“كنعان” تتابع نشر كتاب “التعاونيات/الحماية الشعبية: إصلاح أم تقويض للرأسمالية”، تأليف د. عادل سمارة (الحلقة التاسعة): تجارب تعاونية اشتراكية ورأسمالية

الفصل الرابع

تجارب تعاونيةإشتراكية ورأسمالية

(٢)

 ارجنتين

“…إضافة إلى تناوله للتعاونيات في الولايات المتحدة، يناقش بيتر رانيس  ظهور التعاونيات العمالية في كوبا مؤخراويعطي أكبر قدر من الاهتمام لتجربةrecuperados ، أوالشركات المستردة”  في الأرجنتين. وهي الشركات التي تخلى عنها أصحابها خلال أواخر التسعينيات من القرن العشرين إثر الأزمة الاقتصادية الحادة التي عصفت بتلك البلاد حيث تم أصلاح هذه الشركات، فأصبحت هذه المصانع مواقع حيوية

للتضامن بين العمال ومجتمعاتهم ، مع دعم السكان المحليين. وهكذا تحولت المصانع المصادرة ، والشركات المحررة بدورها إلى مساحة للمشاريع المجتمعية.

فمستودع الطباعة في بوينس آيرس ، على سبيل المثال ، يستضيف الأحداث الثقافية المحلية ، في حين أن اثنين من المباني الشاهقةمائة غرفة فندق باوينيوفر أماكن إقامة لعقد مؤتمرات العمال ، و

FaSinPat (اختصار لـ “مصنع بدون أرباب” بالإسبانية) . يتبرع مصنع للبلاط في جنوب

الأرجنتين بانتظام ببلاط لمشروعات البناء المجتمعي ويحيي حفلات موسيقية على

حسابه. إن مثل هذا التعاون أمر أساسي لأطروحة رانيس ​​التي تستطيع التعاونيات العمالية أن تقودها.

وكما أشرنا، فإنه إثر الأزمة الاقتصادية في الأرجنتين في أواخر القرن العشرين ، قام رينز بلفت الاهتمام إلى تجربة إشفاء المشاريع هناك”.

نستخدم هنا مصطلح الإشفاء بمعنى قريب مما طرحه لينين عن قيام الدولة /السلطة في النظام الراسمالي باستلام الشركات التي وصلت حافة الخسارة والإفلاس لتعيد تنشيطها ومن ثم إعادتها إلى القطاع الخاص. وهذا يؤكد دور دولة السلطة الطبقية الرأسمالية في خدمة الطبقة البرجوازية المالكة. أي تخدم طبقة وتحكم شعباً[1]. لكن الإشفاء ، وربما هنا بالمعنى المعاكس، اي اخذ المشاريع المفلسة في القطاع الخاص ونقلها إلى القطاع التعاوني، اي تحريرها من القطاع الخاص بما هو سبب مرضها. والفارق بين هذا الإشفاء وذاك هو الفارق بين الموقف والمصلحة الطبقية لهذه الطبقة أو تلك، أو الفارق بين ثقافتين وفكرين نقيضين لبعضهما البعض.

حديث رينز هو عن المشاريع التي هجرها اصحابها خلال ازمة التسعينات المالية حيث تم تشغيلها واستغلالها  واصبحت هذه المشاريع مواقع حيوية  للتضامن بين العمال وتجمعاتهم، كما نالت دعم السكان المجاورين لعملية الإشغال أو المصادرة، وبدورها، فهذه المشاريع المحررة/المُشفاة قدمت في النهاية خدمات للتجمع السكاني .

موزمبيق

“حسب عام 2012، … يعمل حوالي 75.2 بامئة من سكان موزمبيق في الزراعة والثروة الحيوانية والصيد وصيد الأسماك وغيرها من الأنشطة في المناطق الريفية التي يعيش فيها  71.4٪ معظمهم من النساء. وقد وافقت الحكومة على “خطة العمل من أجل الحد من الفقر” (PARP) للفترة 2011-2014 التي تدعم إنشاء التعاونيات والجمعيات في المناطق الريفية كطريقة لتوفير النمو الاقتصادي لمختلف الشرائح الاجتماعية ، من خلال زيادة الإنتاج والإنتاجية الزراعية ومصايد الأسماك للحد من الفقر بحيث يقل من  من 54.7٪ إلى 42٪ بحلول عام 2014.

