، وعن بيع شركات القطاع العام، وتعميم العقود وخلق وظائف دائمة، وعدم اعتراض أرباب العمل أو الحكومة على تأسيس النقابات، مع التسجيل الإلزامي للنقابات في غضون 45 يومًا من إعلان تأسيسها، على أقصى تقدير…
أوردْنا عَمْدًا بعض تفاصيل مطالب النقابات، خلال إضراب ضخم، ولمدة يومَيْن كاملَيْن، لإظْهار الجوانب المَسْكوت عنها، عند الحديث عن الهند، إذ تَدّعِي وسائل الإعلام إن الهند عملاق اقتصادي، وأكبر ديمقراطية في العالم، والواقع إن المجتمع الهندي عنيف جدًّا، وخصوصًا ضد النّساء، وضد من يُسمّون ب”المنبوذين” (رغم إلغاء الصفة قانونًا) وعنف الهندوس (الحزب الحاكم) ضد المسلمين، واعتبار غير الهندوس أغراب، مما يُفسِّرُ العلاقات المتطورة جدّا بين الحزب الحاكم والحكومة الحالية مع الكيان الصهيوني، وإن كانت العلاقات قد بدأت بالتطور، خلال حكم “حزب المُؤتمر”… هذه بعض الحقائق عن المجتمع، والدولة الإتحادية في الهند… عن منشور بعنوان “الهند كُلُّها في إضراب” ( All India Strike )، الصادر عن “المؤتمر النقابي الهندي” 10/01/19
الأرجنتين: شارك الآلاف المواطنين في مسيرات حاشدة في العاصمة “بيونس آيرس”، انطلقت من 35 منطقة متفرقة في أنحاء العاصمة، تنديدًا بالبرامج الاقتصادية لحكومة الرئيس اليميني الليبرالي “ماوريسيو ماكرى”، الذي يعمل على الترشح والفوز بفترة رئاسية ثانية هذا العام (تشرين الأول/اكتوبر 2019)، لكن شعبيته انخفضت خلال عام واحد من 66% سنة 2017 إلى 27% بنهاية 2018، وأدّت السياسات التي طَبّقَها إلى تفَاقُمِ الأزمة الاقتصادية، فانخفض مستوى معيشة المواطنين وارتفعت معدلات الفقر، منذ انتخاب الرئيس “ماكري” (الذي دعا الفُقراء إلى مزيد من التّقَشّف والصّبر)، ومنذ إغلاق المئات من المصانع وتسريح الآلاف من العمال، وأعلنت الحكومة عن زيادات جديدة في أسعار النقل العام بحوالي 38% (الحافلات والقطارات وقطار الأنْفاق)، في ظل التقشف المفروض على العمال والأُجَراء والفُقراء، وركود الإقتصاد الذي تراجع سنة 2018 بنسبة 2,7%، مقارنة بسنة 2017، وارتفاع نسبة التضخم، إلى 48% بسبب ارتفاع الأسعار، وفقا لبيانات البنك العالمي، ويحاول الرئيس تحويل اهتمام المواطنين عن المشاكل الإقتصادية، ليُرَكِّزَ على قضايا أخرى مثل “الأمن ومكافحة الفساد”، ويحظى الرئيس بدعم الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي الذي تظاهر ضده المواطنون منذ أزمة دُيُون البلاد سنة 2001، واقترضت حكومة “ماوريسيو ماكري” 57 مليار دولارا من صندوق النقد الدولي (وهو أكبر قرض خارجي في تاريخ البلاد)، بعد الجفاف الإستثنائي الذي أثَّرَ بشدة على قطاع الحبوب (إحدى أهم صادرات البلاد)، وإثر انهيار الاستثمارات في السندات، وتعرّض قيمة العملة المحلية (البيزو) للإنخفاض بنسبة 51%، واشترط صندوق النّقد الدّولي تنفيذ برنامج تقشف وسد عجز الميزانية، وتحقيق التوازن سنة 2019، وتعتبر هذه الشروط أقل حَزْمًا من الشروط التي فرضها الصندوق على اليونان أو تونس أو مصر، لكن لا يتوقع الإقتصاديون المحليون تحقيق التوازن سنة 2019، بل يتوقعون تراجع الإستثمار، وتراجع الاستهلاك وتراجع قيمة العُمْلَة المَحَلِّية، مع تَواصُل الركود، مما يُضَيِّق هامش الرئيس والتيارات التي تَدْعَمُهُ، لكنه قد يستفيد من تَشَتُّت المعارضة… عن أ.ف.ب + رويترز + شبكة “إسبان تي في” 12/01/19
ألمانيا: تعددت إضرابات موظفي شركات الطيران في أوروبا طيلة سنَتَيْ 2017 و 2018، وتتواصل هذه الإضرابات سنة 2019، بسبب سوء ظروف العمل ورفض الشركات زيادة الرواتب، وأنْشأت شركات لوفتهانزا وآير فرنس وبريتش آيروايز، وغيرها، شركات طيران “شارترز”، وانْتَدَبَتْ للعمل بها موظفين برواتب منخفضة، مع إلغاء الحوافز، رغم ارتفاع عدد ساعات العمل، وانخفاض ساعات الراحة بين يَوْمَيْ عمل، وأيام العطلة السنوية…
