يوم الارض العربية على ارض كوبا الابية، نورالدين عوادمراسل كنعان ومنسق الحملة العالمية للعودة الى فلسطين، هافانا/كوبا

٣٠ اذار 2019

الارض شرط اساس لا غنى عنه لنشوء وتطور ووجود اي شعب او امة تاريخيا. لا ولم ولن يوجد شعب او امة  دون ارض او / ولا فوق التاريخ. البشر ارضيون وتاريخيون، وغير ذلك من ضرب الخيال واساطير الاولين. ومن يعتقد او يؤمن بغير هذا، فليذهب الى الطبقة العليا من الغلاف الجوي للكرة الارضية ويخلد فيها الى الابد. وليكن حينها شعب الله المختار او المحتار لا فرق في المآل.

جاءوا من كل اصقاع العالم ولم ياتوا من عالم الغيب والفضاء؛ غزوا الارض الكنعانية العربية في قلبها: فلسطين، واحتلوها بقوة السلاح العسكري وعاثوا ولا زالوا فيها فسادا وافساد، بالقتل والابادة والتهجير والتشتيت والنفي والاقتلاع للانسان والزيتون والحجر…الخ واعلنوها بكل فجور وسفور: صراعنا مع العرب صراع وجود وليس صراع حدود…وسنستمر في تدمير (العرب) الامة العربية كي لا تنهض من ماساتها التاريخية ابدا… وتندثر.

اي انهم حددوا طبيعة الصراع على انه تناقض تناحري غير قابل للتسوية ولا للمساومة! ولا يمكن حله الا بزوال احد قطبيه موضوعيا (شئنا ام ابينا). ومن هنا نشا بالضرورة رد فعل الامة على فعل الغزو والسلب والنهب، وهو رد فعل واع هادف الى فض هذا الصراع، من خلال المقاومة العنفية والعسكرية، من اجل استعادة الارض والحقوق القومية والتاريخية للامة جمعاء وللشعب الفلسطيني على وجه الخصوص.

جوهر القضية الفلسطينية الحديثة ومنذ نشوئها يتكون من شقين: جغرافي (الارض) وديموغرافيا (اللاجئين) بالاضافة الى الانعكاس السياسي لهما اي التحرير والعودة وتقرير المصير. دون تحرير الارض كلها لا يمكن اطلاقا تحقيق بقية الحقوق التاريخية والموضوعية للشعب والامة.

المشروع الصهيوني ومنذ عام 1897 يسعى الى الاستيلاء على كل شبر من فلسطين باي وسيلة كانت، واتفاق اوسلو جاء ليعطي شرعية ومشروعية لاستيلائه على ما تبقى لنا منها. موازين القوى الراهنة لا زالت تسمح للكيان بتحقيق مبتغاه، خاصة وان الانقسام الفلسطيني بين اوسلو والمقاومة (عموما) يسهل عملية الاستيطان الصهيوني، اذ ان فريق اوسلو اصبح في خندق معاداة القضية تماما وبجيش عرمرم بناه ودربه الجنرال الامريكي دايتون لخدمة الكيان الصهيوني والمستوطنين وتوفير الحماية لهم من اي فعل فلسطيني مقاوم.

لهذه الحيثيات، يكتسب يوم الارض الفلسطينية، كمحطة نضالية مميزة، بعدا استراتيجيا لا بد منه، واهمية استثنائية في عملية الصراع ضد الكيان الصهيوني وحلفائه الداخليين والخارجيين. وفي هذا العام، ليوم الارض معنى خاص على ضوء الذكرى السنوية الاولى لمسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة، كشكل شعبي متقدم للنضال في سبيل الارض والعودة، مما يبقى على جذوة المقاومة مشتعلة ضد الاحتلال والاستيطان؛ وعلى ضوء قرار السيد الامريكي ترمب بمنح الارض العربية السورية (الجولان) للكيان الصهيوني، بعد ان وهبه القدس عاصمة ابدية موحدة له!!

 في يوم 28 اذار وفي مقر “بيت الآلبا” في هافانا، اقام الاتحاد الوطني للطالب العربي السوري نشاطا سياسيا لاحياء ذكرى تاسيسه (69) ومن اجل التنديد بقرار ترمب. تحدث السفير العربي السوري، ادريس مايا، وحض الطلبة السوريين والطلبة العرب على مواصلة تحصيلهم العلمي وتاهيل انفسهم من اجل العودة الى الوطن ورفد صمود ومقاومة الامة الى جانب الجيش العربي السوري وقوى المقاومة من اجل تحقيق الانتصار على الحرب العدوانية الدائرة منذ 8 اعوام.