التاليوصفللحياةفيتعاونياتنسائيةفيموزمبيق. في ذكريات من موزمبيق: تقول باحثة:

“… ما أن اخذنا نعمل معا، زرنا تعاونية نسائية صغيرة والتي هي واحدة من كثيرات أقيمت في منطقة زوناس فيردس، وهي المناطق الخضراء على حواف مابوتو من اجل تشجيع الزراعة المدينية والحصول على دخل نقدي لأعضائها. وقد أطلعنا على المكان رئيس التعاونية. شاهدنا حقولا غير خصبة تعتمد على ماء المطر، الذي لم يأت. وشاهدنا حظائر صغيرة لأرانب ضعيفة، يبدو على بعضها سوء التغذية تبحث عن الحبوب، وبعض فراخ البط تبحث بين الحصى عن غذاء.

وبعد الجولة تجمع أعضاء التعاونية العشرون حولنا بشكل من الاحتفاء. جلسوا على الأرض في شبه دائرة، بعضهم ممدد الساقين  والبعض على الظهر وجلسنا انا ولينا كل على قطعة خشب أحضرت لنا. بعض النسوة يحتضنَّ طفلا ويجلسن على حصير،وبعض الأولاد الصغار يلعبون على اطراف جلستنا”.

من حديثهن تلمس الكبرياء والفخر بتعاونياتهن. فقبل عامين فقط، كانت كلاً منهن تعطي التعاونية ثلاثة ايام من اسبوعها وتعمل اربعة ايام في خاصتها. كان واضح انهن لسن محبطات من الموسم السيىء الذي بالكاد يكفي فما بالك بأن يبعن. كنت اقول في داخلي : ما الذي يحفز هاتيك النسوة بقبول هذه الحياة  دون فائدة تذكر؟ تحولت لينا إلي لتترجم اسئلتي:

 قلت انني متفاجئة  بهذا الأمر.

قالت، على فرض جاء رجل غدا وقال  لك أشتري هذه التعاونية منك وادفع لك راتبا اسبوعيا بحيث تبقي تعملين هنا. هل تبيعين؟ كان الرد كثيرا منهن لا لا او  بهز الرأس بالرفض. هذه تعاونيتنا ، هذا كان الرد. نحن نحصل على دخل يوميا ولو بسيطا، ستنمو محاصيلنا وتدر دخلا لنا. لكن هذه الجبهة المتحدة تم كسرها من  عضوة تعاونية شابة قالت:  انا بالتأكيد سأبيع. فسألتها لينا: لماذا؟

وقفت المرأة ونظرت إلى لينا، وقالت بصوت قوي: أنت حامل، حيث كان حمل لينا في اشهره الأولى، هل تعتقدين ان الطفل الذي تحملين سيعيش هنا بشكل صحي ويعتني بك في شيخوختك كما نتوقع نحن من بطاتنا الصغار. انت لا تعرفين؟ اما انا فيجب ان اعيل اولادي يجب ان اغذيهم الان.

كان الرد فوريا من الشخص الرسمي: ما اسمك؟

 تراجعت ثقة المرأة، وساد صمت، وشعرت النسوة بالارتباك. نهضت لينا وفردت يديها وأخذت ترقص وسحبت النسوة بعضهن واحدة إثر الأخرى، للرقص وأخذن يغنين  ل فريلمو (مختصر اسم جبهة تحرير  موزمبيق اليسارية من الاستعمار البرتغالي)، وحين انتهين، ضحكن، فانتهى التوتر، وألقى المسؤول بقلمه جانبا”.

يُلامس هذا النص مسألة ميدانية واقعية في مستوى القناعة المتولدة لدى النساء بأهمية التعاونية كحالة تحرر من العمل المأجور، حتى لو وفر العمل المأجور دخلا اعلى. وأعتقد هنا أن لاضطهاد واستغلال المرأة دور هام هنا ليس فقط لأن ما تتقاضاه من أجرة أقل مما يتقاضاه الرجل، بل لأنها كثيرا ما تتعرض للتحرش الجنسي أيضا. ولذا، يفضلن التعاونية رغم قساوة الظرف على العمل المأجور، وفي هذا نلمس أهمية الحرية كبعد إنساني.