أضرب الموظفون المكلفون بالأمن (من غير الشرطة) في مَطَارَيْ مدينة “برلين”، عاصمة ألمانيا، صباح يوم الإثنين 07/01/2019، لفترة ثلاث ساعات، احتجاجًا على عدم زيادة الرواتب، بحسب بيان نقابة “فيردي” (التي دَعَتْ إلى الإضراب) مما تسبب في تأخير مواعيد ما لا يقل عن ثمانين رحلة، وأعلنت شركة الطيران الألمانية “لوفتهانزا” أنها ألغت أربع رحلات على خط برلين فرانكفورت وأربع رحلات أخرى بين برلين وميونيخ، مما يُؤثِّرُ على رحلات 850 مسافر…
تَضُمُّ نقابة “فيردي” نحو 23 ألف موظف أمني في مجمل المطارات الألمانية، وأَوْرَدَتْ في بيانها أن المحادثات مع نقابة أصحاب العمل وصلت إلى طريق مسدود، وتُطالب النقابة برفع الرواتب من 17,12 يورو في الساعة إلى 20 يورو (23 دولارا) في الساعة، في مطارَيْ برلين: “تيجل” و”شونيفلد”…
أضْرَبَ الطيارون وطواقم الطائرات العاملون في ألمانيا، والتابعون لشركة “راين آير” (شركة يقع منقرها في إيرلندا، بهدف خَفْضِ الضرائب)، لمدة 24 ساعة، يوم الإربعاء، الثاني عشر من أيلول/سبتمبر 2018، ما تسبب بإلغاء حوالي 400 رحلة، أثّرَت على مصالح آلاف الركاب، من أجل رفع الرواتب وتحسين ظروف العمل، وهدّدت الشركة بإغلاق عدد من المكاتب وإلغاء الوظائف، ولم تُحْرِز المفاوضات بين نقابة العمال فيردي وإدارة الشركة، أي تقدم، وجابهت نفس الشركة، بعد مُدّة قصيرة، إضرابات مُماثلة، من أجل نفس المطالب، في بلجيكا وإيطاليا وهولندا والبرتغال وإسبانيا، إضافة إلى ألمانيا، وكانت الشركة لا تعترف بالنقابات، قبل أن تضطر إلى ذلك لأول مرة في كانون الأول/ديسمبر 2017، وتطالب النقابات الأوروبية للعاملين في شركات الطيران، برفع الرواتب وتثبيت الموظفين المؤقتين، وتشغيلهم بعقود عمل في البلد الذي يقيم فيه الطيارون، وتسبب هذا الإضراب الأوروبي، في خمس دول، بإلغاء 400 رحلة وأثر على 55 ألف مسافر، وسبق لطياري نفس الشركة في ألمانيا، تنفيذ إضراب لمدة 24 ساعة، يوم الجمعة 10 آب/أغسطس 2018، بالإضافة لإضرابات جُزْئِيّة في أيرلندا والسويد وبلجيكا، وتسبب الإضراب في إلغاء 250 رحلة من وإلى ألمانيا، و146 رحلة في ثلاث دول أخرى، وكنا أشرنا طيلة سنة 2018 إلى إضرابات شركة “لوفتهانزا” الألمانية، و”آير فرنس”… عن وكالة “د.ب.أ” (ألمانيا) + أ.ف.ب 07/01/19
عولمة – من تداعِيات الحرب التجارية: تكيّفت الصين بسرعة كبيرة، وغيرت خطط التنمية، خلال أزمة 2008 – 2009، وأصبحت تُعول على الإستهلاك الداخلي (الطّلَب المَحَلِّي) لتحقيق النمو الإقتصادي، بدل التعويل شبه الشامل على التّصْدِير، وتتوقع وزارة التجارة الصينية أن يظل الاستهلاك أكبر مساهم في النمو الاقتصادي الصيني خلال العام 2019، بنسبة تُعادل65% من نُمُوِّ الناتج المحلي الإجمالي، مع زيادة متوقعة بنسبة 9% في إجمالي مبيعات التجزئة لبضائع المستهلكين، لأن مخططات الحكومة الصينية مَبْنِيّة على استقرار نمو الاستهلاك الصيني، رغم العوامل السلبية، الناتجة عن الضغوط الخارجية (الحرب التجارية الأمريكية)، وأظهرت بيانات وزارة التجارة ارتفاع قيمة مبيعات السلع الاستهلاكية بالتجزئة إلى 34,5 تريليون يوان (5 تريليونات دولار) في الأشهر الـ11 الأولى من العام 2018، بزيادة 9,1% على أساس سنوي، مع مساهمة الاستهلاك في 78% من إجمالي النمو الاقتصادي، وأطْنَبَتْ وسائل الإعلام الصينية في إِبْراز ارتفاع مبيعات تجارة التّجْزِئة، خلال عطلة العام الجديد التي استمرت ثلاثة أيام، لتُظْهِرَ قُوّةَ وأهمِّيّة خطة التنمية بالإعتماد على الاستهلاك الداخلي، لسنة 2019، منذ بدايتها، واعلنت وزارة التجارة