وطلب مراسل وكالة سانا والقناة الاخبارية السورية تصريحا مقتضبا من الفقير لله وللوطن والقضية بخصوص المناسبة والقرار الامريكي. ومما ورد في التصريح بعد تهنئة الطلبة، “قرار ترمب ليس له اي قيمة قانونية، ويعطي مقاومة الامة العربية شرعية اضافية لمواصلة النضال من اجل تحرير الجولان والاسكندرون والقدس وفلسطين وكل الاراضي العربية المحتلة في اي مكان”.

وفي سياق النضال الاممي من اجل استعادة حقوق الشعوب التي تعرضت للغزو والاستعمار، وتكريم المقاتلين القوميين ضد الاستعمار الاسباني في القارة اللاتينية، نظمت بعثة بويرتوريكو بالتنسيق مع مجلس الدولة الكوبية  يوم 29 اذار، في مقبرة العاصمة، زيارة تكريمية الى اضرحة ثلاثة مقاتلين ومثقفين من بويرتو ريكو، شاركوا بفعالية مميزة الى جانب (400 مقاتل بويرتوريكي) في حرب التحرير الكوبية (1868 ـ 1898) وبعدها ايضا. احدهم كان يحمل رتبة “ميجر جنرال”، وواحدة كانت شاعرة الوطن والامة الناشئة (الامريكية اللاتينية) والتي قالت (كوبا وبويرتوريكو جناحا عصفور واحد) والثالثة كانت سكرتيرة ومحط سرّ واسداء النصيحة لاثنين من  القادة العسكريين العظام: الكوبي انطونيو ماسيو والدومينكاني ماكسيمو غوميس! والثالثة زوجة رمز الاستقلال البويرتوريكي ومناضلة قومية. طبعا كرمنا ايضا المقاتلين الكوبيين الذين استشهدوا في المهمات االاممية في افريقيا وغيرها وشهداء غرانما والمونكادا.

شاركنا في هذه الفعالية الى جانب رفاقنا في النضال، ورافقنا مؤرخ مجلس الدولة الذي برع في شروحاته عن المقاتلين المعنيين.

هناك تماثل كبير بين القضية الفلسطينية وقضية بويرتوريكو  وما يعانيه شعبيهما من الاحتلال الصهيوني والامريكي. وفي كلمة مقتضبة قال مراسل كنعان منسق الحملة العالمية للعودة الى فلسطين: نحن امام قضيتين تاريخيتين تواجهان عدوا مشتركا ولهذا لا بد من المؤاخاة بينهما في النضال وفي كافة المحافل الدولية. ارضنا محتلة وخاضعة لعملية تغريب ظالمة، وليس امامنا الا النضال والصمود من اجل استعادة ارضنا وهويتنا واستقلالنا وسيادتنا ومصيرنا…

كما في حالة كوبا، اذ شارك مقاتلون من مختلف بلدان امريكا اللاتينية في حروبها الاستقلالية (طابع قومية المعركة في امريكا اللاتينية)،ومنذ انتصار الثورة الكوبية لم تتوان عن دعم كافة شعوب بلدان القارة التي كانت تناضل ضد العدو الامبريالي ومطاياه المحليين، بكل ما اوتينت من قوة؛ فانه ايضا في الحالة الفلسطينية، قاتل ويقاتل مواطنون من مختلف البلدان العربية في صفوف المقاومة الفلسطينية (قومية المعركة في الوطن العربي) ومواطنون امميون. والنصر للصامدين والمقاتلين.

اما اليوم، 30 اذار الذكر 43 ليوم الارض الفلسطينية والذكرى الاولى لمسيرات العودة الكبرى، وفي اطار حملة “ازرع فلسطين” في كل العالم، التي دعت اليها الحملة العالمية للعودة الى فلسطين، قمنا بغرس 5 اشجار مثمرة في العاصمة الكوبية هافانا، الاولى في مقر بعثة بويرتوريكو (بمرتبة سفارة) واثنتين في مزرعة للخضار والفواكه، تنتج غذاء للحي السكني المحيط بها وعدد سكانه 1409 نسمة، وشجرة اخرى في مدرسة في ضواحي العاصمة، وشجرة خامسة في حي وسط المدينة.

كل شجرة تحمل اسم شهيد فلسطيني سقط في العام الاول من مسيرات العودة الكبرى على حدود غزة مع حدود الوطن المحتل 1948. وقد ساهم مواطنون كوبيون وفلسطينيان في انجاز هذه الفعالية الرمزية، تكريما للذين جادوا بدمائهم ذودا عن البشرية جمعاء. فالصهيونية عدو لدود للجميع وجريمتها في فلسطين جريمة بحق البشرية والانسانية.

 

ملاحظة: النشاط الرسمي بمناسبة يوم الارض الفلسطينية في كوبا ، سيقام يوم السبت القادم الموافق 6 ابريل 2019، بطلب من السفارة وممثلي الفصائل المعتمدة هنا!!