ثم تضيف الباحثة:

“… قررت ان أطَّلِع  بنفسي، فسافرت بالطائرة إلى نياسا مع تيريزا، وقابلت امرأة تلعب دورا بارزا  في الإنتاج الزراعي في مزارع حكومية في قرى كوميونية/ جُماعيات.

قالت تيريزا لا داع ان يتوسط احد  بل نريد الحديث مباشرة وبمعزل عن من يشرحون. زرنا قرية بها 276 اسرة بها حدائق خضار جيدة، بناء مدرسة جديدة، عيادة صحية،وموظف عمل صحي، وتعاونية زراعية ب 250 عضواً. وزرنا يونانجا وهي قرية اكبر أي بحجم بلدة كانت معسكرا لفريلمو  لإعادة تأهيل الذين تعاونوا مع البرتغاليين. كانت ماتاما مزرعة حكومية تضم قوتها العاملة المكونة من 2000 شخص منهم 600 شخصinproductivos(لا ينتجون)”.

موزمبيق هي من دول إفريقيا الجنوبية المحيطة بجمهورية جنوب إفريقيا. كانت مستعمرة للبرتغال ونحررت عام 1975 بحرب الغوار/العصابات بقيادة جبهة فريلمو، اي ان الاستعمار هو الذي أورثها الفقر والتخلف. أي ان الفقر فيها اساسه التدمير والنهب الإمبريالي. وتجدر الإشارة إلى أن امريكا دعمت الحركة اليمينية في مواجهة جبهة فريلمو اليسارية، وبالمقابل، شاركت كوبا في دعم الحركة اليسارية. وبالطيع كثيرا ما تعرضت موزمبيق للعدوان من جنوب إفريقيا قبيل سقوط نظام الفصل العنصري هناك. ولا تزال فريلمو تعمل على بناء نظام اشتراكي في البلاد.

نيوزيلندا

كما أشرنا في موضع سابق، لا بد من ملاحظة بأن نيوزيلندا هي مستوطنة راسمالية بيضاء على حساب الشعب الأصلاني هناك، فهي من مجموعة توليدات استيطانية من أوروبا الغربية خاصة غزت بلدانا أخرى ودمرت حضارتها وابادت شعوبها الأصلانية بشكل شبه مطلق. وحيث ورثت اراضيها وعمرانها وكل حضارتها بالاغتصاب، كان لا بد ان تحقق نموا سريعا جدا. ولأنها رأسمالية وغربية واستعمارية فإن سياساتها متطابقة مع سياسات الغرب الأوروبي واسوا. هي الولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزيلندا وجنوب افريقيا سابقا، والكيان الصهيوني.

لذا، فإن اية كتابةلا تذكر هذه الحقائق الدموية، وتتحدث بالتالي عن هذه البلدان كما لو كانت بلدانا عادية، هي كتابة مدمرة للوعي الإنساني وخاصة مستواه الثوري والإشتراكي الشيوعي.

“… يعود تاريخ تعاونياتها  إلى أواخر القرن التاسع عشر.  كانتالتعاونية الأولى هي شركة  Otago  التعاونية الصغيرة المحدودة  للجبنة ، التي بدأت في عام 1871 فيHighcliff في شبه جزيرةOtago. مع الدعم النشط من الحكومة النيوزيلندية ، إضافة لتعاونيات صغيرة في المناطق المعزولة. كما  بدأت التعاونيات في الهيمنة بسرعة على الصناعة، وبحلول عام 1905 ، كانت تعاونيات الألبان هي الهيكل التنظيمي الرئيسي في الصناعة. في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين ، كان هناك حوالي 500 شركة ألبان تعاونية مقارنة بأقل من 70 شركة كانت مملوكة للقطاع الخاص.