إن الشركات السّتِّين التي تُشكل إجمالي شركات خدمات الأعمال في “بكين”، حققت خلال عطلة نهاية سنة 2018 وبداية سنة 2019، إيرادات بقيمة تعادل نحو 3,01 مليار يوان (حوالي 438.6 مليون دولار) بزيادة 6,3% على أساس سنوي، مقارنة بنفس المناسبة خلال السنة 2018، وبلغت قيمة الاستهلاك في “شنغهاي” خلال الأيام الثلاثة 13,5 مليار يوان (نحو مليارَيْ دولار) بزيادة 10,6% عن العام السابق، وكانت الحكومة قد أعدّت خطة (بدأت في تطبيقها) من أجل “تحسين هيكل الاستهلاك وإعطائه دورا أكبر في تسريع التنمية الاقتصادية”، وتمثلت في زيادة إمدادات السلع والخدمات وخفض التعريفات وتوسيع نطاق الواردات وإقْرار حوافز سياسية للتجارة الإلكترونية عبر الحدود، وتخفيضات ضريبية فردية على بعض الفئات، بهدف تحفيز الإستهلاك…
تجابه الصين الأزمات بإجراءات “وقائية”، منها تشجيع الإستهلاك الدّاخلي، وأيضًا بزيادة الإستثمارات داخل الصين، وتمو تدشين 1760 قطارًا، خلال أقل من ستِّ سنوات، بين مدينة “تشنغتشو” الصينية، ومدن أجنبية، ونقلت هذه القطارات بضائع يبلغ وزنها 850 ألف طن، بقيمة 8,5 مليارات دولار أمريكي، وتخطط السلطات الصينية لإطلاق نحو 1300 قطار شحن بين المدن الصينية والدول الأوروبية خلال العام 2019، وذكرت شركة مركز تشنغتشو الدولية المحدودة للتنمية والإعمار، إنه تم تدشين 752 قطار شحن بين تشنغتشو عاصمة مقاطعة خنان ومدن أجنبية، خلال العام 2018، بزيادة 50% على أساس سنوي، وبلغ وزن البضائع التي تم نقلها بهذه القطارات حوالي 350 ألف طن، بقيمة إجمالية تَزِيد عن 3,2 مليار دولار أمريكي، وكثفت الصين (سنة 2018) من رحلات النقل التجاري، بواسطة القطارات، وبلغت قيمة استثمارات الأصول الثابتة في السكك الحديدية نحو 117 مليار دولار، مع إطلاق أكثر من 4600 كيلومتر من السكك الحديدية الجديدة خلال العام 2018، وارتفع عدد الرحلات وحجم السلع المنقولة، بين مدينة “تشنغتشو” ومدن ألمانية مثل “هامبورغ” و”ميونخ”، ومُدن بلجيكية، منها “لياج”، بالإضافة إلى مدن آسيا الوسطى، وبلدان الإتحاد السوفييتي السابق، وتُخَطِّطُ الدولة الصينية، عبر الشركة الصينية للسكك الحديدية، لِمَدِّ 3200 كيلومتر من خطوط سكك حديدية فائقة السرعة، خلال 2019، ليتجاوزَ طول هذه الخطوط 30 ألف كيلومتر، لتنقل قرابة 3,54 مليار مسافر و3,37 مليار طن من البضائع، سنة 2019، وفق التّوقّعات الرّسْمِيّة…
ارتفعت أصوات بعض مُمَثِّلِي الشركات الأمريكية (ومن بينها شركات التكنولوجيا وما يُسمّى “الإلكترونيات الإستهلاكية”)، ضد إعلان الحرب التجارية، وضد زيادة الرسوم الجمركية على دخول بعض السلع والمُنتجات الصينية إلى أراضي الولايات المتحدة، وتتوقع وكالة الأنباء الصينية “شينخوا” أن تتضرر صناعة التكنولوجيا الأمريكية من الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية، وأن تكلفها (وتكلف المُستهلك الأمريكي) نفقات إضافية بنحو مليار دولار شهريا، بحسب بيانات لوزارة التجارة الأمريكية، في الفترة ما بين تشرين الأول/أكتوبر 2017 وتشرين الأول/أكتوبر 2018، وأدّت الحرب التجارية إلى فرض قيود على تصدير 14 نوعا من المكونات التكنولوجية الأمريكية، ومن بينها أجهزة الذكاء الاصطناعي، وتقنيات الحواسيب، والتكنولوجيا الحيوية، وغيرها، بذريعة “حماية الأمن القَوْمِي” الأمريكي، بينما اعتبرت الشركات الأمريكية، المَعْنِيّة بهذه القرارات إنها تَحُدُّ من فرص التصدير، وتُعرْقِلُ تدفق المعلومات والتقنيات المتطورة، وهو ما تُعارضه منظمات المُسْتهلكين في مجال التقنيات الحديثة أيضًا… عن وكالة “رويترز” + وكالة “بلومبرغ” + وكالة “شينخوا” 06 و 07/01/19
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.