نعم، برغم إرهاصاتٍ بائنةٍ باتت تلوح مبشَّرة بالآتي الواعد في القادم العربي، شارعاً، وممانعةً، ومقاومةً، وروح مواجهة، لا زال الراهن العربي لا يسر عربياً كما ولا ما هو بأفضل من مثله لعدو.. لا زال مدعاةً لسخط الساخطين، ومن حق الغيارى أن يسخطوا، لكن ليس أن ينفّسوا عن غضبتهم قولاً لا عملاً، أو “يتفششوا” على صفحات التواصل لغطاً غير مسؤول، وكفا الله المؤمنين شر القتال.. والأسوأ منه جاري هاته الولولة والنواح وجلد الذات حد نعي الأمة مع ايساعها شتماً..
مثل هؤلاء يدرون أو لا يدرون، وبوعي أو من دونة، ولنفترض بجهالةٍ لا بسوء نية، هم موضوعياً، وبالذات في مثل هذه المرحلة المصيرية الأخطر في تاريخنا المعاصر، يتطوَّعون لأن يغدو اوتاراً تنضم إلى سيل عارم من معزوفات تيئيسية احباطية مسيّرة يقود جوقاتها النشطة مايسترو معادي واحد وبوجوه ثلاثة، غربية، وصهيونية، وعربية متصهينة.. هم انموذج لمن يوظّف سخطه الغبي لصالح عدوة اللئيم.
من أبئس مثل هذه العيّينات معشر المستمرئين لوك مصطلحاتٍ هجائيةٍ عنصريةٍ من مثل: الأعراب، والأعاريب، والعربان، وسائر هذه التوصيفات الازدرائية وإطلاقها هكذا على عموميتها وبلا تخصيص، أي دونما تفريق بين شعوب أمتهم المقهورة وحفنة التبَّع المتصهينين من حكامها المتسلطين بعون اعدائها عليها.. هم هنا إن حسنت النية وتغلَّبت الجهالة لديهم على أقل مستويات الوعي:
إما خارجون من جلودهم وينظرون إليها من خارجها كاسكندنافيين مثلاً، أو متنازلين عن هويتهم التي هي عروبتهم لحفنة عميلة من متصهيني الأنظمة وانهزامييها عندما يخلعون عليهم حتى مثل هذه التوصيفات.. أو أنهم قد نقبوا في كهوف التاريخ عن هوية بائدة نفضوا عن موميائها غباره فانتحلوها.. من فقد ثقته بأمته بأت عليها لا معها.
.. في مثل راهننا، إن هي حلكت فأقله كما يقولون، إن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.