ومع ذلك ، بعد الحرب العالمية الثانية  وظهور وسائل النقل المحسنة وتكنولوجيات المعالجة وأنظمة الطاقة ، حدث اتجاه لدمج تعاونيات الألبان. وبحلول أواخر التسعينات ، كانت هناك تعاونيتان رئيسيتان: مجموعة النيوزيلان النيوزيلندية ومقرها في ولاية تاراناكي ومقرها في منطقة تارانيكي. في عام 2001 اندمجت هاتان التعاونيتان ، جنبا إلى جنب مع مجلس الألبان النيوزيلندي ، لتشكيل فونتيرا. تم دعم هذا الاندماج الضخم  قبل حكومة نيوزيلندا كجزء من إزالة القيود على صناعة الألبان، والتي سمحت لشركات أخرى بتصدير منتجات الألبان مباشرة. لم تنضم تعاونيتان صغيرتان إلى فونتيرا ، مفضلين البقاء مستقلتين – شركة تاتوا للألبان وموريلاند ومنتجها ويستلاند ميلك على الساحل الغربي للجزيرة الجنوبية”.

نلاحظ، أن للحكومة دورا بارزا في دعم وبقاء التعاونيات، وهي بالطبع سياسة لحماية الاقتصاد المحلي سواء من حيث سوقه الداخلي او التصدير. وهذا يبين أن التعاونيات وإن كانت تخدم المزارعين، فهي جزء من بنية السياسة الاقتصادية للنظام الرأسمالي القائم مما يؤكد ان التعاونيات يمكن أن تكون جزءاً من النظام الاقتصادي الرأسمالي أي جزءا منسجما مع السوق وبدرجة من التكامل طالما الحركة التعاونية إصلاحية التوجه.

كندا

“… في كندا ، كانت أهم التعاونيات هي أحواض القمح. فقد اشترت هذه التعاونيات المملوكة من قبل المزارعين الحبوب في جميع أنحاء كندا الغربية ونقلتها، حيث حلت محل مشتري الحبوب السابقين من القطاع الخاص وغالبا ما كان هذا القطاع  مملوكا للأجانب حيث هيمنوا  على السوق في فترة ما بعد الحرب. ولكن بحلول التسعينات من القرن العشرين كان معظمها قد تمت ( خصخصته) كما حدث العديد من عمليات الدمج. والآن فإن جميع مجمعات القمح السابقة هي جزء من شركةViterra.

وكما هي نيوزيلندا، فإن كندا أيضا هي مستوطنة رأسمالية بيضاء مارس فيها المستوطنون الفرنسيون والإنجليز إبادة السكان الأصليين وورثوا أرضا بالمجان مما جعل نموهما الاقتصادي سريعا وبوتائر عالية. ولا ك أن الميل التعاوني في حالات الاستيطان الراسمالي الأبيض هو عالٍ نظراً لأن الأرض المجانية تشكل حالة إجماع على التعاون حيث لا يملكها احد شخصيا من السابق. فالأرض بطبيعتها العامة تصبح قاعدة لتسهيل التعاون وإن كان بين المستوطنين كلصوص ومغتصبين..

 الهند

طبقاً لما يتردد في الإعلام والأكاديميا بأن الهند اكبر دولة ديمقراطية في العالم، من المفترض أن يضمن الدستور الهندي الأمن والحقوق الكافية لجميع مواطني البلاد. غير أن إنشاء قانون مدني هندوسي موحد هو هدف النخبة السوبر البراهمية التي تسيطر حاليا على الهند. إن تأثير هذه النخبة وهي بنسبة 5٪ منتشر في مجالات الدفاع والإعلام والقضاء والقطاعات الحكومية الرئيسية ، إلخ. وهذا يدل على أن “الديمقراطية” لا تشكل حلاً للمسألة الأعمق وهي المسألة الاقتصادية.

إتجه النظام الاقتصادي الهندي تدريجياً أكثر نحو الرأسمالية منذ عام 1991 ، ووصل إلى حالة الرأسمالية الجديدة المتطرفة النيولبرالية. لذا، يتزايد إهلاك الفئات المهمشة ، مما يساهم في نمو وقوة حزب نكسلباري الماركسي –اللينيني  الماوي في الولايات الشمالية الشرقية والولايات الوسطى حيث حرر منطقة مهمة داخل الهند. كما تشكل مجموعات الثوار هذه تحديًا لأمن الهند الداخلي في مناطق الغابات القبلية.

