“خليفة حفتر”، عسكري ليبي سابق، باع وخان الجيش الليبي، وهو عميل للإستخبارات الأمريكية (ضدّ مصالح بلاده)، وكان يسكن أمريكا لنحو ثلاثين عامًا، ويحمل جنسيتها، حتى إسقاط واغتيال معمر القذافي، وأصبح، بين عشية وضحاها “مُشيرًا”، وله جيش من المُرْتَزَقَة وسلاح ثقيل وطائرات حربية، وهيمن بالقوة، على منطقة الشرق الليبي و”بنغازي”، وعلى حقول النفط في الجنوب، وعلى موانئ التصدير، ويعمل على الهيمنة على طرابلس، بدعم من السعودية والإمارات ومصر وفرنسا وروسيا وأمريكا، بينما تدعم حكومات إيطاليا وتركيا وقطر والإخوان المسلمون حكومة طرابلس، المُسمّاة “حكومة الوفاق”، ورغم القُوّة العسكرية والدّعم الخارجي، لم يتمكن جيش المرتزقة، المسمى “الجيش الليبي” من استقطاب ميليشيات غرب البلاد، وتسبّبَت المعارك، والغارات الجَوّية بشكل خاص، في ارتفاع عدد القتلى، وبدفع ألآلاف من المواطنين والأُسَر إلى النزوح، من مناطق ضواحي طرابلس، ومن مدينة “زوارة” (غربي طرابلس)، القريبة من الحدود التونسية، وأعلنت الأمم المتحدة إن أكثر من ثمانية آلاف مواطن نَزحوا خلال خمسة أيام، من الثامن على الثاني عشر من نيسان/ابريل 2019، بالإضافة إلى آلاف الأُسَر التي بقيت عالقة.
كتبت صحيفة “ريبوبليكا” (إيطاليا)، إن فرنسا تدعم “حفتر”، ودفعته إلى تنفيذ الزحف على طرابلس، طمعًا في زيادة نصيب فرنسا من ثَرَوات ليبيا، ومزاحمة الشركات الإيطالية (“إيني” للطاقة)، ولذلك عرقلت فرنسا صدور بيانات من مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي تدين الأعمال العسكرية لحَلِيفها (المُؤَقّت؟) خليفة حفتر، مع الإشارة إن إيطاليا تدعم الحكومة المُسماة حكومة “الوفاق الوطني” في طرابلس، وكانت حكومة فرنسا تتوقع أن تُسيْطِر قوات مُرتزقة “حفتر” على طرابلس خلال 48 ساعة، ومن دون قتال، وبأقل الخَسائر، وكتبت وكالة “آكي” الإيطالية إن السعودية والإمارات زادت من دعمها المالي لحفتر، منذ نهاية شهر آذار/مارس 2019، وأكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” (12/04/2019) إن السعودية والإمارات تُرسل يوميّا، منذ 27/03/2019 طائرات “بوينغ”، محملة بالسلاح والعَتاد العسكري، والمُستشارين العسكريين، إلى مطار مدينة بنغازي، لدَعم جيش مُرْتَزَقَة “حفتر”، وسمحت روسيا لشركات أمن روسية (من بينها شركة “فاغنر” الأمنية) بإرسال مُرْتزقة ومعدّات عسكرية ومُستشارين عسكريين إلى بنغازي، ومُدُن شرق ليبيا… أما فرنسا التي ساعدت “حفتر” على السيطرة على “غريان”، فإنها تمتلك هناك قاعدة عسكرية، تخدم مصالح فرنسا، وتدعم “حفتر”، مقابل توفير غطاء دبلوماسي يمنع إدانة جيش مرتزقة حفتر في الأمم المتحدة، أو في الإتحاد الأوروبي، وادَّعَت حكومة فرنسا في اجتماع الإتحاد الأوروبي (11/04/2019) إن قوات حفتر أساسية لمحاربة الإرهاب في المنطقة !!!