وبالمقابل، طبقا لمعلومات جوجل/ويكيبيديا هناك صورة وردية عن وضع الفلاحين في الهند واعتناء الدولة بهم ودعم الدولة لحركة تعاونية تبدو وكأنها خلقت جنة للفلاحين.

“…  فإن الهند مجتمع زراعي ونصف سكانها يقيمون في القرى. وقد تنامى دور  المنظمات التعاونية في المناطق الريفيةبعد الاستقلال ليشمل التنمية الاجتماعية – الاقتصادية والقضاء على الفقر في المناطق الريفية من الهند. وأصبحت التعاونيات  جزءا لا يتجزأ من الخطة الخمسية وجزءا أساسيا من اقتصاد الهند.

 وتنفق الحكومة كل عام نفقات كبيرة على التنمية الريفية. ولكن التعاونيات العاملة في المناطق الريفية تلعب دورا جديرا بالذكر في هذا المجال. وتغطي التعاونيات أكثر من 97٪ من القرى الهندية وتشارك ائتمانا كبيرا في نمو القطاع الريفي، مما يسهم في الاقتصاد العام للهند. القطاع الريفي هو المساهم الرئيسي في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وبالتالي نقص التنمية في القرى يعني نقص التنمية في الهند… نشطت التعاونيات في منتجات الألبان  بدرجات متفاوتة من النجاح على مدار أكثر من خمسة عقود في جميع أنحاء البلاد ، مما جعلها أكبر صناعة تعتمد على الذات في الهند وأكبر مزوِّد للعمالة في المناطق الريفية ، مع ما يصاحب ذلك من صناعة الهند أكبر منتج للحليب في العالم كذلك”.

لكن عبارة أكبر أو اصغر منتج لمنتج معين في العالم لا تعطي حقيقة الأشياء. فالهند كبلد يزيد عدد سكانها على ألف مليون نسمة، يمكن ان تكون اكبر منتج للحليب إذا ما توجه اي عدد من سكانها إلى ذلك المنتج، بمعنى ان العبرة ليست في الكمية التراكمية لمنتَج معين، بل إنتاجية الوحدة الواحدة مقارنة بوحدة مناظرة في بلد آخر، اي مثلاً، إنتاج بقرة من الحليب في عمرها الإنتاجي بين بلد وآخر.

“… يكثر عدد صغار المنتجين الصغار الهامشيين بمعنى ملكية مزارعين هامشيين صغار مع زوجين من رؤوس الماشية يصطفون مرتين يومياً لتصب الحليب من حاوياتهم الصغيرة في نقاط تجميع فروع الاتحاد في القرى ،ومن ثم يقوم اتحاد الدولة التعاوني بالتسويق في معاملات اتحادات المقاطعات على المستوى الوطني كعلامة تجارية واحدة وهي اليوم أكبر علامة تجارية للغذاء في الهند ، حيث يأتي ثلاثة أرباع السعر الذي يدفعه المستهلكون من المدن الكبرى وما إلى ذلك. ملايين من صغار مزارعي الألبان الصغار… يتم إنتاج السكر من قصب السكر في الغالب في مصانع تقطيع قصب السكر التعاونية التي يمتلكها المزارعون المحليون. المساهمون هم جميع المزارعين الصغار والكبار ، الذين يوردون قصب السكر إلى المطحنة. على مدى السنوات الستين الماضية ، لعبت مصانع السكر المحلية دورا حاسما في تشجيع المشاركة السياسية الريفية وكخطوة للسياسيين الطموحين. وهذا صحيح بشكل خاص في ولاية ماهاراشترا حيث كان عدد كبير من السياسيين المنتمين إلى حزب المؤتمر أو حزب المؤتمر الوطني على صلة بتعاونيات السكر من مناطقهم المحلية. لسوء الحظ ، فإن سوء الإدارة والتلاعب بالمبادئ التعاونية جعل عددا من هذه العمليات غير فعال”

“… وفقا لقانون الجمعيات التعاونية الهندي ، 1912 ، “إن هدف الجمعية التعاونية هو تعزيز المصالح الاقتصادية لأعضائها وفقا للمبادئ التعاونية“.

نما دور الجمعيات التعاونية بعد الاستقلال لتشمل التنمية الاجتماعية والاقتصادية والقضاء على الفقر في المناطق الريفية في الهند. وأصبحت جزءا لا يتجزأ من الخطة الخمسية وجزءا أساسيا من اقتصادنا. تنفق الحكومة سنويا على التنمية الريفية. كما تلعب  التعاونيات العاملة في المناطق الريفية دورًا جديرًا بالملاحظة في هذا الأمر.تغطي التعاونيات أكثر من 97٪ من القرى الهندية وتشترك في رصيد كبير في نمو القطاع الريفي ، مما يساهم في الاقتصاد الكلي للهند.  واﻟﻘطﺎع اﻟرﯾﻔﻲ ھو اﻟﻣﺳﺎھم اﻟرﺋﯾﺳﻲ ﻓﻲ إﺟﻣﺎﻟﻲ اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﻣﺣﻟﻲ اﻹﺟﻣﺎﻟﻲ ﻟﻸﻣﺔ ، وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻧﻘص اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘرى ﯾﻌﻧﻲ اﻧﻌدام اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﮭﻧد. الهند هي مجتمع زراعي ويقيم نصف سكانها في القرى. .. أهداف المنظمات التعاونية الريفية إخراج المزارعين الفقراء والمدينين من براثن الفقر والخروج من براثن مقرضي المال لتوفير أسمدة عالية الجودة ، وبذور ، ومبيدات حشرية ، ومبيدات آفات وما إلى ذلك ، بسعر معقول للمزارعين ، يحصل المزارعون أيضاً على تسهيلات للتسويق والتخزين. ودعم النقل يساعد في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمناطق الريفية في بلدنا ويوفر الائتمان الزراعي لتحسين مستويات المعيشة والحفاظ على العدالة”

من المهم التنبه إلى عبارة اجتثاث او محاربة الفقر، فهي شعار جميل، لكنه تطميني أكثر مما هو عملي. فالفقر ظاهرة مرتبطة بالضرورة بالنظام الراسمالي، وإن كانت نسبيا أقل استشراء واستعصاء في المحيط عما هي في المركز.

“… ﮐذﻟك ﺗم ﺗدرﯾس دورات ﺗوﺟﯾﮭﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﮐﺗﺎﺑﺔ واﻟطﮭﻲ واﻟﺧﯾﺎطﺔ واﻟﺣﯾﺎكة وﺗﺻﻧﯾﻊ اﻟﻟﻌب ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﯽ اﻟدورات اﻷﺧرى ﻣﺛل رﻓﺎهﯾﺔ اﻟطﻔل واﻹﺳﻌﺎﻓﺎت اﻷوﻟﯾﺔ واﻟﻧظﺎﻓﺔ اﻟﺻﺣﯾﺔ. وﺗُﺑذل ﺟﮭودًا ﻟﺗﻌزﯾز ﻣﺣو اﻷﻣﯾﺔ وﺗﻌﻟﯾم اﻟﮐﻣﺑﯾوﺗر إﻟﯽ اﻷﻋﺿﺎء ممايوفر فرص عمل لحوالي 42000 شخص.  والهدف: تمكين المرأة”

إن شعار تمكين المرأة هو شعار إصلاحي من جهة ومخادع من جهة ثانية. حق المرأة هو التحرر، اي اعلى من التمكين والمساواة اللتين فيما لو حصلت عليهما المرأة تنتقل فقط إلى وضعية الرجل سواء المستغَل أو المستغِل. في حين ان تحرر المرأة هو حصولها على قرارها الذاتي في النشاط الحر في مختلف مستويات الحياة حيث تصبح مسؤولة عن نفسها بينما التمكين والمساواة هما حصولها على قرار ما من سلطة ما بان تصريحا أو إذنا حصلت عليه من تلك السلطة التي طالما تمنح يمكنها أن تقطع او تلغي.