ورد في صحيفة “غارديان” البريطانية (10 و 11/04/2019) إن القوى الدّاعمة ل”خليفة حفتر” خَطّطت للهيمنة على أهم المناطق الإستراتيجية الليبية، منذ شهر شباط/فبراير 2014، بالهيمنة على مدينة “غِرْيَان” ومُحِيطِها، شمال غربي البلاد، التي أصبَحَتْ قاعدة خَلْفِيّة للهجوم على منطقة طرابلس، ثم عملت الإمارات (ومن ورائها فرنسا) على إفْشال كافة المباحثات، ومحاولات الإتفاق على حل سلمي وسياسي، قد يُؤَدِّي إلى نوع من الإستقرار، عبر تقاسم السلطة، وبادرت الإمارات إلى التنسيق مع حكومات مصر وفرنسا والسعودية، لتحضير الهجوم على طرابلس، وأصدرت السلطات الدينية السعودية فتاوى تَدْعَم هذا الهجوم، أما حكومة مصر فقَدّمت صواريخ أرض- جَو لقوات المرتزقة (حفتر) وفق مجموعة “إنترنشينال كريزيس” (الأزمات الدّوْلِية)…
تبلغ مساحة ليبيا حوالي 1,8 مليون كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانها 6,5 ملايين نسمة، وتَحُدّها دول عديدة (مصر والسودان وتشاد والنيجر والجزائر وتونس) وكانت تنتج، قبل العدوان الأطلسي، بداية من آذار/مارس 2011، حوالي 1,8 مليون برميل من النفط الخام، يوميًّا، وتنتج وتُصدّرُ الفواكه والخضار إلى الجيران، بفضل “النهر الصناعي”، الذي حَوّل الأراضي الليبية إلى أراضي زراعية خصبة، وكان يعمل بالبلاد نحو ثلاثة ملايين عامل مهاجر، من الدول الإفريقية والعربية المُجاورة، وبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي نحو 78 مليار دولارا سنة العدوان (2011)، وبلغ نصيب الفرد، خلال نفس السنة 12,1 ألف دولارا، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 38 مليار دولارا، ونصيب الفرد إلى ستة آلاف دولارا سنة 2013… وكان من نتائج الحرب أن سمحت قوات حلف شمال الأطلسي والإتحاد الأوروبي، بِنَهْب الثّكنات ومخازن السلاح، وأرسلت سُفنًا عديدة محملة بالسلاح إلى المجموعات الإرهابية بسوريا والعراق، كما استفادت المجموعات الإرهابية في إفريقيا بكميات كبيرة من السلاح الخفيف والمتوسط، من ثكنات الجيش الليبي…
وضَعَت الإطاحة بنظام ليبيا (معمر القذافي) حَدًّا لمشروع استقلال إفريقيا عن صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، وكان القذافي من مُؤسِّسي الإتحاد الإفريقي، ومن مُعِدِّي برنامج الإستقلال الإقتصادي، وبرنامج التعاون بين مختلف دول إفريقيا، لذلك شكّلت الإطاحة به انتصارًا للقوى الإمبريالية التي تعمل على إبقاء القارة الإفريقية بثرواتها المادية (المعادن والإنتاج الزراعي والطاقة) والبشرية، تحت الهيمنة، ويتواصل مشروع تخريب ليبيا، عبر أدوات مَحَلِّية، بدَعْمٍ من الأنظمة العربية، وهي بدورها عميلة للإمبريالية الأمريكية والأوروبية…
أما الشعب الليبي فقد خسر الرّفاه النّسْبِي الذي كان يتمتع به، رغم القَمع السياسي، وأصبح محْكُومًا من مليشيات عميلة ومتخلّفة سياسيا، ولذلك كانت الخسارة مُضاعَفَة، إلى أن يتغير اتجاه الرياح، في ليبيا، وفي المنطقة، من مصر والسودان إلى المغرب، وإلى المنطقة المُحِيطة بالصحراء الكُبرى…
مصادر البيانات الواردة: صحف إيطالية وفرنسية وبريطانية، بالإضافة إلى وكالات “آكي” (إيطاليا) + أ.ف.ب (فرنسا) + سبوتنيك (روسيا) من 10 إلى 13/04/2019
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.