بالمقابل، فإن حزب نكسلباري الحزب الماركسي-اللينيني الهندي، الذي حرر بحرب الغوار مناطق واسعة في الهند يقول بأن: ”  القضية الأساسية هي مسألة الأرض حيث ان المجردين من الأرض وفقراء الفلاحين يشكلون اكثرية كبيرة من السكان. لقد قام المحرومون من الأرض بالاستيلاء على الأراضي الحكومية  والمهملة ومناطق الغابات . وتم الاستيلاء على اراضي كبار الملاك وتوزيعها على من لا يملكون من الفقراء والفلاحين، وهو ما حول الفلاحين الى منتجين مما احدث تغيرا كبيرا في حياتهم. كما  ازدادت اجور العمال ثلاثة اضعاف، بدل ان كان يوم العمل بلا حدود بل وهناك عملا بلا اجرة.  وبالطبع قام الماويون بإنشاء تعاويات للفلاحين في المناطق المحررة.  وتنظيم الفلاحين في تعاونيات القرى ووضع اليد على اراضي الملاك الذين هربوا إلى المدن وتم تشكيل منظمات نسائية وتم تبني شعار كل السلطة للفلاحين في تلك المناطق وهي بقيادة مجموعات يقودها الحزب  وتم تشكيل فرق الدفاع الذاتي من الفلاحين. وتكونت تعاونيات لإقراض الفلاحين، وتغطية ثمن المدخلات الزراعية”

هنا يؤكد الحزب موقفاً مناقضاً تماما لما ورد في ويكيبيديا خاصة فيما يخص الفلاحين وتوزيع الأرض على الفلاحين وإقامة تعاونيات للفلاحين. [2]

بعد استقلال الهند توجه نهرو بقوله ” كل شيء آخر يمكن تأجيله إلا الزراعة”.

إثيوبيا

“…  تأثرت التنمية التعاونية في إثيوبيا بشدة من قبل أنظمة سياسية مختلفة. واستناداً إلى مقابلات الخبراء واستعراض الأدبيات ، نستكشف العوامل التي تؤثر على تحول في الوظائف الاقتصادية من توفير المدخلات إلى تسويق المنتجات الزراعية. يظهر استعراضنا أن تأثير التسويق التجاري على رفاهية المزارعين لا يزال غير حاسم.

 بدأ تاريخ التطور التعاوني الرسمي في إثيوبيا في الفترة الإمبراطورية بين عامي 1950 و 1974(Kodama، 2007).بدأ برنامج تطوير تعاوني لتحسين نمو القطاع الزراعي والاقتصاد الريفي. تم تأسيس العديد من الشركات التعاونية متعددة الأغراض والمستهلكين. ومع ذلك ، لم تكن ناجحة وتم تشغيلها بطريقة غير فعالة(Lemma ، 2008). تتفق معظم المصادر على أنه خلال العصر الإمبراطوري ، كانت التعاونيات محدودة إلى حد ما في نطاقها وخبرتها.

التخطيط الاقتصادي 1974-1991، وتسمى فترة الاقتصاد المخطط أيضا نظام ديرغ. تم تأسيس التعاونيات من قبل الحكومة في إطار الأفكار الإرشادية للاشتراكية ، وتميزت بالملكية الجماعية والتخطيط المركزي ومراقبة الدولة(Rahmato ، 2002 ؛ إيمان ، 2009). خلال هذه الفترة ، تم إنشاء أنواع مختلفة من التعاونيات مع الهدف الرئيسي للرعاية السياسية للمزارعين(Kodama ، 2007 ؛Francesconi ، 2009). زاد عدد التعاونيات الأولية وعدد الأعضاء بشكل ملحوظ. بينما في الفترة الإمبراطورية تم تأسيس 149 جمعية تعاونية فقط ، شهدت فترة الاقتصاد المخطط لها أكثر من 10500 تعاونية أساسية ، مما أدى إلى عضوية 4.8 مليون أسرة(Lemma ، 2008).

في ظل نظام الاقتصاد المخطط ، واجهت التعاونيات صعوبات متعددة ، مثل الحوكمة غير الشفافة ، والعضوية غير الطوعية ، وقدرات القيادة المنخفضة ، والأسعار المحددة على المستوى السياسي للمنتجات الزراعية والفساد الداخلي(Rahmato ، 2002 ؛Veerakumaran ، 2007). درسEngdawork (1995) مساهمة التعاونيات في المجتمعات الريفية باستخدام دراسة استقصائية بين 11 تعاونية منتجة في وسط إثيوبيا. وجد المؤلف أن معظم التعاونيات فشلت بسبب نقص التنسيق والتوجيه الاستراتيجي (أي الأهداف المتعددة والمتضاربة). في نهاية نظام “ديرغ” ، انهارت التعاونيات المملوكة للدولة في أجزاء كثيرة من البلاد(Lemma، 2008).

يحمل النص أعلاه سمتين أساسيتين يفترض ان لا تكونان نقيضتين لبعضهما البعض.

فمن جهة، تزايدت التعاونيات بشكل هائل في فترة السلطةالاشتراكية التي اتبعت التخطيط المركزي. وهذا يعني ان الدولة تبنت العمل التعاوني لصالح القطاعات الشعبية كل في مجاله.

ولكن من جهة ثانية، فشلت كثير من التعاونيات بسبب الفساد. وهذا مناقض لمبدا اهتمام الدولة. فهل الأسباب كامنة في الخلل الإداري البيروقراطي أم يمكن إرجاعها إلى عدم الخبرة في العمل التعاوني، ام إلى الاتكالية حيث ان اعضاء التعاونيات طالما حصلوا على التعاونية من الدولة،بمعنى أنهم ليسوا مساهمين وكأنهم شركاء مضاربين، أم إلى القصور الثقافي الفكري؟ وقد يحمل النص التالي ملامح إجابة.

التجديدالمؤسسي1991-2005

“كانتالسنواتالثلاثالأولىبعدنظامدرغسنواتانتقالية. وأوضحالمستجيبونلديناأنهفيالفترةالانتقالية،كانلابدمنبناءكلمنالبنيةالتحتيةالماديةوالمؤسساتالجديدة،بمافيذلكالوزاراتالجديدة. لأنهفيظلنظامالاقتصادالمخطط،كانتالعضويةالتعاونيةإلزاميةفيالغالب،تركالمزارعونفورًاالتعاونياتعندماتمتخفيفالعقوباتعلىالخروج(فرانشيسكوني،2009) ،وتمحلالعديدمنالتعاونياتفيالمناطقالريفية. انخفضعددالتعاونيات(وليسالزراعةفقط) إلىحوالي7300 فيالسنواتالانتقالية(Lemma،2008).

بعدسنواتالانتقال،اعترفتالحكومةالإثيوبيةالفيدراليةبأهميةالتعاونياتلتحسينالظروفالاجتماعيةوالاقتصاديةلفقراءالريف. ابتداءمنعام1994 ،صممتالحكومةسياساتمختلفةلتعزيزتطويروتشغيلالتعاونيات. كانأولإطارقانونيرسميهوإعلانالجمعياتالتعاونيةالزراعيةرقم85/1994. بعدأربعسنوات،تماستبدالذلكبإعلانالجمعياتالتعاونية147/1998. وينصالإعلانالأخيرعلىكيفيةتنظيمجميعالتعاونياتوليسفقطالزراعةوهي: العضويةالتطوعية،التيأنشئتلحلالمشاكلالاجتماعيةوالاقتصاديةللأعضاءوالملكيةالمشتركةالتييسيطرعليهاالأعضاءبشكلديمقراطي. يفترضالإعلانالمبادئالتعاونيةICA (2015). بموجبهذاالإعلان،أنشأتالحكومةمكتبالترويجالتعاونيالفيدرالي. فيوقتلاحق،واستناداإلىالإعلان274/2002 ،تمإنشاءاللجنةالتعاونيةالفيدرالية(الوكالةالتعاونيةالفيدراليةالحالية). فيفترةالتجديدالمؤسسيهذه،تمإنشاءجيلجديدمنالتعاونياتبموجبقواعدجديدةلحقوقالعضويةوالتصويتوالملكية(برناردوآخرون،2010)

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

[1] إلى جانب الإشفاء، تقوم السلطة في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، بتحويل أجيال المخترعات العلمية التي صُممت لخدمة الجيش الأمريكي وحلت محلها اجيالا أخرى لصالح القطاع الخاص، ولعل اوضح مثال هي صناعة الكمبيوتر التي استخدمها الجيش الأمريكي في الحرب العالمية الإمبريالية الثانية.ولاحقاً حولها للقطاع الخاص. هذا ما يمكننا تسميته “التسمين”.

[2]Paper: Thirty years of Naxalbari, no date of publication.